‏إظهار الرسائل ذات التسميات Right of Return. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Right of Return. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، أغسطس 12، 2008

Palestinian Refugees - Right of Return 1

الحفاظ على حقوق

اللاجئين الفلسطينيين


بدائل إستراتيجية




التفاوض كبديل عن اللجوء لأدوات العـدالة الدولية
جاء الطرح الأمريكي - بدءاً من السبعينيات - بضرورة حل الصراع العربي الإسرائيلي عبر التفاوض الثنائي المباشر بين كل من دول المواجهة وإسرائيل لتحقيق عدة أهداف:
1- التفاوض المباشر يعطي اعترافاً ضمنياً بحق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام، ويكسر الحاجز النفسي بين أطراف النزاع.
2- التفاوض الثنائي وليس الجماعي يعظم من القوة التفاوضية لإسرائيل على حساب العرب.
3- اتخاذ التفاوض – وليس مرجعيات وأدوات العدالة الدولية – كوسيلة وحيدة لحل الصراع يضمن أن يأتي الحل متماشياً مع الأمر الواقع، ويعطي للطرف الأقوى عسكرياً – إسرائيل – الفرصة في التهام الحقوق العربية، عكس اللجوء لأدوات العدالة الدولية - مثل محكمة العدل الدولية – والتي غالباً ما سوف تنتصر لأصحاب الحق – العرب – على حساب الغاصب – إسرائيل – بصرف النظر عما تملكه الأخيرة من مزايا تفضيلية تفاوضية ناشئة عن احتفاظها بالأراضي العربية كأمر واقع، وامتلاكها لأكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط مدججة بأحدث الأسلحة الأمريكية علاوة على أسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلى التأييد الأمريكي المطلق لإسرائيل، وكلها أمور ترجح كفتها التفاوضية. والتفاوض مع الطرف الغاصب في غياب الشرعية الدولية وانعدام إرادة فرض تلك الشرعية، أشبه بأن تلجأ ضحية لا تملك القوة أو السلاح للشرطة لاستعادة حقوقها التي سلبها "بلطجي" مدجج بالسلاح، فتأمرها الشرطة بالتفاوض مع المجرم تحت تهديد السلاح.

وقد جاء هذا التوجه الأمريكي احتراماً لتعهدات الولايات المتحدة لإسرائيل قبل حرب 1967، بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تضمن التفوق الإسرائيلي العسكري على الدول العربية مجتمعة، وأنها لن تضغط على إسرائيل لإعادة الأراضي العربية التي كان من المقدر أن تكتسبها نتيجة لتلك الحرب، مع الأخذ في الاعتبار حجم المخاطرة التي أخذتها إسرائيل على نفسها بشن الحرب على ثلاث جبهات في وقت واحد، وقيامها بتنفيذ سياسة أمريكا بإسقاط أو إضعاف نظام عبد الناصر. وهذا التعهد الأمريكي جاء لضمان ألا تكرر أمريكا ما فعله إيزنهاور أثناء حرب 1956، عندما "انتصر للمبادئ على حساب الصداقات"، مما سمح لعبد الناصر أن يحرز نصراً سياسياً رغم هزيمته العسكرية أثناء العدوان الثلاثي.

دروس من إستراتيجية السادات التفاوضية
ومن الملاحظ أن مصر قد أدركت عدم جدوى اللجوء للشرعية الدولية، فجاء السادات في السبعينيات واستخدم تقنيات تفاوضية جديدة أثبتت نجاحاً ملموساً في تحقيق الغرض منها:
1- وضع السادات أمريكا في صورة الشريك النزيه والأوحد، فحيد الرأي العام الأمريكي وقطع خط الرجعة على من يدعون أن مصر تعمل لمصلحة السوفييت في الحرب الباردة.
2- بذهابه للقدس وحديثه للمجتمع الإسرائيلي مباشرة، وندائه بجعل حرب أكتوبر هي آخر الحروب، اكتسب السادات تأييداً واسعاً داخل المجتمع الإسرائيلي وبالتالي داخل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ووضع الإدارة الإسرائيلية في موقف حرج داخلياً وخارجياً، لا تستطيع معه إفشال هذه الفرصة التاريخية.
3- خاطب السادات الرأي العام العالمي من منطلق الدعوة للسلام من موقف القوة بعد ما أنجزته مصر في حرب أكتوبر (سلام الشجعان – سلام الأقوياء).
4- لم يتفاوض السادات باسم أحد، ولم يتنازل عن حقوق الفلسطينيين – باعتبار هذه الحقوق هي السبب الأصلي للصراع – بل أن اتفاقية "كامب ديفيد" ذكرت 3 مراحل لحل القضية الفلسطينية، بدءاً بالحكم الذاتي، وصولاً لترتيبات الوضع النهائي.

ودون أن ننتقص من قدر السادات كزعيم وطني ذي رؤية مستقبلية ثاقبة وخيال واسع، فهناك أيضاً أخطاء منهجية وتكتيكية وقع فيها السادات(Telhami, Shibley; Raiffa, Howard; etc.) ، ويجب أن تعيها الأجيال الحالية والقادمة من المفاوضين العرب، مثل "الثقة" الزائدة في نزاهة "شركاء" التفاوض، ووضع كل الثقل التفاوضي في يد شخص واحد على قمة صنع القرار – السادات نفسه - بدلاً من وجود طبقات مؤسسية وفنية متتالية للوصول إلى التفاصيل النهائية، مع ضرورة تصميم "أبواب خروج" Exit Strategies وخطوط دفاع تفاوضية ثانية وثالثة.

وقد مشي عرفات على درب السادات – وإن جاء هذا متأخراً 12 عاماً، عندما أقر بحق إسرائيل في الوجود، وقام بقبول المفاوضات المباشرة، وصولاً لاتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993، وتلاها انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية وغزة، وقيام "السلطة الفلسطينية"، تمهيداً لإعلان الدولة الفلسطينية في غضون 5 سنوات. وأدرك اليمين الإسرائيلي أن الدولة اليهودية على وشك أن تدخل في نفس القفص الذي سبق وأن حوصرت فيه على يد السادات، فقامت قيادات الليكود بانتقاد رابين – (حكومة حزب العمل) بشدة، ووصمته بالتخلي عن الحقوق التاريخية للشعب اليهودي، وعلى أثر ذلك قام المتطرفون باغتيال رابين.

اليمين الإسرائيلي يتراجع
ثم جاء نتنياهو إلى الحكم، وألقى بكل ثقله لإلغاء اتفاقية أوسلو، وبذل مجهوداً كبيراً في إقناع المنظمات اليهودية الأمريكية بأن عرفات ليس بشريك سلام يعتمد عليه، ولكن الشعب الإسرائيلي لم يكن مستعداً للتخلي عن حلم السلام بعد أن لاحت ثماره، فأطاح بنتنياهو (الليكود) وجاء بباراك (العمل مرة أخرى)، وبدا أن باراك مستعداً لإتمام صفقة رابين، واقترب الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني للغاية من التوصل لاتفاق سلام في كامب ديفيد في أغسطس 2000، حتى توقف الطرفان عند نقطة "حق العودة للاجئين"، ففشلت المفاوضات، وأعلن باراك وكلينتون أن عرفات لم يكن مستعداً لقيادة شعبه نحو تقبل التضحيات اللازمة لحل الصراع، فنجحت خطة نتنياهو في إثبات أن عرفات ليس شريك سلام Not A Peace Partner (سوف نعود لهذه النقطة فيما بعد). واتبع اليمين الإسرائيلي سياسة استبدال اللاعبين وتصعيد الموقف، فدخل شارون – وهو خارج السلطة - الحرم القدسي محاطاً بثلاثة آلاف جندي مدججين بالأسلحة، لتندلع عقب ذلك انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 (يوم الذكرى الثلاثين لوفاة عبد الناصر)، وجاء شارون إلى الحكم، لينتهي فصل "أوسلو" بإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية، وحصار عرفات، ثم بناء السور العازل.

