Saturday, September 18, 2010

The Play

المسرحية

عبر عقود طويلة، نعيش مسرحية عبثية مملة، تتكون من آلاف الفصول التي تتكرر كل يوم، دون أدنى أمل في نزول الستار إيذاناً بالنهاية. وهذه المسرحية تأتي تحت مسميات عديدة، مثل "أزهى عصور الديمقراطية" و"التعددية" و"التنمية"، وغيرها من الأسماء الهلامية، التي لا تجد لها في فصول المسرحية انعكاساً ولا صدى. وهي مسرحية من تأليف وتمثيل وإخراج شخص واحد هو الحزب الوطني، الذي يحاور نفسه طوال المسرحية، في مونولوج سخيف، لا يمتع ولا يضحك، ولا يغني ولا يسمن من جوع.

الفصل الأول من المسرحية هو فصل الإنجازات، الذي يتحدث عن تطور ضخم وتنمية يشهد لها الشرق والغرب، في عالم التصريحات والمليارات، المطعمة بما تيسر من إحصائيات، ومعظمها مضلل لا يصدقه الشعب، الذي عليه – رغم المسرحية - أن يعيش في العالم الحقيقي، وهو عالم لا وجود فيه للرخاء الحكومي، حيث الأسعار ترتفع بصورة مستمرة، بينما تعاني الأجور من الأنيميا الحادة، ويعاني الجنيه من البلاجرا المزمنة، بما يدفع الموظف المسكين إلى أن يمتهن أعمالاً أخرى، أو يطلب الإكراميات مقابل تأدية الخدمات وتمرير الاستثناءات، حتى صدرت فتوى شرعية بأن تقديم الرشوة حلال. الموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي إحدى أغاني الإشادة، الذي تؤكد أن الشعب بكامل حريته قد اختار الحزب الوطني دون غيره، لحبه الشديد في الفقر وشظف العيش. خلفية المسرح عبارة عن لوحة ضخمة وردية، دون أي تفاصيل.

الفصل الثاني من المسرحية هو فصل الريادة والتفوق، والعالم الذي يشيد بنا في كل مناسبة وبدون مناسبة، بشهادة صحيفة فرنسية مجهولة تمتدح دوماً أداء الاقتصاد المصري. وتبحث عن تلك الصحيفة الفرنسية حتى تطمئن بنفسك على الأحوال، فتجد أنها صحيفة حائط في المدرسة التجارية الفرنسية بالظاهر. وبينما يشيد العالم بأدائنا المتميز، ولا ينام الليل من فرط حلاوتنا التي هي "زايدة حتة"، باعتبار أن الجريدة (الفرنسية) تصدر الساعة (ستة)، وبينما تحسدنا الصحيفة على الريادة التي لا مثيل لها، يصطدم الشعب بالواقع المرير، والأصفار التي نحصل عليها في كل مجال بجدارة وامتياز، حتى أصبحت تلك الأصفار مثل لعنة شريرة تطاردنا باعتبارنا من سلالة الفراعنة. وطوال هذا الفصل، تسطع أدلة الريادة في خلفية المسرح، التي تزدحم بمقتطفات من الصحف القومية التي تؤكد تفوقنا الملحوظ، بشهادة الخواجات الأجانب. والموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي أغنية تتحدث عن فضائل الاستقرار، ومثالب التغيير الذي لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يأتي من ورائه، من باب أن "اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش".

الفصل الثالث من المسرحية هو فصل "الاستثمار"، تبدأه حكومة الحزب الوطني بالتغزل في المستثمر، وغوايته بالامتيازات والإعفاءات والوعود لجلب أمواله. وما أن يأتي المستثمر المسكين بأمواله، حتى تطالبه الحكومة بقائمة من المستندات والتراخيص والتصاريح والموافقات، فيجتهد المستثمر في الحصول عليها إعلاء للشرعية وسيادة القانون، ويصطدم أثناء ذلك بالأدراج المفتوحة ونصف المفتوحة، والقرارات العشوائية المتلاحقة، وعدم سداد مستحقاته إن كان مورداً للحكومة، ثم ينتهي الفصل بالملاحقة البوليسية عندما يتعثر المستثمر المسكين ويصيبه الإفلاس، فيسجن أو يهرب خارج البلاد، وينتهي الفصل بخلفية ضخمة، تزينها أسماء المستثمرين بعد وضعهم على قوائم ترقب الوصول، والموسيقى التصويرية تنقلب من موسيقى رومانسية حالمة في البداية، إلى موسيقى رعب، ثم تنتهي بأصوات سارينة سيارات الشرطة، وصوت لطم وشق الهدوم، ونواح المستثمر وأسرته لحظة القبض عليه.

وهناك المزيد من الفصول مثل فصل الرعاية الاجتماعية، وهو فصل فعلاً لأنه ينتهي بنهب أموال التأمينات، وفصل انتشار الخدمات الصحية، الذي ينتهي بوفاة المريض بسبب عدم توفر الدواء، وفصل التنمية البشرية وتميز التعليم الحكومي الذي ينتهي بفاصل من التلقين في أحد الدروس الخصوصية، ثم مشهد لشباب يجلس على الرصيف نتيجة للبطالة المتفشية والمحسوبية في التعيين. أما الفساد والبيروقراطية، فلا يوجد لأي منهما فصل خاص، لأنهما يتجولان في أرجاء المسرح جيئة وذهاباً طوال الوقت وأثناء كل الفصول، ثم ينزلان من على خشبة المسرح، ليقوما بتقليب المشاهدين المساكين وشق جيوبهم بالأمواس والمشارط علناً، ويضحك المشاهدون باعتبار أن هذا هو جزء من المسرحية، رغم تأكدهم من استحالة عودة أموالهم إليهم، ويتذكرون فصل توظيف الأموال اللطيف، الذي انتهى بتوزيع "الحلل" البلاستيك على المشاهدين تعويضاً لهم عن مدخراتهم، بينما ازدانت الخلفية بأسماء كبار المسئولين فيما عرف بكشوف البركة.

وأثناء فصول المسرحية، ولأن الموضوع تمثيل في تمثيل، تتظاهر الحكومة بتقديم الخدمات للشعب، من تعليم وصحة وأمن وعدل ومرافق، وتعد الشعب بتوظيف أبنائه، وتمنح موظفيها المرتبات والعلاوات. تتظاهر الحكومة بذلك، وفي المقابل، وبعد تمرس طويل، يتظاهر الشعب بأنه يسمع كلام الحكومة ويحترم قوانينها، ويمصمص شفتيه ويهز رأسه تصديقاً لتصريحاتها، وهو يعلم تمام العلم أن تلك التصريحات (فشنك)، وأن تلك القوانين واللوائح قد عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح للتطبيق على أرض الواقع، لتستمر المعاناة الشديدة والنفاق الجماعي.

وعندما يتململ بعض المشاهدين ويعلو صوت الشعب بالشكوى، ويصاب البعض بنوبات التشنج العصبي والصرع، تلقي الحكومة على المشاهدين خطبة عصماء كتبها أحد الفطاحل من المبرراتية، فحواها أن المسرحية رائعة دون شك، وأن المؤلف قدير، والمخرج متمكن وعتيد في الفن، وأن السبب في فشل المسرحية في الواقع إنما يقع على جماهير الشعب من المشاهدين، الذين لا يفهمون الحكمة العظيمة والفلسفة الرفيعة التي تكمن وراء فصول المسرحية، ويتسببون بجهلهم في إفساد الحبكة الدرامية، وبكثرتهم وتوالدهم المستمر في استنفاد كل كراسي المسرح، رغم أن معظم صفوف المقاعد خالية ومحجوزة نظراً لدواعي الأمن، وبينما يتزاحم السواد الأعظم من الشعب وقوفاً في الممرات الخلفية الضيقة، يتنافس المحظوظون من محاسيب الحكومة على الجلوس في الصفوف الأخيرة بعد سداد "المعلوم" للمسئولين عن تخصيص المقاعد، وهؤلاء المسئولون يعملون بالطبع لحساب حكومة الحزب الوطني الرشيدة.

ومشاهدة هذه المسرحية ليست بالأمر الاختياري، بل إنها إجبارية، لأن كل المسارح الموجودة في البلاد تعرض نفس المسرحية، وإن اختلف ترتيب الفصول. ويتساءل الشعب عن موعد انتهاء المسرحية وإسدال الستار، فتطمئنه السلطة بأن هناك مسرحية جديدة قادمة في الطريق، تحت اسم "مرحلة جديدة"، أو "صحوة كبرى"، أو "فكر عصري"، وغيرها من اللافتات والأفيشات. وينتظر الشعب على مضض، ولكنه يُصدم عندما تبدأ أي من تلك المسرحيات "الجديدة"، عندما يكتشف أن الممثل واحد مهما تلون وجهه بالأصباغ والأحبار، والمضمون مكرر ممجوج، وإن اختلفت ألفاظ الحوار.

كيف نتخلص من الحصار المفروض علينا من قبل تلك المسرحية التي لا تنتهي؟ هل يمكن أن نخرج من المسرح لنتنفس هواءً نقياً لا يلوثه فساد أو احتكار أو نفاق؟ وفي نفس الوقت، كيف يتوقع المشاهدون أن تنتهي المسرحية بينما هم يصفقون في نهاية كل فصل؟ ورغم أن الشعب يصفق استعجالاً لانتهاء المسرحية، إلا أن الحزب الوطني يأخذ هذا كعلامة أكيدة تدل على أن الشعب سعيد جداً بالمسرحية ولا يطيق انتهاءها، فتصدح أصوات الجوقة بأغاني التجديد والمبايعة. ألم يحن الوقت حتى يطالب الشعب الحزب الوطني بالنزول من على خشبة المسرح ويمنح فرقته التمثيلية أجازة بدون مرتب – أو بمرتب – بشرط أن يستمتع بالراحة بعد احتكار الأداء لعقود طويلة؟ متى نرى اليوم الذي يتقاعد فيه الحزب الوطني ويترك خشبة المسرح؟ أو على الأقل، متى يكتفي الحزب الوطني بمسرح واحد، ويترك باقي المسارح للفرق الأخرى؟

Monday, September 06, 2010

Reverse Selection 2: Survival for the most Corrupt

الانتخاب العكسي: 2

 

البقاء للأفسد

مبدأ الانتخاب الطبيعي يقتضي أن يختار المجتمع أصلح عناصره – في كل منظمة ومحفل ومؤسسة سواء حكومية أم خاصة، تجارية أم صناعية أم خدمية – لتشكل هذه العناصر المتميزة النخبة التي تقود حركة المجتمع في صراعه وتنافسه الدائم مع الأمم الأخرى لضمان البقاء والازدهار.

أما عندما يختلط العام والخاص، ويتجاهل المجتمع فكرة التغيير والتطور، وتستشري المحاباة على حساب المصلحة العامة، ويحسب كل مسئول أن الوزارة أو الكلية أو المؤسسة أو الدولة التي يديرها هي عزبة خاصة، يستحق أن يجلس على سدتها حتى آخر نفس، ولا يكتفي بذلك بل يطمع في توريثها لأبنائه من بعده، عندها تصبح الكفاءة والموهبة نقمة على أصحابها، ويصبح الهم الأكبر للمسئولين هو دفن أو تطفيش أصحاب المواهب، ويطرد المجتمع ككل أفضل عناصره لصالح تكريس الواقع ومنع الارتقاء الداخلي للعناصر الأصلح، وتستشري الضحالة والسطحية والسماجة، واللي ماشي حاله، والنص- نص، واللي مش أوي Mediocrity لتحل محل الموهبة والتميز في تبوأ مقاعد النخبة، ومع منع الموهوبين والمتميزين من الصعود لأعلى لا يصبح أمامهم من سبيل سوى التحرك أفقياً للخروج من المنظومة – بالهجرة مثلاً – والالتحاق بمنظومة أخرى تسمح لهم بالصعود لأعلى، مثل فقاعات الغاز التي تجد طريقها إلى سطح الماء في النهاية بصرف النظر عن العوائق التي تقف في طريقها. ومع هجرة النخبة الطبيعية، تنضم لمنظومة مجتمع آخر منافس، فتزداد الهوة النسبية بين المجتمع الطارد والمجتمعات الأخرى.

ومع تمدد مواسير شبكة الفساد وتوصيل الفساد إجبارياً لكل مدينة وقرية ومصلحة ومؤسسة ومنزل، تتطور الأمور – أو تتدهور – ليصبح معيار الانتخاب لأعلى ليس فقط هو الولاء والنص نص أو حتى الضعف، بل أيضاً المشاركة في الفساد والتواطؤ مع المفسدين والموالسة لهم، ويصر شيوخ المنسر على انتخاب العناصر الفاسدة المتورطة "للركب" في مجاري الشبكة، حتى يطمئنوا على قدراتها في التفاسد والمفاسدة والإفساد، مع إمكانية إزاحة تلك العناصر عند اللزوم بإظهار بلاويها المستخبية وإبراز "ملفاتها السوداء المتضخمة"، ويصبح التنافس ليس في الإبداع أو الإنتاج، بل في التزوير والنفاق والتزييف والفساد والإفساد والهبر، ويصبح البقاء للأفسد.

يضعف المجتمع ككل، وتنهار قوته التنافسية في الصراع الدائم مع الأمم الأخرى، وتحل التصفية البشرية مكان التنمية البشرية، ويفقد المجتمع أغلى عناصره، الموهبة الإنسانية الخلاقة التي هي مصدر الإبداع والقيمة المضافة في أية منظومة في المجتمع. ولكن أسوأ ما يصيب المجتمع هو ترسيخ مجموعة من القيم المعكوسة لتحل محل القيم الطبيعية، فالفساد وليس الأمانة يصبح هو مفتاح الترقي، والنفاق والجبن وليس الصدق والشجاعة يصبحان السبيل إلى الصعود، والضحالة وليس العمق والتميز تصبح هي معيار الاختيار. فعندما تكون المكافأة على قدر النفاق الإعلامي، فمن الطبيعي أن من يترقى لأعلى المناصب الإعلامية يكون هو أكبر المنافقين، ونظرة واحدة على الصحف "القومية" وأسماء القائمين عليها تصيبك بالذعر، وكذلك عندما يكون الهدف هو تزييف الانتخابات والعملية السياسية ككل لتكريس سيطرة نظام ما على الحكم لأطول فترة ممكنة، فمن الطبيعي أن الذي يصل لأعلى المناصب هو أعتى المجرمين في التزوير والبلطجة، محاطاً بحاشيته من البصاصين والمتخصصين في شراء الأصوات والذمم والتلاعب في العملية السياسية واختراق الجامعات والنقابات والصحف والجمعيات والأحزاب. ما هو الدرس الذي يعطيه هذا لأفراد المجتمع وللأجيال القادمة؟ أن الكذب والنفاق، والتزوير والتزييف، والاختلاس وسوء استغلال السلطة وهبر أراضي الدولة ومؤسساتها، هي القيم التي يجب أن يتحلى بها الشاب الشاطر الذي يبتغي النجاح، فمع فساد أهداف المجتمع، تفسد عملية الانتخاب الطبيعي لتعكس هذا الفساد، ويظهر الانتخاب العكسي، ومن هنا يتضح أن الفساد لا يقتصر على الرشوة أو المحسوبية أو غيرها من المظاهر الساذجة، بل إن الفساد يتسع ليضرب جذوره في أعماق المجتمع ملوثاً ضمير الأمة، ليشوه القيم والسلوكيات والأهداف والمرجعيات، والنفوس والممارسات، ويفسد طبيعة التعاملات ومنطق الأشياء والقوانين التي تحكم نتائج التفاعلات الاجتماعية.

هذا هو منطق الانتخاب العكسي، فبدلاً من أن يسود المجتمع منطق البقاء للأصلح، ينقلب منطق الحياة ليصبح البقاء للأفسد، والصعود والترقي للأفسد، وهكذا. وبالتالي، بدلاً من أن يتطور المجتمع طبقاً للقوانين الطبيعية، يتدهور ويتراجع للوراء في كل المجالات، ومهما حاول أي شخص أن ينظف شقته من الداخل، فما دامت بسطة المنزل المشتركة تصخب بالزبالة، فلا يمكن الهروب من القذارة والعطانة والمرض والفشل العام.

من هنا نكتشف أن مبدأ الانتخاب ليس مجرد آلية سياسية، يمكن أن نتنازل عنها مجاملة لحاكم أب أو ابن، بل هو مبدأ فرضته قوانين الطبيعة، وعندما نقف في وجه الطبيعة، ونختار أن تحل المحاباة (المشتقة فساداً من الحب) محل الانتخاب الطبيعي، نضر أنفسنا وأبناءنا وجميع من نحب، لأنه في ظل وجود صراع وتنافس دائم بين الأمم اقتصادياً وتقنياً وثقافياً وسياسياً، نخوض نحن معركة خاسرة مقدماً، بينما تقودنا أسوأ وأفسد عناصر المجتمع نحو الهزيمة الحتمية، ولا يجب عندها أن نندهش عندما تنهمر علينا الأصفار والكوارث والهزائم وحالات الفشل العام والخاص.

والآن: هل من سبيل للخلاص من هذه اللعنة وكسر هذه الدائرة الحلزونية الهابطة؟

 

وائل نوارة

Wael_Nawara@Hotmail.com

المصري اليوم 6 سبتمبر 2010


https://www.almasryalyoum.com/news/details/13765

 

 

 

In Memory of Islam Sobhy



البقاء لله
توفي إلى رحمة الله الزميل العزيز النقي
الأستاذ / إسلام صبحي
المحامي وعضو الهيئة العليا لحزب الغد ووكيل الحزب لشئون التدريب والتثقيف السياسي
وأحد أخلص وأنقى شباب الوطن
:::::::::::::::::::::
نسأل الله أن يتغمده برحمته
:::::::::::::::::::::
وأن يلهم أهله وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوى في هذا المصاب المفجع
:::::::::::::::::::::
صلاة الجنازة بجامع عمرو بن العاص عقب صلاة الظهر
:::::::::::::::::::::::::


Saturday, September 04, 2010

Brotherly Hallucinations

العربي القاهرية

الأحد 5 سبتمبر 2010


أليست الروح التي تقف خلف 'طز' مهدي عاكف و'نجاسة' محمد بديع تجديفا في حق الوطن طالما تعتبر فضحه فريضة على كل مصري؟


تجديف إخوانجي


بقلم: محمد طعيمة


ربما صدفة.. وأراها ليست صدفة، هذا التزامن بين تراجع منظومة القيم الأخلاقية وبين أتساع الوجود الاجتماعي والسياسي للإخوان في مصر، الأمر يحتاج لدراسات ترصد هذا التراجع وتحلل دور قيم البنّاوية في ترسيخ "مظهرة" الدين لإفراغ الإسلام من جوهره التقدمي: خلافة الله وعمران أرضه. هم ليسوا أبرياء من "النجاسات والأوساخ" التي نسبها مرشدهم محمد بديع لمصر والمجتمع، واعدا بتطهيرنا منها رغم "أنهم ليسوا طرفاً فيها أو تسببوا في جزء منها". المؤكد أنهم شركاء للانظام الحالي فيما وصلت إليه مصر من تردٍ قيمي.

"طز في مصر" قالها المرشد السابق، وهاهو المرشد الحالي يكرر شتيمتها قاصراً "الربانية وماء السماء الطهور" على جماعته. "فلتة تقية" من مهدي عاكف تكشف عن موقع الوطن من قلب البنّاوية، لكن بديع كان واعياً.. مستخدماً ذات مفردات خطابهم العادي لترويض"القطيع"، ودغدغة مشاعره الدينية باللعب على السلوكيات والحريات الشخصية. كان بديع يقصد المعنى الفج للكلمة.. نجاسة، ليضيف لإهانة سلفه للوطن.. إهانة الشعب.

لعْب البنّاوية التاريخي على "الشخصي"، يُجيز أخلاقياً وسياسياً مواجهتهم بنفس خطابهم "السلوكي".. سواء تعلق بهم كأفراد أو جماعة، وتقييماته الأخلاقية، وأن "نقتدي" بمرشدهم في استخدام ذات المفردات. ونتذكر أن تاريخهم الأخلاقي، كما كل التنظيمات البشرية، مليء بما يناقض ادعاء قياداتهم بربانيتهم. ادعاء قد "يشربه" المائة ألف إخوانجي، التقدير لحليفهم د.عبدالحليم قنديل، لكن هذا الادعاء ينهار مع كشف جزء يسير جداً من سلوكيات هي في صلب التوصيف الذي تلفظ به بديع.. النجاسة.

"عمرك شوفت أوسخ من كده"، يُقيم أحمد زكي نفسه في فيلم "معالي الوزير" واصفاً كتابته تقارير أمنية عن زوجته، وهو ذات ما اعترف أبرز شيوخهم بفعله مع "إخوانه". وصحيح أن أحط درجات النجاسة هي التحالف مع العدو في مصر أو العراق، وهي توصيف أقرب لمن يوظف الدين في خدمة المنظومة الاستعمارية، وفي تشويه العقل المصري، وعرقلة تقدمه، لكننا سنلتزم بالجانب السلوكي الذي يلعب به الإخوان. وصحيح أن "حواديت" كثيرة تحيط بسلوكيات شباب وشيوخ، لكنها تظل "حواديت" حتى وإن أصبح بعضها من قبيل "العلم العام"، سواء سربها خصوم من داخل الجماعة أو من خارجها، دارت في مصر أو بالمهجر أو بقطر مغاربي. من هذا القطر مثلاً نتوقف عند ما هو متواتر عن تسجيل جهاز مخابرات عربي شريطاً لأحد رموزهم تدور "ممارسته" على سجادة صلاة، أو عند ما صاحب تأسيس إمارتهم في غزة من قصص فساد مالي وأخلاقي طالت قيادتهم وشيوخهم، ستجد نماذج منها على اليوتيوب.

"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون". حين يلوّن بديع خطابه للقطيع بالحديث عن نجاسة شعب أو مجتمع مقابل طهارة جماعته، وجب ردعه وتذكيره بأن تاريخ البنّاوية يحفل بوقائع موثقة تُصنف كنجاسات وإن تسترت خلف الربانية.. لينطبق عليها المثل الشعبي الذي نردده على إحدى الدول العربية، فقط نستبدل الشعب بالجماعة.. والأرض بالشعار، فهم يريدون لنا بنية اجتماعية تُعمينا شعاراتها الدينية عن السوس الذي يأكلها، كما هو حال جماعتهم. وإذا كان الإخوان يعتبرون ما نشرته المصور بعنوان "فضيحة جنسية لشقيق زوجة حسن البنا" من قبيل التشويه الأمني، وأن ما كتبه أنور الهواري بالأهرام عام 1994 عن "التاريخ الجنسي للإخوان" يدور في نفس السياق، رغم أن الهواري "بنّاوي" الأصل والتربية قبل أن ينقلب عليهم، فإنهم لن يستطيعوا تبرير توظيف "أموال المسلمين" بشبكة "التوحيد والنور" في تعدد زوجات السويركي، وهي فضيحة لا تقارن بما فعله أحد جذورهم الأساسية، خضع لتحقيقات داخل الجماعة بضغط من قيادات تاريخية أبرزها أحمد السكري، والذي اتخذ من خضوع مرشده لإغراء ووعيد مصطفى النحاس مبرراً لكشف جزء من الفساد المالي والأخلاقي لإخوان البنّا.

أبرز أبطال هذا الفساد الأخلاقي أحد مؤسسي الجماعة، تقدمه مواقعها للقطيع كنموذج لـ"الأيدي المتوضئة". هو من أوائل من بايعوا المؤسس حتى ربطتهما علاقة عائلية، وُصف بذراعه الأيسر.. الأيمن كان السكري نفسه. بطل الفضيحة نموذج إخوانجي أصيل: ذقن وجلباب.. قال الله وقال الرسول، وتحت القبة ما تحتها. اقترح نظاماً للتزاور بين عائلات الجماعة في منازلهم "لتعميق الترابط والحب بينهم"، وافق البنّا وإخوانه وأوكلوا إلى صاحب الاقتراح مهمة تنظيمه. تدريجياً تسربت فضائح "راسبوتين الإخوان".. انتهك الحرمات متسترا بشعارات الربانية، ولم يكن أمام مرشدهم إلا فتح تحقيق مكتوب.. انتهى بإدانته. للتكتم على الفضيحة، أرسله البنّا في بعثة تنظيمية إلى الشام عام 1945 وحل نظام تزاور الأسر، واختفت وثائق التحقيقات. عاد "راسبوتين" من بعثته الشامية ليستعيد قوته داخل الجماعة، وظلت أجيال الإخوان تُربى على تقديس "الشيخ المُتوضئ" حتى رحيله في النصف الثاني من السبعينيات. المؤكد، حتى في سياق الطبيعة البشرية، أنه لم يكن حالة فردية.. هو الحالة الأكثر فجاجة والتي عجزوا عن كتمانها.

أليس تجديفاً في حق الذات الإلهية نسبة الربانية وماء السماء الطهور إلى هذه الجماعة. والأهم: أليست الروح التي تقف خلف "طز" و"نجاسة".. تجديفا في حق الوطن، فضحه.. فريضة على كل مصري.

محمد طعيمة


m.taima.4@gmail.com




أصل الخبر



محمد بديع: الإخوان يمتلكون ماء السماء الطهور


الذي سيطهر مصر من نجاسات المجتمع والحكومة!

الأحد, 29-08-2010 - 3:09 | محمد أبو الدهب ومحمد عوف

الدستور
http://dostor.org/politics/egypt/10/august/29/26917

مصر

قال الدكتور محمد بديع ـ المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ـ إن الجماعة ستتمسك بشعار «الإسلام هو الحل» بعد أن فشلت الحكومة في تقديم البديل وقادت البلاد إلي الفساد والخراب، وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلي رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوي بلا رؤية محددة أو واضحة.

وأضاف بديع خلال حفل الإفطار السنوي بمدينة طنطا، أمس الأول - الجمعة - أن الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة نجاسات المجتمع والحكومة، مشيراً إلي أن الجماعة تمتلك ماء السماء الطهور الذي سيطهر تلك النجاسات، موضحاً أن الإخوان لن يتخلوا عن مبادئهم والعمل لصالح الوطن.

وأكد المرشد أن النظام لا يعرف شيئا عن مبدأ المواطنة، فهو لم يمنحها للمسلمين فكيف له أن يمنحها لغيرهم، لافتاً إلي أن جميع سدنة النظام عقب خروجهم من الخدمة لا يجدون مكاناً يأوون إليه إلا مساجد الإخوان المسلمين.





بديع: نحمل ماء السماء لتطهير الحكومة

الشروق
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=289104

آخر تحديث: الاحد 29 اغسطس 2010 9:53 ص بتوقيت القاهرة

علاء شبل -


قال محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن «الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة «......» المجتمع والحكومة المصرية رغم أنهم ليسوا طرفا فيها أو تسببوا فى جزء منها مما يعرضنا للعنت والمضايقات»، مضيفا خلال اللقاء الذى أعقب حفل الإفطار السنوى للإخوان المسلمين فى طنطا أمس الأول: «إننا مصرون على تطهير النظام باعتبارنا نحمل ماء السماء الطهور».


وأوضح المرشد أن الجماعة ستظل متمسكة بشعار الإسلام هو الحل. «بعد أن فشلت الحكومة فى تقديم البديل وقادت البلاد إلى الفساد والخراب وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلى رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوى بلا رؤية محددة أو واضحة وأن النظام المصرى يحتاج إلى من يفيقه حتى لا يغرق الجميع».


وأشار بديع إلى اعتراف عزيز صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، باعتذاره للشعب عن «حرمانه من مجهودات الإخوان لسنوات طويلة»، طبقا لكلامه.


ولم يغب مسلسل «الجماعة» المعروض حاليا على بعض الفضائيات، عن اللقاء، وقال إنه «تم تصويره داخل مباحث أمن الدولة حسب تعبير البعض عنه، وأنه أغفل مؤامرة الحكومة والداخلية والملك وجميع الأجهزة لاغتيال الإمام حسن البنا حتى لا يعرف الناس قوة هذا الرجل وتأثيره فى الناس، ولكنهم أدمنوا الكذب وعشقوه»، وأضاف: «ضباط الشرطة وجميع سدنة النظام عقب خروجهم من الخدمة لا يجدون مكانا يأوون إليه إلا مساجد الإخوان المسلمين»، موضحا أن الحكومة لا تعرف شيئا عن المواطنة ولم تمنحها لأحد.



Monday, August 23, 2010

الانتخاب العكسي البقاء للأفسد Reverse Selection

الانتخاب العكسي - البقاء للأفسد:

(1) مشكلة ابن الناظر

 

الانتخاب هو ظاهرة طبيعية جاءت من رحم ظاهرة أكبر، وهي ظاهرة التطور التي فرضتها القوانين الأساسية للكون. ما هو التطور Evolution؟ هو عملية تغير في صفات مجموعة من أعضاء أحد الأنواع، تحدث وتتراكم مع الزمن عبر الأجيال المتتابعة، من خلال تحورات وتغيرات وأخطاء في الاستنساخ الطبيعي للجينات، ينتج عنها قفزات جينية، تفرز أنواعاً مختلفة، وتدريجياً، تبقى الأنواع الأصلح بينما تفنى وتنقرض أنواع أخرى لم تتوافق بنفس الدرجة مع البيئة المحيطة. هل ظاهرة التطور والانتخاب الطبيعي مقصورة فقط على الكائنات الحية؟ أبداً. ظاهرة التطور تفرض نفسها بأشكال وآليات مختلفة في كل المجالات، من الاقتصاد والأسواق حيث تتطور الشركات والمنتجات بينما تتصارع على البقاء، للأنثروبولوجيا حيث تتطور المجتمعات والحضارات واللغات أيضاً بينما تتصارع على البقاء، وغيرهما من مجالات، ببساطة لأن التطور ينتج عن عمل القوانين الطبيعية وتفاعلها الدائم.

هل المجتمعات والحضارات في حالة صراع؟ نعم بكل أسف. الصراع أو التنافس حتى لو لم يكن محسوساً أو عنيفاً، فهو موجود على كل المستويات كظاهرة طبيعية تفرضها محدودية الموارد واتساع الطموحات والاحتياجات. فكل مجتمع مثلاً يحاول أن يعظم باستمرار من مستوى معيشة أفراده، بما يتطلب حسن إدارة الموارد الطبيعية النادرة الموجودة لديه، ومنها البشر كقوة عاملة يمكن أن تكون بالمقارنة بمجتمعات أخرى أقل أو أكثر مهارة أو قدرة على الخلق والإبداع والإدارة، ومن تلك الموارد أيضاً الأرض والمواد الخام والثروات الموجودة، كما يحاول كل مجتمع أن ينشر طريقة حياته وقيمه للمجتمعات الأخرى، بما يتيح له تأثير حضاري قيادي على الآخرين، كما يجتهد البعض في تطوير قدراته العسكرية والقتالية، سواء لأسباب دفاعية أو هجومية، كما يحاول أن يستفيد من الثروات الطبيعية والمنتجات البشرية للمجتمعات الأخرى بأقل مقابل ممكن. باختصار، جميع الدول والمجتمعات في حالة دائمة من التنافس، سواء على مستوى الأسواق أو المنتجات أو الشركات، أو القنوات الفضائية والأغاني والأفلام والكتب، أو الجامعات ومراكز البحث التي تتنافس فيما تفرزه من أبحاث أو نظريات فكرية وفلسفية تصدر في الكتب والدوريات، كما تتنافس المجتمعات على جذب العمالة الماهرة المنتجة، والعقول الخلاقة الواعدة، وهكذا.

ماذا يحدث عندما ندخل في منافسة كروية – مثلاً كأس العالم، بفريق سيء أو متوسط المستوى، نص لبة أو كل شنكان يعني؟ النتيجة الطبيعية أن "نترزع" نصف دستة أهداف في مرمانا في كل مباراة ويعود الفريق من دور الـ 32 مكسور الخاطر ونرمي باللوم على الحكام المرتشين أو نتشمع بنظرية أخرى من نظريات المؤامرة. لسبب ما، شاع في ثقافتنا حالة من تجاهل وتسفيه نظرية التطور وما تفرضه اعتبارات المنافسة والانتخاب في كل المجالات، لتحل محلها المحاباة، وهي كلمة مشتقة من الحب، ولكنه حب مريض ضال وضار، يضر صاحبه بل ويضر أيضاً من يحاول أن يفيده ذلك المحب الأحمق، عندما يحاول عبثاً أن يضع شخصاً ما في غير الموضع الذي يستحق. فنجد الأستاذ أو رئيس القسم مثلاً يحابي ابنه على حساب الطلبة المتفوقين، ونجد القوانين أو اللوائح تفصل لاصطناع أفضلية في التعيين في إحدى المهن لأبناء العاملين في تلك المهنة ... ، وهلم جرا.

ماذا يحدث عندما ندخل منافسة علمية بابن الناظر أو ابن وكيل الكلية أو ابن العميد أو حتى اللواء، ونترك الطلبة الموهوبين والمتفوقين بحسرتهم؟ نتحسر نحن بعد قليل على الخسارة الأكيدة، لأن ابن الناظر غالباً قد حصل على أعلى الدرجات في امتحانات النقل إكراماً من الأساتذة المنافقين لرئيسهم السيد الوالد - بتصعيد أحب الطلبة على قلب سيادته وأجملهم في عيونه هو والسيدة حرمه - وقد يكون الابن الحبيب رغم هذه المزايا العديدة دابة الله في برسيمه في الرياضيات والطبيعة والكيمياء، أو في أحسن الافتراضات ليس بالضرورة هو أفضل من يمثل المدرسة في المسابقات العلمية بعيداً عن مسابقات أكل البرسيم، خاصة عندما يكون حكامها من غير العاملين لدى الوالد أو الوالدة أو المؤتمرين بأمرهما. ماذا يحدث عندما ندخل في مسابقة على استضافة كأس العالم لكرة القدم في القاهرة، ونحن تحكمنا ثقافة لا تعترف بالتغيير ولا تحب التطور وتكره الانتخاب؟ نحصل على صفر متين من 24 صوت وتقام كأس العالم في جنوب أفريقيا. ماذا يحدث عندما نخوض مجموعة من الحروب أو الصراعات ونحن في نفس الوضع الذي يحابي البلهاء والسخفاء وأصحاب أعلى الأرصدة من السماجة والضحالة في المجتمع؟ نخسر معظمها أو كلها قبل أن تبدأ الحرب، لأن نتيجة الحرب، مثلها مثل نتيجة المباريات غالباً ما تحسم في مثل هذا الوضع قبل بدء اللقاء، دون الحاجة لعرافة أي أخطبوط ألماني.

الملخص هو أن الانتخاب ظاهرة طبيعية مرتبطة بالتغيير وبالتطور والبقاء للأصلح. ماذا يحدث عندما نطور (أو نزور - إذا جاز التعبير) نحن ثقافة ترفض التغيير، وتنبذ التطور وتحتقر الانتخاب الطبيعي؟ هل يمكن أن نقلب قوانين الطبيعة ونعكس قوى الجاذبية مثلاً، فتنطلق التفاحة وحدها محلقة نحو السماوات أو تنساب الأنهار متحدية قوانين نيوتن لتصب في أعالي الجبال – وذلك لمجرد أن الناظر يحب ابنه أو لأن الدكتور يحب ابنته أو لأن العميد لا يستطيع أن يزعل مراته؟ أبداً. تبقى قوانين الطبيعة كما هي ونشرب نحن العلقم جزاءً عادلاً لإنكارها. ما هو هذا العلقم وما هي مظاهره، وهل هو مفيد للمعدة أم للقلب أم هو مضر للجسم كله، وإذا كان مضراً بهذه الصورة والعياذ بالله – فكيف نتفاداه؟

وائل نوارة

Wael_Nawara@Hotmail.com

 

المصري اليوم – الاثنين – 23 أغسطس 2010


https://www.almasryalyoum.com/news/details/1854152

 

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook