Monday, March 13, 2023

الديمقراطية كآلية لإدارة الصراع

بناء آليات التوافق للخروج من الأزمة

أرشيف 2012 


المشهد الآن خطير، ويحمل سيناريوهات مخيفة تهدد مستقبل الوطن. كل طرف يريد استخدام الثورة أو الشعب أو السلطة أو القوة أو القانون في التخلص من الأطراف الأخرى. كل سلطة تحاول نزع الشرعية عن السلطات الأخرى. كل فصيل يحاول أن يقصي الأطراف الأخرى. البرلمان يحاول أن يعبث بالسلطة القضائية. والقضاء يسحب الشرعية من البرلمان. تيار الإسلام السياسي يحاول التكويش على تأسيسية الدستور. الإخوان انقلبوا على المجلس العسكري. والمجلس العسكري قد يقلب الطاولة في وجه الجميع. والثوار يريدون إسقاط المجلس العسكري والإخوان معاً.

كل هذا يحدث نتيجة لقصور حاد لدينا في فهم فكرة التفاوض وإدارة الصراع بصورة سلمية. الديمقراطية في الأصل ليست هدفاً في حد ذاتها، بل آلية تفاوض مستمر، لاتخاذ القرارات الجماعية بصورة تضمن تحقيق الحد المقبول لمصالح الجماعات والطوائف المختلفة، بما يقلل من الصراعات العنيفة داخل المجتمع. الانتخابات والبرلمانات ما هي إلا أحد آليات الديمقراطية. فإذا عجزت الانتخابات عن تحقيق توازن في تمثيل جماعات الوطن المختلفة داخل البرلمان مثلاً، وجب على البرلمان أن يحاول استعادة هذا التوازن في تشكيل تأسيسية الدستور، وليس التعلل بأن نتيجة الانتخابات "جت كده" وبالتالي من حق الأغلبية أن تستأثر بكتابة الدستور. الشعب انتخب البرلمان ليشكل تأسيسية تعبر عن الشعب بتنوعه وليس لتعبر عن البرلمان بأغلبيته المؤقتة التي قد تتغير غداً أو بعد سنوات.

بداية، لدينا مشكلة ثقافية: لدينا بُغض تلقائي لفكرة الصراع، رغم أن الصراع هو ظاهرة طبيعية مفيدة للمجتمع وللتطور، طالما في الحدود السلمية المعقولة. نعاني أيضاً من إنكار فطري لوجود أي مصلحة خاصة لأي طرف أو حزب أو هيئة أو جماعة، رغم أنه من الطبيعي أن يكون للعمال مثلاً مصالح تختلف عن أصحاب العمل أو المستهلكين، وترسيم الوطن لابد أن يتضمن تحقيق حد مقبول من المصالح الخاصة لكل طائفة تعيش فيه. ومع الإنكار، يحاول كل شخص أو طرف أن يحقق أجندته الخاصة في الخفاء، لأن المجتمع لا يحب الاعتراف بفكرة المصالح الخاصة بل ينكرها، وتنشأ الصراعات المستترة وتعمل على الهدم الداخلي للمجتمع، كالتقيحات، تأكل في أنسجة الجسم تحت قشرة هشة تخفي الصديد. يحاول البعض إذن أن ينكر وجود مصالح خاصة من الأساس، ويجتهد ليقنعنا أنه يعمل فقط من أجل المصلحة العامة. ولكن ينشأ عن هذا النكران، أن يبتذل كل طرف استخدام مصطلح "المصلحة العامة" و"الإرادة الشعبية" و "الثورة" و "المصلحة الوطنية" ليعبر عن مصلحته هو، فتنتشر الأجندات غير المعلنة، وتتوه الحدود الفاصلة بين المصالح المختلفة.

بداية حل الأزمة أن ننحي مصطلح "المصلحة العامة" جانبا بصورة لحظية، ونسأل كل طرف عن مصلحته الخاصة، بل ونعترف أنه ليس هناك أي عيب في وجود مصالح خاصة، ثم نبحث عن توافق يحقق الحد الأدنى المقبول من المصالح الخاصة لكل طرف - ونعود فنسمي هذا التوافق "المصلحة العامة". هذا "التوافق" لا يعني أن كل طرف سيحصل على كل ما يريده، بل يحصل على حد مقبول، أعلى من الحد الأدنى. وهذا يتطلب وجود مائدة للحوار المجتمعي، وأن تجلس عليها كل الأطراف، عمال وفلاحون ورجال أعمال وموظفون، إلخ. أما لو دفعنا أي طرف خارج الحد الأدنى، سيقوم من على الترابيزة، بل ربما يقلب الترابيزة، ويلجأ لتعطيل المنظومة، سواء بصراع عنيف، أو إضرابات واعتصامات وتظاهرات، يرفض فيها الاتفاق المجحف من وجهة نظره، لأن ذلك الاتفاق لم يحقق له الحد الأدنى المقبول، أما التوافق، فيعني أننا نعمل داخل مربع القبول، حيث تقبل كل الأطراف الاتفاق، ويرون أنه يحقق حداً مقبولاً من مصالحهم.

كل طرف إذن لديه مصلحة خاصة ويريد تحقيقها وهذا طبيعي - المشكلة عندما يصر طرف ما أن مصلحته هو أو انفراده هو بالسلطات- يحقق المصلحة العامة. الصراع ينشأ عندما يريد طرف أو عدة أطراف أن يحققوا مصالحهم هم وحدهم، وينفردوا باتخاذ القرار أو بالسلطة، بحجة أن هذه هي المصلحة العامة، فيدفعوا بباقي الأطراف خارج "مربع القبول"، فينشأ الصراع العنيف. الحل ليس في إن نستنكر وجود مصالح خاصة لأي طرف - بل في إعلان تلك المصالح والعمل على تحقيق أقصى حد من المصالح الخاصة لكل الأطراف - بما يفوق الحد الأدنى المقبول لكل طرف. الحل ليس في محاربة المصالح الخاصة لأي طرف واتهامه بأن لديه أجندة خاصة ومنع تحقيقها كما اعتدنا - بالعكس – بل البحث عن توافق يحقق مصالح الجميع - هذه هي المصلحة العامة – أن نعمل جميعاً في المساحة المشتركة – في مربع القبول.

دعونا نطبق مفهوم إدارة الصراع على المشهد السياسي الموجود الآن في مصر. نحن في وضع خطير ومأزق دستوري شديد - كل سلطة ترفض الاعتراف بالسلطات الأخرى وتهدد بسحب شرعيتها. كل تيار يدعي أنه وحده يمثل الثورة أو الشعب وأن الباقين خونة ممولون من الخارج. محاولات نزع الشرعية عن الآخرين قد تكون ردود أفعال ضد من يريد أن يحتكر وحده القرار والسلطة أو افتئات يهدف للاحتكار، سيان – لأن الحل هو الشراكة وعدم احتكار أي طرف - وليس قبول الأطراف بطرف محتكر. محاولة الانفراد وإقصاء الآخرين قد تبدو للحظة ممكنة – حتى تتنبه باقي الأطراف أنها هُمشت فيبدأ الصراع وقد يقودنا لحرب أهلية لا قدر الله مثل ما حدث في الجزائر، أو محاولات لتقسيم البلاد وتجربة السودان قائمة أمام أعيننا.

 

الوضع القائم يهدد بانزلاق البلاد نحو صراعات عنيفة لأننا نرفض أصلاً المبادئ الأولية للعملية السياسية: الاعتراف بالآخرين وبمصالحهم والجلوس على طاولة تفاوض للبحث عن المساحة المشتركة. تجربة الأشهر الماضية أثبتت أنه لن يستطيع أي طرف أن ينفرد بالقرار ويقصي الآخرين - حتى لو معه شرعية الصندوق أو القوة أو أحكام القضاء أو الميدان أو البرلمان. الأشهر الماضية أثبتت أننا نحتاج لأن نبدأ مرة أخرى في بناء طاولة التفاوض المجتمعي بصورة أشمل تضمن وجود كل أطراف المصلحة الوطنية.

حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، رغم أنه حكم قانوني، ما كان ليحدث لو اجتهد البرلمان في تحقيق التوازن في تشكيل تأسيسية الدستور. الحل كان بيد مجلس الشعب لشهور، بتشكيل تأسيسية تضم أعلام وعقول مصرية تمثل المجتمع بتنوعه وليس أيد عددية مهمتها اصطناع أغلبية لأي طرف. وإذا استمرت أزمة حل البرلمان، الخروج منها لا يكون بأن يستأثر المجلس العسكري بالتشريع، بل بتشكيل مجلس تشريعي مؤقت يضم ممثلين للتيارات السياسية وبعض مرشحي الرئاسة الذين حصلوا على ثقة الشعب، مع ممثلين للمجلس العسكري والقضاء والثورة والنقابات والهيئات الأخرى. بديل آخر هو أن يتم نقل سلطة التشريع بصورة مؤقتة لحكومة ائتلافية متوازنة تضم مختلف أطياف المشهد السياسي، ليخرجوا علينا بتشريعات تضمن شرعية وشمولية الانتخابات البرلمانية القادمة. هذا المجلس التوافقي المؤقت – أو ذاك - لابد أن يخرج علينا بخطة لإنقاذ البلاد، بعد أن فشلت المرحلة الانتقالية الأولى في تحقيق معظم أهدافها. التشريعات المؤقتة تعرض على مجلس الشعب القادم في أولى جلساته ليقرها أو يعدلها أو يلغيها.

أما إذا أصر كل طرف على أن شرعيته هي الأعلى من الأخرين، ستتمزق البلاد بينما يمسك كل طرف بجزء لا قيمة له، لأنه في هذه الحالة، لا قيمة للجزء في غياب الكل. لا قيمة للبرلمان إذا قام القضاء بسحب شرعيته. لا قيمة للقضاء دون ضمانات لاستقلاله وتشريعات سوية يمكن تطبيقها على أرض الواقع. لا البرلمان ولا الميدان ولا مرشحو الرئاسة ولا المجلس العسكري ولا القضاء لهم شرعية مطلقة - كل له شرعية محدودة ويمكن بسهولة أن يقوم الآخرون بالتشكيك فيها، إذا اتخذنا التشكيك منهجاً لنا.

الحل الوحيد هي القبول بوجود كل هذه الأطراف الآن والعمل معا للخروج بخطة لإنقاذ البلاد من مخاطر جسيمة سيحاسبنا التاريخ عليها. برلمان-ميدان-مجلس عسكري-قضاء-مرشحي رئاسة إلخ، كل هذه الأطراف لها شرعية ما - وفي اتفاقهم يكمن الأمل الوحيد - غير هذا سنستمر في حالة تنازع. لابد أن نعترف أن الميدان وحده لا يستطيع إنجاح الثورة، وأن الرئيس أو المجلس العسكري أو البرلمان أو المجلس الأعلى للقضاء لا يستطيع أي طرف منهم وحده أن يدير البلاد، نجحنا عندما كان هناك تأييد شعبي ومؤسسي للثورة، وسنفشل عندما يتصور أي طرف أنه يستطيع وحده أن ينفرد بالقرار.

وصول أي شخص للرئاسة في هذه اللحظة وفي غياب اتفاق واضح لشكل التوافق الوطني وضماناته - لن ينهي الصراع - بل ربما يأججه. كل طرف مهدد إن وصل الطرف الآخر للحكم أنه سيضعه في السجن - التوافق إذن فيه مصلحة خاصة لكل طرف فضلا عن مصلحة الوطن ككل! استبعاد أي طرف من مائدة الحوار - أو من المشاركة في السلطة - معناه أن تستعد لمحاربة هذا الطرف عندما يحاول أن ينتزع حقوقه.

لابد أن تشعر كل مجموعة أنها ممثلة على المائدة، لأن من ليس على المائدة - فهو في قائمة الطعام.

الانتخاب العكسى: مشكلة ابن الناظر (1) Reverse Selection

الانتخاب العكسى: مشكلة ابن الناظر (1)

من أرشيف 2010 - نشرت في المصري اليوم الإثنين 23-08-2010 | كتب: وائل نوارة |

الانتخاب هو ظاهرة طبيعية جاءت من رحم ظاهرة أكبر، وهى ظاهرة التطور التى فرضتها القوانين الأساسية للكون. ما هو التطور Evolution؟ هو عملية تغير فى صفات مجموعة من أعضاء أحد الأنواع، تحدث وتتراكم مع الزمن عبر الأجيال المتتابعة، من خلال تحورات وتغيرات وأخطاء فى الاستنساخ الطبيعى للجينات، ينتج عنها قفزات جينية، تفرز أنواعاً مختلفة، وتدريجياً تبقى الأنواع الأصلح بينما تفنى وتنقرض أنواع أخرى لم تتوافق بنفس الدرجة مع البيئة المحيطة. هل ظاهرة التطور والانتخاب الطبيعى مقصورة فقط على الكائنات الحية؟ أبداً. ظاهرة التطور تفرض نفسها بأشكال وآليات مختلفة فى كل المجالات، من الاقتصاد والأسواق، حيث تتطور الشركات والمنتجات بينما تتصارع على البقاء، للأنثروبولوجيا، حيث تتطور المجتمعات والحضارات واللغات أيضاً، بينما تتصارع على البقاء، وغيرهما من المجالات، ببساطة لأن التطور ينتج عن عمل القوانين الطبيعية وتفاعلها الدائم.

هل المجتمعات والحضارات فى حالة صراع؟ نعم بكل أسف. الصراع أو التنافس حتى لو لم يكن محسوساً أو عنيفاً، فهو موجود على كل المستويات كظاهرة طبيعية تفرضها محدودية الموارد واتساع الطموحات والاحتياجات. فكل مجتمع مثلاً يحاول أن يعظم باستمرار من مستوى معيشة أفراده، بما يتطلب حسن إدارة الموارد الطبيعية النادرة الموجودة لديه، ومنها البشر كقوة عاملة يمكن أن تكون بالمقارنة بمجتمعات أخرى أقل أو أكثر مهارة أو قدرة على الخلق والإبداع والإدارة، ومن تلك الموارد أيضاً الأرض والمواد الخام والثروات الموجودة، كما يحاول كل مجتمع أن ينشر طريقة حياته وقيمه للمجتمعات الأخرى، بما يتيح له تأثيراً حضارياً قيادياً على الآخرين، كما يجتهد البعض فى تطوير قدراته العسكرية والقتالية، سواء لأسباب دفاعية أو هجومية، كما يحاول أن يستفيد من الثروات الطبيعية والمنتجات البشرية للمجتمعات الأخرى بأقل مقابل ممكن. باختصار، جميع الدول والمجتمعات فى حالة دائمة من التنافس.

ماذا يحدث عندما ندخل فى منافسة كروية –مثلاً كأس العالم- بفريق سيئ أو متوسط المستوى النتيجة الطبيعية أن «نترزع» نصف دستة أهداف فى مرمانا فى كل مباراة، ويعود الفريق من دور الـ 32 مكسور الخاطر، ونرمى باللوم على الحكام المرتشين، أو نتشمع بنظرية أخرى من نظريات المؤامرة. لسبب ما، شاعت فى ثقافتنا حالة من تجاهل وتسفيه نظرية التطور وما تفرضه اعتبارات المنافسة والانتخاب فى كل المجالات، لتحل محلها المحاباة، وهى كلمة مشتقة من الحب، ولكنه حب مريض ضال وضار، يضر صاحبه بل يضر أيضاً من يحاول أن يفيده ذلك المحب الأحمق، عندما يحاول عبثاً أن يضع شخصاً ما فى غير الموضع الذى يستحق. فنجد الأستاذ أو رئيس القسم مثلاً يحابى ابنه على حساب الطلبة المتفوقين، ونجد القوانين أو اللوائح تُفصّل لاصطناع أفضلية فى التعيين فى إحدى المهن لأبناء العاملين فى تلك المهنة... وهلم جرا.

ماذا يحدث عندما ندخل منافسة علمية بابن الناظر أو ابن وكيل الكلية أو ابن العميد أو حتى اللواء، ونترك الطلبة الموهوبين والمتفوقين بحسرتهم؟ نتحسر نحن بعد قليل على الخسارة الأكيدة، لأن ابن الناظر غالباً قد حصل على أعلى الدرجات فى امتحانات النقل إكراماً من الأساتذة المنافقين لرئيسهم السيد الوالد - بتصعيد أحب الطلبة على قلب سيادته وأجملهم فى عيونه هو والسيدة حرمه - وقد يكون الابن الحبيب رغم هذه المزايا العديدة «دابة الله فى برسيمه» فى الرياضيات والطبيعة والكيمياء، أو فى أحسن الافتراضات ليس بالضرورة هو أفضل من يمثل المدرسة فى المسابقات العلمية بعيداً عن مسابقات أكل البرسيم، خاصة عندما يكون حكامها من غير العاملين لدى الوالد أو الوالدة أو المؤتمرين بأمرهما. ماذا يحدث عندما ندخل فى مسابقة على استضافة كأس العالم لكرة القدم فى القاهرة، ونحن تحكمنا ثقافة لا تعترف بالتغيير ولا تحب التطور وتكره الانتخاب؟ نحصل على صفر متين من 24 صوتاً، وتقام كأس العالم فى جنوب أفريقيا.

الملخص هو أن الانتخاب ظاهرة طبيعية مرتبطة بالتغيير وبالتطور والبقاء للأصلح. ماذا يحدث عندما نطور (أو نزور - إذا جاز التعبير)؟ نحن ثقافة ترفض التغيير، وتنبذ التطور وتحتقر الانتخاب الطبيعى. هل يمكن أن نقلب قوانين الطبيعة ونعكس قوى الجاذبية مثلاً، فتنطلق التفاحة وحدها محلقة نحو السماوات أو تنساب الأنهار متحدية قوانين نيوتن لتصب فى أعالى الجبال، وذلك لمجرد أن الناظر يحب ابنه أو لأن الدكتور يحب ابنته، أو لأن العميد لا يستطيع أن يزعل مراته؟ أبداً. تبقى قوانين الطبيعة كما هى، ونشرب نحن العلقم جزاءً عادلاً لإنكارها. ما هذا العلقم وما مظاهره، وهل هو مفيد للمعدة أم للقلب أم هو مضر للجسم كله، وإذا كان مضراً بهذه الصورة والعياذ بالله – فكيف نتفاداه؟

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1854152

 

الانتخاب العكسى: البقاء للأفسد«2» Reverse Selection

 الانتخاب العكسى: البقاء للأفسد«2»

من أرشيف 2010 – نشرت في المصري اليوم  - الإثنين 06-09-2010

مبدأ الانتخاب الطبيعى يقتضى أن يختار المجتمع أصلح عناصره- فى كل منظمة ومحفل ومؤسسة سواء حكومية أم خاصة، تجارية أم صناعية أم خدمية- لتشكل هذه العناصر المتميزة النخبة التى تقود حركة المجتمع فى صراعه وتنافسه الدائم مع الأمم الأخرى لضمان البقاء والازدهار.

أما عندما يختلط العام والخاص، ويتجاهل المجتمع فكرة التغيير والتطور، وتستشرى المحاباة على حساب المصلحة العامة، ويحسب كل مسؤول أن الوزارة أو الكلية أو المؤسسة أو الدولة التى يديرها هى عزبة خاصة، يستحق أن يجلس على سدتها حتى آخر نفس، ولا يكتفى بذلك بل يطمع فى توريثها لأبنائه من بعده، عندها تصبح الكفاءة والموهبة نقمة على أصحابها، ويصبح الهم الأكبر للمسؤولين هو دفن أو تطفيش أصحاب المواهب، ويطرد المجتمع ككل أفضل عناصره لصالح تكريس الواقع ومنع الارتقاء الداخلى للعناصر الأصلح، وتستشرى الضحالة والسطحية والسماجة، واللى ماشى حاله، والنص- نص، واللى مش أوى Mediocrity لتحل محل الموهبة والتميز فى تبوؤ مقاعد النخبة،

ومع منع الموهوبين والمتميزين من الصعود لأعلى لا يصبح أمامهم من سبيل سوى التحرك أفقياً للخروج من المنظومة- بالهجرة مثلاً- والالتحاق بمنظومة أخرى تسمح لهم بالصعود لأعلى، مثل فقاعات الغاز التى تجد طريقها إلى سطح الماء فى النهاية بصرف النظر عن العوائق التى تقف فى طريقها. ومع هجرة النخبة الطبيعية، تنضم لمنظومة مجتمع آخر منافس، فتزداد الهوة النسبية بين المجتمع الطارد والمجتمعات الأخرى.

ومع تمدد مواسير شبكة الفساد وتوصيل الفساد إجبارياً لكل مدينة وقرية ومصلحة ومؤسسة ومنزل، تتطور الأمور- أو تتدهور- ليصبح معيار الانتخاب لأعلى ليس فقط هو الولاء والنص نص أو حتى الضعف، بل أيضاً المشاركة فى الفساد والتواطؤ مع المفسدين والموالسة لهم، ويصر شيوخ المنسر على انتخاب العناصر الفاسدة المتورطة «للركب» فى مجارى الشبكة، حتى يطمئنوا على قدراتها فى التفاسد والمفاسدة والإفساد، مع إمكانية إزاحة تلك العناصر عند اللزوم بإظهار بلاويها المستخبية وإبراز «ملفاتها السوداء المتضخمة»، ويصبح التنافس ليس فى الإبداع أو الإنتاج، بل فى التزوير والنفاق والتزييف والفساد والإفساد والهبر، ويصبح البقاء للأفسد.

يضعف المجتمع ككل، وتنهار قوته التنافسية فى الصراع الدائم مع الأمم الأخرى، وتحل التصفية البشرية مكان التنمية البشرية، ويفقد المجتمع أغلى عناصره، الموهبة الإنسانية الخلاقة التى هى مصدر الإبداع والقيمة المضافة فى أية منظومة فى المجتمع.

ولكن أسوأ ما يصيب المجتمع هو ترسيخ مجموعة من القيم المعكوسة لتحل محل القيم الطبيعية، فالفساد وليس الأمانة يصبح هو مفتاح الترقى، والنفاق والجبن، وليس الصدق والشجاعة، يصبحان السبيل إلى الصعود، والضحالة، وليس العمق والتميز، تصبح هى معيار الاختيار.

فعندما تكون المكافأة على قدر النفاق الإعلامى، فمن الطبيعى أن من يترقى لأعلى المناصب الإعلامية يكون هو أكبر المنافقين، ونظرة واحدة على الصحف «القومية» وأسماء القائمين عليها تصيبك بالذعر، وكذلك عندما يكون الهدف هو تزييف الانتخابات والعملية السياسية ككل لتكريس سيطرة نظام ما على الحكم لأطول فترة ممكنة، فمن الطبيعى أن الذى يصل لأعلى المناصب هو أعتى المجرمين فى التزوير والبلطجة، محاطاً بحاشيته من البصاصين والمتخصصين فى شراء الأصوات والذمم والتلاعب فى العملية السياسية واختراق الجامعات والنقابات والصحف والجمعيات والأحزاب.

ما هو الدرس الذى يعطيه هذا لأفراد المجتمع وللأجيال القادمة؟ أن الكذب والنفاق، والتزوير والتزييف، والاختلاس وسوء استغلال السلطة وهبر أراضى الدولة ومؤسساتها، هى القيم التى يجب أن يتحلى بها الشاب الشاطر الذى يبتغى النجاح، فمع فساد أهداف المجتمع، تفسد عملية الانتخاب الطبيعى لتعكس هذا الفساد، ويظهر الانتخاب العكسى،

ومن هنا يتضح أن الفساد لا يقتصر على الرشوة أو المحسوبية أو غيرها من المظاهر الساذجة، بل إن الفساد يتسع ليضرب جذوره فى أعماق المجتمع ملوثاً ضمير الأمة، ليشوه القيم والسلوكيات والأهداف والمرجعيات، والنفوس والممارسات، ويفسد طبيعة التعاملات ومنطق الأشياء والقوانين التى تحكم نتائج التفاعلات الاجتماعية.

هذا هو منطق الانتخاب العكسى، فبدلاً من أن يسود المجتمع منطق البقاء للأصلح، ينقلب منطق الحياة ليصبح البقاء للأفسد، والصعود والترقى للأفسد، وهكذا. وبالتالى، بدلاً من أن يتطور المجتمع طبقاً للقوانين الطبيعية، يتدهور ويتراجع للوراء فى كل المجالات، ومهما حاول أى شخص أن ينظف شقته من الداخل، فما دامت بسطة المنزل المشتركة تصخب بالزبالة، فلا يمكن الهروب من القذارة والعطانة والمرض والفشل العام.

من هنا نكتشف أن مبدأ الانتخاب ليس مجرد آلية سياسية، يمكن أن نتنازل عنها مجاملة لحاكم أب أو ابن، بل هو مبدأ فرضته قوانين الطبيعة، وعندما نقف فى وجه الطبيعة، ونختار أن تحل المحاباة (المشتقة فساداً من الحب) محل الانتخاب الطبيعى، نضر أنفسنا وأبناءنا وجميع من نحب، لأنه فى ظل وجود صراع وتنافس دائم بين الأمم اقتصادياً وتقنياً وثقافياً وسياسياً، نخوض نحن معركة خاسرة مقدماً، بينما تقودنا أسوأ وأفسد عناصر المجتمع نحو الهزيمة الحتمية، ولا يجب عندها أن نندهش عندما تنهمر علينا الأصفار والكوارث والهزائم وحالات الفشل العام والخاص.

والآن: هل من سبيل للخلاص من هذه اللعنة وكسر هذه الدائرة الحلزونية الهابطة؟

 

https://www.almasryalyoum.com/news/details/13765

 مشكلة البقاء: العدو داخل الأسوار

من أرشيف 2010

نشرت الثلاثاء 21-09-2010

المصري اليوم https://www.almasryalyoum.com/news/details/1850819

 

رأينا كيف أدى الانتخاب العكسى، أو المقلوب، إلى تلويث قيم المجتمع وسيادة مبدأ «البقاء للأفسد»، وهو عكس المبدأ الطبيعى «البقاء للأصلح»، وأن ما ينتج عن ذلك هو أن نفشل فى تحقيق التطور الطبيعى فنتدهور بينما يتقدم من حولنا، ورأينا كيف استفحلت المشكلة على كل المستويات وفى المؤسسات كافة وليس فقط فى المجال السياسى. وفى ضوء التنافس المستمر مع المجتمعات والأمم الأخرى، نخوض نحن معركة خاسرة مقدماً، بينما تقودنا نخبة مضروبة- تضم أسوأ عناصر المجتمع- نحو هزائم وأصفار حتمية، مع تفشى حالات الفشل العام والخاص.

وبما أننا نتبنى منهج محاكاة الطبيعة البيولوجية فى التحليل، اسمحوا لى أن أستعير فكرة الجينات أو DNA، الذى يتحكم فى خصائص الكائنات الحية، ويحمل الشفرة الوراثية لكل فصيل بكل ما تعلمته الأجيال السابقة من دروس التواؤم مع البيئة من أجل البقاء. الثقافة بالنسبة للأمم والشعوب والحضارات مثل الـ DNA بالنسبة للفصائل الحية.

وعندما أقول الثقافة Culture هنا، فأنا لا أقصد المعنى الذى يدل على الآداب والفنون والعلوم، بل أتحدث عن المفهوم الأنثروبولوجى للثقافة، وهو أقرب لفكرة «طريقة الحياة»، حيث تشير الثقافة طبقاً لهذا التعريف إلى مجموعة القيم والسلوكيات، والعادات والتقاليد، ونظم التفاعل الاجتماعى، التى يطورها ويتبناها مجتمع ما، باعتبارها تحمل فى طياتها الحل الجماعى لمشكلة البقاء، بقاء المجتمع أو الجماعة أو الأمة.

هل لدينا مشكلة فى البقاء؟ لعل الأمة المصرية من الأمم التى حباها الله بقدرة متميزة على البقاء رغم كل شىء. مر عليها المحتلون والغاصبون والجباة والبلطجية والمستبدون من كل ملة، وصمدت فى امتحان البقاء. ولكن اليوم، يشعر البعض– أو الكثيرون– منا بصورة غريزية بحلول أو قرب حلول مشكلة ضخمة تهدد بقاءنا بصورة خطيرة. الدليل على هذا نراه فى الأبحاث التى تشير إلى أن نسبة ضخمة من المصريين يفكرون فى الهجرة بصورة أو بأخرى، ونراه فى أنفسنا وفى كيف ينظر كل منا لنفسه وغده وأبنائه بقلق متزايد. لا أتحدث هنا فقط عن نزاعات حوض النيل– ومصر هى هبة النيل– وما يمكن أن تؤدى إليه، أو عن خطر أن ينفجر الشريط الأخضر الضيق بنا وبمن نحب تحت وطأة النمو السكانى والازدحام العشوائى فتتحول مصر لمقبرة بحجم الدولة، فكل هذه المصائب والكوارث هى فى الحقيقة أعراض للكارثة الحقيقية، وهى أن ثقافتنا– طريقة حياتنا– منظومة القيم التى تتحكم فى سلوكياتنا وعاداتنا وتقاليدنا ونظمنا ومؤسساتنا، لم تعد مناسبة لتحديات البيئة التى تحتضننا.

فى لحظة مصارحة مع النفس، لابد أن ندرك أن مستقبل أولادنا محاط بتهديدات تبدو خارجية، لكن منبعها فى الحقيقة داخل كل منا. الخطر يدق على الأبواب، ولكن العدو داخل الأسوار.

أبناؤنا يسافرون إلى الخارج فليتحقون بمنظومات سوية، يبدعون فيها ويتميزون وينجحون، رغم أن هروبهم من مصر علامة على أنهم لم يستطيعوا النجاح فى الوطن. ملايين المصريين الآن يتبنون الحل الفردى، سواء بالهجرة أو بالسكن فى مستعمرة مخلقة عالية الأسوار، غريبة عن البيئة المحيطة بها. على قدر نجاحنا فى الحل الفردى، لم نجرب الحل الجماعى.. أن نعمل على تغيير هذا الوضع المتردى معاً. وهو لن يتغير إلا إذا عملنا معاً على تغييره.

أتذكر تجارب كثيرة، عندما يختلف السكان فى إحدى العمارات على المشاركة فى المنافع العامة، صيانة العقار والمصاعد، كهرباء ونظافة السلم، وغيرها من أشياء بسيطة، وتتفاقم المشكلة، فتصطخب العمارة بالزبالة والقذارة، وتتدهور حالة المصاعد والمنافع العامة، وبينما يجتهد كل ساكن فى تجميل شقته من الداخل، لا يمكن أن ينفصل عن المرافق المشتركة التى تحدد فى النهاية جودة الحياة فى هذه العمارة.

هذا هو الوضع الحالى، تسرب الفساد لأساس البناء، امتلأت طرقات وممرات العمارة بالزبالة والقوارض والحشرات، تدهورت أحوال البنية الأساسية الدستورية والإدارية والتشريعية فى مصر، عجز الموهوبون عن العمل والكسب، وضعنا العوائق أمام المتميزين ليتقدمنا الفسدة، فأصبح البناء على وشك السقوط، بينما ينشغل كل منا بالتخطيط لشركته أو مؤسسته أو بيته، غير مدرك أن تدهور الوضع العام ينذر بكارثة ستنعكس– أو انعكست بالفعل- على الوضع الخاص لكل منا.

نحتاج لأن نغير بسرعة من هذا الوضع المأساوى. نحتاج لأن يصبح كل منا هو التغيير الذى ننشده. لابد أن نستعدل الأوضاع المقلوبة، أن نعمل على تقويم أو إسقاط أو مقاطعة المؤسسات التى تعمل بطريقة الانتخاب العكسى.

نحتاج أن نحترم وندعم التغيير والتطور الذى هو منهج الكون. أن نحترم الانتخاب الطبيعى الذى هو طبيعة الحياة. أن نعلم أن للسن أحكاماً، وأن صبغ الشعر وشد الجلد لا يديران عقارب الساعة للوراء. أن رتوش الفوتوشوب والتزييف والتزوير لأى صورة لا تغير الواقع.

قد نخدع البعض باصطناع خبر أو صورة، لكننا لن نتقدم فى الواقع الملموس بمجرد ترويش الصورة على طريقة سرايا التعبيرية. لابد أن نعلم أن الإنسان هو مصدر الإبداع والثروة. وأن الموهوب هو عملة نادرة يجب أن نحافظ عليها ونستفيد من قيمتها. لابد أن ندفع بالموهوب والعامل والمتميز لأعلى المراكز فى المجتمع، ليصبح هؤلاء هم النخبة الطبيعية، فهذا ما يحمينا ويضمن مستقبل أحبائنا.

تتحدث الأم فتقول: إن كنت تبحث عن الكنز، أنا أدلك على مكانه: فى قلب كل واحد من أولادى وفى ساعديه وفى رأسه. إذا جعلت قلبه حزيناً، وقيدت ذراعيه بالسلاسل، ووطئت رأسه بحذائك، فلا تشكُ من الفاقة وسوء المآل.

 

Saturday, February 25, 2023

هل يتعلم النظام السياسي في مصر من فضيحة "جهاز الكفتة" أم يكررها؟

هل يتعلم النظام السياسي في مصر من فضيحة "جهاز الكفتة" أم يكررها؟



Read more: https://www.al-monitor.com/ar/contents/articles/originals/2014/06/egypt-parliament-elections-kofta-hiv-army-treatment.html#ixzz7uMHMwhY4


 فضيحة "جهاز الكفتة" في مصر دليل على غياب الضوابط والتوازنات

 

باختصار: تحتاج مصر إلى معارضة وبرلمان فعّالَين لإرساء توازن مع السلطة التنفيذية

 من أرشيف 2014 - نشرت بالمونيتور

وائل نوارة

 

أثار خبران يبدوان غير مترابطَين في الظاهر قدراً كبيراً من السجال على الساحة المصرية.

 

الخبر الأول هو الإعلان الذي صدر عن إحدى اللجان الطبية بتأجيل الاستخدام السريري لعلاج جديد للفيروسات التي تتسبّب بالتهاب الكبد الوبائي "سي" وفيروس نقص المناعة البشرية (إيتش آي في)، بواسطة جهاز مثير للجدل طوّرته فرقة الهندسة في الجيش المصري بانتظار - وشرط - التأكّد من فعاليته وأمانه، الأمر الذي قد يستغرق عاماً على الأقل.

 

وقد عُيِّنت اللجنة الطبية بأمر من الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كان لا يزال وزير دفاع، بهدف تقويم العلاج المعجزة المزعوم. في حين هلّل أنصار الجيش للاختراع واعتبروه دليلاً إضافياً على قدرة الجيش على مواجهة أي مشاكل تتعرّض لها البلاد، سخر الناشطون والمشكّكون وعدد كبير من المهنيين العاملين في مجالَي الطب والأدوية من خصائص الجهاز المزعومة، وأطلقوا عليه اسم "أصابع كفتة عبد العاطي".

 

في خطاب متلفز في 24 شباط/فبراير الماضي، زعم إبراهيم عبد العاطي، وهو ليس طبيباً ولا مهندساً، أن الجهاز يستخدم موجات كهرمغنطيسية تتفاعل مع تردّدات الجزيئات المكوِّنة للفيروس بما يؤدّي إلى تحويلها إلى بروتينات غير مؤذية، مضيفاً: "آخذ الأيدز من المريض، وأعطيه أصبع كفتة". الكفتة، كما يعلم العارفون بالمطبخ الشرق أوسطي، عبارة عن لحم مفروم يُشوى عادةً في أسياخ، وسرعان ما انتشرت الكلمة وباتت متداولة على نطاق واسع كلقب للجهاز الجديد.

 

مُنِح عبد العاطي رتبة لواء مكلّفاً الشرفية في القوات المسلحة المصرية لقيادة فريق تطوير الجهاز. وقد وجدت اللجنة الطبية أن بروتوكولات اختبار الجهاز غير كافية وغير ملائمة، ورفضت منحه الترخيص بغية استعماله في العلاجات الواسعة النطاق اعتباراً من 30 حزيران/يونيو الماضي كما كان مقرّراً.

 

أما الخبر الثاني فيتعلّق بالانتخابات التشريعية المقبلة في مصر وبالقانون المؤقت الذي أصدره عدلي منصور في آخر يوم عمل له في سدّة الرئاسة الانتقالية. فمن أصل 567 مقعداً في مجلس النواب، يمنح القانون الجديد 420 مقعداً (77.8%) للمرشحين المستقلين، و120 مقعداً (22.2%) للوائح الحزبية المغلقة المخصّصة للمسيحيين والنساء والشباب والعمّال والمزارعين والمعوّقين والمصريين المقيمين خارج البلاد. سوف يتم توزيع هذه المقاعد بصورة متكافئة بحسب الأصوات التي تفوز بها كل لائحة. وينصّ القانون أيضاً على منح خمسة في المئة من المقاعد (27 مقعداً) للنواب الذين يُعيّنهم الرئيس. تنطلق العملية الانتخابية بحلول 18 تموز/يوليو الجاري، ومن المرتقب إجراء الانتخابات في الخريف المقبل.

 

اعترضت معظم الأحزاب السياسية على القانون الذي يُهمِّش دورها ويُهدّد بإنتاج برلمان مشابه لمجلس الأمة الذي كان قائماً قبل ثورة 2011، عندما كان فقط المرشّحون المتموِّلون أو الذين يتمتّعون بنفوذ قبلي أو دعم من التيارات الدينية، يُسيطرون على المشهد السياسي. تسبّبت هذه المنظومة بتفشّي الفساد السياسي على نطاق واسع وضعف مجلس الأمة الذي فشل في تجسيد التنوّع المصري أو الإفادة من المواهب المهنية والفكرية الغنية بين أعضائه. في أيلول/سبتمبر الماضي، كتبت عبر موقع "المونيتور" أن مصر تحتاج إلى نظام انتخابي نسبي من أجل ضمان فعالية التشريعات والحكم الرشيد والتمثيل العادل لتنوّعها.

 

فما هي أوجه الارتباط بين هذه المسائل المنفصلة؟

 

لقد اكتشفت اللجنة المحايدة التي شُكِّلت لتقويم المزاعم حول "الجهاز المعجزة"، أنه غير جاهز للاستعمال. ليس أكيداً إذا كان سيجهز يوماً، بيد أن كثراً يشكّكون في الأمر، والسبب ببساطة هو أنّ آلية تطويره لم تتقيّد بمعايير الأبحاث الطبية والممارسات المطبّقة في هذا المجال. في أفضل الأحوال، استعجل المعنيون كثيراً إعلان نجاح الجهاز، مستخدمين حملة دعائية لم تلحق الضرر بمصداقية الجيش وحسب إنما أيضاً مصداقية البلاد ككل. وفي أسوأ الأحوال، الجهاز خدعة، ويجب محاسبة كل المتورّطين في تلفيق مزاعم عن مزاياه وإمكاناته، وربما محاكمتهم بتهمة الاحتيال والسلوك الإجرامي عبر إجراء تجارب سريرية عرّضت للخطر المرضى غير المدركين لما يجري.

 

لقد وعد السيسي بإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية واجتماعية كبرى فضلاً عن إطلاق مشاريع وطنية لإنقاذ الاقتصاد المتعثّر وتصويب عجلة العمل الحكومي غير الفعال، وإصلاح التنظيم المدني الذي يعاني من الاختلال الوظيفي. ومع وصول برلمان جديد يتألف حصراً، وعن سابق تصوّر وتصميم، من أعضاء يهلّلون للسيسي وسياساته، تواجه البلاد خطر تكرار أخطاء شبيهة بفضيحة "الكفتة" على نطاق وطني، مع ما يترتّب عن ذلك من تداعيات كارثية جداً أكبر من طاقة مصر على تحمّلها في الوضع الراهن.

 

يلمّح بعض المسؤولين والأشخاص الذين يدعمون الجيش والسيسي دعماً أعمى، إلى أن وجود معارضة فعالة وبرلمان قوي هو ترفٌ لا تستطيع مصر تحمّله في الوقت الحالي. ويُشيرون إلى الهشاشة التي تعاني منها البلاد بعد فشل العملية الانتقالية الأولى والاضطرابات التي عرفتها مصر طيلة ثلاث سنوات. لكن هذا الكلام بعيد كل البعد عن الحقيقة. فمصر لا تستطيع أن تتحمّل التداعيات التي يمكن أن تترتب عن اعتماد سياسات وتشريعات غير مدروسة، حتى لو جرى تصميمها بحسن نيّة، في غياب التدقيق من برلمان نافذ ومعارضة متيقّظة.

 

ربما أنقذت اللجنة الطبية التي أوقفت استخدام "جهاز الكفتة"، آلاف الأرواح وحالت دون هدر ملايين الجنيهات المصرية، وسمحت لمصر بتجنّب الإحراج والسخرية، وكذلك الدعاوى القانونية المطوّلة والتعويضات الطائلة للمرضى المخدوعين وعائلاتهم. لكن حتى لو ثبت أن "جهاز الكفتة" ناجح وفعّال، وهو أمر مستبعد، العبرة المستمدّة من هذه القضية هي أنه في السياسة والتشريعات والأبحاث الطبية، لا بد من اتّباع الأصول المرعية الإجراء.

 

لا وجود للطرق المختصرة في التاريخ. فالحكم والديمقراطية والتنمية ليست وجهات عشوائية يمكن بلوغها عن طريق المعجزات والاتّكال على الإرادة الطيّبة التي يتحلى بها بطل قومي ما، أو الثقة الممنوحة لمؤسسة معينة، حتى ولو كانت تستحق هذه الثقة. النجاح مسار يتّسم بالعمل الدؤوب والتفاني، والأهم من ذلك، باتباع الأصول المرعية الإجراء في مختلف النواحي.

 

اتباع الإجراءات الصحيحة هو بمثابة بوليصة التأمين التي تعزّز آفاق النجاح، وتحدّ من المخاطر، وتضمن أنه حتى لو حصل الفشل، على الرغم من الرهانات على العكس، فسوف يشكّل فرصةً لاستخلاص العِبَر تقود في نهاية المطاف إلى تحقيق النجاح.

 

تحتاج مصر إلى أحزاب سياسية قوية، ومعارضة فعالة، وبرلمان نافذ قادر على تأمين الضوابط والتوازنات في وجه السلطة التنفيذية، وتفنيد القرارات والسياسات الحكومية. بإمكان السيسي أن يتلقّف الدرس ويبادر إلى تصحيح قانون الانتخابات وقانون التظاهر، والإفراج عن مئات الناشطين الذين يجب أن يتمكّنوا من أن يقولوا "الملك عارٍ" من دون أن يُزَجّوا في السجون لمدّة 15 عاماً.

 

 

Egypt Needs to Restore Faith, more than it Needs any President!

 Why General Sisi Should Not Run For President of Egypt

Deputy Prime Minister and Defense Minister Gen. Abdel Fattah al-Sisi and the military to play important role as guarantor of Egypt's democratic transition

Archive of 2013. Published in Al-Monitor September 20, 2013

Reports have surfaced with news of a popular Egyptian movement called "Complete Your Favor," aimed at mobilizing public pressure on Gen. Abdel Fattah al-Sisi to run for the presidency. As usual, skeptics smirked at such a plan. They had always suspected that Sisi would pretend that he was not interested in becoming president, while intelligence and security services prepare for popular and media pressure to "force" him to run in the end. What may appear as a spontaneous act, they see as a conspiracy long in the making.


Those who are enthusiastic about the defense minister running for president argue that Egypt is in need of a strong charismatic leader, someone capable of inspiring the people and reviving national ambitions. Such a leader, they believe, is needed to lead state institutions in coordinating their efforts to pick the country up from its fall and firmly restore the state's respect. Key reforms will undoubtedly require introduction of unpopular policies which can only be accepted if the people truly believed in the country’s leader. Enthusiasts point to the popular support Sisi enjoys and how Egyptians for instance accepted a harsh curfew which kept them at home starting from 7 p.m. and voluntarily observed its restrictions despite the negative economic consequences in a country where shopping traditionally takes place after sunset. Contrary to this, Egyptians had strongly rejected the Brotherhood’s government’s proposals to introduce legislation that would force shops to close at 9 p.m. 


Furthermore, supporters believe that Sisi's ascension to power as a president is necessary and even natural, since the country has only known military rule since the 1952 coup d’état. It was only recently that religious currents have challenged this monopoly, with a president elected from the Brotherhood. Also, according to them, a military leader like Sisi is badly needed to confront the Brotherhood's attempts to return to the forefront of the political scene, given all the risks this holds of things regressing.



In contrast, the majority of the Jan. 25 [2011] revolutionaries view this as a potential return to military rule and a dangerous setback for the revolution, for which thousands of martyrs sacrificed their lives. If Sisi becomes Egypt’s next president, for them this will indicate a comeback of the very regime they rebelled against. The sharp differences between supporters and critics of Sisi’s candidacy reveal the conflict between the Jan. 25 revolutionaries and the new comers of the June 30 protests against Morsi.


Sisi himself had announced on many occasions that he was not interested in ruling Egypt in the position of president, and that "protecting the people's will is more dear and more valuable than ruling Egypt." But these announcements only fueled the enthusiasm of his supporters and their insistence that he is the right candidate. Sisi undoubtedly emerged as a strong popular leader in a unique historical moment, saving the country and its people from the horrors of the Brotherhood's religious rule, which nearly hijacked the country with no hope of return. At the time of his intervention, Egypt had witnessed violent street confrontations between the Brotherhoods’ opponents and their supporters which was quickly developing to something which resembled the first signs of a civil war similar to the ones taking place in neighboring countries like Syria.


What Egypt really needs now is to promptly march along the roadmap. The new constitution must be drafted, debated and ratified, and then presidential and parliamentary elections must be held in an inclusive democratic process which leaves out no factions. Success in that endeavor can help improve stability and security, which are desperately needed for reviving the economy — including tourism, investment, service sector and industrial activities.  Then comes repairing the dilapidated state structures, hopefully putting Egypt on the threshold of a major breakthrough that would turn the country into a modern and advanced state. This requires the presence of a strong and neutral institution which is not a party to the political competition, and can act as an impartial guarantor and observer of the democratic transformation process. In the opinion of the majority of Egyptians, this institution is the armed forces. It would play this role through a subsequent transitional period, which may drag on for five or 10 years. Thus, Sisi running for president would prejudice this neutrality where the presidency and the armed forces would become two entities with one giant ruling will, with no one to oversee this enormous power concentration or scrutinize its policies. 


The Egyptian army has proven that governing the country is not on its agenda. At moments of severe state weakness, the army could have seized power without resistance, and be welcomed by the people. For example, one of these moments of weakness occurred during the bread riots on Jan. 18-19, 1977, then during the Central Security Forces’ rebellion in Feb. 1986 and finally following the Jan. 25 revolution. In these three instances, the armed forces insisted that its role was limited to resorting internal security. Once this was achieved, they returned to their barracks, leaving rule to the country's legitimate president.


In  a series of interviews which I had with Field Marshal Mohamed Abdel Ghani el-Gamasy, one of the greatest commanders of the October War and the minister of war during the bread riots in 1977, he remembered that before accepting the post of minister, he stipulated that President Anwar Sadat would not use the army to repress Egyptians. According to Gamasy, the army had regained its respect in the hearts of Egyptians following the October 1973 War, wiping out the shame of the Six Days’ War. After the 1967 defeat, Gamasy said, the army had firmly adopted a doctrine that it was necessary to distance itself from politics and be solely devoted to developing its combat capabilities as a professional army. This was to avoid what happened before 1967, when corruption resulted from the army meddling in most of the state's civilian affairs leading to the worst defeat in Egypt's modern history.


In my opinion, there is no military commander, regardless of his popularity, who can change this doctrine within the Egyptian army. The army operates as an institution with traditions, which no single member can compromise. If a commander becomes too full of himself that he decides to put his political ambitions before the army’s traditions, high- and mid-level commanders can remove him with minimal effort. Military sources revealed that Sisi ordered a wide poll to be held amongst officers and soldiers before deciding to go on challenging Morsi. Results revealed widespread approval in support of standing with the people on June 30 against the president. Such a poll was necessary because of the possible bloody confrontations where a soldier may have to carry arms against some of their own fellow countrymen as a result of such a step. The army’s move would only be successful if soldiers were convinced heart and soul of the necessity of such confrontations to protect the country from a much greater danger and strife that would threaten the people and the nation.


Some of those close to Sisi have come out and said that he asked that the popular campaigns calling for him to run for president be stopped, since his decision against running was final and irreversible. He wanted to prove to Egyptians and the entire world that the move carried out by the army was not how the West and some opposition members in Egypt perceived it: a desire to grab power. Rather, it came from a deep patriotic concern aiming to protect Egypt's identity and national security, and to safeguard its highest interests. It was to prevent the collapse of the state and stop the country from sliding into chaos possibly leading to civil war. Abdullah Sinawi quoted Sisi as saying that he would not run for the presidency even if millions took to the streets, blocking them for a week to pressure him. The army’s official spokesman also came out confirming that Sisi will not run for president.


Egyptians are currently experiencing a huge crisis of trust, a loss of faith in state institutions. This is a result of the corruption of the former regime. Revered national icons have one by one fallen from the grace. Skepticism has prevailed as not one person could serve as a role model for the youth. This has shaken the value system itself. A general belief is permeating  the national conscience in which everyone is corrupt, everyone is a hypocrite and those who preach patriotic slogans would be the first to disregard them in practice. Now, Sisi may be in a position to challenge this, set the record straight and restore this broken faith, cultivating confidence in state institutions.


Sisi's decision not to run in the elections is, in my opinion, the right decision and he should stick to it. This is because it can help restore confidence in state institutions and break this vicious cycle of skepticism, which itself leads to corruption, or at least to paralysis and inability to make decisions. A phenomenon known as "wobbly hands," where state officials are unable to make any decision, even if it is necessary to safeguard the country's interests, for fear that the official will later be accused of making the decision for personal motives or gains.


Today, Egypt may not need Sisi as a president as much as youth need to regain confidence that there are national figures who put the interests of the country above their own. Egypt does not need the military to rule, but rather — during the coming transitional stage — it needs the army to serve as a strong guarantor, which can support legitimacy and the democratic transformation capitalizing on its popularity and credibility in mobilizing popular support for elected governments and necessary, though sometimes unpopular, reform measures.


This puts Sisi and the army in an extraordinary situation for some time to come. And perhaps as a result of these exceptional circumstances, the next president will not be able to exercise full control over the army’s internal affairs or freely dismiss its commanders without first consulting the leaders of the army themselves. If this must happen, it should come as temporary situation that will eventually be phased out with time. We can look at transition models in other countries that have gone through the same experience to benefit from them at this stage. This may even require the constitution to clearly stipulate a special role for the army for a limited period, where the army protects legitimacy and the civil state, while the parliament and the Supreme Constitutional Court, for example, regulate potential interventions during the coming transitional period.


The message I wish to deliver to Sisi is: "Complete your favor, and don't yield to pressures demanding that you run for president. For Egypt needs restoring faith and confidence, more than it needs any president."

English: https://www.al-monitor.com/originals/2013/09/generalsisipresidentelection.html 
Arabic: https://www.al-monitor.com/ar/contents/articles/originals/2013/09/generalsisipresidentelection.html 

 Egypt "Post-Democracy" Nears Point of No-Return

 مصر تقترب من نقطة اللاعودة

Army Chief Warns of the Collapse of the State

 2013 Archive - Published in Al-Monitor 29 Jan 2013


Egypt is commemorating the second anniversary of its “Peaceful” Revolution with the shedding of yet more blood. Violent clashes in Cairo, Alexandria, Suez, Damanhour and Port Said left almost 60 dead and hundreds injured and the numbers are rising. There are circumstantial factors in every incident triggering violence. Whether it is the Port Said Football fans court verdict or regular confrontations between protesters and the police, but the root cause is political. It lies in the Muslim Brotherhood failure to create consensus around the shape of the political process. Last month, the Muslim Brothers insisted on putting forward the draft constitution to a hasty referendum despite opposition appeals to take more time to settle disputed articles. Liberals, leftists and representatives of Egypt’s Churches pulled out of the constituent assembly which drafted the constitution, leaving only Muslim Brothers and Salafis to craft a document which should ideally embody Egyptians’ ideology of coexistence in a country which had historically prided itself of being a “melting pot” and where accommodating diversity is a prerequisite for survival.

 

 

The referendum revealed that 57% of the voters in Cairo, Egypt’s capital and home to about fifth of Egyptians, rejected the draft constitution. And while urban voters all over Egypt mostly said “No” to the constitution, the Muslim Brothers, election savvy and superior in organization and funding, managed to pass the constitution with 63% majority. After the vote, a video was widely shared where Burhamy, a Salafi member of the constituent assembly, bragged about how Islamists deceived seculars and Christians from the beginning till the end. He described how Islamists dominated the constituent assembly by placing  secret “sleeping cells” or sympathizers with the “Islamist Enterprise” secretly in the seats allocated to “seculars” in breach of reached agreement. He then goes on explaining how he confounded seculars and Christians, whom he calls Nazerites, with tricky words and definitions from Sharia which would “annul and restrict rights and freedoms as never before witnessed in any Egyptian constitution”, according to Burhamy’s filmed confessions!  This comes after a Revolution which provided freedom for Burhamy and his Salafi fellows from prosecution that they suffered from for decades under Mubarak regime.

 

Clashes in Egypt reflect Muslim Brotherhood and opposition failure to work together in building a working democracy with an inclusive political process. Like many countries in Europe, no single political party or even stream commands an absolute majority in Egypt. This means Islamist and secular parties must work together to reach agreement on broader issues defining the political process. In the first round of the Presidential Elections, Muhamed Morsi, now president, got only 25% of the votes. This more or less represents the Islamists share of popular support in Egypt. The problem persists since the beginning of the revolution as the Muslim Brotherhood insists on getting 100% of power. The Muslim Brothers are skilled and experienced in election tactics and mobilization. There is no doubt about that. But they seem to be too clever for their own good. They are becoming hostage of their ability to leverage their popular share thus cornering the rest of the opposition in a squeezed political space where they will always kick back. This can hardly provide an atmosphere for a stable and sustainable government. A political party which has 25% popular support would usually seek coalitions and in so-doing accepts compromises. But for whatever technical reasons, the Brotherhood believes they do not have to make such compromises. They have been waiting for 85 years and this is their moment. They managed to get exceptionally much higher share in the elections following the revolution and they want to cling to that. The reality now is, this is an unsustainable situation and one which may threaten their future survival. On the other hand, the opposition, most notably the National Salvation Front (NSF), is limping and always a few steps behind. With mostly infant organizations and piggy bank financing, they can hardly turn the wide dissent against the Brotherhood into tangible election gains.

 

Since the revolution, Egypt has witnessed what we may call “post-democracy”. Failure of the democratic process to produce results agreeable to a wide spectrum representing diversity of the people, and specially the activists, is always met with resistance and pressure through protests, forcing authority to make amends to reflect voices of parties not even present on the table. Forces or sentiments poorly represented in the democratic institutions, such as the parliament, were able for instance to force SCAF and other political forces to amend a deal which would have left SCAF in power till 2013, bringing a deadline of handing power to a  civilian president to June 30, 2012. Similar pressure forced Morsi to withdraw his “Dictatorial Decrees” in November 2012. And when the Supreme Constitutional Court ruled to annul the People’s Assembly elected only months before, activists appalled with the Parliament’s performance applied zero or even “negative” pressure in sustaining the dissolved lower chamber of the Parliament.

 

On Sunday, President Morsi announced a state of emergency cities near Egypt's Suez Canal and invited NSF and other opposition leaders to dialogue the following day. NSF declined to join the dialogue accusing Morsi of not being serious and demanded guarantees which Morsi did not provide. People of Suez, Ismailia and Port Said totally ignored the curfew and organized massive rallies in defiance of the Emergency measures imposed. Commenting on the deteriorating security situation and increasing chaos the Army Chief announced on Tuesday that failure to reach a political deal threatens the integrity of the Egyptian State.

 

With the continued disarray of the political scene, Egypt may be approaching a point of “No-return” on the road to becoming a failed state on several dimensions. Lack of political consensus is dragging the economy preventing a much needed return to normalcy. Tourism is badly hit. Foreign investment, business and consumer confidence are at record lows. The Egyptian pound is losing grounds fast and could further go to a free fall if a political deal is not reached soon. This will in turn send prices of many basic commodities soaring which will further increase suffering of many people. What is worse is the general disintegration of law and order. Militias are being formed and smuggling of Arms from Libya has provided Jihadist organizations with ample supply of heavy ammunitions. If the political forces do not reach that deal soon, more street fights will erupt and intensify and the country will descend into chaos at which point the Army, supported by local and international demands for intervention, will almost certainly seize power to prevent further disintegration of the State.

 

Once this point of “no return” is reached, additional chaos would bring “loss of control” to an irreversible state when even a Military intervention would not be able to fix things or restore order. On the other hand, a Military coup will bring Egypt’s transition to square one or even a step below, as short-term measures which the Army would use to regain order may become long term deductions of newly acquired freedoms. Time will tell if the Egyptian political forces in government and opposition are able to grasp the risks involved as they push things ever closer to the brink, approaching the dangerous “point of no return”.

 

https://www.al-monitor.com/originals/2013/01/egypt-crisis-morsi-state-of-emergency-army-chief-warning.html

Twitter:

@WaelNawara

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook