عزيزي ح خ
أنا الآن في سان دييجو – كليفورنيا – الأربعاء – 21 يونيو 2006 - الساعة الآن 4:17 ص
لقد حلمت أغرب وأطول حلم في حياتي واستيقظت على الفور ورغبت في أن أسجله علماً بأنني لا أتذكر أبداً الأحلام أو أكتبها، ومن الغريب أنني استيقظت ورغبت في أن أكتب هذا الحلم لك - لأنك كنت معي طوال الحلم من البداية وإلى النهاية.
أحد أصدقائك كان يريد أن يفتح مصنع أحذية من الجلد الطبيعي وعلى أعلى مستوى – وكلفك وأنا معك أن نقوم سوياً بدراسة تسويقية لنساعده لأنه كان يريد إنتاج أحذية بوت برقبة وبدون رباط – من الجلد طبيعي - عالية الجودة مثل الأحذية التي يرتديها الضباط – وليس العساكر- في الجيش أو العاملون في شركات البترول.
وبعد أن انتهينا من الدراسة حملت أنت صندوق أو صندوقين من الأوراق – مسودة الدراسة - وذهبنا لهذا الصديق
في منطقة قرب تقاطع الأزهر وش بورسعيد – قبل ميدان باب الشعرية – مبنى فاطمي قديم يطل على ساحة وصعدنا ووقفنا في الشرفة نشرح لهذا الشخص نتائج الدراسة. واستندت أنت على سور الشرفة ولكن السور المتهالك تهاوى وانهار فوقعت أنت من الدور الثاني أو الثالث إلى الشارع ونظرت أنا وكلي خوف وتمنيت أن أموت قبل أن أراك يحدث لك أذى لأنني شعرت أنني مسئول بصورة أو أخرى عما قد يحدث لك من ضرر ولكنك وقعت على عربة زبالة بها مقطف كبير ولم تصب بسوء ولكن بالطبع اتسخت من القاذورات. واحترت أنا في النزول لأنني لم أجد سوى سلم رأسي عبارة عن مجموعة من الخوص الحديد على شكل حرف U – مجرد زوايا حديد مثبتة في حائط المبنى وأول درجة بعيدة عن الشرفة وخشيت أن تكون متهالكة مثل السور ولكنني نزلت على كل حال.
ثم قابلت صديقنا الخبير الاسترايتيجي الدكتور مهندس م ح وتكلم معي لمدة طويلة وكان حديثه مليئاً باللوم لأننا لم نقم بالدراسة بشكل علمي واحترافي سليم – فنحن مثلاً لم نحدد حجم السوق وما هو حجم الإنتاج الذي ننصح به - كما استغرقنا مدة طويلة في الدراسة بصورة يبدو فيها التراخي - ولكن ضميري كان مستريحاً وشرحت له التالي:
- أن طلب الدراسة جاءني في فترة كنت فيها مشغولاً جداً بانتخابات الرئاسة ثم مجلس الشعب في 2005 وأنني شرحت هذا للعميل ولكنه أصر على أن أقوم أنا وأنت بعمل الدراسة وأعتقد أنك أنت بدأت بالفعل على الفور في إجراء الدراسة وتبعتك أنا فور أن فرغت من تلك المشاغل وأن الدراسة تمت بالشكل المطلوب
- أن حجم السوق لم يكن هو المطلوب – بل كان المطلوب هو تحديد مواصفات موديلان فقط وتحديد التصميمات والجودة التي تتناسب مع تطلعات وذوق المستهلكين بالمواصفات الأوروبية والعالمية حتى يعطي الانطباع للعميل بأن المنتج يقارب المنتج المستورد في جودته
بعد أن اطمئن قلبنا عليك وقمنا بالفحوصات في المستشفى وظهر أنك سليم من الوقعة ولم تصب بخدش واحد، وقلت لك بمزاح "سبحان الله والحمد لله – لقد أنقذتك الزبالة" عدنا أنا وأنت إلى الساحة نبحث عن الأوراق التي تطايرت من الصناديق ومن حسن الحظ أن الساحة شبه مغلقة من 3 نواح بالمباني القديمة والناحية الرابعة بها سور من الأعمدة الحديد وبينها فتحات سمحت بتطاير بعض الأوراق خارج الساحة ولكن معظم الأوراق كان يتطاير داخل الساحة فأمسكنا به وجمعنا معظمه وأثناء الجمع لاحظت أن إحدى الأوراق كانت تتحدث عن كمية الإنتاج وتربطها بحجم الطلبيات لعدة عملاء تجزئة على أساس أن الطلبية لابد في الحد الأدنى أن تحتوي على مجموعة من المقاسات المختلفة كما أن حجم الإنتاج في المصنع صغير في البداية ويكفي بالكاد لهذه الكميات – فاستراح قلبي أكثر وأدركت أننا قمنا بالدراسة بشكل سليم.
وفجأة حان موعد الصلاة – واحترت داخلياً هل أصلي معكم أم لا - نظراً لأنني غير مواظب على الصلاة أصلاً ولكنني وجدت نفسي الإمام لمجموعة ليست كبيرة – ربما صفين من المصلين من أهالي المنطقة – وتعجبت أن أقوم أنا بالإمامة وهناك من هو أفضل وأقدر مني على أدائها ولكن ما باليد حيلة – وتمنيت من الله ألا يحرجني وسط هؤلاء الناس وأن يعينني على أن أتم هذه الصلاة بسرعة وبدون مشاكل نظراً لأنني بطيء في الصلاة بصفة عامة.
وأقمت الصلاة بترديد الأذان أولاً وحاولت أن يكون صوتي جميلاً وأن أقلد المؤذنين المشهورين – ولكن الأذان جاء بسيطاً وواضحاً. بدأت الفاتحة – وبدأتها بصوت جهوري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – بسم الله الرحمن الرحيم – الحمد لله رب العالمين ... وأثناء قراءة الفاتحة تعجبت من نفسي لأنني عادة أسمع الإمام يبدأ بقول: الحمد لله رب العالمين ولا تسمعه يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – بسم الله الرحمن الرحيم.
وأثناء قراءة الفاتحة حاولت مرة أخرى أن يكون صوتي جميلاً وخاشعاً ومؤثراً ونجحت تدريجياً آية بعد آية أن أحسن من صوتي وفهمي للمعاني أثناء القراءة. وعندما وصلت إلى ... ولا الضالين ... - سمعت صوتاً مدوياً من مجموعة كبيرة يقولون ... آمين - وسمعت صوتي معهم وأنا أقول آمين وكان الصدى كبيراً – وخشيت أن أنظر إلى الخلف لأعرف حجم المصلين حتى لا تفسد صلاتي وصلاة من خلفي.
ولكن موقعي في الساحة في الأمام كان على حرف الرصيف – وكان قالب أسمنتي رفيع متآكل وبه ظلط - ولابد أن أبذل مجهوداً كبيراً حتى أحتفظ بتوازني وأنا مضطر للوقوف فوقه وأكاد أن أقع طوال الوقت.
وبعد أن قالوا آمين اختل توازني للحظة فوقعت عن الرصيف على ركبتي في الشارع وظن من خلفي أنني أنوي الركوع قبل قراءة الآيات التي تلي الفاتحة – وتصاعدت الأصوات – سبحان الله – سبحان الله – تنبهني إلى هذا الخطأ – ولكنني قمت ونزلت عن الرصيف حتى أكون في موقع أكثر اتزاناً ولكنني الآن أصبحت أقف على مستوى منخفض عن مستوى المصلين (بعد أن نزلت عن الرصيف) – رغم أنني أؤمهم واستكملت الصلاة.
وبعد أن سجدنا وقمنا مرة أخرى – كنت لا أزال أسأل نفسي – لماذا أكلف نفسي هذا العناء وأنا لست أقدر الناس على هذا – ولكنني استكملت على كل حال ...
وفي المرة الثانية بدأت الفاتحة بقول: الحمد لله رب العالمين ... – بعد أن تلوت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم – بسم الله الرحمن الرحيم – في سري
وفي وسط الفاتحة سمعت جلبة شديدة قادمة من الخلف وأناس يقولون : الله أكبر ولله الحمد - الله أكبر ولله الحمد – بصورة فيها غلظة وتدل على العدوان - وعلمت أنهم مجموعة من أهل الحي المنتمين لإحدى الجماعات السياسية ولديهم نية على الشر – وظننت أنهم ربما يقصدونني أنا بالذات ويستنكرون لماذا أصلي بالناس وأنا أرتدي شورت (!) واندهشت – لماذا أرتدي شورت – ولكنني قلت في نفسي لابد إن هذا ما كنت أرتديه وقت أن حانت الصلاة ولم أتنبه لهذا – وفي نفس الوقت لم يكن لدي أي شيء آخر لأرتديه علماً بأنني لا أهتم بمثل هذه المظاهر ولا أراها ذات قيمة في العبادات – لكن صوتهم ابتعد تدريجياً فاطمأن قلبي وظننت أنهم دخلوا في حارة جانبية يقصدون شيئاً آخر – وبعد ثوان معدودات سمعت ارتطام أصوات النبابيت يأتي من عن يميني ويقترب – وأدركت أن معركة ما بدأت بينهم وبين بعض أهل الحي وأنها تقترب – وتمنيت من الله أن تنتهي الصلاة على خير قبل أن يصيبني الأذى أو يتضرر المصلون من بطئي في الصلاة - واقتربت المعركة أكثر وأكثر وأنا أخشى أن أصاب بضربات الشوم ولكنني صممت على إتمام الصلاة مهما كانت العواقب – ولم أعر المعركة التفاتاً واستكملت قراءة الفاتحة وأنا أقول لنفسي علقة تفوت ولا حد يموت – قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا – وعندما وصلت إلى "غير المغضوب عليهم" - كانت المعركة على بعد خطوات معدودة وإن لم ألتفت لأراها بالفعل وشعرت كمن يقوم بالانتحار وأنا أقول "ولا الضالين" – ولكن لم أسمع أي صدى لهذا – فلم أسمع "آمين" من أي شخص – وللحق كانت هناك جلبة عالية – ولكنني قلت لنفسي لابد أن الجميع قد انفض عن الصلاة خوفاً من الأذى – وقررت للأسف أن أخرج من الصلاة أنا الآخر – وكان هناك برجاً على بعد خطوة على يساري – ربما برج مئذنة – ودخلت فيه بسرعة وأغلقت الباب الحديد – وكان هناك آخرون بداخله يحتمون من وطيس المعركة ويراقبون ما يحدث بالخارج من خلال الفتحات بين الأعمدة الحديدية بدون اكتراث وكأنهم قد اعتادوا مثل هذه المعارك في المنطقة - واضطررت أنا للإمساك بالباب حتى لا ينفتح لعدم وجود قفل أو ما شابه.
وبعد فترة كنت أقف في الشرفة وجئت أنت في الشارع تسلم علي وقلت لك أنني أشعر بالأسف والخجل لأنني لم أكمل الصلاة فقلت لي أن الصلاة قد قبلت كما هي، فسألتك كيف علمت؟ فقلت لي أن المرحوم والدك قد جاءك في المنام وأخبرك بأن هذه الصلاة قد تقبلها الله سبحانه وتعالى. فنزلت إلى الشارع لألتقي بك وتمشينا قليلاً ولكنك لاحظت أنني أبتعد عنك وأنني أمشي في منطقة فيها صخور وأنا حافي القدمين – فأعنتني على أن أمشي في منطقة ممهدة بجوارك وقلت لي يكفيك ما عانيته.
وأشرت لي على فتاة أجنبية وقلت أنها تحتاج للعلاج ونظرت للفتاة فوجدت أنها فتاة انجليزية استضفناها من قبل في منزلنا خلال فترة الصيف عبر عامين متتاليين لتقوي أولادنا الصغار في اللغة الانجليزية، وسألتك كيف نسيتها وقد قابلتها عدة مرات في إحدى القرى السياحية في الساحل الشمالي التي نذهب إليها معا أنا وأنت والأسرة، وقلت لك أن زوجتي - أكرمها الله - قد تكفلت بنفقات علاجها على حسابها الخاص من قبل في مستشفى ممتازة وهي ليست أفضل مستشفى في مصر ولكنها مستشفى ممتازة في روكسي أعتقد أنها مستشفى الجنزوري.
الأربعاء – 21 يونيو 2006 - الساعة الآن 6:32 ص
No comments:
Post a Comment