فقط مصريين
نريد قانوناً يرانا فقط كمصريين
ليس كمسلمين أو مسيحيين
فقط مصريين
لمن يريد أن يجبر الناس على تطبيق أحكام دينية كجزء من القوانين الوضعية
سيدي الفاضل ... سيدتي الفاضلة
حريتك نقدرها، عقيدتك نحترمها، بل أن عقيدتك لا تخصنا، ولكن فقط نحن حريصون على أن نحترم حقك في أن تؤمن بها، ويمكنك تطبيق كل الأوامر أو النواه التي تعجبك على نفسك طالما لا تضر بالآخرين. عندما قمنا بالتعليق على فتوى دار الإفتاء، وأنا أكن للمفتي كل تبجيل واحترام، جاء تعليقنا على الفتوى من الناحية السياسية وليس الدينية، فلم نفند مثلاً الفتوى من الناحية الفقهية ولكن تناولناها من الناحية السياسية وفي ضوء القانون المدني والمنطق الطبيعي الذي يحكم البشر.
أما المنطق الديني فيمكن لأي فرد أن يستخدمه كفرد على نفسه طالما لا يضر الآخرين - والاعتراض فقط على تشريعات يمكن أن تستخدمها الدولة في إجبار مواطنيها على تصرفات معينة ضد إرادتهم بدعوى تطبيق الشرع - وهنا تصبح الدولة وكأنها إله تحاسب الناس على عقيدة معينة وتجبرهم على تنفيذها.
ورغم أننا نحترم القانون والدستور فأساس المشاركة السياسية هو العمل السلمي نحو تغيير الدستور والقانون - وكل تعديل دستوري أو قانون جديد يصدر كل يوم في اي دولة يبدأ بمجموعة مواطنين مثلنا يجلسون ويتناقشون فيما يرونه الأصلح لحياتهم
ولكن البعض يرفع في وجهنا شعار أن الدستور يقول نحن دولة إسلامية، والمادة الثانية من الدستور تنص على كذا وكذا، والبعض يريد أن يجردنا من حقنا في مناقشة الدستور أو القوانين، بدعوى أننا جهلة وأن المفتي وحده هو الأعلم بمصلحتنا - وهنا نقول - نحن نرفض ولاية الفقيه أو المفتي أو المرشد أو آية الله - سيادتك لك أن تصوت لصالح من تريد ولكن في النهاية التطور الطبيعي للإنسان هو أن يتحرر من دعاوى احتكار الحقيقة باسم الدين
أحياناً يعيش الإنسان في بيئة تحرق الخلايا النقدية في مخ الإنسان من جراء انحصار طيف التفكير في زاوية ضيقة حول تفسيرات معينة لبعض الشيوخ الأقدمين - وهنا تأتي الأسئلة من شخص عادي صادمة وربما مستفزة - بينما الطبيعي أن نسأل دائماً - لماذا هذا ممنوع - أو لماذا نلغي وصية هذا الشخص - أو ما هو دخل الدولة في هذا الأمر أو ذاك -
فالأصل هو الحرية - حرية الشخص في أن يهب أمواله لمن يشاء دون تدخل من الآخرين - وما أدراك - قد يكون هذا الشخص قد مر بتجربة روحية تغيرت معها عقيدته - أو آمن بعدة عقائد في نفس الوقت - أو وصل لتفسير شخصي لنفس العقيدة يختلف عن الإجماع أو الاتجاه العام
هذا شيء يخصه هو وحده وليس للدولة أن تحاسبه على نياته أو رغباته ما دام لا يضر أحداً - الله فقط هو المطلع على الأفئدة والذي يستطيع أن يحاسب على النوايا والعقائد - أما أن تتدخل الدولة في ذلك - فهو أمر مرفوض ومضحك أيضاً لأنها لن تستطيع مهما فعلت أن تقرأ النوايا أو درجة الإيمان
سيدي الفاضل ... سيدتي الفاضلة
الدولة المدنية هي الضمانة الحقيقية لكي يختار كل شخص عقيدته ويمارسها بحرية واطمئنان دون تمييز أو اضطهاد أو اضطرار لإخفاء نفسه أو أهله، وهذا ليس فقط مفيداً لأصحاب الديانات المغايرة لدين الأغلبية، لكنه أيضاً ثميناً لأصحاب دين الأغلبية ممن قد يتبنون تفسيرات معينة أو مذاهب غير شائعة – فالأديان مليئة بالمذاهب والطوائف والطرق المختلفة التي يسلكها الباحثون عن الحقيقة
الدولة المدنية هي الضمانة للمسلم في بريطانيا أو الهند أو ألمانيا، هي الضمانة لأهل السنة في العراق وإيران، هي الضمانة للشيعة في مصر أو السعودية، هي الضمانة لكل شخص بصرف النظر عن معتقده، في أن يعيش في دولة لا تتحيز لدين على حساب دين آخر، لأن الدولة في النهاية هي كيان إداري، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يؤمن، ولا يكفر، بل يخدم مواطنيه الذين يقفون أو يجب أن يقفوا – أمام عدالة القانون سواء، وعندما نطالب مثلاً بإلغاء خانة الديانة في الأوراق الرسمية – فهذا لأننا نريد أن نتأكد – أن العدالة فعلاً لا ترى جلودنا ولا أعراقنا ولا معتقداتنا، بل تعاملنا كمواطنين متساوين في الحقوق – ومتساوين في الواجبات – ومتساوين في الكرامة الإنسانية
نعم
نريد قانوناً يرانا فقط كمصريين
ليس كمسلمين أو مسيحيين
فقط مصريين
...