الأحد، فبراير 28، 2010

If Women Stopped Menstruating



فلتتوقف النساء عن المحيض


أحد المستشارين:


الظروف ليست مواتية


لتصبح المرأة قاضية




هذه ليست دعوة للإضراب، لكن أيضاً ليس من المعقول أن نقلد الأخ الذي قال في مجلس الشعب - الدجاجة تبيض والمرأة تحيض - فنمنع المرأة من كل وظيفة مهمة بحجة أنها تحيض ولا مؤاخذة - بصرف النظر عن كل الحجج المنمقة الأخرى التي يسوقها غلاة المحافظين.


فقد فجعت عندما قرأت أن المستشار محمود الخضيرى - الذي أجله وأحترمه لمواقفه الوطنية - نائب رئيس محكمة النقض السابق، الذى استقال من وظيفته العام الماضى احتجاجاً على عدم استقلال القضاء - قال (نقلاً عن جريدة المصري اليوم ++) - وأتمنى من كل قلبي أن يكون هذا النص محرفاً وأن يبادر المستشار الجليل بأن يصوبه:

إن الظروف الحالية ليست مواتية لكى تصبح المرأة قاضية، لأن القضاء مهنة صعبة، ونحن نعمل فى ظروف شاقة، مشيراً إلى أن القضاة غير مسموح لهم بالعمل فى محال إقامتهم، باستثناء القاهرة والإسكندرية، وحتى فى هاتين المحافظتين لا يبقى القاضى فى مكان واحد أكثر من ٥ سنوات.

" الظروف ليست مواتية"؟؟

على إطلاقها كده؟

؟؟؟

ظروف من ليست مواتية؟

ظروف المرأة التي تتقدم للوظيفة هي أولى بمعرفتها والحكم عليها

ربما ظروف سيادة المستشار هي التي لا تسمح

وهنا يمكن لسيادة المستشار أن يتفق مع زوجته على ألا تعمل بالقضاء

أما من تكون مؤهلة ويريد السيد المستشار أن يمنعها من حق وشرف حصل هو عليه لمجرد أنها امرأة - مش راجل يعني - فهذا بصراحة أخجل أن أسميه باسمه الحقيقي احتراماً للمستشار الجليل - ولكن أؤكد أنه لا يتفق مع حقوق الإنسان والمساواة في حق العمل

ولنفرض أن القضاة ينتقلون من مدينة لأخرى كل 5 سنوات، وأن هذا قد يشكل مشكلة لبعض السيدات.

هل يكون الحل "العادل" هو منع المرأة من العمل بالقضاء "تيسيراً" عليها؟ ألا يكون الحل هو إعطاء المرأة أولوية في العمل في محافظات قريبة من سكنها ؟ أو حتى تخيير كل قاضية بقبول الظروف الصعبة والمساواة الكاملة في التطبيق؟

أن يصبح "الحل هو المنع بحجة أن هذه هي مصلحتكم" فهذا يشبه بالضبط حلول الدولة – ومنطق الاستبداد واحد.

منطق: الحرية مضرة لكم – ونحن أعلم بمصلحتكم منكم.


وتساءل الخضيرى:


«هل يتعين على المرأة أن تترك زوجها وأبناءها لكى تعمل فى مكان آخر؟، كما أن الأمومة مقدسة فى مجتمعنا ولا يمكن تجاهلها»، لافتاً إلى أن الموقف الآن سيئ بالنسبة للقضاة عموماً، مطالباً بالتركيز أولاً من أجل تحقيق استقلال القضاء، وبعدها يمكننا بحث وضع المرأة.


آه ... إذن تقعد المرأة في البيت حتى لا تعمل في مكان آخر. وما هو تعريف المكان الآخر؟ هل هو مسيرة يوم بالناقة، أم مسيرة ساعة بالسيارة – أو أن المبدأ هو أن وظيفة المرأة فقط هي التربية والترضيع والطبخ والغسل والكي – وهي كلها وظائف مهمة ولا شك – لكن لم لا نترك للمرأة وزوجها أن يتفقا على تنظيم مثل هذه الأمور؟ لماذا يضع المستشار الخضيري نفسه في مجال الوصاية على كل شنبات وطرح وحفاضات المحروسة؟

ثم ... ما هي علاقة عمل المرأة بتبعية القضاء أو استقلاليته؟ وهل عمل المرأة يهدد استقلال القضاء؟ باعتبارها يعني مثلاً أميل لأن تخضع لاستبداد النظام ؟ هل يصح مثل هذا الاتهام وبيننا أمثلة عظيمة على الثبات والقدرة على المقاومة - مثل المستشارة نهى الزيني أو الدكتورة نوال السعداوي - وأمثلة أخرى لا تحصى؟



وانتقد عدد من شيوخ مجلس الدولة، هجوم وسائل الإعلام عليه بسبب الأزمة، ... وقال المستشار أمين المهدى ... أنه من غير المقبول أن يتطاول أحد على هذا الصرح القضائى الشامخ ...


لا أحد يتطاول على المجلس ... لكن أن يقوم المجلس بخرق حقوق الإنسان ... هنا لابد من وضع علامات تعجب واستفهام واستنكار عديدة ...


وانتقد المستشار طارق البشرى، نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس قسم التشريع الأسبق فى المجلس، تركيز وسائل الإعلام على الخلاف حول تعيين المرأة، وتجاهل ما تقوم به إسرائيل من تجاوزات فى حق العرب والمسلمين، وآخرها ضم الحرم الإبراهيمى، والمسجد الأقصى للآثار اليهودية


ما علاقة إسرائيل بالموضوع؟ وهل نتوقف عن كل مهامنا في الحياة لأن إسرائيل تقوم بتجاوزات ضد "العرب والمسلمين"؟ وماذا عن تجاوز في حق 50% من المصريين – وهن الإناث؟

ألا يشبه هذا المنطق العجيب سلوك الحكومات العربية المستبدة عندما تقول – لا ديمقراطية ولا إصلاح حتى يتم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والجلاء الأمريكي عن العراق، وحل مشكلة السودان ودارفور والبوسنة والهرسك، وجزر بحر العرب والعجم، والصلح بين الست تفيدة وجارتها فتكات، قبل أن نفكر في الإصلاح!


يؤسفني جداً أن يتسلل هذا الفكر الاستبدادي الظالم إلى ضمير بعض أعضاء لمؤسسة يفترض أن مهمتها هي إقامة العدل.

للأسف – بعض من يطالبون بالحرية، يطالبون بها لأنفسهم فقط.


ليس هناك فرق بين الاستبداد المدني والاستبداد الديني (أو الاستبداد الذكوري، أو الاستبداد العرقي) بل لعل الاستبداد المدني أرحم، لأن الاستبداد الديني يتحصن بالمقدسات الدينية زوراً وبهتاناً، ويضفي شيوخه ومرشديه ودعاته على آرائهم صفة القداسة والألوهية، كما يتسرب الاستبداد الديني عبر غسيل المخ في الإعلام والتعليم والخطب والدروس والكتب الصفراء وشرائط الثعبان الأقرع، يتسرب من خلال كل هذا لعقول الأطفال، فيشبون على تقديس آراء واجتهادات بشرية عمرها ألف عام، عندما أغلق باب الاجتهاد وكأن الزمن توقف، وقد توقف بالفعل - حضارياً أو كاد - منذ ذلك الوقت.


فنحن الآن في 1100 أو 1200 ميلادية تقريباً وليس في 1400 كما كنا نظن.


عزيزتي السيدة المصرية، إذا كنت تريدين الحصول على حقك كمواطنة درجة أولى، عليك أولاً بأن تقومي بتربية أبنائك على القيم الأصيلة وأيضاً على الحرية والتفكير النقدي والمساواة، بعيداً عن قيود عشش الفراخ والسلاسل الحديدية والزنازين الفكرية التي يحاول دعاة الظلام نشرها في المجتمع، للأسف كثيراً ما يأتي الانتشار عن طريقك، فتزرعي بيديك بذور القيود لك ولابنتك وحفيدتك

عزيزتي الأم والأخت المصرية، التفكير ليس عيباً ولا حراماً، لست أقل من الرجل في أي شيء، هو مختلف وأنت مختلفة، لكنك قادرة على أن تكوني قاضية ومحامية ورئيسة، لن تكون كل النساء قاضيات أو رئيسات، ولا يستطيع أيضاً كل الرجال أن يكونوا رؤساء أو قضاة، من يجد في نفسه ويجد فيه الآخرون الكفاءة والمهارة والحكمة والخبرة والقدرة والإصرار والطاقة، يتبوأ المكانة، ويلي المنصب، بصرف النظر عن جنسه أو لونه أو طبقته الاجتماعية أو دينه أو آرائه. هذه هي المساواة في تكافؤ الفرص، أن يحظى أصحاب المهارات المتساوية بنفس الفرص، تكافؤ الفرص يتحقق عندما لا يحظى الرجال أو المسلمون أو المسيحيون أو البيض أو الشقر بفرصة إضافية نتيجة لعوامل غير موضوعية ولا تمس جوهر المنصب الموكل إليهم.


أختي وزوجتي، لا تصدقي من يقول لك أنك أقل من الرجل لأنك تحيضين – بمبدأ أن الدجاجة تبيض والمرأة تحيض الذي أعلنه البعض - غير المصري - في مجلس الشعب - المصري - في مجال التحقير من شأن المرأة، رغم أن قدماء المصريين من آلاف الأعوام قدسوا المرأة لنفس هذا السبب، في صورة إيزيس وحتحور ونفتيس وماعت - قاضية القضاة وحامية العدالة والتوازن في مصر القديمة - وغيرهن كثيرات.

ما هو المطلوب بالضبط؟ أن تتوقف النساء عن المحيض حتى تصبح الظروف مواتية؟ أم نستأصل الرحم لمن تريد العمل بالسلك القضائي حتى تتوقف عن المحيض ويستريح من يعايروهن بذلك؟


ابنتي وخالتي، لا تنقادي لهم مهما حاولوا، وتمسكي بحقوقك، ولا تصدقي من يقول لك أن الرجل أفضل منك، فإذا تميز الرجل بعدم المحيض، فأنت تتميزين عليه بالقدرة على الإنجاب، نبقى خالصين، وإذا كان المحيض سبة، فنحن نريد أن نعرف من أين سيأتي الرجال – إذا توقفت النساء عن المحيض.





ماعت - قاضية القضاة المصرية
حامية نظام العدالة والتوازن
الآن ممنوعة من منصة القضاء
لأنها تحيض

Guilty of Menstruating





الجمعة، فبراير 26، 2010

Blogging can Seriously Damage your Health

التدوين مسئولية كل مدون

Guilty of Blogging



Free Ahmed Mostafa

الحرية لأحمد مصطفى

A Blogger, and a 6th April Movement Member, Ahmed Mostafa is being detained and sent to Martial Court because he wrote a note on the Internet"? Are you serious?

أحد المدونين - وعضو في حركة 6 إبريل - محتجز لتقديمه لمحاكمة عسكرية لأنه كتب نوت على الإنترنت؟ بالذمة معقول الكلام ده؟





Blogging can Seriously

Damage your Health

.... and FREEDOM

التدوين مضر جداً

للصحة ... والحرية

التدوين مسئولية كل مدون

التدوين خطر على الصحة

التدوين به سم قاتل

التدوين ممكن أن يعصف بحريتك ويدمر مستقبلك


الأربعاء، فبراير 24، 2010

Our Egyptian Identity: Unity and Diversity

مساحات الاتفاق والاختلاف

في هويتنا المصرية


نحن مصريون أولاً وهذه هي دائرة المركز في هويتنا التي تجمع كل محاور الهوية - جغرافية، مصالح مشتركة، تاريخ مشترك، مصير مشترك، تفاعل اقتصادي واجتماعي، عادات وتقاليد، طريقة حياة مشتركة، لغة مشتركة هي العامية


لا مانع أن يرى بعضنا أن دائرة الانتماء الثانية هي أن يكون عربياً - بمعنى أنه يشعر بالانتماء الثاني له - ليس لجزيرة العرب كما يتصور البعض، لكن لكتلة جيو سكانية ضخمة تعيش في الشرق الأوسط وتتحدث العربية وتتجاور جغرافياً وتتقارب أيضاً في بعض العادات والتقاليد والميول

محددات الجغرافيا الطبيعية هي التي تصنع التاريخ والحضارة، فلا يمكننا تغيير الطبيعة إلا قليلاً
لهذا لا يمكن أن ننكر تقاربنا مع شعوب الشرق الأوسط، أو البحر المتوسط، أو وادي النيل
إلخ


أتمنى أن أرى أجيالاً قادمة تعيد تسمية بعض الأبناء بالأسماء المصرية القديمة، مثل مينا، ميريت، أحمس، رمسيس، عازر، نفرتيتي، وهكذا ... حتى تظل ذكرى الأجداد حاضرة بيننا تذكرنا بمن نحن


وأتمنى أن نستطيع التعايش والتصالح بين جميع منابعنا وأصولنا الحضارية وتاريخنا، فنجد في نفس الأسرة محمد وأحمد ودميان ومينا وميريت، فهي جميعاً أوجه لنا تذكرنا بحقب من حضارتنا الطويلة


نحن مصريون أولاً، وهذا ما نتفق جميعاً فيه وعليه، أما ثانياً، وثالثا ورابعاً وعاشراً، فدعنا نختلف فهذا الاختلاف هو الذي يميزنا ويثرينا أيضاً كمصريين

Reform Vision 2010


رؤيتنا للإصلاح 2010

بناء ملعـب سياسي

في ظل الوضع الحالي، لا يوجد ملعب سياسي في مصر،

  • سيطرة كاملة للأمن على الحياة السياسية والأكاديمية والإعلام ... إلخ
  • لا توجد حياة حزبية حقيقية – القوة "السياسية" الوحيدة القادرة على التأثير والفعل السياسي هي مباحث أمن الدولة !
  • لا توجد فرصة للأحزاب للتواصل مع الجماهير، بناء قواعد، تمويل الأنشطة، الوصول للإعلام، التفاعل مع النخب والتكنوقراط
  • لا توجد فرصة للناخب للاختيار
  • لا توجد فرصة للسياسيين في الظهور
  • لا توجد فرصة لتداول سلمي للسلطة
  • كل هذا يؤدي لتجميد الأوضاع الفاسدة واستمرار مسلسل احتكار وتوريث الحكم

الحاجة لائتلاف سياسي حول اتفاق الحد الأدنى

ورغم ضعف النظام، فإن القوى السياسية أضعف نتيجة للتشرذم والتنافس على لا شيء. يجب الخروج من هذه الدائرة واستهداف بناء ملعب سياسي من خلال توافق وطني حول اتفاق الحد الأدنى الذي يسمح فيما بعد بوجود حياة سياسية وحزبية وصولاً لتنافس تحتكم فيه الأحزاب والمرشحون للناخبين، يجب خلق هذا الملعب أولاً قبل التفكير في التنافس.

مرشح توافقي لفترة انتقالية

حزب الغد يعلم أنه في غياب حياة سياسية فإنه لا جدوى من التنافس، وعليه، فإن حزب الغد سيؤيد التوافق الوطني حول مرشح توافقي لفترة انتقالية يتم خلالها بناء الملعب السياسي حتى تكون هناك فرصة فيما بعد للتنافس السياسي في مرحلة لاحقة. مبادرة الغد في يوليو 2005 (لجنة الأربعين) وبرنامجه الانتخابي (24 شهراً فترة انتقالية ببرنامج إصلاح سياسي محدد بمواعيد محددة)، وسعي الغد للتوصل إلى اتفاق يتنازل مرشح الغد بمقتضاه لمرشح الوفد في ظل اتفاق علني (وهو ما رفضه مرشح الوفد في أغسطس 2005)، كل هذه المؤشرات تؤكد صدق نية الغد في الوصول لهذا التوافق من منظور وطني وبراجماتي أيضاً.

ومن هنا – الغد يؤيد فكرة الالتفاف حول مرشح توافقي لفترة انتقالية بهدف محدد هو بناء الملعب السياسي بما يسمح بالتنافس، وصعود مرشحين يمثلون مختلف القوى السياسية بحق يحتكمون جميعاً إلى الناخب في ظل منظومة تنافس سياسي حقيقية.

الحاجة للتحول من حملة سلبية لحملة إيجابية

نرى أن الحملة الشعبية ضد التوريث لها من العوامل التي تؤهلها لتقود الوصول لمثل هذا التوافق الوطني، لهذا يجب في أقرب فرصة واقعية (في خلال أشهر قليلة) أن تتسع الحملة وتتحول من حملة سلبية – ترفض التوريث – لحملة إيجابية تقدم البديل الذي يتجسد في مبادرة بآليات محددة للضغط الشعبي والسياسي على النظام للقبول بعملية تدريجية بمحطات زمنية محددة لبناء الملعب السياسي.

عندها تصبح فكرة مناهضة التوريث جزءاً في منظومة أكبر تسعى لبناء حياة سياسية ديمقراطية سليمة، وتتحول الحملة من حملة ترفض التوريث لحملة تقدم البدائل العملية وتحشد حولها القوى الشعبية والإعلامية، مع الاستمرار في استخدام الرفض الشعبي الواسع للتوريث كأحد أدوات الحملة لبناء توافق حول البدائل السياسية.

الحملات السلبية تشبه الدفاع المستمر –بدون حتى أمل في هجمة مرتدة - الذي لابد وأن ينتهي حتماً بالفشل نتيجة لعدم تقديم بدائل أو وجود شق هجومي.

A National Front for a New Constitution




البرادعي وقيادات المعارضة

يشكلون جبهة لتعديل الدستور

واحنا معاهم




عن اليوم السابع:

التقى الدكتور محمد البرادعى، رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق، عددًا من النشطاء والسياسيين مساء اليوم فى منزله الخاص بمزرعة جرانة بطريق مصر الإسكندرية الصحراوى.

تقدم النشطاء الذين حضروا لقاء البرادعى ممدوح قناوى، رئيس الحزب الدستورى، وعصام سلطان القيادى بحزب الوسط تحت التأسيس، وسعد الكتاتنى، رئيس كتلة الإخوان البرلمانية، وأيمن نور، مؤسس حزب الغد، ود. أسامة الغزالى، رئيس حزب الجبهة، وحمدين صباحى، رئيس حزب الكرامة تحت التأسيس.

كما حضر اللقاء سكينة فؤاد ومحمد أبو الغار وعلاء الأسوانى وشمس الأتربى وجورج إسحاق وأمين إسكندر وعبد الجليل مصطفى ويحيى حسين ونبيل العربى ومصطفى الطويل والدكتور يحيى الجمل والدكتور ممدوح حمزة وحمدى قنديل ويحيى فكرى وكريمة الحفناوى والدكتور جمال زهران والدكتور عبد الخالق فاروق والدكتورحسن نافعة وفريدة الشوباشى والمستشار محمود الخضيرى وصلاح عبد المتعال ومحمد صلاح الشيخ ومحمود الشاذلى وسعيد الجمل وحسام عيسى وأحمد شكرى وشكرى فؤاد وأحمد ماهر.



اتفق النشطاء والسياسيون من مختلف القوى السياسية المصرية والدكتور محمد البرادعى، رئيس وكالة الطاقة الذرية السابق، على تشكيل جبهة للتغيير تضم كافة القوى والحركات السياسية من أجل إصلاح دستورى وسياسى.


http://www.youm7.com//News.asp?NewsID=193328

http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=193344




واحنا معاهم




الثلاثاء، فبراير 23، 2010

Repairing Life Algorithm

الفساد

وإعادة بناء


روابط الانتماء





وائل نوارة

مجلة الإصلاح الاقتصادي CIPE نوفمبر 2008




الفساد

هناك تعريفات عديدة للفساد، ولكن ببساطة، يمكننا أن نعرف الفساد بأنه خلل في منظومة الحقوق والواجبات في المجتمع، يعطي أفراداً أو جماعات حقوقاً غير مستحقة، على حساب الافتئات من حقوق الآخرين، أو يعفي مجموعة معينة من الواجبات أو الخضوع للقوانين المتفق عليها في المجتمع نتيجة لاقترابهم من السلطة أو قدرتهم على التأثير فيها بالمال أو غيره. ويأخذ الفساد في مصر عدة أشكال:

* شبكة الفساد الصغير: وهذه الشبكة عبارة عن قنوات محددة للاستثناءات، تمكن الوكلاء السياسيين للدولة من القفز فوق القوانين المانعة، أو تيسير الإجراءات البيروقراطية، ليس بالضرورة عن طريق الرشاوى الصريحة، بل أيضاً عن طريق سوء استخدام السلطة Abuse of Power

* شبكة الإقطاع الجديد: مع خروج مصر من مرحلة رأسمالية الدولة State Capitalism حيث امتلكت الدولة كل أدوات الإنتاج لتسيطر على الحياة الاقتصادية بصورة كاملة، دخلت مصر في مرحلة "رأسمالية وكلاء الدولة" State Agents' Capitalism تحولت فيها مصر لنظام يشبه إلى حد ما النظام الإقطاعي في القرون الوسطى. أصبحت مصر مثل وكالة تمنح التوكيلات للشركاء التجاريين، على شكل مجموعة من الإقطاعيات في مختلف المجالات الاقتصادية، حيث يقوم "وكلاء النظام" بالقيام بدور رأسمالية الدولة ولكن هذه المرة لصالح النظام والحكام وبالمشاركة في الريع معهم ومع كبار المسئولين بصورة مؤسسية، مثل قطاعات الحديد والأسمنت والسيراميك والسجاد والاتصالات والسياحة والعبارات والبث التليفزيوني الخاص والمدن الجديدة واستصلاح الأراضي، عن طريق مجموعة محددة من "رجال الأعمال" الذين تقتصر عليهم التصاريح والتراخيص والأراضي والقروض وهكذا، علاوة على مجموعة من الشركات الأمنية التي تحصل على تعاقدات بمئات الملايين أو المليارات بالأمر المباشر بعيداً عن أي رقابة أو تدقيق. وهذه الشبكة تضخ جزءاً من ريع مثل تلك الأنشطة الاحتكارية في صندوق الولاء، الذي يمول بدوره رواتب "موازية" (مظاريف الولاء) لكبار موظفي الدولة، لضمان ولائهم للنظام، وغيرها من نفقات "موازية" خارج المنظومة الرسمية.


ومع تمدد "الدولة الموازية" وتغول شبكات الفساد المؤسسي، ترسخ شعور المواطن بالظلم وانعدام المساواة، وانهيار العدالة وتكافؤ الفرص، وخاصة مع عدم قدرة معظم المواطنين على الحصول على حقهم العادل من موارد المجتمع.



الهجرة
رأينا كيف يتولد شعور المواطن بالانتماء للوطن والمجتمع من وجود روابط ثقافية واقتصادية واجتماعية بينه وبين أفراد المجموعة، وأن قوة هذا الانتماء تتوقف على مدى قدرة المجتمع على تحقيق توازن في المصالح بين المواطنين، وبين الفرد والمجتمع، بحيث يستطيع كل فرد أن يحقق قدراً معقولاً من أهدافه الشخصية ويشبع حاجاته الأساسية.


وقد اجتمع عجز المواطن عن تحقيق الحد الأدنى من الحياة الكريمة، مع الخواء الثقافي والتناقضات الصارخة والمعايير المزدوجة في منظومة القيم، مع انتشار "الاحتراب المجتمعي"، وأدى هذا كله لظهور حالة من الاغتراب القومي نتيجة لإحساس الكثيرين بأن "البلد مش بلدنا"، ونتج عن هذا وجود شعور قوي بالحاجة إلى الهجرة، وشعور بالانفصام القومي، نتيجة لمجموعة ضخمة من المتناقضات والمتباينات، وأخيراً حالة مزمنة من الإحباط والاكتئاب القومي وشعور عام بالحصار وفقدان الأمل في الخروج من هذا الحصار.


وقد رأينا أنواعاً عديدة من الهجرة التي عبرت عن تلك الحالة، فعلى سبيل المثال نجد من يلجأون إلى الهجرة المكانية، فيحاولون مثلاً الهجرة إلى دول الشمال الغني، أو شرقاً أو غرباً إلى دول النفط. ورغم أن تحويلات العاملين بالخارج والمهاجرين قد تشكل مصدراً هاماً من مصادر الدخل القومي والنقد الأجنبي، إلا أن خسارة الدولة بهجرة خهيرة عقولها ومواهبها ليضيف هؤلاء للمزايا الاتنافسية لاقتصاد مجتمع ودولة أخرى، هي خسارة فادحة، وخاصة عندما يكون منطق الأمور و"كتالوج الحياة" في مصر لا يسمح غالباً بنجاح الموهوب أو المتقن أو ارتقائهما، عندها يصبح الحجم العددي الكبير مجرد إضافة أرقام ضعيفة الفاعلية والأداء لمجتمع أداؤه أصلاً ضعيف.


وهناك من يحاولون الهجرة الزمانية بالتشبه بملابس ومظاهر المجتمعات الإسلامية الأولى مثلاً، ونجد من يعجزون عن الهجرة المكانية فيلجئون إلى الهجرة العقلية إلى الشمال أيضا بأن يحيطوا أنفسهم بمظاهر الحياة في المجتمعات الغربية من موسيقى وملابس وأثاث ومعمار وغيرها من مظاهر الحياة الغربية، ونجد آخرون وقد وجدوا العلاج في ذهاب العقل برمته باللجوء للمخدرات في أشكالها المختلفة، ولا يجب أن ننسى من يهاجرون إلى الآخرة سواء بالانتحار أو "بالاستشهاد" في عمليات فدائية تحاول مقاومة الواقع المرير بمبادلته بأغلى وأقصى ما يستطيع إنسان أن يقدمه، وهو حياته.



العصيان المدني غير المعلن

ومع تفشي الظلم وغياب العدالة الاجتماعية وتآكل روابط الانتماء، يدخل المواطن في حالة "عداء" مع الحكومة أو الدولة التي تمثل الوطن وتجسده، ويبدأ المواطن في "الانتقام" من تلك الدولة التي افتئتت على حقوقه وفشلت بصورة مزمنة في توفير الحياة الكريمة له كمواطن، ونتيجة لما يلمسه من فساد القوانين وتخلفها وتعنتها، وفقدان النظام للشرعية، ومختلف الأسباب التي أدت إلى تراكم الإحباط والتعاسة والاكتئاب له ولأسرته ولباقي المواطنين. ويظهر هذا العداء في عدم احترام القوانين، والتنصل من أداء واجبات "المواطنة"، مثل التهرب من الضرائب والجمارك، بل والتحايل مثلاً لعدم أداء الخدمة العسكرية، في حالة تشبه العصيان المدني غير المعلن، لدرجة التباهي بالتحايل على القانون وخرقه، بعكس الدول المتقدمة حيث يكون هذا مدعاة للخزي والنبذ من المجتمع.


استعادة الانتماء

رأينا كيف يؤدي تآكل روابط الانتماء لحالة خطيرة من "العداء" بين المواطن و"الدولة" التي تجسد مفهوم الوطن، بما يقف كعقبة كؤود أمام التقدم والتنمية، بل ويؤدي لانفراط عقد المجتمع، نتيجة لاهتراء خيوط الانتماء التي تربط المواطنين ببعضهم ببعض من ناحية، وتربطهم "بالوطن" من ناحية أخرى.


ولذلك، لابد من اتخاذ التدابير والسياسات على المدى القصير والطويل، بهدف إعادة بناء وغزل خيوط الانتماء، حتى تنتظم الحبات المنفرطة في عقد الوطن مرة أخرى، ليتحرك المواطنون في اتجاه واحد لتحقيق رؤية واحدة، تؤدي لرفعة الوطن وتقدمه، وفي نفس الوقت رفاهية المواطنين ورخائهم.


وأول هذه التدابير كما نتصور، هو المكاشفة والمصارحة بالمرض الخطير الذي تسلل إلى قلوب وعقول الملايين من أبناء الوطن ليغتال انتمائهم للوطن أو يزعزعه، فبدون الاعتراف بالمرض لا يمكن طلب العلاج أو الالتزام به. ويصاحب ذلك استعراض للأسباب التي أدت للإصابة بذلك المرض وتغوله واستفحاله. ثم إعلان رؤية قومية للخروج من هذا المأزق، وإعادة تعريف الوطن والمواطنة على أسس جديدة. أما أن نتغنى بأناشيد مثل "ما تقولش إيه ادتنا مصر، قول حندي إيه لمصر" والاكتفاء بذلك دون حل المشاكل العويصة التي تواجه الانتماء في بلادنا، وهي المشاكل التي تسأل عنها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة، الأنظمة الشمولية السلطوية، وهي أنظمة أثبتت عبر عقود طويلة افتقارها للرؤية أو الموهبة عدا في تجميد الأوضاع والحفاظ على مقاعد الحكم بصرف النظر عن معاناة الوطن والمواطن، هنا نكون كمن يعالج السرطان بأغنية "الدنيا ربيع والجو بديع" دون أن يأخذ اي علاج من ذلك المرض الخطير.


العـقـد الاجتماعي

ويلي ذلك إعادة صياغة هذا "التعاقد" المجتمعي، أو العقد الاجتماعي، في صورة "دستور" عصري يخرج من رحم الأمة، وينتج من تفاعل مختلف قطاعاتها الجغرافية والمهنية والفئوية التي تمثل مختلف المصالح المتباينة، في حوار وطني حقيقي، وليس عملية شكلية محددة النتائج سلفاً. إن هذا الدستور هو الذي يجسد مفهوم المواطنة، ويحدد حقوق المواطنين وواجباتهم، وينظم عملية بناء مؤسسات الدولة، والحدود التي تفصل سلطاتها المختلفة، حتى لا تجور سلطة على أخرى كما هو حادث الآن، وهو ما أدى لهذا الوضع الخطير الذي ينذر بكوارث وانفجارات مجتمعية بدأنا نرى بكل اسف بوادرها ونلمس عواقبها الوخيمة.


وهذا الدستور ايضاً يرسم خطوط ومساحات الملعب السياسي، وقواعد العملية السياسية، التي تؤدي إلى تمكين المواطنين من المشاركة في صنع القرار المجتمعي، بصورة ديمقراطية، وينظم عملية تداول السلطة على كافة الأصعدة، بدءاً من الإدارة المحلية متمثلة في عمدة القرية والمجالس المحلية، ورئيس المدينة، ومحافظ الإقليم، وصولاً لنواب الشعب الذين يمثلون السلطة التشريعية، وقيادات السلطة القضائية والتنفيذية.


والخطوة التالية، هي عملية شاقة وطويلة من تنقية القوانين واللوائح وإعادة تصميم النظم الإدارية لتصبح أكثر اتساقاً مع الواقع والعرف، حتى تنتفي الحاجة تدريجياً للدولة الموازية ويعود ولاء المواطن للدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن. إن إعادة تصميم هذه القوانين واللوائح، يجب أن يصاحبه جهد إعلامي وثقافي دءوب لإعادة ترسيم وترسيخ القيم الحاكمة للمجتمع التي تشكل "طريقة الحياة" Culture أو "كتالوج الحياة"، "منطق الحياة" أو "برنامج الحياة" أو "لوغاريتم" الحياة Life Algorithm في هذا الوطن والتي تحدد طبيعة التعاملات، ثواب المتقن، عقاب الفاسد، احتضان الموهوب، الترحيب بالمبادر، مد العون لغير القادر، سيادة القانون والمساواة أمامه، إلخ ... .


هذا "المنطق" هو الذي يحدد "إذا فعلت كذا يحدث كذا"، لأن المنطق الموجود حالياً يكافئ الفاسد والمنافق والراشي ويتغاضى عمن يخرج عن القانون أو يرتشي، يحتضن أصحاب المحسوبية والتوصيات والاستثناءات، ويعاقب أو يتوجس من المبادر أو الموهوب أو الناجح ويترصد للمتعثر بالمشانق. هذا المنطق أو القانون الجديد، لابد أن نتبناه في حياتنا، وننشره بالقدوة من أعلى إلى أسفل، ونعلن عنه في كل مناسبة بصورة متحضرة راقية بعيداً عن النصائح والمحاضرات المباشرة والعظات المبتذلة.


ونتيجة تطبيق "الكتالوج الجديد" لابد أن تظهر في أن تعود الدولة الرمسية لتحل مكان الدولة الموازية، فيشعر المواطن أن خدمات التعليم والصحة والرصف والصرف والأمن والعدالة والترخيص تفي باحتياجاته الحياتية، وأن قوانين الإسكان والمرور والنقل والهدم والبناء قوانين منطقية وواقعية، وأن التعامل مع الدولة الرسمية يمكن أن يكفيه شر الدولة الموازية، فينتقل ولاؤه من الثانية للأولى.


نتيجة تطبيق المنطق الجديد أو "الكتالوج الجديد" للحياة في مصر، لابد أن يراها المواطن العادي في تقلص الفساد، وعقاب رادع للفاسدين، بعيداً عن تسييس القضاء والضغط عليه في إصدار أحكام البراءة على القتلة ولصوص المليارات ومافيا الأراضي والمحتكرين، أو نحر الشهود في السجون وادعاء انتحارهم، للتغطية على جرائم الأصدقاء والمحاسيب. وهذا كله لا يأتي إلا بطلاق بائن بين السلطة والاحتكارات الاقتصادية، فمن غير المنطقي أن يظل المواطنون على انتمائهم بينما يسمعون أخباراً عديدة تصنع في النهاية رأياً عاماً قوامه التالي – بصرف النظر عن صحته:


  • أحد رجال الأعمال القريب من السلطة - يشتري 10% من حصة الدولة في أحد أكبر مصانع الحديد بسعر يراه البعض بخس ممول بقروض البنوك
  • ثم يصبح رئيسا لمجلس الإدارة ويستحوذ على الشركة
  • ثم ينخرط في الحزب الحاكم ويصل لأعلى المناصب فيه
  • وتخصص له ملايين الأمتار في المناطق الصناعية
  • ويصبح أكبر محتكر للحديد في مصر
  • تصدر قوانين الإغراق وتطبق لخدمة مصانعه
  • يصبح عضواً في مجلس الشعب
  • يصبح المسئول عن صياغة قوانين منع الاحتكار وغسيل الأموال، وتصدر تلك القوانين بصياغة غير كافية لدرء الأخطار عن المجتمع من وجهة نظر الحكومة والوزير المسئول
  • يصبح مسئولاً عن إدارة تنظيم الحزب الحاكم وبالتالي يتمتع بسلطة ضخمة في توجيه مسار الانتخابات القادمة
  • تصل ثروته طبقاً لتقديرات البعض إلى 40 مليار جنيه



المواطنة الاقتصادية

فلا يكفي أن نتشدق بالجانب القانوني أو السياسي للمواطنة، من تحديد للحقوق والواجبات وترسيخ المساواة بين جميع المواطنين في تلك الحقوق والواجبات دون تمييز، ثم نجد تفاوتاً واسعاً بين "حظ" المواطن القاهري وزميله "السوهاجي" مثلاً من موارد الدولة ورعايتها واهتمامها، هنا يصبح الكلام عن المواطنة من باب النيات الحسنة، بل يجب أن يمتد مفهوم المواطنة ليشمل الجانب الاقتصادي، من حيث المساواة في "إتاحة الفرصة"، ليس المساواة في الدخول أو إثابة العامل بمثل العاطل، بل المساواة في صنع الفرص، وإتاحة الآليات التي تشجع على الحراك الاقتصادي والاجتماعي Social and Economic Mobility، بحيث لا يكون هناك مواطن "سجين" أو "معتقل" أو "محاصر" في "طبقة" اقتصادية أو اجتماعية نتيجة لموقعه الجغرافي، أو لونه أو عقيدته، بل يجب أن تتدخل الدولة بالحوافز الإيجابية التي تشجع التنمية الشاملة، وتسعى لتحقيق تكافؤ الفرص في نصيب كل جزء من أجزاء الوطن، وكل فرد من المواطنين، في تلك التنمية. إن أقوى آليات هذا الحراك المنشود، هو إتاحة واسعة لمستوى مقبول من التعليم والتدريب في كل أرجاء الوطن، وتحفيز الشركات المحلية والعالمية على الاستثمار الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي والخدمي في مختلف المناطق، بما قد يتطلب نوعاً من التمييز الإيجابي أحياناً لمناطق محرومة، وهو تمييز مؤقت، ينتهي عندما ينتفي السبب من وجوده، عندما يصيب المنطقة المحرومة حظ عادل من التنمية و"الفرصة" Opportunity.


إن أفضل علاج للاكتئاب القومي الذي ذكرناه، هو إتاحة "فرص" الحراك الاقتصادي والاجتماعي على أوسع الأصعدة، لأنه من الممكن أن يقبل الشخص بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية ويتكيف معها لفترة، إذا رأى أمامه الفرصة متاحة لتحسين وضعه، أما إذا شعر المواطن بأنه محاصر في ذلك الركن المضغوط دون أمل في الإفلات، فإنه يصاب بالاحباط والاكتئاب المزمن، أو ينقض بالهجوم لينتقم من ذلك المجتمع الظالم الذي حاصره وسجنه تحت تلك الضغوط التي لا يمكن احتمالها للأبد.



الخلاصة



لقد سقط نصف قرن من عمر الأمة المصرية، وتجمد الزمن عند نقطة معينة، بل إنه في كثير من الأحيان تستيقظ في الصباح وتفتح ما يسمى بالصحف القومية لينتابك شعور بأنك ربما قد طال نومك لما يقرب من ربع قرن، ترى العناوين وينتابك شعور بأنك رأيت نفس العناوين من قبل آلاف المرات في كابوس يمثل الجحيم بعينه. فالبعض يرى أن الجحيم ما هو إلا تعذيب أبدي يتكرر يوماً بعد يوم دون أي أمل في مجيء نهاية له، حتى المؤبد هناك فرصة للعفو والتخلص منه عند انتهاء نصف المدة، ولكن أن تذبل كل فرص التغيير فهذا أمر لا يمكن احتماله، لأنه يعني أن الإنسان يسير في نفق مظلم لا نهاية له، وبالتالي فقد اتخذ الكثيرون القرار بالتوقف عن السير، وهو ما نسميه بالـ apathy لأن كلمة السلبية لا تستطيع التعبير عن تلك الحالة المفزعة من التوقف عن الحياة.


ومع اختلال "منطق الحياة" أو "كتالوج الحياة" في مصر، وتغول الفساد والمحسوبية وتمدد الدولة الموازية على حساب الدولة، وانتفاء الشعور بالمساواة أو العدل أو تكافؤ الفرص، أخذت خيوط الانتماء تتآكل وتهترئ يوماً بعد يوم، حتى جاء الوقت الذي اقتربنا فيه من انفراط عقد المجتمع، ليتبعثر المصريون أفراداً وجماعات تتجمع أو تتنافر لحظياً طبقاً لمصالح عشوائية لا رابط بينها، مع غياب أية آلية ديناميكية تتكفل بالوصول إلى توازن بين مصالح تلك الجماعات وأولئك الأفراد والحفاظ على مثل ذلك التوازن، وهو ما نرى بوادره الآن مع تفشي حالة من "الاحتراب المجتمعي" والعداء بين "المواطن" وبين الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم هذا الوطن.


لقد أصبح علينا الآن أن نسارع بعلاج تلك المشكلة الخطيرة، وعلاجها ليس بالسهل أو السريع، ولكنه عملية شاقة ومشوار طويل نعيد فيه ترسيم ثقافتنا القومية والقيم الحاكمة للحياة في مصر، نضع فيه قواعد "كتالوج الحياة" في مصر، من خلال عملية تفاعل وحوار مجتمعي حقيقي نتحاور فيه ونتناقش حول "الأيديولوجية المصرية"، لنعلن أسلوبنا المصري الخالص، الذي نستجيب من خلاله للمعضلة الأساسية التي تواجه كل شعب وأمة: تحد البقاء.

Political Monopoly - Two

الاحتكار السياسي


منذ سنوات قليلة، ظهر في المظاهرات المصرية هتاف مكون من كلمة واحدة، هي "باطل". يصرخ قائد المظاهرة باسم الحزب الحاكم أو اسم أحد المسئولين أو الأجهزة أو المجالس وترد عليه الجماهير الغاضبة بكلمة واحدة هي "باطل"، وهو هتاف عبقري وسهل ويدل على أن هتافات الكلمة الواحدة مثل "كفاية" و"فضيحة" "ولسه" لها الغلبة في المرحلة القادمة، لأنها تلخص في أسبرينة أو طلقة واحدة أوجاع الشعب وهمومه ومواطن مرضه. وهذا الاتجاه يتوافق مع تطور أساليب الإعلان في تبسيط الرسالة واختزالها في كلمة واحدة يسهل على الناس تذكرها وترديدها وهذه هي عبقرية شعارات مثل "كفاية" وغيرها. ومما يلفت النظر أن الجماهير دائماً ما تصرخ بأعلى صوتها "باطل" بالذات مع ذكر "الحزب الوطني" مما يجعل قادة المظاهرات يكررون ذكر الحزب الحاكم عشرات المرات إرضاء لرغبة المتظاهرين في إضفاء البطلان عليه.


ولا ننسى ونحن إزاء عقود من اغتصاب السلطة مظاهرة الفلاحين الغاضبة التي أكدت أن "زواج عتريس من فؤادة باطل"، ونقول بدورنا أن اغتصاب بهية أيضاً باطل مهما حاولوا تجميل الاغتصاب باستئجار مأذون مزيف أو تزوير توقيع بهية على توكيل لأي مسئول أو غير مسئول بهدف تزويجها من أحد أرباب النظام.


وأحياناً أسأل نفسي، هل الحزب الوطني فعلاً هو المسئول الأول عن كل أوجاعنا وآلامنا؟ وهل هو حزب باطل، كما يصر المتظاهرون دوماً على وصفه؟ لا شك أن قيام الحزب الوطني في السبعينيات بقرار من الرئيس السادات وهو في أعلى مواقع السلطة ألقى ببذور من البطلان في أعماق جذور الحزب منذ قيامه، كما أن احتكاره السلطة وتزييف إرادة الشعب على مدى أكثر من ربع قرن أكد عدم شرعيته، ثم جاء عجزه عن النهوض بالأمة المصرية وفشله في توفير الحد الأدنى من العيش الكريم للمواطنين، ليؤشر بخاتم البطلان على عقود حكمه، فتصدع النظام وأصبحت شرعية الحكم تعاني من هشاشة خطيرة، وخاصة أن الحزب الأوتوقراطي قد ورث كل أوزار أجداده منذ هيئة التحرير والمؤتمر القومي، إلى الاتحاد الاشتراكي ومنبر الوسط وحزب مصر العربي الاشتراكي. ورث الحزب الحاكم كل تلك الأوزار – ربما ظلماً، مثلما ورث – زوراً - المقار والحسابات البنكية ومقاعد مجلس الشعب والسلطة كلها.


والأخطر من كل هذا، أن الحزب الوطني نتيجة لطبيعة ولادته من رحم سلطة شمولية – لا من رحم التجربة الشعبية، ولد كمسخ مشوه وككيان احتكاري، لا يقبل المنافسة ويحتال على آليات الديمقراطية للاستمرار في احتكار السياسة والاقتصاد، والإعلام والرأي والفكر، والثقافة والرياضة، والتعليم والتعتيم، حتى وصلنا لما نحن فيه الآن. والدليل على هذا الاحتكار، ما أعلنه رئيس وزراء مصر منذ سنوات قليلة، أن مصر تتجه للتحول من نظام الحزب الواحد لنظام التعددية الحزبية، وهو ما يدفعنا للتساؤل عن 34 عاماً من ادعاء التعددية الحزبية، ويجعلنا نطالب بمحاسبة من أوهمونا بأننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية، بينما هم كانوا يبيتون النية على الاستمرار في الاحتكار، والاستطراد في الاحتقار، احتقار الشعب وخداعه، ومنعه من حق الاختيار، بما أدى في النهاية للانهيار والاحتضار.


وإذا شبهنا الديمقراطية "بسوق حر للأفكار والرؤى والبرامج"، فإن الأحزاب تصبح بمثابة "البائع" الذي يتعين عليه أن يروج "لمنتجاته" من أفكار ومبادئ وبرامج "للمشترين" وهم في الواقع جماهير الشعب والناخبون، بحيث يلتزم الحزب أمامهم بتحقيق معدلات أداء معينة حال وصوله للحكم. وعندما تختفي التعددية الحزبية، تصبح النخبة الحاكمة بمثابة "التاجر الوحيد" الذي يحتكر الرؤية والسلطة، فلا يصبح أمام الناخبين سبيلاً سوى اختياره.


وللتخلص من هذا الوضع الاحتكاري، قد يكون أحد الحلول هو تفتيت الحزب الوطني لحزبين أو أكثر بصورة تطوعية، مثلما يحدث في عالم الاقتصاد بصورة جبرية، لأن وجود كيان ضخم احتكاري يجعل من الصعب تداول السلطة حتى في حالة ضعف هذا الكيان أو سوء إدارته، لأنه يستخدم حجمه الضخم في وأد و"تفطيس" المنافسين رغم أنهم قد يكونوا أفضل منه فكراً أو كفاءة. ورغم الأسباب الوجيهة التي تدل على بطلان الحزب الوطني، فقد يكون من الصالح العام أن يتم تفتيت – إذا لم يمكن تفكيك الحزب الوطني. فتفتيت الحزب الوطني لحزبين منفصلين مثلاً قد يقضي على هذا الوضع الاحتكاري، ويشبه ما فعله الرئيس الراحل أنور السادات عندما فتت الاتحاد الاشتراكي لثلاثة منابر تحولت لثلاثة أحزاب سياسية، رغم أن هذا لم ينجح في النهاية في الوصول بمصر إلى تعددية وديمقراطية حقيقية، ببساطة لأنه جاء بمبادرة من السلطة وليس من رحم العمل الشعبي، وعندما غيرت السلطة رأيها ولم يتحمل الرئيس السادات التعامل مع المعارضة، قام بوأد التجربة الديمقراطية في مهدها وأنشأ الحزب الوطني المسئول عن اغتيال التجربة الديمقراطية قبل أن تبدأ.


إن ما رأيناه من تعديلات دستورية مبتسرة مثل تعديل المادة 76 من الدستور لن تثمر كثيراً أو قليلاً إذا لم نتدارك مشكلة استمرار هذا الكيان الاحتكاري الذي يراه الكثيرون الآن كياناً قام على بطلان، وإصلاح الأحوال يقتضي أيضاً العمل على تفكيك شبكة الفساد التي استشرت في أوصال الدولة، عندما ناكحت السلطة الثروة واستغلال النفوذ حراماً، فأثمر هذا النكاح مولوداً غير شرعي ولد في بيئة فساد القوانين والتشريعات واللوائح وتضاربهم جميعاً، بما تسبب في النهاية في حالة انفصام بين القانون والواقع، فنشأت الدولة الموازية – أو الدول الموازية – وتحولت مصر لمجموعة من العزب والإقطاعيات شبه المستقلة، التي يعمل كل منها بمعزل عن القانون وعن المصلحة العامة للأمة.


الشرعية ... لابد أن نعود إلى الشرعية، لقد اضطررنا لقبول ما سموه بالشرعية الثورية وعانينا من جراء ذلك هزائم ونكبات وكوارث اقتصادية وسياسية واجتماعية، والآن، ورغم ما دعا إليه الرئيس السادات في بداية حكمه من التحول للشرعية الدستورية، فإن هذا "البطلان" الذي نعاني منه يشكك في وجود أية شرعية دستورية أو وجود أية شرعية من الأساس، وتصبح البلطجة والفساد وسوء استغلال السلطة والمال العام والخاص هي الشرعية الوحيدة الموجودة، وهو وضع جد مخيف، أتمنى أن نخرج منه بسرعة بالعودة فعلاً لشرعية الحكم المستمدة من الإرادة الحقيقية للناخبين بعيداً عن التزوير الصريح أو المستتر.


أتذكر الآن فيلم بداية ونهاية، عندما وقف الأخ الضابط يستنكر مسلك أخيه المجرم تاجر المخدرات ويطلب منه التوبة والتطهر، فصارحه الأخ المجرم برأيه، وهو أن التطهر يستلزم من الأخ الضابط أن يخلع أولاً الزي الميري، ويلقي بالرتب على الأرض، لأن تجارة المخدرات هي التي اشترت ذلك الزي وتلك الرتب.


أيها السادة الأعزاء، إن تريدوا التطهر، اخلعوا الزي والرتب، انزلوا من السلطة والأبهة، واعرضوا بضاعتكم وأفكاركم وبرامجكم ووعودكم على الشعب والناخبين بمنطق المنافسة لا الاحتكار، ودعوا مختلف الفصائل السياسية تعمل بصورة متكافئة لصالح هذا الوطن الذي يستحق مستقبلاً مختلفاً عما تصفون.

Political Monopoly - One

فنون الاحتكار السياسي

عندما تصبح "مسرحية" الديمقراطية

عملية بدون نتيجة


المعارضة تلعب حول المواسير والحاكم يمسك بكل المحابس
خلال العقود الماضية، قام النظام بجهد خارق تكلف المليارات وانشغل في تنفيذه مئات الآلاف من موظفي الدولة التي بدأت في عملية جديدة ومثيرة، انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بإشراف القضاء في كل مراحلها بشرط واحد، أن تأتي بالنتائج التي رسمها النظام. سمح النظام للمعارضة باللعب بجوار المواسير ولكن النظام الخبيث قرر أن يتحكم في جميع المحابس. هذه هي ديمقراطية النظام. ديمقراطية المواسير. أما المحابس فتخضع كلها للتوجيهات المسبقة والتعليمات اللاحقة التي تهبط على القضاة كالقضاء والقدر بالمحمول. هناك بعض الماء الذي يتسرب من المحابس فيختلط بالتراب وتلهو المعارضة باللعب في الطين ثم تهيله على رأسها وتلطم عندما تنتهي المسرحية بالنهاية المعدة سلفاً.

من أجل عدة أيام إضافية في مقاعد الحكم، كلف النظام زبانية البوليس السياسي بتعقب أحزاب المعارضة وشقها بزرع العملاء وابتزاز قياداتها وتجنيدهم للعمل كمرشدين للأمن. وبدلاً من أن يقوم النظام بالعمل على تقوية الأحزاب المدنية انشغل بتلفيق التهم الكيدية لرموز المعارضة واجتهد في إسقاطهم والإساءة إليهم. اجتهد النظام في منع المعارضة من التوسع بتهديد أصحاب العمارات والشقق بعدم تأجيرها كمقرات لأحزاب المعارضة، وتهديد المعلنين في صحف المعارضة، مثلما حدث مع أحد المعلنين من أصحاب مصانع السيراميك بعد قيامه بوضع إعلان في صحيفة الغد قيمته عدة آلاف من الجنيهات، اضطر بعد التوبيخ والتهديد أن ينشر عدة إعلانات في الصحف القومية قيمتها مئات الآلاف من الجنيهات ينفي فيها وينكر ويتبرأ من وضع إعلان في صحيفة الغد المعارضة. ولا ننسى اختطاف الصحفيين المعارضين والاعتداء عليهم بالضرب واستخدام تجمعات من البلطجية لمهاجمة مسيرات ومؤتمرات المعارضة والأمثلة كثيرة في بيراميزا وكفر صقر وأمام نقابة الصحفيين وضريح سعد. بدلاً من أن تشجع الحكومة صعود قيادات شابة معارضة لديها الجرأة والقدرة على المنافسة وجذب الجماهير حول أحزاب مدنية، بذلت الحكومة كل جهودها في التشهير بتلك القيادات، وتلفيق التهم لها، وإنهاكها 24 ساعة في اليوم حول مختلف أقسام الشرطة والنيابات لاستجوابهم في تهم عبثية مثل سب الحزب الوطني بينما تقوم قوات الأمن بحماية البلطجية ذوي السيوف المشرعة وتكفل الدولة الحصانة لمسئولي الزراعات المسرطنة.

نجاح العملية بنجاة الطبيب رغم وفاة الجنين والأم
كل هذا الجهد الخارق كان الهدف منه اصطناع "عملية" ديمقراطية وفي نفس الوقت التحكم في نتائجها بالحفاظ على الوضع القائم دون أي تغيير. أي نجاح "العملية" بنجاة الطبيب - رغم وفاة الجنين والأم. كان الهدف هو التلاعب في إرادة الشعب بوسائل حديثة غير مباشرة، وبدلاً من التزوير المباشر قرر النظام أن يحصل على مبتغاه في بقاء الأوضاع على ما هي عليه من خلال اغتيال المعارضة وتفتيتها واتهامها بالعمالة والخيانة ثم اختيار مرشحي الحزب الوطني الذين يتمتعون بالقدرة على شراء الأصوات وتأجير البلطجية. ولكن في النهاية ورغم الجهد الخارق الذي تفرغ له آلاف من ضباط البوليس السياسي فشل النظام في الحصول على الأغلبية وسقطت رموزه سقوطاً مدوياً وكانت فضيحة بجلاجل. وفي النهاية اضطر النظام للتدخل المباشر والضغط على القضاة لتغيير نتائج الانتخابات في معظم الدوائر بدءاً بباب الشعرية مروراً بدمنهور وباقي الدوائر التي عانت من مهازل شهد بها القضاة ومنظمات المجتمع المدني وبعض عدسات الإعلام التي نجت من محاولات التحطيم والمصادرة. مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يقوم فيها حزب الحاكم بخوض الانتخابات بتسمية 444 مرشح أصلي و4440 مرشح احتياطي "مستقل" بينما تقوم المعارضة بتسمية 500 مرشح! وعندما يقوم الشعب بإسقاط حزب الحاكم، لا يستقيل الحاكم، ولا يترك الحكم، بل يستقيل المستقلون من صفتهم المستقلة وينضمون لتجمع المصالح المسمى بحزب الحاكم. مصر هي البلد الوحيدة التي يبلغ فيها طول دكة الاحتياطي السياسي عشرات الكيلومترات.

قصور بدون مرايا
أحياناً أسأل نفسي: هل لا زال النظام يدعي أنه يتمتع بالأغلبية؟ إذا قمنا بمقابلة ألف مواطن وتوجيه سؤال بسيط وبعيد عن السياسة مثل: "هل تحب الحزب الوطني؟" كم مواطن سيجيب بالموافقة؟ خمسة مواطنين؟ سبعة؟ تسعة من ألف؟ هل يعقل أن يستمر النظام في الحكم "بأغلبية ساحقة" سبعة في الألف؟ أليس لديهم مخابرات أو مباحث أو كرة بللورية تخبرهم بأن رموزهم مكروهة والشعب يتوق للتخلص منها؟ كيف يستمرون في الحكم وهم يعلمون مدى كراهية الشعب لهم ورغبته العارمة في الإطاحة بهم؟ كيف يستيقظون كل يوم صباحاً ويواجهون أنفسهم ووجوههم في المرآة ثم يستمرون في الحكم بعد أن ينظروا في المرآة. بالطبع لابد من استخدام المرآة لحلاقة الذقن وتسريح الشعر وصبغه. ثم توصلت لاكتشاف عظيم يشرح سر بقاء النظام في الحكم. النظام لا ينظر في المرآة. هناك الحلاقون والسريحة ورؤساء التحرير ومسئولي التبرير وكلهم متخصص في مختلف فنون تجميل وجه النظام بحيث لا يضطر رموز النظام للنظر في المرآة أو رؤية الحقيقة أبداً. النظام لا يرى التجاعيد. ولا يرى السيوف. ولا يرى التزوير. النظام يرى التجاعيد مساحيق ملساء. والتزوير تجاوزات بسيطة لا تؤثر في نزاهة العملية الانتخابية. والسيوف يراها سيوف بلاستيك كده وكده، أما قيام مرشحي النظام بإنفاق المليارات في شراء الأصوات بإشراف أمن الدولة فالنظام يرى هذا لعبة بنك السعادة وليس هناك أكثر سعادة من النظام لأن اللعبة تنتهي بعدد لا بأس به من مقاعد الأصلي ومثلهم من المستقلين الاحتياطي. ويسعد النظام أنه احتال على الشعب وخدع العالم أجمع بمسرحية الديمقراطية بينما حصل في النهاية على بضعة أيام إضافية في الحكم. النظام لا يرى وجهه أبداً. قصور النظام لابد أنها تخلو من المرايا. ومكان كل مرآة تجد صورة في إطار فخم. إطارات بها صور قديمة لوجوه شابة وأحياء نظيفة وحكومة حقيقية. هذا هو سر بقاء النظام. الصور مكان المرايا. الوهم مكان الحقيقة.

محصلة كل الشرور
نتائج الانتخابات الماضية هي محصلة كل شرور وآثام الحزب الوطني. الانتخابات مثل الامتحان، تتحدد نتيجته طوال العام، كمحصلة للاجتهاد والتحصيل. الانتخابات لم تتحدد نتيجتها فقط أثناء جولات البلطجة وتزوير النتائج أو شراء الأصوات، بل تحددت أثناء إصرار النظام على التلاعب في كشوف الناخبين وقيد آلاف الموظفين على شقق وهمية تابعة لبعض الوزارات، أو تهديد أنصار المعارضة ومنعهم من الخروج من بيوتهم، أو بث الشائعات الكاذبة حول زعماء المعارضة وجرجرتهم في المحاكم والأقسام بتهم كيدية. نتيجة الانتخابات تحددت عندما احتكر الحزب الوطني المقرات ومئات الملايين من التمويل لحزبه وعشرات الصحف والقنوات في إعلام مزيف ومضلل. واليوم، وبعد ثلاثين عاماً من التعددية الحزبية على يد الحزب الوطني، لابد أن نجلس ونسأل أين هي الأحزاب؟ هل يعقل أن هذا تقصير من كل الأحزاب ومن كل المصريين وأن الحزب الوطني المسئول عن الحكم طوال هذه الفترة هو البريء من تهمة التآمر ضد الأحزاب والتجسس عليها وإضعافها بشتى الطرق؟

سقوط النظام في امتحان الانتخابات لم يتضح فقط من خلال سقوط رموزه، بل اتضح من خلال اختفاء المعارضة المدنية من النتائج. إن ضعف المعارضة هو دليل ونتيجة مباشرة لكل جرائم الحزب "الوطني" في حق هذا الوطن. هو دليل على الشر والأنانية التي يعاني منها النظام. النظام لا يهمه أن تسقط مصر في مستنقع الطائفية أو تنفرد "التيارات الدينية" بالساحة السياسية. المهم هو أن نحافظ على الكرسي الكبير لأطول فترة ممكنة وقد نستطيع تأمين كرسي الباشا الصغير أيضاً. وتولع البلد باللي فيها.

من يقف وراء النظام
النظام اليوم لا يمثل الشعب. ولا يمثل المؤسسة العسكرية. ولا يمثل رجال الأعمال. ولا يمثل الموظفين. ولا يمثل العمال أو الفلاحين. النظام اليوم يمثل نفسه وشخوصه فقط. يحمي مصالحه هو فقط. النظام اليوم تحول من أداة لخدمة الشعب والوطن، وأصبح جسماً سرطانياً يمتص كل موارد الوطن ويسخرها لصالح هدف واحد: بقاؤه هو في الحكم. وفي سبيل ذلك يعود السفراء إرضاء للخارج ويستمر الوزراء المكروهين من الشعب خوفاً من سطوتهم. تبرم المعاهدات وتخصص الأراضي والإقطاعيات والاحتكارات ويترك الفاسدون لينهبوا موارد البلاد لأنهم أركان النظام وأعمدته التي يقوم عليها. تتضخم حشود الأمن المركزي المكلف بحماية النظام وتتضخم أجهزة البوليس السياسي، ويتضخم الإنفاق على أمن النظام وعلى تزييف الإعلام، بينما يتدهور الأمن العام والوعي العام ولا حول للشرطة أمام البلطجة والإجرام والإرهاب، ولا حول للمواطن المصري أمام النصب السياسي بشعارات براقة مبهمة.

متى تحين ساعة الحساب
عندما وعد النظام بانتخابات نزيهة "هذه المرة" فقد اعترف ضمناً بتزوير عشرات الانتخابات والاستفتاءات. ولكننا لم نسمع عن النائب العام وقد قدم المسئولين عن هذا التزوير المستمر للمحاكمة. عندما اعترف النظام في مايو 2005 بأن مصر في سبيلها للتحول من نظام الحزب الواحد لنظام التعددية الحزبية، رغم مرور 30 عاماً على ذلك فقد اعترف بمخالفة الدستور لعقود طويلة. ولكننا لم نسمع عن مسئول أو غير مسئول يقدم للمحاكمة بتهمة خداع الشعب وتبديد موارده في مسرحية كاذبة. عندما حكم القضاء بشطب مئات آلاف الناخبين في دوائر السيدة زينب وباب الشعرية والمعهد الفني وهم ناخبون مسجلون على عناوين مصالح حكومية وهمية، لم نر من يحرك الدعوى الجنائية ضد السادة الوزراء المسئولين عن هذه الجرائم السياسية. عندما رفضت الحكومة تنفيذ أحكام القضاء، لم نر من يقدم الحكومة للمحاكمة. عندما فضحت عدسات الإعلام البلطجية ورأينا حشود الأمن تحميهم وتفسح لهم الطريق، لم نسمع عن أحد يسائل وزير الداخلية أو مدير الأمن أو حتى مأمور القسم! عندما انغمس مرشحي الحزب الوطني الأصلي والاحتياطي في شراء الأصوات بفجاجة رفعت الإنفاق الانتخابي من 70 ألف جنيهاً للمرشح حسب القانون إلى 15 مليون جنيهاً في بعض الدوائر تحت سمع وبصر وإشراف ضباط البوليس السياسي على تلك الجرائم الانتخابية التي تفسد الحياة السياسية لعقود طويلة قادمة، لم نسمع عن مرشح واحد من مرشحي الوطني تم تقديمه للنيابة العامة. لماذا تقتصر جرائم شراء الأصوات على مرشحي الوطني والمستقلين من احتياطي الوطني؟ هل لأنهم وحدهم حريصون على خدمة الجماهير أم لأنهم يعدون العدة للتربح من وراء الحصانة والتأشيرات والأراضي والامتيازات؟ لماذا تقترن كل تلك الجرائم بالحزب الوطني وتكاد تقتصر عليه ومع ذلك لا نسمع عن محاكمات أو عقاب أو حتى اعتذار أجوف رخيص؟

في سبيل التاج، من أجل الاحتفاظ بالمقعد لأيام قليلة إضافية، ضحى النظام بحاضر ومستقبل هذه الأمة. في سبيل التاج سقطت كل القيم والمثل العليا أمام شبق لا ينتهي للسلطة واحتكار الحكم. وفي النهاية، أصبح التاج مجرد قطعة صفيح لا قيمة لها بعد أن تدهورت أحوال الوطن - الذي يمثله التاج - في سبيل التاج.

The Show must Go on

المسرحية



عبر عقود طويلة، نعيش مسرحية عبثية مملة، تتكون من آلاف الفصول التي تتكرر كل يوم، دون أدنى أمل في نزول الستار إيذاناً بالنهاية. وهذه المسرحية تأتي تحت مسميات عديدة، مثل "أزهى عصور الديمقراطية" و"التعددية" و"التنمية"، وغيرها من الأسماء الهلامية، التي لا تجد لها في فصول المسرحية انعكاساً ولا صدى. وهي مسرحية من تأليف وتمثيل وإخراج شخص واحد هو الحزب الوطني، الذي يحاور نفسه طوال المسرحية، في مونولوج سخيف، لا يمتع ولا يضحك، ولا يغني ولا يسمن من جوع.

الفصل الأول من المسرحية هو فصل الإنجازات، الذي يتحدث عن تطور ضخم وتنمية يشهد لها الشرق والغرب، في عالم التصريحات والمليارات، المطعمة بما تيسر من إحصائيات، ومعظمها مضلل لا يصدقه الشعب، الذي عليه – رغم المسرحية - أن يعيش في العالم الحقيقي، وهو عالم لا وجود فيه للرخاء الحكومي، حيث الأسعار ترتفع بصورة مستمرة، بينما تعاني الأجور من الأنيميا الحادة، ويعاني الجنيه من البلاجرا المزمنة، بما يدفع الموظف المسكين إلى أن يمتهن أعمالاً أخرى، أو يطلب الإكراميات مقابل تأدية الخدمات وتمرير الاستثناءات، حتى صدرت فتوى شرعية بأن تقديم الرشوة حلال. الموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي إحدى أغاني الإشادة، الذي تؤكد أن الشعب بكامل حريته قد اختار الحزب الوطني دون غيره، لحبه الشديد في الفقر وشظف العيش. خلفية المسرح عبارة عن لوحة ضخمة وردية، دون أي تفاصيل.

الفصل الثاني من المسرحية هو فصل الريادة والتفوق، والعالم الذي يشيد بنا في كل مناسبة وبدون مناسبة، بشهادة صحيفة فرنسية مجهولة تمتدح دوماً أداء الاقتصاد المصري. وتبحث عن تلك الصحيفة الفرنسية حتى تطمئن بنفسك على الأحوال، فتجد أنها صحيفة حائط في المدرسة التجارية الفرنسية بالظاهر. وبينما يشيد العالم بأدائنا المتميز، ولا ينام الليل من فرط حلاوتنا التي هي "زايدة حتة"، باعتبار أن الجريدة (الفرنسية) تصدر الساعة (ستة)، وبينما تحسدنا الصحيفة على الريادة التي لا مثيل لها، يصطدم الشعب بالواقع المرير، والأصفار التي نحصل عليها في كل مجال بجدارة وامتياز، حتى أصبحت تلك الأصفار مثل لعنة شريرة تطاردنا باعتبارنا من سلالة الفراعنة. وطوال هذا الفصل، تسطع أدلة الريادة في خلفية المسرح، التي تزدحم بمقتطفات من الصحف القومية التي تؤكد تفوقنا الملحوظ، بشهادة الخواجات الأجانب. والموسيقى التصويرية لهذا الفصل هي أغنية تتحدث عن فضائل الاستقرار، ومثالب التغيير الذي لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يأتي من ورائه، من باب أن "اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش".

الفصل الثالث من المسرحية هو فصل "الاستثمار"، تبدأه حكومة الحزب الوطني بالتغزل في المستثمر، وغوايته بالامتيازات والإعفاءات والوعود لجلب أمواله. وما أن يأتي المستثمر المسكين بأمواله، حتى تطالبه الحكومة بقائمة من المستندات والتراخيص والتصاريح والموافقات، فيجتهد المستثمر في الحصول عليها إعلاء للشرعية وسيادة القانون، ويصطدم أثناء ذلك بالأدراج المفتوحة ونصف المفتوحة، والقرارات العشوائية المتلاحقة، وعدم سداد مستحقاته إن كان مورداً للحكومة، ثم ينتهي الفصل بالملاحقة البوليسية عندما يتعثر المستثمر المسكين ويصيبه الإفلاس، فيسجن أو يهرب خارج البلاد، وينتهي الفصل بخلفية ضخمة، تزينها أسماء المستثمرين بعد وضعهم على قوائم ترقب الوصول، والموسيقى التصويرية تنقلب من موسيقى رومانسية حالمة في البداية، إلى موسيقى رعب، ثم تنتهي بأصوات سارينة سيارات الشرطة، وصوت لطم وشق الهدوم، ونواح المستثمر وأسرته لحظة القبض عليه.

وهناك المزيد من الفصول مثل فصل الرعاية الاجتماعية، وهو فصل فعلاً لأنه ينتهي بنهب أموال التأمينات، وفصل انتشار الخدمات الصحية، الذي ينتهي بوفاة المريض بسبب عدم توفر الدواء، وفصل التنمية البشرية وتميز التعليم الحكومي الذي ينتهي بفاصل من التلقين في أحد الدروس الخصوصية، ثم مشهد لشباب يجلس على الرصيف نتيجة للبطالة المتفشية والمحسوبية في التعيين. أما الفساد والبيروقراطية، فلا يوجد لأي منهما فصل خاص، لأنهما يتجولان في أرجاء المسرح جيئة وذهاباً طوال الوقت وأثناء كل الفصول، ثم ينزلان من على خشبة المسرح، ليقوما بتقليب المشاهدين المساكين وشق جيوبهم بالأمواس والمشارط علناً، ويضحك المشاهدون باعتبار أن هذا هو جزء من المسرحية، رغم تأكدهم من استحالة عودة أموالهم إليهم، ويتذكرون فصل توظيف الأموال اللطيف، الذي انتهى بتوزيع "الحلل" البلاستيك على المشاهدين تعويضاً لهم عن مدخراتهم، بينما ازدانت الخلفية بأسماء كبار المسئولين فيما عرف بكشوف البركة.

وأثناء فصول المسرحية، ولأن الموضوع تمثيل في تمثيل، تتظاهر الحكومة بتقديم الخدمات للشعب، من تعليم وصحة وأمن وعدل ومرافق، وتعد الشعب بتوظيف أبنائه، وتمنح موظفيها المرتبات والعلاوات. تتظاهر الحكومة بذلك، وفي المقابل، وبعد تمرس طويل، يتظاهر الشعب بأنه يسمع كلام الحكومة ويحترم قوانينها، ويمصمص شفتيه ويهز رأسه تصديقاً لتصريحاتها، وهو يعلم تمام العلم أن تلك التصريحات (فشنك)، وأن تلك القوانين واللوائح قد عفا عليها الزمن ولم تعد تصلح للتطبيق على أرض الواقع، لتستمر المعاناة الشديدة والنفاق الجماعي.

وعندما يتململ بعض المشاهدين ويعلو صوت الشعب بالشكوى، ويصاب البعض بنوبات التشنج العصبي والصرع، تلقي الحكومة على المشاهدين خطبة عصماء كتبها أحد الفطاحل من المبرراتية، فحواها أن المسرحية رائعة دون شك، وأن المؤلف قدير، والمخرج متمكن وعتيد في الفن، وأن السبب في فشل المسرحية في الواقع إنما يقع على جماهير الشعب من المشاهدين، الذين لا يفهمون الحكمة العظيمة والفلسفة الرفيعة التي تكمن وراء فصول المسرحية، ويتسببون بجهلهم في إفساد الحبكة الدرامية، وبكثرتهم وتوالدهم المستمر في استنفاد كل كراسي المسرح، رغم أن معظم صفوف المقاعد خالية ومحجوزة نظراً لدواعي الأمن، وبينما يتزاحم السواد الأعظم من الشعب وقوفاً في الممرات الخلفية الضيقة، يتنافس المحظوظون من محاسيب الحكومة على الجلوس في الصفوف الأخيرة بعد سداد "المعلوم" للمسئولين عن تخصيص المقاعد، وهؤلاء المسئولون يعملون بالطبع لحساب حكومة الحزب الوطني الرشيدة.

ومشاهدة هذه المسرحية ليست بالأمر الاختياري، بل إنها إجبارية، لأن كل المسارح الموجودة في البلاد تعرض نفس المسرحية، وإن اختلف ترتيب الفصول. ويتساءل الشعب عن موعد انتهاء المسرحية وإسدال الستار، فتطمئنه السلطة بأن هناك مسرحية جديدة قادمة في الطريق، تحت اسم "مرحلة جديدة"، أو "صحوة كبرى"، أو "فكر عصري"، وغيرها من اللافتات والأفيشات. وينتظر الشعب على مضض، ولكنه يُصدم عندما تبدأ أي من تلك المسرحيات "الجديدة"، عندما يكتشف أن الممثل واحد مهما تلون وجهه بالأصباغ والأحبار، والمضمون مكرر ممجوج، وإن اختلفت ألفاظ الحوار.

كيف نتخلص من الحصار المفروض علينا من قبل تلك المسرحية التي لا تنتهي؟ هل يمكن أن نخرج من المسرح لنتنفس هواءً نقياً لا يلوثه فساد أو احتكار أو نفاق؟ وفي نفس الوقت، كيف يتوقع المشاهدون أن تنتهي المسرحية بينما هم يصفقون في نهاية كل فصل؟ ورغم أن الشعب يصفق استعجالاً لانتهاء المسرحية، إلا أن الحزب الوطني يأخذ هذا كعلامة أكيدة تدل على أن الشعب سعيد جداً بالمسرحية ولا يطيق انتهاءها، فتصدح أصوات الجوقة بأغاني التجديد والمبايعة. ألم يحن الوقت حتى يطالب الشعب الحزب الوطني بالنزول من على خشبة المسرح ويمنح فرقته التمثيلية أجازة بدون مرتب – أو بمرتب – بشرط أن يستمتع بالراحة بعد احتكار الأداء لعقود طويلة؟

متى نرى اليوم الذي يتقاعد فيه الحزب الوطني ويترك خشبة المسرح؟

أو على الأقل، متى يكتفي الحزب الوطني بمسرح واحد، ويترك باقي المسارح للفرق الأخرى؟

Voluntary Bondage

سجن اختياري

الصديق هاملت المصري نشر قطعة جميلة بعنوان

طوبى لمن يعثر فيك





شعرت بآلام الأسرى ... واستسلامهم ... وتذكرت قصة الواحة The Oasis



::

الدواء موجود
لكن المرض مقدس
هل أدلك على تعاويذ فك السحر
لكنك لا ترغب في الخروج

::





الاثنين، فبراير 22، 2010

Egypt Remembers: Cleaning Old Wounds

مصر تتذكر

حكايات الاحتلال





يقول أ. عادل الجندي - في هذا البلوج المتميز - الذي استعان فيه بمخطوطة تاريخ البطاركة

نعم ما حدث قد حدث، ولن نعيد عجلة التاريخ؛ لكن ألا يجب أن يكون هناك حد أدني من الاتفاق بشأن ما جري مع غزو العرب لمصر وما تلاه علي مر العصور؟ أليس من الضروري أن يهتم “العنصر الغالب” في “السبيكة المصرية” بإدراك حجم المعاناة التي مر بها العنصر الآخر؟ أليس من المهم تطهير الذاكرة الوطنية، أو علي الأقل إدراك ما هو التاريخ المشترك لعناصر السبيكة (بدون أن يعني ذلك ـ بالطبع ـ جلد المعاصرين أو أخذهم بجريرة أفعال الأقدمين)؟ - اقرأ المزيد






تعليق



مرجع مهم.

كلام موزون وأسلوب راق، ينظف الدمل ويطهر القروح والصديد. فقط أعترض على فكرة (العنصر الغالب)، فلم يكن هناك غالب في الجانب المصري، الغالب هو من احتل مصر وسخر مواردها لخدمة أهله هو، سواء في شبه الجزيرة أو غيرها ... والمسلمون اليوم، ليسوا بعنصر مختلف عن المسيحيين، فالكل مصري ولا تعجبني فكرة العنصر - أو العنصرية من أساسها.


البحث الذي قام به أ. عادل الجندي هو جزء مهم من حركة مصر تتذكر (ولا أعني بهذا أن الأستاذ عادل الجندي مشارك في الحملة بصورة تنظيمية - فأنا لم أشرف بمعرفته - بعد - ولكن هذا الجزء الغائب من ذاكرة مصر - لا يمكن أن نتصور أن يصح وعينا بدونه - ومن هنا فهو جزء عضوي من حركة مصر تتذكر لمحتواه القيم والهام، فاليد قد لا تلمس الكبد أو القلب، ولكنهم جميعاً أعضاء لا يتجزؤن من الجسد السليم)

حركة مصر تتذكر

والخروج من حالة

النسيان والتوهان


وحركة مصر تتذكر لمن لا يعلم تعيد قراءة - بل وكتابة - التاريخ من منظور مصري

أطلقناها معاً لأول مرة في أغسطس 2007، ولكننا مدينون بالطبع لمن سبقونا بعلمهم وجهدهم

وأنا عن نفسي لست متخصصاً في التاريخ - وإسهامي العلمي في الحركة محدود أو منعدم، ربما ينحصر إسهامي في قراءة ما غفل البعض عن قراءته، والإفصاح عما قد يتحرج البعض من أن يعلنه. ويكمن سر اهتمامي بهذه الحركة في كوني أعتقد أن جزءاً كبيراً من مشكلة الأمة المصرية هي أنها تعاني من تلوث في الوعي وفي الذاكرة وفي الهوية، مما يمنعنا من إدراك الذات بصورة صحيحة، ويتسبب مثلاً في انقسام المجتمع المصري حول الانتماء لهويات ثانوية (من الناحية السياسية التي يفترض أن تحكم الهوية) مثل الدين أو اللغة أو العرق أو حتى أحياناً كرة القدم ...

وقد أتى تلوث الوعي نتيجة أن من كتبوا تاريخ مصر الذي يقرأه ويدرسه أبناؤنا في المدارس، هم في الأصل غير مصريين، سواء إغريق، أو رومان، أو عرب، أو يهود. فاليهود تسللوا بتراثهم العبراني إلى الضمير المصري عبر الكتب والحكايات الدينية المسيحية والإسلامية، والرومان حكموا مصر وقمعوا المصريين في عصور مختلفة وفرضوا في النهاية على المصريين نبذ دياناتهم ولغتهم الأصلية، والعرب رأوا المصريين قبحاء في الطباع ودونهم في كل شيء، فورثوا أهلنا في الصعيد والدلتا احتقار الفلاح المصري والتغني بالنسب العربي مهما كان بعيداً أو منتحلاً، غير ما زيفوه من وصف الاحتلال العربي لمصر بالفتح، وهي مصيبة، والإغريق تصور العالم أنهم أصل الحضارة الحديثة رغم أن مصادرهم الحقيقية كانت في المعابد والجامعات والمدارس والمكتبات المصرية.

تصور شخص فقد ذاكرته، ثم غسل الغزاة مخه ليحفظ تاريخهم وكأنه تاريخه هو، هل يرجا من ذلك الإنسان أن يعيش حياة صحية وتستقيم شخصيته وينصلح حاله في المستقبل وهو لا يعلم من هو، لقيطاً بين الحضارات رغم أنه من بيت كريم هو أصل الحضارات التي ولدت فيها أم الحضارات نفسها؟

وفي نفس الوقت، لا يمكن أن نجتزأ تاريخنا أو ننكر الوشائج الحضارية القوية التي تجمعنا بالحضارة الإسلامية، أو العربية، أو الأوروبية، أو الرومانية، أو اليونانية، وهكذا. لابد أن نتصالح مع النفس ومع تاريخنا كله، ونثمن جميع الدماء التي صهرتها البوتقة المصرية لتنساب بسلاسة في عروق الأمة المصرية. لكن التذكر والفهم، لا بديل عنه للوعي والإدراك ومعرفة النفس والانتماء الصحيح، والسلام الداخلي لمصر ولكل منا.






Religious Hysteria: Genesis of the Virus

فيروس الهوس الديني


منابع العدوى

تحدثنا من قبل عن فيروس الهوس الديني، وما يحيط به من مظاهر تطرف وأفعال تكرارية هوسية عصابية، وأمراض متعددة بدءاً بكراهية الآخر والعجز عن التعايش السلمي معه، والامتناع عن التفاعل الصحي مع المجتمع – بدءاً بالاختباء وراء النقاب أو الهجرة العقلية للقرون الأولى، أو الهجرة المادية - وصولاً للإرهاب ومحاولة إزالة الآخر تماماً من الوجود


منابع ومسببات الفيروس كثيرة ومنها

  • قيام جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية بخلق حالة من الهوس الديني لتسهيل سعيهم نحو السلطة - فيروس الهوس الديني تسرب لوعي ملايين المصريين من خلال المساجد - الكتب الصفراء - أشرطة الكاسيت - الإعلام الرسمي - الإعلام الموازي - التعليم - ... إلخ
  • تحالف بين مؤسسات الاستبداد العسكري ولاستبداد الديني (الضباط الأحرار والإخوان) - (السادات والجماعات) ... لتحقيق أهداف سياسية - مثل - رغبة السادات في القضاء على التيار اليساري من خلال تمكين التيار الديني (دولة العلم والإيمان - الرئيس المؤمن - تقفيش الطلبة اليساريين وتمكين المتأسلمين – تعديل المادة الثانية من الدستور لتغيير طبيعة الدولة نحو الدولة الدينية ... ) وهكذا
  • ضعف الدولة الرسمية وعجزها عن القيام بدورها في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية - فلجأ الناس للدول والدويلات الموازية - سواء الخدمات التي يقدمها الجامع أو الكنيسة ... (أنظر الدولة الموازية)
  • سعي حثيث من الكنيسة لأن تصبح الـ سلطة الـ سياسية التي تمثل المسيحيين وتدافع عن قضاياهم المدنية والسياسية – أنظر التمييز الديني – رؤية ثقافية
  • الأفكار العنصرية المتخلفة للإخوان والسلفيين والدعاة المتعصبين التي تنتقص من مواطنة غير المسلمين وتفتئت على حقوقهم

...

المجتمع اليوم مريض بفيروس الهوس والتطرف الديني، وعلاج هذا لا يكون بترك الدين - بل بإصلاح الفكر الديني الإسلامي والمسيحي - علاوة على إصلاح الفكر المدني العلماني في مصر أيضاً – ونبذ التطرف واحتكار الحقيقة واحترام الأديان والمتدينين - وإفساح المجال أمام القوى السياسية والفكرية المدنية ومحاربة الغلو في كل مكان بنشر أفكار التسامح والتعايش، ومدينة التعليم والإعلام والسياسة، إلخ.


أنظر

إعادة بناء روابط الانتماء

السبت، فبراير 20، 2010

RIHANNA Wisdom

From RIHANNA
To 3,000,000,000
Homo Sapiens
Including Clinton, Tiger Woods,
.... and the other 2,999,999,998


Don't tell me you're sorry 'cause you're not ...
You're only sorry you got caught ...

:: RIHANNA - TAKE A BOW LYRICS

Structure of a Corrupt Regime - Five


 


 

اللجنة الحاكمة الجديدة


 

أصبح الطريق إذا ممهداً لضم أعضاء جدد من الشباب للجنة الحكم، وهم شباب ينادون الأب يا "أونكل" وبالتالي فهم أقرب إلى كونهم أفراداً ينتمون بكل حبهم وولائهم للعائلة التي تمرغوا في ترابها فوجدوا التراب تبراً واحتكارات سخية. لم يعد هناك من المماليك غير خالد الذكر، وهو مطمئن لأنه كان بمثابة المعلم للأبناء، والأمين على مستقبلهم والأمين أيضاً على الصندوق الذي يمول كل الأنشطة الخفية، وهو بالطبع لا يعلم أن ساعته هو أيضاً قد اقتربت، وبقاؤه هو مسألة وقت، وهناك من يتم تدريبه على أن يحل محله.


 

استقرت الأمور للجنة الجديدة، وكان من الضروري أن يتم تأجيل انتخابات المحليات لفترة تكفي لأن تستطيع السلطة الخامسة الجديدة أن تسيطر على مقدرات الحكم وتبدأ في نشر قواتها ومندوبيها في عرض البلاد وطولها، والتغلغل في الوحدات الحزبية والمصالح الحكومية، بفصيل جديد من شباب الكومبيوتر المحمول الذي تدرب في جمعية جيل المستقبل وأدار الحملة الرئاسية.


 

أما التوريث، فلا تشغل بالك به، فهو لن يحدث بالصورة الساذجة الذي تظنها، لأن التوريث لن يصبح توريثاً للمنصب بصورة مباشرة صريحة، بل سيصبح عن طريق انتقال قيادة السلطة الخامسة واللجنة العليا الحاكمة إلى صاحب الحق الشرعي في الحكم من وراء ستار، وليجلس على كرسي الرئاسة من يجلس، طالما بقيت السلطة الحقيقية في يد اللجنة، وطالما آلت إدارة اللجنة إلى الأبناء الأعزاء. وألف مبروك النجاح والخطوبة.


 


 


 

نشرت لأول مرة في مارس 2006 بجريدة الغـد
- على عددين – تحت عنوان – السلطة الخامسة


 

Structure of a Corrupt Regime - Four

التغيير ...

من وجهة نظر

الفكر الجديد!

مرت أعوام طويلة وعقود متعاقبة، وسبحان من له الدوام، كبر نظار العزبة وأصابهم طول الولاية بثقة قادتهم إلى الخرف فأصبحوا يعملون بجرأة وبجاحة غير محتملة، يمارسون النهب والسلب علناً جهاراً نهاراً، يضربون الصحفيين ويسجنون من يتجاسر ويتحدث عن "بلاويهم". عاثوا في الأرض فساداً حتى نضب البئر وذبل الزرع وجف الضرع. افتروا في الأرض حتى ضج العباد وصرخت الأرض تطلب القصاص! لقد أدى النهب المستمر والفساد وسوء الإدارة لنضوب الموارد فانهار الاقتصاد واستشرت البطالة وأفلس الناس فتصاعد الغضب وأصبح النظام كمن يجلس فوق غطاء إناء يغلي وتتراكم بداخله الضغوط، وأصبح الانفجار مسألة وقت. ومن ناحية أخرى، هبت رياح التغيير على أرض قبائل الهنود الحمر، فالغرب الذي سمح للولاة أن يحكموا الشرق باسمه ولصالحه، طالته نيران الظلم والمعايير المزدوجة في عقر داره، ولم يكن ليستطيع أن يواجه السبب الأساسي وهو إسرائيل، فقرر أن يأخذ بالسبب التالي وهو استبداد النظم ودكتاتورية الحكام وفساد الولاة.

ومن ناحية ثالثة، أصابت الشيخوخة خبراء التزوير والتزييف والتجميد والتحنيط والتخليد والتخليل والإخصاء والإقصاء، فتخطوا سن السبعين، ونتيجة لخوفهم جميعاً من التغيير، ورغبتهم الشديدة في الخلود، لم يدربوا صفوف ثانية متمرسة على التزوير والفساد والسيطرة على مقدرات الشعب من خلال مسرحية التعددية.

ومن ناحية رابعة، شب الأبناء عن الطوق، بعد أن تلقوا العلم في المدارس الغربية، فبدءوا يخجلون من ممارسات الآباء الفاضحة التي تكسفهم مع أصحابهم في الجونة أو القطامية أو مارينا. وكان لابد من تغيير الأساليب لتصبح أكثر عصرية. ووجدوا في مجموعة من رجال الأعمال الصاعدين الشباب من يرسم لهم طرق السيطرة على مقدرات الحكم بوسائل "مودرن" شكلها لطيف و"شيك" ويمكن إقناع الغرب بها خاصة مع تخويفه من التيار الإسلامي وتفتيت الأحزاب المدنية وتلويث سمعة كل من له شعبية عن طريق تلفيق القضايا.

نظرت الأمهات فوجدن فلذات أكبادهن يسرون الناظرين، علماً وثقافة ووجاهة، فتمنين أن يروهم في الحكم بعد أن يستكملوا الشكل الاجتماعي المناسب. وكانت العقبة أن أعضاء لجنة الحكم وأقطاب السلطة الخامسة ونظار العزبة من الحرس القديم قد أصابهم الغرور وتصوروا أنهم أحق بالحكم من صبية "الفكر الجديد" فهم لا شعبية لهم ولا حنكة سياسية، صبية متغطرسين لم يصافحوا الأيدي العرقانة المطينة، لم يتمرسوا في أصول التزوير أو التزييف، صبية أيديهم لينة رخوة، لم تمارس أساليب التزوير القذرة ولم تختلط بالبلطجية والمجرمين. وهذا الصراع رأيناه كثيراً على مر التاريخ، وهو أن المماليك ينقلبون على ابناء السلطان الراحل أو في حياته، وقد ينجحون وقد نجحوا بالفعل من قبل. وكان لابد من التخلص من هؤلاء المماليك.

راح أولهم (والي) ضحية موضوع المبيدات المسرطنة التي تم غزلها بعناية، فطالت جميع مساعديه وبقي هو آمناً من العقاب طالما ابتعد عن اللجنة وقبل بالإحالة للاستيداع، وتكفلت تحالفات انتخابية معقدة بإسقاطه في دائرته الانتخابية!

أما الثاني (الشريف)، فقد طالته نيران فساد الإعلام والإعلان فتم القبض على أحد صنائعه وشريك ولده في الأعمال كرهينة، ضماناً لوقوفه على الحياد أثناء المعركة الكبرى، معركة كامل الأوصاف. فوقف على الحياد وتمت الإطاحة بكامل الأوصاف وبعدها مباشرة خرج الصنيع الرهينة وتم حفظ الموضوع. وقبله تم القضاء على مساعديه من أباطرة الصحف، وتم تسريب العديد من الملفات والاحتكارات في مجال الطباعة والأحبار والجاكوزي وغيرها من فضائح كفيلة بإخراسهم بحيث تمت الإطاحة بهم على مرحلتين بعد قياس رد فعلهم.

أما كامل الأوصاف (الشاذلي)، فهو يتعجب، لأن موضوع الصراع بين الحرس القديم والحرس الجديد كان بالنسبة له من باب وضع التوابل على مشهد سياسي عديم الطعم والرائحة، وهو لم يقصد أن يمنع الأبناء الأعزاء من أن يتبوءوا المكان الذي يستحقونه، ولكنه كان مخلصاً في نصحه للآباء والأمهات، بأن الشعب لن يقبل بالتوريث ولو انطبقت السماء على الأرض. وفي كل الأحوال فهو شاكر لما أصابه من نعيم، وراض بما أصابه من إقصاء أليم، ولم يكن يطمح لما هو أكثر من رئاسة المجلس (مجلس الشعب) لا المجالس (القومية المتخصصة)، وفي كل الأحوال فهو لن يتسبب في أي مشكلة. أما صانع المليونيرات (سليمان)، فهو صبي لا أكثر ولا أقل، ولم يكن التخلص منه بالمسألة الصعبة، ولأنه قدم المجوهرات والهدايا والأراضي والفلل والقصور، فكان الجزاء من نفس صنف العمل، قلادات عظيمة وتشريف ما بعده تشريف.

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook