‏إظهار الرسائل ذات التسميات National Assembly for Change. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات National Assembly for Change. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، ديسمبر 06، 2010

Wafd Reborn? o..o

هل هو ميلاد جديد لحزب الوفد والحركة الوطنية المصرية؟

وائل نوارة


نتفق ونختلف، نتعاتب وقد ندير ظهور بعضنا للبعض، ولكن في نفس اللحظة، تظل أعيننا تبحث بلهفة عن رايات الوفد. الوفد يمثل التجربة الشعبية المصرية الحقيقية في النضال والكفاح والعمل الجماعي وأيضاً في النجاح الجماعي. النجاح في انتزاع الاستقلال بإرادة الشعب من المستعمر، وانتزاع الدستور والحريات والمواطنة من الحاكم. ولأنه الحزب الأكثر تأثيراً والأقرب لقلوب المصريين، كان حصار النظام له والتنكيل برموزه قاسياً منذ اغتيال الحياة الديمقراطية وحل الأحزاب، وحتى بعد عودة نظام التعددية الحزبية - نظرياً – ظلت ضغوط النظام عليه وخشية النظام منه، لدرجة أن حزب الوفد الجديد جمد نفسه تحت تأثير تلك الضغوط، التي يمارسها نظام يعلم جيداً أن الوفد هو الأقدر على توحيد أطياف الحركة الوطنية المصرية في عمل جماعي ينهي احتكار السلطة في أيدي ثلة محتكرة أو فاسدة، ويعيد الأمور لنصابها والقرار للشعب.

واليوم، عندما يلتحم الوفد مع إرادة الشعب المصري، ويترك خلفه المواءمات وحسابات المكاسب السياسية الصغيرة، فإنه قد يخسر بضعة مقاعد، ولكنه يربح كل شيء، يستعيد تاريخه وموقعه القيادي في لحظة واحدة، لأن الرهان الحقيقي لا يصح إلا على الشعب، على إرادة الأمة.

دعونا نتفق أن ما حدث هو ترتيب لا يمكن أن يخطط له أي شخص. لم يكن أحد يتخيل أن تبلغ الصفاقة بالنظام أن يرتب لبرلمان خال من المعارضة. لا يختلف أحد أن الحزب الوطني مكروه بما يقترب من الإجماع الوطني. ولكن أن يدفع الوطني بخمس وست نواب في الدائرة الواحدة لينافسوا بعضهم البعض، مع العمل بجد لإسقاط مرشحي المعارضة بكل الصور الشرعية وشبه الشرعية وغير الشرعية، تصل إلى عدم تنفيذ مئات الأحكام القضائية المتصلة بالانتخابات، فهذا أمر لم يكن في الحسبان، فألاعيب الوطني رغم أنها دائماً ما تنكشف، إلا أننا لم نعهد أن يديرها تلاميذ وهواة وبلطجية معدومي الحس السياسي بهذه الفجاجة.

لم يعد من الممكن أن يدعي النظام أن السبب فيما حدث هو المعارضة الضعيفة، فعدم حصول حزب أو اثنين على مقاعد في الانتخابات، يمكن أن نأخذه دليلاً على ضعف ذلك الحزب أو ذاك. أما أن تعجز كل الأحزاب عن الحصول على مقاعد، فهذا يشير لنظام محتكر، يقوم بتعقيم الحياة السياسية لإضعاف المعارضة بصورة مستمرة، لخنق أي فرصة للتغيير وتداول السلطة. المشكلة ليست فقط في التزوير، جريمة النظام الحقيقية هي إفساد الحياة السياسية، وتحويل معظم النواب إلى شركاء في مؤسسة الفساد والتربح غير المشروع من العمل السياسي، حتى يصبح الجميع شركاء في الجريمة، فتسقط فرص المحاسبة، وتمتنع المشاركة عن الشرفاء. جريمة النظام هي إصراره على التدخل الأمني في الشئون الداخلية للأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام والجامعات والشركات والمصالح، لتطويع جميع الأحزاب والمؤسسات في مسرحيته الممجوجة، واختيار من يحكم ومن يعارض، ومن يمتدح النظام ومن ينتقده.