الشرك الليكودي
ويلاحظ أن الفلسطينيين قد وقعوا في الشرك الذي رسمهما لهم نتنياهو وشارون، عندما تحولوا من الرفض السلمي – انتفاضة الحجارة – للعمليات الاستشهادية / الانتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين – فحدث تحول للرأي العام العالمي بعد أن كان يؤيد الحقوق الفلسطينية على طول الخط، ودعم هذا التحول لغير صالح الفلسطينيين وقوع أحداث 11 سبتمبر الدامية، والربط بين الإرهاب الدولي والعمليات الاستشهادية – أو الانتحارية – ليتم تصنيف العديد من منظمات المقاومة الفلسطينية كمنظمات إرهابية، وأعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل بصورة نهائية أن عرفات "ليس بشريك سلام" ووصمتاه برعاية الإرهاب أو على الأقل السكوت عليه، علاوة على الفساد واحتكار السلطة.

هل كان يجب على عرفات أن يتنازل عن حق اللاجئين في العودة؟
مبدئياً، ومن الناحية الفنية، أشكك في أهلية عرفات رحمه الله – أو أهلية أي رئيس للسلطة الفلسطينية – للتنازل عن حق اللاجئين في العودة، للأسباب التالية:
1- رئيس السلطة الفلسطينية هو رئيس منتخب من أهالي الضفة الغربية وغزة، وليس لديه أي تفويض بتمثيل اللاجئين.
2- ما الذي سوف يحصل عليه اللاجئون مقابل تنازلهم عن حق العودة؟ ليس من المنطقي أن يتنازل اللاجئون عن حق العودة مقابل أن تحصل مجموعة أخرى من الفلسطينيين على حق إقامة دولة لهم، فهنا التنازل لا تقابله أية مصلحة للطرف المتنازل.
3- بفرض حصول رئيس السلطة الفلسطينية على تفويض أو توكيل قانوني من اللاجئين ليتفاوض باسمهم، فهذا التوكيل في طبيعته توكيل "خاص" بشروط محددة، يلتزم معها المفاوض باستعادة الحقوق والأراضي والحصول على تعويضات مناسبة، وليس من ضمن هذا أن يتنازل عن حق "المواطنة" الخاص بمن وكلوه، لأن حق المواطنة هو حق أصيل من حقوق الإنسان لا يمكن التنازل عنه. وإذا قبل اللاجئون الفلسطينيون التنازل عن حق المواطنة، فماذا تصبح جنسيتهم بعد ذلك؟ هل يصبحون عديمي الجنسية؟

من الأفضل إذن أن نسأل السؤال بصور أخرى. من هم الذين يمثلهم رئيس السلطة الفلسطينية؟ والجواب هنا في رأيي، أن رئيس السلطة الفلسطينية يمثل من انتخبوه، وهم أهالي الضفة الغربية وغزة. والسؤال التالي هو: ما هي المجموعات الأخرى الفلسطينية؟ والجواب في تصوري هو:
1- عرب 48 الذين يعيشون داخل إسرائيل ويعانون من التمييز العنصري المقنن.
2- اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا عن أراض تقع اليوم داخل إسرائيل بحدودها "التقريبية".
3- اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا عن أراض تقع اليوم داخل نطاق الأراضي الفلسطينية المحتلة.
4- علاوة على الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
هل يجب أن يسعى رئيس السلطة الفلسطينية لتمثيل كل الفلسطينيين؟
في تصوري، يجب أن يتجنب رئيس السلطة الفلسطينية تمثيل المجموعتين (1) و (2)، ويقتصر على تمثيل المجموعتين (3) و (4)، وبهذا، فإن انتخابات رئيس السلطة يجب أن تمتد لتشمل ترتيبات خارج الأراضي المحتلة، ليشارك فيها كل من يعيش في - أو نزح عن - أراض فلسطينية تقع داخل نطاق الحدود "التقريبية" للدولة الفلسطينية المقترحة. لماذا؟ لأن المجموعات الفلسطينية الأخرى لها مصالح مختلفة وتعاني من مشاكل أكثر تعقيداً، ولابد من حلها بوسائل أخرى. ومن حسن الحظ، أن هذه المشاكل بطبيعتها من النوع الذي تقل درجة تعقيده بمرور الزمن، وخاصة بعد التوصل لاتفاق سلام بين السلطة الفلسطينية والمجموعات التي تمثلها ](3) و (4)[.

من يمثل عرب 48؟
الإجابة البديهية هي أن عرب 48 قادرون الآن بالفعل على تمثيل أنفسهم، ومن منطلق وضعهم "كمواطنين إسرائيليين"، فلهم دور فعال وأساسي في الوصول لحل عادل للصراع. ورغم أن إسرائيل تفاخر بكونها دولة "ديمقراطية"، فإن قوانين الهجرة والجنسية الموجودة بها الآن تكرس وضعها كدولة "عنصرية دينية" تعطي لليهود في كافة أنحاء العالم أفضلية في حق الهجرة لإسرائيل والتجنس بجنسيتها، مما لا يتماشى مع القوانين الأوربية مثلاً، ويتعارض مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة التمييز العنصري ومبادئ إعلان حقوق الإنسان. وليس من المستحيل أن يستطيع عرب 48 مع وجود الدعم المناسب، أن يحتكموا لأدوات الشرعية الدولية بحيث يتم في المستقبل غير البعيد "توفيق أوضاع" القانون الإسرائيلي، ليعطي حقوقاً متساوية للمواطنين الإسرائيليين بصرف النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي، وكذلك "توفيق أوضاع" قانون الهجرة الإسرائيلي.

تأجيل التفاوض على حق العودة
ومع نزع فتيل الصراع، فإن التطور الطبيعي للأشياء سوف يضع إسرائيل أمام مفترق طرق، إما أن تصبح دولة ديمقراطية علمانية، أو تستمر كدولة "يهودية" يشوبها العنصرية، وأتصور أن الشعب الإسرائيلي نفسه، ونتيجة لأسباب داخلية ودولية، واعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة، سوف يستقر على الخيار الأول – العلماني – مما سوف يكون في صالح عرب 48 وأيضاً في صالح اللاجئين الفلسطينيين من المجموعة (2). وهنا تظهر فكرة جديدة وإن كانت مؤلمة، وهو أنه يجب التريث قبل حسم مشكلة اللاجئين، وربما يجب تأجيل التفاوض في هذه القضية بالذات لفترة من 15 – 25 عاماً حتى تعطي النتائج المرجوة، وحتى لا يضيع حق اللاجئين في العودة والتعويضات المناسبة.
البديل الآخر، هو أن يقبل الفسلطينيون بحق عودة مؤجل لمدة 50 عاماً مثلاً. بمعنى أن إسرائيل توافق على حق عودة اللاجئين، ولكن اللاحئين أو أبناءهم لايصبح من حقهم العودة إلا بعد 50 عاماً. وفي النهاية هذا حل وسط، يعيد الحقوق لأصحابها، ولكنه يؤجل استحقاقها.

من يمثل اللاجئين الفلسطينيين؟
لابد من قيام منظمة أهلية في إحدى الدول الأوروبية، ذات فروع في الدول العربية والولايات المتحدة وكندا وأوروبا واستراليا Australasia، لتمثل بصورة مؤقتة مصالح اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في تلك الدول، وتطالب بصورة سلمية، وباستخدام كل أدوات العدالة الدولية وبالتعاون مع حكومات الدول العربية والصديقة، بحق العودة والمواطنة، واستعادة الأراضي والممتلكات المسلوبة، وبالتعويضات المادية المناسبة عن الأضرار المادية والأدبية الناشئة عن تشريدهم ومعاناتهم الطويلة. وقد يكون من المناسب أن يتم التعاون بين هذه المنظمة ومنظمات حقوقية إسرائيلية ويهودية، بحيث تتضامن هذا المؤسسات جميعاً في مخاطبة الرأي العام العالمي وأدوات العدالة الدولية (مثل محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة). وقد يقول البعض، أن منظمة التحرير الفلسطينية تقوم منذ عقود طويلة بهذا الدور، وهذا صحيح، ولكن في تصوري، لقد وصلت المنظمة لمفترق طرق وعليها أن تأخذ القرار، إما الاستمرار كمنظمة تمثل الفلسطينيين بعيداً عن السلطة، وإما أن تنغمس في السلطة وتتداخل معها فتخضع لاعتبارات سياسية وضغوط دولية، قد تعوق حرية حركتها على المدى الطويل.

التحكيم الدولي عند الاختلاف
من المهم الوصول بسرعة لاتفاق مبادئ Framework Agreement بين السلطة الفلسطينية المنتخبة وبين الحكومة الإسرائيلية – يجسد مبادئ خارطة الطريق تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور مصري أردني. وإذا استطاع الفلسطينيون نزع الفتيل من مشكلة اللاجئين بالأسلوب المقترح هنا أو بأي أسلوب آخر، فسوف يكون من السهل الاتفاق على النقاط الأخرى بما فيها وضع مدينة القدس، والمستوطنات والجدار العازل. ومن المهم أن توجد آلية تحكيم يلتزم بها الطرفان عند حدوث اختلاف في التفاسير أو التفاصيل أو عند التطبيق، مثلما فعلت مصر في قضية طابا، لأن التحكيم الدولي سوف يكون عادة في صالح الفلسطينيين لأنهم أصحاب الحق الشرعي والتاريخي. وبالطبع فإن إسرائيل لن توافق بسهولة على اللجوء للتحكيم الدولي في أية قضية لنفس الأسباب، وهنا يجب حشد الرأي العام العالمي حول هذه النقطة.

المكاسب الصغـيرة مقابل "كل شيء أو لا شيء"
خلال المراحل الرومانسية في "إدارة" الصراع العربي الصهيوني عانى العرب، لفترة طويلة من أسلوب "كل شيء أو لا شيء". والآن، قد يقول البعض، لماذا يجب على الفلسطينيين أن يقنعوا بمكاسب صغيرة، ويتنازلون عن حقوقهم التاريخية مثل حق العودة؟ وهنا يجب أن نوضح شيئاً هاماً، إن قبول المكاسب الصغيرة لا يعني التخلي عن الحقوق الأخرى. فإذا كان أحد الأشخاص مديناً لك بمائة جنيه، وتعثر في السداد وماطل طويلاً، ثم أتى يوماً ما وعرض عليك أن يعطيك عشرة جنيهات وتنسى الموضوع، فأماك عدة بدائل: إما أن ترفض، أو أن تقبل، أو أن تقبل العشرة جنيهات شاكراً وتعطيه إيصال مخالصة بعشرة جنيهات مع التأكيد أنك تنتظر باقي المبلغ كاملاً مع الفوائد والتعويضات في المستقبل القريب. في حالتنا هذه، يحصل الفلسطينيون في الأراضي المحتلة على حق إقامة الدولة، ويشيرون أن هناك حقوقاً أخرى لجماعات أخرى يجب التفاوض عليها مع تلك الجماعات لتسويتها.

الرفض السلمي كبديل عن العنف
السيطرة الأمنية – أو انعدامها – في الأراضي المحتلة تمثل مشكلة ضخمة وعقبة في طريق السلام. وفي نفس الوقت، فلابد أن تظل الخيارات مفتوحة لجماعات غير رسمية للضغط السلمي ورفض ما تراه في غير صالح القضية من وجهة نظرها، ولكن يجب أن تتحول المقاومة الفلسطينية لمرحلة جديدة وذكية، يمارس فيها الفلسطينيون الرفض عبر وسائل ضغط سلمية، باستغلال الرأي العام العالمي لصالحهم لسبب رئيسي، وهو أن القوة في يد إسرائيل والحق مع الفلسطينيين، وبالتالي فإن استخدام منطق القوة مع إسرائيل في المرحلة الحالية لن يؤتي ثماره، بل يجب أن تختار المقاومة الفلسطينية نوع المعركة وتوقيتها وأسلحتها، وقد جرب الفلسطينيون النتائج الباهرة للرفض السلمي – أو شبه السلمي – أثناء الانتفاضة الأولى، فقد تعاطف العالم مع القضية لتصبح في بؤرة الاهتمام العالمي، مما أدى في النهاية لاتفاقية أوسلو. أما الانفلات الأمني الموجود حالياً، فهو ليس في صالح القضية الفلسطينية بل إنه يهدد مستقبلها بصورة مفزعة. ولا نود التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني باقتراح ضرورة نزع أسلحة الفصائل المختلفة للمقاومة بصورة تدريجية، لأن هذه هي أصعب مهمة تنتظر الرئيس المنتخب، ألا وهي مهمة تنظيم البيت الفلسطيني من الداخل، بما في ذلك تنمية المؤسسات ومكافحة الفساد وعلاج التشوهات الإدارية في بنية السلطة.

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook