Sunday, May 06, 2012

من هو عازر ؟ #مصرتتذكر 2

خلفية تاريخية


منذ آلاف السنوات ، في عصور تسبق التاريخ المسجل بألفيات عديدة ، بدأت الهوية المصرية تأخذ شخصيتها المتفردة، نتيجة لتفاعل العوامل البيئية والجغرافية مع الإنسان القديم. فقد اكتشف المنقبون حضارة وادي القبانية (15-17 ألف عاماً قبل الميلاد) وحضارات مصرية أخرى لاحقة استخدمت منجل بدائي للحصاد وعرفت طحن الحبوب في الألفية العاشرة قبل الميلاد! ثم تبعتها حضارة اعتمدت على صيد الحيوانات والأسماك وجمع الثمار البرية باستخدام أدوات حجرية. وفي حوالي 8,000 قبل الميلاد، أي منذ 10,000 سنة، ربما كنتيجة للتغيرات المناخية وشح الأمطار، جفت المراعي الخضراء، وبدأت تفسح مكاناً للصحراء الكبرى التي نعرفها اليوم. والعديد من النظريات  تربط تكوين القرى الزراعية والمدن التي بدأت تظهر فيما بعد كنقاط جذب محورية على ضفاف النيل، بهذه التغيرات المناخية، التي أدت لجفاف المراعي الطبيعية في الصحراء الغربية، وما نتج عنها من هجرات جماعية إلى ضفاف النيل.

في هذه اللحظة التاريخية، التي تحول خلالها المصري القديم  من حضارة الصيد، وبدأ يبحث عن مصادر مستدامة للماء والثمر، خرجت بويضة الحضارة التي يعرفها العالم اليوم من رحم وادي النيل. فتدريجياً، بدأ المصري القديم ينتظم في مجتمعات زراعية تتميز بالاستقرار النسبي، واعتمدت حياة هذه المجتمعات على النهر كشريان للحياة نفسها. 

وفي مرحلة مبكرة، نجد الأساطير التي تتحدث عن أوزوريس (عازر  - عزير – آزر - أوزير)، الذي انتشل المصريين من حياة الغاب، حيث كان الإنسان في سبيل سعيه للبقاء، يأكل أخاه الإنسان ، فقادهم "عازر" من الوحشية إلى التحضر، عندما علم المصريين أثناء عصر حكمه الزراعة، وطحن القمح والشعير، وصناعة الخبز، وحفظ الفواكه عن طريق العصر وصناعة النبيذ. والأهم، وضع الداعية المصري "عازر" أول لبنات البناء الحضاري، عندما علم المصريين تقديس العدالة "ماعت" وأرشدهم إلى القوانين التي تنظم علاقاتهم بعضهم ببعض وبالمجتمع الجديد الذي بدأوا يضعون قواعده في أول حل حضاري عرفه التاريخ. وتذكر البرديات أن أوزوريس - "عازر" في نشر رسالته نادراً ما لجأ إلى القوة، إذ كان قادراً على أن ينشر أفكاره المتحضرة بقوة الكلمة وحسن الحديث، والموسيقى والترانيم الجميلة، فهو أول داعية وصاحب أول رسالة أخلاقية عرفها التاريخ. ومن المرجح أن أوزوريس - "عازر" كان أحد أمراء الدلتا، ومن المحتمل  أن يكون أوزوريس - "عازر" هو الذي استطاع أن يحقق الاتحاد الأول ويوحد الدلتا والصعيد حوالي 4200 ق.م. وبعض الباحثين يظن أن "عازر Aser أو أوزوريس" هو النبي إدريس، أو نوح أو أنه آدم نفسه . ومن المؤكد أن ديانة أوزوريس - "عازر" والديانات المصرية بصفة عامة، تمتعت بمجموعة ضخمة من العوامل المشتركة مع الديانات التي ظهرت فيما بعد. وعلى سبيل المثال، فديانات العرب في الجاهلية استعارت إيزيس من قدماء المصريين وسمتها "العُزى" Uzza وهي إحدى ثلاثة آلهة "اللات والعزى ومناة" يمثلن بنات الإله الأعظم لدى العرب قبل الإسلام، كما ظهر "عازر" كأحد آلهة أهل بالميرا – تدمر الأقدمين.


ومن العوامل المشتركة بين ديانات المصريين والديانات العبرانية وغيرها من الديانات التي انتشرت في الشرق القديم، يأتي تصوير عملية الخلق، ونزول آدم على الأرض (آتوم)، وخلق حواء من ضلع آدم (تي فنوت)، والبعث بعد الموت، وفكرة الأبدية، والحساب (وزن القلب) والسراط، والعقاب، وظهور فكرة التوحيد (أخناتون – موسى)، والثالوث المقدس (أوزوريس – إيزيس – حورس)، وقيام أوزوريس بعد موته ليضع نطفته في رحم إيزيس فتحمل حورس، وأيقونات السيدة مريم وهي تحمل يسوع الصغير على نفس نسق تمثال إيزيس وهي ترضع حورس الوليد، والرموز المقدسة مثل الصليب (عنخ - مفتاح النيل) والشمس والقمر والهلال (إياحة)، وكلمة "آمين"  وعلاقتها "بآمون Amen"، وقصة الأخوين قابيل وهابيل (أوزوريس وست )، والشيطان (ساتان – ست  Satan - Set)، والتشابه الكبير بين نصوص كتاب الموتى  والوصايا العشر، وبين أناشيد أخناتون ومزامير داود، وكتاب الأمثال – حكم سليمان (300 ق.م.) Book of Proverbs   الذي احتوى على نصوص مشتركة كثيرة  مع "تعاليم أمينيموبي" (1200 ق.م.)    Instructions of Amenemopet المتأثرة بدورها بحكمة بتاح-حوتب (2350 ق.م.)، وغيرها من آلاف الأدلة الساطعة على التأثير المصري في الإرث الروحي للعالم، مما جعل قطاعاً متنامياً من علماء التاريخ يرجع شخوص وأبطال وروايات بل وطقوس التراث العبراني لأصول واشتقاقات مصرية قديمة، وعلى سبيل المثال فإن برستيد  يقول أن الأساس الأخلاقي للحضارة الغربية لم يأت من العبرانيين بل كانوا معبراً له، وأنه قد وصل للغرب من قدماء المصريين عبر العبرانيين. ولا ننسى أن علوم المصريات Egyptology هي علوم حديثة نسبياً لم تبدأ بصورة جدية إلا بعد فك رموز حجر رشيد، الذي تحولت معه النقوش والمخطوطات من طلاسم مبهمة إلى سجلات تاريخية، توثق حياة المصريين القدماء والأوجه المختلفة لحضارتهم. وهذا لا يتعارض بالضرورة مع ما نؤمن به كمسلمين ومسيحيين، فمن الممكن أن عدداً كبيراً من الأنبياء المذكورين في الكتب المقدسة كانوا مصريين، وخاصة مع ما نعلمه من أن أرض كنعان خضعت للحكم المصري لفترات طويلة من تاريخها، وبالتالي فإن استعارة الأبطال القوميين والمصلحين من منطقة لأخرى داخل نطاق نفس الدولة هو أمر شائع في كل الثقافات، وفي النهاية لا يوجد سبب لأن يحتكر العبرانيون النبوة، سوى ما يشعرون به من أنهم "شعب الله المختار – أو أمة الله"!

إن قيام الإمبراطورية البيزنطية بحظر استخدام اللغة المصرية بنقوشها القديمة بدءاً من القرن الرابع والخامس الميلادي باعتبار تلك النقوش نصوصاً وثنية (وهي بالفعل كانت تعد عند المصريين "لغة الآلهة" أو "النصوص المقدسة")، كان مرسوماً بدفن الحضارة المصرية وهي حية، وفتح الباب واسعاً أمام التراث العبراني لينفرد بالملعب، ويضع وحده قواعد اللعبة وطرق التصنيف والفهرسة، فتسللت المنهجية العبرانية الاحتكارية إلى الوعي الإنساني وترسبت فيه تدريجياً. ولكن منذ اكتشاف مفتاح اللغة المصرية في القرن التاسع عشر، بدأ العالم يكتشف كل يوم جزءاً من الحقيقة، ويزيل طبقة من الغموض، ويوماً بعد يوم، بدأ العلماء يصححون الأسماء والأماكن والحقب الزمنية ومناهج التصنيف التاريخي واللغوي المبنية على الأسس العبرانية، بما يفسح مجالاً للاقتراب من الحقيقة، عبر التسجيلات الدقيقة للمصريين على كل لوحة أو مسلة أو حائط معبد أو مقبرة، وفي كل بردية تم اكتشافها.




**********************************


حواشي ومصادر ومراجع


  The majority of current thinking is that Osiris is pronounced Aser where the "A" is the letter ayin "ع".  

لا يزال اسم عازر يستخدم اليوم في مصر

  According to Diodore, "Osiris, who wanted to serve humanity and to acquire glory, gathered a great army and formed the project to traverse the whole inhabited land and to teach to human kind the art of planting the grapevine and sowing wheat and barley. Indeed, he thought that while removing men from the wild state, while making them adopt a regime of civilised life, he would be made, by the importance of these good deeds, worthy of immortal honors. And it is indeed what happened" (I, 17, 1-2). The text of Plutarch is similar: "During his reign, Osiris started by delivering the Egyptians from destitution and savagery, made them understand agriculture, gave them some laws and taught them to honor the gods, then he left by the whole world to bring civilization, without having, only rarely, to resort to the weapons, almost always achieving the will of his intentions by the charm of his persuasive word and by the resources of song and music".  These accounts, touching the invention of agriculture, are confirmed by a great number of Egyptian sources, to start with the personal declaration of Osiris in the Ramesside tale of Horus and Seth: "It is I who created the barley and wheat to make the gods live and, after the gods, the herd of man !" (P. Chester Beatty I, recto 14, 12). in the same way, a stela of the XVIIIth Dynasty, previous to the time of Amarna, particularly instructive on Osirian theology, names the god: "The one who established Ma'at on the Two Banks" (Louvre C 256, line 9) http://www.osirisnet.net/ 

  الدكتور عبد الوهاب النجار - قصص الأنبياء ص348: إدريس ... أول من أنذر قومه بالطوفان، ... فخاف ذهاب العلم ودروس الصنائع فبنى الاهرام  في صعيد مصر الأعلى وصور فيها جميع الصناعات والآلات ورسم فيها صفات العلوم حرصاً منه على تخليدها لمن بعده خيفة أن يذهب رسمها من العالم .

   Lisa Ann Bargeman, in The Egyptian Origin of Christianity 2002, suggests that the Word "Amen", meaning "so be it", entered into the Hebrew Vocabulary during the Period in which Jews lived in Egypt, by their exposure to the worship of "Amen", "Amon" or "Amun". The word then found its way to the Aramic and Arabic Languages.


  يذكر العهد القديم أن ست هو الابن الثالث لآدم وحواء بعد قابيل وهابيل Cain & Abel  


   http://www.dpjs.co.uk/serpent.html , www.theisticsatanism.com/geifodd/set.html 
  Thomas George Allen, The Book of the Dead or Going Forth by Day. Ideas of the Ancient Egyptians Concerning the Hereafter as Expressed in Their Own Terms, Thomas George Allen, (SAOC vol. 37; University of Chicago Press, Chicago), c 1974. 

   Biblical Book of Proverbs (Míshlê Shlomoh - Proverbs of Solomon of the Ketuvim of the Tanakh), seem to draw upon "Instructions of Amenemopet" particularly chapters 22:17-24:22 . It also shows that it was drawn upon for the apocryphal books of Sirach and Ecclesiasticus. http://en.wikipedia.org/wiki/Instructions_of_Amenemopet

  "In his 'Dawn of Consciousness' (New York: Scribner's, 1934)... Breasted directed attention to the striking parallels between Akhenaten's hymn to the sun and Psalm 104 and to other parallels between Egyptian religious texts and the Old Testament, notably the Proverbs. Breasted then drew the revolutionary conclusion that Akhenaten was the pathfinder in the recognition of one God, a universal Creator of all men ...  the Hebrew prophet caught the splendor of this vision … he was standing on the Egyptian's shoulders.' Thus, Breasted concluded, 'Our moral heritage therefore derives from a wider human past enormously older than the Hebrews, and it has come to us rather through the Hebrews than from them.'" http://www.domainofman.com/forum/index.cgi?noframes;read=1037 

4 comments:

Unknown said...

سلسه اكثر من رائعة . اتابعها بكل شغف لآنها من اهتماماتي منذ مده.
شكراً علي البحث المستفيض استاذ وائل

Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.
Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.
Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook