الخطبة العشرينية
وتواصوا بالحق ... وتواصوا بالصبر
وتواصوا بالحق ... وتواصوا بالصبر
وفجأة صاح أحد المصلين وهو من أهل الميت على الأرجح، معترضاً على هذا التطويل الممجوج، الذي لايراعي ظروف الموتى ولا الأحياء، ولا يرضى به أهل الأرض ولا رب السماء، وفي لحظة، انقلب صحن المسجد لساحة من التكبير والصياح والاستنكار حتى ينهي الخطيب خطبته العشرينية، حيث تحتوي على عشر معاريج وعشر سنوات وما لا يقل عن عشرين قصة من قصص الأنبياء والرسل المرتبطين بتلك المعاريج ...
قاوم الخطيب هذه الثورة محاولاً تنفيذ التعليمات، والإطالة في الخطبة، فبدأ في إلقاء الأشعار والأهازيج، مستنكراً سلوك المصلين، محذراً إياهم من نقمة أكيدة تحل عليهم قريباً، معلناً بطلان صلاة من صاحوا من أهل اللغو، بينما بدأ بضعة من المخبرين المدسوسين وسط المصلين في الاعتراض على المعترضين، موضحين حرمانية ما يفعله هؤلاء، ولكن معظم المخبرين خشي من انفضاح أمره وسوء العاقبة إن اجتمع عليه المصلون الغاضبون، فآثر الصمت، واستمر الخطيب لعدة دقائق في خطبته التي لم تعد مسموعة من فرط الصياح الغاضب ، ولكن مجموعة من المصلين الغاضبين بدأوا يقتربون من المنبر، فخشي الرجل على نفسه من فتك الجماهير الغاضبة، فنزل مهرولاً في خزيه من على المنبر وأقام صلاة مضطربة، بدأ فيها بسورة النجم التي يبدو أنه كان انتوى بها استهلاك نصف ساعة إضافية في الركعة الأولى، ولكنه أدرك أن ظهره مكشوف بعد أن نزل عن المنبر، وخشي من المصلين وأهل الميت أن يفتكوا به وسط الصلاة بعد أن تبينت نياته الأمنية، فاقتصر على بضع أيات من السورة في الركعة الأولى، ثم عرج على سورة العصر في الركعة الثانية وهي إحدى أقصر قصار الصور من جزء عم، موجها رسالة قرآنية للمصلين والمتظاهرين، كمنت في أيات سورة العصر، بأن مصير سعيهم هو الخسران، ما لم يتحلوا بالصبر ويتواصوا به فيما بينهم. لكن الله أبى إلا أن يتم نوره في آخر آية، مطالبا المؤمنين في النهاية أن يتواصوا بالحق الذي - غاب ودفن كما سيدفن خالد سعيد - قبل أن يتواصوا بالصبر الذي قصده الخطيب ومن قبله المباحث.
No comments:
Post a Comment