Saturday, August 30, 2014

مصر 2030 - المقالات اللي مسحها جرنان التحرير


رؤية مصرية
مـصـر 2030 (1)
وائل نوارة

هذه المقالات نشرت في جريدة التحرير في شهر سبتمبر 2012 - يعني أيام حكم مرسي والإخوان الله لا يرجعها أيام ....  وفجأة تم مسح المقالات واختفت من على وجه البسيطة ... فرأيت إعادة نشرها



في يناير عام 2000، بدأنا ومجموعة من الزملاء في صياغة رؤية 2020 لمصر. وكان منطلق تلك الرؤية أن مصر غنية، ولكنها غنية بثروات مهدرة، وأن السبب الرئيسي في هذا الإهدار وما نتج عنه من فقر وتخلف كنا نعاني منه وقتها – وإلى الآن – هو غياب الرؤية، وبالتالي عدم وجود إرادة مجتمعية لتحقيق تلك الرؤية – الغائبة – وغياب الإدارة الرشيدة التي تستطيع أن تأخذنا من الوضع الذي نحن فيه للوضع المأمول – نتيجة لأننا ليس لدينا فكرة واضحة عن المكان الذي نريد أن نصل إليه – بل أكاد اقول أننا لا نعلم بالتحديد أين نقف الآن – ليس فقط نتيجة لغياب الإحصائيات والمعلومات الدقيقة، واعتذار المؤشرات والتحليلات الملهمة، لكن أيضاً وهو الأهم، نتيجة لحالة من التوهان الحضاري تجعلنا لا نعلم من نحن.

عندما تقابل درويشاً مذهولاً في طريقك، ربما لا تلتفت إليه كثيراً، لكن بالتنقيب وراء ذلك الشخص الذاهل عن الواقع، قد تكون هناك أسرة كريمة ذات حسب ونسب، وأم ملتاعة دامعة، وأبناء مشتاقين لرجوع أبيهم، ومكانة محترمة وعلم راسخ ومهارات فريدة، وثروة صنعها فيما مضى من الزمان حين كان بكامل وعيه. أي رفعة وسمو ورقي غابر، تشهد عليهم المعابد والقصور التي شيدها، والأهرامات والمقابر التي سجل فيها حضارته وتقدم أجداده، نقوش وتماثيل وتقاويم ومسلات وصروح مشيدة، وتطبيب وهندسة ومعمار وشبكات ري ممهدة، كل هذه الأشياء لا يمكن إنكارها، فما الذي حدث لذلك الدرويش الطيب، وكيف فقد وعيه وذاكرته فهام على وجهه تائها بين الأمم؟ كيف فقد الذاكرة، أم أن الذاكرة موجودة – بل محفورة على تلك الجدران التي يتطلع إليها أحياناً، لكنه لا يعلم إن كانت تخصه أم هو من الغرباء الذين وفدوا حديثا مع من وفد على تلك الأرض الطيبة؟ ينظر ذاهلاً إلى جدران تلك الصروح العظيمة، ويتلقف شاكراً دراهم وحسنات الزوار القادمين من بعيد في خضم كرم انبهارهم بعظمة أجداده، ويسرع ليشتري رغيفا مستورداً يقيم به أوده بعد طول جوع مقيم.

قال الواعظ أنه كان رجل سوء في غابر الزمان، وأن أجداده كانوا كفاراً ظالمين، وأن الله قد من عليه بالنسيان، حتى يتخلص من تلك الذنوب القديمة، وعليه أن يبتعد عن كل ما يذكره بهويته الأولى، حتى لا يلحق به غضب الإله المنتقم الجبار. وهكذا ومع مرور الزمن تآكلت تدريجياً خيوط الحبل الذي ربطه بهويته الحقيقية خيطاً بعد خيط، حتى أصبح اليوم كما تراه، درويشاً هائما على وجهه مشعث اللحية أسود الجبهة، يتعيش على صدقات المحسنين، وربما تذكر بعض المارة سابق فضله وتوقفوا عنده يحاولون أن ينتشلوه من عثرته المؤقتة، فيستقبلهم ببشاشته المعهودة التي تعيد لهم الأمل في شفائه وإنقاذه، وما يلبث أن يبدأ في الهوس بترديد حديث الكهان وأسلافهم الماكرين، وتهديداتهم لكل من يخالفهم بأنه موصوم بالكفر مدان، وعليه سيحل الغضب المقيم، ويزيد على ذلك فيشرع في الهذيان المحموم، وتنتابه حالة من الصرع ورجفات لا إرادية عنيفة تؤذي القريبين، فيهز الأصدقاء القدامى رأسهم ويبتعدون آسفين، يائسين من شفاء الدرويش المسكين.


لابد أن نبدأ إذن بالاستيقاظ من غيبوبتنا الحضارية، ونعلم جيداً من نحن، ونعترف بأصولنا كلها على تنوعها، حتى نستطيع أن نعرف أين نقف، وما هي منابعنا الثقافية، حتى نرى النهر الحضاري الذي نستطيع أن نبحر فيه لآفاق المستقبل. يلي ذلك أن نعلم، أن مصر قدرها أن تكون رائدة وقائدة لحيها، ولا يستقيم ذلك مع أن تكون تابعة لجزيرة أو إمارة أو طائفة أو جماعة، وأن تلك القيادة لا تتحقق إلا من خلال التصرف والتعامل بشخصيتنا الحقيقية، وفقاً لقيمنا الحضارية الأصيلة، التي قد لا يرضاها كهان الغبرة. ثم نبحث في مصادر ثروتنا وتفردنا. فنجد أولاً أن مصر موقعها العبقري يضعها في سرة العالم، وكأنها ميدان التحرير نفسه من القاهرة، تتلاقى في رحابها مسالك الشرق والغرب، ودروب الشمال والجنوب، وندرك أنه كما للموقع مزاياه المادية واللوجيستية، فهو يأتي مع تحدياته الحضارية، ويفرض التزامات أخلاقية وسلوكية، تجسدها الشخصية المصرية الأصيلة، في تسامحها وجنوحها للسلام والصداقة والانفتاح على كل عابر، بثقة الشجرة المتجذرة الأصيلة الراسخة التي لا يضيرها أن يستظل العابرون بأوراقها، وفي نفس الوقت امتلاك القوة الفائقة على محاورها المختلفة، التي تتناسب مع الأهمية الاستراتيجية الفائقة أيضاً لذلك الموقع. وعندما نقول القوة، فنحن نعني القوة الحامية الرادعة، التي تتوازن فيها القدرة العسكرية الدفاعية، مع مكونات القوة الناعمة - من مصالح مغزولة جيداً بضفائر اقتصادية وسياسية وثقافية وروحية واجتماعية مع الأمم والقوى الإقليمية والدولية، وإعلام مبدع مؤثر، يبث جوهر وروح الحضارة المصرية ويكتسب المؤيدين والأصدقاء بل والعشاق لمصر التي تستحق العشق، وأزهر يعود كمنارة لنشر الرؤية المصرية للإسلام الوسطي السمح الذي أحبه العالم، وكنيسة مصرية رائدة تشع الحب والإخاء، وجامعات وشركات ومنظمات أهلية، والمصريين أنفسهم الذين يساهمون في بناء الحضارة في الدول التي تستضيفهم، ويعملون كسفراء يقدمون المثل في تحضرهم عن مصر وحضارتها وشعبها، ويتوازن هذا كله مع علاقات دبلوماسية واتفاقيات سياسية واقتصادية تجسد الصداقة والمصالح المشتركة بيننا وبين العالم كله. لا تسلني أين كل هذا من اقتحام السفارات وخطاب التكفير والكراهية، بل سل الكهان الذين أتى من قبل ذكرهم. الخطوات التالية، هي تحديد باقي مميزاتنا الحضارية، وكيف نصنع حواراً مجتمعياً، تتمخض عنه الرؤية المأمولة، بحيث تخرج من رحم الأمة المصرية، لتحظى بالتوافق اللازم، وهذا حديث نتمنى أن نستكمله - نحن وغيرنا - في لقاءات قادمة بإذن الله. 

رؤية مصرية
مـصـر 2030 (2)
وائل نوارة

في 29 أغسطس عام 1897، اجتمع 197 شخصاً من قادة الحركة الصهيونية العالمية في بازل، ليعقدوا المؤتمر الصهيوني الأول. وجاءت توصيات ذلك المؤتمر بأهداف طموحة ومحددة، قام عليها "المشروع الصهيوني"، كان أهمها العمل على قيام وطن قومي لليهود في خلال خمسين عاماً، لوضع حد لاضطهاد اليهود في روسيا وأوروبا. وبعد المؤتمر كتب تيودور هرتزل: "في بازل، أسستُ (أي هرتزل) الدولة اليهودية". وفي 29 نوفمبر من عام 1947، صدر قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين لدولتين، دولة عربية، وأخرى يهودية، وفي 15 مايو 1948، أي بعد 51 عاماً من المؤتمر الصهيوني الأول، قامت دولة إسرائيل. كيف جاء هذا النجاح المذهل؟ دولة تنشأ من العدم في نصف قرن من مجرد إعلان تلك الفكرة الطموحة، على حساب السكان العرب الأصليين، لتصبح "فلسطين" أثراً بعد عين، فيطرد أهلها، ويصبحون لاجئين تتقاذفهم الأقدار؟

 في السنوات والعقود التي تلت المؤتمر الصهيوني الأول، عمل قادة المشروع الصهيوني في عدة محاور. ورغم وفاة هيرتزل في 1904، فقد استمرت الجهود الصهيونية بقيادة حاييم وايزمان، وهو كيميائي روسي المولد. ومن المثير أن وايزمان اكتشف تقنية لاستنباط الأسيتون الصناعي، وكان لهذا الاكتشاف دور هام في قيام دولة إسرائيل. فأثناء الحرب العالمية الأولى، ساعد وايزمان البريطانيين على تصنيع بارود المدافع بكميات ضخمة، باعتبار الأسيتون هو المكون الرئيسي لمادة الكرودايت، مما جعل البريطانيين يدعمون الطموحات الصهيونية، وحسب تعبير اللورد آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا "لقد اعتنقت الصهيونية على يد الأسيتون!". وجاء وعد بلفور في 2 نوفمبر من عام 1917، في خطاب إلى اللورد روتشيلد، يؤكد "أن حكومة جلالة الملك، تنظر بعين العطف للطموحات اليهودية بإقامة وطن قومي لليهود (وليس دولة) في فلسطين، على ألا يخل ذلك بحقوق السكان الأصليين". وقد جاءت قرارات مؤتمر سان ريمو وعصبة الأمم عام 1920 لتضع فلسطين والأردن تحت الانتداب البريطاني، وتؤكد وعد بلفور بإنشاء "وطن قومي" لليهود في فلسطين.

لماذا أذكر هذه القصة عن إسرائيل – رغم أننا نتحدث عن مصر 2030؟ ربما نرى أن هذا الحلم غير أخلاقي وغير مشروع لأنه يقوم على شقاء الآخرين، لكن هذه لا ينفي قوة الحلم تأثيراً في القلوب والعقول، وقدرة الرؤية على النفاذ من سحب وغيوم وعشوائيات الواقع، لترى بجلاء آفاق المستقبل. هذه القصة أيضاً توضح باختصار، أن الرؤية ليست مجرد مانشيتات وفرقعات إعلامية، أو خطب حماسية رنانة في مؤتمر، تتبخر وتتلاشى بإطفاء الأنوار وسكون الميكروفونات، وهنا تبرز أهمية وجود المشروع القومي، ليكون جسداً تعيش فيه الرؤية على أرض الواقع، جسداً تتقمصه الرؤية وتنمو معه إلى أن تتمدد فتملأ الفراغ الأيديولوجي والعاطفي، بثقافة وطريقة حياة يتبناها المجتمع، تتيح لهذه الرؤية أن تكون المرجعية في كل قرار سياسي واقتصادي، تعليمي وإعلامي، زراعي وصناعي، شخصي أو جماعي.

من الناحية الأخرى، هل إسرائيل اليوم – وهي دولة دينية بامتياز - دولة ناجحة، تصلح نموذجاً نقتدي به فنقوم نحن أيضاً بإنشاء دولة دينية مقابلة؟ أدعي أن الجواب هو النفي، إسرائيل رغم تقدمها الاقتصادي وتفوقها العسكري، لديها أزمة جوهرية في أساس وجودها الذي يقوم فقط على الديانة اليهودية، في أرض سكانها الأصليون من ديانات متعددة. كان من الممكن قيام دولة ديمقراطية ناجحة تقوم على المساواة بين المواطنين اليهود وغير اليهود، وترتكز على العدالة بين السكان الأصليين وترحب ببعض الوافدين دون أن يأتي هذا على حساب أصحاب الأرض. فليس من الممكن قيام ديمقراطية في دولة تميز بين مواطنيها على أساس الدين. وليس من الممكن أن تنعم دولة بالسلام والاستمرارية، إذا ما هي اعتمدت على استيراد أو تمكين مواطنين من ديانة ما، وتطفيش أصحاب الديانات الأخرى، أو شرعت لبعض مواطنيها من دين ما - اغتصاب أراضي وحقوق الباقين، أو الاعتداء على أصحاب الديانات الأخرى، والنجاة من العقاب بعد جلسة عرفية لتقبيل اللحى.

إذن ما هي شروط الحلم والرؤية الناجحة؟ وكيف نفرق بين الأحلام المشروعة والرؤى القومية من ناحية، وبين أضغاث الأحلام النرجسية التي يبتغي من خلالها فرد الزعامة وتنتهي عادة بكوابيس مروعة – من الناحية الأخرى؟ أو بين الرؤى  القومية التي تنبع من طبيعة الأرض والشعب، وبين شبق جماعة شوفونية أو عنصرية تستورد المذاهب المتطرفة، وتسعى للهيمنة والوصول للسلطة والجاه والمال، ولو على حساب تدمير الأساس الجيني لنسيج المجتمع؟

أدعي أن الأحلام القومية الناجحة في عصرنا هذا، تسعى في جوهرها لتحرير وتمكين الإنسان كأساس لتقدم المجتمع ليشارك ذلك المجتمع ككل في تقدم الإنسانية. أما الكوابيس العنصرية، فتقوم على دغدغة مشاعر الجماهير بفكرة تفوق دين أو عرق ما، وتسعى لتمكين زعيم مستبد أو جماعة فاشية، بدعوى أن الزعيم هو "أبو الأمة"، أو أن الأمة "مختارة"، أو أن الجماعة "ربانية" مكلفة بتنقية البلاد من الرجس، باستخدام ماء السماء الطهور الذي تنفرد به، لتغسل به نجاسات المجتمع وآثامه – والمقصود طبعاً هو الحصول على تفويض من الشعب بعد غسيل مخه، يستطيع به النظام الفاشي أن يمحي الاختلافات ويبيد المعارضة، بينما يقوم باختلاس إرادة الشعب وتجميعها في قبضة نظام سلطوي يتحكم في كل شيء في المجتمع، لشل قدرته على التغيير، حمايةً لنظام الاستبداد. يتم كل هذا تحت دعاوى دينية أو عرقية، تقصي شركاء الوطن من تعريف الأمة القومية بحجة أن الهوية الأساسية للوطن يجسدها دين أو عرق، يشطر العالم إلى جزئين – معنا وعلينا – يقسمه إلى جزء صالح طيب معنا – وجزء خبيث شرير أو كافر ضدنا، بحجة أننا مكلفون من الرب بنشر هذا الدين أو ذاك، وتحقيق الهيمنة العالمية، أو أستاذية العالم، وغيرها من ترهات عفا عليها الزمن، ولم تعد تناسب العالم الجديد.


استعادة التوازن
وائل نوارة

مصر 2030 (3):
تعتبر مصر هي الحضارة الوحيدة في العالم التي استطاعت أن تستمر على مدى أكثر من 5000 عام، متحدية التقلبات السياسية والاقتصادية والدينية والبيئية، بفضل وجود دورة طبيعية مستقرة إلى حد كبير لنهر النيل، تواءم معها المصريين واحترموها وطوروها دون أن يخلوا بتوازنها الطبيعي أساساً، فأقاموا عليها حضارتهم الزراعية، وفصَّلوا على دورة النهر مواسم الغرس والقلع والحصاد، وتقويم قياس الزمن، والمواسم الدينية والاجتماعية، والقصص والأساطير والعبر الأخلاقية والروحية، ووحدات قياس منسوب المياه ومساحة الأرض وحجم المحصول، والعلوم والتقنيات والنظم والأسواق والمباني والصوامع المرتبطة بهذا كله والمكملة له. وأضاف المصريون على المجرى الرئيسي شبكة فعالة متعددة المستويات من الترع والقنوات والمساقي على هامش النيل في الوادي والدلتا، دون أن يغيروا في دورة النهر الطبيعية نفسها. ولعل الأسلوب المبني على المشاهدة والمعايشة والتجربة الطويلة للطبيعة، الذي احترم تجليات هذه الطبيعة وما حفرته في الأرض والإنسان عبر الزمن بقرونه وألفياته الطوال، هو السر وراء صمود حضارة المصريين الزراعية في دولتهم الموازية لكل دولة أو سلطان. تتابعت الأسر الملكية عبر ثلاثة أو أربعة آلاف عاما على الأقل، ثم تعاقب الغزاة الأجانب وتغير الحكام والسلاطين والولاة المستبدين غلاظ القلوب، وضربت الأوبئة والأمراض والطواعين واللعنات ضرباتها القاسية، وظلت مصر كما هي. قد يقول قائل بقيت مصر تتحدى الزمن – ولكنني أقول – بقيت مصر تحترم الزمن والطبيعة والتوازن الذي هو قانون هذه الطبيعة، وتشتق منهم حكمتها وفلسفتها المصرية الخالصة، التي أطلقت عليها في فجر التاريخ نظام "ماعـت".

وخلال القرنين الماضيين، تعاقب على مصر حكام طموحين، أرادوا أن تحذو مصر حذو باقي دول العالم في سباق "المدنية"، وبدأوا يخرجون على الأساليب القديمة، ويغيرون في طبيعة دورة النهر وطريقة الحياة، والعادات والتقاليد المصرية القديمة، وحتى المعاصرة لم تنج من هجوم ماكر، حينما جاء آخرون متخمين بريالات نفطية، وبدأوا يحاولون أن يتلاعبوا في الجينات الثقافية المصرية، بفيروسات عدة يستنشقها المصريون إجباراً في الإعلام والتعليم والمؤسسات الدينية وقنوات التكفير الفضائية! وليس هدفنا هنا أن نشير بأصابع اللوم أو نطلق الأحكام على أي شخص أو جماعة، لكن لن نستطيع سوى أن نلاحظ بعض المشاهدات، التي تشير إلى حدوث خلل جسيم في طريقة الحياة المصرية، بدأ يظهر بوضوح خلال الأربعين عاماً الماضية، حيث بدأنا لأول مرة نسمع عن أزمات ومواجهات طائفية في السبعينيات، واليوم لا يمر إسبوع إلا وهناك حادث طائفي يضرب نسيج الأمة المصرية التي وحدها النهر منذ آلاف السنين.

في نفس الفترة، تضاعف عدد السكان في مصر 3 مرات، من حوالي 33 مليون عام 1970 – إلى ما يقرب من 89 مليون هذا العام. في نفس الوقت، بقيت حصة مصر من مياه النهر كما هي – بل استجدت عليها مخاطر ونزاعات مع أثيوبيا، منبع النيل الأزرق الذي يشكل الجزء الأعظم من موارد النيل المائية. أما مساحة الأرض المزروعة، فزادت بنسبة حوالي 50% من 6 مليون فدان إلى حوالي 9 مليون فدان. واليوم نصيب الفرد في مصر من المياه يصل إلى حوالي 700 متر مكعب ونصيبه من الأرض المزروعة حوالي واحد على عشرة من الفدان بعد أن كان حوالي واحد على خمسة من الفدان عام 1970!

إذا أخذنا قرية متوسطة من قرى مصر،  كان عدد سكانها عام 1970، حوالي ثلاثة آلاف نسمة، اليوم عدد سكانها رغم نزوح الآلاف للمدن حوالي 7000 نسمة. القرية زحف كردون البناء فيها قليلاً وتغول على الأرض الزراعية، رغم قوانين حظر البناء عليها، لكن في النهاية، البيوت القديمة تم تقسيمها عدة مرات على أبناء ثم أحفاد الأسرة الواحدة، والمنزل الذي كان يحتضن أسرة كريمة، يضم اليوم ثلاث أسر زحيمة. ارتفعت المباني العشوائية بطوب أحمر وعواميد أسمنتية قبيحة، وأسياخ ممدودة تنتظر الفرج أو تستعد لحمل أدوار إضافية لتتسع لمزيد من الأبناء والأحفاد. الأسرة التي كانت تمتلك قطعة أرض مساحتها 5 فدادين، تفتت قطعة الأرض على 4 أبناء ثم 10 أحفاد فأصبح نصيب كل فرد عدة قراريط، غالباً يبيعها أو يبني عليها. هناك مؤامرة دولية على الزراعة التقليدية والمواد الخام في العالم، تجعل من المستحيل تحقيق أي عائد تجاري من مزرعة تقل مساحتها عن آلاف الأفدنة وتستخدم الآلات الزراعية بكثافة. أما الزراعة التقليدية، فإنتاجية الفدان لا تزيد عن ألفي جنيها في أفضل الظروف. عبر 50 سنة، شبكة الطرق في الدلتا زادت بنسبة حوالي 50% رغم أن عدد السكان تضاعف 3 مرات ونصف وعدد السيارات تضاعف عشرات المرات، وبالتالي اختنقت شرايين الدلتا واختنقت فرص التنمية الصناعية والخدمية فيها. مع اغتيال الفرصة الاقتصادية في الزراعة وانغماس المجتمع في تقديس الموظف الحكومي والمكتبي، وتكدس الجامعات الإقليمية بطلاب وخريجين لدراسات لا يحتاجها سوق العمل، هاجر الملايين للمدينة، واضطروا لأن يعيشوا على أطرافها في "مخيمات" العشوائيات التي تمددت لتحيط بحزام سميك حول كل مدينة في مصر.

الأحياء المتوسطة أو حتى "الراقية" حيث سعر الشقة يتجاوز المليون جنيه، عبارة عن امتداد للعشوائيات. غابات أسمنتية. عمارات متوسط ارتفاعها 10 أو 12 دور رغم أن تصميم المنطقة ومرافقها كان مخططاً له ألا تزيد ارتفاعات المباني فيها عن 4 أو 5 أدوار. نصيبنا من الغاز لم يعد يكفي احتياجاتنا وبدأنا نشتري نصيب الشريك الأجنبي دون أن نسدد له، فبدأ يمتنع عن التوريد. في وسط 90 مليون، أكيد هناك ملايين من المحظوظين يعملون في مؤسسات أجنبية أو بنوك أو شركات خاصة في الداخل أو الخارج، قدرة شرائية واستهلاك ما شاء الله، سيارات وتكييفات وموبايلات وضغط على الأسواق وعلى الطاقة وترتفع الأسعار فتزداد معاناة الشخص العادي، كما تزداد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فيتم قطع الكهرباء عن المناطق السكنية في ورديات تبادلية.
بعد كل هذا الحديث المؤسف، هل تشعر باختناق وجلطة في الشرايين؟ هذا بالضبط ما تعاني منه مصر اليوم. شرايين وطرق ومدن ضيقة أو مسدودة، وبالتالي سريان القيمة المضافة والفرصة الاقتصادية مخنوق. الناس على بعضها لا يتزاحمون فقط على مكان في طابور الخبز أو البوتجاز أو المدرسة أو الجامعة أو سوق العمل أو الشارع، لكنهم فعليا يتزاحمون على موطئ قدم في الوادي المكتظ والدلتا المخنوقة.

السكان في الأصل ثروة بشرية لمصر. المشكلة إذن لا تكمن في زيادة السكان، بل في افتقاد التوازن بين حجم بعض الأسر ودخلها، وبين ازدحام مناطق بعينها بالسكان، أو تكدس السكان في قرى مكتظة ومناطق عشوائية تفتقر إلى الخدمات الأساسية التي تسمح بالحياة الكريمة، بينما هناك ظهير صحراوي بطول الوادي وعلى جانبي الدلتا، علاوة على وديان بديلة قديمة وحديثة، ومناطق شاسعة يمكن إقامة المجتمعات العمرانية عليها بصورة حضارية متكاملة. المشكلة هي في انعدام الرؤية وانسداد شرايين الإبداع والفكر والإنتاج والعمل في مصر، مع انفصام قومي بين التعليم والأسواق، واجتهاد الدولة في خنق الفرص الاقتصادية بصور متعددة. كيف نستعيد التوازن؟



دفاعاً عن تراثنا المصري (القبطي) - بيومي قنديل #مصرتتذكر #EgyptRemembers

Friday, July 11, 2014

GAIA Extended to Economics and Politics

From Wikipedia:
http://en.wikipedia.org/wiki/Gaia_hypothesis

The Gaia hypothesis, also known as Gaia theory or Gaia principle, proposes that organisms interact with their inorganic surroundings on Earth to form a self-regulatingcomplex system that contributes to maintaining the conditions for life on the planet. Topics of interest include how the biosphere and the evolution of life forms affect the stability of global temperatureocean salinityoxygen in the atmosphere and other environmental variables that affect the habitability of Earth.

Comment:

A possible Extension of GAIA Hypothesis may regard our political, economic, cultural, social and technological sub-systems as a part of the system. When one of these sub-systems contribute to the violation of the natural balance in a significant way, the action or behavior upsetting the balance will be "resisted" by the system as a whole since it decreases the likelihood of the system's survival - and vice verse. 

Even morality can be seen as principles, values, attitudes and behaviors which emerged (will emerge) as "favorable" to the survival of the holistic system.



How Many Homes do we have to Build - in the Course of One Life-time? -- A Gazan Song

For Gazan Children

In the Course

of One Life-time

By:
Wael Nawara


.
.
.

how many homes
do we have to build
in the course of one life-time?

how many children
that will have to be killed
before we think it's a crime?

how many people
that will have to die
before we even try?


angry army soldiers sweeping over town in heavy boots
knocking down the doors
crowded ugly cemeteries getting fuller by the day
thirsty yet for more


yet you tell me Christmas time is here
and you dare to even call me dear


lonely men are flying hot balloons around a hot balloon
angry they had to pause
cruise missiles are landing near what used to be our home, real soon
only just because

yet you tell me that love is here
and ask me not to fear



i will only ask you this
i shall have to ask you this

how many homes do we have to build
in the course of one life-time?

.
.
.
.


© Wael Nawara

From:
Diaries of an Olive Tree

Friday, May 02, 2014

من يشكر سعيهم

ما رأى مـنهم خيراً  ليـشـكر سـعيـهم :: يا ليتهم كالوا المديح قبل الرحيل

لن يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم :: فالذي في القبر لا يصغي إلى العويل

...

Credits

البيت الثاني 

لن يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم :: فالذي في القبر لا يصغي إلى العويل

لشاعر عبقري (وجودي) مصري (لا نعرف اسمه حتى الآن) - عاش في زمن الدولة الوسطى 
والمدهش أن شكسبير في هاملت استخدم تقريباً بالحرف بعض من هذه الأبيات (حول الموت - الأرض التي لم يعد منها مسافر) ولعل هذا كنتيجة لأن هذه الأفكار تواترت في الضمير الإنساني للعديد من الشعوب

circa 2000-1650 B.C.

See this Post

الواقعية والنضوج الفلسفي 

في الدولة الوسطى


http://weekite.blogspot.com/2012/06/blog-post_9745.html

ملامح وجودية في شعر الدولة الوسطى 2030-1640 ق.م.


الواقعية والنضوج الفلسفي 

في الدولة الوسطى


لا شك أن الدولة الوسطى، قد شهدت نوعاً من أنواع الواقعية، بعد الرومانسية المفرطة – وليدة الاستقرار والعزلة والوفرة - التي رأيناها في الدولة القديمة، فعندما انفرط عقد الدولة القديمة، ودخلت البلاد في حالة مؤسفة من الفوضى لحوالي قرن من الزمان، ترك هذا آثاره على الفيلسوف المصري. ويقال أن الإنسان لا يخرج من مرحلة الطفولة حتى يتوفي أحد والديه، أو يشهد موت أحد الأعزاء عليه، ولعل مصر لم تدخل في مرحلة النضج الفلسفي إلا بعد أن رأت أهوال الفوضى، وبدا واضحاً لأول مرة أن ماعت لن تنزل من عليائها لتجعل حلم مجتمع العدالة والقانون في حكم الواقع، بل أضحى على أبناء مصر أنفسهم أن يعملوا على تحقيقه باحترام القانون ونظام ماعت الذي وفر لهم تلك الحياة الكريمة لأكثر من ألف عام قبل انفراط عقد الدولة القديمة.

ومن المذهل أن تنعكس مثل هذه العوامل على الفيلسوف المصري في تلك المرحلة المبكرة جداً في تاريخ الحضارة، فنجد تأملات فلسفية عميقة عن الوجود تسبق رباعيات عمر الخيام بحوالي 3200 عام، بنظرة متمحصة ونقدية للحكمة السائدة وقتذاك عن الحياة والموت، وجدوى الأهرامات والمقابر والطقوس الكثيرة المحيطة بالموت، تأملات الهدف منها هو الاحتفال بالحياة، قبل فوات الأوان، وكل هذا في مرحلة مبكرة جداً، حيث نجد هذه الأنشودة فوق جدار قبر أحد ملوك الأسرة الحادية عشرة:

ما أسعد هذا الأمير الطيب
إن المقدر الجميل قد وقع
وتذهب الأجيال من الناس
وتبقى أخرى
منذ عهد الذين من قبلنا
والآلهة الذين وجدوا في غابر الأزمان
والذين يرقدون في أهرامهم

وكذلك الأشراف والمبجلون قد رحلوا
ودفنوا في أهرامهم
وأولئك الذين بنوا مزارات لقبورهم
فإن أماكنهم أصبحت كأنها لم تكن

تأمل ماذا جرى فيها
لقد سمعت أحاديث أمحتب وحردادف
وهي كلمات لها شهرة عظيمة مثل أقوالهم
تأمل مساكنهم هناك
فإن جدرانها قد هدمت
وأماكنها قد أصبحت لا وجود لها
كأنها لم تكن قد وجدت قط

ولم يأت أحد من هنالك
ليحدثنا كيف حالهم
وليخبرنا عن حظوظهم
لتطمئن قلوبنا
إلى أن نرحل نحن أيضاً
إلى المكان الذي رحلوا إليه

شجع فؤادك على أن ينسى ذلك
ولتسر باتباع رغباتك
وأنت على قيد الحياة
وضع العطور على رأسك
وارتد ملابس من الكتان الرقيق
وضمخها بالعطور العجيبة
وهي أشياء الإله الأصيلة (!)

وزد كثيراً في مسراتك
ولا تجعلن قلبك يبتئس
واتبع ما تشتهي وما يطيب لك
وهيئ شئونك على الأرض
حسبما يمليه عليه قلبك
إلى أن يأتي يوم مغيبك

حينما لا يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم
ولا الذي في القبر يصغي للعويل

اغتنم التمتع باليوم السعيد
ولا تجهدن نفسك فيه
اصغ! لم يأخذ إنسان متاعه معه
ولم يعد إنسان ثانية ممن رحلوا إلى هناك

كلما قرأت البيتين "حينما لا يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم، ولا الذي في القبر يصغي للعويل"، تصيبني رعشة، من روعة التعبير السهل الممتنع والذي يهزك هزاً شديداً، أما خاتمة القصيدة " لم يأخذ إنسان متاعه معه ... ولم يعد إنسان ثانية ممن رحلوا إلى هناك"، فهي تلخص حكمة الحياة والموت في كلمات معدودات، مثلما نقول الآن "الكفن مالوش جيوب"، كما استخدم شكسبير [1] وآخرون نفس الجملة تقريباً بعد حوالي 3500 عاماً من صياغتها على لسان الشاعر المصري المجهول.


[1] Shakespeare: "That undiscovered country from whose bourn no traveler returns."





هذه المقتطفات من كتاب
مصر تبحث عن نفسها
وائل نوارة

#EgyptRemembers



 الأبيات الشعرية من 
كتاب 
فجر الضمير
تأليف جيمس برستيد
ترجمة سليم حسن

On the Virtues of Postponing Praise


ما رأى مـنهم خيراً  ليـشـكر سـعيـهم :: يا ليتهم كالوا المديح قبل الرحيل

لن يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم :: فالذي في القبر لا يصغي للعويل

...

Credits

البيت الثاني 

لن يسمع صاحب القلب الساكن نعيهم :: فالذي في القبر لا يصغي للعويل

لشاعر عبقري (وجودي) مصري (لا نعرف اسمه حتى الآن) - عاش في زمن الدولة الوسطى 
والمدهش أن شكسبير في هاملت استخدم تقريباً بالحرف بعض من هذه الأبيات (حول الموت - الأرض التي لم يعد منها مسافر) ولعل هذا كنتيجة لأن هذه الأفكار تواترت في الضمير الإنساني للعديد من الشعوب

circa 2000-1650 B.C.

See this Post

الواقعية والنضوج الفلسفي 

في الدولة الوسطى


http://weekite.blogspot.com/2012/06/blog-post_9745.html



Saturday, April 12, 2014

The Essence of Aloneness


Those busy pointing the finger at "defectors" 

instead of attracting supporters & allies 

may end up alone 

on their own hill of 

false moral 

superiority

Friday, February 14, 2014

Face the Ancestors: Fayum Portraits ... #EgyptRemembers

#EgyptRemembers

FACE the Ancestors:

............ Fayum Portraits


By

Wael Nawara





Artistic Discontinuity


Humanity has witnessed a sad interruption in the progress of human sciences and arts starting around the forth century A.D. This gap of almost a thousand years mainly started as a result of the restrictive nature of the Roman or Byzantine Empire which ruled much of the world in the middle ages. By the 3rd Century A.D., man was standing on the verge of unlocking the great mysteries of the universe surrounding him. Greco-Egyptian scientists in Alexandria had theorized significant scientific frameworks to mathematics, geometry, physics and astronomy. Philosophy, art, literature, drama and religion had also reached new heights with the marriage of Greek philosophy and the vast body of Egyptian knowledge accumulated and stored by Egyptian monks and scholars over 4,000 years of tedious progress on the banks of the Nile.

The Fayum portraits stand witness to the validity of the artistic side of this argument. The Fayum portraits date back to 1st to 3rd Centuries A.D. They represent a development of the Egyptian funerary tradition which had manifested itself before in wall carvings, masks, ornaments and artifacts found in tombs of ancient Egyptians. But the portraits are so advanced in their artistic style, that can only be compared to paintings of the masters who came 1,500 years later! ''It is not until 15 centuries later, in the faces painted by Titian or Rembrandt's depiction of his own features as he saw them reflected in the mirror, that the same artistry that characterizes many of the anonymous painters of the Fayum is witnessed again,'' Euphrosyne C. Doxiadis, a Greek artist and author of ''The Mysterious Fayum Portraits,'' wrote in an essay in the catalogue accompanying an international show for the Mummy Portraits titled ''Ancient Faces'' in 1997. So, how, when and why did the art of painting stood still, indeed seemed to be "forgotten"?



Sinful Art


I believe that it had to do with restrictive and fanatic religious beliefs of monotheistic religions which soon swept the Middle East, indeed the world, coming out of the Middle East. At first it was the Roman or Byzantine Empire which employed Christianity probably as the only "official religion of the Empire". In 391, Christian Emperor Theodosius I ordered the destruction of all pagan temples, and the Christian Patriarch Theophilus of Alexandria complied with this request.

Socrates Scholasticus provides the following account of the destruction of the temples in Alexandria in the fifth book of his Historia Ecclesiastica, written around 440:

" At the solicitation of Theophilus, Bishop of Alexandria, the Emperor issued an order at this time for the demolition of the heathen temples in that city; commanding also that it should be put in execution under the direction of Theophilus. Seizing this opportunity, Theophilus exerted himself to the utmost to expose the pagan mysteries to contempt."














Colorless Centuries


The effect of this decree which banned the building of temples and the carving of images and sacred hieroglyphs was catastrophic on Egyptian arts which until that moment were connected to Egyptian religions and related rituals. The new religion came with its own set of rituals relating to death restricting Egyptian funerary traditions. The religious hysteria also had some serious implications on the progress of science and arts. Hypatia of Alexandria, daughter of the philosopher Theon, who made such attainments in Mathematics, Philosophy and science, was assassinated by an angry Christian mob. One day in March 415CE, during the season of Lent, her chariot was waylaid on her route home by a Christian mob. She was stripped naked and dragged through the streets to the newly Christianized Caesareum church and killed. Some reports suggest she was flayed with oyster shells and burned.

Islamic rulers, who governed Egypt soon after the Arab invasion in 639-641 A.D. also took a hostile attitude towards painting of human and animal images. This is why Islamic arts widely employed plants and geometrical shapes, avoiding depiction of human faces and figures to avoid revival of the worship of idols. The world was well into the dark ages. Almost ten colorless centuries had to pass before such art could be revived during the renaissance.


Resurrection of the Last Painter


How did the "last painter" feel, knowing that there are no more apprentices to carry forward this artistic tradition? I can only begin to imagine the tremendous grief of this last talented man, knowing that with his death, his craftsmanship will soon be forgotten. But with the discovery of Fayum Portraits, these painters were summoned from the death and given a new life. The world today recognizes their art and talent some 1,600 years after their death and celebrates their works in major museums around the world. And after centuries of forgetfulness and artistic amnesia, we now pay tribute to those anonymous artists and salute their craft. The works of their "sinful" brushes are now "sacred" artifacts to many art lovers around the world.



The Artists


Back to painters of Fayum Portraits, there has been some controversy on the identity of the artists. Some researchers believe that those artists were Greco-Romans. This is somehow, in my opinion due to racial bias of the historians of the 19th and 20th centuries who adopted a Euro-centrist approach to the origins of classical civilizations and culture. Martin Bernal, in his trilogy, "Black Athena", which might just as well have been titled "Egyptian Athena", describes this bias and ascertains that much of the achievements of these classical civilizations should be credited to the Ancient Egyptians and People of the Levant. Why would Greco-Roman artists be found in such abundance in Fayum of all places? It only makes sense that these artists were Egyptian, and that their art is the natural progress of Egyptian arts depicted on the walls of tombs and temples for several thousands of years.







The Faces


Not only did the painters were Greco-Romans, some historians claim that the persons, the deceased depicted in those portraits also represent Greek settlers in Egypt. Those historians provide their theory that "It is estimated that as much as 30 percent of the population of Fayum was Greek during the Ptolemaic period, with the rest being native Egyptians." But, why would Greeks be concentrated in Fayum of all places, and why would they adopt these funerary traditions evidently Egyptian in origin and spirit? Examining the faces, they appear to be typically Egyptian, faces you would still see today walking the streets of towns and villages of Egypt.

Mummy portraits have been found in all parts of Egypt, but they are especially common in the Fayum area, particularly from Hawara and Antinoopolis and this is why they acquired this common name. "Fayum Portraits" should, therefore, be thought of as a stylistic, rather than a geographic, description [3].


The evidence, however, shows that when the dental morphology [1] of the Roman-period Fayum mummies was compared with that of earlier Egyptian populations, it was found to be "much more closely akin" to that of dynastic Egyptians than to Greeks or other European populations. So much for the subjects of these portraits being Greek! One can start to question the alleged Greek identity of the painters as well!


The Art


In an attempt to downplay the artistic value of these portraits, some analysts suggest that the Portraits were sort of mass produced. That they followed some sort of repetitive "templates" which the artists adapted to the specific faces of the subjects. Although there exists common features between certain portraits, many of the Fayum Portraits discovered, however, show unique captivating features which strike you with the depth of the Character of each person. We cannot imagine how this could have been possible using such mass-production techniques. And even if in some cases such mass-production techniques were used, it can only take place when art is well-developed on the hands of Masters, such that less famous painters can imitate and mass-produce such authentic and genuine artistic advances. But according to Walker [2], "C.A.T. scans of all the complete mummies represented reveal a correspondence of age and, in suitable cases, sex between mummy and image, confirming that the paintings were made at the time of death. In addition, some portraits were painted directly onto the coffin; for example, on a shroud or another part." This further shows that the portraits were in fact individually painted and limits the validity of the mass-production claims.

The dry weather of Egypt undoubtedly helped these paintings to survive centuries of neglect such that we can see them today almost intact and in such excellent condition which allows us to appreciate the art and beauty of these works. Together with the surviving frescoes and objects from Pompeii and Herculaneum, and tomb frescoes in Macedonia, Fayum portraits are the best preserved paintings from ancient times and are renowned for their remarkable naturalism.

Many museums around the world have fine examples of Fayum mummy portraits on display, notably the British Museum, the Royal Museum of Scotland, the Metropolitan Museum of Art in New York and the Louvre in Paris.

Oblivious


So, why then are these portraits not famous? How come we never heard about them before in Egypt? I believe that religious sentiments prevented these masterpieces from becoming local heroes at home and subsequently worldwide. The Portraits date back to what is known in Egypt as the "Coptic Period", to approximately mean the time when Egypt was predominantly Christian. This period is viewed with hostility by the authorities which prefer to connect Egypt more with its Islamic, rather than Christian heritage. But this is quite unfair for a number of reasons. First, we have not seen any Christian icons or symbols worn by the subjects. These portraits date back to the period between 1st and 3rd Centuries A.D. Egypt was then divided between old religions such as the Isis Cult, Hermetic traditions, Gnosticism and Christianity. And because of the funerary traditions observed in the mummies, it is unlikely that the subjects were indeed Christians. In fact, the title "Coptic" simply means Egyptian, derived from the Greek word describing Egypt "aiguptios", a word then modified by the Arabs to "Copts" which they used to refer to native Egyptians. On the other hand, until when can we ignore this "Coptic" period? We believe it is time Egyptians make peace with their past in its entirety.



Face the Ancestors


So, here they are, faces of the Ancestors, looking at us from centuries long-past, they are denied their Egyptian Identities by the Europeans, and denied resurrection by their own countrymen. But we believe that they deserve resurrection. They deserve recognition. And if we owe the living respect, we owe nothing to the dead but the truth.



*********************************************************

Wael Nawara

First Published in Turath Magazine

*********************************************************







This Video shows the repetitive faces in question where common features suggest mass-production. 
I have no doubt that some form of imitation or mass-production did exist,
but it would not have been possible without the existence of genuine masters.

Also, See This Video


*********************************************************







********************************************

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook