Friday, January 14, 2011

Regime's Tools in the National Debate

السجن والتشهير ... 


وأدوات الحوار الأخرى




وائل نوارة

 نشرت في المصري اليوم 4 فبراير 2005


في مصر، يوجد عالمان، العالم الرسمي المعلن، وهو عالم شكلي زائف، والعالم العرفي المستتر، وهو العالم الحقيقي الذي يعيش فيه الشعب، ومن خلال آلياته غير الرسمية،  يحصل المواطنون على التعليم والعلاج والتراخيص والعملات والقروض وغيرها من الخدمات الحياتية.

هذان العالمان يتواجدان معاً ويتفاعل كل منهما مع الآخر بصورة تثير التعجب. ومن سوء الحظ، لا يمكن لأي شخص مهما صغر شأنه أو انتأى مكانه أن يكتفي بالعيش في أحد العالمين دون الآخر. فسائق التاكسي الذي يحصل من الركاب على أجره العادل باتفاق ضمني أو مسبق مع الركاب في العالم العرفي، لا يستطيع أن يستغنى عن العداد. وقد يظن البعض أن ذلك العداد لا توجد له وظيفة سوى تكدير حِجْر الراكب وتمزيق ملابسه، ولكن الواقع أن للعداد وظيفة هامة ووجوده في حد ذاته قيمة كبرى. فالعداد – رغم عدم استخدامه بصورة عملية - هو الذي يمثل العالم الرسمي ويعلن عن استمرار وجوده. العداد هو عين الحكومة النائمة التي يمكن أن تستيقظ فجأة، عندما يطل أحد ممثلي السلطات برأسه داخل التاكسي، ويهدد بسحب الرخصة، فيضطر السائق المسكين إلى سداد المعلوم، خوفاً من المجهول، وتعود العين إلى سباتها المعتاد، لتستريح الحكومة من آلام الشيخوخة وأمراضها.

ولا يختلف الحوار الوطني عن التاكسي في قليل أو كثير. فهناك "الحوار الوطني" الرسمي المعلن، الذي يتم في قاعات فخمة مكيفة، بالآليات المتعارف عليها، من خطابات وأوراق عمل ومواقف، تتناولها وسائل الإعلام الرسمية بالتغطية، والمستقلة بالتعرية. وهذا الحوار هو وقتي، قليل الأثر، مثله كمثل عداد التاكسي. أما الحوار الحقيقي، فيتم بآليات ووسائل أخرى. دعونا نأخذ حالة حزب الغد كمثال. فمنذ الشروع في تأسيس الحزب منذ حوالي عامين، يتواجد المخبرون من ممثلي السلطة داخل الحزب بصورة مكثفة وشبه علنية، ينقلون لأجهزة الدولة ما يدور في الاجتماعات والندوات وورش العمل، يختفي الواحد منهم لدقائق فتجد له العذر لأنك تعلم أنه قد ذهب لتصوير بعض الأوراق الهامة، أو تدوين وتبليغ بعض الملاحظات قبل أن تُنسى.

وبناء على ما يُنقل ويُسمع، يأتي رد فعل الأجهزة الأمنية والسياسية. وعلى مدى 16 شهراً، طالب حزب الغد علانية بتغيير الدستور، وتنقية التشريعات، وإعادة تصميم نظم الدولة، وطرح برامج متكاملة، تشمل مجموعة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  ولفترة طويلة، كان موقف الأجهزة الأمنية والسياسية واضحاً، برفض الدعوة لتغيير الدستور، وأعلن بصورة رسمية أن الدعوة لتغيير الدستور إنما هي "تهديد للاستقرار وضرب للشرعية"، وبالتالي، ومع عدم "رضا" السلطة عن توجهات حزب الغد، منعته من الظهور وحجبت عنه الترخيص، رغم شعبيته الواضحة في مختلف المحافظات، وحصوله على عدد من مقاعد مجلس الشعب يفوق أي من الأحزاب القائمة أو النائمة.

ساءت الأمور وتدهور أداء الدولة إلى الحضيض، واحتدمت المواجهة بين مطالب الشعب للتغيير وإصرار الحكومة على التخليد وتجميد الأوضاع، وظهرت عدة حركات وحملات شعبية مثل حركة "كفاية"، تطالب أيضاً بتعديل الدستور واختيار رئيس الجمهورية بالانتخاب المباشر من بين أكثر من مرشح، حتى اضطرت السلطة للإطاحة بالوزارة ككبش فداء، وجاءت بوزارة جديدة بها بعض الوجوه الشابة وعدد من أعضاء "لجنة السياسات". وتحت الضغط الشعبي الجارف، والرغبة العارمة في التغيير، التي عبرت عنها الصحف المستقلة والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ورجل الشارع، اضطر النظام للتراجع، وأعلن نفس من رفض تغيير الدستور منذ أقل من سنة "أن تعديل الدستور أمر وارد"، وداخل الغرف المغلقة، بدأت الشكوى من ضيق الوقت، بما لا يسمح بتعديل الدستور إلا بعد الاستفتاء الرئاسي، ولكن حزب الغد أصدر في سبتمبر 2004 مشروع دستور مقترح، تتحول فيه مصر للنظام الرئاسي البرلماني، ويكفل تداول السلطة بصورة منتظمة، ويحقق التوازن بين المؤسسات والسلطات، ويضمن أن تأتي المساءلة على قدر المسئولية.

وقبل 10 أيام من صدور الحكم في قضية حزب الغد أمام مجلس الدولة، أعلنت لجنة شئون الحزب عن موافقتها على صدوره، وسربت السلطة للصحف أن هناك صفقة بين الحزب والحكم، للسماح بقيام الحزب مقابل أن يوافق الحزب على مبدأ تأجيل تغيير الدستور إلى ما بعد الاستفتاء الرئاسي. وفي الواقع فإن الخط المبدئي الذي أعلنه الحزب منذ سبتمبر 2004، كان يمكن أن يتقبل فكرة التجديد إذا سبقه الإعلان عن تشكيل لجنة لتعديل الدستور، وأن يعلن النظام بوضوح على الشعب التزامه بجدول زمني محدد لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، بحيث يأتي مثل هذا الإعلان قبل طرح فكرة التجديد بفترة كافية، في إشارة إلى أن الحزب لا يهمه الحكم، وإنما يهمه الإصلاح الدستوري والتحول الديمقراطي بصرف النظر عمن يجلسون عن المقاعد. خرج الحزب في 28 أكتوبر 2004، وأقام مؤتمره الأول في 5 نوفمبر 2004، بحضور حوالي 1500 مؤسس من كافة محافظات مصر، وأجريت انتخابات رئاسة الحزب والهيئة العليا في صناديق زجاجية بإشراف منظمات حقوقية محلية وعالمية، وبحضور مجموعة لا بأس بها من المراقبين الدوليين.

وفور قيامه، حصل حزب الغد على زعامة المعارضة في مجلس الشعب، ولكن النظام رفض ذلك بإباء وشمم. تقدم الحزب بمقترحاته في تعديل الدستور لمجلس الشعب، وطالب مجلس الشورى بالمساواة بين مختلف الأحزاب المشتركة في الحوار الوطني (الرسمي) من حيث مستوى التمثيل وحجم الوفود والتناوب في إدارة الجلسات.

وفجأة، فقد النظام أعصابه، ورأينا في أسبوع واحد موجة من الاعتقالات، ومُنع محمد السيد السعيد عن ندوته بمعرض الكتاب، وصدرت التصريحات بأن الدعوة لتغيير الدستور هي دعوة "باطلة"، وقبض على أيمن نور في اليوم التالي. (لا أعلم كيف تكون الدعوة "لأي شيء" باطلة، فالدعوة – عكس الدعوى – لا يمكن أن تكون باطلة).

بعد 3 شهور بالضبط من قيام الحزب، وفي يوم الجمعة 28 يناير، استيقظت جميع أجهزة الدولة المتثائبة أصلاً في أيام العمل الرسمية، ونشطت يوم العطلة الأسبوعية لإصدار خطابات الاتهام، من المباحث للمحامي العام، ومن المحامي العام للنائب العام، ومن النائب العام لوزير العدل، ومن وزير العدل لرئيس مجلس الشعب، لدرجة أن يوقع رئيس مجلس الشعب على خطاب بطلب مناقشة رفع الحصانة أمام اللجنة الدستورية والتشريعية الساعة الواحدة وخمس دقائق من صباح السبت 29 يناير، فور عودته من الخارج، وتجتمع اللجنة النشيطة جداً الساعة التاسعة صباحاً، وتصدر قرارها بعد نصف ساعة دون حضور زميلهم النائب المتهم، وتوصي المجلس برفع الحصانة. وفي دقائق قليلة، يصدر المجلس قراره برفع الحصانة عن نائب الشعب الدكتور أيمن نور، الذي تألق عبر 10 سنوات من الممارسة البرلمانية المتميزة، رقابة وتشريعاً ونقلاً لهموم الشعب وأوجاعه. النائب أيمن نور المحامي، يوافق زملاؤه على رفع الحصانة عنه علناً، ويعتذرون لأسرته سراً، بأنهم قد أجبروا على ذلك من نظام متسلط. تُرفع الحصانة عن أيمن نور في دقائق، بينما تستغرق شهوراً وسنوات ولا ترفع عن نواب الكيف، والمسئولين عن السماح باستيراد المبيدات المسرطنة. فعلاً، اللي اختشوا ماتوا.

لماذا اختارت السلطة أن تقبض على أيمن نور بعد 3 شهور (باليوم) من قيام حزب الغد؟ هل ظنت أنه مستوظف حكومي لدى السلطة، يمكنها فصله بعد فترة اختبار ثلاثة شهور؟ يبدو أن الدكتور أيمن نور لم ينجح كرئيس لحزب الغد في إرضاء الإدارة العليا، فقررت الإدارة بدورها فصله فور انتهاء فترة الاختبار، وقامت بإلقاء القبض عليه بتهم مضحكة مصطنعة، وتمت الاعتداء عليه بالضرب والإهانة في ميدان التحرير، وعلق بالكلبشات في باب الحجز، ومنع من الجلوس أو دخول الحمام، وتم نقله في سيارة ترحيلات ليس بها مقاعد ولا مقابض ولا عواميد يحتمي بها الراكب، حتى يستمتع بالشقلبة طوال مطبات ودورانات الرحلة، وتم تجديد حبسه لمدة 45 يوماً مثل أي مسجل خطر.

وصدرت التصريحات بأن حزب الغد ما زال قائماً وأن مجلس الشورى "يراقب" ما يحدث داخله من تفاعلات عديدة سوف تحدد مستقبله، ربما في دعوة لقيادات الحزب لإعادة النظر في موقف الحزب من القضايا المطروحة.

هذه هي بعض الرسائل المتبادلة بين السلطة وحزب الغد خلال الحوار الوطني غير الرسمي في العالم العرفي المستتر والحقيقي، رأينا من خلالها أدوات الحوار، من اعتقال، وإهانة، وتشهير، وتهديد. وأنا أود أن أنقل للسلطة هذه الرسالة بصورة شخصية. نشكركم لأنكم قد دفعتم بالعجلة الصدأة لتدور بعد ركود طويل، ولكنني أود أن أقول للسلطة - ولكل سلطة، عليكم أن تعلموا أنكم تجلسون على مقاعد الحكم، وتنعمون بالعز والجاه، طالما احترمتم رأي الشعب، وتجاوبتم مع طموحاته وتطلعاته، واستجبتم لمطالبه المشروعة.

لقد أرادت السلطة التصعيد، وبدأت في الضرب بقوة تحت الحزام، ظناً منها أن هذا يكفل لها السلامة والخلود، ولكنني أقول، أن هذا الطريق رأيناه من قبل، وهو طريق وعر عواقبه وخيمة، لا نرضاها للوطن. وأنا أدعو السلطة لإعادة النظر في الأمر. لأننا لا نرضى لمصر هذا الطريق الصعب، فلن تستطيع السلطة، أي سلطة، أن تنتصر على إرادة الشعب. أيها السادة لا تستمعوا، لأقاويل الخلود أو تنخدعوا، فاليوم آت آت، بل لعله قد أتى بالفعل وأنتم لا تشعرون. أيها السادة، التغيير هو سنة الحياة، وإنكاره لا يعوقه ولا يؤخره، بل أن قمع من يذكرونكم به يعجل به ويبرره. 


Wafd Reborn? Re-Run



هل هو ميلاد جديد للوفد والحركة الوطنية المصرية؟



بقلم   وائل نوارة  
المصري اليوم
 ٦/ ١٢/ ٢٠١٠


نتفق ونختلف، نتعاتب وقد ندير ظهور بعضنا للبعض، ولكن فى اللحظة نفسها، تظل أعيننا تبحث بلهفة عن رايات الوفد. الوفد يمثل التجربة الشعبية المصرية الحقيقية فى النضال والكفاح والعمل الجماعى وأيضاً فى النجاح الجماعى. النجاح فى انتزاع الاستقلال بإرادة الشعب من المستعمر، وانتزاع الدستور والحريات والمواطنة من الحاكم.


ولأنه الحزب الأكثر تأثيراً والأقرب لقلوب المصريين، كان حصار النظام له والتنكيل برموزه قاسياً منذ اغتيال الحياة الديمقراطية وحل الأحزاب، وحتى بعد عودة نظام التعددية الحزبية - نظرياً – ظلت ضغوط النظام عليه وخشية النظام منه، لدرجة أن حزب الوفد الجديد جمد نفسه تحت تأثير تلك الضغوط، التى يمارسها نظام يعلم جيداً أن الوفد هو الأقدر على توحيد أطياف الحركة الوطنية المصرية فى عمل جماعى ينهى احتكار السلطة.


واليوم، عندما يلتحم الوفد مع إرادة الشعب المصرى، ويترك خلفه المواءمات وحسابات المكاسب السياسية الصغيرة، فإنه قد يخسر بضعة مقاعد، ولكنه يربح كل شىء، يستعيد تاريخه وموقعه القيادى فى لحظة واحدة، لأن الرهان الحقيقى لا يصح إلا على الشعب، على إرادة الأمة.


دعونا نتفق على أن ما حدث هو ترتيب لا يمكن أن يخطط له أى شخص. لم يكن أحد يتخيل أن تبلغ الصفاقة بالنظام أن يرتب لبرلمان خال من المعارضة. لا يختلف أحد حول أن الحزب الوطنى مكروه بما يقترب من الإجماع الوطنى. ولكن أن يدفع الوطنى بخمسة وستة نواب فى الدائرة الواحدة لينافسوا بعضهم البعض، مع العمل بجد لإسقاط مرشحى المعارضة بكل الصور الشرعية وشبه الشرعية وغير الشرعية، تصل إلى عدم تنفيذ مئات الأحكام القضائية المتصلة بالانتخابات، فهذا أمر لم يكن فى الحسبان، فألاعيب الوطنى رغم أنها دائماً ما تنكشف، إلا أننا لم نعهد أن يديرها تلاميذ وهواة وبلطجية معدومو الحس السياسى بهذه الفجاجة.