حصل الحزب الوطني مع الرأفة والتزوير على 38% من المقاعد في انتخابات 2000، وعلى 32% من المقاعد في انتخابات 2005، ولكنه استطاع بقدرة قادر أن يضاعف هذه النسب أضعافاً مضاعفة بعد الانتخابات بانضمام المستقلين لصفوفه. أما في هذه الانتخابات فقد تكفل النظام بإبعاد القضاة، وإبعاد أحزاب المعارضة، مع الدفع بآلاف من مرشحيه الطامعين في حصد مكاسب الفساد المؤسسي، من أراض وتأشيرات واحتكارات وقروض واستثناءات علاوة على الحصانة. ولكن ظل النظام يلتحف بغطاء رقيق من الشرعية، وهو مشاركة أحزاب "المعارضة النظامية" – أي الخاضعة للنظام والمسايرة للنص – وعلى رأسها حزب عريق مثل حزب الوفد - في المنافسة. واليوم، عندما يعلن الوفد والناصري فضلاً عن جماعة الإخوان عدم مشاركتهم في الانتخابات، فهذا يزيل ذلك الغطاء الزائف من الشرعية، ويكشف عورات النظام أمام الشعب وباقي العالم، ويفضح كيف أراد النظام أن يستمر في نظام الحزب الواحد ولكن بديكور مسرحية التعددية الحزبية.

عندما أعلن الوفد بصورة مبدئية انسحابه من جولة الإعادة، فتح نافذة صغيرة للتغيير، وانفتحت مسارات جديدة محتملة للتغيير السلمي المنظم لم تكن متاحة من قبل. لكن السؤال هو: هل الوفد نفسه راغب في الانضمام للمعارضة الحقيقية التي تعمل خارج النص المسرحي الذي يديره النظام؟ هل قيادات الوفد مستعدة لخوض معركة التغيير دون النظر لمصالحها الاقتصادية التي تعتمد – مثل أي مصالح اقتصادية في دولة ذات نظام سلطوي – على قرب تلك القيادات من النظام وسيرها على النص المعد؟ هل الوفد مستعد لفتح صفحة جديدة والتعاون بدون حساسيات مع قوى التغيير الجديدة من أحزاب وحركات شابة وشعبية كانت هي وقود مسيرة التغيير خلال السنوات الماضية؟ هل الوفد مستعد للانضمام للجمعية الوطنية للتغيير والمشاركة في مقدمة الصفوف فيها بصورة فعالة؟

لقد انضم للجمعية منذ لحظاتها الأولى وفديون ضد التوريث، وتجمعيون ضد التوريث، واتضح بالدليل القاطع أن التيار المؤيد لمواقف الجمعية داخل الوفد – والأحزاب الأخرى - هو تيار متنام التأثير، بدليل أن 44% من أعضاء الجمعية العمومية للوفد كانوا مع قرار مقاطعة الانتخابات وهو القرار الذي تبنته الجمعية الوطنية للتغيير، ولكن حان الأوان أن ينضم الوفد نفسه للجمعية بصورة مؤسسية وينحاز لمطالب الشعب المصري. ولعل ما نسمعه عن وجود تيارات مؤثرة داخل التجمع تطالب بالانسحاب من جولة الإعادة واختيار قيادة جديدة للحزب هو دليل على أن الأحزاب القديمة تمر الآن بمرحلة مخاض وطني جديد. أسئلة وعلامات استفهام، تجيب عليها مواقف تلك الأحزاب وعلى رأسها الوفد خلال الأيام والأسابيع القادمة: هل تخرج من تحت عباءة هيمنة النظام لتدخل التاريخ، أم تظل داخل تلك العباءة وتخسر تاريخها كله.


المصري اليوم
6 ديسمبر 2010



الأربعاء، أبريل 07، 2010

Change, the Egyptian Style


الجمعـية الوطنية:

التغـيير على الطريقة المصرية


في حوار مع مجموعة من الناشطين وقع نقاش حول الجمعية والتغيير والدكتور البرادعي، واعترض البعض أن نضفي صفات القداسة على د. البرادعي فيصبح من ينتقده خائناً وعميلاً.
وأريد أن أقول أنه ليس هناك قداسة ولا يحزنون، كل ما في الأمر هو أن هناك شخص ما - مؤهل و محترم - حظى بلحظة مصرية نادرة من لحظات الاختيار التلقائي والاتفاق غير المرتب - التي جعلتنا جميعاً نفكر في إمكانية تكوين توافق شعبي واسع حول مطالب الإصلاح والتغيير.


هناك أحزاب وفرق سياسية كثيرة من حقها أن تتنافس، ولكن قبل الانشغال بالتنافس، يجب أولاً أن نسعى لبناء ملعب سياسي يسمح لهذه الفرق باللعب والتنافس في ظل قواعد واضحة ونزيهة أو حتى شبه نزيهة.


الجميع يريد أن يلعب - إذن فلينشط الجميع في بناء هذا الملعب - الاستاد السياسي - بدستوره وقواعده، وهذا ما نعنيه بالمرحلة الانتقالية للتحول الديمقراطي، مثل تلك المرحلة تحتاج لتوافق - لا لتنافس - لأنه لا يمكن بناء الاستاد في حالات التنافس.

لا يوجد خلاف تقريباً حول مواصفات الملعب - فمعظم القوى والتحالفات والائتلافات والمؤتمرات والجبهات الديمقراطية ونصف الديمقراطية وحتى ربع الديمقراطية أصدرت من البيانات وأوراق العمل والعرائض والمعلقات فراسخ مربعة، تتشابه في الظاهر من توجهاتها العامة.


لكن يأتي السؤال - من يشرف على بناء الملعب - من يقود عملية بناء الملعب السياسي الجديد؟

وهو سؤال مهم لكن الحظ المصري خدمنا والآن نظن أن الفرصة واضحة، في أن يكون الدكتور البرادعي في المركز من هذا التحالف الوطني من أجل التغيير، لكن بعضنا لا يزال يعافر ويرفض تلك الفرصة، أو يتظاهر إنه مش واخد باله يعني، والخطر هنا أن يتسبب هذا في ضياع فرصة بناء الملعب واللعب والتنافس المحترم - ونستمر في اللعب بنوى ثمار الدوم أو أحجار الطريق حتى تدمى أقدامنا دون تأثير حقيقي.


نعم الظروف خدمتنا – وهذا هو التغيير على الطريقة المصرية – أن تأتي لحظة مصرية صافية ونادرة – ربما من بركة آل البيت والأولياء والقديسين، أو دعاء الأمهات والجدات الطيبين، أو بركات وأسرار تعاويذ الأقدمين، المنقوشة على المعابد وأصداء الترانيم.


حالة مصرية – كادت تحدث في 2005 فاستنكفناها على قائد مسيرة التغيير آنذاك، وسيط التغيير، ولكن في الحقيقة فقد استكثرناها على أنفسنا وليس على الوسيط – فالوسيط ما هو إلا كذلك – وسيلة لتحقيق ما يجب أن يكون، في صورة شخصية قيادية تتمتع بقبول شعبي واسع.


هذا هو التغيير على الطريقة المصرية رأيناه في 1805 ورأيناه في 1919 – تشيع فكرة معينة للتخلص من وضع كارثي وتنتشر بين المصريين كالنار في الهشيم – حتى قبل اختراع الموبايل والإنترنت والتليفزيون والقطار أو حتى الطفطف – وبحسابات تلقائية بسيطة تحدث حالة من الاتفاق العام على شيء ما – وتصبح الحالة في حد ذاتها دافعاً لحدوث هذا الشيء - فيحدث هذا الشيء – البتاع يعني.


رأينا هذه الحالة وعايناها من قبل ولكن البعض ينسى أو يتناسى شكل ولون ورائحة المشهد المصري.


الجمعية الوطنية للتغيير – ما هي إلا كذلك – جمعية – أي وعاء لتجميع الجهود أو القدرات أو الأموال المتراكمة من نقود قليلة.


للمصريين طرق طريفة ومبتكرة للتعامل مع مضائق وضوائق ومضايقات الحياة ومنغصاتها.


فعندما يعجز أصحاب الحاجة (أي البتاع) عن توفير المال الكافي للحصول على البتاع، يجتمع مجموعة من الأقارب والأصدقاء في عملية تعاونية تكافلية طبيعية، هي صورة من صور التضامن الاجتماعي في سبيل أن يحصل كل من المجتمعين – وليس فقط واحد منهم – على حاجته.


البعض – عادة الأكثر احتياجاً – يقبض أولاً، وهذا في الواقع مجاملة لهذا البعض في صورة قرض حسن – أي عديم الفائدة - من الحبايب لهذا الشخص الذي يقبض أولاً.


لكن في الحقيقة الجميع يحصل على نصيبه إن عاجلاً أو آجلاً، فقبض الجمعية يدور إلى أن يأتي على كل شخص دوره فيقبض نصيبه، والبعض يدخل بسهم، والبعض يدخل بسهمين، كل على قدر قدرته واحتياجه، ولكن في النهاية، الخير يأتي على كل فرد في الوقت المناسب – على الطريقة المصرية.


من البديهي أن يلجأ للجمعية من لا يستطيع تحقيق الحاجة (البتاع) وحده أو بإمكانياته الفردية، واللاجئون للجمعية الوطنية للتغيير ومشاركوها، حاولوا كثيراً فرادى أن يحصلوا على البتاع دون جدوى – والآن جاءت هذه الفرصة – وهي ليست فرصة أكيدة – لكن الفرص عادة تتحسن عندما نجتمع على إنجاحها ونتفق على ما يجب عمله لذلك، ثم ننطلق في العمل على تنفيذه بصورة منظمة تتميز بالعمل الجماعي المتناغم.


ومن الطبيعي أن يختلف البعض على الشخص الذي سيناله الخير أو شرف الجهاد وقيادة البناء أولاً، ولكن يجب ألا يفسد ذلك الخلاف فكرة الجمعية، وإلا ضاعت فرصة التجميع على الجميع، فالوطن في الواقع هو الذي سيقبض أولاً. التغيير نفسه هو من سيستفيد، أما بعد بناء الملعب، فليتنافس كل صاحب طموح أو شعبية أو رؤية، فهذه هي وظيفة الملعب، أن يتيح الفرصة لكل متنافس أن يقدم ما عنده، والحكم في النهاية للجمهور وللناخبين، ولكن غالباً سيأتي ذلك الحكم بالخير لكل فريق، وسيحصل في الأغلب كل عامل على ثمرة تقابل أو تقترب مما قدمه من عمل وطني.


وكما نحذر من فساد الجمعية وانهيار الآمال المعقودة عليها نتيجة الخلاف حول من "يقبض أولاً"، فهناك أخطار أخرى أيضاً تعلق بعدم خبرتنا في العمل الجماعي. وليس هناك أقوى في استشعار مثل هذه الأخطار من قراءة ما جاء في مقال د. حسن نافعة - بحسن نية دون شك - في المصري اليوم بتاريخ 4/4/2010 والذي يتنصل فيه من وجود هيئة تأسيسية للجمعية الوطنية للتغيير، ويوحي بتحول الجمعية إلى فرد واحد، هو الدكتور البرادعي، ومن يختارهم الدكتور البرادعي.


يقول د. نافعة، "أن مجموعة النشطاء الذين ذهبوا للقاء الدكتور البرادعى فى منزله يوم ٢٣ فبراير الماضى وأصروا على إعلان قيام «جمعية وطنية للتغيير» ... تصورت أنها - أي المجموعة- باتت تشكل «هيئة تأسيسية» للجمعية، تملك صلاحيات تخول لها بناء الهيكل التنظيمى وتحديد آليات اتخاذ القرار فى الجمعية، غير أن هذا التصور – في رأي د. نافعة - ليس له ما يبرره فى الواقع، سواء من الناحية القانونية أو من الناحية العملية" ... لأن من وجهة نظره، وجود هذه المجموعة خضع لاعتبارات ظرفية وليس من المنطقي استبعاد آخرين يرغبون في الانضمام للجمعية من الهيئة التأسيسية.


من الطبيعي بالفعل أن تعبر الهيئة التأسيسية للجمعية الوطنية للتغيير عن القيادات الطبيعية لكافة التيارات والأحزاب والحركات الشبابية والنسائية، السياسية والاجتماعية والشعبية، المشاركة في حركة التغيير والراغبة في الانضمام للجمعية، بصرف النظر عمن حضر أو لم يحضر اجتماعاً ما في يوم معين في ساعة معينة في مكان معين، لأنه ليس من المفيد استبعاد أي قوى تتفق على مطالب التغيير من الهيئة التأسيسية للجمعية. وفي نفس الوقت، لا يمكن أن ننكر أن المجموعة التي اتفقت في اجتماع 23 فبراير (ولم أكن من الحاضرين بالمناسبة)، هي نواة الهيئة التأسيسية، لأن القرار بتأسيس الجمعية جاء في تلك اللحظة، بدعوة من هؤلاء الحاضرين، بناء على العديد من أوراق العمل والمداولات في اجتماعات الحملة المصرية ضد التوريث والتي أوصت بأن تتحول الحملة من حملة سلبية ترفض التوريث فقط، إلى حملة إيجابية، بمطالب إصلاحية شاملة، وبحيث تصبح "الحملة المصرية ضد التوريث" لجنة داخل المظلة الجامعة لـ "الجماعة الوطنية للتغيير"، وهو ما تمخض فيما بعد عن الإعلان عن قيام "الجمعية الوطنية للتغيير" في اجتماع 23 فبراير. ثم اجتمع هؤلاء عدة مرات أخرى، مرة في حزب الجبهة، ومرة في حزب الغد، عدا اجتماعات لجان الموقع الإلكتروني، واتفقوا على صيغة بيان الجمعية، وتم طباعة البيان وبدأت حملة شعبية قادها هؤلاء المؤسسون لجمع التوقيعات على البيان في كافة المحافظات، فكيف نأتي الآن ونقول أنه لم تكن هناك جمعية ولم يكن هناك مؤسسين؟

وعندما يأتي الكلام من الدكتور حسن نافعة يكون له وضع خاص ولابد من التوقف عنده، من منطلق الحرص على المصلحة العامة، ومن باب الحب والتقدير للدكتور نافعة في المقام الأول، فهو منسق الحملة المصرية ضد التوريث، واختير في اجتماع 23 فبراير كمنسق الجمعية الوطنية للتغيير، باعتبار أن الدعوة للجمعية الوطنية للتغيير جاءت من أعضاء الحملة المصرية ضد التوريث، وبالتالي قررت الحملة الانضمام للجمعية الوطنية للتغيير بل والاندماج فيها، مثلها مثل جماعات أخرى، دون وصاية أو إقصاء لأي تيار أو مجموعة ترغب في الانضمام طالما وافقت على إعلان المبادئ، لأن الهدف المعلن هو تكوين توافق وطني واسع حول مطالب التغيير، ولا يمكن أن يحدث هذا مع سياسات الاستبعاد والإقصاء.


ليس هناك شك في أن الدكتور البرادعي في موقف يتيح له توحيد القوى المطالبة بالتغيير في إطار الجمعية الوطنية للتغيير، ولكن يجب أن نتحسب من ما يقترحه د. نافعة عندما يقول في نفس المقال:


" أنه من الطبيعي أن يختار البرادعي "معاونيه" وأن يستبعد البرادعي كذا – ..."


فهذا الأسلوب ليس بالتأكيد أسلوب دعاة الديمقراطية والتغيير، فالجمعية الوطنية للتغيير، هي "جمعية"، بين أكثر من جهة، ومن الطبيعي أن يأتي القرار ليعبر عن أعضاء الجمعية ومؤسسيها، وليس من الطبيعي أبداً أن تختزل الجمعية وقراراتها في شخص واحد.


ولكن أخطر ما جاء في مقال د. نافعة هو تعبير "حرية كافية" في سياق "الحتمية التاريخية" مقترناً بضرورة أن نترك الدكتور البرادعي - الذي نحبه ونحترمه - يفعل ما يشاء باعتباره "الوحيد" القادر على كذا وكذا ...، دون الرجوع لشركائه الذين كونوا معه "الجمعية الوطنية للتغيير". توقفت أمام تعبير "حرية كافية" لأنه يعني في السياق دكتاتورية القرار، فحرية الحركة دون ضوابط الالتزام بديمقراطية القرار مع الحلفاء والشركاء، هي حرية حركة تؤدي إلى الانزلاق إلى هوة عميقة من الدكتاتورية والانفراد بالرأي بحجة "تجنب الأخطاء السابقة" وتجنب الهياكل البيروقراطية (أم الديمقراطية؟)، وأقتبس من نص نفس المقال:


"ألا تستدرج «الجمعية الوطنية للتغيير» للعمل وممارسة النشاط وفقا للقواعد التقليدية المفروضة من جانب الحزب الحاكم والتى أدت إلى إضعاف وشل حركة الأحزاب، وإلى إجهاض حالات الحراك السياسى السابقة."

الالتزام بأبسط قواعد العمل الجماعي، مثل استشارة الشركاء والحلفاء واحترام رأيهم، لم يكن أبداً على أجندة الحزب الحاكم كما لا يمكن أن يكون سبباً في إضعاف أو شل أي حركة مؤسسية. دعونا نتذكر أن الضباط الأحرار عندما قاموا بحل الأحزاب وتعطيل الديمقراطية
في 1953 كانت نيتهم حسنة وهدفهم أن يأخذوا "تخريمة" تختصر الطريق لتحقيق التنمية السريعة بعيداً على القيود والإجراءات التي يفرضها العمل الديمقراطي، فكانت النتيجة ما حدث من مصائب وما رأينا من كوارث. وما نستهدفه من إصلاح ليس هو إزالة شخص لنأتي بآخر، لكن أن نكتسب ممارسة جديدة ونقيم عملية سياسية على أسس مؤسسية.

عندما تمت صياغة بيان الجمعية الوطنية للتغيير وبدأت حملة جمع التوقيعات على البيان، جاء البيان من الجمعية وليس من د. البرادعي فقط، وإن كانت الجمعية قد حرصت على تأييد مطالب د. البرادعي، التي لا تخرج عن مطالب باقي القوى الوطنية، فالبرادعي لم يشكل وحده الجمعية الوطنية للتغيير، بل انضم لها مع من انضموا واختاروه ضمنياً في موقع المركز منها، ولكن مركز الدائرة لا يصلح بدون الدائرة، بل يصبح نقطة مفردة مثل غيرها من النقاط.


وحتى لا نفقد هذه الفرصة التاريخية في جدل حول الاعتبارات الظرفية والقانونية، ومن هم في الهيئة التأسيسية ومن هم خارجها، أرى دعوة الجمعية الوطنية للتغيير وكل من يريد أن ينضم لهيئتها التأسيسية للانعقاد في أقرب فرصة، لاختيار هيكل ديمقراطي (وليس بيروقراطي) لعملها لوضع النقاط فوق الحروف والتحسب من مثل هذه السقطات المروعة، حتى لا تؤدي دعاوى حرية الحركة إلى الانزلاق في فخ الفردية والدكتاتورية. السادة الأعزاء، دعونا نتفق على التغيير، وعلى الجمعية، وعلى هذه اللحظة المصرية النادرة، دون أن نفسدها بالاختلاف على من يقبض الجمعية أولاً أو أن نفقدها نتيجة محاولات الاختطاف والانفراد بها، فقوة الجمعية تكمن في التوافق الواسع حولها، وليس الانفراد بها أو إقصاء أعضائها عنها.


وائل نوارة

جريدة الدستور العدد الأسبوعي

7 إبريل 2010

...




My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook