المراجع فيها سم قاتل
كتب الدكتور جلال أمين بالشروق مقالاً بعنوان "مرة أخرى.. من قتل الأقباط؟"
ولن أقوم اليوم بمناقشة محتوى المقال نفسه، فليس هذا غرضي الآن ...
لكن سأقوم بمناقشة أحد التعليقات على المقال ... التعليق رقم 25، بتاريخ الجمعة 7 يناير 2011، من قارئ وقع التعليق باسم Msedawy ... يقول التعليق :
بعد حصار واستسلام اليهود فى غزوة بنى قريظة الرسول صلى الله عليه وسلم يوافق على القتل الجماعى للرجال والسبى الجماعى للنساء والاطفال وتقسيم الاموال على المجاهدين {السبى= الاسر المقترن بالاستعباد}// المراجع: صحيح البخارى وصحيح مسلم - اصح كتابين فى الاسلام بعد كتاب الله.
قرأت التعليق وأصبت بدهشة شديدة ... ما هو غرض المعلق مما كتبه ... هل هو مؤيد للقتل الجماعي للمدنيين العزل - بعد استسلامهم - واستلاب أموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم ... أم أنه ينتقد مثل هذا التصرف ويرى فيه دلالات سيئة على طبيعة الإسلام ...
في عالم الإنترنت، التعليقات المجهلة لأول مرة تسمح لنا بالاطلاع على خبيئة النفوس. على الأمور المسكوت عنها. العقل الخفي للمجتمع ...
في نفس الوقت، كثيراً ما يصعب التعويل على مثل هذه التعليقات المجهلة، فهي ذات مصداقية محدودة، وقد تحتوي على أكاذيب أو ادعاءات لا يمكن التثبت منها، فلا يأتينا منها إلا البلبلة.
ولكن ليس في هذه الحالة ... فما يدعيه التعليق يسهل أن نتحقق منه بالتأكيد أو التكذيب، فهو يذكر وقائع تاريخية بعينها كما روتها بعض الكتب الموجودة تحت أيدي العامة والخاصة.
ما نريده الآن من المتخصصين، ممثلين في شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية، أن يقولوا لنا بوضوح :
· هل هذه المراجع (في رأيهم) سليمة في وصف هذا الحدث (وغيره)؟ ... أم أنه مشكوك في صحتها، وأن الموضوع لم يحدث بهذه الكيفية، أي أنهم يستبعدون أن يكون الرسول (صلعم) قد قام بهذا العمل فذبح مجموعة من العزل من أسرى اليهود وهم أهل الكتاب، وبالتالي فإننا لا يجب أن نعول على مثل تلك المراجع أو نأخذ منها المرجعية لأنها تحتوي على أخطاء جسيمة في أمور جوهرية.
· وإذا كانت تلك الحادثة – في رأي العلماء – قد حدثت بالفعل كما روتها تلك المراجع، فهناك عدة احتمالات :
o أن يكون الرسول (صلعم) قد أخطأ في مثل ذلك التصرف – وهو بشر في النهاية – وبالتالي لا يجب أن نقيس على مثل ذلك التصرف لا في الماضي ولا في الحاضر.
o أن يكون الرسول (صلعم) لم يخطئ ، باعتبار أن ظروف ذلك الزمن كانت تستدعي ذلك – أما الآن – فظروف هذا الزمن تحرم ذلك وفي هذا نفع للبشر جميعاً وخاصة المسلمين وهم يواجهون عدواناً من قوى غاشمة – وبالتالي لا يمكن القياس على ما فعله الرسول في ذلك الزمن في هذا الأمر (وغيره) كمرجع لما يجب أن نفعله اليوم.
o أن يكون الرسول (صلعم) في رأيهم لم يخطئ، وأن تصرفه هذا يصلح مرجعاً لنا اليوم، أي أن الرأي الإسلامي الصحيح اليوم يبيح قتل الأسرى العزل من أهل الكتاب ... أو غيرهم ...
ليس هدفي هو زعزعة مصداقية مثل تلك المراجع، بقدر ما هو دعوة لأن نحرر عقولنا من مراجع وأحكام وفتاوى وأمور سلفية نأخذها كثوابت ومسلمات، في الوقت الذي يجب أن نخضعها لسلطان العقل، نمحصها، فنرى المفيد والمناسب منها فنأخذه، ونترك ما لايصلح اليوم ونصححه ... وحتى لا يقع شبابنا ضحايا لفتن مصدرها كتب قديمة صفراء ... قد تودي بالأمة لهاوية سحيقة عندما نغلب النقل الأعمى على العقل البصير.
1 comment:
من نفس هذه المراجع خرجت لنا فتوى إرضاع الكبير التى اثارت جدلاً لا بأس به وجعلت مصر اضحوكة. ماذا ينتظر علماء مصر الاجلاء؟وإلى متى؟ لا أعرف المطلوب منهم فقط وقفه مع الذات لتنقية هذه المجلدات من الخزعبلات .
تقبل تحياتى أُستاذى العزير
Post a Comment