الحزب الاشتراكي المصري
إحالة الضابط قاتل الشهيدة شيماء الصبّاغ إلى المحاكمة
يثبت الحاجة إلى تطوير فكر وثقافة أجهزة الدولة والأمن، فى التعامل مع الشعب!
طرحت قضية الديمقراطية نفسها بقوة مجدداً، على بساط الجدل العام فى المجتمع المصرى، بعد مجموعة الإعلانات والقرارات التى صدرت من وزارة الداخلية ومكتب النائب العام، فى الساعات الماضية، فى مجموعة من الوقائع المثيرة للرأى العام، هى على وجه التحديد:
1 ـ حادثة اقتحام مقر حزب "التحالف الشعبى الاشتراكى"بالإسكندرية، فجر يوم 13 مارس الماضى.
2 ـ واقعة مقتل الشهيدة "شيماء الصبّاغ"، بواسطة قوات الأمن، يوم 24 يناير الماضى، (الأمر الذى ظلت وزارة الداخلية تكابر وترفض الاعتراف به، وتتهرب من مسؤليتها عنه بمحاولة إلصاق التهمة بنائب رئيس حزب "التحالف"، د."زهدى الشامى"!).
3 ـ إعلان نتيجة التحقيق فى حادث مقتل الشهيد "محمد الجندى"، يوم 4 فبراير2013.
4 ـ الحادث المأساوى الذى واكب مباراة كرة القدم بين فريقى الزمالك وإنبى، فى استاد الدفاع الجوى، يوم 8 فبراير 2015، ونجم عنه مقتل 22 مواطناً.
تثير هذه القضايا جميعها، قضية الديمقراطية، وثقافة السلوك الأمنى فى مواجهة التحركات الشعبية السلمية، التى كانت أحد أهم القضايا التى فجّرت ثورة 25 يناير2011.
ومن الواضح أن هذه المسألة لم تستقر قواعدها فى واقعنا، ولم تترسخ تقاليدها فى المجتمع حتى الآن، رغم الثمن الغالى الذى دفعته جماهير شعبنا، دون تردد، وقد تعرضت هذه القضية لأزمة عنيفة بصدور قانون "تنظيم حق التظاهر السلمى" لتقنين هذا الحق الذى أوجبه دستور 2014، بالإخطار، بعدما تحول إلى قانون لمصادرته ، بمنح جهاز الأمن حق الرفض، على أن يلجأ المتضرر إلى القضاء، على العكس مما تضمنه مشروع القانون السابق، الذى قُدّم فى عهد "محمد مرسى"، الذى كان يوجب على جهاز الأمن الحصول على موافقة القضاء، إذا اعترض على إخطار الجهة المنظمة للمظاهرة السلمية!، والتعسف فى موقف الأمن هو ماتم تطبيقه دون هواده، فى التعامل مع كل ممارسة سلمية لهذا الحق، وآخرها إحالة مجموعة من قيادات "حزب التحالف الشعبى" إلى محكمة الجنايات، بتهمة خرق قانون التظاهر، يوم مقتل "شيماء الصبّاغ".
وقد ساعدت موجات الإرهاب المتصاعدة، التى مارستها جماعات العنف والتكفير بقيادة جماعة "الإخوان الإرهابية"، خلال فترة مابعد 30 يونيو 2013، على إحكام القبضة الأمنية، والتشدد فى تطبيق "قانون التظاهر" دون تمييز بين ممارسة الحق الدستورى فى التظاهر السلمى لأحزاب وقوى سياسية، تدافع عن الدولة ضد العنف والإرهاب، وبين قوى مُخرِّبة ينبغى مواجهتها بكل قوة وحسم، وهو ما أدى إلى وقوع فجوة خطرة فى العلاقة بين النظام وقطاعات من الشباب، من جهة، وبينه وبين مجموعة من الأحزاب السياسية من جهة أخرى، فى وقت يحتاج الوضع بشدة، إلى ضم الصفوف، واجتماع الإرادة الوطنية، للعبور بمصر من عنق الزجاجة الراهن.
وفى هذا السياق يأتى توجيه النيابة العامة الاتهام إلى أحد ضابط الأمن بالتسبب فى مقتل الشهيدة "شيماء"، وإحداث إصابات بآخرين، وكذلك إلقاء مسؤلية مقتل الشهيد "محمد الجندى" على عاتق سيارة مجهولة الهوية، رغم كل مظاهر التنكيل والتعذيب، التى لحقت بجسده قبل ان يلفظ أنفاسه، وأيضاً تبرئة ساحة الداخلية بالكامل، من مأساة استاد الدفاع الجوى، رغم الأخطاء الفادحة فى تعاملها مع الوضع من بداياته، لكى يُعيد التأكيد على الحاجة الماسّة، لتطوير فكر وثقافة وممارسات أجهزة الدولة جميعاً، وعلى رأسها جهاز الأمن، التى لا زالت تنظر إلى الشعب باستعلاء، وتتعامل معه باستهزاء، وترفض الاعتراف بأى تغيير، على أرض الواقع، فى فترة مابعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو.
وبناء على ماتقدم، فإن "الحزب الاشتراكى المصرى"، إذ يرحب بخطوة إحالة الضابط المتهم بقتل الشهيدة "شيماء الصبّاغ" إلى المحاكمة، التى نرجو أن تكون شفّافة ونزيهة وناجزة، ليُعيد التأكيد على ضرورة إعادة النظر فى "قانون التظاهر"، وكافة القوانين السالبة للحقوق الأساسية المُقرّة فى الدستور، من منطلق الإيمان بأن الديمقراطية الحقة، هى أكبر ركيزة للدولة فى حربها ضد الإرهاب، وأن الشعب المصرى الذى دفع غالياً لقاء حريته، لن يتخلى عنها، مهما بلغت التكلفة، ومهما عظمت التضحيات.
No comments:
Post a Comment