Showing posts with label Thought Police. Show all posts
Showing posts with label Thought Police. Show all posts

Tuesday, August 05, 2008

Thought Monopoly
- Thought Police

في

احتكار

الافتكار



قرأت تدوينة للكاتب محمد التهامي عرضتها الزميلة مروة رخا بعنوان: "هقولك أفكارك ؟ و أنت تكتب!"، التي تتحدث عن جيل الدكاترة الذين يرفضون أن يفكر الشباب أو يقوموا بتدوين نتاج أفكارهم ونشرها في المدونات أو على الإنترنت، وأن ذلك الجيل يرى أنه كان ينبغي على هذا الشباب أن يأخذ الأفكار من الخبراء وأعضاء المجالس وينشرها – بدلاً من أن يتجرأ وينشر الأفكار بصورة عشوائية بعيداً عن أهل "الخبرة الفكرية"!


وقد سمعنا من قبل بعض قيادات الأحزاب "المعارضة" التي تصف مثلاً شباب الفيس بوك بأنهم "عيال لاسعين"، أو أنهم من "القلة المندسة"، أو أنهم "مترفون ومنحرفون". باختصار هناك جيل بالكامل، بل فصيل مكون من جناحين متكاملين، يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة، وأن التفكير هو "مهنة" حصرية، مقتصرة على "المفكرين" العظام من الذين اختصتهم الحكومة بالأضواء الإعلامية، والمساحات الصحفية، ومقاعد رئاسة التحرير والتبرير، سواء في الصحف القومية، أو المجالس والمصاطب القومية، أو القنوات التليفزيونية والإذاعية الحكومية، أو هيئة الكتب ووزارة الثقافة الحكومية، وغيرها من هيئات تابعة للجنة الإرشاد القومي، وماكينة البروباجندا الخاصة بالنظام.


ومن نافل القول أن نذكر الجميع، بأن مثل هذه الأجهزة والهيئات القومية، هي من عينة صحافة عيش السرايا، يتبوأها ويجلس على كراسيها ويمسك بنواصيها، ويحتفظ بمفاتيحها، ويصطنع طفاشاتها، ويسطو على خزائنها، مجموعة مميزة من العقداء والعمداء والمخبرين في "جهاز مكافحة الفكر"، ومهمتهم الرئيسية هي التأكد من أن "الفكر" الموجود أو المتاح للنشر في وسائل الإعلام، هو فكر يتوافق مع قيم الطاعة والولاء ومسايرة النظام، وأنه يحتفي بالتوريث والتمديد، ويقدس تجميد الأوضاع لمدد غير محددة، ويجتهد في فنون تحنيط القيادات، وشد جلدهم وصبغ شعرهم وإظهارهم في صور الشباب الأولى باعتبار أنه ليس للزمن تاثير عليهم فهم أبداً مخلدون. أما الفكر الشرير الضار، الذي قد ينادي بالتغيير أو التجديد، أو يتجرأ على الإبداع، أو يتمرد على الأوضاع، وهي الأوضاع المنيلة القائمة، فوأده والتصدي له ودفنه، هي من أولى مهام قيادات شرطة مكافحة الفكر، حيث يفخر الواحد منهم بأن الكاتب الفلاني لم يظهر له مقال في الصحف مثلاً لمدة عشر سنوات نتيجة لاجتهاده في اضطهاده، أو أن الصحيفة الفلانية قد أغلقت لمدة 8 سنوات بناء على تعليماته، أو أن المفكر العلاني قد توفي تليفزيونياً منذ 15 سنة ولم يعد حتى لتسجيلاته القديمة أثر في أرشيف التليفزيون، والفضل ينسب ليقظة العقيد أو العميد أو المخبر حبيب السرايا وعاشق عيش السرايا وشربات عيش السرايا.


ومثل هؤلاء المخبرين بكل تأكيد، هم سقط المتاع في سوق الكانتو الملحق ظلماً بالفكر أو الثقافة أو الإعلام، رغم أنهم يتميزون بقدر غير محدود من السماجة وانعدام الموهبة، مع حقد دفين وعداء سافر معلن وواضح ضد صاحب أي موهبة أو رأي، ولكنهم والحق يقال، لديهم رصيد لا ينتهي من الولاء للنظام، وقدرة غير محدودة على النفاق وتبديل المواقف طبقاً لاتجاه الريح الآتية من السرايا، مهما كانت رائحتها.


ومثل هؤلاء تماماً مثل من يصرخون ويتشنجون في غضب بمجرد أن تتكلم في أي شيء له شبهة علاقة بالدين، فعندها ينتفض الواحد منهم للدفاع عن الدين ويقف بصلابة ضد كفار قريش الذي تمثلهم أنت، وينهيك عن التجرأ بالحديث في أي شيء له علاقة بالدين، باعتبار أن هذا هو شأن المختصين والكهنة وحملة المباخر، باعتبار أن التفكر والاجتهاد هو مهنة حصرية مقصورة أيضاً على طبقة معينة اختصها الله بالعلم والحقيقة دون غيرها، من خلال وصلة إلهية حصرية دي إس إل لا يمكن للعامة أن يشتركوا فيها إلا بعد اجتياز اختبارات عديدة، وإزالة أجزاء معينة من أدمغتهم وبرمجة الأجزاء الباقية حتى تطمئن المؤسسة الدينية إلى أن هؤلاء قادرون على مهام الحفظ والنقل دون إعمال الفكر أو العقل فيما يعرض لها من مشاكل ومعضلات في القرن الواحد والعشرين، فيصبح عليهم أن "يجتهدوا" في البحث عن الفتاوى والاجتهادات ذات الصلة بتلك المعضلات المعاصرة، في كتابات المجتهدين الغابرة، التي تعود إلى القرن الثالث أو الرابع الهجري، أو تلفيق مثل تلك الصلة إن لم تتيسر.


فالفصيل الرافض للفكر كما رأينا، يتكون من جناحين أو قسمين يتكاملان ويتناغمان ويتآمران على الفكر، قسم يتبع النظام وولاؤه لجهاز محاربة الفكر ووزارات الإرشاد القومي، والقسم الآخر يتبع التيارات الدينية وولاؤه لدولة الخلافة ومكتب الإرشاد الديني.

وبين هؤلاء وهؤلاء، ضاع الوطن أو كاد، لأن قواعد العالم الذي نعيش فيه اليوم، تضع جل القيمة المضافة تحت بند الفكر، فالأصول المادية، والموارد الطبيعية والخامات الأولية وحتى العمالة اليدوية، لم يعد لها نفس الوزن الاقتصادي، بل أصبح معظم القيمة المضافة يأتي من نتاج الفكر، سواء في البحوث والتطوير، أو براءات الاختراع، أو من خلال صناعة العلامات التجارية وتسويق البراندات، وهي كلها أنشطة فكرية تحتكرها دول العالم المتقدم، والدول التي اجتهدت في اللحاق بها، بينما تعاني دول العالم الثالث من انعدام أو ندرة هذه الأنشطة الفكرية، نتيجة لانقراض فصيل المفكرين، وضمور عضلات التفكير وهي المخ، تحت تأثير الغسيل المستمر، أو الهيستريا الدينية، وبالتالي فإن نصيب شعوبها من كعكة الاقتصاد العالمي هو نصيب ضئيل لا يسمن ولا يغني من جوع، ومن هنا يأتي الفقر المدقع الذي ترتع فيه هذه الدول.


والعدو الأول لهذه الدول بناء على هذا التحليل، ليس في الحقيقة هو الصهيونية العالمية ولا الإمبريالية الاستعمارية ولا المؤامرات الغربية ولا الإرهاب، وليس العولمة أو ثقب الأوزون، بل أن العدو الأول هو "أجهزة مكافحة الفكر" اللصيقة بالنظم الشمولية، والوجه الآخر لها وهي مؤسسات الهستيريا الدينية في تلك الدول. فمكافحة الفكر والموهبة تبدأ بصورة منظمة "سيستماتيك" منذ السنوات الأولى لكل مواطن وتستمر لحين تحقيق الهدف بنجاح وهو اسئصال الفكر، ربنا يكفيك "شر الفكر". ومن لا ينجح النظام الشمولي أو الهيستيريا الدينية في غسل مخه وبرمجته، يتم طرده خارج المنظومة والمجتمع، فيهاجر غير مأسوف عليه إلى مجتمعات ودول أخرى، يساهم في نهضتها وتقدمها، في نزيف مستمر للعقول، نفرح به كالبلهاء باعتبار أن العاملين بالخارج والمهاجرين يبعثون بجزء من تحويلاتهم بالعملة الصعبة لأهلهم في مصر، أو ينفقون جزءاً من دخولهم في شراء أصول عقارية في مصر، وبهذا يضيفون للاقتصاد القومي ما يشكرون عليه، خاصة أنهم لاقوا الاضطهاد والأمرين من قبل من قبل الجهاز القومي لمكافحة الفكر، ولكننا لا ندرك مدى الخسارة الفادحة، والفرصة الضائعة الناتجة عن هجرة هذه العقول والمواهب، التي تضيف 7 طبقات وأستك من المزايا التنافسية لبلاد أخرى في عالم لا يعرف سوى القوة والمنافسة الشرسة.


ومؤخراً، بدأت الدولة الموازية تجد حلاً لهذه المصيبة، فقد بدأت المنتديات الفكرية والثقافية والمحاورات والمساجلات تظهر وتنمو على استحياء في الفيسبوك، وسبقتها بعض المدونات التي بدأت تعمل بمثابة "إعلام مواز" وصحف موازية، تسجل الأحداث وتنشر الأخبار الممنوعة أو المعتم عليها، ووجهات نظر أصحابها، ومع التنوع الواسع في النقل والنشر والاتجاهات والانحيازات الفكرية، يستطيع القارئ أو المتصفح أن يكون صورة شخصية عن الواقع، هي أفضل بكثير من الصورة الحكومية الرسمية المعتمدة لشكل الواقع، وهي صورة نعلم جميعاً أنها زائفة وبايتة وقديمة، تماماً مثل صور الحكام والزعماء وأزواجهم، التي تصف الواقع طبعاً ولكن في الثمانينات، أو تشد جلد الواقع وتجتهد في صبغ شعره أو تنعيم بشرته أو حقن خدوده بحقن الشباب الوهمية، بينما يعاني الواقع من الشيخوخة والتكلس الفكري والفشل العضوي!


وطبعاً هذا لم يرق للقائمين على الفكر والثقافة، وأولياء أمر الشعب الغرير العبيط، ولله الأمر من قبل ومن بعد. فصرخ هؤلاء جميعاً في صوت واحد، لا وألف لا للفيس بوك والمدونات، التي تفسد أخلاق الشعب وتفتح أعينه على مصائب ومفاسد الحرية والديمقراطية، فجاء مثلاً مشروع قانون تكميم الفضائيات والفيس بوك ليعالج هذا الخلل في السيطرة على مخ الشعب قبل انفلات الأمور خارج نطاق السيطرة، ونلاحظ أن التيارات الدينية على الفيس بوك مثلاً رحبت بمشروع القانون لأنه يتيح السيطرة على الفكر المدني والتقدمي والليبرالي، وحتى نتخلص من "قروبات التنصير" و"العلمانية والإلحاد والانحلال والماسونية والصهيونية العالمية"!


وهنا لابد أن نرد على هؤلاء وهؤلاء. أقول لجيل "الحكماء والخبراء"، وأقول لفصيل "محاربة الفكر" سواء في جناحه المكون من العقداء والعمداء والمخبرين التابعين لشرطة الإرشاد القومي، أو الدعاة النصابين التابعين لشرطة الإرشاد الديني، أقول لهم جميعاً: "لن تستطيعوا تعقيم الفكر أو إخصاء العقول. لقد خرج المارد من القمقم. قيودكم ودوجماتكم هي حدود لكم أنتم ولكنها لا تلزمنا ولن تقيدنا. الفكر ليس حكراً عليكم. خبرتكم بكل أسف لم تفدنا في شيء والدليل هو تدهور أوضاعنا إلى الحضيض في نوبة ولايتكم على مدى نصف قرن." وهنا أنا أتحدث إلى من يمثلون النظام، ومن يدعون أنهم يمثلون المعارضة للنظام من التيارات الدينية، لأننا نعلم جيداً أنهما وجهان لعملة واحدة، عملة رديئة لا يمكن قبولها إلا في ظل احتكار الحقيقة، عملة سقطت سقوطاً مدوياً في الأسواق العالمية كلها، عملة لا يمكن استمرارها لأنها تدور عكس اتجاه عقارب الزمن، عملة مكانها على أفضل تقدير وبمنتهى المجاملة، في متحف العملات التاريخية، أو متحف الفصائل المنقرضة.

وائل نوارة
أغسطس 2008

**************
Original Note:

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook