‏إظهار الرسائل ذات التسميات Power Monopoly. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Power Monopoly. إظهار كافة الرسائل

الأحد، أغسطس 24، 2008

Name a Good Parliamentarian

How Many

Good Parliamentarians

can you Name?



A friend, Dr. Nadia Tawfik, asked me this question ...
How Many Good Parliamentarians can you name?

Well, I have to admit that I found this to be a tough question. How can I not be able to remember a single outstanding parliamentarian in Egypt? There must be someone.


But then I discovered the reason why I can not name a single "good parliamentarian" in Egypt. It is not because there are no good parliamentarians. But rather because there is no "Parliament" in the technical sense of the word to speak of.


To have Parliamentarians, good or bad, first you have to have a parliament and a political process, with parties, a constitution, free media, free and fair elections, independent judiciary, and a system designed in such a way whereby power is rotated peacefully and periodically, etc.


I do not believe we have that ... we do not really have a political process to speak of. No one intended for power to be rotated. Power is intended to stay exactly where it is. In the hands of the President who may temporarily delegate bits and pieces of that power to other trusted officials appointed and fired by him.


Rotation of power? Are you kidding me?


Rotation amongst whom if I may ask? There are no political parties. There is a single party, the ASU or the NDP, whatever you want to call it; and a bunch of other crippled entities, sometimes referred to as parties when the regime wishes to show off its "theatrical democracy" before foreign media. But apart from those rare occasions, those parties are either domesticated cheer leaders who sing the praises for the the regime, or hunted opposition "groups" which are denied every possible ingredient necessary to have a real active political party.


So, we do not really have a Parliament, in the technical sense of the word, and consquently we can not have "good" or even "bad" parliamentarians.


And we do not have a political process, so, we can not have "politicians" either, neither good or bad.


Well. It is good to know where we stand.



Now, what's next?

الثلاثاء، أغسطس 12، 2008

The Fifth Power 2


التغيير

من وجهة نظر
الفكر الجديد!

مرت أعوام طويلة وعقود متعاقبة، وسبحان من له الدوام، كبر نظار العزبة وأصابهم طول الولاية بثقة قادتهم إلى الخرف فأصبحوا يعملون بجرأة وبجاحة غير محتملة، يمارسون النهب والسلب علناً جهاراً نهاراً، يضربون الصحفيين ويسجنون من يتجاسر ويتحدث عن "بلاويهم". عاثوا في الأرض فساداً حتى نضب البئر وذبل الزرع وجف الضرع. افتروا في الأرض حتى ضج العباد وصرخت الأرض تطلب القصاص! لقد أدى النهب المستمر والفساد وسوء الإدارة لنضوب الموارد فانهار الاقتصاد واستشرت البطالة وأفلس الناس فتصاعد الغضب وأصبح النظام كمن يجلس فوق غطاء إناء يغلي وتتراكم بداخله الضغوط، وأصبح الانفجار مسألة وقت. ومن ناحية أخرى، هبت رياح التغيير على أرض قبائل الهنود الحمر، فالغرب الذي سمح للولاة أن يحكموا الشرق باسمه ولصالحه، طالته نيران الظلم والمعايير المزدوجة في عقر داره، ولم يكن ليستطيع أن يواجه السبب الأساسي وهو إسرائيل، فقرر أن يأخذ بالسبب التالي وهو استبداد النظم ودكتاتورية الحكام وفساد الولاة.

ومن ناحية ثالثة، أصابت الشيخوخة خبراء التزوير والتزييف والتجميد والتحنيط والتخليد والتخليل والإخصاء والإقصاء، فتخطوا سن السبعين، ونتيجة لخوفهم جميعاً من التغيير، ورغبتهم الشديدة في الخلود، لم يدربوا صفوف ثانية متمرسة على التزوير والفساد والسيطرة على مقدرات الشعب من خلال مسرحية التعددية.

ومن ناحية رابعة، شب الأبناء عن الطوق، بعد أن تلقوا العلم في المدارس الغربية، فبدءوا يخجلون من ممارسات الآباء الفاضحة التي تكسفهم مع أصحابهم في الجونة أو القطامية أو مارينا. وكان لابد من تغيير الأساليب لتصبح أكثر عصرية. ووجدوا في مجموعة من رجال الأعمال الصاعدين الشباب من يرسم لهم طرق السيطرة على مقدرات الحكم بوسائل "مودرن" شكلها لطيف و"شيك" ويمكن إقناع الغرب بها خاصة مع تخويفه من التيار الإسلامي وتفتيت الأحزاب المدنية وتلويث سمعة كل من له شعبية عن طريق تلفيق القضايا.

