بقلم : أحمد طه النقر
لماذا يكذب الإخوان؟!!
منذ إنشاء جماعة الإخوان المسلمين على يد المؤسس حسن البنا في عام 1928 ، ظل نشاطها الحقيقي ، وكل ما يتعلق بالتنظيم ومصادر التمويل واوجه الإنفاق ، سراً مطوياً لا يعرفه إلا رأس الجماعة ( المُرشد) وبعض المقربين اليه وذوو الحظوة من أعضاء مكتب الإرشاد ..وبقى هذا السر الدفين حتى اليوم بمثابة قدس الاقداس الذي يحرق كل من يحاول الإقتراب منه أو يدفعه الفضول الى مجرد طرح الأسئلة بشأنه ، لأن في ذلك تجاوزا لكل الخطوط الحمراء وخروجا على مبدأ السمع والطاعة..وفي العمل السري تباح كل المحظورات والرذائل والجرائم ، إبتداءً من الكذب وحتى قتل النفس دون وجه حق، على قاعدة أن " الضرورات تبيح المحظورات"..وقد تورط النظام الخاص الذي أنشأه البنا في عمليات إغتيال طالت سياسيين ووزراء وقضاة ، ولم تستثن عناصر من الجماعة شقت عصا الطاعة واعتبرت خطراً على التنظيم..
أما الكذب فكان ولايزال طقسا يوميا يُمارس كنوع من التقية (حيث يُضطر المرء لإظهار خلاف ما يبطن إذا استشعر خطراً يتهدد حياته أو عرضه أو ماله)..ولكن الكذب تحول الى عادة وسياسة ثابتة بعد أن تمكنت الجماعة من القفز الى سدة حكم البلاد عقب نجاحها في ركوب الثورة وإختطافها بمساعدة المجلس العسكري ، ورعاية الأمريكيين وبعض الانظمة النفطية..هنا سقطت كل الأقنعة التي كان يتخفى وراءها قادة الجماعة وكوادرها ، وكشفت عن وجه قبيح مراوغ طالما أخفته تحت شعارات المشاركة والتعايش والتوافق والحوار الوطني وقبول الآخر المختلف في الفكر والعقيدة..ولم يكتفوا بالكذب بل أضافوا اليه نقض الوعد وخيانة العهد..أعلنوا أنهم لن يتقدموا بمرشح رئاسي ثم تقدموا باثنين أحدهما رئيسي والآخر احتياطي..وطرح المرشح الإحتياطي برنامجا للنهضة لم يتحقق منه شيء ، كما قطع على نفسه وعودا للمائة يوم الاولى وفشل في إنجاز أي منها ..أما ثالثة الاثافي فكانت التعهدات التي التزم بها أمام ما سمى بالجبهة الوطنية التي ساندته قبل إعلان نتيجة الإنتخابات الرئاسية ، إذ تعهد لهم بستة التزامات مكتوبة لم يُنفذ منها شيئا ، وخاصة تعهده بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية المخولة بوضع مشروع الدستور الجديد بحيث تضم مختلف مكونات وأطياف المجتمع المصري ، وهو الإلتزام الذي كان تنفيذه كفيلا بإنقاذ البلاد من المأزق الذي حُشرت فيه ، ناهيك عن حمامات الدم وخطر التقسيم الذي بات أقرب الينا من أي وقت مضى!!..
وكنتُ أظن ، وبعض الظن إثم وغرور، أنني صاحب عبارة " يكذب كما يتنفس" ، وكنتُ أُطلقها على بعض الصحفيين والسياسيين وخاصة من قيادات الإخوان ، ولكنني اكتشفتُ مؤخراً أن قياديا إخوانيا قديما ردد هذه العبارة في وصف الإخوان المسلمين..ففي كتاب "سر المعبد" للقيادي الإخواني السابق المحامي البارز ثروت الخرباوي ، يقول إن محمد المأمون المحرزي ، وهو من قيادات محافظة قنا ، اتصل به من الكويت حيث يقيم منذ سنوات طويلة ، ليقول له " أنا يا إبني عشت عمري كله مع الإخوان ، آمنتُ بدعوتهم ونافحت عنهم وتوليت العديد من المهام الخطيرة في التنظيم ....ولكن عندما فرض الحاج مصطفى مشهور سيطرته على الجماعة تغيرت وانقلبت الى وجه آخر، وجه قبيح لا نعرفه ، الجماعة الموجودة الآن ليست هى جماعة الإخوان المسلمين..والحقيقة يا استاذ ثروت أنا لا اعرف كيف يصبر الإخوان على الإدارة الحالية التي تديرهم ..إنها إدارة كاذبة مخادعة فاشلة تكفيرية ، أضاعت الإخوان يوم أن ولغت في السياسة ، جريمة أن تستمر هذه الإدارة في مكانها ، لقد رأيتهم وهم يتحدثون في التليفزيون فرأيتُ الكذب يقفز منهم قفزاً ، إي وربي إنهم يكذبون كما يتنفسون، والمأساة يا أخي انهم يعرفون اننا نعرف كذبهم ولكنهم لا يأبهون ، هذه الإدارة تشكل فيما بينها جماعة (الإخوان الكاذبون)"!!..
وفي هذه الشهادة الكاشفة لواحد من جيل الرواد في الجماعة إشارة واضحة الى الإنقلاب القطبي (نسبة الى سيد قطب) على أفكار المؤسس حسن البنا والذي نفذه فريق مصطفى مشهور..وكان ابرز أعضاء هذا الفريق محمود عزت وخيرت الشاطر والدكتور محمد مرسي (الرئيس الحالي؟!!)..فرض مصطفى مشهور أفكاره ورجاله على التنظيم حتى دانت لهم الامور تماما..ولم يُخف هذا الرجل أبداً تبنيه لأفكار سيد قطب التي تكفر المجتمع المسلم وهى الافكار التي وصفها العلامة الكبير الشيخ يوسف القرضاوي بأنها "خروج عن أهل السنة والجماعة"، مؤكدا أن سيد قطب تأثر بأفكار الشيخ ابو الأعلى المودودي الى حد كبير وأخذ عنه فكرة الحاكمية والجاهلية ، ولكن قطب خرج في النهاية بنتائج عن تكفير المجتمع وجاهليته تختلف تماما عما قاله المودودي"..وهنا قامت قيامة القطبيين على الشيخ القرضاوي حتى إن الدكتور محمد مرسي اتهمه بالجهل باللغة العربية إذ قال نصا في حديث تليفزيوني "..ويجب لمن يقرأ لسيد قطب أن يتعلم اللغة العربية أولاً ، قلبي على القرضاوي الذي لا يعرف العربية ولا يُتقن غير التركستمانية ، فإذا عرف العربية سيعرف ان ما يقوله سيد قطب هو الإسلام"!!..(وسأترك للقراء التعليق على هذا التطاول على الشيخ القرضاوي من رجل لحن في القرآن الكريم عندما قرأ الآية الشهيرة إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء فرفع اسم الجلاله بدلاً من نصبه!!)..ولكي نتعرف أكثر على أفكار تيار القطبيين الجدد الذين يحكمون مصر الآن ، سأنقل لكم حرفيا رأي زعيمهم مصطفى مشهور وموقفه من المسيحيين المصريين ، إذ قال للمحامي البارز الاستاذ مختار نوح في حضور الخرباوي شخصيا إن " النصارى يجب أن يدفعوا الجزية ، ولا يجوز إدخالهم الجيش، فكيف يدخلون الجيش ويدافعون عن مشروعنا الإسلامي وهم لا يؤمنون بالإسلام ، الجزية رحمة بهم ، وهذا هو تشريع الله ، هل نغير من تشريع الله؟!"..بل أضاف "لا يجوز ان نقول عنهم مسيحيون فالله لم يقل عنهم هذا ، نصارى أو أقباط أو صليبيون..هؤلاء الاقباط ليسوا من اهل الكتاب بل هم من المشركين ، ولا يجوز الزواج منهم ولا أكل طعامهم..ولا يجوز ان نُلقي عليهم السلام ونقول لهم تحية الاسلام..السلام عليكم"!!..الغريب أن نفس هذا الرجل يعتبر اليهود أهل كتاب ، إذ حكى لي صديقي الكاتب الصحفي الكبير سعد هجرس أنه كان معتقلا مع الإخوان وأنه بعد نكسة 67 سمحت ظروف المعتقل ببعض الترفيه وذهب مع بعض المعتقلين اليساريين الى مصطفى مشهور ليعرضوا عليه إقامة مباراة كرة قدم بين فريق من اليساريين وآخر من الإخوان فرفض الزعيم الإخواني اللعب معهم بإعتبارهم ملحدين ، فما كان منهم إلا اللعب مع فريق من المعتقلين اليهود المصريين ..ولكن المفاجأة المدوية كانت قرار المعتقلين الإخوان بتشجيع الفريق اليهودي بحماس منقطع النظير ..وفي نهاية المباراة توجه سعد الى مشهور ليسأله مستغربا عن سر تشجيع اليهود وليس اليساريين فقال له مشهور "أليسوا أهل كتاب"؟!!..وفهم سعد أنه يقصد أن أهل الكتاب أحق بالتشجيع على أي حال من مُلحدين كفرة من اليساريين والشيوعيين!!..
أما آخر الشهادات التي أود إيداعها هذا المقال ، لوجه الله والتاريخ ، فهى شهادة المهندس أبو العلا ماضي الذي إنفصل عن الجماعة وقال للخرباوي إن "جماعة الإخوان مثل القطار الذي كان متجها الى مدينة ما فقام بعض الاشرار بإختطاف القطار وتغيير مساره"..وأضاف موضحا" تنظيم سيد قطب بدأ في السيطرة على الجماعة ، وهم ليسوا ابناء الفكرة الاصلية للإخوان ، ولكن لديهم رؤى خاصة بهم"!!..وأختم بشهادة الاستاذ عصام سلطان، وهو عضو سابق بالجماعة ، والذي قال ، فيما نقله عنه الخرباوي أيضا إن " جماعة الإخوان يقودها الآن مجموعة من الاغبياء الذين لا يفهمون ، ولو فهموا لماتوا" ، مضيفاً أن "الجماعة انتهت بوفاة الاستاذ عمر التلمساني ، ومن يدير الجماعة الآن هم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع"!!..
No comments:
Post a Comment