حوار مع علمانى
بقلم
دينا عبد الحميد
بعد فترة من توقفى عن الكتابة استفزنى حوار مع احد اصدقائى العلمانيين فقررت ان اكتب عنه لانه وغيره من اصدقائي المؤمنين بالعلمانية اتهمونى بأنى دخيلة على الفكر العلمانى او انى مدعية انى علمانية وانا لست بعلمانية وفى الحقيقة انهم على حق لانى لست علمانية ولا شيوعية ولا ليبرالية ولا ماركسية ولا قومجية ولا قرآنية ولا سنية ولا شيعية
انا " دينا عبد الحميد": إنسانة.
الشئ الوحيد الذي من الممكن ان اؤكده لكم هو انتمائى للانسانية ... اما كل المذاهب والتيارات التى ذكرتها، ربما اعجبنى بعضها وربما آمنت ببعضها، ولكن لا احب التصنيف او الانتماء لاي منها. ولأنى اعشق الحرية لدرجة الجنون لا يمكن ان اضحي بحريتى واكون عبدة لاى من تلك التيارات الفكرية، لانها تفتقد للكمال وبها نواقص وعيوب لا أستطيع تقبلها، فكيف أنتمى لها الا اذا كنت مؤمنة بكل ما تدعو له من افكار؟
أيمانى بمعظم أفكار العلمانية هو ما جعلنى اعتقد انها الحل لجميع مشكلات مجتمعاتنا المتخلفة، فهى تحمينا من بعض ومن التعصب والجهل وتكفل حرية الفرد وحقه في عبادة اى اله يريده مهما كان هو ومهما كان اسمه .. فحرية العقيدة هى من اسمى الحريات التى يجب علينا وعلى كل فرد الدعوة لها. ولانى من المعتقدين تماما ان تدخل الدين في حياتنا بشكل مبالغ فيه هو سبب تخلفنا فأنا ممن يؤيدون العلمانية في فصل الدين عن الدولة وأن يكون الدين في الاماكن المخصصة له سواء كان في الجامع او الكنيسة او المعبد او في بيتك ولا يجوز على اى احد فرض دينه او معتقده مهما كان على الآخريين. أما عن الإتهامات التى وجهت لى من أصدقائى العلمانيين هي كما بلى:
أولا : ان في بعض كتاباتى استعين بآيات من القرآن الكريم لإثبات وجهة نظري في موضوع ما وأن الخطاب الدينى يتعارض مع العلمانية...!
طبعا أنا اوافقهم جدا في ذلك، ولكن أن تكون مؤمن بالعلمانية شئ وان تكون في مجتمعات علمانية شئ اخر! هذا الاتهام يكون صحيحا إذا كنا بالفعل في مجتمعات علمانية يسمعون لصوت العقل والمنطق ويؤمنون بالحريات. ولكن للاسف نحن لسنا كذلك مازالت تحكمنا العقلية الوهابية القبلية القديمة التى لا تسمع الا صوت عقلها وفكرها هي، فيجب ان تخاطبهم بنفس فكرهم ولغتهم، وبما يجعلونه عليك حكم ويكفرونك به او يدخلونك الجنة به حسب اهوائهم ...
اما الاتهام الثانى وكان بسبب رأى في سياسات أمريكا ورفضى للإحتلال الاسرائيلى لفلسطين ... فمن اهم شروط العلمانية في نظرهم انك يجب ان تكون موال لامريكا واسرائيل في السراء والضراء، وان ما تفعله امريكا فينا حلال وإننا نستحق الموت لكوننا متخلفين جهلاء وان امريكا يجب عليها ان تبيد المنطقة بأكملها حتى تخلصها من الارهاب والتخلف وتبدأ على مية بيضاء .
طبعا ان لا استطيع ان اقول ان كل العلمانيين يفكرون بنفس الطريقة، ولكن بعضهم. ويجب ان اوضح ان موقفى السياسي ضد امريكا واسرائيل ليس بدافع دينى ولكن بدافع انسانى، وبدون الخوض في تفاصيل انتم اعلم منى بها انا ضد قتل الابرياء باسم الحرية حتى ان كانوا متخلفين ... واكييد انتم تعرفون جيدا ان امريكا لم تأتى الى العراق حتى تخلص شعبها من التخلف وتعطيهم الحرية التى افتقدوها في عهد صدام فالحرية لا تعطى ولكنها تؤخذ .. وللحرية ثمن غال جدا لا يدفعه الا من يؤمن بها ويكون مستعدا للدفع حتى لو كانت حياته هى الثمن، لكن ما يحدث في العراق غير ذلك تماما ...
في النهاية انا مع كل رأى حر حتى ولو اختلفت معه وضد فرض اى رأى أو عقيدة او مذهب وضد فرض حتى الحرية ... والعلمانية هى فكر انسانى لحماية القانون الانسانى على الأرض وليست لنبذ العقائد او الاديان او فرض الحرية بالقتل وسفك الدماء.
دينا عبد الحميد
كاتبة مصرية
موقع دينا عبد الحميد على الحوار المتمدن http://www.ahewar.org/m.asp?i=963
3 comments:
مقال جميل واضم صوتي لمن سبقني في شكر الأخ المستفز المتطرف الذي كفرك وحكم عليك بالخروج من جنة العلمانية والدخول في جهنم. أي جهنم؟ جهنم التي لابد وقد أعدها إله العلمانية كما سماه وليد كريم الجميل للكافرين بالعلمانية والناكرين لكتبها ورسلها ومثلها العليا التي لا يأتيها الباطل من إسرائيل ولا من أمريكا
سبب الشكر بالطبع هو أنه استفزك فكتبتي بعد انقطاع سنتين
أما إسرائيل
فهي دولة ثيوقراطية
تمنح حق المواطنة
لليهود المولودين في أي مكان في العالم
بينما تجتهد في منع الفلسطينيين الذين ولدوا أو ولد آباؤهم على أرض تعتبرها إسرائيل اليوم إسرائيلية
من حق المواطنة والعودة
وهناك قوانين وتنظيمات لا حصر لها
تعطي اليهودي في إسرائيل حقوقاً يحرم منها غير اليهودي
أما أمريكا
فهي نظرياً ودستورياً دولة علمانية إلى حد كبير
ولكن واقع الأمر أن الصناعات الدينية
والمؤسسات الدينية العملاقة
لها قوة نفوذ جبارة
وهذا أمر يصعب تجنبه وإن كانت طبيعة الأمور
والتطور الحتمي للتاريخ والحضارة
كفيلة بعلاج هذا على المدى الطويل
Post a Comment