An Attempt at Demystifying Alchemy
هل برع المصريون القدماء في السحر؟
ما هو هذا السحر؟
هل هو أشياء خارقة للطبيعة؟
تعاويذ وهمهمات وصلوات وبخور؟
هل كان لديهم سر تحويل المعادن الرخيصة
إلى ذهب؟
قدرات سحرية أم تكنولوجيا سرية؟
نعتقد أن شهرة الكهنة المصريين في شئون
السحر، إنما جاءت نتيجة لتوصلهم إلى أسرار علوم الكيمياء والطبيعة والرياضيات بصورة
حصرية وسرية غير معلنة، وقيامهم باستخدام هذه الأسرار في استباط تقنيات متعددة، فجاءت
قدرتهم على الإتيان بأعمال تبدو للمراقب غير المطلع على مثل تلك الأسرار بمثابة أمور
خارقة ومعجزات وأعمال سحرية، تماماً كمن يستخدم البارود مثلاً في إحداث انفجار وسط
مجموعة من البدائيين الذي يستخدمون البلط أو السيوف، فيصبح في نظرهم ساحراً أو حتى
إلهاً قادر على تسخير الرعد والبرق في خدمته!
وبالطبع فإن تجليات التبحر العلمي والتقني
للكهنة صاحبتها أيضاً طقوس وأجواء تضفى المزيد من الغموض على تلك الظواهر، ولا شك أن
هناك مجموعات كبيرة من الدجالين والمدعين والمطرودين، أنشأوا صناعة كاملة تتربح من
السحر والدجل والشعوذة، ونشأت مدراس موازية للسحر، وأخرى تخلط بين السحر والعلم والكيمياء
والدين والفلسفة والتصوف، وانتشرت مثل هذه المدارس والمذاهب وجماعات السحر في مصر وخارجها، وازدهرت في القرون الوسطى في أوروبا
مع عصور الظلام، ثم قامت الكنيسة في روما بإعلانهم ككفرة ومهرطقين بما فتح الباب للدول
المختلفة في القيام بحملات محاكم التفتيش لتعقبهم، وكان عقابهم في العادة هو الحرق،
ورغم ذلك استمروا في ممارسة طقوسهم سراً، واليوم توجد جماعات عديدة منهم أوروبا وفي
الولايات المتحدة
فن الكيمياء السحرية
هذا الفن ارتبط في الأذهان بتحويل المعادن
الرخيصة إلى معدن الذهب النفيس
وهو حلم داعب العلماء والمشعوذين والملوك
والمغامرين على حد سواء وخاصة في العصور الوسطى، عصور الظلام. ولنا في هذا نظرة مغايرة
قد تفسر جزئياً انتشار هذا الفن في مصر، والصبغة الأسطورية التي أحاطت به فيما بعد.
بداية، تأتي كلمة الكيمياء من اسم مصر نفسها، كيمي أو كيميت كما كان يسميها أهلها،
وكيمي تعني الأرض السوداء، تمييزاً لها عن أرض الصحراء الصفراء أو البنية. ونعتقد أن
فكرة تحويل المعادن الرخيصة لمنتجات قيمة، هي في الواقع روح فكرة الكيمياء السحرية،
فما أسهل الحصول على معدن أو مادة خام رخيصة، ولكن مع وجود التقنية المناسبة، يضع الصانع
الماهر لمسته السحرية، في صورة قيمة مضافة تحول المادة الخام إلى منتج قيم غالي الثمن،
مثل تحويل الرمل إلى اباريق وأكواب وأوان زجاجية، أو تحويل تراب أو كسر المعادن إلى
معدن نقي قابل للتشكيل في صورة أسلحة أو أدوات أو عدد يدوية غالية الثمن
وهي نفس الفكرة التي نراها اليوم، حيث يقتصر
النشاط الاقتصادي في الدول المتخلفة تقنياً على تصدير المواد الخام في حالتها الأولية،
فتشتريها الدول المتقدمة بأبخس الأثمان، وتعيد تنقيتها وتقسيتها وصناعتها ثم تحولها
إلى منتجات غالية الثمن، تقترب في ثمنها من الذهب، وعلى سبيل المثال، فثمن المادة الخام
الموجودة في أحد أجهزة الهاتف المحمول لا تتجاوز جنيهات قليلة، ولكن سر الصنعة وبراءات
الاختراع تحول تلك المادة الخام إلى منتج يباع بآلاف الجنيهات رغم أن وزنه لايتجاوز
بعض المئات من الجرامات، وهو بهذا يماثل الذهب في قيمته وقد يفوقه قيمة
هذا هو ما نعتقد أن القدماء قد اشتهروا
به، وهو ابتكار قيمة مضافة على المواد الأولية فتصبح منتجات غالية الثمن، ومع جو الكهنوت
المحيط بالموضوع، اشتهرت مصر بالسحر، واشتهر كهنتها بفن "الكيمياء السحرية
" Alchemy
وهي الشهرة التي تضخمت فيما بعد بحكم الجهل
الذي صاحب دخول
العالم في عصور الظلام على يد الدولة البيزنطية،
مع روح الغموض وجو الأسرار الذي أحاط بكتب ومخطوطات الكهنة ووصفاتهم "السحرية"،
وخاصة مع ضياع اللغة المصرية، فأصبحت تعليمات التشغيل أو خطوات الإنتاج مثل "كلمات
سحرية" – "أبرا كادابرا"، وبهذا ارتبط السحر في أذهان العامة والمشعوذين
بإلقاء كلمات معينة لا يفهم أحد معناها وذلك لضياع مفاتيح اللغة والعلم. فسحر المصريين
إذا طبقاً لنظريتنا هذه، لم يكن أكثر من قدرات تقنية عالية، تطورت عبر مئات السنين،
ثم ضاعت مراجعها وكتبها وانقطعت مدارس أساطينها فجأة وما نجا من تلك المراجع كان مكتوباً
برموز غير مفهومة أشبه بالطلاسم، ولذا امتلأت كتب السحر بالرموز المشتقة من رموز الهيروغليفية
وظن العامة أن تلك الرموز إنما تمثل إشارات سحرية ذات قوة خاصة تكمن في شكل الرمز نفسه،
بينما أن تلك الرموز لم تكن سوى وصفات عادية تشرح مقادير وظروف وكيفية الصنع أو خطوات
الوصول من مادة لمادة من خلال التفاعلات الكيميائية العادية الطبيعية
وأياً كان الأمر، فقد تتلمذ العلماء والفلاسفة
اليونانيين على إيدي الكهنة المصريين، ووضع اليونانيون هياكل تنظيرية معلنة وحولوا
ما تعلموه مما "بقى" من معارف المصريين إلى بناء متكامل من النظريات المترابطة
بصورة منطقية سلسة تدعو إلى الإعجاب، فأصبحت العلاقات السحرية التي اكتشفها المصريون
بين المواد والأرقام والأشكال الهندسية، أساس البناء العلمي الذي نعمل به إلى اليوم.
ولكن بالطبع ضاع الكثير من تلك المعارف بسبب السرية من جهة وبسبب تحول المصريين إلى
اللغة القبطية، ثم ما ذكرناه من محاربة الدولة البيزنطية للكتابة المصرية القديمة،
وقيامها بالقضاء على الديانات المصرية والمعابد المصرية التي كانت موطناً للعلماء الكهنة،
وما رأيناه أيضاً من تزمت فكري ومعاداة للعلم. وبهذا فإن قد كبير من المسئولية عن ضياع
التقدم العلمي الذي وصل إليه المصريون تقع على الدولة البيزنطية والكنيسة الكاثوليكية
الأعمال والربط والفك والعكوسات!
بالطبع هناك أيضاً أشياء موجودة إلى الآن - ترتبط بالسحر الشعبي - مثل الأعمال والعكوسات والأحجبة والربط والفك وغيرها - وهي ترتبط بقوة الإيحاء والعوامل النفسية في التأثير على شخص ما سواء سلباً أو إيجاباً - وهو ما يشبه لحد ما أيضاً ما يقوم به المعالج النفسي - في الشق الإيجابي ...
#EgyptRemembers
#مصرتتذكر
No comments:
Post a Comment