Thursday, January 13, 2011
Daily Kite: Writings on the Sudanese Wall
Saturday, September 04, 2010
Brotherly Hallucinations
العربي القاهرية
الأحد 5 سبتمبر 2010
أليست الروح التي تقف خلف 'طز' مهدي عاكف و'نجاسة' محمد بديع تجديفا في حق الوطن طالما تعتبر فضحه فريضة على كل مصري؟
تجديف إخوانجي
بقلم: محمد طعيمة
ربما صدفة.. وأراها ليست صدفة، هذا التزامن بين تراجع منظومة القيم الأخلاقية وبين أتساع الوجود الاجتماعي والسياسي للإخوان في مصر، الأمر يحتاج لدراسات ترصد هذا التراجع وتحلل دور قيم البنّاوية في ترسيخ "مظهرة" الدين لإفراغ الإسلام من جوهره التقدمي: خلافة الله وعمران أرضه. هم ليسوا أبرياء من "النجاسات والأوساخ" التي نسبها مرشدهم محمد بديع لمصر والمجتمع، واعدا بتطهيرنا منها رغم "أنهم ليسوا طرفاً فيها أو تسببوا في جزء منها". المؤكد أنهم شركاء للانظام الحالي فيما وصلت إليه مصر من تردٍ قيمي.
"طز في مصر" قالها المرشد السابق، وهاهو المرشد الحالي يكرر شتيمتها قاصراً "الربانية وماء السماء الطهور" على جماعته. "فلتة تقية" من مهدي عاكف تكشف عن موقع الوطن من قلب البنّاوية، لكن بديع كان واعياً.. مستخدماً ذات مفردات خطابهم العادي لترويض"القطيع"، ودغدغة مشاعره الدينية باللعب على السلوكيات والحريات الشخصية. كان بديع يقصد المعنى الفج للكلمة.. نجاسة، ليضيف لإهانة سلفه للوطن.. إهانة الشعب.
لعْب البنّاوية التاريخي على "الشخصي"، يُجيز أخلاقياً وسياسياً مواجهتهم بنفس خطابهم "السلوكي".. سواء تعلق بهم كأفراد أو جماعة، وتقييماته الأخلاقية، وأن "نقتدي" بمرشدهم في استخدام ذات المفردات. ونتذكر أن تاريخهم الأخلاقي، كما كل التنظيمات البشرية، مليء بما يناقض ادعاء قياداتهم بربانيتهم. ادعاء قد "يشربه" المائة ألف إخوانجي، التقدير لحليفهم د.عبدالحليم قنديل، لكن هذا الادعاء ينهار مع كشف جزء يسير جداً من سلوكيات هي في صلب التوصيف الذي تلفظ به بديع.. النجاسة.
"عمرك شوفت أوسخ من كده"، يُقيم أحمد زكي نفسه في فيلم "معالي الوزير" واصفاً كتابته تقارير أمنية عن زوجته، وهو ذات ما اعترف أبرز شيوخهم بفعله مع "إخوانه". وصحيح أن أحط درجات النجاسة هي التحالف مع العدو في مصر أو العراق، وهي توصيف أقرب لمن يوظف الدين في خدمة المنظومة الاستعمارية، وفي تشويه العقل المصري، وعرقلة تقدمه، لكننا سنلتزم بالجانب السلوكي الذي يلعب به الإخوان. وصحيح أن "حواديت" كثيرة تحيط بسلوكيات شباب وشيوخ، لكنها تظل "حواديت" حتى وإن أصبح بعضها من قبيل "العلم العام"، سواء سربها خصوم من داخل الجماعة أو من خارجها، دارت في مصر أو بالمهجر أو بقطر مغاربي. من هذا القطر مثلاً نتوقف عند ما هو متواتر عن تسجيل جهاز مخابرات عربي شريطاً لأحد رموزهم تدور "ممارسته" على سجادة صلاة، أو عند ما صاحب تأسيس إمارتهم في غزة من قصص فساد مالي وأخلاقي طالت قيادتهم وشيوخهم، ستجد نماذج منها على اليوتيوب.
"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون". حين يلوّن بديع خطابه للقطيع بالحديث عن نجاسة شعب أو مجتمع مقابل طهارة جماعته، وجب ردعه وتذكيره بأن تاريخ البنّاوية يحفل بوقائع موثقة تُصنف كنجاسات وإن تسترت خلف الربانية.. لينطبق عليها المثل الشعبي الذي نردده على إحدى الدول العربية، فقط نستبدل الشعب بالجماعة.. والأرض بالشعار، فهم يريدون لنا بنية اجتماعية تُعمينا شعاراتها الدينية عن السوس الذي يأكلها، كما هو حال جماعتهم. وإذا كان الإخوان يعتبرون ما نشرته المصور بعنوان "فضيحة جنسية لشقيق زوجة حسن البنا" من قبيل التشويه الأمني، وأن ما كتبه أنور الهواري بالأهرام عام 1994 عن "التاريخ الجنسي للإخوان" يدور في نفس السياق، رغم أن الهواري "بنّاوي" الأصل والتربية قبل أن ينقلب عليهم، فإنهم لن يستطيعوا تبرير توظيف "أموال المسلمين" بشبكة "التوحيد والنور" في تعدد زوجات السويركي، وهي فضيحة لا تقارن بما فعله أحد جذورهم الأساسية، خضع لتحقيقات داخل الجماعة بضغط من قيادات تاريخية أبرزها أحمد السكري، والذي اتخذ من خضوع مرشده لإغراء ووعيد مصطفى النحاس مبرراً لكشف جزء من الفساد المالي والأخلاقي لإخوان البنّا.
أبرز أبطال هذا الفساد الأخلاقي أحد مؤسسي الجماعة، تقدمه مواقعها للقطيع كنموذج لـ"الأيدي المتوضئة". هو من أوائل من بايعوا المؤسس حتى ربطتهما علاقة عائلية، وُصف بذراعه الأيسر.. الأيمن كان السكري نفسه. بطل الفضيحة نموذج إخوانجي أصيل: ذقن وجلباب.. قال الله وقال الرسول، وتحت القبة ما تحتها. اقترح نظاماً للتزاور بين عائلات الجماعة في منازلهم "لتعميق الترابط والحب بينهم"، وافق البنّا وإخوانه وأوكلوا إلى صاحب الاقتراح مهمة تنظيمه. تدريجياً تسربت فضائح "راسبوتين الإخوان".. انتهك الحرمات متسترا بشعارات الربانية، ولم يكن أمام مرشدهم إلا فتح تحقيق مكتوب.. انتهى بإدانته. للتكتم على الفضيحة، أرسله البنّا في بعثة تنظيمية إلى الشام عام 1945 وحل نظام تزاور الأسر، واختفت وثائق التحقيقات. عاد "راسبوتين" من بعثته الشامية ليستعيد قوته داخل الجماعة، وظلت أجيال الإخوان تُربى على تقديس "الشيخ المُتوضئ" حتى رحيله في النصف الثاني من السبعينيات. المؤكد، حتى في سياق الطبيعة البشرية، أنه لم يكن حالة فردية.. هو الحالة الأكثر فجاجة والتي عجزوا عن كتمانها.
أليس تجديفاً في حق الذات الإلهية نسبة الربانية وماء السماء الطهور إلى هذه الجماعة. والأهم: أليست الروح التي تقف خلف "طز" و"نجاسة".. تجديفا في حق الوطن، فضحه.. فريضة على كل مصري.
محمد طعيمة
m.taima.4@gmail.com
أصل الخبر
محمد بديع: الإخوان يمتلكون ماء السماء الطهور
الذي سيطهر مصر من نجاسات المجتمع والحكومة!
الأحد, 29-08-2010 - 3:09 | محمد أبو الدهب ومحمد عوف
الدستور
http://dostor.org/politics/egypt/10/august/29/26917
قال الدكتور محمد بديع ـ المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ـ إن الجماعة ستتمسك بشعار «الإسلام هو الحل» بعد أن فشلت الحكومة في تقديم البديل وقادت البلاد إلي الفساد والخراب، وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلي رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوي بلا رؤية محددة أو واضحة.
وأضاف بديع خلال حفل الإفطار السنوي بمدينة طنطا، أمس الأول - الجمعة - أن الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة نجاسات المجتمع والحكومة، مشيراً إلي أن الجماعة تمتلك ماء السماء الطهور الذي سيطهر تلك النجاسات، موضحاً أن الإخوان لن يتخلوا عن مبادئهم والعمل لصالح الوطن.
وأكد المرشد أن النظام لا يعرف شيئا عن مبدأ المواطنة، فهو لم يمنحها للمسلمين فكيف له أن يمنحها لغيرهم، لافتاً إلي أن جميع سدنة النظام عقب خروجهم من الخدمة لا يجدون مكاناً يأوون إليه إلا مساجد الإخوان المسلمين.
بديع: نحمل ماء السماء لتطهير الحكومة
الشروق
http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=289104
آخر تحديث: الاحد 29 اغسطس 2010 9:53 ص بتوقيت القاهرة
علاء شبل -
قال محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إن «الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة «......» المجتمع والحكومة المصرية رغم أنهم ليسوا طرفا فيها أو تسببوا فى جزء منها مما يعرضنا للعنت والمضايقات»، مضيفا خلال اللقاء الذى أعقب حفل الإفطار السنوى للإخوان المسلمين فى طنطا أمس الأول: «إننا مصرون على تطهير النظام باعتبارنا نحمل ماء السماء الطهور».
وأوضح المرشد أن الجماعة ستظل متمسكة بشعار الإسلام هو الحل. «بعد أن فشلت الحكومة فى تقديم البديل وقادت البلاد إلى الفساد والخراب وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلى رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوى بلا رؤية محددة أو واضحة وأن النظام المصرى يحتاج إلى من يفيقه حتى لا يغرق الجميع».
وأشار بديع إلى اعتراف عزيز صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، باعتذاره للشعب عن «حرمانه من مجهودات الإخوان لسنوات طويلة»، طبقا لكلامه.
ولم يغب مسلسل «الجماعة» المعروض حاليا على بعض الفضائيات، عن اللقاء، وقال إنه «تم تصويره داخل مباحث أمن الدولة حسب تعبير البعض عنه، وأنه أغفل مؤامرة الحكومة والداخلية والملك وجميع الأجهزة لاغتيال الإمام حسن البنا حتى لا يعرف الناس قوة هذا الرجل وتأثيره فى الناس، ولكنهم أدمنوا الكذب وعشقوه»، وأضاف: «ضباط الشرطة وجميع سدنة النظام عقب خروجهم من الخدمة لا يجدون مكانا يأوون إليه إلا مساجد الإخوان المسلمين»، موضحا أن الحكومة لا تعرف شيئا عن المواطنة ولم تمنحها لأحد.
Saturday, February 20, 2010
Godsend
Wednesday, May 27, 2009
The Virus
■
بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ٥/ ٢٠٠٩
المصري اليوم
■
■
تحدثت طويلاً مع طالب فى نهائى طب ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو طالب عادى فى مظهره وغير ملتحٍ ولا يلبس جلبابًا ويتكلم الإنجليزية بطلاقة، وتحدثنا فترة طويلة وإليكم ملخص الحديث، دون تعليق.
■
■ ** متى وكيف دخلت الإخوان؟
■
■
- فى العام الثانى لدراسة الطب قام الزملاء من الإخوان بهدايتى وأرشدونى إلى طريق الصواب، وأصبحنا نصلى سويًا فى مسجد الكلية ونلتقى فى الخارج للمذاكرة والتعبد.
■
■
■ ** هل تخليت عن عاداتك القديمة؟
■
■
- نعم توقفت عن الذهاب إلى السينما وحفلات الموسيقى العربية ولا أشاهد التليفزيون ولا مباريات كرة القدم وركزت قراءاتى بجانب المذاكرة فى الكتب الدينية.
■
■
■
■ ** ■ كيف ترى حل مشكلة مصر؟
■
■
- الحل الوحيد هو حكم الله لتصبح مصر دولة إسلامية تطبق شريعة الله، حينئذ ننشط حتى تتحد الدول الإسلامية كلها فى دولة كبرى.
■
■
■ ■
■ ** هل تعتقد أن طالب الطب الباكستانى أقرب إليك من الطالب المصرى القبطى؟
■
■- طبعًا نحن إخوة فى الإسلام وهو أهم شىء فى حياتنا الفانية.
■
■ ** ■ ولكن الطالب القبطى المصرى تربى معك فى نفس الشارع ويتكلم نفس اللغة وله نفس المشاكل، كيف تشعر بذلك؟
■
■
- أنا أشعر أن القبطى مختلف تمامًا عنى.
■
■ ** ■ هل الباكستانى متطابق معك؟
■
■
- ليس تمامًا ولكن الإسلام يجمعنا.
■ ■
■ ** هل الوطن بالنسبة لك هو مصر أم هو الأمة الإسلامية؟
■
■
- مصر بالطبع بلدى ولكننى أرى الدولة الإسلامية الكبرى هى الأسمى والأعظم والأقوى والمستقبل الوحيد لنصنع قوة عالمية.
■
■ ** ■ هل تريد أن تختفى مصر بتاريخها كله وتذوب فى الدولة الإسلامية؟
■
■
- ولم لا؟ إن التاريخ الذى تتحدثون عنه فى معظمه تاريخ للوثنية الكريهة، وهذه الآثار الفرعونية لا لزوم ولا أهمية لها وأنا أكرهها.
■
■ ** ■ هل تريد أن تحطمها؟
■
■- ليس لهذه الدرجة، فى الوقت الحالى بعض الناس تتعيش منها ولكن بعد أن تقوم الدولة الإسلامية الكبرى القوية عسكريًا واقتصاديًا سوف يكون لا لزوم لها.
■
■
■
■ ** ■ ولكن العالم كله يعتبر الحضارة الفرعونية هى بداية الحضارة فى الدنيا كلها.
■
■- عندما تقوم الدولة سوف يبدأ التاريخ من ظهور الإسلام وكل ما عدا ذلك ليس له أهمية.
■
■ ** ■ وما هو تصورك لوضع الأقباط فى الدولة الإسلامية؟
■
■
- سوف يعيشون معنا ولكن يجب أن يعرفوا حدودهم ويمكن أن نشجعهم على الهجرة ويمكن أن يؤدوا صلواتهم ولكن بهدوء ودون أن نسمع عنها شيئًا.
■
■
■
■ ** ■■■ هل يمكن أن تصاحب قبطيًا؟
■
■
- لا يمكن، ولا أتحدث معه إلا للضرورة القصوى.
■■■
■ ** وما هو تصورك لتطبيق الشريعة؟
- الشريعة واضحة وتطبيقها فورًا واجب على كل المسلمين.
■
■ ** ■ هل تريد تطبيق حد قطع اليد مثلاً فورًا؟
■
- أعتقد ذلك ولكننى أترك هذه النقاط الحساسة للفقهاء الكبار من جماعتنا.
■
■ ** ■ ما رأيك فى قول بعض الفقهاء أن تطبيق الحدود فى الشريعة الإسلامية لم يعد ضرورة فى عالم اليوم؟
■
- أترك ذلك الأمر لأولى الأمر من جماعتنا.
■
■
■ ** ■ ما رأيك فى تعليم المرأة؟
■
- المرأة يمكن أن تتعلم ولكن لا داعى للتعليم الجامعى إلا فى مهن معينة كالمعلمة والممرضة والطبيبة مثلاً، ولكن وظيفة المرأة الأساسية هى العناية بالزوج وتربية الأولاد.
■
■■
■ ** ما رأيك فى زى المرأة؟
■
- أنا لا أعترض على النقاب ولكنى لا أراه ضروريًا، ولكن الحجاب ضرورة أساسية واختلاط المرأة بالرجل فى العمل والدراسة والشارع يجب منعه والحد منه بجميع الطرق.
■
■ ■
■ ** هل تعتقد أن تطبيق ما تنادى به يجب أن يتم بالقوة؟
■
- أعتقد أننا يجب أن نبدأ بالحسنى والتوعية والشرح ولكننى أترك طريقة التطبيق لأولى الأمر من جماعتنا.
■
■ ** ■ ما رأيك فى ختان البنات؟
■
- عائلتى لا تختن البنات، ولكن الموضوع محير، لأن بعض الفقهاء يؤيدون ختان البنات وبعض الأساتذة فى الكلية يعارضونه بشدة، ولكن أغلب الأساتذة لا يبدون فيه رأيًا، وعمومًا أنا أطيع قيادة الإخوان إذا قالوا إن الختان سيئ فسأكون ضده، أما إذا قالوا إنه جيد فسأكون معه.
■ ■
■ ** ■ ما رأيك فى الحجم المناسب للأسرة المصرية؟
■
- أنا لى أخت واحدة وعائلتى تؤمن بالأسرة الصغيرة ولكننى لا أعتقد أنهم على صواب.
■
■
■ ** ■ هل تريد فى المستقبل تكوين أسرة كبيرة؟
■
- أعتقد ذلك لأنها عزوة وإننا كأمة إسلامية يجب أن نتفوق على الجميع.
■
■
■ ** ■ ولكن هل يكون التفوق بالعدد الكبير أم بعدد أصغر متعلم ومتفوق يستطيع أن يبنى أمة؟
■
- العدد الكبير لا يمنع التعليم والتفوق، عمومًا ما يريده الله لى من الأولاد سوف يكون.
■
■
■ ** ■ ولكن ألن يكون لك يد فى التنظيم وتحديد العدد وترك مسافة بين كل طفل وآخر؟
■
- لا أعتقد أننى سوف أحدد النسل ولكن هذا الأمر ما زال بعيدًا لأننى لست متزوجًا.
■
■ ■
■ ** أحكِ لى عن عائلتك؟
■
- أبى يعمل مديرًا لبنك فى المهندسين وأمى طبيبة فى وزارة الصحة وأختى طالبة فى كلية الآداب.
■
■■
■ ** هل والدتك وأختك محجبتان؟
■
- أمى غير محجبة ولكن أختى محجبة.
■
وتركت هذا الشاب، طبيب المستقبل، الذى يأتى من عائلة لا تعانى من المشاكل الاقتصادية التى تؤثر على أغلبية المجتمع المصرى. والسؤال: هل هذا هو رأى الأغلبية العظمى من شباب مصر؟
■
■
لا تعليق
Saturday, April 11, 2009
From the Archives:
Press Release, 20 October 2007
من أرشيف 2007
بيان صحفي صدر بعد قراءة برنامج منسوب للإخوان المسلمين
صدر هذا البيان بتاريخ 20 أكتوبر 2007
لقد دخلنا المعترك السياسي والفكري في حب مصر، وليس من أجل أي شخص أو جماعة أو لتحقيق أي هدف شخصي أو مادي. البرنامج الذي أعلنه الاخوان هو بمثابة إعلان حرب لاغتيال الدولة المصرية المدنية، وهو خط أحمر لا ينفع معه التمسح باسم أي شخص أو دين أو فصيل، ولا يصح معه عمل أية مواءمات سياسية أو مجاملات شخصية أو حزبية. لقد نصحنا بعض الزملاء بتجاهل الأمر وعدم التعليق على برنامج الإخوان، بحجة أن انتقاد البرنامج يفتح علينا جبهات عدائية لا داع لها، وقد يضر بشعبية الحزب في الشارع، وهنا أقول:
- أن السعي وراء شعبية تقوم على الزيف والنفاق والتعامي عن مصلحة الوطن هو أمر رخيص لا نقبله
- أننا نرفض أن تقوم أية جهة أو جماعة باحتكار الدين أو إضفاء وضعية قدسية على سياساتها الدنيوية
- أن الأغلبية العظمى من الشعب المصري واعية بمصالحها وقادرة على تمييز من يتاجرون بالدين لأهداف سياسية دنيوية
إننا الآن نتحدث عن مستقبل الدولة المدنية المصرية وهي بعد جنين نحلم به، فأن يأتي الآن أي فصيل بأجندة هدفها قتل هذا الجنين، ووأد هذا الحلم، فإنه يصبح واجباً علينا أن نتصدى له بكل ما نملك من قوة، ومن حق مصر علينا أن نعلن موقفنا الواضح والرافض لمثل هذه التوجهات التي تعود بنا إلى الوراء، بل أنه من حق الإخوان علينا أن ننبههم إلى خطورة ما يطرحونه، ولعلنا رأينا بعض أصوات العقل داخل الإخوان وبالذات من جيل الشباب، تدعو إلى مراجعة هذا الموقف المؤسف، أما السكوت على البرنامج، بحجة أن الإخوان فصيل معارض يقف معنا في خندق واحد، فهو يعطي إشارة خاطئة للشعب والتيارات السياسية بما فيها الإخوان، ويحرم الإخوان من فرصة مراجعة النفس، ويقايض المصالح العليا للبلاد بثمن بخس، وهي تجارة سياسية بائرة لأنها تفتقر إلى النزاهة وتبيع أمانة الكلمة والرأي، وتكتم الشهادة في وقت كاشف.
إننا كما أعلنا موقفنا واضحاً في كل صغيرة وكبيرة، ووقفنا بقوة مع استقلال القضاء، وضد حبس الصحفيين، وضد اعتقال الإخوان أنفسهم، فإننا نعلنها اليوم بكل وضوح وصراحة، لا للدولة الدينية، ولا لولاية الفقيه، وعاشت مصر دولة مدنية حرة مستقلة.
وائل نوارة
Saturday, March 28, 2009
Freedom of Faith
التمييز الديني
رؤية ثقافية
وائل نوارة
مقدمة
عبر الثلاثين عاماً الماضية، عانت مصر من حالة متنامية من الهوس الديني، اخترقت المجتمع بكافة شرائحه، بما يشبه الغزو الفيروسي الذي يقتحم جسداً ضعيف المناعة، فيصيبه بالحمى والهذيان ومختلف الأعراض المرضية. والمناعة هنا هي المناعة الحضارية والثقافية التي ضعفت بصورة شديدة، فأدت إلى استشراء الفيروس في جسد الأمة المصرية بصورة هددت عافيتها. وبالطبع فقد صاحب هذا الهوس الديني تصاعد في التمييز الديني، ومصادمات وحوداث متكررة تقف وراءها أسباب طائفية، أدت بدورها للمزيد من التقطب والتحزب الديني، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة.
وبينما تنعقد الكثير من المؤتمرات لتناقش التغيرات المطلوبة في القوانين واللوائح، ينسى الكثيرون أن المشكلة في مصر ليست فقط مشكلة قوانين، بل أن القوانين هي أحد أعراض المشكلة، وربما تكون أقل أطراف المشكلة في حدتها. أما المشكلة الرئيسية في رأينا فهي مشكلة ثقافية وحضارية. ولابد هنا أن نعرف الثقافة culture ليس بمعنى الآداب والفنون، بل بمعنى طريقة الحياة، أو الحل الحضاري. ونعني هنا بالحل الحضاري Culture أو "طريقة الحياة" Way of Life ونعرف طريقة الحياة بأنها "مجموعة القيم والطبائع والسلوكيات والقناعات الفكرية والعادات والتقاليد ونظم التفاعل الاجتماعي التي تتبناها جماعة ما، باعتبارها تمثل الإجابة أو الحل الحضاري Solution لمشكلة البقاء".
المشكلة الرئيسية إذن لا تتعلق ببعض القوانين أو حتى مواد الدستور، بل هي تتعلق بتراجع الحل الحضاري المتجه للحداثة أمام حلول حضارية سلفية. بل أننا يمكن أن نقول أنه مع تراجع تبني المجتمع لقيم الحداثة والتطور، فإن التشريعات تسبق المجتمع ليس في مصر فحسب، بل في العديد من الدول العربية الأخرى، مثل تونس والمغرب. بمعنى آخر، فإن الرأي العام يميل للمحافظة أكثر من التشريعات التي قد تمررها النخب الحاكمة. المشكلة إذن في المجتمع، والحل هو في التنوير، وليس فقط في التشريع، بل أن التنوير يجعل التشريعات التي تكفل المساواة تأتي من الشعب، من أسفل إلى أعلى، بما يضمن جدية التطبيق وانتشاره على أرض الواقع.
والدليل على ذلك يظهر في تأييد القيادات الدينية الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً للحزب الحاكم ورموزه، على الرغم مما قد يبدو على السطح أحياناً من خلافات، لكن تلك القيادات ترى أن النظام الموجود يكفل لها حقوقاً أفضل ويطرح مخاطر أقل من آخرين قد لا يرون في المسيحي مواطن كامل الحقوق، بل يرون أنه يمكن لأجنبي مسلم أن يتولى رئاسة الدولة بينما لا يصلح مسيحي مصري لذلك، رغم أننا نتحدث عن الدولة المصرية.
وبينما تؤيد القوى السياسية الليبرالية مثلاً إلغاء الخط الهمايوني وإقرار قانون موحد لبناء وصيانة دور العبادة، وإزالة خانة الديانة من بطاقة الهوية القومية، وحرية المعتقد والتحول الديني، وعدم التفرقة بين الأديان بحجة أن بعضها سماوي وبعضها غير سماوي، أو أن بعضها صحيح والآخر محرف، وغيرها من أطروحات غريبة في أمور هي في الأساس قائمة على الإيمان الشخصي، ولكن المحك الحقيقي يأتي على أرض الواقع: هل عند التطبيق سيستطيع أصحاب الديانات المختلفة بناء دور العبادة بنفس الدرجة من الحرية والمساواة، أم أن السلطات المحلية ستتفنن في وضع العراقيل أمام البعض وتسهيل الطريق أمام البعض الآخر، في محاكاة لرواية مزرعة الحيوانات "كل الحيوانات متساوية ولكن بعضها أكثر استواء من الآخر"! فالعبرة إذن ليست بالقوانين ولكن بالمناخ الثقافي السائد في المجتمع. مثال آخر، نحن نعلم أن عقوبة القتل والاعتداء معروفة ولا تحتاج لقوانين إضافية، لماذا إذن لم نر أحكاماً تصدر بحق مرتكبي حوادث العنف الطائفية على مدى ثلاثين عاماً، مع الاكتفاء بجلسات الصلح وتقبيل اللحى وغيرها من وسائل تضرب هيبة القانون في مقتل وتستحل دماء ضحايا جدد. فالقوانين موجودة ولكن التطبيق منعدم. ومن أخطر القيم التي تتسبب في فساد المناخ الثقافي تأتي الأحادية الفكرية، والإصرار على أن هناك وجه واحد للحقيقة المطلقة. ورغم أن مبدأ الشك قد دخل في الفكر الإنساني منذ مئات السنين في كتابات ديكارت وغيره من الفلاسفة، وجاء هذا المبدأ ليعكس فكرة أن للحقيقة أوجه متعددة وأن هناك العديد من الزوايا التي يمكن أن ننظر بها لنفس الموضوع، وجاءت التطورات العلمية ليطرح أينشتين مبادئ النسبية التي تجعل الأطوال والكتل والسرعات تختلف حسب مرجعية كل مراقب، ثم طرح هايزنبرج مبدأ عدم اليقين في تحديد مواضع وسرعات الجسيمات باعتباره مبدأ ثابت في فيزياء الكون Heisenberg Uncertainty Principle، إلا أن غسيل المخ الذي يحدث بصورة ممنهجة للطفل المسلم أو المسيحي منذ مراحل نموه الأولى، يتكفل بانتزاع أو تعطيل خلايا المخ المسئولة عن التفكير النقدي.
ومبدأ الشك وعدم اليقين في جانبه الإيجابي يشجع روح البحث العلمي والإبداع والتطوير الفكري الدائم، والقدرة على نقد الواقع بل ونقد الذات، والقدرة على تقبل الآخر والتعايش بين الأضداد، وفي جانبه السلبي فإن مبدأ الشك يزعزع العقيدة وهي الأرض الروحية التي يقف عليها الإنسان مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التعاسة والاكتئاب، فالتوازن إذن هو ما ينبغي أن نسعى إليه. ولكن ما يهمنا هنا هو أن سيادة فكرة أحادية الحقيقة يعوق قدرة المجتمع على التطور ويتسبب في تجمده كما قد يؤدي إلى انتشار العنف ومعاقبة من يختلفون في الفكر مع المجموعة أو من قد يمثلها من حكام مما يهدد فكرة التعددية والديمقراطية والانتخاب الطبيعي للأصلح وهو ما يهدد أيضاً بقاء المجتمع ككل في وجه المجتمعات القادرة على تطوير نفسها داخلياً.
وقد يقترح البعض أن الطبيعة المصرية التي تميل إلى التدين والتمسك بالعقيدة هي التي تؤدي بالمصري إلى التمسك بالمطلق وعدم تقبل فكرة أن الحقيقة نسبية وأنها متعددة الأوجه، ولكننا نقول إنه لا يجب أن نخلق تعارضاً أو نوع من التضاد بين وحدانية العقيدة وما تفرضه من الإيمان المطلق بثوابت دينية وبين روح البحث العلمي والسعي إلى العمل والأخذ بأسباب القوة والنجاح وقبول فكرة أن الآخر له حق الاختلاف في الرأي أو الاقتناع بفكر معاكس أو اعتناق عقيدة مغايرة، كما أن اليقين والأحادية التي ترتبط بالدين، لا يجب أن تتوسع لتجور على الموضوعية والفكر النقدي والتحليلي في الأمور غير الدينية.
فالعقيدة هي اقتناع القلب ولا تحتاج أدلة مادية أو إثباتا منطقيا وبالتالي فليس هناك ما يمنع قبول فكرة أن كلاً منا قد تكون له عقيدته وحقيقته الشخصية المتفردة طالما لا يحاول فرضها على الآخرين وطالما جاءت قواعد الحوار المنطقي كأساس لإثبات الحقيقة الوضعية عند وجود الخلاف. وهناك مساحة شاسعة للاتفاق بين أصحاب العقائد الدينية المختلفة، بل وغيرهم ممن يؤمنون بمنظومة القيم الإنسانية ويلتزمون بالقوانين الوضعية، ولذلك المنطق يقول أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هي القيم العليا والمقاصد العامة والمبادئ المشتركة وليست الطقوس أو النصوص الحرفية. هنا تكون المرجعية في المنطق الطبيعي والقوانين الوضعية، بعيداً عن الثوابت الدينية التي قد يختلف عليها البعض، وبالتالي عند تنظيم المعاملات المدنية بين الأشخاص المختلفين يكون الأصل هو استخدام القانون الطبيعي وقواعد المنطق والاستنباط دون التقيد بمرجعيات دينية قد يُختلف عليها.
وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نعفي النظم الاستبدادية بأنها تقف وراء تنامي نفوذ التيارات السلفية والمتطرفة، باستخدام الدين في السياسة للتخلص من تيارات معارضة حيناً، والعمل على رفض وتفتيت وتجميد ومحاصرة الأحزاب المدنية حيناً آخر، واستخدام التيارات المتطرفة كفزاعة لمنع التطور الديمقراطي، رغم أن تنامي قوة التيارات المتطرفة لم يحدث إلا في ظل غياب الديمقراطية، الذي أدى أيضاً لفشل هيكلي بنيوي مزمن للنظم التي قد يراها الشعب نظماً أقرب للعلمانية، وبالتالي يدفعه هذا الفشل إلى الاتجاه الآخر، اتجاه الدولة الدينية.
إن حق كل مواطن هو أن يعيش آمناً في بيته دون أن يعتدي عليه غيره بالفعل أو اللفظ، ولنا أن نضع أنفسنا مكان غير المسلمين الذين يتعين عليهم أحياناً أن يستمعوا عبر الميكروفونات لخطباء غاضبين لا هم لهم سوى تكفير أصحاب الديانات المغايرة والتحريض على كراهيتهم. وحق كل مواطن هو أن يتمتع أطفاله بخدمة تعليمية لا تمييز فيها، لكننا نجد أن وزارة التربية والتعليم قد تغلغلت فيها الجماعات السلفية والمتطرفة، حتى أصبح الحجاب فرضاً على كل تلميذة منذ عمر 8 أو 9 سنوات، ناهيك عن تدريس نصوص إسلامية في مناهج اللغة العربية سواء النحو أو القراءة، وعدم تدريس اللغة المصرية (القبطية) ولو حتى كمادة اختيارية. دعونا نتخيل أن الدولة أصدرت قوانين بتلافي هذا كله، كيف سيتم تطبيقها على أرض الواقع إذا كان القائمون على التطبيق من المروجين للفكر السلفي ويعدونه هو الطريق إلى الجنة؟
انهيار فكرة الوطن وتآكل الانتماء والمواطنة
المواطنة، ما هي إلا انتماء مواطن لوطن، يتمتع معه المواطن بوضع قانوني وسياسي ومزايا والتزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالمواطنة تعبر عن انتماء الأفراد للوطن بما يتضمنه ذلك من حقوق للأفراد، وواجبات ومسؤوليات تقع عليهم تجاه الوطن الذي ينتمون له.
وتشمل المواطنة الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الوطن الذي يحتضنهم، بما يضمن تمتع جميع المواطنين بالمساواة دون أن يقع على أي منهم أي نوع من أنواع التمييز القائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.
العلاقة بين الوطن والمواطن
فالعلاقة بين الوطن والمواطن إذن تظهر على أكثر من محور:
- قانوني: فهذه العلاقة لها شق قانوني يشبه التعاقد الضمني، يشمل الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي تقع عليه، ولعل الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تجسد بنود هذا العقد الاجتماعي
- سياسي: أن يشارك المواطن في صنع القرار المجتمعي
- ثقافي: هو مخزون تراكمي من القيم المشتركة والتراث التاريخي والحضاري، تتجسد في مجموعة ضخمة ومتشابكة من العادات والتقاليد والسلوكيات ونظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالقيم المشتركة هي التي تشكل الضمير والعقل الجمعي للمواطنين، وهي التي تحدد بنيان وطبيعة نظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، التي ترسم طريقة الحياة أو "كتالوج الحياة" على أرض الوطن
- اقتصادي: أن يستطيع الفرد نتيجة لهذا الانتماء أن يحصل على احتياجاته الأساسية، من خلال انخراطه في المنظومة الاقتصادية لهذا الوطن وتفاعله معها، وهذا هو مفهوم المواطنة الاقتصادية، ويرمز له البعض بالعدالة الاجتماعية
- اجتماعي: أن يتمتع الفرد بالعلاقات الاجتماعية التي تربطه بهذا الوطن، من خلال علاقات قرابة وصداقة وزمالة وجيرة لمواطنين آخرين
- معنوي أو نفسي: ونتيجة لكل ما سبق، يتولد لدى المواطن شعور بالانتماء للوطن، وهو شعور نفسي لدى الفرد بعضوية كيان اعتباري هو الوطن، والتضامن مع المواطنين الآخرين بناء على الاشتراك في التاريخ والمصير.
فالعوامل أو الروابط التي تتحكم في الانتماء لوطن لها شقان على الأقل، أحدهما يقع في الماضي بتراثه وذكرياته، والآخر يكمن في الموافقة الجماعية على العيش المشترك في الحاضر والمستقبل. ويمكن أن نقول أن الشق الأول الذي يقع في الماضي هو شق قدري لا يملك المواطن أن يتحكم فيه، ولكن الشق الثاني هو شق اختياري، لأننا قد نجد بعض المواطنين وقد عجزوا عن الحياة في الوطن، أو عجزت الحياة في ذلك الوطن عن أن توفر لهم احتياجاتهم الحياتية الأساسية، فيلجأون للانتساب لوطن آخر بصورة اختيارية عقلانية و – أو عاطفية.
تحلل وضعف الدولة الرسمية وصعود الدويلات الموازية
ويمكننا أن نتصور هذه العوامل أو الروابط، مثل الخيوط الدقيقة المغزولة معاً، والتي تتجمع لتكون حبل الانتماء. وعندما تتآكل تلك الخيوط واحداً بعد الآخر، يهترئ حبل الانتماء، حتى ينقطع أو يكاد.
فعندما يفقد المواطن حقوقه القانونية المكفولة له بموجب الدستور، أو تفتئت الدولة أو من يمثلها من موظفي العموم أو ضباط الشرطة على حريته أو كرامته كمواطن، أو يفتقد الشعور بالأمن، أو تتعطل منظومة العدالة، أو تغتال ممارسات الدولة والمجتمع أبسط قواعد المساواة وتكافؤ الفرص، أو يشعر "المواطن" أن رأيه لا يقدم ولا يؤخر، وأن صوته الانتخابي مهدر، وأن القرارات الاجتماعية تصدرها طبقة حاكمة بمعزل عنه، والأسوأ أنها لا تمثله ولا تراعي مصالحه، عندها، تنفصم بعض خيوط الانتماء.
وعندما يشعر المواطن بالاغتراب الثقافي، وبأن القيم الحاكمة في المجتمع، لا تتوافق مع قيمه الشخصية، بل وتتعارض معها في تضاد وتنافر، وأن منطق الحياة في المجتمع لم يعد يكافئ المجد أو الماهر أو الموهوب، بل أن المنافق والفاسد والممالئ للطبقة الحاكمة على حساب مصالح الوطن والمواطنين، هو الذي يتبوأ مقاليد الأمر والنهي ... عندئذ لابد وأن تتآكل خيوط أخرى.
وعندما تعجز قوانين ونظم الدولة التي تجسد مفهوم الوطن في الوفاء باحتياجاته الحياتية، من رعاية صحية، وخدمات تعليمية، وتأمين اجتماعي، وأمن وعدالة، فيضطر للجوء لقوانين ونظم بديلة في الدولة الموازية، يصبح فعلياً ولاؤه مزعزاً بين الدولة الرسمية والدولة الموازية. وقد يسأل سائل، أليست "الدولة الموازية" هي فكرة نظرية، بمعنى أنه لا توجد فعلياً دولة "رسمية" باسم الدولة الموازية، طبقاً لتعريف الدولة الموازية نفسها؟ فكيف ينتمي المواطن لدولة غير موجودة رسمياً؟
وهنا نرد بمثال بسيط، عندما يضعف أو يختفي دور الدولة في المجالات التي ذكرناها، وتأتي جماعة أو حزب أو جمعية أو شخص، ليقوم بتقديم هذه الخدمات بدلاً من الدولة الرسمية، فيفتتح عيادة طبية بأسعار رمزية في مسجد مثلاً أو كنيسة، كبديل عن الخدمات الطبية المنعدمة أو فاحشة التكلفة في تلك المنطقة مثلاً، ثم يلحق بها عدة فصول للتقوية تعويضاً عن فشل أو عجز أو تدهور أو قصور النظام التعليمي الرسمي، ثم يبدأ في تخصيص مبالغ شهرية من عائد الزكاة أو النذور أو التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بتخصيص "معاشات" شهرية لتلك الأسر، كبديل عن الضمان الاجتماعي الذي لم تقدمه الدولة الرسمية، وهكذا.
مع كل هذا، ألا يتحول ولاء المواطن ليصبح مرتبطاً بهذه الجماعة أو الجمعية أو المسجد أو الكنيسة، بسياساتها وشخوصها ومصالحها، بدلاً من ولائه للوطن الأصلي؟ وعندما تعرض له قضية وطنية أو سياسية، ألا يأتي قراره بناء على مصالح أو توجيهات قادة الدولة الموازية التي تفي باحتياجاته؟ هنا نكتشف أن انتماء وولاء المواطن يصبح للمسجد أو الكنيسة أو الجمعية أو صاحب العمل أو عضو مجلس الشعب الذي يفي باحتياجاته الحياتية، وتصبح مصلحة تلك الدولة الموازية مقدمة على مصلحة الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن الأصلي.
لقد تقوقع المسلمون في الدين الإسلامي، وتقوقع المسيحيون حول الكنيسة، فأصبح للإخوان مثلاً دويلة إسلامية موازية، وأصبحت الكنيسة دويلة موازية أخرى، وتدريجياً اجتذبت هذه الدويلات الموازية الولاء من مواطني الدولة الرسمية الذين أرادوا بدورهم أن ينتموا لكيان بديل عن الوطن الضائع، فضعفت فكرة الوطن، واقتربنا من أن نصبح شعبين في وطن واحد. بل أننا نسمع هذه التعبيرات بالحرف: الشعب المسيحي، أو شعب الكنيسة والأمة الإسلامية، إين إذن الأمة الموحدة التي تسكن هذا الوطن، مصر؟ نحن ندعو للدولة المدنية ولفصل الدين عن السياسة، فما هو البديل عن ذلك، هل نريد نظام محاصة طائفي حتى نصبح شعبين يعيشان على أرض واحدة يتربصان ببعضهما البعض انتظاراً للحظة الانفصال، أم ندافع جميعاً عن حقوق المواطنة لكل فرد، مسلم أو مسيحي أو بهائي أو بوذي أو غير متدين؟
دور يجب أن يتغير
لا شك أن المؤسسات الدينية في مصر لعبت دوراً إيجابياً في مجمله في الماضي في الحفاظ على الشخصية الثقافية المصرية بل وتطويرها. فالأزهر حافظ على الطابع الوسطي للإسلام المصري إلى أن تغلغل فيروس الهوس الديني المستورد في المجتمع ككل والأزهر جزء من هذا المجتمع. كما نذكر أن حركة التنوير والتطوير خرجت من رحم الأزهر في بدايات القرن التاسع عشر، علاوة على وقوف الأزهر كجزء قيادي لا يتجزأ، من حركات المقاومة والاحتجاج بل والثورة. والكنيسة المصرية أيضاً لعبت دوراً إيجابياً في الحفاظ على اللغة المصرية والتقاليد المصرية القديمة التي تربطنا بالأجداد وتجعلنا نتواصل مع شخصيتنا القومية تاريخياً. ولكن مع ظهور الدولة الحديثة، كان من المفترض أن يتطور دور الأزهر والكنيسة ليتناسب مع تحديات العصر ومتغيراته، حيث أصبح التخصص هو سمة الحياة العصرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ولكن المؤسستين بدلاً من أن يفسحا المجال لمؤسسات الدولة المدنية ويشجعان على التطور الديمقراطي وانتخاب مجالس وبرلمانات ومسئولين مدنيين، نجد أن الحرص على عدم فقدان سلطة دنيوية جعل المؤسسة تقوم بدور هو خليط من مؤسسة دينية وسلطة حكم أو دور دولة ذات سيادة – داخل الدولة الرسمية.
فانقلب الدور الإيجابي إلى سلبي بسبب عدم مواكبة هذه التطورات، ولا شك أن لتلك المؤسسات الدينية اليوم دوراً سلبياً في التمييز الديني، ونحن هنا نتحدث عن كل من المؤسسة الإسلامية والكنيسة الأرثوذكسية. فالأولى تنهال علينا بسيول من الفتاوى التي لا يقبلها عقل ولا منطق، والثانية تصر على انتزاع الحقوق المدنية من المواطنين المسيحيين، فدمجت مثلاً الزواج بشقيه القانوني والروحي في حزمة واحدة، رغم أن الطبيعي أن تترك الشق القانوني للدولة المدنية، وتتحكم هي في الشق الروحي كما تشاء. ولا ننسى بالطبع جلسات الإرشاد، وقضايا الحسبة، والتعامل مع المسائل الدينية وكأنها ملف أمني في الأساس.
الإخوان المسلمين وإخوان الصليب
ومن أجل الحفاظ على السلطة الدنيوية، يجتهد زعماء الحركات السياسية التي تستخدم الدين، في تعريف الدولة من خلال قالب ديني، لأنهم يعلمون أن استخدام التعريف العصري المتفق عليه للدولة الحديثة، يقلص من سلطاتهم لتنحصر في المجال الروحي، فتضيع سلطاتهم الدنيوية والسياسية، فنجد الإخوان المسلمين مثلاً يعرفون الأمة بأنها الأمة الإسلامية، ويعرفون الهوية المصرية باعتبارها جزء من الهوية الإسلامية، في برنامجهم الذي أعلنوا عنه عام 2007. وقد جاء في سياق هذا البرنامج فكرة "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.
ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.
وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.
ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من الحرب على الهوية المصرية ممن يضعون لهم شعاراً "طظ في مصر"، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.
وفي نفس الوقت يخرج علينا "إخوان الصليب" ليقولوا لنا أن المصريين الذين دخلوا في الإسلام قد تنازلوا عن هويتهم المصرية. ولا يفوتني أن أقول أن عدداً ضخماً من "إخوان الصليب"، يتشدقون بالعلمانية، ظناً منهم أن العلمانية هي سب الإسلام، ولكن عند بحث القضايا المفصلية، تجدهم يأخذون جانب المرجعية الدينية على طول الخط، تماماً مثلما يتشدق الإخوان المسلمون بفكرة المواطنة، ثم يعودون ويعرفون الوطن على أساس أنه دار الإسلام والأمة الإسلامية، وبالتالي فغير المسلمين هم أهل الذمة مواطنون من الدرجة الثانية على أفضل تقدير.
والهوية المصرية لا تتعارض مع الهوية الإسلامية أو المسيحية، وأحيانا قد يقع بعضنا في حيرة ترتيب أولويات الانتماء، فالبعض يقول أنا مصري أولاً والآخر يقول أنا مسلم أو مسيحي أولاً، وفي رأيي هذا به خلط للأوراق، فتعدد الانتماءات في كل شخص شيء طبيعي، ولكن يجب أن نبحث عن موضوع النقاش حتى نحدد أي من الانتماءات له الأولوية في ذلك الموضوع، مثلاً أنا أهلاوي أولاً عندما يتعلق الموضوع بماتش كورة في الدوري المصري، ومصري أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء سياسي أو شيء يمس وضعي كمواطن في دولة اسمها مصر، أو أمر يمس أرض مصر أو حدودهأ، ومسلم أولاً أو مسيحي أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء ديني يمس علاقتي الشخصية بالخالق، وقد أكون مهندساً أولاً أو خبيراً في الإدارة أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء فني مهني أو إداري. فكوني مصرياً لن يجعلني أدلي برأي يخالف أصول المهنة أو المبادئ العلمية المتعارف عليها إذا سئلت للشهادة مثلاً في قضية حكومة مصر تكون أحد أطرافها. وأنا إنسان أولاً عندما يتعلق الموضوع بأمر يمس الإنسانية كلها مثلا حقوق الإنسان لا فرق فيها بين مصري وغير مصري، وهكذا، فتعدد الانتماءات بالطبع موجود، ولكن الأولوية تكون حسب الموضوع الذي نتحدث فيه. ودائرة المركز في دوائر الهوية، وهي الدائرة التي نشترك جميعاً في الانتماء لها كمصريين، هي دائرة انتمائنا لمصر، الوطن الأم، وأساس المواطنة بين كل المصريين، هو المساواة بيننا جميعاً كمصريين، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو غير متدين، وهذا هو الحل لهذا الخلط الذي يتم بحسن نية من البعض أو بسوء نية من البعض الآخر.
إخواني المسلمين والمسيحيين يا من ترون أن الوطن هو الدين، أقول لكم: طرحكم يعني اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، لصالح هوية دينية رغم أن الدين لا يطلع عليه سوى الديان، أنتم تفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية. ندعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، ونتمنى أن يكون الانتماء الديني قد ترك في قلوبكم مكاناً يتسع لهوية مصرية.
الدين ليس هو العدو
إلى من يرون أن الدين هو العدو ... إلى من يرون أن الإسلام هو العدو ... إلى من يرون أن المسيحية هي العدو ... أقول لهم، الدين يمكن أن يكون أقوى داعم في الدعوة للتسامح والإخاء، أما إذا خيرتم الناس بين الدين وبين ما تدعون إليه، لاختاروا الدين، وفي نفس الوقت، لا يوجد سبب لمثل هذه الخيارات المتعسفة، فيمكن لكل إنسان أن يحتفظ بعقيدته، وفي نفس الوقت يتعامل مع إخوانه في الوطن بمساواة كاملة وتسامح غير محدود. أقول لمن يحاولون افتعال معركة مع الدين، الديانات حمالة أوجه، يمكننا أن نجد فيها الآيات والتفسيرات التي تدعو للتسامح، "لكم دينكم ولي دين"، "لا إكراه في الدين"، "أحبوا أعداءكم"، "لست عليهم بمسيطر"، وهو ما يضع حدوداً بين الولاية الروحية والسلطة الدنيوية، فالسيطرة تدل على السلطة الدنيوية، تماماً مثل "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". وهناك أيضاً آيات وأحاديث وقصص يمكن أن يجد فيها البعض ما يفسره في اتجاه الإقصاء، ويستخدمه في التحريض على الكراهية، بمفهوم "من ليس معي فهو ضدي"، أو "قد أتيت بسيف"، أو "وأعدوا لهم ..."، أو "وقاتلوهم ..."، إذا استخدم التفسير الحرفي دون أن ينظر لسياق الموضوع، والأهم، دون أن يستخدم المقياس الأصلي، وهو مقاصد الدين والقيم العليا التي يحض عليها. وعلى سبيل المثال يذكر البعض آيات مثل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، باعتبارها تحض على العنف والإرهاب، بينما قد يفسرها البعض بأنها تدعو لتطوير قوة الردع التي تمنع الاعتداء وتضمن السلام، لإن إعداد القوة لتخويف العدو من مغبة العدوان هو توجه نحو السلام من منطلق القوة الدفاعية أو قوة الردع، فأي التفسيرين نريد ونستلهم؟ التفسير الذي يحاصر الأديان في خانة الإرهاب أم التفسير الذي يفتح الباب والقلب للسلام والإخاء؟ هل نريد أن نحاصر الأديان في التفاسير المتعصبة التي قد تحض على العنف وعدم قبول الآخر أم نسعى لتطوير الفكر الديني والتركيز على التفاسير والآيات التي تنشر المحبة والإخاء والقبول بالآخر؟
هل ندمغ الإسلام بالعنف لوجود حوادث إرهابية من مسلمين، أو بسبب توسع الإمبراطورية الإسلامية عن طريق الحروب، أو كنتيجة لوجود فترات من الاضطهاد الديني في عصور حكام مسلمين؟ وهل كان توسع الإمبراطوريات القديمة سوى عن طريق الحرب؟ هل ندمغ المسيحية بالعنف نتيجة لاضطهاد غير المسيحيين والأريوسيين وغيرهم بعدما تبنت الدولة الرومانية المسيحية كديانة رسمية للدولة، أو بسبب محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا وغيرها، أم نستلهم عظات المسيح المملوءة بالدعوة للحب والتسامح ونأخذ حوادث العنف باعتبارها أمثلة ودروساً لما يمكن أن يحدث إذا شجعنا التوجه المتعصب لأي دين؟
المعركة ليست ضد الدين، وإنما ضد الكراهية والتعصب باسم الدين، والاقصاء باسم الدين، والشيطنة والتكفير والقتل باسم الدين. المعركة هي تطوير الفكر والفهم الديني ليتناسب مع متغيرات الحياة، وفي نفس الوقت مع الحفاظ على القيم والمقاصد، وليس النصوص والتفاسير الجامدة. فالدين إذن مثل البوصلة التي ترشدنا للاتجاه، وليس كالوتد الذي يثبتنا في الأرض فنتوقف عن المسير، أو ننكفئ على وجوهنا بفعل التباين بين طبيعة الزمن الذي يتحرك للأمام، وأحكام الشيوخ أو الآباء الذين يريدوننا أن نتشبث بذلك الوتد الذي لا يعرفون غيره.
الخلاصة
إن الأساس في مناهضة التمييز، هو التطور الثقافي والحضاري، بما يشمله هذا من تطوير منظومة القيم والمعاملات والتشريعات، أما التركيز على التشريعات فقط فهو أمر محكوم عليه بالفشل وقد يؤدي لنتائج عكسية. وفي نفس الوقت، من يحاولون افتعال معارك وهمية مع الدين – أي دين – فهم يضربون المواطنة والدولة المدنية في مقتل، ويعملون لصالح دعاة الدولة الدينية. بل يجب علينا أن نساهم في تطوير الفكر الديني والتركيز على قيم الحب والتسامح وليس استعراض التفاسير الشاذة أو معايرة أصحاب الديانات بالفتاوى المشينة.
والتطور الحضاري أساسه النتاج الفكري، ثم بث هذا النتاج من خلال منظومات الثقافة والإعلام والتعليم، إلى أن نرى القيم الحضارية تتجلى في السلوكيات والمعاملات بل والطبائع والعادات الشخصية والاجتماعية، وعندها تتنامي قوة المناعة الحضارية، للقضاء على فيروس التطرف والهوس الديني. وفي نفس الوقت، فإن التطور الديمقراطي وتحقيق المواطنة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تدفع بالدولة الرسمية لتحل محل الدويلات الموازية التي اقتنصت ولاء المواطنين منها، حتى تصبح المواطنة والولاء والانتماء الأول هو للوطن، وليس لجيتو ديني.
Tuesday, August 12, 2008
In Pursuit of Power
من أجل عدة سنوات أو عدة أيام أو دقائق إضافية على سدة الحكم، دمر نظام الحكم المصري الحياة السياسة المصرية. على مدى ربع قرن من حكمه المرير، انشغل النظام بتزوير الانتخابات والاستفتاءات ومحاربة أحزاب المعارضة الجديدة وتجميد القديمة، تكسيح وتنويم الأحزاب القائمة، ودعم النائمة المتوائمة معه والمشغولة جداً بتفسير الأحلام وقراءة الكف وتبخير ورقي القادة المغاوير الذين لا بديل عنهم ويخشى من غيابهم على الأمة - الأمة العبرية – حتى قال رئيس أحد تلك الأحزاب وواحد من أهم الكومبارس في انتخابات الرئاسة – إذا فزت لا قدر الله فسوف أتنازل عن مقعد الرئاسة للرئيس. وكأن مقعد الرئاسة هو دكة رئيس الخفراء في شونة بنك التسليف أو مقعد في قطار كوبري الليمون أو كرسي في قهوة كتكوت.
المعارضة تلعب حول المواسير والحاكم يمسك بكل المحابس
خلال العام الماضي، قام النظام بجهد خارق تكلف المليارات وانشغل في تنفيذه مئات الآلاف من موظفي الدولة التي بدأت في عملية جديدة ومثيرة، انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بإشراف القضاء في كل مراحلها بشرط واحد، أن تأتي بالنتائج التي رسمها النظام. سمح النظام للمعارضة باللعب بجوار المواسير ولكن النظام الخبيث قرر أن يتحكم في جميع المحابس. هذه هي ديمقراطية النظام. ديمقراطية المواسير. أما المحابس فتخضع كلها للتوجيهات المسبقة والتعليمات اللاحقة التي تهبط على القضاة كالقضاء والقدر بالمحمول. هناك بعض الماء الذي يتسرب من المحابس فيختلط بالتراب وتلهو المعارضة باللعب في الطين ثم تهيله على رأسها وتلطم عندما تنتهي المسرحية بالنهاية المعدة سلفاً.
من أجل عدة أيام إضافية في مقاعد الحكم، كلف النظام زبانية البوليس السياسي بتعقب أحزاب المعارضة وشقها بزرع العملاء وابتزاز قياداتها وتجنيدهم للعمل كمرشدين للأمن. وبدلاً من أن يقوم النظام بالعمل على تقوية الأحزاب المدنية انشغل بتلفيق التهم الكيدية لرموز المعارضة واجتهد في إسقاطهم والإساءة إليهم. اجتهد النظام في منع المعارضة من التوسع بتهديد أصحاب العمارات والشقق بعدم تأجيرها كمقرات لأحزاب المعارضة، وتهديد المعلنين في صحف المعارضة، مثلما حدث مع أحد المعلنين من أصحاب مصانع السيراميك بعد قيامه بوضع إعلان في صحيفة الغد قيمته عدة آلاف من الجنيهات، اضطر بعد التوبيخ والتهديد أن ينشر عدة إعلانات في الصحف القومية قيمتها مئات الآلاف من الجنيهات ينفي فيها وينكر ويتبرأ من وضع إعلان في صحيفة الغد المعارضة. ولا ننسى اختطاف الصحفيين المعارضين والاعتداء عليهم بالضرب واستخدام تجمعات من البلطجية لمهاجمة مسيرات ومؤتمرات المعارضة والأمثلة كثيرة في بيراميزا وكفر صقر وأمام نقابة الصحفيين وضريح سعد. بدلاً من أن تشجع الحكومة صعود قيادات شابة معارضة لديها الجرأة والقدرة على المنافسة وجذب الجماهير حول أحزاب مدنية، بذلت الحكومة كل جهودها في التشهير بتلك القيادات، وتلفيق التهم لها، وإنهاكها 24 ساعة في اليوم حول مختلف أقسام الشرطة والنيابات لاستجوابهم في تهم عبثية مثل سب الحزب الوطني بينما تقوم قوات الأمن بحماية البلطجية ذوي السيوف المشرعة وتكفل الدولة الحصانة لمسئولي الزراعات المسرطنة.
نجاح العملية بنجاة الطبيب رغم وفاة الجنين والأم
كل هذا الجهد الخارق كان الهدف منه اصطناع "عملية" ديمقراطية وفي نفس الوقت التحكم في نتائجها بالحفاظ على الوضع القائم دون أي تغيير. أي نجاح "العملية" بنجاة الطبيب - رغم وفاة الجنين والأم. كان الهدف هو التلاعب في إرادة الشعب بوسائل حديثة غير مباشرة، وبدلاً من التزوير المباشر قرر النظام أن يحصل على مبتغاه في بقاء الأوضاع على ما هي عليه من خلال اغتيال المعارضة وتفتيتها واتهامها بالعمالة والخيانة ثم اختيار مرشحي الحزب الوطني الذين يتمتعون بالقدرة على شراء الأصوات وتأجير البلطجية. ولكن في النهاية ورغم الجهد الخارق الذي تفرغ له آلاف من ضباط البوليس السياسي فشل النظام في الحصول على الأغلبية وسقطت رموزه سقوطاً مدوياً وكانت فضيحة بجلاجل. وفي النهاية اضطر النظام للتدخل المباشر والضغط على القضاة لتغيير نتائج الانتخابات في معظم الدوائر بدءاً بباب الشعرية مروراً بدمنهور وباقي الدوائر التي عانت من مهازل شهد بها القضاة ومنظمات المجتمع المدني وبعض عدسات الإعلام التي نجت من محاولات التحطيم والمصادرة. مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقوم فيها حزب الحاكم بخوض الانتخابات بتسمية 444 مرشح أصلي و4440 مرشح احتياطي "مستقل" بينما تقوم المعارضة بتسمية 500 مرشح! وعندما يقوم الشعب بإسقاط حزب الحاكم، لا يستقيل الحاكم، ولا يترك الحكم، بل يستقيل المستقلون من صفتهم المستقلة وينضمون لتجمع المصالح المسمى بحزب الحاكم. مصر هي البلد الوحيدة التي يبلغ فيها طول دكة الاحتياطي السياسي عشرات الكيلومترات.
قصور بدون مرايا
أحياناً أسأل نفسي: هل لا زال النظام يدعي أنه يتمتع بالأغلبية؟ إذا قمنا بمقابلة ألف مواطن وتوجيه سؤال بسيط وبعيد عن السياسة مثل: "هل تحب الحزب الوطني؟" كم مواطن سيجيب بالموافقة؟ خمسة مواطنين؟ سبعة؟ تسعة من ألف؟ هل يعقل أن يستمر النظام في الحكم "بأغلبية ساحقة" سبعة في الألف؟ أليس لديهم مخابرات أو مباحث أو كرة بللورية تخبرهم بأن رموزهم مكروهة والشعب يتوق للتخلص منها؟ كيف يستمرون في الحكم وهم يعلمون مدى كراهية الشعب لهم ورغبته العارمة في الإطاحة بهم؟ كيف يستيقظون كل يوم صباحاً ويواجهون أنفسهم ووجوههم في المرآة ثم يستمرون في الحكم بعد أن ينظروا في المرآة. بالطبع لابد من استخدام المرآة لحلاقة الذقن وتسريح الشعر وصبغه. ثم توصلت لاكتشاف عظيم يشرح سر بقاء النظام في الحكم. النظام لا ينظر في المرآة. هناك الحلاقون والسريحة ورؤساء التحرير ومسئولي التبرير وكلهم متخصص في مختلف فنون تجميل وجه النظام بحيث لا يضطر رموز النظام للنظر في المرآة أو رؤية الحقيقة أبداً. النظام لا يرى التجاعيد. ولا يرى السيوف. ولا يرى التزوير. النظام يرى التجاعيد مساحيق ملساء. والتزوير تجاوزات بسيطة لا تؤثر في نزاهة العملية الانتخابية. والسيوف يراها سيوف بلاستيك كده وكده، أما قيام مرشحي النظام بإنفاق المليارات في شراء الأصوات بإشراف أمن الدولة فالنظام يرى هذا لعبة بنك السعادة وليس هناك أكثر سعادة من النظام لأن اللعبة تنتهي بعدد لا بأس به من مقاعد الأصلي ومثلهم من المستقلين الاحتياطي. ويسعد النظام أنه احتال على الشعب وخدع العالم أجمع بمسرحية الديمقراطية بينما حصل في النهاية على بضعة أيام إضافية في الحكم. النظام لا يرى وجهه أبداً. قصور النظام لابد أنها تخلو من المرايا. ومكان كل مرآة تجد صورة في إطار فخم. إطارات بها صور قديمة لوجوه شابة وأحياء نظيفة وحكومة حقيقية. هذا هو سر بقاء النظام. الصور مكان المرايا. الوهم مكان الحقيقة.
محصلة كل الشرور
نتيجة الانتخابات الماضية هي محصلة كل شرور وآثام الحزب الوطني. الانتخابات مثل الامتحان، تتحدد نتيجته طوال العام، كمحصلة للاجتهاد والتحصيل. الانتخابات لم تتحدد نتيجتها فقط أثناء جولات البلطجة وتزوير النتائج أو شراء الأصوات، بل تحددت أثناء إصرار النظام على التلاعب في كشوف الناخبين وقيد آلاف الموظفين على شقق وهمية تابعة لبعض الوزارات، أو تهديد أنصار المعارضة ومنعهم من الخروج من بيوتهم، أو بث الشائعات الكاذبة حول زعماء المعارضة وجرجرتهم في المحاكم والأقسام بتهم كيدية. نتيجة الانتخابات تحددت عندما احتكر الحزب الوطني المقرات ومئات الملايين من التمويل لحزبه وعشرات الصحف والقنوات في إعلام مزيف ومضلل. واليوم، وبعد ثلاثين عاماً من التعددية الحزبية على يد الحزب الوطني، لابد أن نجلس ونسأل أين هي الأحزاب؟ هل يعقل أن هذا تقصير من كل الأحزاب ومن كل المصريين وأن الحزب الوطني المسئول عن الحكم طوال هذه الفترة هو البريء من تهمة التآمر ضد الأحزاب والتجسس عليها وإضعافها بشتى الطرق؟
سقوط النظام في امتحان الانتخابات لم يتضح فقط من خلال سقوط رموزه، بل اتضح من خلال اختفاء المعارضة المدنية من النتائج. إن ضعف المعارضة هو دليل ونتيجة مباشرة لكل جرائم الحزب "الوطني" في حق هذا الوطن. هو دليل على الشر والأنانية التي يعاني منها النظام. النظام لا يهمه أن تسقط مصر في مستنقع الطائفية أو تنفرد "التيارات الدينية" بالساحة السياسية. المهم هو أن نحافظ على الكرسي الكبير لأطول فترة ممكنة وقد نستطيع تأمين كرسي الباشا الصغير أيضاً. وتولع البلد باللي فيها.
من يقف وراء النظام
النظام اليوم لا يمثل الشعب. ولا يمثل المؤسسة العسكرية. ولا يمثل رجال الأعمال. ولا يمثل الموظفين. ولا يمثل العمال أو الفلاحين. النظام اليوم يمثل نفسه وشخوصه فقط. يحمي مصالحه هو فقط. النظام اليوم تحول من أداة لخدمة الشعب والوطن، وأصبح جسماً سرطانياً يمتص كل موارد الوطن ويسخرها لصالح هدف واحد: بقاؤه هو في الحكم. وفي سبيل ذلك يعود السفراء إرضاء للخارج ويستمر الوزراء المكروهين من الشعب خوفاً من سطوتهم. تبرم المعاهدات وتخصص الأراضي والإقطاعيات والاحتكارات ويترك الفاسدون لينهبوا موارد البلاد لأنهم أركان النظام وأعمدته التي يقوم عليها. تتضخم حشود الأمن المركزي المكلف بحماية النظام وتتضخم أجهزة البوليس السياسي، ويتضخم الإنفاق على أمن النظام وعلى تزييف الإعلام، بينما يتدهور الأمن العام والوعي العام ولا حول للشرطة أمام البلطجة والإجرام والإرهاب، ولا حول للمواطن المصري أمام النصب السياسي بشعارات براقة مبهمة.
متى تحين ساعة الحساب
عندما وعد النظام بانتخابات نزيهة "هذه المرة" فقد اعترف ضمناً بتزوير عشرات الانتخابات والاستفتاءات. ولكننا لم نسمع عن النائب العام وقد قدم المسئولين عن هذا التزوير المستمر للمحاكمة. عندما اعترف النظام في مايو 2005 بأن مصر في سبيلها للتحول من نظام الحزب الواحد لنظام التعددية الحزبية، رغم مرور 30 عاماً على ذلك فقد اعترف بمخالفة الدستور لعقود طويلة. ولكننا لم نسمع عن مسئول أو غير مسئول يقدم للمحاكمة بتهمة خداع الشعب وتبديد موارده في مسرحية كاذبة. عندما حكم القضاء بشطب مئات آلاف الناخبين في دوائر السيدة زينب وباب الشعرية والمعهد الفني وهم ناخبون مسجلون على عناوين مصالح حكومية وهمية، لم نر من يحرك الدعوى الجنائية ضد السادة الوزراء المسئولين عن هذه الجرائم السياسية. عندما رفضت الحكومة تنفيذ أحكام القضاء، لم نر من يقدم الحكومة للمحاكمة. عندما فضحت عدسات الإعلام البلطجية ورأينا حشود الأمن تحميهم وتفسح لهم الطريق، لم نسمع عن أحد يسائل وزير الداخلية أو مدير الأمن أو حتى مأمور القسم! عندما انغمس مرشحي الحزب الوطني الأصلي والاحتياطي في شراء الأصوات بفجاجة رفعت الإنفاق الانتخابي من 70 ألف جنيهاً للمرشح حسب القانون إلى 15 مليون جنيهاً في بعض الدوائر تحت سمع وبصر وإشراف ضباط البوليس السياسي على تلك الجرائم الانتخابية التي تفسد الحياة السياسية لعقود طويلة قادمة، لم نسمع عن مرشح واحد من مرشحي الوطني تم تقديمه للنيابة العامة. لماذا تقتصر جرائم شراء الأصوات على مرشحي الوطني والمستقلين من احتياطي الوطني؟ هل لأنهم وحدهم حريصون على خدمة الجماهير أم لأنهم يعدون العدة للتربح من وراء الحصانة والتأشيرات والأراضي والامتيازات؟ لماذا تقترن كل تلك الجرائم بالحزب الوطني وتكاد تقتصر عليه ومع ذلك لا نسمع عن محاكمات أو عقاب أو حتى اعتذار أجوف رخيص؟
في سبيل التاج، من أجل الاحتفاظ بالمقعد لأيام قليلة إضافية، ضحى النظام بحاضر ومستقبل هذه الأمة. في سبيل التاج سقطت كل القيم والمثل العليا أمام شبق لا ينتهي للسلطة واحتكار الحكم. وفي النهاية، أصبح التاج مجرد قطعة صفيح لا قيمة لها بعد أن تدهورت أحوال الوطن - الذي يمثله التاج - في سبيل التاج.
Archive 2006 - Judges Club Standoff
المواجهة مع نادي القضاء
و
فخاخ الشرعية
نقطة اللا عودة
من المخيف أن نرى النظام في وضع مؤسف من التخبط والذعر، والانفصام بين الحزب الحاكم والحكومة التي تحكم باسمه، ولجنة الحكم التي تحتكر القرار دون دراية بمعطيات الأمور، وأجهزة الأمن التي تتلقى تعليمات متضاربة مرة بالسحل ومرة بالتسامح. وكل هذا التخبط والمرض مصحوباً بحالة من الإصرار على إنكار العلة من الأساس والتعامل مع المشاكل الخطيرة التي تنزلق فيها البلاد باعتبارها غير موجودة.
فخ الشرعية المؤسسية
النظام يقع في فخ الشرعية الذي نصبه لنفسه بمساعدة القوى السلفية والوهابية التي طالما استخدمها كذريعة للاستبداد والقمع، فعلى المستوى السياسي، لدينا في مصر كيانين فقط، هما الحزب الحاكم وجماعة الإخوان. والأول وهو الحزب الحاكم هو كيان ضخم أجوف، يتحكم فيه شخص واحد يحتكر القرار وجميع القنوات التي تصل بين صاحب القرار ومستشاريه، وهذا السلوك الاحتكاري في السياسة ليس بجديد على نفس الشخص الذي احتكر واحدة من أهم السلع الاستراتيجية والتي تدخل في جميع أوجه الصناعة والتشييد. وهو مع تقديرنا لنجاحه الرأسمالي السريع أو تحفظنا عليه، لا يمتلك أية رؤية سياسية أو رصيد شعبي أو حس جماهيري من أي نوع، وهو شخص متعال بطبعه، بما ينفر الآخرين الذين يتعامل معهم بمنطق سلطوي قد يكون طبيعياً بالنسبة له كصاحب عمل في صناعة احتكرها لنفسه، ولكنه ليس مقبولاً في الممارسة السياسة التي تحتاج للإقناع والقدرة على تحريك الجماهير وإلهامها نحو إصلاحات قد تكون في مرارة الدواء الذي لا مفر من تناوله. والكيان السياسي الحاكم الذي يديره بحرية ودكتاتورية كاملة هذا العبقري المحتكر هو كيان يفتقد الشرعية وتاريخه المؤسف الطويل يجعله اليوم بعد محاولات عديدة للإصلاح أشبه بمن يحمل أثقالاً مريرة وسمعة سيئة أكسبته كراهية الشعب على مدى عقود طويلة، حتى افتقد المصداقية والثقة، وأصبح غير قادر على أن يكمل المسيرة فضلاً عن أن يقودها، وهو فاقد الشرعية بحكم مولده من رحم السلطة، ونشأته الشمولية التي تحفل بالتزوير المفضوح والمستتر للاستمرار في الحكم، والفشل في تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم للبسطاء. لقد استنفد هذا الكيان الغرض من تكوينه وبات عبئاً ثقيلاً على الوطن وعلى أعضائه، الذين يشعرون أنهم يفتقدون احترام الشعب لمجرد انتمائهم له، رغم ما قد يمتلكونه من خبرة أو مهارة أو نية صادقة لخدمة الوطن. ومما زاد الطين بلة أن ينقلب النظام على أهم سلطة فيه، وهي السلطة القضائية، فيتعنت معها وينزلق نحو مواجهة خطيرة قد تسحب منه آخر أهداب الشرعية بما يمثله هذا من خطر داهم على الشرعية يفتح الباب أمام احتمالات لا نتمناها للوطن.
والكيان الثاني، وهو الجماعة الشهيرة بالمحظورة، هي جماعة يرفض النظام أن يمنحها الشرعية، ولكنه يتركها تعمل بحرية تحت الأرض وفوقها، حتى سيطرت على النقابات والعمل الاجتماعي والسياسي، في غياب أي قوى سياسية أخرى نتيجة لمحاولات الإخصاء المستمرة التي يمارسها النظام لتدمير وتفتيت أي أحزاب أو قوى سياسية مدنية. وهذه الجماعة هي تنظيم عالمي له فكر خاص به، وهو فكر متعدد الأوجه، يتراوح بين التسامح والعصرية التي تبذل قياداتها جهداً محموداً في إظهارهما في خطابها الإعلامي، عدا هنات عابرة، تكشف بتلقائية مكنون الأنفس في بعض الأحيان، وبين فكر متشدد وعاطفة دينية ملتهبة تجيش بها صدور الأعضاء بمرجعية مطلقة قد تصطدم مع الطبيعة النسبية والتفاوضية للعملية السياسية. ومهما كان من أمر، فبيت القصيد هنا أن الدولة لا تعترف بالجماعة وتعدها جماعة محظورة وغير شرعية.
وبهذا فإن الكيانين السياسيين الموجودين حالياً، يعانيان من شرعية منقوصة بصورة لا شك فيها.
فخ شرعية السلطة
وفي نفس الوقت، ونتيجة لما ناقشناه من هشاشة شرعية الحزب الحاكم أو انعدامها، علاوة على التزوير المستمر والتلاعب في أسس العملية السياسية، تفتقد السلطتين التشريعية والتنفيذية الشرعية التي تمكنهما من قيادة البلاد بالصورة المرجوة، بما يمثله هذا من خطر على استقرار البلاد. ولعل السلطة الوحيدة التي لا يشكك أحد في شرعيتها هي السلطة القضائية بحكم طبيعة عملها وتكوينها، ولكن الأحداث الأخيرة جعلت هناك صراع بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية حول "من يمثل السلطة القضائية؟"، فبينما يرى القضاة أن مجلس إدارة ناديهم المنتخب هو أصلح من يتولى مهمة تمثيل السلطة القضائية، تحاول السلطة التنفيذية أن تزعزع من شرعية هذا الكيان، بمختلف الطرق الإدارية والسياسية، لأنها في النهاية تريد من السلطة القضائية أن تكون خاضعة بصورة ما للسلطة التنفيذية، أو بالتحديد لرئيس الجمهورية، الذي يرفض بالممارسة أن يقتصر دوره على قيادة السلطة التنفيذية، بل يريد أن يصبح رئيساً للسلطات الثلاثة، وهو أمر قد يكون مقبولاً بصورة رمزية أو شرفية، ولكنه غير منطقي إذا ما حاول الرئيس أن يسيطر على السلطات الثلاثة بصورة فعلية، لما يمثله هذا من إهدار ضمانات الفصل بين السلطات والرقابة والمحاسبة، ويكرس السلطة المطلقة في يد الرئيس وهو ما لا يتناسب مع مفهوم الدولة الدستورية الحديثة. وقد وصلت المواجهة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية إلى منعطف خطير بالمماطلة في إصدار قانون استقلال السلطة القضائية، ثم ما رأيناه من محاولة عقاب القضاة الشرفاء الذين فضحوا تزوير الانتخابات، رغم أن الرقابة على الانتخابات هو واجبهم الأصيل الذي أناطه بهم الدستور، وبدلاً من أن يقوم النظام بمحاسبة المزورين، يقوم بمعاقبة من كشفوا التزوير، بما يمثله هذا من اعتداء على الشرعية وتكريس للفساد. وعندما يدين النظام السلطة القضائية ممثلة في بعض أعضائها الشرفاء، فإنه بهذا يهدم شرعيته هو من الأساس، لأن العدل هو أساس الحكم، وتعطيل العدالة بالتالي يهدم أساس الحكم. وقد يخشى النظام من الاعتراف بتزوير الانتخابات لما يمثله هذا أيضاً من إهدار لشرعية السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكن الاعتراف بالتزوير في بعض الدوائر ومحاسبة المتسببين فيه، مهما كان صعباً على النظام أن يتقبله، فهو في النهاية يحفظ له بعض الشرعية ويقي البلاد شرور الانزلاق في مستنقع الفوضى.
Sunday, August 10, 2008
Against God-State 4
فالبشر يضعون القوانين والسياسات ويصوتون عليها، ويطبقونها، وبعد فترة يكتشفون أنها تحتاج لتغيير، فيغيرونها، وهكذا ... عملية تطور مستمر ... عملية بشرية ...
وهي تختلف تماماً عن فكرة "حاكمية الله" أو النصوص المقدسة التي يعكف على تفسيرها "هيئة كبار علماء" أو "مجلس ملي" مثلاً ...
وهذه السياسات والقوانين التي تقرها الأغلبية، من غير المقبول أن تعصف بحقوق الأقلية، مثل حق المساواة، وحرية العقيدة والرأي وهكذا ...
أما بالنسبة للأحزاب الدينية، فهي تصفق للديمقراطية وتنادي بها، وتقبل أن تحتكم إلى الديمقراطية، أي حكم البشر، ثم بعد أن تصل لمقاعد الحكم، تخطط لتبديل هذا الوضع، طبقاً لبرنامجها المعلن، الذي يحتوي على مجلس ملي أو هيئة كبار علماء الدين، لتصبح المرجعية إلهية لدين بعينه
لقد عرفت مصر التداخل بين السلطة ورجال الدين لآلاف السنين، ولكن نظراً لطبيعة التعددية في الديانات المصرية القديمة، وجدنا أن لكل إقليم Nome عقيدته الخاصة، وتصاهرت الديانات وانصهرت في بانثيون كبير قوامه التعددية ... فالاختلافات بين العقائد الأرضية لأوزوريس وهي ديانة عامة الشعب وخاصة في الدلتا، والعقائد السماوية الشمسية لرع ومنبتها أون وكانت ديانة النخبة الحاكمة في الدولة القديمة، أوجدت نوعاً من الصراع السلمي، كانت نتيجته في النهاية توافق رأينا معه أوزوريس يدخل في متون الأهرام ويمسك بالسلم الذي يرتقيه الملك المتوفي إلى السماء، قرب نهاية الدولة القديمة، بعد أن كانت نصوص الأهرام القديمة تحذر الميت من أوزوريس ...
نفس الشيء حدث بين رع وآمون الذي كان في البداية إلهاً مغموراً طيبياً (الأقصر وما حولها)، فارتفعت أسهم آمون في الدولة الوسطى مع انتقال بيت الملك إلى ملوك طيبة، ثم تمازج آمون مع رع في ثنائية آمون-رع، في توافق جديد ...
وفي لحظة ما، رأينا أخناتون في الدولة الحديثة يقصي كل تلك الآلهة ويقدم معبوداً جديداً، هو آتون، وهو مشتق من إله الشمس القديم أتوم ... وجاء هذا ليعصف بالتعددية، وانتقل الحكم إلى تل العمارنة، وشهدت البلاد اضطرابات كثيرة، انتهت بأن عادت مصر مرة أخرى إلى التعددية والاحتواء، ورأينا كيف تغير اسم توت-عنخ-آتون إلى توت-عنخ-آمون ...
وعندما حاولت الإمبراطورية الرومانية فرض المسيحية، بل فرض "نسخة معينة من الديانة المسيحية" على الشعب، رأينا حمامات الدم التي اجتاحت البلاد وعانى منها غير المسيحيين، من ظلوا على ديانات مصر القديمة، أو الغنوصيين، أو الهرمزيين، و اليهود، بل والمسيحيين الذي آمنوا بمذهب آريوس السكندري وغيرهم من الذين اعتبرتهم الكنيسة مهرطقين، فعانوا من اضطهاد غير مسبوق ...
نفس الشيء عانى منه المسيحيون بعد الغزو العربي، الذي جعل من الإسلام الدين الرسمي للدولة، فقد أصبح أهل البلاد الذين بقوا على دينهم الأصلي، "ذميين"، مواطنين درجة ثانية، وحوصروا بطرق اقتصادية واجتماعية وإدارية شتى، وشعروا بالاضطهاد، مثل أجدادهم المسيحيين تحت الحكم الروماني قبل أن تصبح المسيحية الديانة الرسمية للدولة، أو غير المسيحيين بعدها ...
إذن، دروس التاريخ علمتنا أن التداخل بين الدين والسياسة قد أدى إلى مشاكل كثيرة في الماضي وفي الحاضر. أما في المستقبل، ومع الوعي المتنام بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة، فإن فكرة الدولة الدينية، سواء إسلامية أو مسيحية لن تكون مقبولة لأصحاب الديانات الأخرى، بل وربما المذاهب الأخرى في نفس الديانة، فيؤدي هذا إلى عدم استقرار في الحكم، وغالباً ما يؤدي إلى تقسيم البلاد، مثلما رأينا في جنوب السودان ...
وهذا ما لا نتمناه ...
ومنذ أسابيع قليلة، رأينا أحد القادة الدينيين للشيعة في العراق، يطالب بأن تصبح الدولة مدنية علمانية، لا تفرق بين رعاياها السنة أو الشيعة، لأنه اكتشف أن الدولة المدنية العلمانية، هي الوحيدة التي يمكن أن توفر حرية العقيدة على أرض الواقع لكل رعاياها، أما الدولة التي تتسربل بغطاء ديني محدد، فإن هذا يأتي بالضرورة ومن الممارسة والتاريخ، على حساب أصحاب الديانات أو المذاهب الأخرى، فيعصف باستقرار البلاد وأمنها، ويعرضها لمخاطر الحرب الأهلية والتقسيم
ومن هنا، فإن الإخوان مثلاً أو غيرهم، لهم كل الحق في أن يكونوا الحزب الذي يريدونه، بشرط أن يتبنوا في برامجهم، فكرة الدولة المدنية حقيقة وليس من باب التقية، وقد بينا في مقال سابق، أن برنامج الإخوان قد تشدق بالمواطنة، ولكنه عصف بها في كل بند من بنوده، الذي يشبه في الحقيقة فكرة الدولة الدينية، حيث الحاكمية لله، وليست للشعب
ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.
وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.
وفكرة الحاكمية الإلهية، هي فكرة مضللة، لأن الله سبحانه لن يبعث بوحي ليرشد "البشر" إلى السياسات والقوانين، فهيئة كبار العلماء مهما اتسعت، ما هي في النهاية إلا هيئة بشرية، ولكنها تدعي حاكمية الله، وتقف بين الله والبشر، في كهنوت غير مقبول
حاكمية الله، التي يدعو بها سراً أو جهراً دعاة الدولة الدينية، هي عكس الديمقراطية، التي تدعي أن الشعب، هو مصدر السلطة والتشريع والقانون
المواطنة الحقة، والدولة المدنية، هي جزء أساسي وعمود ركين في منظومة ومفهوم الديمقراطية، فمن غير المنطقي، أن نسعى لاستخدام الديمقراطية في الوصول للحكم، ثم نهدم أركانها، لأننا حينئذ نهدم المبنى كله على من فيه، فنكون من الخاسرين. والديمقراطية هي الضمانة الحقيقية لتداول السلطة، والحكم الرشيد، والفصل بين السلطات، والقضاء على الاستبداد والفساد، والعدالة بين كل أفراد الشعب، أياً كان معتقد، أو لون، أو جنس أي فرد فيهم
Saturday, August 09, 2008
Against God-State 3
بعد نشر المقال السابق بعنوان "إعلان حرب على الهوية المصرية" الذي ناقش برنامج الإخوان من زاوية تعريف الهوية الوطنية على أساس ديني، تلقيت العديد من المكالمات والرسائل القصيرة المؤيدة على طول الخط، كما جاءت بعض ردود الأفعال معارضة رغم أن معظم أصحابها يحسبون أنفسهم على التيار الليبرالي المصري. ورأى الناقدون أن المقال حمل في طياته توجهاً إقصائياً للإخوان، وهم أكثر الفصائل "السياسية" تنظيماً وتأثيراً وأغزرها تمويلاً وأعتدها تسليحاً، وأعمقها اختراقاً للمجتمع المصري تحت ستار الدين. والواقع يفرض علينا أن نعترف أن الإخوان بطبيعة تكوينهم السري الخلوي تحت-الأرضي، قد استطاعوا أن يقيموا دولة موازية، رئيسها هو المرشد العام، دولة نمت وترعرت في الظل، ظل نظام احتكاري سلطوي، يجتهد لاستئصال أي بدائل سياسية شرعية، نظام فشل في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لقطاعات واسعة من المصريين، فتمتعت دولة الإخوان الموازية، دولة الظل، بسيطرة غير مسبوقة على النقابات والجامعات والعمل الاجتماعي والسياسي، وامتد تأثيرها ليخترق العديد من الدوائر الحساسة مثل مجلس الشعب ومنظومات الثقافة والإعلام والتعليم والعدل وصولاً إلى الجهاز الأمني نفسه!
وأود أن أوضح أنني أعني تماماً ما قلته، وأؤكد على إيماني بحق كل فرد أو فصيل مصري أن يمارس السياسة ويطرح نفسه وأفكاره كبديل لنظام الحكم الحالي أو المستقبلي أياً كان، بشرط وحيد، وهو أن يعترف بمصر وبالهوية المصرية، فالمتأمركون الذين قد يرون مثلاً أن مصر عليها أن تتبنى الهوية الأمريكية وتنصاع للإدارة الأمريكية على طول الخط، فتصبح عملياً مستعمرة أمريكية، بينما هم يحصلون على الدعم والتمويل من تلك الدولة الأجنبية، لا يمكن أن نعتبرهم سوى عملاء لمن يمولونهم ويوكلونهم في الدفاع عن مصالحهم.
وبنفس المنطق، عندما نرى برنامج فصيل سياسي يحاول طمس ودفن الهوية المصرية، والمجاهرة بأنه "طز في مصر" وأن هويتها هي هوية دينية في الأساس، ويعلن علينا مشروعاً استعمارياً في برنامج يتحدث عن الهوية الدينية لمصر عشرات المرات، بينما لم يتحدث مرة واحدة عن الهوية المصرية، فهذا الفصيل مهما كانت قوته وعمق اختراقه للمجتمع، هو فصيل استعماري، لا يؤمن بالمصلحة القومية، لأنه لا يعترف بالقومية من الأساس، ويجب التصدي له بكل حزم وحسم وقوة مهما كانت العواقب، لأن خطره يتمثل في المشروع الاستعماري الثقافي والفكري الذي يروج له تحت ستار الدين. والخطر في هذا التوجه نحو تعريف الهوية الوطنية من منطلق ديني يكمن في أنه ينسف فكرة المواطنة المصرية، ويقسم المصريين إلى طائفتين، طائفة المسلمين وطائفة غير المسلمين، مما يهدد بكارثة كبرى، هي تقسيم مصر إلى دولتين، دولة إسلامية في الشمال، ودولة مسيحية في جزء من الصعيد، ولا يجب أن يتعجب أي شخص عاقل إذا خرج علينا فصيل آخر مضاد، يدعو لقومية مسيحية، لأنه لا يوافق على أن ينتمي سياسياً لدولة ذات هوية إسلامية على أرض مصر.
وقد رأينا بالفعل البوادر والأدلة الدموية لهذا الخطر، منذ أن بدأ السادات يستخدم التيار الديني السياسي في مجابهة التيارات الناصرية والقومية واليسارية في مصر في السبعينيات، وشاهدنا ونحن غفاة كيف تصاعدت أعمال العنف الطائفي بين مسلمين ومسيحيين مصريين، لأن التيار السياسي الإسلامي عندما ينادي بهوية مصرية إسلامية، فهو بهذا ينسف أساس الوحدة المصرية التي تساوي بين المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم من أصحاب الملل والمذاهب المختلفة، في ظل هوية واحدة هي الهوية المصرية. وفي الواقع فإن الكارثة الثانية تقع على المسلمين أنفسهم، الذين سوف يصبح عليهم أن يعتنقوا النسخة "الرسمية" من الإسلام الذي تمليه عليهم الدولة الإله، من خلال هيئة كبار العلماء، رغم أن الدين، أي دين، هو عقيدة شخصية في ظل غياب أي تفويض إلهي لأي شخص في أن يحتكر التفسير أو التنظير الديني والفقهي. وهذا قد يعني قيام دولة ثالثة على أرض مصر، سكانها من المسلمين والمسيحيين الذي يرفضون أن يقسموا الولاء للدولة الإله، سواء دانت بالهوية الإسلامية أو المسيحية، وأصارحكم القول بأنني سوف أكون من مواطني تلك الجمهورية الثالثة، وسوف أحارب بكل قوة إذا استدعى الأمر للحفاظ على هويتي المصرية والحصول على كامل حريتي السياسية والفكرية والدينية بعيداً عن سيطرة الدولة الإله!
إن الإخوان المسلمين الذين يخضعون لسلطان المرشد العام أو الرئيس الموازي، عليهم أن يعلنوا اختيارهم اليوم بكل وضوح، إما مع مصر أو ضد مصر، وهو قد يبدو من ناحيتي اتجاها متطرفاً في ثنائيته واختزاله للبدائل، ولكن عندما نتحدث عن موضوع محوري مثل الهوية القومية، فلا أرى بدائل أخرى، رغم أنني أعلنت أيضاً ترحيبي بدوائر ثانوية للهوية الأوسع، سواء عربية أو بحر- متوسطية أو نيلية أو أفريقية، بشرط أن تكون دائرة المركز المتفق عليها هي الهوية المصرية. وقد سعدت حقاً عندما وجدت مجموعات مستنيرة من شباب الإخوان يجاهرون برفض برنامج الجماعة ومرشدها، وأرى أنه على الجماعة في الواقع أن تستغنى عن لقب "المرشد" ومكتب "الإرشاد"، وتستبدله بالرئيس أو الزعيم ومكتب القيادة أو اللجنة المركزية مثلاً، لأن كلمة المرشد في حد ذاتها، وهي تذكرني بوزارة الإرشاد القومي في الستينيات، تحمل في طياتها إيحاءً بتأليه وقدسية شخص أو هيئة، يختصه الإله بالألهام والرشاد وحده، ويصبح عليه أن يرشد من حوله، باعتباره معبر الرشد والحكمة الإلهية، الذي يمتلك حصرياً وصلة إلهية خاصة به، وباعتبار من حوله جهلاء ناقصي الرشد والأهلية، وهو توجه فوقي سلطوي بابوي، يوضح أن ما تتحدث عنه الجماعة من ديمقراطية هو "هراء" من باب التجمل والتزين والنفاق والتقية، لأن الديمقراطية تعني أن يخضع الجميع بما فيهم الرئيس لرأي الأغلبية مع الحفاظ على حقوق الأقلية، أما الإرشاد، فيوحي بوجود هذه الوصلة الإلهية الحصرية التي يتعين على الجميع الاعتراف بها والانصياع لصاحبها أو مدعيها.
إن الخيار الإخواني الذي يطرح نفسه على الإخوان اليوم في مفترق طرق تاريخي، يشبه إلى حد كبير الخيار الإسرائيلي الذي يتعين على الشعب الإسرائيلي أن يتخذه، فإسرائيل التي تدعي أنها دولة ديمقراطية، هي دولة دينية على أرض الواقع، لأنها تعطي حق المواطنة لأي يهودي في العالم مهما كان مكان مولده، بينما تنكر حق المواطنة والعودة للفلسطينيين الذي ولدوا وأباؤهم وأجدادهم على نفس الأرض التي تحكمها إسرائيل اليوم، ويصبح على إسرائيل أن تختار، إما أن تكون دولة يهودية أو تكون دولة ديمقراطية لأن النقيضين لا يجتمعان على سلم المواطنة بنفس المنطق الذي ذكرناه. والإخوان أيضاً عليهم أن يعلنوا بكل صراحة، هل يؤمنون بالهوية المصرية كأساس للمواطنة، وبالديمقراطية كأساس للحكم، أم يؤمنون بالطائفية والهوية الدينية كأساس للمواطنة، وبالإرشاد الإلهي كأساس للحكم وسن القوانين والسياسات، سواء جاء هذا الإرشاد عن طريق الوصلة الإلهية الحصرية للمرشد، أو عن طريق شبكة الوصلات الحصرية لمكتب الإرشاد أو هيئة كبار علماء الدين.
أما المسلمون الذي ينتظرون تلقي التوجيه السياسي من أية قيادة دينية، والمسيحيون الذين ينتظرون تلقي التوجيه السياسي من البابا مع كل إجلالنا لمثل تلك القيادات الروحية، فأقول لهم، أنتم ترتكبون جرماً فاحشاً في حق وطن وأمة تمتعت بالوحدة السياسية على مدى 5200 عاماً، ومن العار أن نفتت وحدتها اليوم في نوبة أو "وردية" حراستنا القصيرة والمؤقتة لهذا الوطن وهذه الأمة.
عزيزي فخامة الرئيس الموازي، رئيس جماعة الإخوان المسلمين، من حقك ومن حق الجماعة أن تمارس السياسة، وتتغلغل في النقابات والجامعات والجمعيات والمجالس وكافة مؤسسات الوطن مثل أي شخص أو حزب آخر لديه طموح سياسي، بشرط واحد عادل وصريح، وهو أن تعترف بالهوية المصرية كأساس لعملك وطموحك السياسي، أما إذا كنت تصر على أنه لا توجد هوية مصرية من الأساس، فهنا مع كامل احترامي أنت تصبح ضيفاً علينا في مصر، وأطلب منك بكل أدب وتجلة واحترام، أن تتوقف فوراً ودون إبطاء عن الترويج للهوية الدينية كأساس للمواطنة في مصر، لأن ما تفعله يضر الدولة والأمة التي اخترت أنت أن تحل عليها ضيفاً بأفكارك الاستعمارية، وأؤكد لك أن المصريين إذا كانوا طيبين و"على نياتهم"، فقد تعلموا من طول تعاملهم مع الغزاة الناهبين والرعاة المغيرين والولاة قساة القلوب الظالمين أن يحافظوا على استقلالهم الذي فقدوه لما يزيد عن ألفي عام تدهور خلالها وضعهم الحضاري من القمة إلى الحضيض، واعلم فخامة الرئيس الموازي بكل حب، أنه كما للضيف حقه في الإكرام فللمضيف حقه في الاحترام.
وائل نوارة
المصري اليوم
5 ديسمبر
2007
ص
13
Against God-State 2
أعلنت في المقال السابق (ضد الدولة الإله) اعتراضي الصريح على تغول سلطان الدولة التي تتسربل بالغطاء الديني لتتقمص دور الإله زوراً وبهتاناً، فتتنامى سلطاتها بصورة شمولية على حساب حريات مواطنيها. وقد جاء موضوع "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.
ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.
وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.
إن الأساس في الهوية القومية هي شعور "بالزمالة" والاشتراك في المصلحة الوطنية، بناء على اشتراك في معظم أو كل العوامل التي تحدد الهوية، من عرق، ودين، ولغة، وأرض، وثقافة وطريقة حياة بتفاعلاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، دون التركيز على عنصر واحد فيأتي تعريف الهوية عنصرياً متحيزاً للعرق أو الدين مثلاً على حساب باقي العناصر التي تشكل في مجملها تعريف الهوية القومية. فلا يعقل مثلاً أن يكون الماليزي المسلم أقرب للمصري المسلم من المصري المسيحي. والهوية المصرية، هي هوية راسخة، تشكلت ونضجت قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام بآلاف السنين، والمصريون أمة، يشترك أعضاؤها في ميراث حضاري وثقافي وديني وأخلاقي ولغوي متميز. فاللغة العامية المصرية مثلاً تحتوي على آلاف الكلمات والتعبيرات والتراكيب المشتقة أساساً من لغة الأجداد، والعرق المصري لم يتأثر تقريباً بموجات الغزو الفارسي أو اليوناني أو الروماني أو العربي، طبقاً للأبحاث الجينية التي أثبتت أن التركيب الجيني للعمال المصريين الذين بنوا الأهرامات منذ 4600 يكاد يتطابق مع التركيب الجيني للمصريين الذين يعيشون على أرض مصر اليوم، وحتى الدين المسيحي والإسلامي، يشتركان مع الأديان المصرية القديمة في آلاف القيم والتفاصيل والطقوس، بما جعل بعض المفكرين الإسلاميين يقولون أن أوزوريس ما هو إلا النبي إدريس مثلاً. وعبر القرون، نجد أن مصر قد احتضنت المسيحية والإسلام، واستوعبتهما، ومصرتهما بصبغة مصرية خالصة، وسطية معتدلة، وأعادت تصديرهما للعالم من خلال مؤسساتها الدينية التي تشع نورها الروحي في الشرق والغرب.
إن الحرب على الهوية المصرية لم تبدأ اليوم، بل بدأتها الجماعات المتأسلمة منذ عدة عقود، تغلغلت خلالها في المجتمع بجامعاته ونقاباته ومؤسساته التعليمية والثقافية والخيرية، في محاولة لطمس الهوية المصرية. فقد حاربت تلك الجماعات مثلاً الاحتفالات المصرية والعادات المصرية، فانتشرت الأزياء التي ترمز لهذا التغلغل مثل الجلباب الأفغاني، والنقاب، والخمار، وإطالة الذقون، وحلق الشارب، أما الاحتفال بالمولود الجديد على سبيل المثال فقد غيروا اسمه من "سبوع" إلى "عقيقة"، مع تحريم الاحتفال بعيد شم النسيم باعتباره عيداً وثنياً، وتحريم الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية باعتباره تقليداً مسيحياً، وأن الأعياد المعترف بها هي عيدي الفطر وعيد الأضحى فقط. وهكذا، استمرت الحرب المستترة على الهوية المصرية، تتمسح برداء الدين والدين منها براء، وتبث سموم الكره والفرقة بين المصريين، مما نتج عنه تصاعد للمد الطائفي، والمواجهات العنيفة بين أبناء الوطن الواحد نتيجة لخلخلة الأساس الذي تستند إليه الوحدة الوطنية، وهو الهوية المصرية، ومحاولة استبداله بأساس ديني طائفي للهوية، إلى أن جاء إعلان البرنامج المنسوب للإخوان، ليعلن الحرب على الهوية المصرية بصورة رسمية.
ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من هذه الحرب، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.
إن برنامج الإخوان، هو مانفستو للغزو الثقافي باستغلال الدين، وتعبير صارخ عن الحرب على الهوية المصرية، التي تعرضت لحالة من العدوان الشامل عليها خلال نصف قرن، تحت دعاوى القومية العربية أو الهوية الإسلامية، وحان الوقت لكي يستيقظ الشعب المصري من سباته، ليواجه هذا العدوان، ويؤكد هويته المصرية القومية، دون أن يعني هذا تخليه عن عقيدته، ليوقف هذا الغزو الفكري المنظم، من أولئك الذين يضعون شعاراً لهم "طظ في مصر". لقد سمعنا بعد انتخابات البرلمان في عام 2005 عن مانفستو آخر منسوب للإخوان بعنوان "الفتح الثاني لمصر"، وهاج الإخوان وماجوا، وأنكروا أن يكونوا قد أصدروا هذا المانفستو، وادعوا أن الأمن قد دسه عليهم، ولكن ها هو برنامج الإخوان يأتي في 128 صفحة خالية من أي ذكر للهوية المصرية، بينما تذكر فيه الهوية الإسلامية ودولة الوحدة الإسلامية عشرات المرات، فهل هذا البرنامج أيضاً مدسوس عليهم من الأمن؟ نتمنى ذلك وننتظر توضيحاً رسمياً منهم في هذا الصدد.
نحن لسنا دعاة للشوفونية القومية أو العزلة، ونؤمن بأهمية تحالف مصر مع أخواتها الدول العربية ودخول الجميع في منظومة تكاملية في الوقت المناسب، ولكن التعاون والتحالف وحتى الاتحاد لا يمكن أن يحدث قبل أن نتحد أولاً مع أنفسنا، ونعرف من نحن، وننبذ الطائفية الدينية المقيتة، فكيف نتحد مع الآخرين في الخارج، إذا كان دعاة التعصب الديني يضربون أساس وحدتنا من الداخل، وهو هويتنا المصرية؟
إن تفرد الهوية المصرية واضح، وهو مجال لمئات الكتب والأبحاث، ومع ذلك لا ننكر اشتراكنا مع الآخرين في بعض عوامل الهوية، عبر دوائر أوسع، سواء كان هؤلاء الآخرون عرباً أم مسلمين أم أفارقة أم يونان أم طليان. فأهل الدنمارك على سبيل المثال يعتزون بهويتهم القومية، ومع هذا هم على الأوسع اسكندنافيون، وعلى الأشمل أوروبيون، ومصر قد تكون عربية وبحر أوسطية ولكنها في الأساس مصرية.
والتأمل في السياق التاريخي، والبحث في الدلائل الجغرافية والتاريخية والعرقية والحضارية واللغوية، والنظر في الواقع الأليم الذي نحن فيه بعد 23 قرن من الاحتلال الأجنبي، ووضع رؤية للمستقبل الذي نتمناه، يجعلنا نسأل أنفسنا: إذا كان بيدنا اليوم أن نعيد تعريف الهوية المصرية، ولدينا بعض المنابع الحضارية التي نشترك فيها مع الآخرين ... عربية ... بحر متوسطية ... إسلامية، ومنبعاً أصيلاً عميقاً لا آخر له، نتفرد به عن العالم أجمع، ونتباهى به في كل مناسبة وبدون مناسبة، لا ينازعنا فيه أحد، وهو أيضاً منبع المنابع الحضارية في العالم أجمع، منبع الحضارة المصرية، أم الحضارات في العالم القديم وأصل الحضارة الحديثة، فماذا نأخذ من هنا وماذا نأخذ من هناك، لأن الهوية كما هي قدرية في بعض أجزائها، فهي اختيارية في أجزاء أخرى، ويحضرني هنا قول رينان Renan في أواخر القرن التاسع عشر "الهوية هي أن نعي أننا فعلنا الكثير من الأشياء العظيمة مع بعضنا البعض، وأننا نتطلع لعمل المزيد منها معا"، فهذا ولا شك يجعلنا نتمسك بهويتنا المصرية التي نتفرد بها عن كافة أمم الأرض.
إخواني من تحاولون اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، وتفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية، أدعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، إن كان في قلوبكم مكان يتسع لهوية مصرية. أما إذا كنتم لا تظنون أن هناك هوية مصرية من الأساس، فأهلا بكم أيها الأشقاء على أرض مصر، لأننا شعب مضياف، يرحب بكم ضيوفاً أعزاءً في وطننا مصر، ونرجوكم وأنتم ضيوف لدينا، أن تكفوا عن إشعال نار الفتنة الطائفية تحت دعاوى الهوية الدينية، ومن باب إكرام الضيف، نعدكم بأن نعرفكم على هويتنا المصرية التي لا تفرق بين مسلم أو مسيحي على أرض هذا الوطن، مصر، كيمي أو كيميت، في مقالات قادمة بإذن الله.
وائل نوارة
*****
نشرت في المصري اليوم
15 نوفمبر 2007