Saturday, May 18, 2024

إعادة ترتيب المكان

كانت في بيتها
تعد طعام العشاء لأطفالها
طرقوا الأبواب
فتحت مرحبة بالركبان

أعطتهم من خير البيت
فأكلوا
وشربوا
وتجشأوا
لكنهم لم يشبعوا


ظلوا يأكلون
ويشربون
لكنهم لم يشبعوا


أمرهم كبيرهم
خلسة
بأن يجمعوا من المنزل كل نفيس
ثم قرروا أن يقضوا منها وطراً

سدوا الكوات والنوافذ
كمموا أفواه الصبيان
كبلوا الأيادي والأبدان

تكأكأوا عليها بليل
حاصروها
أوقعوها
وحاولوا أن يواقعوها
في بيتها غصبا


نظرت إلى السماء
نظرة تساؤل
لم تنظر لهم
ولم تلمهم
للحظة واحدة


وفي محاولة أخيرة
للخلاص
ركلت موقد الكيروسين
بقدمها


اندلعت النار
في الوقود المسكوب
وانقض الحريق
كالقدر المكتوب


تراقصت ألسنة اللهب
وتصاعد الدخان
خرجوا مسرعين
يتعثرون في سراويلهم
والنار تمسك بأجسادهم
مثل كرات مشتعلة
تشق حلكة الظلام


وفي لحظات
تجمعت السحب
واصطخب الرعد
أمطرت السماء
كما لم تمطر من قبل
في تلك القرية الصغيرة
تطفئ النيران
وتغسل الأدران

وقفت الجموع حاسرة
في ترقب أمام بيتها
.
.
.
خرجت بصغارها
من وسط الحطام
نظرت للسماء
في ثقة وامتنان
غطت رأسها
مسحت على رءوس أطفالها
وابتسمت للجيران


ثم بدأت تعيد ترتيب المكان




حكايات بر سعيد

ديون للعم

 بَر سعيد

في "بر سعيد" ..

دارت معركة

وتساقط الشهداء

ولكن الراية

ارتفعت في النهاية

 

كان ذلك منذ وقت بعيد

وجاء زمن العصر الجديد

ومعه سفن تطفو بالحديد

تلقى بمراسيها عند "بَر سعيد"

 

لماذا اختاروا تلك القرية؟

بأي وجه صفيق بأية فرية؟

 

أيها العم الجليل

يا من أنت في عمر أبي

يا من أطلق نسوراً

وصواعق وجسوراً

 

هل نبهت أهل البر

وزجرت دعاة الشر

 


خطاب إلى أهل البر

خرجت الكلمات جوفاء خاوية

من المعاني

ونُصبت الألعاب مريحة ملهية

مثل الأماني

 

أفراح السقيا

ومع أول سفينة

توقعنا الخراب

يحل بالمدينة

يسويها التراب

 

ولكن رجالاً ذوي منكب عريض

صدورهم شاشات ذات وميض

نزلوا مبتسمين

يلوحون برايات الصداقة

 

وازدحم الميناء بالصفوف

ممن أرادوا الرؤيا

وجاء العساكر بالدفوف

ينظمون السقيا

 

وبعد أن تلقى الجميع الجرعة الكافية

وشخصت أبصار أهل البر لاهية

 


مد الرجال أيد مصنوعة من الحديد

تهصر كفوف أطفال "بَر سعيد"

 

وتلقيهم جانباً

خاوين من الروح

 

أيها الأب المبجل لا تستمع

لأقاويل الصداقة أو تنخدع

 

أحلام العيش الجميل

ومع السفينة الثانية

تعالى التهليل

قناطير الغلال تدفقت

بالعيش الجميل

وانطلقت الزغاريد مدوية

 

لطالما اختلط قمحنا بالتراب

وشب الصبي أسمر وفي دمه

تجري حبات من أرضنا

 

ولكن

الخبز النظيف لا يُقاوم

أبيض مثل صدور النساء الرائعة

نزلن تتلوى أجسادهن

من السفينة الثالثة .. والرابعة

 

والسادسة

والسابعة

 

من يصدق هذا العبط ؟

أية أريحية أي لغط

يجعل كرم الغرباء

يأتي بكل هذه الأشياء ؟

 

في "بر سعيد"

نُصب سوق نخاسة جديد

وجاءت السفن من بعيد

تلقي الخبز لمن يريد

ثم تربط بالسلاسل العبيد

 

الشاشات تغزو البر 1

 

ولما خرج الأمر عن المعقول

ولم تعد الشاشات الصغيرة كافية

قامت شاشات عملاقة مثل الغول

حتى تشاهدها الجموع الماضية

 

في كل ميدان

وأينما يتجه البصر

يجد شاشة ذات الوميض

تغطي مجال النظر

 


وأصبح من المعتاد

أن نصحو في الميعاد

لنطالع الشاشات

ونتلقى التعليمات

 

في كل بيت

في كل نجع

في كل غرفة

تجد الجمع

شاخصاً ببصره يتلقى الوميض

من السواحل وإلى الصعيد

 

تتفتح أعين الأطفال

الخائفة

على مغامرات الأبطال

الزائفة

 

مجلبات السرور 


وفي الأسواق

تزوغ الأبصار

سلع

عطور

مساحيق

شرور

ولكنها جميعاً

أمور تجلب السرور

للنفوس المتعطشة

... ... ...

... ... ...

والآن

تسألوني عن الصبي وأين ذهب؟



فص برتقالة هو كل نصيب العم

 ديون للعم


فص برتقالة هو كل نصيب العم

1

بعد انتهاء القتال

عدت مع العائدين

 

وانهالت الزغاريد

استمرت من المحطة

وحتى البر

 

طارت أمي لترتمي بين ذراعي

وللحظات

أحسست أنها ابنتي

التي لم أنجبها بعد

 

تحسستني وقالت ..

ما أنحفك !

ومُدت الموائد لجميع من مر في ذلك اليوم

من أهل البلد أو الغرباء

وأقسم كل موجود أن يطعمني بيده


2

 Image

وتذكرت يوم فازت الكتيبة

بعدة برتقالات

بعد صيام

دام لأيام

كنا نتعيش فيها على غذاء من نوع آخر

قوامه أقماع تفتك بالغيلان المتوحشة

 

وقام القائد بقسمة العدل

وكان نصيبي فص برتقالة

لا زلت أذكر طعمها الرائع حتى اليوم

 

وعندما اكتشفنا أن القائد لم ينل شيئاً

أصابنا الخجل

فضحك وقال

لي فص برتقالة دين عليكم يا "غجر"


3

 

رأيته بعد عدة سنوات مصادفة

كان قد عاد لعمله الأصلي

وكان يبحث مثلي

عن شقة خالية

بخلو "عادل"

 

وقال ساخراً:

لا "نابني" فص برتقالة

ولا "شقة أتزوج فيها"

ولا حتى "شقة فول" !!

 

ترى أين أنت الآن يا "ياسر" ؟

أيها القائد الشهم

هل قام أحدهم برد الدين إليك؟

 

هل يصدقك أولادك

عندما تحكي لهم عن بطولات حقيقية

أشبه بالأساطير؟

أم يفضلون الأفلام الغربية

واللعب بالطراطير؟

4

وتذكرت يوم العبور ...

ما أبعدنا عن ذلك اليوم المجيد

بكل أسف

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook