كانت الخطة المصرية تقضي باقتحام قناة السويس والعبور والاستيلاء على حصون خط بارليف وإنشاء رءوس كباري فرق ثم رءوس كباري جيوش وهزيمة التجمع الرئيسي للقوات الإسرائيلية في سيناء، والوصول إلى خطوط استراتيجية في سيناء تحقق الهدف السياسي من الحرب. وقد أفصح الرئيس السادات عن الهدف من الحرب في كتابه "البحث عن الذات – ص 384" بقوله :
وبذلك،طبقاً لرواية السادات، فإن خطة الحرب كانت تقتضي تطوير الهجوم شرقاً لاحتلال المضايق "بعد وقفة تعبوية أو بدونها"، أي أن مبدأ تطوير الهجوم شرقاً نحو المضايق كان أمراً مقرراً منذ البداية، وكان السؤال هو "متى يتم تطوير الهجوم". وكان بعض القادة ومنهم "اللواء الجمسي " – رئيس هيئة العمليات أثناء العبور (أصبح رئيساً للأركان فيما بعد ثم وزيراً للحربية ثم رقي إلى رتبة المشير)، يرون ضرورة أن يتم تطوير الهجوم في 9 أو 10 من أكتوبر، حتى يظل زمام المبادأة في أيدي قواتنا، دون أن تترك للعدو فرصة لالتقاط أنفاسه أو إعادة تنظيم قواته.
وفي المقابل، كانت هناك بعض العوامل التي جعلت القيادة تتمسك بالحذر للحفاظ على المكاسب الاستراتيجية التي تحققت بالفعل، دون الجري وراء تحقيق مكاسب إضافية أخرى قد تشكل مخاطرة تودي بالأهداف الاستراتيجية للحرب.
فقد كان القائد العام يرى أن تطوير الهجوم سوف يجعل قواتنا تخرج من نطاق حماية مظلة الدفاع الجوي المصري، وهي حوالي 15 كيلومتراً شرقي القناة، مما يترك لطيران العدو حرية قصفها وتكبيدها خسائر جسيمة. أما الجمسي، فكان يرى أن استئناف الهجوم يترتب عليه التحام قواتنا مع قوات العدو الأمر الذي يحد من تأثير السلاح الجوي للعدو، ويتم ذلك أيضاً بالاستفادة من جهد قواتنا الجوية التي أثبتت قدرة فائقة خلال الأيام الأربعة الأولى للحرب، مع الاعتماد جزئياً على وسائل الدفاع الجوي الخفيفة المحمولة، مع الدفع ببعض كتائب الدفاع الجوي الثابتة في وثبات إلى الأمام لتوفير الحماية اللازمة. وكان المبرر الأساسي هو الاحتفاظ بالمبادأة وعدم ترك فرصة للعدو في تحسين وضع قواته أو الإمساك بزمام المبادأة وتحويل قواتنا إلى أوضاع دفاعية.
وأياً كان الأمر، فقد استقر الرأي على عمل "وقفة تعبوية" يوم التاسع من أكتوبر. ولكن جاء سير
ولذلك صدر قرار الرئيس السادات في الساعات الأولى من يوم 12 من أكتوبر للفريق أحمد إسماعيل بتطوير الهجوم شرقاً على الجبهة المصرية لتخفيف الضغط على الجبهة السورية.
وقام المشير بإصدار أوامره ببدء التطوير في الساعة 06:30 صباح يوم 13 من أكتوبر. وبناء على طلب
وكانت هناك معارضة من رئيس الأركان "الفريق الشاذلي " وغيره من القادة لقرار تطوير الهجوم، وكان دافعهم لذلك أن استخدام احتياطي القوات الموجود غرب القناة يؤثر سلباً على الاتزان التعبوي لكافة القوات، ولعدم توافر المعلومات الدقيقة عن قوات الخصم، وعدم توفر غطاء جو كاف.
ولا تزال هناك أسئلة حول هذا الموضوع لم يتم حسمها لأنها تخضع للاحتمالات ولا يمكن لأحد أن يجزم بالجواب :
هل كان يجب تطوير الهجوم مساء 9 أو صباح 10 من أكتوبر؟
إذا لم تكن هناك نية للتطوير، هل كان يجب قبول وقف إطلاق النار يوم 9 من أكتوبر؟
وفي كل الأحوال، فقد تم تنفيذ قرار الهجوم يوم 14 من أكتوبر شرقاً فى اتجاه المضايق مما استدعى عبور الفرقة واحد و عشرين مدرعة وهى احتياطي الجيش الثاني، ولواء مدرع من الفرقة الرابعة المدرعة من احتياطي الجيش الثالث، وتم تنفيذ ذلك صباح يوم الرابع عشر من أكتوبر. وفى ذلك اليوم كانت أعنف معارك الدبابات التى دارت أثناء الحرب، وتكبد الطرفان فيها خسائر فادحة، واستفادت إسرائيل من وصول الإمدادات الأمريكية و خاصة الدبابات والصواريخ المضادة للدبابات وكذلك من الجهد الاستطلاعي الأمريكي، فلم تنجح عملية تطوير الهجوم في تحقيق الهدف المطلوب منها.
**************
من برنامج
أكتوبر
نقطة التحول في الصراع العربي الإسرائيلي
الناشر
Horizon Studios
Ministry of Defense, Military Researches Authority