نظرت الأمهات فوجدن فلذات أكبادهن يسرون الناظرين، علماً وثقافة ووجاهة، فتمنين أن يروهم في الحكم بعد أن يستكملوا الشكل الاجتماعي المناسب. وكانت العقبة أن أعضاء لجنة الحكم وأقطاب السلطة الخامسة ونظار العزبة من الحرس القديم قد أصابهم الغرور وتصوروا أنهم أحق بالحكم من صبية "الفكر الجديد" فهم لا شعبية لهم ولا حنكة سياسية، صبية متغطرسين لم يصافحوا الأيدي العرقانة المطينة، لم يتمرسوا في أصول التزوير أو التزييف، صبية أيديهم لينة رخوة، لم تمارس أساليب التزوير القذرة ولم تختلط بالبلطجية والمجرمين. وهذا الصراع رأيناه كثيراً على مر التاريخ، وهو أن المماليك ينقلبون على ابناء السلطان الراحل أو في حياته، وقد ينجحون وقد نجحوا بالفعل من قبل. وكان لابد من التخلص من هؤلاء المماليك.

راح أولهم ضحية موضوع المبيدات المسرطنة التي تم غزلها بعناية، فطالت جميع مساعديه وبقي هو آمناً من العقاب طالما ابتعد عن اللجنة وقبل بالإحالة للاستيداع، وتكفلت تحالفات انتخابية معقدة بإسقاطه في دائرته الانتخابية!

أما الثاني، فقد طالته نيران فساد الإعلام والإعلان فتم القبض على أحد صنائعه وشريك ولده في الأعمال كرهينة، ضماناً لوقوفه على الحياد أثناء المعركة الكبرى، معركة كامل الأوصاف. فوقف على الحياد وتمت الإطاحة بكامل الأوصاف وبعدها مباشرة خرج الصنيع الرهينة وتم حفظ الموضوع. وقبله تم القضاء على مساعديه من أباطرة الصحف، وتم تسريب العديد من الملفات والاحتكارات في مجال الطباعة والأحبار والجاكوزي وغيرها من فضائح كفيلة بإخراسهم بحيث تمت الإطاحة بهم على مرحلتين بعد قياس رد فعلهم.

أما كامل الأوصاف، فهو يتعجب، لأن موضوع الصراع بين الحرس القديم والحرس الجديد كان بالنسبة له من باب وضع التوابل على مشهد سياسي عديم الطعم والرائحة، وهو لم يقصد أن يمنع الأبناء الأعزاء من أن يتبوءوا المكان الذي يستحقونه، ولكنه كان مخلصاً في نصحه للآباء والأمهات، بأن الشعب لن يقبل بالتوريث ولو انطبقت السماء على الأرض. وفي كل الأحوال فهو شاكر لما أصابه من نعيم، وراض بما أصابه من إقصاء أليم، ولم يكن يطمح لما هو أكثر من رئاسة المجلس لا المجالس، وفي كل الأحوال فهو لن يتسبب في أي مشكلة. أما صانع المليونيرات، فهو صبي لا أكثر ولا أقل، ولم يكن التخلص منه بالمسألة الصعبة، ولأنه قدم المجوهرات والهدايا والأراضي والفلل والقصور، فكان الجزاء من نفس صنف العمل، قلادات عظيمة وتشريف ما بعده تشريف.

اللجنة الحاكمة الجديدة
أصبح الطريق إذا ممهداً لضم أعضاء جدد من الشباب للجنة الحكم، وهم شباب ينادون الأب يا "أونكل" وبالتالي فهم أقرب إلى كونهم أفراداً ينتمون بكل حبهم وولائهم للعائلة التي تمرغوا في ترابها فوجدوا التراب تبراً واحتكارات سخية. لم يعد هناك من المماليك غير خالد الذكر، وهو مطمئن لأنه كان بمثابة المعلم للأبناء، والأمين على مستقبلهم والأمين أيضاً على الصندوق الذي يمول كل الأنشطة الخفية، وهو بالطبع لا يعلم أن ساعته هو أيضاً قد اقتربت، وبقاؤه هو مسألة وقت، وهناك من يتم تدريبه على أن يحل محله.

استقرت الأمور للجنة الجديدة، وكان من الضروري أن يتم تأجيل انتخابات المحليات لفترة تكفي لأن تستطيع السلطة الخامسة الجديدة أن تسيطر على مقدرات الحكم وتبدأ في نشر قواتها ومندوبيها في عرض البلاد وطولها، والتغلغل في الوحدات الحزبية والمصالح الحكومية، بفصيل جديد من شباب الكومبيوتر المحمول الذي تدرب في جمعية جيل المستقبل وأدار الحملة الرئاسية.

أما التوريث، فلا تشغل بالك به، فهو لن يحدث بالصورة الساذجة الذي تظنها، لأن التوريث لن يصبح توريثاً للمنصب بصورة مباشرة صريحة، بل سيصبح عن طريق انتقال قيادة السلطة الخامسة واللجنة العليا الحاكمة إلى صاحب الحق الشرعي في الحكم من وراء ستار، وليجلس على كرسي الرئاسة من يجلس، طالما بقيت السلطة الحقيقية في يد اللجنة، وطالما آلت إدارة اللجنة إلى الأبناء الأعزاء. وألف مبروك النجاح والخطوبة.

The Fifth Power 1

تبديل السلطة الخامسة

منذ سنوات عديدة، احتلت فكرة "التوريث" مساحة كبيرة من صفحات وشاشات وسائل الإعلام. ويتعجب البعض، كيف يتمكن الحزب الوطني من توريث السلطة أو حتى البقاء فيها، على الرغم من فشله المزمن، والرفض الواسع الذي يتيمتع به، وتدنى شعبيته إلى الحضيض، وهو ما تجلى في حصوله على 32% فقط من مقاعد مجلس الشعب رغم البلطجة والتزوير وشراء الأصوات واستغلال موظفي الحكومة الأحياء منهم والأموات في التصويت لمرشحي الحزب الوطني. ولكنني في الواقع، لا أنشغل بسيناريو التوريث ولا أخشى منه، لسبب بسيط، وهو أن التوريث قد حدث بالفعل ويحدث من زمان، فقد اعتدنا منذ وفاة الرئيس عبد الناصر أن يرث نائب الرئيس مقعد الرئاسة، أي أن النظام يأتي بأحد أبنائه من ذوي الثقة أو ممن يظن أولو الأمر أنهم طوع إرادة اللجنة الحاكمة، بما يضمن استمرار اللجنة الحاكمة في إدارة شئون البلاد بصرف عمن يجلس على مقعد الرئاسة.


اللجنة الحاكمة
وفكرة اللجنة الحاكمة توجد في العديد من دول العالم بما فيها الدول الديمقراطية بصورة أو أخرى، فالبعض يؤكد أن تلك اللجنة الحاكمة قررت أن تتخلص من الرئيس الأمريكي جون كينيدي – وتتخلص من أخيه روبرت كينيدي وزير العدل فيما بعد - لأنه خرج عن طوعها وبدأ يكتسب شعبية سوف تمكنه من تمرير قوانين وسياسات تتعارض مع مصالح تلك اللجنة رغم أنف اللجنة ومن يقف وراءها من رجال أعمال وشبكات مصالح. والبعض الآخر يؤكد أن "المؤسسة الإنجليزية" هي التي قررت التخلص من الأميرة ديانا وهكذا.

وعندما توفي الرئيس عبد الناصر، يكتب بعض من عاصروا تلك الأيام، أن اللجنة الحاكمة رأت أن السادات هو أقل أعضاء مجلس قيادة الثورة خطراً وشعبية، وأنهم بتنصيبه رئيساً سوف يضمنون استمرارهم في الحكم من وراء الستار. ولكن السادات أثبت أنه يفوقهم في الدهاء، وكان أيضاً محظوظاًً بقدر كبير، فقد استطاع في مايو 1971 أن يزيح معظم من أسماهم بمراكز القوى بضربة واحدة أطلق عليها السادات فيما بعد "ثورة التصحيح".

وطوال فترة الستينيات، رأى السادات عن قرب الشلل الذي أصاب الإدارة المصرية نتيجة لسيطرة اللجنة الحاكمة على مقدرات الحكم وكل مجالات الحياة في مصر رغم أنف الرئيس الرسمي للبلاد – جمال عبد الناصر – بدءاً من كرة القدم مروراً بالفن والصناعة والتجارة، وهو الشلل الذي أدى في النهاية لأسوأ هزيمة تتعرض لها مصر على مر تاريخها الطويل، هزيمة 1967 التي لا زلنا نعاني من آثارها السلبية. ولهذا حاول السادات ألا يسمح بإعادة تكوين اللجنة الحاكمة، عن طريق التغيير المستمر في الوزراء والمسئولين، وأحاط نفسه بدائرة هو مركزها من رجال الأعمال والمستشارين والإعلاميين استمدوا جميعهم تأثيرهم من الجالس على الكرسي في مركز الدائرة، بحيث لم يكن لهم مجتمعين علاقات وطيدة كمجموعة مصالح.

وفكرة اللجنة الحاكمة، أو السلطة الخامسة الخفية، تفترض أن هناك ناد شبه سري، بعض أفراده قريبون بحكم مناصبهم الرسمية من دائرة صنع القرار، بينما يستمد البعض الآخر نفوذه من الدور الحيوي للنظام، رغم أن هذا الدور لا يمكن الإفصاح عنه في دائرة الضوء لحساسيته.

وبعد وفاة الرئيس السادات، ولأسباب عديدة وبصورة تدريجية، بدأت سلطة خامسة جديدة تتشكل على استحياء، بحيث أصبح أفرادها يشكلون أعمدة رئيسية يقوم عليها البنيان الموازي للنظام. وهذه الأعمدة، سواء إعلامية، أو سياسية، أو تنفيذية، أو أمنية، أو تشريعية، أو قانونية، أو مالية، أو إدارية، أو معلوماتية، أو مؤثرة في دوائر مهنية أو عمالية بعينها، أصبحت هي البديل الموازي عن الأعمدة الرسمية المؤسسية التي يفترض أن تدعم بقاء النظام وشرعيته. ولأن جميع الكيانات الموازية بطبيعتها هي كيانات غير معلنة ولا تخضع لقواعد المساءلة أو المحاسبة أو الرقابة، فإن هذه الكيانات حتى لو بدأت بنوايا حسنة أو توجهات وطنية، فإنها سرعان ما ينخر فيها الفساد، وتبدأ في العمل كدويلات أو إقطاعيات أو نظم فرعية، ويصبح هدف القائمين على هذه النظم هو بقاء النظام الفرعي نفسه بصرف النظر عن الفائدة أو الضرر الذي يعود على الوطن أو حتى على نظام الحكم ككل من جراء استمرارها وبقائها. وهذا الفساد يصبح بسرعة حملاً ثقيلاً على الوطن، بل يصبح مثل كيان سرطاني أو طفيلي يمتص دماء الوطن وينتقص من شرعية وشعبية النظام الذي أوجدها في الأساس ليكتسب مثل هذه الشرعية.

أعمدة النظام
وقد يكون من المفيد أن ندرس الأعمدة التي قام عليها النظام خلال الثلاثين عاماً الماضية.

العمود الأول هو عمود التزييف الإعلامي. فمن خلال السيطرة على الإعلام واحتكار القنوات التليفزيونية والإذاعية والصحف تمكن النظام عبر سنوات طويلة من إخضاع الشعب عن طريق عملية غسيل مخ منظمة لوثت الوعي الوطني واعتقلت الشعب في غيبوبة فكرية هي مزيج من أوهام الريادة المشبعة للغرور الوطني، وعفاريت التخويف باعتبار أن التغيير مثل أمنا الغولة، لأن "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش" و"دول شبعوا خلاص" وغيرها من الهلاوس. وحتى عندما بشرونا بالسماوات المفتوحة، اخترق أصحاب الريادة الفضائيات العربية بحيل عديدة وباستخدام الابتزاز ووظفوا العملاء والعميلات في كل برنامج يدخل بيتي وبيتك في القاهرة أو أسوان.

العمود الثاني هو عمود التقليم والإخصاء والإقصاء لكل من يمكن أن يهدد النظام. وقام على هذا العمود زبانية البوليس السياسي تعاونهم أجهزة رقابية وقانونية رفيعة المستوى. تغلغل البوليس السياسي في كل منشأة سواء أكاديمية أو إعلامية أو حكومية أو حزبية. وأصبح البوليس السياسي هو صاحب اليد العليا في كل قرار أو تعيين، فسلطة رائد صغير أو مقدم من البوليس السياسي يرتعش أمامها أي لواء عادي أو مسئول كبير مهما كبر منصبه. وقد رأينا كيف تجاسر ضباط البوليس السياسي فأهانوا القضاة واعتدوا عليهم أثناء الانتخابات الماضية، وأشرفوا على عمليات الاقتراع وشراء الأصوات والفرز والتزوير. ومن قبلها اخترقوا الأحزاب ليديروها لمصلحة الحزب الحاكم، لوأد أي نشاط سياسي يمكن أن يؤدي لتغيير الأوضاع أو أيقاظ الشعب من الغيبوبة الفكرية والعقم السياسي.

العمود الثالث هو شبكة الفساد المتداخلة مع السياسة والبيزنس الصغير والمتوسط، وقد قام به باقتدار الحاج كامل الأوصاف على مدى ربع قرن، نجح خلالها في ربط مصالح الخلق بمجموعة فاسدة من "السياسيين" والمسئولين وأعضاء المحليات، ومسئولي الاتصال بوحدات الحزب الحاكم من العاملين بالدولة والحاصلين على "تفرغ سياسي" منذ أيام الاتحاد الاشتراكي. فأصبح الفساد متغلغلاً في كل منشأة حكومية أو خدمية، وأصبح قضاء أي مصلحة مرهوناً بعلاقة مع نواب التأشيرات وكل شيء وله ثمنه، بحيث أصبح تغيير الأوضاع يضر بمصالح كل من لهم مصالح أو أعمال أو طلبات استثنائية! وليس أدل على ذلك من أن اختيارات الحزب الحاكم في الانتخابات كانت دائماً تذهل الشخص العادي، فالحاج كان دائماً يختار أكثر المرشحين فساداً، وليس هذا لأنه عديم النظر لا سمح الله، بل لأنه شخص حصيف وحريص على مصلحة النظام – أو هكذا قاده فكره – ويفهم جيداً أصول اللعب.

العمود الرابع هو شبكة الولاء وهي أعقد الشبكات وأكثرها غموضاً. ويقوم على هذه الشبكة خالد الذكر شديد العزم، العضو البارز في اللجنة الحاكمة وعقلها المدبر، وهو مسئول عن إدارة "صندوق الولاء" الذي تغذيه شراكات متينة مع كبار رجال الأعمال من أصحاب الاحتكارات الكبرى والعبارات وكبار الموردين للدولة علاوة على الشركات الأمنية التي تحصل على أعمال بالمليارات بالأمر المباشر، وهي شركات خارج القانون الطبيعي ولا تخضع أموالها لأي رقابة أو محاسبة. وهذا الصندوق تخرج منه "مظاريف الولاء" الشهرية التي تذهب لكبار القادة والمسئولين لضمان ولائهم للنظام ولجنة الحكم، وهذه المظاريف بالمناسبة لا تفعل أي شيء سوى أنها تعطي الحق لأصحابه، فمن غير المعقول أن يحصل هؤلاء القادة على راتب بضعة آلاف من الجنيهات مثلاً بينما يقومون على شئون حساسة ومسئوليات جسيمة، وكان من الواجب أن يحصل كل من هؤلاء المسئولين على دخل عادل يماثل المسئولية الملقاة على عاتقهم، ولكن من خلال الطريق القانوني السليم بشفافية كاملة، دون الحاجة لمثل تلك المظاريف المهينة التي تحاول أن تحيد بولائهم ليصبح تجاه أشخاص وليس للوطن، ومن هنا جاء لفظ "ظرفه" أي اعطه ظرفاً سميناً.
وقد قامت شبكة الولاء بتوسيع نشاطها لتضم عضواً هاماً هو "صانع المليونيرات"، وقد ضموه دون أن يعلم، فهم لم يثقوا به تماماً رغم هداياه الكثيرة من مجوهرات وأراض، لم يثقوا به نظراً لسوء سمعته قبل أن يلي المنصب الكبير، وعينه الفارغة رغم المليارات التي اختلسها أثناء ولايته. ووظيفة صانع المليونيرات كانت أن يعطي الإقطاعيات من أراضي الدولة وشاليهاتها وفللها الساحلية لكبار المسئولين والقادة أيضاً لضمان ولائهم وربط مصالحهم بشبكة الفساد وبقاء النظام. فمن يدخل مكتبه فقيراً معدماً يخرج مليونيراً أو مليارديراً بشرط أن يحتمل سوء طباعه وسلاطة لسانه وعينه الزايغة وألفاظه القبيحة، وسر هذا التحول يكمن في خطاب التخصيص الذي يباع ساخناً بالملايين، أما إذا برد بعد أن يتم تسقيعه، فقد يصل ثمنه لمئات الملايين ويمكن بضمان خطاب التخصيص اقتراض المليارات من بنوك المحروسة العامرة، وهي بالمناسبة محروسة فعلاً بعتاة المسئولين من زملاء علي بابا في أرض الأحلام.

العمود الخامس – وهو العمود الفقري – لن أتحدث عنه نظراً لطبيعته الحساسة ولأنني أتمنى أن أثق في وطنيته Wishful Thinkingوأنه سوف يلتزم بالشرعية التي تفرزها العملية السياسية بصرف النظر عن طبيعة هذه العملية السياسية أو عمق مشروعيتها.

وهناك العديد من الأعمدة الفرعية والكمرات، مثل التعليم الذي يرسخ خضوع الأجيال القادمة ويقتل فيهم ملكة التفكير الحر ويغتال روح الإبداع والتغيير لصالح التجميد والتوريث، والتشريع التفصيل الملاكي الذي يبعث السرور في نفوس الحكام، واللجان الانتخابية ذات القدرات السحرية وسلطات إلهية، وهي قدرات استطاعت تحويل الهزيمة إلى نصر متين، وتحويل النخلة إلى هلال مبين. وهناك أيضاً الملايين من موظفي الدولة والنقابات العمالية والإدارات المحلية، التي تضمن كلها استغلال السلطة في المبايعة الأبدية مدى الحياة وما بعد الحياة للأبناء والأحفاد والأسرة الملكية كلها.

ومن هنا نرى أن أعضاء لجنة الحكم أو السلطة الخامسة كانوا هم القائمين على هذه الأعمدة التي ذكرناها والتي تدير الدولة من وراء الستار، علاوة على ممثلي الملاك والورثة ليكتمل مجلس إدارة السلطة الخامسة التي تتحكم فعلياً في شئون الدولة بعيداً عن الدستور والمؤسسات والسلطات الشرعية قليلة الأثر وعديمة الخطر، لأنها تتبع التعليمات الشفوية والتليفونية مهما تعارضت مع الدستور والقانون والمنطق الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وتلتزم بالتوجيهات بطاعة كاملة وسلاسة تحسد عليها المحروسة. وهكذا سارت الأمور لسنوات طويلة بنظام افتح يا سمسم، ذهب ياقوت مرجان أحمدك يا رب!

El Ghad Paper Standoff

كان من المفترض أن يصدر العدد الأول لجريدة "الغد" يوم الأربعاء 9 فبراير 2005، برئاسة تحرير الأستاذ إبراهيم عيسى، الذي تطوع بالعمل هو وفريقه بدون أجر في رئاسة التحرير لحين أن نتدبر الموارد المالية لإصدار الجريدة. كان أيمن نور في السجن منذ رفع الحصانة عنه قبل عشرة أيام، وبالتحديد يوم 29 يناير 2005.


وقضيت مساء الاثنين 7 فبراير كله في إحدى مكاتب فصل الألوان في "دوحة ماسبيرو" بميدان الشهيد عبد المنعم رياض، حتى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء 8 فبراير، مع إبراهيم عيسى وفريقه، للعمل على وضع اللمسات الأخيرة في العدد الأول من جريدة الغد، وهو العدد الذي تحالفت السلطة على منعه من الصدور بالضغط على قيادات داخل حزب الغد وإعادة قيادات أخرى من الخارج لإجبارهم على إيقاف هذا العدد، والإطاحة برئيس التحرير، الأستاذ إبراهيم عيسى - من الجريدة. ويقال أن السبب في منع العدد هو أن المانشيت الرئيسي كان يحمل عبارة "حتى القردة في حديقة الحيوانات تعلم أن الاستفتاءات مزورة"، ولكنني أعتقد أن الموضوع كان أعمق من ذلك، فالحكومة لم ترغب أن يتحالف قلم إبراهيم عيسى الصحفي مع قدرات وشعبية أيمن نور السياسية، وشعرت أن مثل هذا التحالف قد يكون كفيلاً بإحداث "قفلة"، ومخاطر غير مقبولة بالنسبة لبقاء النظام. ففي ديسمبر 2004، وبمجرد أن انتشر خبر أن جريدة الغد ستصدر برئاسة تحرير "إبراهيم عيسى"، قامت الحكومة بإعادة السماح بإصدار جريدة "الدستور" التي كانت قد أوقفتها لمدة 7 سنوات! وكان الهدف الواضح هو إبعاد إبراهيم عيسى عن الغد.


....... ومقالي هذا - كان من المفترض أن ينشر في ذلك العدد - الذي لم ير النور أبداً.


المسرحية


عبر عقود طويلة، نعيش مسرحية عبثية مملة، تتكون من آلاف الفصول التي تتكرر كل يوم، دون أدنى أمل في نزول الستار إيذاناً بالنهاية. وهذه المسرحية تأتي تحت مسميات عديدة، مثل "أزهى عصور الديمقراطية" و"التعددية" و"التنمية"، وغيرها من الأسماء الهلامية، التي لا تجد لها في فصول المسرحية انعكاساً ولا صدى. وهي مسرحية من تأليف وتمثيل وإخراج شخص واحد هو الحزب الوطني، الذي يحاور نفسه طوال المسرحية، في مونولوج سخيف، لا يمتع ولا يضحك، ولا يغني ولا يسمن من جوع.

الفصل الأول من المسرحية هو فصل الإنجازات، الذي يتحدث عن تطور ضخم وتنمية يشهد لها الشرق والغرب، في عالم التصريحات والمليارات، المطعمة بما تيسر من إحصائيات، ومعظمها مضلل لا يصدقه الشعب، الذي عليه – رغم المسرحية - أن يعيش في العالم الحقيقي، وهو عالم لا وجود فيه للرخاء الحكومي، حيث الأسعار ترتفع بصورة مستمرة، بينما تعاني الأجور من الأنيميا الحادة، ويعاني الجنيه من البلاجرا المزمنة، بما يدفع الموظف المسكين إلى أن يمتهن أعمالاً أخرى، أو يطلب الإكراميات مقابل تأدية الخدمات وتمرير الاستثناءات، حتى صدرت فتوى شرعية بأن تقديم الرشوة حلال. الموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي إحدى أغاني الإشادة، الذي تؤكد أن الشعب بكامل حريته قد اختار الحزب الوطني دون غيره، لحبه الشديد في الفقر وشظف العيش. خلفية المسرح عبارة عن لوحة ضخمة وردية، دون أي تفاصيل.

الفصل الثاني من المسرحية هو فصل الريادة والتفوق، والعالم الذي يشيد بنا في كل مناسبة وبدون مناسبة، بشهادة صحيفة فرنسية مجهولة تمتدح دوماً أداء الاقتصاد المصري. وتبحث عن تلك الصحيفة الفرنسية حتى تطمئن بنفسك على الأحوال، فتجد أنها صحيفة حائط في المدرسة التجارية الفرنسية بالظاهر. وبينما يشيد العالم بأدائنا المتميز، ولا ينام الليل من فرط حلاوتنا التي هي "زايدة حتة"، باعتبار أن الجريدة (الفرنسية) تصدر الساعة (ستة)، وبينما تحسدنا الصحيفة على الريادة التي لا مثيل لها، يصطدم الشعب بالواقع المرير، والأصفار التي نحصل عليها في كل مجال بجدارة وامتياز، حتى أصبحت تلك الأصفار مثل لعنة شريرة تطاردنا باعتبارنا من سلالة الفراعنة. وطوال هذا الفصل، تسطع أدلة الريادة في خلفية المسرح، التي تزدحم بمقتطفات من الصحف القومية التي تؤكد تفوقنا الملحوظ، بشهادة الخواجات الأجانب. والموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي أغنية تتحدث عن فضائل الاستقرار، ومثالب التغيير الذي لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يأتي من ورائه، من باب أن "اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش".

الفصل الثالث من المسرحية هو فصل "الاستثمار"، تبدأه حكومة الحزب الوطني بالتغزل في المستثمر، وغوايته بالامتيازات والإعفاءات والوعود لجلب أمواله. وما أن يأتي المستثمر المسكين بأمواله، حتى تطالبه الحكومة بقائمة من المستندات والتراخيص والتصاريح والموافقات، فيجتهد المستثمر في الحصول عليها إعلاء للشرعية وسيادة القانون، ويصطدم أثناء ذلك بالأدراج المفتوحة ونصف المفتوحة، والقرارات العشوائية المتلاحقة، وعدم سداد مستحقاته إن كان مورداً للحكومة، ثم ينتهي الفصل بالملاحقة البوليسية عندما يتعثر المستثمر المسكين ويصيبه الإفلاس، فيسجن أو يهرب خارج البلاد، وينتهي الفصل بخلفية ضخمة، تزينها أسماء المستثمرين بعد وضعهم على قوائم ترقب الوصول، والموسيقى التصويرية تنقلب من موسيقى رومانسية حالمة في البداية، إلى موسيقى رعب، ثم تنتهي بأصوات سارينة سيارات الشرطة، وصوت لطم وشق الهدوم، ونواح المستثمر وأسرته لحظة القبض عليه.

وهناك المزيد من الفصول مثل فصل الرعاية الاجتماعية، وهو فصل فعلاً لأنه ينتهي بنهب أموال التأمينات، وفصل انتشار الخدمات الصحية، الذي ينتهي بوفاة المريض بسبب عدم توفر الدواء، وفصل التنمية البشرية وتميز التعليم الحكومي الذي ينتهي بفاصل من التلقين في أحد الدروس الخصوصية، ثم مشهد لشباب يجلس على الرصيف نتيجة للبطالة المتفشية والمحسوبية في التعيين. أما الفساد والبيروقراطية، فلا يوجد لأي منهما فصل خاص، لأنهما يتجولان في أرجاء المسرح جيئة وذهاباً طوال الوقت وأثناء كل الفصول، ثم ينزلان من على خشبة المسرح، ليقوما بتقليب المشاهدين المساكين وشق جيوبهم بالأمواس والمشارط علناً، ويضحك المشاهدون باعتبار أن هذا هو جزء من المسرحية، رغم تأكدهم من استحالة عودة أموالهم إليهم، ويتذكرون فصل توظيف الأموال اللطيف، الذي انتهى بتوزيع "الحلل" البلاستيك على المشاهدين تعويضاً لهم عن مدخراتهم، بينما ازدانت الخلفية بأسماء كبار المسئولين فيما عرف بكشوف البركة.

وأثناء فصول المسرحية، ولأن الموضوع تمثيل في تمثيل، تتظاهر الحكومة بتقديم الخدمات للشعب، من تعليم وصحة وأمن وعدل ومرافق، وتعد الشعب بتوظيف أبنائه، وتمنح موظفيها المرتبات والعلاوات. تتظاهر الحكومة بذلك، وفي المقابل، وبعد تمرس طويل، يتظاهر الشعب بأنه يسمع كلام الحكومة ويحترم قوانينها، ويمصمص شفتيه ويهز رأسه تصديقاً لتصريحاتها، وهو يعلم تمام العلم أن تلك التصريحات (فشنك)، وأن تلك القوانين واللوائح قد عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح للتطبيق على أرض الواقع، لتستمر المعاناة الشديدة والنفاق الجماعي.

وعندما يتململ بعض المشاهدين ويعلو صوت الشعب بالشكوى، ويصاب البعض بنوبات التشنج العصبي والصرع، تلقي الحكومة على المشاهدين خطبة عصماء كتبها أحد الفطاحل من المبرراتية، فحواها أن المسرحية رائعة دون شك، وأن المؤلف قدير، والمخرج متمكن وعتيد في الفن، وأن السبب في فشل المسرحية في الواقع إنما يقع على جماهير الشعب من المشاهدين، الذين لا يفهمون الحكمة العظيمة والفلسفة الرفيعة التي تكمن وراء فصول المسرحية، ويتسببون بجهلهم في إفساد الحبكة الدرامية، وبكثرتهم وتوالدهم المستمر في استنفاد كل كراسي المسرح، رغم أن معظم صفوف المقاعد خالية ومحجوزة نظراً لدواعي الأمن، وبينما يتزاحم السواد الأعظم من الشعب وقوفاً في الممرات الخلفية الضيقة، يتنافس المحظوظون من محاسيب الحكومة على الجلوس في الصفوف الأخيرة بعد سداد "المعلوم" للمسئولين عن تخصيص المقاعد، وهؤلاء المسئولون يعملون بالطبع لحساب حكومة الحزب الوطني الرشيدة.

ومشاهدة هذه المسرحية ليست بالأمر الاختياري، بل إنها إجبارية، لأن كل المسارح الموجودة في البلاد تعرض نفس المسرحية، وإن اختلف ترتيب الفصول. ويتساءل الشعب عن موعد انتهاء المسرحية وإسدال الستار، فتطمئنه السلطة بأن هناك مسرحية جديدة قادمة في الطريق، تحت اسم "مرحلة جديدة"، أو "صحوة كبرى"، أو "فكر عصري"، وغيرها من اللافتات والأفيشات. وينتظر الشعب على مضض، ولكنه يُصدم عندما تبدأ أي من تلك المسرحيات "الجديدة"، عندما يكتشف أن الممثل واحد مهما تلون وجهه بالأصباغ والأحبار، والمضمون مكرر ممجوج، وإن اختلفت ألفاظ الحوار.

كيف نتخلص من الحصار المفروض علينا من قبل تلك المسرحية التي لا تنتهي؟ هل يمكن أن نخرج من المسرح لنتنفس هواءً نقياً لا يلوثه فساد أو احتكار أو نفاق؟ وفي نفس الوقت، كيف يتوقع المشاهدون أن تنتهي المسرحية بينما هم يصفقون في نهاية كل فصل؟ ورغم أن الشعب يصفق استعجالاً لانتهاء المسرحية، إلا أن الحزب الوطني يأخذ هذا كعلامة أكيدة تدل على أن الشعب سعيد جداً بالمسرحية ولا يطيق انتهاءها، فتصدح أصوات الجوقة بأغاني التجديد والمبايعة. ألم يحن الوقت حتى يطالب الشعب الحزب الوطني بالنزول من على خشبة المسرح ويمنح فرقته التمثيلية أجازة بدون مرتب – أو بمرتب – بشرط أن يستمتع بالراحة بعد احتكار الأداء لعقود طويلة؟

متى نرى اليوم الذي يتقاعد فيه الحزب الوطني ويترك خشبة المسرح؟

أو على الأقل، متى يكتفي الحزب الوطني بمسرح واحد، ويترك باقي المسارح للفرق الأخرى؟

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook