Tuesday, August 12, 2008
Archive 2006 - Judges Club Standoff
المواجهة مع نادي القضاء
و
فخاخ الشرعية
نقطة اللا عودة
من المخيف أن نرى النظام في وضع مؤسف من التخبط والذعر، والانفصام بين الحزب الحاكم والحكومة التي تحكم باسمه، ولجنة الحكم التي تحتكر القرار دون دراية بمعطيات الأمور، وأجهزة الأمن التي تتلقى تعليمات متضاربة مرة بالسحل ومرة بالتسامح. وكل هذا التخبط والمرض مصحوباً بحالة من الإصرار على إنكار العلة من الأساس والتعامل مع المشاكل الخطيرة التي تنزلق فيها البلاد باعتبارها غير موجودة.
فخ الشرعية المؤسسية
النظام يقع في فخ الشرعية الذي نصبه لنفسه بمساعدة القوى السلفية والوهابية التي طالما استخدمها كذريعة للاستبداد والقمع، فعلى المستوى السياسي، لدينا في مصر كيانين فقط، هما الحزب الحاكم وجماعة الإخوان. والأول وهو الحزب الحاكم هو كيان ضخم أجوف، يتحكم فيه شخص واحد يحتكر القرار وجميع القنوات التي تصل بين صاحب القرار ومستشاريه، وهذا السلوك الاحتكاري في السياسة ليس بجديد على نفس الشخص الذي احتكر واحدة من أهم السلع الاستراتيجية والتي تدخل في جميع أوجه الصناعة والتشييد. وهو مع تقديرنا لنجاحه الرأسمالي السريع أو تحفظنا عليه، لا يمتلك أية رؤية سياسية أو رصيد شعبي أو حس جماهيري من أي نوع، وهو شخص متعال بطبعه، بما ينفر الآخرين الذين يتعامل معهم بمنطق سلطوي قد يكون طبيعياً بالنسبة له كصاحب عمل في صناعة احتكرها لنفسه، ولكنه ليس مقبولاً في الممارسة السياسة التي تحتاج للإقناع والقدرة على تحريك الجماهير وإلهامها نحو إصلاحات قد تكون في مرارة الدواء الذي لا مفر من تناوله. والكيان السياسي الحاكم الذي يديره بحرية ودكتاتورية كاملة هذا العبقري المحتكر هو كيان يفتقد الشرعية وتاريخه المؤسف الطويل يجعله اليوم بعد محاولات عديدة للإصلاح أشبه بمن يحمل أثقالاً مريرة وسمعة سيئة أكسبته كراهية الشعب على مدى عقود طويلة، حتى افتقد المصداقية والثقة، وأصبح غير قادر على أن يكمل المسيرة فضلاً عن أن يقودها، وهو فاقد الشرعية بحكم مولده من رحم السلطة، ونشأته الشمولية التي تحفل بالتزوير المفضوح والمستتر للاستمرار في الحكم، والفشل في تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم للبسطاء. لقد استنفد هذا الكيان الغرض من تكوينه وبات عبئاً ثقيلاً على الوطن وعلى أعضائه، الذين يشعرون أنهم يفتقدون احترام الشعب لمجرد انتمائهم له، رغم ما قد يمتلكونه من خبرة أو مهارة أو نية صادقة لخدمة الوطن. ومما زاد الطين بلة أن ينقلب النظام على أهم سلطة فيه، وهي السلطة القضائية، فيتعنت معها وينزلق نحو مواجهة خطيرة قد تسحب منه آخر أهداب الشرعية بما يمثله هذا من خطر داهم على الشرعية يفتح الباب أمام احتمالات لا نتمناها للوطن.
والكيان الثاني، وهو الجماعة الشهيرة بالمحظورة، هي جماعة يرفض النظام أن يمنحها الشرعية، ولكنه يتركها تعمل بحرية تحت الأرض وفوقها، حتى سيطرت على النقابات والعمل الاجتماعي والسياسي، في غياب أي قوى سياسية أخرى نتيجة لمحاولات الإخصاء المستمرة التي يمارسها النظام لتدمير وتفتيت أي أحزاب أو قوى سياسية مدنية. وهذه الجماعة هي تنظيم عالمي له فكر خاص به، وهو فكر متعدد الأوجه، يتراوح بين التسامح والعصرية التي تبذل قياداتها جهداً محموداً في إظهارهما في خطابها الإعلامي، عدا هنات عابرة، تكشف بتلقائية مكنون الأنفس في بعض الأحيان، وبين فكر متشدد وعاطفة دينية ملتهبة تجيش بها صدور الأعضاء بمرجعية مطلقة قد تصطدم مع الطبيعة النسبية والتفاوضية للعملية السياسية. ومهما كان من أمر، فبيت القصيد هنا أن الدولة لا تعترف بالجماعة وتعدها جماعة محظورة وغير شرعية.
وبهذا فإن الكيانين السياسيين الموجودين حالياً، يعانيان من شرعية منقوصة بصورة لا شك فيها.
فخ شرعية السلطة
وفي نفس الوقت، ونتيجة لما ناقشناه من هشاشة شرعية الحزب الحاكم أو انعدامها، علاوة على التزوير المستمر والتلاعب في أسس العملية السياسية، تفتقد السلطتين التشريعية والتنفيذية الشرعية التي تمكنهما من قيادة البلاد بالصورة المرجوة، بما يمثله هذا من خطر على استقرار البلاد. ولعل السلطة الوحيدة التي لا يشكك أحد في شرعيتها هي السلطة القضائية بحكم طبيعة عملها وتكوينها، ولكن الأحداث الأخيرة جعلت هناك صراع بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية حول "من يمثل السلطة القضائية؟"، فبينما يرى القضاة أن مجلس إدارة ناديهم المنتخب هو أصلح من يتولى مهمة تمثيل السلطة القضائية، تحاول السلطة التنفيذية أن تزعزع من شرعية هذا الكيان، بمختلف الطرق الإدارية والسياسية، لأنها في النهاية تريد من السلطة القضائية أن تكون خاضعة بصورة ما للسلطة التنفيذية، أو بالتحديد لرئيس الجمهورية، الذي يرفض بالممارسة أن يقتصر دوره على قيادة السلطة التنفيذية، بل يريد أن يصبح رئيساً للسلطات الثلاثة، وهو أمر قد يكون مقبولاً بصورة رمزية أو شرفية، ولكنه غير منطقي إذا ما حاول الرئيس أن يسيطر على السلطات الثلاثة بصورة فعلية، لما يمثله هذا من إهدار ضمانات الفصل بين السلطات والرقابة والمحاسبة، ويكرس السلطة المطلقة في يد الرئيس وهو ما لا يتناسب مع مفهوم الدولة الدستورية الحديثة. وقد وصلت المواجهة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية إلى منعطف خطير بالمماطلة في إصدار قانون استقلال السلطة القضائية، ثم ما رأيناه من محاولة عقاب القضاة الشرفاء الذين فضحوا تزوير الانتخابات، رغم أن الرقابة على الانتخابات هو واجبهم الأصيل الذي أناطه بهم الدستور، وبدلاً من أن يقوم النظام بمحاسبة المزورين، يقوم بمعاقبة من كشفوا التزوير، بما يمثله هذا من اعتداء على الشرعية وتكريس للفساد. وعندما يدين النظام السلطة القضائية ممثلة في بعض أعضائها الشرفاء، فإنه بهذا يهدم شرعيته هو من الأساس، لأن العدل هو أساس الحكم، وتعطيل العدالة بالتالي يهدم أساس الحكم. وقد يخشى النظام من الاعتراف بتزوير الانتخابات لما يمثله هذا أيضاً من إهدار لشرعية السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكن الاعتراف بالتزوير في بعض الدوائر ومحاسبة المتسببين فيه، مهما كان صعباً على النظام أن يتقبله، فهو في النهاية يحفظ له بعض الشرعية ويقي البلاد شرور الانزلاق في مستنقع الفوضى.
2005 Archive
في عز الظهر، والشمس ساطعة وأمام رجال القانون والإعلام، فوجئنا بحادث سرقة من نوع فريد، سرقة جرم سماوي عظيم، لا يمكن إخفاؤه أو تشله، ولكن حزب الحكومة متمرس وعتيد في الفن، ولا يهمه أي شيء. الحكاية أنه بعد منتصف ليلة الجمعة بقليل وصل ثلاثة من مندوبي المرشح (مرشح انتخابات الرياسة 2005) إلى مقر لجنة تلقي طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية ليأخذ المرشح دوره مبكراً في سبيل الحصول على أولوية اختيار الرمز الانتخابي.
يا أيها الحزب البطال: لماذا تستكثر علينا نور الهلال؟ هل تظن أن خدعة الإيصال، يمكن أن تنطلي حتى على الأطفال؟ كيف سولت لك نفسك أن تسمي خطتك الانتخابية هلال المستقبل، قبل أن تقوم اللجنة العليا بإعلان الرموز؟ ألا تكفيكم مناورات النجم الساطع، لتحاولوا أن تخطفوا نور الهلال الطالع؟ ألم تشبعوا من احتكار الماضي واحتضار الحاضر، لتحتكروا المستقبل وتدنسوا المولود الطاهر؟
وإذا عجز قاضي القضاة في قلب القاهرة المحروسة، عن التصدي لضغوط السلطة المفروسة، في حضور المرشح نفسه مع مندوبيه، وعلى مرأى ومسمع من التليفزيون ومشاهديه، فكيف يعقل أن نتوقع الصمود وقدر من الحياد، من وكيل نيابة أو قاض عاد؟ لله در المرشحين، وجموع الشعب من الناخبين، الأحياء منهم والمتوفين.
ألم يكن الحزب الحاكم قادراً، على أن يرسل مندوبه مبكراً، أو تحت جنح الظلام متستراً؟ لماذا تفضحوننا أمام العالم؟ هل تستكثرون علينا قبس أمل يوقظ هذا الشعب النائم؟ وماذا بعد سرقة الهلال؟ هل سوف تسرقون الشمس والكواكب السيارة؟ في نهاية الأمر، نكتشف أن الحكومة لا تنوي إصلاحاً ولا فلاحاً ولا تبتغي حرية ولا ديمقراطية، وأن الموضوع كله تمثيلية هزلية، موجهة لأمريكا والدول الغربية. لقد أثبت أشاوس الحزب الحاكم قدرة عظيمة على التضبيش، شوية يقولون الانتخابات نزيهة وشفافة، ثم يقومون بنشل الهلال بصنعة لطافة. ولكنني لا زلت متفائلاً، فنهاية النفق على ما يبدو قد اقتربت، والدليل هو ذعر الحكومة وارتباكها العظيم، بدءاً بأسطورة الكرة التي اخترقت قدم عضو الغد ببنها، وانتهاءً بفضيحة الهلال اللي اتسرق، وسبب تفاؤلي أن التضبيش عادة ما يسبق الغرق.
The Road to Fewer Regrets 1
منذ حوالي 6 سنوات، صحوت في احد الأيام، و اكتشفت إنني لا أريد أن أستيقظ. ذكرت نفسي بالعمل و بالأولاد و أكل العيش، و لكن الرغبة في عدم الاستيقاظ تغلبت على كل شئ آخر. شعرت أن العمل الخاص مضر و العمل الأهلي غير مجد إن لم يكن مؤذ و التعليم الخاص فاشل و التعليم الدولي مكلف ويهدم الهوية الوطنية للأطفال، و البلاد على وشك الوقوع في براثن الجماعات الدينية، والاستقرار الهش الذي ننعم به يمكن أن ينشرخ في أي لحظة، والبناء الاقتصادي القش الذي نأكل عيش من خلاله يمكن بالتالي أن ينهار في اللحظة التالية، فليس هناك أي فائدة لمغادرة المنزل، أو الاستيقاظ من الأصل.
وفجأة تذكرت نيوتن. تذكرت قوانين الحركة الأول والثاني والثالث. و بعد أقل من ثلاث دقائق من الحسابات، نهضت من السرير، وفي أيام قليلة عدت للعمل العام، متخذاً هذه المرة طريق المخاطر، أو طريق الندامة كما يبشرني تقريباً كل إنسان عاقل. لم يعد العمل التطوعي في القطاع الأهلي أو المجتمع المدني الذي اكتفيت به لسنوات طويلة من قبل مقنعاً أو كافياً. خرجت إلى العمل السياسي ورميت قلبي ورائي.
ومن يومها، كلما شعرت بنفس الحالة من العزوف عن الاستيقاظ، أتذكر نيوتن فأنهض على الفور و أترحم على الرجل، الذي أنقذ حياتي شخصياً ومن قبل ذلك غير العالم بالطبع.
القصور الذاتي
خرجت أبحث عن قناة للتأثير على مسار القصور الذاتي. نظرت إلى الحزب الوطني. فوجدت التاريخ الطويل الأسود الذي صنعه بكل فخر الآباء المؤسسون، أو الأجداد المؤثمون – الحرس القديم و ما يشوبهم. التفت إلى الحرس الجديد فوجدت الفكر الجديد يخلو من الإلهام أو الرؤية في أفضل الأحوال، و يسعى للتوريث على الأغلب، بصرف النظر عن رغبة الرئيس أو نجله، بل أن الحرس الجديد و عملية تبديل السلطة الخامسة تجعل النظام يتجه للتوريث بالقصور الذاتي، إلى أن يأتي اليوم، فيتوسل المحيطون للوريث بأن يقبل التكليف وينقذ البلاد-أي ينقذ مصالحهم.
البلد هي المصالح؟ عندما يقول لك أحد –" من أجل ميصر أو عشان ميضر"، بكسر الميم بعنف يصل إلى كسر الكلمة كلها بياء تسبق الصاد، تعلم على الفور انه يقول "من أجل مصالحي الشخصية". فمصر تختلف من شخص إلى آخر حسب مصلحته الشخصية و هذه قصة أخرى.
هل شعرت من قبل بالقصور، بقصور الذات، بقصور الذات القومية عن الفعل أو الحركة؟
قانون نيوتن الأول ينص على أن الجسم أو الإثم أو الجماد، يحتفظ بحالته من السكون أو الحركة في خط مستقيم بسرعة منتظمة ما لم يتعرض لتأثير قوة خارجية تغير من هذا السكون أو هذه الحركة المنتظمة.
هذا في أفضل الأحوال.
Example
for instance:
If you need to be in the Airport in 2 hours to catch your plane and you have two roads,
Road One
will take 1 hour in 90% of the journeys travelled but could be totally blocked and take 3 hours in 10% of the journeys travelled
-due to
تشريفة مثلاً
And
Road 2
Takes 1 hour and 30 minutes in 90% of the journeys travelled and takes 2 hours in 10% of the journeys travelled
Solution:
Time 1 = 60mins x 0.9 + 180mins x 0.1 = 72 mins
Time 2 = 90mins x 0.9 + 120 x 0.1 = 93 mins
So, one could argue that you should really take Road 1, because it usually saves 21 mins on average in this trip ...
but if worst happens
there is a 10% chance that you will miss your plane (and you will regret that) if you took Road 1
and
There is 0% chance that you miss your plane if you take Road 2, no matter what happens
So,
If you wish to minimize your regrets ... you just take Road 2 ... knowing that it will take longer time, but you have Zero risk of missing your plane ... you will have zero percent of developing a regret over that TRIP
Hence ... it the path of least regrets!
:)
**************
I just devised this example now ... so I could be totally off ... specially that I studied this some 20 years ago :)
Sunday, August 10, 2008
Against God-State 4
فالبشر يضعون القوانين والسياسات ويصوتون عليها، ويطبقونها، وبعد فترة يكتشفون أنها تحتاج لتغيير، فيغيرونها، وهكذا ... عملية تطور مستمر ... عملية بشرية ...
وهي تختلف تماماً عن فكرة "حاكمية الله" أو النصوص المقدسة التي يعكف على تفسيرها "هيئة كبار علماء" أو "مجلس ملي" مثلاً ...
وهذه السياسات والقوانين التي تقرها الأغلبية، من غير المقبول أن تعصف بحقوق الأقلية، مثل حق المساواة، وحرية العقيدة والرأي وهكذا ...
أما بالنسبة للأحزاب الدينية، فهي تصفق للديمقراطية وتنادي بها، وتقبل أن تحتكم إلى الديمقراطية، أي حكم البشر، ثم بعد أن تصل لمقاعد الحكم، تخطط لتبديل هذا الوضع، طبقاً لبرنامجها المعلن، الذي يحتوي على مجلس ملي أو هيئة كبار علماء الدين، لتصبح المرجعية إلهية لدين بعينه
لقد عرفت مصر التداخل بين السلطة ورجال الدين لآلاف السنين، ولكن نظراً لطبيعة التعددية في الديانات المصرية القديمة، وجدنا أن لكل إقليم Nome عقيدته الخاصة، وتصاهرت الديانات وانصهرت في بانثيون كبير قوامه التعددية ... فالاختلافات بين العقائد الأرضية لأوزوريس وهي ديانة عامة الشعب وخاصة في الدلتا، والعقائد السماوية الشمسية لرع ومنبتها أون وكانت ديانة النخبة الحاكمة في الدولة القديمة، أوجدت نوعاً من الصراع السلمي، كانت نتيجته في النهاية توافق رأينا معه أوزوريس يدخل في متون الأهرام ويمسك بالسلم الذي يرتقيه الملك المتوفي إلى السماء، قرب نهاية الدولة القديمة، بعد أن كانت نصوص الأهرام القديمة تحذر الميت من أوزوريس ...
نفس الشيء حدث بين رع وآمون الذي كان في البداية إلهاً مغموراً طيبياً (الأقصر وما حولها)، فارتفعت أسهم آمون في الدولة الوسطى مع انتقال بيت الملك إلى ملوك طيبة، ثم تمازج آمون مع رع في ثنائية آمون-رع، في توافق جديد ...
وفي لحظة ما، رأينا أخناتون في الدولة الحديثة يقصي كل تلك الآلهة ويقدم معبوداً جديداً، هو آتون، وهو مشتق من إله الشمس القديم أتوم ... وجاء هذا ليعصف بالتعددية، وانتقل الحكم إلى تل العمارنة، وشهدت البلاد اضطرابات كثيرة، انتهت بأن عادت مصر مرة أخرى إلى التعددية والاحتواء، ورأينا كيف تغير اسم توت-عنخ-آتون إلى توت-عنخ-آمون ...
وعندما حاولت الإمبراطورية الرومانية فرض المسيحية، بل فرض "نسخة معينة من الديانة المسيحية" على الشعب، رأينا حمامات الدم التي اجتاحت البلاد وعانى منها غير المسيحيين، من ظلوا على ديانات مصر القديمة، أو الغنوصيين، أو الهرمزيين، و اليهود، بل والمسيحيين الذي آمنوا بمذهب آريوس السكندري وغيرهم من الذين اعتبرتهم الكنيسة مهرطقين، فعانوا من اضطهاد غير مسبوق ...
نفس الشيء عانى منه المسيحيون بعد الغزو العربي، الذي جعل من الإسلام الدين الرسمي للدولة، فقد أصبح أهل البلاد الذين بقوا على دينهم الأصلي، "ذميين"، مواطنين درجة ثانية، وحوصروا بطرق اقتصادية واجتماعية وإدارية شتى، وشعروا بالاضطهاد، مثل أجدادهم المسيحيين تحت الحكم الروماني قبل أن تصبح المسيحية الديانة الرسمية للدولة، أو غير المسيحيين بعدها ...
إذن، دروس التاريخ علمتنا أن التداخل بين الدين والسياسة قد أدى إلى مشاكل كثيرة في الماضي وفي الحاضر. أما في المستقبل، ومع الوعي المتنام بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة، فإن فكرة الدولة الدينية، سواء إسلامية أو مسيحية لن تكون مقبولة لأصحاب الديانات الأخرى، بل وربما المذاهب الأخرى في نفس الديانة، فيؤدي هذا إلى عدم استقرار في الحكم، وغالباً ما يؤدي إلى تقسيم البلاد، مثلما رأينا في جنوب السودان ...
وهذا ما لا نتمناه ...
ومنذ أسابيع قليلة، رأينا أحد القادة الدينيين للشيعة في العراق، يطالب بأن تصبح الدولة مدنية علمانية، لا تفرق بين رعاياها السنة أو الشيعة، لأنه اكتشف أن الدولة المدنية العلمانية، هي الوحيدة التي يمكن أن توفر حرية العقيدة على أرض الواقع لكل رعاياها، أما الدولة التي تتسربل بغطاء ديني محدد، فإن هذا يأتي بالضرورة ومن الممارسة والتاريخ، على حساب أصحاب الديانات أو المذاهب الأخرى، فيعصف باستقرار البلاد وأمنها، ويعرضها لمخاطر الحرب الأهلية والتقسيم
ومن هنا، فإن الإخوان مثلاً أو غيرهم، لهم كل الحق في أن يكونوا الحزب الذي يريدونه، بشرط أن يتبنوا في برامجهم، فكرة الدولة المدنية حقيقة وليس من باب التقية، وقد بينا في مقال سابق، أن برنامج الإخوان قد تشدق بالمواطنة، ولكنه عصف بها في كل بند من بنوده، الذي يشبه في الحقيقة فكرة الدولة الدينية، حيث الحاكمية لله، وليست للشعب
ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.
وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.
وفكرة الحاكمية الإلهية، هي فكرة مضللة، لأن الله سبحانه لن يبعث بوحي ليرشد "البشر" إلى السياسات والقوانين، فهيئة كبار العلماء مهما اتسعت، ما هي في النهاية إلا هيئة بشرية، ولكنها تدعي حاكمية الله، وتقف بين الله والبشر، في كهنوت غير مقبول
حاكمية الله، التي يدعو بها سراً أو جهراً دعاة الدولة الدينية، هي عكس الديمقراطية، التي تدعي أن الشعب، هو مصدر السلطة والتشريع والقانون
المواطنة الحقة، والدولة المدنية، هي جزء أساسي وعمود ركين في منظومة ومفهوم الديمقراطية، فمن غير المنطقي، أن نسعى لاستخدام الديمقراطية في الوصول للحكم، ثم نهدم أركانها، لأننا حينئذ نهدم المبنى كله على من فيه، فنكون من الخاسرين. والديمقراطية هي الضمانة الحقيقية لتداول السلطة، والحكم الرشيد، والفصل بين السلطات، والقضاء على الاستبداد والفساد، والعدالة بين كل أفراد الشعب، أياً كان معتقد، أو لون، أو جنس أي فرد فيهم
Saturday, August 09, 2008
Against God-State 3
بعد نشر المقال السابق بعنوان "إعلان حرب على الهوية المصرية" الذي ناقش برنامج الإخوان من زاوية تعريف الهوية الوطنية على أساس ديني، تلقيت العديد من المكالمات والرسائل القصيرة المؤيدة على طول الخط، كما جاءت بعض ردود الأفعال معارضة رغم أن معظم أصحابها يحسبون أنفسهم على التيار الليبرالي المصري. ورأى الناقدون أن المقال حمل في طياته توجهاً إقصائياً للإخوان، وهم أكثر الفصائل "السياسية" تنظيماً وتأثيراً وأغزرها تمويلاً وأعتدها تسليحاً، وأعمقها اختراقاً للمجتمع المصري تحت ستار الدين. والواقع يفرض علينا أن نعترف أن الإخوان بطبيعة تكوينهم السري الخلوي تحت-الأرضي، قد استطاعوا أن يقيموا دولة موازية، رئيسها هو المرشد العام، دولة نمت وترعرت في الظل، ظل نظام احتكاري سلطوي، يجتهد لاستئصال أي بدائل سياسية شرعية، نظام فشل في توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لقطاعات واسعة من المصريين، فتمتعت دولة الإخوان الموازية، دولة الظل، بسيطرة غير مسبوقة على النقابات والجامعات والعمل الاجتماعي والسياسي، وامتد تأثيرها ليخترق العديد من الدوائر الحساسة مثل مجلس الشعب ومنظومات الثقافة والإعلام والتعليم والعدل وصولاً إلى الجهاز الأمني نفسه!
وأود أن أوضح أنني أعني تماماً ما قلته، وأؤكد على إيماني بحق كل فرد أو فصيل مصري أن يمارس السياسة ويطرح نفسه وأفكاره كبديل لنظام الحكم الحالي أو المستقبلي أياً كان، بشرط وحيد، وهو أن يعترف بمصر وبالهوية المصرية، فالمتأمركون الذين قد يرون مثلاً أن مصر عليها أن تتبنى الهوية الأمريكية وتنصاع للإدارة الأمريكية على طول الخط، فتصبح عملياً مستعمرة أمريكية، بينما هم يحصلون على الدعم والتمويل من تلك الدولة الأجنبية، لا يمكن أن نعتبرهم سوى عملاء لمن يمولونهم ويوكلونهم في الدفاع عن مصالحهم.
وبنفس المنطق، عندما نرى برنامج فصيل سياسي يحاول طمس ودفن الهوية المصرية، والمجاهرة بأنه "طز في مصر" وأن هويتها هي هوية دينية في الأساس، ويعلن علينا مشروعاً استعمارياً في برنامج يتحدث عن الهوية الدينية لمصر عشرات المرات، بينما لم يتحدث مرة واحدة عن الهوية المصرية، فهذا الفصيل مهما كانت قوته وعمق اختراقه للمجتمع، هو فصيل استعماري، لا يؤمن بالمصلحة القومية، لأنه لا يعترف بالقومية من الأساس، ويجب التصدي له بكل حزم وحسم وقوة مهما كانت العواقب، لأن خطره يتمثل في المشروع الاستعماري الثقافي والفكري الذي يروج له تحت ستار الدين. والخطر في هذا التوجه نحو تعريف الهوية الوطنية من منطلق ديني يكمن في أنه ينسف فكرة المواطنة المصرية، ويقسم المصريين إلى طائفتين، طائفة المسلمين وطائفة غير المسلمين، مما يهدد بكارثة كبرى، هي تقسيم مصر إلى دولتين، دولة إسلامية في الشمال، ودولة مسيحية في جزء من الصعيد، ولا يجب أن يتعجب أي شخص عاقل إذا خرج علينا فصيل آخر مضاد، يدعو لقومية مسيحية، لأنه لا يوافق على أن ينتمي سياسياً لدولة ذات هوية إسلامية على أرض مصر.
وقد رأينا بالفعل البوادر والأدلة الدموية لهذا الخطر، منذ أن بدأ السادات يستخدم التيار الديني السياسي في مجابهة التيارات الناصرية والقومية واليسارية في مصر في السبعينيات، وشاهدنا ونحن غفاة كيف تصاعدت أعمال العنف الطائفي بين مسلمين ومسيحيين مصريين، لأن التيار السياسي الإسلامي عندما ينادي بهوية مصرية إسلامية، فهو بهذا ينسف أساس الوحدة المصرية التي تساوي بين المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم من أصحاب الملل والمذاهب المختلفة، في ظل هوية واحدة هي الهوية المصرية. وفي الواقع فإن الكارثة الثانية تقع على المسلمين أنفسهم، الذين سوف يصبح عليهم أن يعتنقوا النسخة "الرسمية" من الإسلام الذي تمليه عليهم الدولة الإله، من خلال هيئة كبار العلماء، رغم أن الدين، أي دين، هو عقيدة شخصية في ظل غياب أي تفويض إلهي لأي شخص في أن يحتكر التفسير أو التنظير الديني والفقهي. وهذا قد يعني قيام دولة ثالثة على أرض مصر، سكانها من المسلمين والمسيحيين الذي يرفضون أن يقسموا الولاء للدولة الإله، سواء دانت بالهوية الإسلامية أو المسيحية، وأصارحكم القول بأنني سوف أكون من مواطني تلك الجمهورية الثالثة، وسوف أحارب بكل قوة إذا استدعى الأمر للحفاظ على هويتي المصرية والحصول على كامل حريتي السياسية والفكرية والدينية بعيداً عن سيطرة الدولة الإله!
إن الإخوان المسلمين الذين يخضعون لسلطان المرشد العام أو الرئيس الموازي، عليهم أن يعلنوا اختيارهم اليوم بكل وضوح، إما مع مصر أو ضد مصر، وهو قد يبدو من ناحيتي اتجاها متطرفاً في ثنائيته واختزاله للبدائل، ولكن عندما نتحدث عن موضوع محوري مثل الهوية القومية، فلا أرى بدائل أخرى، رغم أنني أعلنت أيضاً ترحيبي بدوائر ثانوية للهوية الأوسع، سواء عربية أو بحر- متوسطية أو نيلية أو أفريقية، بشرط أن تكون دائرة المركز المتفق عليها هي الهوية المصرية. وقد سعدت حقاً عندما وجدت مجموعات مستنيرة من شباب الإخوان يجاهرون برفض برنامج الجماعة ومرشدها، وأرى أنه على الجماعة في الواقع أن تستغنى عن لقب "المرشد" ومكتب "الإرشاد"، وتستبدله بالرئيس أو الزعيم ومكتب القيادة أو اللجنة المركزية مثلاً، لأن كلمة المرشد في حد ذاتها، وهي تذكرني بوزارة الإرشاد القومي في الستينيات، تحمل في طياتها إيحاءً بتأليه وقدسية شخص أو هيئة، يختصه الإله بالألهام والرشاد وحده، ويصبح عليه أن يرشد من حوله، باعتباره معبر الرشد والحكمة الإلهية، الذي يمتلك حصرياً وصلة إلهية خاصة به، وباعتبار من حوله جهلاء ناقصي الرشد والأهلية، وهو توجه فوقي سلطوي بابوي، يوضح أن ما تتحدث عنه الجماعة من ديمقراطية هو "هراء" من باب التجمل والتزين والنفاق والتقية، لأن الديمقراطية تعني أن يخضع الجميع بما فيهم الرئيس لرأي الأغلبية مع الحفاظ على حقوق الأقلية، أما الإرشاد، فيوحي بوجود هذه الوصلة الإلهية الحصرية التي يتعين على الجميع الاعتراف بها والانصياع لصاحبها أو مدعيها.
إن الخيار الإخواني الذي يطرح نفسه على الإخوان اليوم في مفترق طرق تاريخي، يشبه إلى حد كبير الخيار الإسرائيلي الذي يتعين على الشعب الإسرائيلي أن يتخذه، فإسرائيل التي تدعي أنها دولة ديمقراطية، هي دولة دينية على أرض الواقع، لأنها تعطي حق المواطنة لأي يهودي في العالم مهما كان مكان مولده، بينما تنكر حق المواطنة والعودة للفلسطينيين الذي ولدوا وأباؤهم وأجدادهم على نفس الأرض التي تحكمها إسرائيل اليوم، ويصبح على إسرائيل أن تختار، إما أن تكون دولة يهودية أو تكون دولة ديمقراطية لأن النقيضين لا يجتمعان على سلم المواطنة بنفس المنطق الذي ذكرناه. والإخوان أيضاً عليهم أن يعلنوا بكل صراحة، هل يؤمنون بالهوية المصرية كأساس للمواطنة، وبالديمقراطية كأساس للحكم، أم يؤمنون بالطائفية والهوية الدينية كأساس للمواطنة، وبالإرشاد الإلهي كأساس للحكم وسن القوانين والسياسات، سواء جاء هذا الإرشاد عن طريق الوصلة الإلهية الحصرية للمرشد، أو عن طريق شبكة الوصلات الحصرية لمكتب الإرشاد أو هيئة كبار علماء الدين.
أما المسلمون الذي ينتظرون تلقي التوجيه السياسي من أية قيادة دينية، والمسيحيون الذين ينتظرون تلقي التوجيه السياسي من البابا مع كل إجلالنا لمثل تلك القيادات الروحية، فأقول لهم، أنتم ترتكبون جرماً فاحشاً في حق وطن وأمة تمتعت بالوحدة السياسية على مدى 5200 عاماً، ومن العار أن نفتت وحدتها اليوم في نوبة أو "وردية" حراستنا القصيرة والمؤقتة لهذا الوطن وهذه الأمة.
عزيزي فخامة الرئيس الموازي، رئيس جماعة الإخوان المسلمين، من حقك ومن حق الجماعة أن تمارس السياسة، وتتغلغل في النقابات والجامعات والجمعيات والمجالس وكافة مؤسسات الوطن مثل أي شخص أو حزب آخر لديه طموح سياسي، بشرط واحد عادل وصريح، وهو أن تعترف بالهوية المصرية كأساس لعملك وطموحك السياسي، أما إذا كنت تصر على أنه لا توجد هوية مصرية من الأساس، فهنا مع كامل احترامي أنت تصبح ضيفاً علينا في مصر، وأطلب منك بكل أدب وتجلة واحترام، أن تتوقف فوراً ودون إبطاء عن الترويج للهوية الدينية كأساس للمواطنة في مصر، لأن ما تفعله يضر الدولة والأمة التي اخترت أنت أن تحل عليها ضيفاً بأفكارك الاستعمارية، وأؤكد لك أن المصريين إذا كانوا طيبين و"على نياتهم"، فقد تعلموا من طول تعاملهم مع الغزاة الناهبين والرعاة المغيرين والولاة قساة القلوب الظالمين أن يحافظوا على استقلالهم الذي فقدوه لما يزيد عن ألفي عام تدهور خلالها وضعهم الحضاري من القمة إلى الحضيض، واعلم فخامة الرئيس الموازي بكل حب، أنه كما للضيف حقه في الإكرام فللمضيف حقه في الاحترام.
وائل نوارة
المصري اليوم
5 ديسمبر
2007
ص
13
Against God-State 2
أعلنت في المقال السابق (ضد الدولة الإله) اعتراضي الصريح على تغول سلطان الدولة التي تتسربل بالغطاء الديني لتتقمص دور الإله زوراً وبهتاناً، فتتنامى سلطاتها بصورة شمولية على حساب حريات مواطنيها. وقد جاء موضوع "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.
ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.
وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.
إن الأساس في الهوية القومية هي شعور "بالزمالة" والاشتراك في المصلحة الوطنية، بناء على اشتراك في معظم أو كل العوامل التي تحدد الهوية، من عرق، ودين، ولغة، وأرض، وثقافة وطريقة حياة بتفاعلاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، دون التركيز على عنصر واحد فيأتي تعريف الهوية عنصرياً متحيزاً للعرق أو الدين مثلاً على حساب باقي العناصر التي تشكل في مجملها تعريف الهوية القومية. فلا يعقل مثلاً أن يكون الماليزي المسلم أقرب للمصري المسلم من المصري المسيحي. والهوية المصرية، هي هوية راسخة، تشكلت ونضجت قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام بآلاف السنين، والمصريون أمة، يشترك أعضاؤها في ميراث حضاري وثقافي وديني وأخلاقي ولغوي متميز. فاللغة العامية المصرية مثلاً تحتوي على آلاف الكلمات والتعبيرات والتراكيب المشتقة أساساً من لغة الأجداد، والعرق المصري لم يتأثر تقريباً بموجات الغزو الفارسي أو اليوناني أو الروماني أو العربي، طبقاً للأبحاث الجينية التي أثبتت أن التركيب الجيني للعمال المصريين الذين بنوا الأهرامات منذ 4600 يكاد يتطابق مع التركيب الجيني للمصريين الذين يعيشون على أرض مصر اليوم، وحتى الدين المسيحي والإسلامي، يشتركان مع الأديان المصرية القديمة في آلاف القيم والتفاصيل والطقوس، بما جعل بعض المفكرين الإسلاميين يقولون أن أوزوريس ما هو إلا النبي إدريس مثلاً. وعبر القرون، نجد أن مصر قد احتضنت المسيحية والإسلام، واستوعبتهما، ومصرتهما بصبغة مصرية خالصة، وسطية معتدلة، وأعادت تصديرهما للعالم من خلال مؤسساتها الدينية التي تشع نورها الروحي في الشرق والغرب.
إن الحرب على الهوية المصرية لم تبدأ اليوم، بل بدأتها الجماعات المتأسلمة منذ عدة عقود، تغلغلت خلالها في المجتمع بجامعاته ونقاباته ومؤسساته التعليمية والثقافية والخيرية، في محاولة لطمس الهوية المصرية. فقد حاربت تلك الجماعات مثلاً الاحتفالات المصرية والعادات المصرية، فانتشرت الأزياء التي ترمز لهذا التغلغل مثل الجلباب الأفغاني، والنقاب، والخمار، وإطالة الذقون، وحلق الشارب، أما الاحتفال بالمولود الجديد على سبيل المثال فقد غيروا اسمه من "سبوع" إلى "عقيقة"، مع تحريم الاحتفال بعيد شم النسيم باعتباره عيداً وثنياً، وتحريم الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية باعتباره تقليداً مسيحياً، وأن الأعياد المعترف بها هي عيدي الفطر وعيد الأضحى فقط. وهكذا، استمرت الحرب المستترة على الهوية المصرية، تتمسح برداء الدين والدين منها براء، وتبث سموم الكره والفرقة بين المصريين، مما نتج عنه تصاعد للمد الطائفي، والمواجهات العنيفة بين أبناء الوطن الواحد نتيجة لخلخلة الأساس الذي تستند إليه الوحدة الوطنية، وهو الهوية المصرية، ومحاولة استبداله بأساس ديني طائفي للهوية، إلى أن جاء إعلان البرنامج المنسوب للإخوان، ليعلن الحرب على الهوية المصرية بصورة رسمية.
ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من هذه الحرب، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.
إن برنامج الإخوان، هو مانفستو للغزو الثقافي باستغلال الدين، وتعبير صارخ عن الحرب على الهوية المصرية، التي تعرضت لحالة من العدوان الشامل عليها خلال نصف قرن، تحت دعاوى القومية العربية أو الهوية الإسلامية، وحان الوقت لكي يستيقظ الشعب المصري من سباته، ليواجه هذا العدوان، ويؤكد هويته المصرية القومية، دون أن يعني هذا تخليه عن عقيدته، ليوقف هذا الغزو الفكري المنظم، من أولئك الذين يضعون شعاراً لهم "طظ في مصر". لقد سمعنا بعد انتخابات البرلمان في عام 2005 عن مانفستو آخر منسوب للإخوان بعنوان "الفتح الثاني لمصر"، وهاج الإخوان وماجوا، وأنكروا أن يكونوا قد أصدروا هذا المانفستو، وادعوا أن الأمن قد دسه عليهم، ولكن ها هو برنامج الإخوان يأتي في 128 صفحة خالية من أي ذكر للهوية المصرية، بينما تذكر فيه الهوية الإسلامية ودولة الوحدة الإسلامية عشرات المرات، فهل هذا البرنامج أيضاً مدسوس عليهم من الأمن؟ نتمنى ذلك وننتظر توضيحاً رسمياً منهم في هذا الصدد.
نحن لسنا دعاة للشوفونية القومية أو العزلة، ونؤمن بأهمية تحالف مصر مع أخواتها الدول العربية ودخول الجميع في منظومة تكاملية في الوقت المناسب، ولكن التعاون والتحالف وحتى الاتحاد لا يمكن أن يحدث قبل أن نتحد أولاً مع أنفسنا، ونعرف من نحن، وننبذ الطائفية الدينية المقيتة، فكيف نتحد مع الآخرين في الخارج، إذا كان دعاة التعصب الديني يضربون أساس وحدتنا من الداخل، وهو هويتنا المصرية؟
إن تفرد الهوية المصرية واضح، وهو مجال لمئات الكتب والأبحاث، ومع ذلك لا ننكر اشتراكنا مع الآخرين في بعض عوامل الهوية، عبر دوائر أوسع، سواء كان هؤلاء الآخرون عرباً أم مسلمين أم أفارقة أم يونان أم طليان. فأهل الدنمارك على سبيل المثال يعتزون بهويتهم القومية، ومع هذا هم على الأوسع اسكندنافيون، وعلى الأشمل أوروبيون، ومصر قد تكون عربية وبحر أوسطية ولكنها في الأساس مصرية.
والتأمل في السياق التاريخي، والبحث في الدلائل الجغرافية والتاريخية والعرقية والحضارية واللغوية، والنظر في الواقع الأليم الذي نحن فيه بعد 23 قرن من الاحتلال الأجنبي، ووضع رؤية للمستقبل الذي نتمناه، يجعلنا نسأل أنفسنا: إذا كان بيدنا اليوم أن نعيد تعريف الهوية المصرية، ولدينا بعض المنابع الحضارية التي نشترك فيها مع الآخرين ... عربية ... بحر متوسطية ... إسلامية، ومنبعاً أصيلاً عميقاً لا آخر له، نتفرد به عن العالم أجمع، ونتباهى به في كل مناسبة وبدون مناسبة، لا ينازعنا فيه أحد، وهو أيضاً منبع المنابع الحضارية في العالم أجمع، منبع الحضارة المصرية، أم الحضارات في العالم القديم وأصل الحضارة الحديثة، فماذا نأخذ من هنا وماذا نأخذ من هناك، لأن الهوية كما هي قدرية في بعض أجزائها، فهي اختيارية في أجزاء أخرى، ويحضرني هنا قول رينان Renan في أواخر القرن التاسع عشر "الهوية هي أن نعي أننا فعلنا الكثير من الأشياء العظيمة مع بعضنا البعض، وأننا نتطلع لعمل المزيد منها معا"، فهذا ولا شك يجعلنا نتمسك بهويتنا المصرية التي نتفرد بها عن كافة أمم الأرض.
إخواني من تحاولون اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، وتفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية، أدعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، إن كان في قلوبكم مكان يتسع لهوية مصرية. أما إذا كنتم لا تظنون أن هناك هوية مصرية من الأساس، فأهلا بكم أيها الأشقاء على أرض مصر، لأننا شعب مضياف، يرحب بكم ضيوفاً أعزاءً في وطننا مصر، ونرجوكم وأنتم ضيوف لدينا، أن تكفوا عن إشعال نار الفتنة الطائفية تحت دعاوى الهوية الدينية، ومن باب إكرام الضيف، نعدكم بأن نعرفكم على هويتنا المصرية التي لا تفرق بين مسلم أو مسيحي على أرض هذا الوطن، مصر، كيمي أو كيميت، في مقالات قادمة بإذن الله.
وائل نوارة
*****
نشرت في المصري اليوم
15 نوفمبر 2007
Friday, August 08, 2008
A Message to HG Bishop Thomas
المبجل نيافة الأنبا توماس
نحترم سيادتك
كإنسان
وكمصري
ونجل نيافتك كرجل دين
احتراماً لآخرين يدينون بذلك الدين
لكن الأب توماس، سيادتك، تدخلت في شيء يهمنا
وهو مسألة الهوية المصرية
ويهمني أن أعلمك أننا وآخرين قد بدأنا مبادرات عديدة
هنا على الفيسبوك منذ حوالي سنة
لإعادة قراءة التاريخ المصري
سمينا إحدى هذه المبادرات
مصر تتذكر
Egypt Remembers
وهي مبادرة هدفها إعادة تنشيط
الذاكرة المصرية
من وجهة نظر مصرية
لإزالة التزييف التاريخي الذي دسه علينا العبرانيون
واليونان
والرومان
والعرب
والأتراك
والأوروبيين
ولا يخفى عليكم
أننا قد وجدنا الكثير مما تم التعتيم عليه
وجدنا أن العبرانيين قد اختلسوا تراث المصريين في كتبهم
ثم عادوا يحقرون من المصريين
في ذات الكتب وأورثونا هذا عبر المسيحية والإسلام
ولا يخفى عليكم الاضطهاد الذي تعرض له أجدادنا
المسيحيين على أيدي الرومان
والاضطهاد الذي تعرض له أجدادنا
من أتباع عقيدة أوزوريس وإيزيس ورع وآمون وسيرابيس
على أيدي بعض رجال الكنيسة المتعصبين
والاضطهاد الذي تعرض له أجدادنا من الأريوسيين
لا لشيء سوى لأنهم تجرءوا واختلفوا في بعض تفاصيل العقيدة
وآمنوا مثلاً بأن طبيعة المسيح بشرية
كلهم تعرضوا للاضطهاد
على يد بعض بطاركة كنيسة الأسكندرية
الذين أمروا بهدم معابدنا
ومنعوا الكتابة
بالحروف الهيروغليفية
للغتنا
نتذكر جيداً الاضطهاد الذي تعرض له
أجدادنا المسيحيون على أيدي حكام من أمثال الحاكم بأمر الله
ونتذكر لغتنا القبطية التي حوصرت من قبل الغازين العرب
ونحاول أن نتعلمها ونعلمها لأبنائنا
والخلاصة فيما أقصده
حتى لا أطيل على نيافتكم
لقد عانى أجدادنا من تديين السياسة
وتسييس الدين
وتدخل رجال الدين ورجال السياسة في شئون العقيدة للآخرين
فأن يأتي الأب توماس
سيادتك
الآن
ويعلن علينا
بأن المصريين الذين اعتنقوا الإسلام
مثلاً
قد تحولوا عن هويتهم المصرية
هنا نقول للأب توماس
سيادتك
كما قلنا للأب مهدي عاكف من قبل
بكل تجلة واحترام وحب
وأدب
مصر ليست ملكك حتى تخرج البعض
من هويتها أو تدخل البعض الآخر في هويتها
وعليك أن تعلم
بكل حب
أن مصر قبل أن تكون مسلمة أو مسيحية
فقد استمرت تحتضن أديان أوزوريس وإيزيس
وآمون ورع وسيرابيس لمدة 4500 سنة
يعني المسيحية والإسلام والديانات الإبراهيمية كلها
لم تمكث في مصر سوى ما يزيد قليلاً عن 2000 سنة
مقابل 4500 سنة لأديان أخرى رأينا معها
مصر ترتفع لقمة الحضارة ورأينا معها التسامح والتعددية
عدا فترات قصيرة حاول فيها البعض فرض ديانة واحدة مثل أخناتون
ولكن التعددية عادت لمصر بموته
وبكل حب
نرجو منك أن تفهم جيداً
أن مصر ليست مسيحية
وليست إسلامية
وليست يهودية
مصر مصرية
وسوف نقدر ابتعادك عن السياسة
كما سوف نقدر ابتعاد رجال الدين الإسلامي
أيضاً عن السياسة
وابتعاد السياسيين عن تديين السياسة وشئون الحكم
أو مراقبة عقائد المواطنين المصريين
أو التفتيش في ضمائرهم
وشكراً
وائل نوارة
مقتطفات من نص كلمة الأنبا توماس في معهد هدسنHudson Institute
"أشكركم جزيلاً لأجل هذه الدعوة، وأشكر المعهد من أجل الجهود التي يبذلها من اجل التوعية وتحقيق العدل للجميع.
حين يسمع الناس كلمة "قبطي"، كثيراً ما لا يفهمون معنى الكلمة، فمن هم الأقباط؟ ولماذا يُدعون هكذا؟
ولهذا شعرت أنه من الأهمية أن أبدأ بشرح أصل الكلمة ولماذا نُدعى "أقباط"، وهذا الشرح قد يخبركم بعض الشيء عن المعضلة التي نواجهها.
مصر كانت تدعى دائماً "إجيبتوس" وكان الجميع يعرفونها بهذا الإسم، وفي القرن السابع حدث تغيير في الإسم وفي البلاد ذاتها، حين جاء العرب لمصر أو بالأحرى حين قاموا بغزوها. لم يستطعوا نطق كلمة "إجيبتوس" بسبب الفروق اللغوية فغيروها الى "جبت" بعد أن اقتطعوا حرف "إ" و مقطع "أوس" وهكذا أصبحت إجيبتوس "جبت"، واستخدموا القاف فاصبحت "قبط.."
وكان كل من في البلد يدعون أقباطا، ولكن بالتدريج، قام بعض الناس - لأسباب معينة سواء كانت الضرائب أو الضغوط من أي نوع أو الطموحات والرغبة في التعامل مع القادة أو الحكام - بالتحول للإسلام. هؤلاء الذين تحولوا (للإسلام) لم يعودوا بعد أقباطا، بل أصبحوا شيئا أخر ...والذين ظلوا مسيحيين هم الذين (كانوا) يدعون أقباط. وهنا سأتوقف وأضع علامة استفهام، ما الذي يجعل شخصا يغير هوية وطنه بأكمله؟ وأن يحول مركز الهوية من مصر ليصبح العرب، وبالرغم من أن الشعب والأفراد ظلوا كما هم من الناحية العرقية إلا أنهم لم يعودوا أقباطا... وهذه علامة استفهام كبيرة، وسبب كبير فيما يحدث الآن.. مصر كانت دائما بؤرة التركيز للأقباط ، فهي هويتنا، وطننا، أرضنا، لغتنا وثقافتنا، ولكن حين تحول بعض المصريين للإسلام، فإن بؤرة الإهتمام والتركيز عندهم تغيرت وبدلا من أن يكون الوطن في الداخل هو مركز الإهتمام، أصبحت شبه الجزيرة العربية المركز، وبدلا من أن ينظروا إلي حيث هم راحوا ينظرون وجهة أخري ولن يعودوا يسمون أقباطا وهذه نقلة كبيرة، كما أنها سبب هام للغاية فيما يحدث الآن.. هل هم حقا أقباط أم أصبحوا فعليا عربا؟ ولهذا تترك علامة استفهام كبيرة هنا. فإذا توجهت لشخص قبطي وقلت له إنه عربي فإن هذه تعتبر إساءة، بصورة ما، لأننا لسنا عربا بل مصريين وسعداء بكوننا مصريين ولن أقبل أن أكون عربيا. فمن ناحية أنا لست عربيا عرقا. وثانيا أنا أتكلم العربية، ومن الزاوية السياسية أنا جزء من بلد تم "تعريبه"، وأصبح ينتمي سياسيا للبلاد العربية ولكن كل هذا لا يجعل المرء عربيا.
لكن الموقف يختلف مع مواطن آخر يحيا في مصر ولكنه ليس "قبطيا" بنفس المعنى الذي شرحته، فقد أصبح الأمر بالنسبة له مختلفا إذ يعتبر نفسه منتميا لهوية أخرى مركزها في شبه الجزيرة العربية. لقد تحولت هوية الأمة وأصبح الإنتماء هو للعروبة وللمنطقة التي تتحدث بالعربية. وهذا يعني أنه إذا لم تكن تنتمي لهذه الهوية أو الجماعة، فأين يقع مكانك في المجتمع العربي؟ أنت داخله وخارجه، تنتمي ولا تنتمي، وهذه هي المعضلة الكبيرة التي يواجهها الأقباط الذين تمسكوا بديانتهم المسيحية بل بالأحرى بهويتهم كمصريين، وبثقافتهم، محاولين الإحتفاظ باللغة والموسيقى والتقويم القبطي، مما يعني أن التراث الثقافي للمصريين القدماء ما زال باقيا، بينما في ذات الوقت فإن إخواننا في الوطن قد تخلوا عنه من أجل ثقافة أخرى. هذا يعني أن هناك عملية تعريب مستمرة تحدث لهذا الوطن، بدأت منذ قرون، منذ القرن السابع، ومازالت جارية حتى الآن. يمكننا أن نقول أيضا أن هذا جزء من المعضلة، وفي نفس الوقت فإن الأسلمة هي معضلة أخرى بدأت منذ فترة ولا تزال تحمل معها العديد من المشاكل حتى الآن.Source of Translation for HG Bishop Thomas' Speech
http://www.freecopts.net/arabic/arabic/content/view/3912/1
Egypt Remembers Facebook Group
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=4967019140&ref=share
**********************
More than a 100 Comments on this Note at Facebook:
http://www.new.facebook.com/note.php?note_id=29171324433