لم يعد من الممكن أن يدعى النظام أن السبب فيما حدث هو المعارضة الضعيفة، فعدم حصول حزب أو اثنين على مقاعد فى الانتخابات، يمكن أن نأخذه دليلاً على ضعف ذلك الحزب أو ذاك. أما أن تعجز كل الأحزاب عن الحصول على مقاعد، فهذا يشير لنظام محتكر، يقوم بتعقيم الحياة السياسية لإضعاف المعارضة بصورة مستمرة، لخنق أى فرصة للتغيير وتداول السلطة. المشكلة ليست فقط فى التزوير، جريمة النظام الحقيقية هى إفساد الحياة السياسية، وتحويل معظم النواب إلى شركاء فى مؤسسة الفساد والتربح غير المشروع من العمل السياسى، حتى يصبح الجميع شركاء فى الجريمة، فتسقط فرص المحاسبة، وتمتنع المشاركة عن الشرفاء. جريمة النظام هى إصراره على التدخل الأمنى فى الشؤون الداخلية للأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام والجامعات والشركات والمصالح، لتطويع جميع الأحزاب والمؤسسات فى مسرحيته الممجوجة، واختيار من يحكم ومن يعارض، ومن يمتدح النظام ومن ينتقده.


حصل الحزب الوطنى مع الرأفة والتزوير على ٣٨% من المقاعد فى انتخابات ٢٠٠٠، وعلى ٣٢% من المقاعد فى انتخابات ٢٠٠٥، ولكنه استطاع بقدرة قادر أن يضاعف هذه النسب أضعافاً مضاعفة بعد الانتخابات بانضمام المستقلين لصفوفه. أما فى هذه الانتخابات فقد تكفل النظام بإبعاد القضاة، وإبعاد أحزاب المعارضة، مع الدفع بآلاف من مرشحيه الطامعين فى حصد مكاسب الفساد المؤسسى، من أراض وتأشيرات واحتكارات وقروض واستثناءات علاوة على الحصانة. ولكن ظل النظام يلتحف بغطاء رقيق من الشرعية، وهو مشاركة أحزاب «المعارضة النظامية» – أى الخاضعة للنظام والمسايرة للنص - وعلى رأسها حزب عريق مثل حزب الوفد - فى المنافسة. واليوم، عندما يعلن الوفد والناصرى فضلاً عن جماعة الإخوان عدم مشاركتهم فى الانتخابات، فهذا يزيل ذلك الغطاء الزائف من الشرعية، ويكشف عورات النظام أمام الشعب وباقى العالم، ويفضح كيف أراد النظام أن يستمر فى نظام الحزب الواحد ولكن بديكور مسرحية التعددية الحزبية.


عندما أعلن الوفد بصورة مبدئية انسحابه من جولة الإعادة، فتح نافذة صغيرة للتغيير، وانفتحت مسارات جديدة محتملة للتغيير السلمى المنظم، لم تكن متاحة من قبل. لكن السؤال هو: هل الوفد نفسه راغب فى الانضمام للمعارضة الحقيقية التى تعمل خارج النص المسرحى الذى يديره النظام؟ هل قيادات الوفد مستعدة لخوض معركة التغيير دون النظر لمصالحها الاقتصادية التى تعتمد - مثل أى مصالح اقتصادية فى دولة ذات نظام سلطوى - على قرب تلك القيادات من النظام وسيرها على النص المعد؟ هل الوفد مستعد لفتح صفحة جديدة والتعاون بدون حساسيات مع قوى التغيير الجديدة من أحزاب وحركات شابة وشعبية كانت هى وقود مسيرة التغيير خلال السنوات الماضية؟ هل الوفد مستعد للانضمام للجمعية الوطنية للتغيير والمشاركة فى مقدمة الصفوف فيها بصورة فعالة؟


لقد انضم للجمعية منذ لحظاتها الأولى وفديون ضد التوريث، وتجمعيون ضد التوريث، واتضح بالدليل القاطع أن التيار المؤيد لمواقف الجمعية داخل الوفد – والأحزاب الأخرى - هو تيار متنامى التأثير، بدليل أن ٤٤% من أعضاء الجمعية العمومية للوفد كانوا مع قرار مقاطعة الانتخابات وهو القرار الذى تبنته الجمعية الوطنية للتغيير، ولكن حان الأوان لأن ينضم الوفد نفسه للجمعية بصورة مؤسسية وينحاز لمطالب الشعب المصرى.


ولعل ما نسمعه عن وجود تيارات مؤثرة داخل التجمع تطالب بالانسحاب من جولة الإعادة واختيار قيادة جديدة للحزب هو دليل على أن الأحزاب القديمة تمر الآن بمرحلة مخاض وطنى جديد. أسئلة وعلامات استفهام، تجيب عليها مواقف تلك الأحزاب، وعلى رأسها الوفد، خلال الأيام والأسابيع المقبلة: هل تخرج من تحت عباءة هيمنة النظام لتدخل التاريخ، أم تظل داخل تلك العباءة وتخسر تاريخها كله؟






http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=279984&IssueID=1976

MENA Chaos: Change Express Leaves from Tunis

قطار التغيير في العالم العربي انطلق من تونس



احتجاجات في تونس والجزائر والأردن مصادمات في مصر سقوط حكومة لبنان انفصال جنوب السودان معاناة في غزة - المنطقة على شفا تغييرات هيكلية  واسعة

 

Thursday, January 13, 2011

NAC: NDP should Step Down

مؤتمر الوحدة الوطنية بالوفد

هل يكون بداية مرحلة جديدة من

العمل المشترك للمعارضة المصرية؟





د. عبد الجليل مصطفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير في مؤتمر الوحدة الوطنية بحزب الوفد: على الحزب الوطني والنظام أن يرحل وأن تتولى حكومة انتقالية مهمة التحول الديمقراطي الذي يبدأ بتشكيل هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.


Abdel Gelil Mostafa, Coordinator General of the National Assembly for Change calls upon the NDP to step down and make way for a transition government

Sent using BlackBerry® from mobinil


موضوعات متصلة

أيضا - طالع هذا المقال الذي نشر بالمصري اليوم  بعد انسحاب الوفد من الجولة الثانية من انتخابات مجلس الشعب بعنوان

هل هو ميلاد جديد للوفد والحركة الوطنية المصرية؟

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=279984&IssueID=1976

National Unity conference at Wafd

National Unity conference at #Wafd Party #Cairo #Egypt

مؤتمر الوحدة الوطنية بمقر حزب الوفد بحضور ممثلين لمعظم القوى الوطنية

Sent using BlackBerry® from mobinil

Daily Kite: Writings on the Sudanese Wall

العباسية هي الحل



 يرفع المسلمون شعار "الإسلام هو الحل" ويرفع المسيحيون شعار "الصليب هو الحل" ثم يبتئس المصريون لفكرة انفصال جنوب السودان عندها تكون العباسية هي الحل.

Tuesday, January 11, 2011

Ending Religious Discrimination: A Cultural Perspective

القضاء على التمييز الديني

رؤية ثقافية

وائل نوارة


مقدمة

عبر الثلاثين عاماً الماضية، عانت مصر من حالة متنامية من الهوس الديني، اخترقت المجتمع بكافة شرائحه، بما يشبه الغزو الفيروسي الذي يقتحم جسداً ضعيف المناعة، فيصيبه بالحمى والهذيان ومختلف الأعراض المرضية. والمناعة هنا هي المناعة الحضارية والثقافية التي ضعفت بصورة شديدة، فأدت إلى استشراء الفيروس في جسد الأمة المصرية بصورة هددت عافيتها. وبالطبع فقد صاحب هذا الهوس الديني تصاعد في التمييز الديني، ومصادمات وحوداث متكررة تقف وراءها أسباب طائفية، أدت بدورها للمزيد من التقطب والتحزب الديني، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة.



وبينما تنعقد الكثير من المؤتمرات لتناقش التغيرات المطلوبة في القوانين واللوائح، ينسى الكثيرون أن المشكلة في مصر ليست فقط مشكلة قوانين، بل أن القوانين هي أحد أعراض المشكلة، وربما تكون أقل أطراف المشكلة في حدتها. أما المشكلة الرئيسية في رأينا فهي مشكلة ثقافية وحضارية. ولابد هنا أن نعرف الثقافة culture ليس بمعنى الآداب والفنون، بل بمعنى طريقة الحياة، أو الحل الحضاري. ونعني هنا بالحل الحضاري Culture أو "طريقة الحياة" Way of Life ونعرف طريقة الحياة بأنها "مجموعة القيم والطبائع والسلوكيات والقناعات الفكرية والعادات والتقاليد ونظم التفاعل الاجتماعي التي تتبناها جماعة ما، باعتبارها تمثل الإجابة أو الحل الحضاري Solution لمشكلة البقاء".



المشكلة الرئيسية إذن لا تتعلق ببعض القوانين أو حتى مواد الدستور، بل هي تتعلق بتراجع الحل الحضاري المتجه للحداثة أمام حلول حضارية سلفية. بل أننا يمكن أن نقول أنه مع تراجع تبني المجتمع لقيم الحداثة والتطور، فإن التشريعات تسبق المجتمع ليس في مصر فحسب، بل في العديد من الدول العربية الأخرى، مثل تونس والمغرب. بمعنى آخر، فإن الرأي العام يميل للمحافظة أكثر من التشريعات التي قد تمررها النخب الحاكمة. المشكلة إذن في المجتمع، والحل هو في التنوير، وليس فقط في التشريع، بل أن التنوير يجعل التشريعات التي تكفل المساواة تأتي من الشعب، من أسفل إلى أعلى، بما يضمن جدية التطبيق وانتشاره على أرض الواقع.



والدليل على ذلك يظهر في تأييد القيادات الدينية الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً للحزب الحاكم ورموزه، على الرغم مما قد يبدو على السطح أحياناً من خلافات، لكن تلك القيادات ترى أن النظام الموجود يكفل لها حقوقاً أفضل ويطرح مخاطر أقل من آخرين قد لا يرون في المسيحي مواطن كامل الحقوق، بل يرون أنه يمكن لأجنبي مسلم أن يتولى رئاسة الدولة بينما لا يصلح مسيحي مصري لذلك، رغم أننا نتحدث عن الدولة المصرية.



وبينما تؤيد القوى السياسية الليبرالية مثلاً إلغاء الخط الهمايوني وإقرار قانون موحد لبناء وصيانة دور العبادة، وإزالة خانة الديانة من بطاقة الهوية القومية، وحرية المعتقد والتحول الديني، وعدم التفرقة بين الأديان بحجة أن بعضها سماوي وبعضها غير سماوي، أو أن بعضها صحيح والآخر محرف، وغيرها من أطروحات غريبة في أمور هي في الأساس قائمة على الإيمان الشخصي، ولكن المحك الحقيقي يأتي على أرض الواقع: هل عند التطبيق سيستطيع أصحاب الديانات المختلفة بناء دور العبادة بنفس الدرجة من الحرية والمساواة، أم أن السلطات المحلية ستتفنن في وضع العراقيل أمام البعض وتسهيل الطريق أمام البعض الآخر، في محاكاة لرواية مزرعة الحيوانات "كل الحيوانات متساوية ولكن بعضها أكثر استواء من الآخر"! فالعبرة إذن ليست بالقوانين ولكن بالمناخ الثقافي السائد في المجتمع. مثال آخر، نحن نعلم أن عقوبة القتل والاعتداء معروفة ولا تحتاج لقوانين إضافية، لماذا إذن لم نر أحكاماً تصدر بحق مرتكبي حوادث العنف الطائفية على مدى ثلاثين عاماً، مع الاكتفاء بجلسات الصلح وتقبيل اللحى وغيرها من وسائل تضرب هيبة القانون في مقتل وتستحل دماء ضحايا جدد. فالقوانين موجودة ولكن التطبيق منعدم. ومن أخطر القيم التي تتسبب في فساد المناخ الثقافي تأتي الأحادية الفكرية، والإصرار على أن هناك وجه واحد للحقيقة المطلقة. ورغم أن مبدأ الشك قد دخل في الفكر الإنساني منذ مئات السنين في كتابات ديكارت وغيره من الفلاسفة، وجاء هذا المبدأ ليعكس فكرة أن للحقيقة أوجه متعددة وأن هناك العديد من الزوايا التي يمكن أن ننظر بها لنفس الموضوع، وجاءت التطورات العلمية ليطرح أينشتين مبادئ النسبية التي تجعل الأطوال والكتل والسرعات تختلف حسب مرجعية كل مراقب، ثم طرح هايزنبرج مبدأ عدم اليقين في تحديد مواضع وسرعات الجسيمات باعتباره مبدأ ثابت في فيزياء الكون Heisenberg Uncertainty Principle، إلا أن غسيل المخ الذي يحدث بصورة ممنهجة للطفل المسلم أو المسيحي منذ مراحل نموه الأولى، يتكفل بانتزاع أو تعطيل خلايا المخ المسئولة عن التفكير النقدي.



ومبدأ الشك وعدم اليقين في جانبه الإيجابي يشجع روح البحث العلمي والإبداع والتطوير الفكري الدائم، والقدرة على نقد الواقع بل ونقد الذات، والقدرة على تقبل الآخر والتعايش بين الأضداد، وفي جانبه السلبي فإن مبدأ الشك يزعزع العقيدة وهي الأرض الروحية التي يقف عليها الإنسان مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التعاسة والاكتئاب، فالتوازن إذن هو ما ينبغي أن نسعى إليه. ولكن ما يهمنا هنا هو أن سيادة فكرة أحادية الحقيقة يعوق قدرة المجتمع على التطور ويتسبب في تجمده كما قد يؤدي إلى انتشار العنف ومعاقبة من يختلفون في الفكر مع المجموعة أو من قد يمثلها من حكام مما يهدد فكرة التعددية والديمقراطية والانتخاب الطبيعي للأصلح وهو ما يهدد أيضاً بقاء المجتمع ككل في وجه المجتمعات القادرة على تطوير نفسها داخلياً.



وقد يقترح البعض أن الطبيعة المصرية التي تميل إلى التدين والتمسك بالعقيدة هي التي تؤدي بالمصري إلى التمسك بالمطلق وعدم تقبل فكرة أن الحقيقة نسبية وأنها متعددة الأوجه، ولكننا نقول إنه لا يجب أن نخلق تعارضاً أو نوع من التضاد بين وحدانية العقيدة وما تفرضه من الإيمان المطلق بثوابت دينية وبين روح البحث العلمي والسعي إلى العمل والأخذ بأسباب القوة والنجاح وقبول فكرة أن الآخر له حق الاختلاف في الرأي أو الاقتناع بفكر معاكس أو اعتناق عقيدة مغايرة، كما أن اليقين والأحادية التي ترتبط بالدين، لا يجب أن تتوسع لتجور على الموضوعية والفكر النقدي والتحليلي في الأمور غير الدينية.



فالعقيدة هي اقتناع القلب ولا تحتاج أدلة مادية أو إثباتا منطقيا وبالتالي فليس هناك ما يمنع قبول فكرة أن كلاً منا قد تكون له عقيدته وحقيقته الشخصية المتفردة طالما لا يحاول فرضها على الآخرين وطالما جاءت قواعد الحوار المنطقي كأساس لإثبات الحقيقة الوضعية عند وجود الخلاف. وهناك مساحة شاسعة للاتفاق بين أصحاب العقائد الدينية المختلفة، بل وغيرهم ممن يؤمنون بمنظومة القيم الإنسانية ويلتزمون بالقوانين الوضعية، ولذلك المنطق يقول أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هي القيم العليا والمقاصد العامة والمبادئ المشتركة وليست الطقوس أو النصوص الحرفية. هنا تكون المرجعية في المنطق الطبيعي والقوانين الوضعية، بعيداً عن الثوابت الدينية التي قد يختلف عليها البعض، وبالتالي عند تنظيم المعاملات المدنية بين الأشخاص المختلفين يكون الأصل هو استخدام القانون الطبيعي وقواعد المنطق والاستنباط دون التقيد بمرجعيات دينية قد يُختلف عليها.



وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نعفي النظم الاستبدادية بأنها تقف وراء تنامي نفوذ التيارات السلفية والمتطرفة، باستخدام الدين في السياسة للتخلص من تيارات معارضة حيناً، والعمل على رفض وتفتيت وتجميد ومحاصرة الأحزاب المدنية حيناً آخر، واستخدام التيارات المتطرفة كفزاعة لمنع التطور الديمقراطي، رغم أن تنامي قوة التيارات المتطرفة لم يحدث إلا في ظل غياب الديمقراطية، الذي أدى أيضاً لفشل هيكلي بنيوي مزمن للنظم التي قد يراها الشعب نظماً أقرب للعلمانية، وبالتالي يدفعه هذا الفشل إلى الاتجاه الآخر، اتجاه الدولة الدينية.
إن حق كل مواطن هو أن يعيش آمناً في بيته دون أن يعتدي عليه غيره بالفعل أو اللفظ، ولنا أن نضع أنفسنا مكان غير المسلمين الذين يتعين عليهم أحياناً أن يستمعوا عبر الميكروفونات لخطباء غاضبين لا هم لهم سوى تكفير أصحاب الديانات المغايرة والتحريض على كراهيتهم. وحق كل مواطن هو أن يتمتع أطفاله بخدمة تعليمية لا تمييز فيها، لكننا نجد أن وزارة التربية والتعليم قد تغلغلت فيها الجماعات السلفية والمتطرفة، حتى أصبح الحجاب فرضاً على كل تلميذة منذ عمر 8 أو 9 سنوات، ناهيك عن تدريس نصوص إسلامية في مناهج اللغة العربية سواء النحو أو القراءة، وعدم تدريس اللغة المصرية (القبطية) ولو حتى كمادة اختيارية. دعونا نتخيل أن الدولة أصدرت قوانين بتلافي هذا كله، كيف سيتم تطبيقها على أرض الواقع إذا كان القائمون على التطبيق من المروجين للفكر السلفي ويعدونه هو الطريق إلى الجنة؟



انهيار فكرة الوطن وتآكل الانتماء والمواطنة

المواطنة، ما هي إلا انتماء مواطن لوطن، يتمتع معه المواطن بوضع قانوني وسياسي ومزايا والتزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالمواطنة تعبر عن انتماء الأفراد للوطن بما يتضمنه ذلك من حقوق للأفراد، وواجبات ومسؤوليات تقع عليهم تجاه الوطن الذي ينتمون له.


وتشمل المواطنة الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الوطن الذي يحتضنهم، بما يضمن تمتع جميع المواطنين بالمساواة دون أن يقع على أي منهم أي نوع من أنواع التمييز القائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.


العلاقة بين الوطن والمواطن

فالعلاقة بين الوطن والمواطن إذن تظهر على أكثر من محور:

·         قانوني: فهذه العلاقة لها شق قانوني يشبه التعاقد الضمني، يشمل الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي تقع عليه، ولعل الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تجسد بنود هذا العقد الاجتماعي، وفي الناحية الأخرى يتعين على المواطن احترام القانون والخضوع له.
·         سياسي: أن يشارك المواطن في صنع القرار المجتمعي، وفي الناحية المقابلة يحترم المواطن السلطة السياسية ويلتزم بقراراتها طالما تمتعت تلك السلطة بالشرعية، وصولاً لأن يضع المواطن حياته على المحك رهناً لأمر السلطة السياسية في حالات الحرب والدفاع عن الوطن
·         ثقافي: هو مخزون تراكمي من القيم المشتركة والتراث التاريخي والحضاري، تتجسد في مجموعة ضخمة ومتشابكة من العادات والتقاليد والسلوكيات ونظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالقيم المشتركة هي التي تشكل الضمير والعقل الجمعي للمواطنين، وهي التي تحدد بنيان وطبيعة نظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، التي ترسم طريقة الحياة أو "كتالوج الحياة" على أرض الوطن
·         اقتصادي: أن يستطيع الفرد نتيجة لهذا الانتماء أن يحصل على احتياجاته الأساسية، من خلال انخراطه في المنظومة الاقتصادية لهذا الوطن وتفاعله معها، وهذا هو مفهوم المواطنة الاقتصادية، ويرمز له البعض بالعدالة الاجتماعية، ومن الناحية الأخرى يلتزم المواطن بسداد الضرائب والرسوم التي تذهب لخزينة الدولة لتنفق منها على المرافق والخدمات الاجتماعية المشتركة
·         اجتماعي: أن يتمتع الفرد بالعلاقات الاجتماعية التي تربطه بهذا الوطن، من خلال علاقات قرابة وصداقة وزمالة وجيرة لمواطنين آخرين
·         معنوي أو نفسي: ونتيجة لكل ما سبق، يتولد لدى المواطن شعور بالانتماء للوطن، وهو شعور نفسي لدى الفرد بعضوية كيان اعتباري هو الوطن، والتضامن مع المواطنين الآخرين بناء على الاشتراك في التاريخ والمصير.


فالعوامل أو الروابط التي تتحكم في الانتماء لوطن لها شقان على الأقل، أحدهما يقع في الماضي بتراثه وذكرياته، والآخر يكمن في الموافقة الجماعية على العيش المشترك في الحاضر والمستقبل. ويمكن أن نقول أن الشق الأول الذي يقع في الماضي هو شق قدري لا يملك المواطن أن يتحكم فيه، ولكن الشق الثاني هو شق اختياري، لأننا قد نجد بعض المواطنين وقد عجزوا عن الحياة في الوطن، أو عجزت الحياة في ذلك الوطن عن أن توفر لهم احتياجاتهم الحياتية الأساسية، فيلجأون للانتساب لوطن آخر بصورة اختيارية عقلانية و – أو عاطفية.


تحلل وضعف الدولة الرسمية وصعود الدويلات الموازية




ويمكننا أن نتصور هذه العوامل أو الروابط، مثل الخيوط الدقيقة المغزولة معاً، والتي تتجمع لتكون حبل الانتماء. وعندما تتآكل تلك الخيوط واحداً بعد الآخر، يهترئ حبل الانتماء، حتى ينقطع أو يكاد.

فعندما يفقد المواطن حقوقه القانونية المكفولة له بموجب الدستور، أو تفتئت الدولة أو من يمثلها من موظفي العموم أو ضباط الشرطة على حريته أو كرامته كمواطن، أو يفتقد الشعور بالأمن، أو تتعطل منظومة العدالة، أو تغتال ممارسات الدولة والمجتمع أبسط قواعد المساواة وتكافؤ الفرص، أو يشعر "المواطن" أن رأيه لا يقدم ولا يؤخر، وأن صوته الانتخابي مهدر، وأن القرارات الاجتماعية تصدرها طبقة حاكمة بمعزل عنه، والأسوأ أنها لا تمثله ولا تراعي مصالحه، عندها، تنفصم بعض خيوط الانتماء.

وعندما يشعر المواطن بالاغتراب الثقافي، وبأن القيم الحاكمة في المجتمع، لا تتوافق مع قيمه الشخصية، بل وتتعارض معها في تضاد وتنافر، وأن منطق الحياة في المجتمع لم يعد يكافئ المجد أو الماهر أو الموهوب، بل أن المنافق والفاسد والممالئ للطبقة الحاكمة على حساب مصالح الوطن والمواطنين، هو الذي يتبوأ مقاليد الأمر والنهي ... عندئذ لابد وأن تتآكل خيوط أخرى.


وعندما تعجز قوانين ونظم الدولة التي تجسد مفهوم الوطن في الوفاء باحتياجاته الحياتية، من رعاية صحية، وخدمات تعليمية، وتأمين اجتماعي، وأمن وعدالة، فيضطر للجوء لقوانين ونظم بديلة في الدولة الموازية، يصبح فعلياً ولاؤه مزعزاً بين الدولة الرسمية والدولة الموازية. وقد يسأل سائل، أليست "الدولة الموازية" هي فكرة نظرية، بمعنى أنه لا توجد فعلياً دولة "رسمية" باسم الدولة الموازية، طبقاً لتعريف الدولة الموازية نفسها؟ فكيف ينتمي المواطن لدولة غير موجودة رسمياً؟

وهنا نرد بمثال بسيط، عندما يضعف أو يختفي دور الدولة في المجالات التي ذكرناها، وتأتي جماعة أو حزب أو جمعية أو شخص، ليقوم بتقديم هذه الخدمات بدلاً من الدولة الرسمية، فيفتتح عيادة طبية بأسعار رمزية في مسجد مثلاً أو كنيسة، كبديل عن الخدمات الطبية المنعدمة أو فاحشة التكلفة في تلك المنطقة مثلاً، ثم يلحق بها عدة فصول للتقوية تعويضاً عن فشل أو عجز أو تدهور أو قصور النظام التعليمي الرسمي، ثم يبدأ في تخصيص مبالغ شهرية من عائد الزكاة أو النذور أو التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بتخصيص "معاشات" شهرية لتلك الأسر، كبديل عن الضمان الاجتماعي الذي لم تقدمه الدولة الرسمية، وهكذا.

مع كل هذا، ألا يتحول ولاء المواطن ليصبح مرتبطاً بهذه الجماعة أو الجمعية أو المسجد أو الكنيسة، بسياساتها وشخوصها ومصالحها، بدلاً من ولائه للوطن الأصلي؟ وعندما تعرض له قضية وطنية أو سياسية، ألا يأتي قراره بناء على مصالح أو توجيهات قادة الدولة الموازية التي تفي باحتياجاته؟ هنا نكتشف أن انتماء وولاء المواطن يصبح للمسجد أو الكنيسة أو الجمعية أو صاحب العمل أو عضو مجلس الشعب الذي يفي باحتياجاته الحياتية، وتصبح مصلحة تلك الدولة الموازية مقدمة على مصلحة الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن الأصلي.


لقد تقوقع المسلمون في الدين الإسلامي، وتقوقع المسيحيون حول الكنيسة، فأصبح للإخوان مثلاً دويلة إسلامية موازية، وأصبحت الكنيسة دويلة موازية أخرى، وتدريجياً اجتذبت هذه الدويلات الموازية الولاء من مواطني الدولة الرسمية الذين أرادوا بدورهم أن ينتموا لكيان بديل عن الوطن الضائع، فضعفت فكرة الوطن، واقتربنا من أن نصبح شعبين في وطن واحد. بل أننا نسمع هذه التعبيرات بالحرف: الشعب المسيحي، أو شعب الكنيسة والأمة الإسلامية، إين إذن الأمة الموحدة التي تسكن هذا الوطن، مصر؟ نحن ندعو للدولة المدنية ولفصل الدين عن السياسة، فما هو البديل عن ذلك، هل نريد نظام محاصة طائفي حتى نصبح شعبين يعيشان على أرض واحدة يتربصان ببعضهما البعض انتظاراً للحظة الانفصال، أم ندافع جميعاً عن حقوق المواطنة لكل فرد، مسلم أو مسيحي أو بهائي أو بوذي أو غير متدين؟



دور يجب أن يتغير


لا شك أن المؤسسات الدينية في مصر لعبت دوراً إيجابياً في مجمله في الماضي في الحفاظ على الشخصية الثقافية المصرية بل وتطويرها. فالأزهر حافظ على الطابع الوسطي للإسلام المصري إلى أن تغلغل فيروس الهوس الديني المستورد في المجتمع ككل والأزهر جزء من هذا المجتمع. كما نذكر أن حركة التنوير والتطوير خرجت من رحم الأزهر في بدايات القرن التاسع عشر، علاوة على وقوف الأزهر كجزء قيادي لا يتجزأ، من حركات المقاومة والاحتجاج بل والثورة. والكنيسة المصرية أيضاً لعبت دوراً إيجابياً في الحفاظ على اللغة المصرية والتقاليد المصرية القديمة التي تربطنا بالأجداد وتجعلنا نتواصل مع شخصيتنا القومية تاريخياً. ولكن مع ظهور الدولة الحديثة، كان من المفترض أن يتطور دور الأزهر والكنيسة ليتناسب مع تحديات العصر ومتغيراته، حيث أصبح التخصص هو سمة الحياة العصرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ولكن المؤسستين بدلاً من أن يفسحا المجال لمؤسسات الدولة المدنية ويشجعان على التطور الديمقراطي وانتخاب مجالس وبرلمانات ومسئولين مدنيين، نجد أن الحرص على عدم فقدان سلطة دنيوية جعل المؤسسة تقوم بدور هو خليط من مؤسسة دينية وسلطة حكم أو دور دولة ذات سيادة – داخل الدولة الرسمية.



فانقلب الدور الإيجابي إلى سلبي بسبب عدم مواكبة هذه التطورات، ولا شك أن لتلك المؤسسات الدينية اليوم دوراً سلبياً في التمييز الديني، ونحن هنا نتحدث عن كل من المؤسسة الإسلامية والكنيسة الأرثوذكسية. فالأولى تنهال علينا بسيول من الفتاوى التي لا يقبلها عقل ولا منطق، والثانية تصر على انتزاع الحقوق المدنية من المواطنين المسيحيين، فدمجت مثلاً الزواج بشقيه القانوني والروحي في حزمة واحدة، رغم أن الطبيعي أن تترك الشق القانوني للدولة المدنية، وتتحكم هي في الشق الروحي كما تشاء. ولا ننسى بالطبع جلسات الإرشاد، وقضايا الحسبة، والتعامل مع المسائل الدينية وكأنها ملف أمني في الأساس.



الإخوان المسلمين وإخوان الصليب


ومن أجل الحفاظ على السلطة الدنيوية، يجتهد زعماء الحركات السياسية التي تستخدم الدين، في تعريف الدولة من خلال قالب ديني، لأنهم يعلمون أن استخدام التعريف العصري المتفق عليه للدولة الحديثة، يقلص من سلطاتهم لتنحصر في المجال الروحي، فتضيع سلطاتهم الدنيوية والسياسية، فنجد الإخوان المسلمين مثلاً يعرفون الأمة بأنها الأمة الإسلامية، ويعرفون الهوية المصرية باعتبارها جزء من الهوية الإسلامية، في برنامجهم الذي أعلنوا عنه عام 2007. وقد جاء في سياق هذا البرنامج فكرة "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.



ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.



وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.



ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من الحرب على الهوية المصرية ممن يضعون لهم شعاراً "طظ في مصر"، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.



وفي نفس الوقت يخرج علينا "إخوان الصليب" ليقولوا لنا أن المصريين الذين دخلوا في الإسلام قد تنازلوا عن هويتهم المصرية. ولا يفوتني أن أقول أن عدداً ضخماً من "إخوان الصليب"، يتشدقون بالعلمانية، ظناً منهم أن العلمانية هي سب الإسلام، ولكن عند بحث القضايا المفصلية، تجدهم يأخذون جانب المرجعية الدينية على طول الخط، تماماً مثلما يتشدق الإخوان المسلمون بفكرة المواطنة، ثم يعودون ويعرفون الوطن على أساس أنه دار الإسلام والأمة الإسلامية، وبالتالي فغير المسلمين هم أهل الذمة مواطنون من الدرجة الثانية على أفضل تقدير.


 هل تتعارض الهوية القومية مع الهوية الدينية؟ 


والهوية المصرية لا تتعارض مع الهوية الإسلامية أو المسيحية، وأحيانا قد يقع بعضنا في حيرة ترتيب أولويات الانتماء، فالبعض يقول أنا مصري أولاً والآخر يقول أنا مسلم أو مسيحي أولاً، وفي رأيي هذا به خلط للأوراق، فتعدد الانتماءات في كل شخص شيء طبيعي، ولكن يجب أن نبحث عن موضوع النقاش حتى نحدد أي من الانتماءات له الأولوية في ذلك الموضوع، مثلاً أنا أهلاوي أولاً عندما يتعلق الموضوع بماتش كورة في الدوري المصري، ومصري أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء سياسي أو شيء يمس وضعي كمواطن في دولة اسمها مصر، أو أمر يمس أرض مصر أو حدودهأ، ومسلم أولاً أو مسيحي أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء ديني يمس علاقتي الشخصية بالخالق، وقد أكون مهندساً أولاً أو خبيراً في الإدارة أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء فني مهني أو إداري. فكوني مصرياً لن يجعلني أدلي برأي يخالف أصول المهنة أو المبادئ العلمية المتعارف عليها إذا سئلت للشهادة مثلاً في قضية حكومة مصر تكون أحد أطرافها. وأنا إنسان أولاً عندما يتعلق الموضوع بأمر يمس الإنسانية كلها مثلا حقوق الإنسان لا فرق فيها بين مصري وغير مصري، وهكذا، فتعدد الانتماءات بالطبع موجود، ولكن الأولوية تكون حسب الموضوع الذي نتحدث فيه. ودائرة المركز في دوائر الهوية، وهي الدائرة التي نشترك جميعاً في الانتماء لها كمصريين، هي دائرة انتمائنا لمصر، الوطن الأم، وأساس المواطنة بين كل المصريين، هو المساواة بيننا جميعاً كمصريين، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو غير متدين، وهذا هو الحل لهذا الخلط الذي يتم بحسن نية من البعض أو بسوء نية من البعض الآخر.



إخواني المسلمين والمسيحيين يا من ترون أن الوطن هو الدين، أقول لكم: طرحكم يعني اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، لصالح هوية دينية رغم أن الدين لا يطلع عليه سوى الديان، أنتم تفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية. ندعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، ونتمنى أن يكون الانتماء الديني قد ترك في قلوبكم مكاناً يتسع لهوية مصرية.



الدين ليس هو العدو



إلى من يرون أن الدين هو العدو ... إلى من يرون أن الإسلام هو العدو ... إلى من يرون أن المسيحية هي العدو ... أقول لهم، الدين يمكن أن يكون أقوى داعم في الدعوة للتسامح والإخاء، أما إذا خيرتم الناس بين الدين وبين ما تدعون إليه، لاختاروا الدين، وفي نفس الوقت، لا يوجد سبب لمثل هذه الخيارات المتعسفة، فيمكن لكل إنسان أن يحتفظ بعقيدته، وفي نفس الوقت يتعامل مع إخوانه في الوطن بمساواة كاملة وتسامح غير محدود. أقول لمن يحاولون افتعال معركة مع الدين، الديانات حمالة أوجه، يمكننا أن نجد فيها الآيات والتفسيرات التي تدعو للتسامح، "لكم دينكم ولي دين"، "لا إكراه في الدين"، "أحبوا أعداءكم"، "لست عليهم بمسيطر"، وهو ما يضع حدوداً بين الولاية الروحية والسلطة الدنيوية، فالسيطرة تدل على السلطة الدنيوية، تماماً مثل "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". وهناك أيضاً آيات وأحاديث وقصص يمكن أن يجد فيها البعض ما يفسره في اتجاه الإقصاء، ويستخدمه في التحريض على الكراهية، بمفهوم "من ليس معي فهو ضدي"، أو "قد أتيت بسيف"، أو "وأعدوا لهم ..."، أو "وقاتلوهم ..."، إذا استخدم التفسير الحرفي دون أن ينظر لسياق الموضوع، والأهم، دون أن يستخدم المقياس الأصلي، وهو مقاصد الدين والقيم العليا التي يحض عليها. وعلى سبيل المثال يذكر البعض آيات مثل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، باعتبارها تحض على العنف والإرهاب، بينما قد يفسرها البعض بأنها تدعو لتطوير قوة الردع التي تمنع الاعتداء وتضمن السلام، لإن إعداد القوة لتخويف العدو من مغبة العدوان هو توجه نحو السلام من منطلق القوة الدفاعية أو قوة الردع، فأي التفسيرين نريد ونستلهم؟ التفسير الذي يحاصر الأديان في خانة الإرهاب أم التفسير الذي يفتح الباب والقلب للسلام والإخاء؟ هل نريد أن نحاصر الأديان في التفاسير المتعصبة التي قد تحض على العنف وعدم قبول الآخر أم نسعى لتطوير الفكر الديني والتركيز على التفاسير والآيات التي تنشر المحبة والإخاء والقبول بالآخر؟


هل ندمغ الإسلام بالعنف لوجود حوادث إرهابية من مسلمين، أو بسبب توسع الإمبراطورية الإسلامية عن طريق الحروب، أو كنتيجة لوجود فترات من الاضطهاد الديني في عصور حكام مسلمين؟ وهل كان توسع الإمبراطوريات القديمة سوى عن طريق الحرب؟ هل ندمغ المسيحية بالعنف نتيجة لاضطهاد غير المسيحيين والأريوسيين وغيرهم بعدما تبنت الدولة الرومانية المسيحية كديانة رسمية للدولة، أو بسبب محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا وغيرها، أم نستلهم عظات المسيح المملوءة بالدعوة للحب والتسامح ونأخذ حوادث العنف باعتبارها أمثلة ودروساً لما يمكن أن يحدث إذا شجعنا التوجه المتعصب لأي دين؟

المعركة ليست ضد الدين، وإنما ضد الكراهية والتعصب باسم الدين، والاقصاء باسم الدين، والشيطنة والتكفير والقتل باسم الدين. المعركة هي تطوير الفكر والفهم الديني ليتناسب مع متغيرات الحياة، وفي نفس الوقت مع الحفاظ على القيم والمقاصد، وليس النصوص والتفاسير الجامدة. فالدين إذن مثل البوصلة التي ترشدنا للاتجاه، وليس كالوتد الذي يثبتنا في الأرض فنتوقف عن المسير، أو ننكفئ على وجوهنا بفعل التباين بين طبيعة الزمن الذي يتحرك للأمام، وأحكام الشيوخ أو الآباء الذين يريدوننا أن نتشبث بذلك الوتد الذي لا يعرفون غيره.



الخلاصة


إن الأساس في مناهضة التمييز، هو التطور الثقافي والحضاري، بما يشمله هذا من تطوير منظومة القيم والمعاملات والتشريعات، أما التركيز على التشريعات فقط فهو أمر محكوم عليه بالفشل وقد يؤدي لنتائج عكسية. وفي نفس الوقت، من يحاولون افتعال معارك وهمية مع الدين – أي دين – فهم يضربون المواطنة والدولة المدنية في مقتل، ويعملون لصالح دعاة الدولة الدينية. بل يجب علينا أن نساهم في تطوير الفكر الديني والتركيز على قيم الحب والتسامح وليس استعراض التفاسير الشاذة أو معايرة أصحاب الديانات بالفتاوى المشينة.



والتطور الحضاري أساسه النتاج الفكري، ثم بث هذا النتاج من خلال منظومات الثقافة والإعلام والتعليم، إلى أن نرى القيم الحضارية تتجلى في السلوكيات والمعاملات بل والطبائع والعادات الشخصية والاجتماعية، وعندها تتنامي قوة المناعة الحضارية، للقضاء على فيروس التطرف والهوس الديني. وفي نفس الوقت، فإن التطور الديمقراطي وتحقيق المواطنة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تدفع بالدولة الرسمية لتحل محل الدويلات الموازية التي اقتنصت ولاء المواطنين منها، حتى تصبح المواطنة والولاء والانتماء الأول هو للوطن، وليس لجيتو ديني.

Sunday, January 09, 2011

Comment on an Article: The New Middle East Narrative

An extremely important article on the Psychology of winning and losing. A must read for any Arab leader who truly seeks to break the endless cycle of defeat, depression and more defeat.

Thank you Prof. Narwani for this. It was painful to read, only a sobering sign of its relevance.
Read the Article at HuffingtonPost

Parallel State: People's State

الدولة الموازية



نشرت أولاً في نشرة "الإصلاح الاقتصادي" التي تصدرها مؤسسة CIPE (مركز المشروعات الدولية الخاصة) في 2005


ثم أعادت المصري اليوم نشرها في يناير 2006

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=4347&IssueID=144


Opinion Poll - 94% of Participants Vote Against NDP

94% يصوتون ضد الحزب الوطني

أتحدى أي جهة أن تعطينا نتائج أي

 استطلاع بديل بأية منهجية




كشف استطلاع للرأي على الإنترنت نتائج عكسية تماما للانتخابات البرلمانية ... حيث رفض 94% من المشاركين استمرار الحزب الوطني في الحكم - بينما وافق على استمراره 2% وقال 2% انهم لا يهتمون بالموضوع. ورغم أن هذا الاستطلاع محدود، حيث لم يشارك فيه سوى 238 شخص - على الإنترنت فقط - أي لم يأخذ طابع البحث الميداني - علاوة على أن قراء الموقع الذي أجرى الاستطلاع يمكن تصنيف معظمهم من المعارضين - إلا إنني أتحدى اية جهة بأية منهجية أن تعطينا نتائج أي استطلاع رأي بديل - يجيب على السؤال - هل المصريون يوافقون على استمرار الحزب الوطني في الحكم؟

وسبب التحدي ليس فقط أنني واثق من النتيجة بل لأنني بالفعل متشوق أن أعلم راي المصريين في هذه المسألة ... لأن جميع الاستفتاءات والانتخابات التي تمت في حياتي القصيرة (عمري 49 سنة) هي انتخابات مزورة وبالتالي لا أحد يعلم حقاً ماذا يريد الشعب المصري ...

عندما يأتي الرفض 55% أو 60% - عندها يمكن أن نقول أن نسبة الخطأ قد تعكس النتائج وتغيرها بصورة جوهرية - لكن أن تأتي النتيجة 94% - وحتى مع الاعتراف بوجود تحيز واضح نتيجة لأن طبيعة الموقع - هو موقع معارض للحزب الوطني - وبالتالي قراؤه أيضاً غالباً ينتمون لتيارات المعارضة - إلا أن هذا يفتح الباب لمثل هذا التحدي ...

نريد من اية جهة ... أن تخبرنا بأية نتيجة - فقط عليها أن تخبرنا بالمنهجية ...


جاء السؤال كالتالي - هل توافق على استمرار الحزب الوطني في الحكم - وكانت الإجابات المتاحة بالترتيب هي - نعم - لا - ولا أعلم / لا أهتم ... شارك في الاستطلاع 238 شخص من خلال هذه الصفحة على الإنترنت ...

مرة أخرى مصادر التحيز :
  • هذا التصويت لا يعبر إلا عن من شاركوا فيه
  • نسبة كبيرة من المصريين لا تستخدم الإنترنت
  • نسبة كبيرة من قراء وزوار هذا الموقع معارضون للنظام
  • عدد المشاركين (238 مشارك) صغير نسبياً 

كل هذه تحفظات واردة ... ولا أدعي دقة النتائج أو انها تعبر عن كل المصريين ...

ولكن  ... أتحدى الجهات التالية أن تقوم بمسح مشابه بالطريقة التي تناسبها

  • جريدة المصري اليوم على موقعها الإلكتروني
  • مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية - بحث ميداني

لماذا لا تقوم جريدة الدستور الإلكترونية بعمل مسح مشابه؟ أعلم أن زوار الدستور من المعارضة أيضاً ... لكن هي بداية - قد تستفز الآخرين أن يقوموا بمسح مشابه أو أكثر ... ومع تعدد القراءات ومقارنة المناهج وظروف البحوث - يمكننا أن نستخلص نتيجة نستفيد بها - ويستفيد بها النظام إن كان مهتما بمعرفة رأي المصريين في الموضوع السياسي ...

السؤال الأخير ... لو النتائج غير صحيحة - لماذا قاتل نواب وقيادات الحزب الوطني ضد تحويل نظام الانتخابات البرلمانية لنظام القائمة النسبية - الذي يتيح للمواطن اختيار المرشح وأيضاً اختيار الحزب ...

أليس لدى الحزب الوطني أي استطلاعات رأي تبين مدى رضا الشعب عن حكمه؟

هل يعقل أن يظل الحزب الوطني جاسماً على صدورنا لمدة 60 عاما (باعتباره حفيد المؤتمر القومي والاتحاد الاشتراكي ومنبر الوسط وحزب مصر العربي الاشتراكي ... بالمناسبة - أهم مقرات الحزب الوطني التي احتلها و يجتمع فيها ليست ملكا له - لأنها كانت ملكاً لحزب مصر العربي الاشتراكي - الذي راسه في البداية ممدوح سالم - إلى أن قرر الرئيس السادات - سامحه الله - أن ينشيء الحزب الوطني الديمقراطي - فكانت نهاية جنين التعددية الحزبية في مصر ووفاة الديمقراطية والعودة لنظام الحزب الواحد - ولكن تحت ستار مسرحي بنص مدار ومعد سلفاً - وهو الديمقراطية والتعددية المدارة ... ألا من ستار ينزل وينهي هذه المسرحية السخيفة التي ضيعت 33 عاما من عمر هذا الشعب ... )

عودة للتحدي ...

من يريد أن يكذب نتائج هذه الاستطلاع - عليه أن يقدم استطلاعا بديلاً - بأية منهجية يختارها

نحن في الانتظار ...





My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook