هناك قواعد ومعايير دولية متعارَفا عليها تحكم عمل المراحل الانتقالية، وهى المراحل التى تقوم فيها الدول بالانتقال من نظام شمولى إلى نظام ديمقراطى.
والمراحل الانتقالية لا بد أن يكون لها ضمانات معينة وتختلف عن الوضع العادى، فى أن المراحل الانتقالية تشهد بناء المؤسسات التى تحقق التحول الديمقراطى، أى وضع قواعد اللعبة السياسية، فإذا انفرد بها طرف منافس -مثل الحادث الآن- فبطبيعة الأمور ستميل أرض الملعب ناحيته، وستأتى قواعد اللعبة لصالحه فتفسد ما يأتى من تنافس، ولذلك فالمراحل الانتقالية تحتاج إلى توافق من جميع أو معظم اللاعبين والمجتمع بضمانات محددة، أولها أن تتعهد السلطة الانتقالية بالوقوف بقوة ضد هيمنة تيار واحد على كتابة الدستور، ويمكن أن تقوم بتشكيل مجلس تشريعى مؤقت، يكون متوازنا فى تمثيله ولا يهيمن عليه أى تيار، ويمكن أن يستدل بأقرب مرجعية لتمثيل القوى السياسية من نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية حيث اقتسمت أصوات المصريين تيارات متعددة لم يحصل أى منها على أكثر من ربع أو ثلث الأصوات، حتى لا ينفرد تيار بالسيطرة.
الهدف هو ضمان ألا يقوم أي فصيل أو تيار بتفصيل قواعد العملية السياسية لصالح فريقه، مما يهدم تنافسية العملية السياسية وتكافؤ الفرص وقد يؤدى مهما حسنت النية إلى نظام استبدادى فاشى.
والمعتاد فى الظروف المماثلة، أن من يشرف على المرحلة الانتقالية وكتابة الدستور يُحرَم من الترشح فى الانتخابات التالية، فى ليبيا مثلا تَعهَّد أعضاء المجلس الانتقالى بأنهم لن يترشحوا فى الانتخابات التالية، وهناك ضمانات أخرى هامة لإصلاح النظام الانتخابى ليميل ناحية الأحزاب المتوسطة والصغيرة، لا الكبيرة، بإلغاء التحيز الموجود حاليا، حيث تذهب بواقى الأصوات الآن للأحزاب الكبيرة على حساب الصغيرة، وتفعيل القوانين المنسية التى تحدد سقف الإنفاق الانتخابى.
كما يجب تشكيل هيئة مستقلة من المهنيين والكتاب والمثقفين للإشراف على الإعلام المملوك للدولة وإلغاء وزارة الإعلام، مع الحفاظ على استقلالية القضاء بصورة دستورية وقانونية، والالتزام بحجية المحكمة الدستورية العليا كحكم بين السلطات بعد المرحلة الانتقالية.
ولعل أهم هذه الضمانات هو تقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين لضمان شفافية مواردها وإدارتها، والفصل بينها وبين حزب الحرية والعدالة، مع تجريم قيام أى حزب أو جماعة بتسييس أو اختراق أجهزة الأمن القومى مثل الجيش والشرطة والمخابرات والأمن الوطنى، إلخ، حتى تبقى هذه الأجهزة محترفة ومهنية، ولاؤها الأول والأخير للوطن وللشرعية الدستورية وسيادة الشعب، وليس لصالح أى تيار سياسى.
لابد أن نضع الضمانات التى تكفل أن لا يعود الماضى السلطوى بأى صورة.