Showing posts with label Wael Nawara. Show all posts
Showing posts with label Wael Nawara. Show all posts

Saturday, March 28, 2009

Freedom of Faith

التمييز الديني

رؤية ثقافية

وائل نوارة


religion.jpg image by shrew19


مقدمة
عبر الثلاثين عاماً الماضية، عانت مصر من حالة متنامية من الهوس الديني، اخترقت المجتمع بكافة شرائحه، بما يشبه الغزو الفيروسي الذي يقتحم جسداً ضعيف المناعة، فيصيبه بالحمى والهذيان ومختلف الأعراض المرضية. والمناعة هنا هي المناعة الحضارية والثقافية التي ضعفت بصورة شديدة، فأدت إلى استشراء الفيروس في جسد الأمة المصرية بصورة هددت عافيتها. وبالطبع فقد صاحب هذا الهوس الديني تصاعد في التمييز الديني، ومصادمات وحوداث متكررة تقف وراءها أسباب طائفية، أدت بدورها للمزيد من التقطب والتحزب الديني، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة.



وبينما تنعقد الكثير من المؤتمرات لتناقش التغيرات المطلوبة في القوانين واللوائح، ينسى الكثيرون أن المشكلة في مصر ليست فقط مشكلة قوانين، بل أن القوانين هي أحد أعراض المشكلة، وربما تكون أقل أطراف المشكلة في حدتها. أما المشكلة الرئيسية في رأينا فهي مشكلة ثقافية وحضارية. ولابد هنا أن نعرف الثقافة culture ليس بمعنى الآداب والفنون، بل بمعنى طريقة الحياة، أو الحل الحضاري. ونعني هنا بالحل الحضاري Culture أو "طريقة الحياة" Way of Life ونعرف طريقة الحياة بأنها "مجموعة القيم والطبائع والسلوكيات والقناعات الفكرية والعادات والتقاليد ونظم التفاعل الاجتماعي التي تتبناها جماعة ما، باعتبارها تمثل الإجابة أو الحل الحضاري Solution لمشكلة البقاء".



المشكلة الرئيسية إذن لا تتعلق ببعض القوانين أو حتى مواد الدستور، بل هي تتعلق بتراجع الحل الحضاري المتجه للحداثة أمام حلول حضارية سلفية. بل أننا يمكن أن نقول أنه مع تراجع تبني المجتمع لقيم الحداثة والتطور، فإن التشريعات تسبق المجتمع ليس في مصر فحسب، بل في العديد من الدول العربية الأخرى، مثل تونس والمغرب. بمعنى آخر، فإن الرأي العام يميل للمحافظة أكثر من التشريعات التي قد تمررها النخب الحاكمة. المشكلة إذن في المجتمع، والحل هو في التنوير، وليس فقط في التشريع، بل أن التنوير يجعل التشريعات التي تكفل المساواة تأتي من الشعب، من أسفل إلى أعلى، بما يضمن جدية التطبيق وانتشاره على أرض الواقع.



والدليل على ذلك يظهر في تأييد القيادات الدينية الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً للحزب الحاكم ورموزه، على الرغم مما قد يبدو على السطح أحياناً من خلافات، لكن تلك القيادات ترى أن النظام الموجود يكفل لها حقوقاً أفضل ويطرح مخاطر أقل من آخرين قد لا يرون في المسيحي مواطن كامل الحقوق، بل يرون أنه يمكن لأجنبي مسلم أن يتولى رئاسة الدولة بينما لا يصلح مسيحي مصري لذلك، رغم أننا نتحدث عن الدولة المصرية.



وبينما تؤيد القوى السياسية الليبرالية مثلاً إلغاء الخط الهمايوني وإقرار قانون موحد لبناء وصيانة دور العبادة، وإزالة خانة الديانة من بطاقة الهوية القومية، وحرية المعتقد والتحول الديني، وعدم التفرقة بين الأديان بحجة أن بعضها سماوي وبعضها غير سماوي، أو أن بعضها صحيح والآخر محرف، وغيرها من أطروحات غريبة في أمور هي في الأساس قائمة على الإيمان الشخصي، ولكن المحك الحقيقي يأتي على أرض الواقع: هل عند التطبيق سيستطيع أصحاب الديانات المختلفة بناء دور العبادة بنفس الدرجة من الحرية والمساواة، أم أن السلطات المحلية ستتفنن في وضع العراقيل أمام البعض وتسهيل الطريق أمام البعض الآخر، في محاكاة لرواية مزرعة الحيوانات "كل الحيوانات متساوية ولكن بعضها أكثر استواء من الآخر"! فالعبرة إذن ليست بالقوانين ولكن بالمناخ الثقافي السائد في المجتمع. مثال آخر، نحن نعلم أن عقوبة القتل والاعتداء معروفة ولا تحتاج لقوانين إضافية، لماذا إذن لم نر أحكاماً تصدر بحق مرتكبي حوادث العنف الطائفية على مدى ثلاثين عاماً، مع الاكتفاء بجلسات الصلح وتقبيل اللحى وغيرها من وسائل تضرب هيبة القانون في مقتل وتستحل دماء ضحايا جدد. فالقوانين موجودة ولكن التطبيق منعدم. ومن أخطر القيم التي تتسبب في فساد المناخ الثقافي تأتي الأحادية الفكرية، والإصرار على أن هناك
وجه واحد للحقيقة المطلقة. ورغم أن مبدأ الشك قد دخل في الفكر الإنساني منذ مئات السنين في كتابات ديكارت وغيره من الفلاسفة، وجاء هذا المبدأ ليعكس فكرة أن للحقيقة أوجه متعددة وأن هناك العديد من الزوايا التي يمكن أن ننظر بها لنفس الموضوع، وجاءت التطورات العلمية ليطرح أينشتين مبادئ النسبية التي تجعل الأطوال والكتل والسرعات تختلف حسب مرجعية كل مراقب، ثم طرح هايزنبرج مبدأ عدم اليقين في تحديد مواضع وسرعات الجسيمات باعتباره مبدأ ثابت في فيزياء الكون Heisenberg Uncertainty Principle، إلا أن غسيل المخ الذي يحدث بصورة ممنهجة للطفل المسلم أو المسيحي منذ مراحل نموه الأولى، يتكفل بانتزاع أو تعطيل خلايا المخ المسئولة عن التفكير النقدي.



ومبدأ الشك وعدم اليقين في جانبه الإيجابي يشجع روح البحث العلمي والإبداع والتطوير الفكري الدائم، والقدرة على نقد الواقع بل ونقد الذات، والقدرة على تقبل الآخر والتعايش بين الأضداد، وفي جانبه السلبي فإن مبدأ الشك يزعزع العقيدة وهي الأرض الروحية التي يقف عليها الإنسان مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التعاسة والاكتئاب، فالتوازن إذن هو ما ينبغي أن نسعى إليه. ولكن ما يهمنا هنا هو أن سيادة فكرة أحادية الحقيقة يعوق قدرة المجتمع على التطور ويتسبب في تجمده كما قد يؤدي إلى انتشار العنف ومعاقبة من يختلفون في الفكر مع المجموعة أو من قد يمثلها من حكام مما يهدد فكرة التعددية والديمقراطية والانتخاب الطبيعي للأصلح وهو ما يهدد أيضاً بقاء المجتمع ككل في وجه المجتمعات القادرة على تطوير نفسها داخلياً.



وقد يقترح البعض أن الطبيعة المصرية التي تميل إلى التدين والتمسك بالعقيدة هي التي تؤدي بالمصري إلى التمسك بالمطلق وعدم تقبل فكرة أن الحقيقة نسبية وأنها متعددة الأوجه، ولكننا نقول إنه لا يجب أن نخلق تعارضاً أو نوع من التضاد بين وحدانية العقيدة وما تفرضه من الإيمان المطلق بثوابت دينية وبين روح البحث العلمي والسعي إلى العمل والأخذ بأسباب القوة والنجاح وقبول فكرة أن الآخر له حق الاختلاف في الرأي أو الاقتناع بفكر معاكس أو اعتناق عقيدة مغايرة، كما أن اليقين والأحادية التي ترتبط بالدين، لا يجب أن تتوسع لتجور على الموضوعية والفكر النقدي والتحليلي في الأمور غير الدينية.



فالعقيدة هي اقتناع القلب ولا تحتاج أدلة مادية أو إثباتا منطقيا وبالتالي فليس هناك ما يمنع قبول فكرة أن كلاً منا قد تكون له عقيدته وحقيقته الشخصية المتفردة طالما لا يحاول فرضها على الآخرين وطالما جاءت قواعد الحوار المنطقي كأساس لإثبات الحقيقة الوضعية عند وجود الخلاف. وهناك مساحة شاسعة للاتفاق بين أصحاب العقائد الدينية المختلفة، بل وغيرهم ممن يؤمنون بمنظومة القيم الإنسانية ويلتزمون بالقوانين الوضعية، ولذلك المنطق يقول أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هي القيم العليا والمقاصد العامة والمبادئ المشتركة وليست الطقوس أو النصوص الحرفية. هنا تكون المرجعية في المنطق الطبيعي والقوانين الوضعية، بعيداً عن الثوابت الدينية التي قد يختلف عليها البعض، وبالتالي عند تنظيم المعاملات المدنية بين الأشخاص المختلفين يكون الأصل هو استخدام القانون الطبيعي وقواعد المنطق والاستنباط دون التقيد بمرجعيات دينية قد يُختلف عليها.



وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نعفي النظم الاستبدادية بأنها تقف وراء تنامي نفوذ التيارات السلفية والمتطرفة، باستخدام الدين في السياسة للتخلص من تيارات معارضة حيناً، والعمل على رفض وتفتيت وتجميد ومحاصرة الأحزاب المدنية حيناً آخر، واستخدام التيارات المتطرفة كفزاعة لمنع التطور الديمقراطي، رغم أن تنامي قوة التيارات المتطرفة لم يحدث إلا في ظل غياب الديمقراطية، الذي أدى أيضاً لفشل هيكلي بنيوي مزمن للنظم التي قد يراها الشعب نظماً أقرب للعلمانية، وبالتالي يدفعه هذا الفشل إلى الاتجاه الآخر، اتجاه الدولة الدينية.
إن حق كل مواطن هو أن يعيش آمناً في بيته دون أن يعتدي عليه غيره بالفعل أو اللفظ، ولنا أن نضع أنفسنا مكان غير المسلمين الذين يتعين عليهم أحياناً أن يستمعوا عبر الميكروفونات لخطباء غاضبين لا هم لهم سوى تكفير أصحاب الديانات المغايرة والتحريض على كراهيتهم. وحق كل مواطن هو أن يتمتع أطفاله بخدمة تعليمية لا تمييز فيها، لكننا نجد أن وزارة التربية والتعليم قد تغلغلت فيها الجماعات السلفية والمتطرفة، حتى أصبح الحجاب فرضاً على كل تلميذة منذ عمر 8 أو 9 سنوات، ناهيك عن تدريس نصوص إسلامية في مناهج اللغة العربية سواء النحو أو القراءة، وعدم تدريس اللغة المصرية (القبطية) ولو حتى كمادة اختيارية. دعونا نتخيل أن الدولة أصدرت قوانين بتلافي هذا كله، كيف سيتم تطبيقها على أرض الواقع إذا كان القائمون على التطبيق من المروجين للفكر السلفي ويعدونه هو الطريق إلى الجنة؟



انهيار فكرة الوطن وتآكل الانتماء والمواطنة
المواطنة، ما هي إلا انتماء مواطن لوطن، يتمتع معه المواطن بوضع قانوني وسياسي ومزايا والتزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالمواطنة تعبر عن انتماء الأفراد للوطن بما يتضمنه ذلك من حقوق للأفراد، وواجبات ومسؤوليات تقع عليهم تجاه الوطن الذي ينتمون له.


وتشمل المواطنة الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الوطن الذي يحتضنهم، بما يضمن تمتع جميع المواطنين بالمساواة دون أن يقع على أي منهم أي نوع من أنواع التمييز القائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.


العلاقة بين الوطن والمواطن
فالعلاقة بين الوطن والمواطن إذن تظهر على أكثر من محور:

  • قانوني: فهذه العلاقة لها شق قانوني يشبه التعاقد الضمني، يشمل الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي تقع عليه، ولعل الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تجسد بنود هذا العقد الاجتماعي
  • سياسي: أن يشارك المواطن في صنع القرار المجتمعي
  • ثقافي: هو مخزون تراكمي من القيم المشتركة والتراث التاريخي والحضاري، تتجسد في مجموعة ضخمة ومتشابكة من العادات والتقاليد والسلوكيات ونظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالقيم المشتركة هي التي تشكل الضمير والعقل الجمعي للمواطنين، وهي التي تحدد بنيان وطبيعة نظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، التي ترسم طريقة الحياة أو "كتالوج الحياة" على أرض الوطن
  • اقتصادي: أن يستطيع الفرد نتيجة لهذا الانتماء أن يحصل على احتياجاته الأساسية، من خلال انخراطه في المنظومة الاقتصادية لهذا الوطن وتفاعله معها، وهذا هو مفهوم المواطنة الاقتصادية، ويرمز له البعض بالعدالة الاجتماعية
  • اجتماعي: أن يتمتع الفرد بالعلاقات الاجتماعية التي تربطه بهذا الوطن، من خلال علاقات قرابة وصداقة وزمالة وجيرة لمواطنين آخرين
  • معنوي أو نفسي: ونتيجة لكل ما سبق، يتولد لدى المواطن شعور بالانتماء للوطن، وهو شعور نفسي لدى الفرد بعضوية كيان اعتباري هو الوطن، والتضامن مع المواطنين الآخرين بناء على الاشتراك في التاريخ والمصير.


    فالعوامل أو الروابط التي تتحكم في الانتماء لوطن لها شقان على الأقل، أحدهما يقع في الماضي بتراثه وذكرياته، والآخر يكمن في الموافقة الجماعية على العيش المشترك في الحاضر والمستقبل. ويمكن أن نقول أن الشق الأول الذي يقع في الماضي هو شق قدري لا يملك المواطن أن يتحكم فيه، ولكن الشق الثاني هو شق اختياري، لأننا قد نجد بعض المواطنين وقد عجزوا عن الحياة في الوطن، أو عجزت الحياة في ذلك الوطن عن أن توفر لهم احتياجاتهم الحياتية الأساسية، فيلجأون للانتساب لوطن آخر بصورة اختيارية عقلانية و – أو عاطفية.



تحلل وضعف الدولة الرسمية وصعود الدويلات الموازية



ويمكننا أن نتصور هذه العوامل أو الروابط، مثل الخيوط الدقيقة المغزولة معاً، والتي تتجمع لتكون حبل الانتماء. وعندما تتآكل تلك الخيوط واحداً بعد الآخر، يهترئ حبل الانتماء، حتى ينقطع أو يكاد.

فعندما يفقد المواطن حقوقه القانونية المكفولة له بموجب الدستور، أو تفتئت الدولة أو من يمثلها من موظفي العموم أو ضباط الشرطة على حريته أو كرامته كمواطن، أو يفتقد الشعور بالأمن، أو تتعطل منظومة العدالة، أو تغتال ممارسات الدولة والمجتمع أبسط قواعد المساواة وتكافؤ الفرص، أو يشعر "المواطن" أن رأيه لا يقدم ولا يؤخر، وأن صوته الانتخابي مهدر، وأن القرارات الاجتماعية تصدرها طبقة حاكمة بمعزل عنه، والأسوأ أنها لا تمثله ولا تراعي مصالحه، عندها، تنفصم بعض خيوط الانتماء.

وعندما يشعر المواطن بالاغتراب الثقافي، وبأن القيم الحاكمة في المجتمع، لا تتوافق مع قيمه الشخصية، بل وتتعارض معها في تضاد وتنافر، وأن منطق الحياة في المجتمع لم يعد يكافئ المجد أو الماهر أو الموهوب، بل أن المنافق والفاسد والممالئ للطبقة الحاكمة على حساب مصالح الوطن والمواطنين، هو الذي يتبوأ مقاليد الأمر والنهي ... عندئذ لابد وأن تتآكل خيوط أخرى.


وعندما تعجز قوانين ونظم الدولة التي تجسد مفهوم الوطن في الوفاء باحتياجاته الحياتية، من رعاية صحية، وخدمات تعليمية، وتأمين اجتماعي، وأمن وعدالة، فيضطر للجوء لقوانين ونظم بديلة في الدولة الموازية، يصبح فعلياً ولاؤه مزعزاً بين الدولة الرسمية والدولة الموازية. وقد يسأل سائل، أليست "الدولة الموازية" هي فكرة نظرية، بمعنى أنه لا توجد فعلياً دولة "رسمية" باسم الدولة الموازية، طبقاً لتعريف الدولة الموازية نفسها؟ فكيف ينتمي المواطن لدولة غير موجودة رسمياً؟

وهنا نرد بمثال بسيط، عندما يضعف أو يختفي دور الدولة في المجالات التي ذكرناها، وتأتي جماعة أو حزب أو جمعية أو شخص، ليقوم بتقديم هذه الخدمات بدلاً من الدولة الرسمية، فيفتتح عيادة طبية بأسعار رمزية في مسجد مثلاً أو كنيسة، كبديل عن الخدمات الطبية المنعدمة أو فاحشة التكلفة في تلك المنطقة مثلاً، ثم يلحق بها عدة فصول للتقوية تعويضاً عن فشل أو عجز أو تدهور أو قصور النظام التعليمي الرسمي، ثم يبدأ في تخصيص مبالغ شهرية من عائد الزكاة أو النذور أو التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بتخصيص "معاشات" شهرية لتلك الأسر، كبديل عن الضمان الاجتماعي الذي لم تقدمه الدولة الرسمية، وهكذا.

مع كل هذا، ألا يتحول ولاء المواطن ليصبح مرتبطاً بهذه الجماعة أو الجمعية أو المسجد أو الكنيسة، بسياساتها وشخوصها ومصالحها، بدلاً من ولائه للوطن الأصلي؟ وعندما تعرض له قضية وطنية أو سياسية، ألا يأتي قراره بناء على مصالح أو توجيهات قادة الدولة الموازية التي تفي باحتياجاته؟ هنا نكتشف أن انتماء وولاء المواطن يصبح للمسجد أو الكنيسة أو الجمعية أو صاحب العمل أو عضو مجلس الشعب الذي يفي باحتياجاته الحياتية، وتصبح مصلحة تلك الدولة الموازية مقدمة على مصلحة الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن الأصلي.


لقد تقوقع المسلمون في الدين الإسلامي، وتقوقع المسيحيون حول الكنيسة، فأصبح للإخوان مثلاً دويلة إسلامية موازية، وأصبحت الكنيسة دويلة موازية أخرى، وتدريجياً اجتذبت هذه الدويلات الموازية الولاء من مواطني الدولة الرسمية الذين أرادوا بدورهم أن ينتموا لكيان بديل عن الوطن الضائع، فضعفت فكرة الوطن، واقتربنا من أن نصبح شعبين في وطن واحد. بل أننا نسمع هذه التعبيرات بالحرف: الشعب المسيحي، أو شعب الكنيسة والأمة الإسلامية، إين إذن الأمة الموحدة التي تسكن هذا الوطن، مصر؟ نحن ندعو للدولة المدنية ولفصل الدين عن السياسة، فما هو البديل عن ذلك، هل نريد نظام محاصة طائفي حتى نصبح شعبين يعيشان على أرض واحدة يتربصان ببعضهما البعض انتظاراً للحظة الانفصال، أم ندافع جميعاً عن حقوق المواطنة لكل فرد، مسلم أو مسيحي أو بهائي أو بوذي أو غير متدين؟



دور يجب أن يتغير

لا شك أن المؤسسات الدينية في مصر لعبت دوراً إيجابياً في مجمله في الماضي في الحفاظ على الشخصية الثقافية المصرية بل وتطويرها. فالأزهر حافظ على الطابع الوسطي للإسلام المصري إلى أن تغلغل فيروس الهوس الديني المستورد في المجتمع ككل والأزهر جزء من هذا المجتمع. كما نذكر أن حركة التنوير والتطوير خرجت من رحم الأزهر في بدايات القرن التاسع عشر، علاوة على وقوف الأزهر كجزء قيادي لا يتجزأ، من حركات المقاومة والاحتجاج بل والثورة. والكنيسة المصرية أيضاً لعبت دوراً إيجابياً في الحفاظ على اللغة المصرية والتقاليد المصرية القديمة التي تربطنا بالأجداد وتجعلنا نتواصل مع شخصيتنا القومية تاريخياً. ولكن مع ظهور الدولة الحديثة، كان من المفترض أن يتطور دور الأزهر والكنيسة ليتناسب مع تحديات العصر ومتغيراته، حيث أصبح التخصص هو سمة الحياة العصرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ولكن المؤسستين بدلاً من أن يفسحا المجال لمؤسسات الدولة المدنية ويشجعان على التطور الديمقراطي وانتخاب مجالس وبرلمانات ومسئولين مدنيين، نجد أن الحرص على عدم فقدان سلطة دنيوية جعل المؤسسة تقوم بدور هو خليط من مؤسسة دينية وسلطة حكم أو دور دولة ذات سيادة – داخل الدولة الرسمية.



فانقلب الدور الإيجابي إلى سلبي بسبب عدم مواكبة هذه التطورات، ولا شك أن لتلك المؤسسات الدينية اليوم دوراً سلبياً في التمييز الديني، ونحن هنا نتحدث عن كل من المؤسسة الإسلامية والكنيسة الأرثوذكسية. فالأولى تنهال علينا بسيول من الفتاوى التي لا يقبلها عقل ولا منطق، والثانية تصر على انتزاع الحقوق المدنية من المواطنين المسيحيين، فدمجت مثلاً الزواج بشقيه القانوني والروحي في حزمة واحدة، رغم أن الطبيعي أن تترك الشق القانوني للدولة المدنية، وتتحكم هي في الشق الروحي كما تشاء. ولا ننسى بالطبع جلسات الإرشاد، وقضايا الحسبة، والتعامل مع المسائل الدينية وكأنها ملف أمني في الأساس.



الإخوان المسلمين وإخوان الصليب

ومن أجل الحفاظ على السلطة الدنيوية، يجتهد زعماء الحركات السياسية التي تستخدم الدين، في تعريف الدولة من خلال قالب ديني، لأنهم يعلمون أن استخدام التعريف العصري المتفق عليه للدولة الحديثة، يقلص من سلطاتهم لتنحصر في المجال الروحي، فتضيع سلطاتهم الدنيوية والسياسية، فنجد الإخوان المسلمين مثلاً يعرفون الأمة بأنها الأمة الإسلامية، ويعرفون الهوية المصرية باعتبارها جزء من الهوية الإسلامية، في برنامجهم الذي أعلنوا عنه عام 2007. وقد جاء في سياق هذا البرنامج فكرة "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.



ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.



وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.



ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من الحرب على الهوية المصرية ممن يضعون لهم شعاراً "طظ في مصر"، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.



وفي نفس الوقت يخرج علينا "إخوان الصليب" ليقولوا لنا أن المصريين الذين دخلوا في الإسلام قد تنازلوا عن هويتهم المصرية. ولا يفوتني أن أقول أن عدداً ضخماً من "إخوان الصليب"، يتشدقون بالعلمانية، ظناً منهم أن العلمانية هي سب الإسلام، ولكن عند بحث القضايا المفصلية، تجدهم يأخذون جانب المرجعية الدينية على طول الخط، تماماً مثلما يتشدق الإخوان المسلمون بفكرة المواطنة، ثم يعودون ويعرفون الوطن على أساس أنه دار الإسلام والأمة الإسلامية، وبالتالي فغير المسلمين هم أهل الذمة مواطنون من الدرجة الثانية على أفضل تقدير.



والهوية المصرية لا تتعارض مع الهوية الإسلامية أو المسيحية، وأحيانا قد يقع بعضنا في حيرة ترتيب أولويات الانتماء، فالبعض يقول أنا مصري أولاً والآخر يقول أنا مسلم أو مسيحي أولاً، وفي رأيي هذا به خلط للأوراق، فتعدد الانتماءات في كل شخص شيء طبيعي، ولكن يجب أن نبحث عن موضوع النقاش حتى نحدد أي من الانتماءات له الأولوية في ذلك الموضوع، مثلاً أنا أهلاوي أولاً عندما يتعلق الموضوع بماتش كورة في الدوري المصري، ومصري أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء سياسي أو شيء يمس وضعي كمواطن في دولة اسمها مصر، أو أمر يمس أرض مصر أو حدودهأ، ومسلم أولاً أو مسيحي أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء ديني يمس علاقتي الشخصية بالخالق، وقد أكون مهندساً أولاً أو خبيراً في الإدارة أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء فني مهني أو إداري. فكوني مصرياً لن يجعلني أدلي برأي يخالف أصول المهنة أو المبادئ العلمية المتعارف عليها إذا سئلت للشهادة مثلاً في قضية حكومة مصر تكون أحد أطرافها. وأنا إنسان أولاً عندما يتعلق الموضوع بأمر يمس الإنسانية كلها مثلا حقوق الإنسان لا فرق فيها بين مصري وغير مصري، وهكذا، فتعدد الانتماءات بالطبع موجود، ولكن الأولوية تكون حسب الموضوع الذي نتحدث فيه. ودائرة المركز في دوائر الهوية، وهي الدائرة التي نشترك جميعاً في الانتماء لها كمصريين، هي دائرة انتمائنا لمصر، الوطن الأم، وأساس المواطنة بين كل المصريين، هو المساواة بيننا جميعاً كمصريين، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو غير متدين، وهذا هو الحل لهذا الخلط الذي يتم بحسن نية من البعض أو بسوء نية من البعض الآخر.



إخواني المسلمين والمسيحيين يا من ترون أن الوطن هو الدين، أقول لكم: طرحكم يعني اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، لصالح هوية دينية رغم أن الدين لا يطلع عليه سوى الديان، أنتم تفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية. ندعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، ونتمنى أن يكون الانتماء الديني قد ترك في قلوبكم مكاناً يتسع لهوية مصرية.



الدين ليس هو العدو

إلى من يرون أن الدين هو العدو ... إلى من يرون أن الإسلام هو العدو ... إلى من يرون أن المسيحية هي العدو ... أقول لهم، الدين يمكن أن يكون أقوى داعم في الدعوة للتسامح والإخاء، أما إذا خيرتم الناس بين الدين وبين ما تدعون إليه، لاختاروا الدين، وفي نفس الوقت، لا يوجد سبب لمثل هذه الخيارات المتعسفة، فيمكن لكل إنسان أن يحتفظ بعقيدته، وفي نفس الوقت يتعامل مع إخوانه في الوطن بمساواة كاملة وتسامح غير محدود. أقول لمن يحاولون افتعال معركة مع الدين، الديانات حمالة أوجه، يمكننا أن نجد فيها الآيات والتفسيرات التي تدعو للتسامح، "لكم دينكم ولي دين"، "لا إكراه في الدين"، "أحبوا أعداءكم"، "لست عليهم بمسيطر"، وهو ما يضع حدوداً بين الولاية الروحية والسلطة الدنيوية، فالسيطرة تدل على السلطة الدنيوية، تماماً مثل "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". وهناك أيضاً آيات وأحاديث وقصص يمكن أن يجد فيها البعض ما يفسره في اتجاه الإقصاء، ويستخدمه في التحريض على الكراهية، بمفهوم "من ليس معي فهو ضدي"، أو "قد أتيت بسيف"، أو "وأعدوا لهم ..."، أو "وقاتلوهم ..."، إذا استخدم التفسير الحرفي دون أن ينظر لسياق الموضوع، والأهم، دون أن يستخدم المقياس الأصلي، وهو مقاصد الدين والقيم العليا التي يحض عليها. وعلى سبيل المثال يذكر البعض آيات مثل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، باعتبارها تحض على العنف والإرهاب، بينما قد يفسرها البعض بأنها تدعو لتطوير قوة الردع التي تمنع الاعتداء وتضمن السلام، لإن إعداد القوة لتخويف العدو من مغبة العدوان هو توجه نحو السلام من منطلق القوة الدفاعية أو قوة الردع، فأي التفسيرين نريد ونستلهم؟ التفسير الذي يحاصر الأديان في خانة الإرهاب أم التفسير الذي يفتح الباب والقلب للسلام والإخاء؟ هل نريد أن نحاصر الأديان في التفاسير المتعصبة التي قد تحض على العنف وعدم قبول الآخر أم نسعى لتطوير الفكر الديني والتركيز على التفاسير والآيات التي تنشر المحبة والإخاء والقبول بالآخر؟


هل ندمغ الإسلام بالعنف لوجود حوادث إرهابية من مسلمين، أو بسبب توسع الإمبراطورية الإسلامية عن طريق الحروب، أو كنتيجة لوجود فترات من الاضطهاد الديني في عصور حكام مسلمين؟ وهل كان توسع الإمبراطوريات القديمة سوى عن طريق الحرب؟ هل ندمغ المسيحية بالعنف نتيجة لاضطهاد غير المسيحيين والأريوسيين وغيرهم بعدما تبنت الدولة الرومانية المسيحية كديانة رسمية للدولة، أو بسبب محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا وغيرها، أم نستلهم عظات المسيح المملوءة بالدعوة للحب والتسامح ونأخذ حوادث العنف باعتبارها أمثلة ودروساً لما يمكن أن يحدث إذا شجعنا التوجه المتعصب لأي دين؟

المعركة ليست ضد الدين، وإنما ضد الكراهية والتعصب باسم الدين، والاقصاء باسم الدين، والشيطنة والتكفير والقتل باسم الدين. المعركة هي تطوير الفكر والفهم الديني ليتناسب مع متغيرات الحياة، وفي نفس الوقت مع الحفاظ على القيم والمقاصد، وليس النصوص والتفاسير الجامدة. فالدين إذن مثل البوصلة التي ترشدنا للاتجاه، وليس كالوتد الذي يثبتنا في الأرض فنتوقف عن المسير، أو ننكفئ على وجوهنا بفعل التباين بين طبيعة الزمن الذي يتحرك للأمام، وأحكام الشيوخ أو الآباء الذين يريدوننا أن نتشبث بذلك الوتد الذي لا يعرفون غيره.



الخلاصة

إن الأساس في مناهضة التمييز، هو التطور الثقافي والحضاري، بما يشمله هذا من تطوير منظومة القيم والمعاملات والتشريعات، أما التركيز على التشريعات فقط فهو أمر محكوم عليه بالفشل وقد يؤدي لنتائج عكسية. وفي نفس الوقت، من يحاولون افتعال معارك وهمية مع الدين – أي دين – فهم يضربون المواطنة والدولة المدنية في مقتل، ويعملون لصالح دعاة الدولة الدينية. بل يجب علينا أن نساهم في تطوير الفكر الديني والتركيز على قيم الحب والتسامح وليس استعراض التفاسير الشاذة أو معايرة أصحاب الديانات بالفتاوى المشينة.



والتطور الحضاري أساسه النتاج الفكري، ثم بث هذا النتاج من خلال منظومات الثقافة والإعلام والتعليم، إلى أن نرى القيم الحضارية تتجلى في السلوكيات والمعاملات بل والطبائع والعادات الشخصية والاجتماعية، وعندها تتنامي قوة المناعة الحضارية، للقضاء على فيروس التطرف والهوس الديني. وفي نفس الوقت، فإن التطور الديمقراطي وتحقيق المواطنة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تدفع بالدولة الرسمية لتحل محل الدويلات الموازية التي اقتنصت ولاء المواطنين منها، حتى تصبح المواطنة والولاء والانتماء الأول هو للوطن، وليس لجيتو ديني.



Friday, August 22, 2008

كتاب النبؤات : إعادة ترتيب المكان




إعادة ترتيب المكان






كانت في بيتها
تعد طعام العشاء لأطفالها
طرقوا الأبواب
فتحت مرحبة بالركبان


أعطتهم من خير البيت
فأكلوا
وشربوا
وتجشأوا
لكنهم لم يشبعوا

ظلوا يأكلون
ويشربون
لكنهم لم يشبعوا

أمرهم كبيرهم
خلسة
بأن يجمعوا من المنزل كل نفيس
ثم قرروا أن يقضوا منها وطراً


سدوا الكوات والنوافذ
كمموا أفواه الصبيان
كبلوا الأيادي والأبدان


تكأكأوا عليها بليل
حاصروها
أوقعوها
وحاولوا أن يواقعوها
في بيتها غصبا

نظرت إلى السماء
نظرة تساؤل
لم تنظر لهم
ولم تلمهم
للحظة واحدة

وفي محاولة أخيرة
للخلاص
ركلت موقد الكيروسين
بقدمها

اندلعت النار
في الوقود المسكوب
وانقض الحريق
كالقدر المكتوب
تراقصت ألسنة اللهب
وتصاعد الدخان

خرجوا مسرعين
يتعثرون في سراويلهم
والنار تمسك بأجسادهم
مثل كرات مشتعلة
تشق حلكة الظلام

وفي لحظات
تجمعت السحب
واصطخب الرعد
أمطرت السماء
كما لم تمطر من قبل
في تلك القرية الصغيرة
تطفئ النيران
وتغسل الأدران


وقفت الجموع حاسرة
في ترقب أمام بيتها

.
.
.

وخرجت بهية بصغارها
من وسط الحطام

نظرت للسماء
في ثقة وامتنان
غطت رأسها
مسحت على رءوس أطفالها
وابتسمت للجيران

ثم بدأت تعيد ترتيب المكان

.
.
.
.





© 2008, Wael Nawara


نشرت لأول مرة في أغسطس 2008


********************



Picture Adapted from "V for Vendetta", the movie. In the movie, V blows up the Parliament as a symbol of people's protest against tyranny of the government, co-memorating Guy Fawkes' attempt 400 years earlier, on the 5th November 1605 ...



Remember Remember ... the 5th of November ... the Gun Powder Treason and Plot ...

I know of no reason, why the Gun Powder Treason, should ever be forgot ...

.
.
.

Thank you, Omar, for the Inspiration!

.
.
.

عندما تتصاعد النيران
والدخان

تكون هذه علامة
لإعادة ترتيب المكان

.
.
.

My FB Groups and Causes


Account Blues



My account gets disabled on average once a month ...
It's usually to do with me importing notes from my blog or something like that ...
There is a bug in "feed import" which sometimes imports duplicates of old blogs/notes and so Facebook System thinks that I am writing too mant notes :))
I wish!

So, I lose my Groups ... even that my name stays in a group ... but I lose the link to the Group ... and if I am an admin to a group, I can no longer Edit Group information or perform Admin Functions

:)

So, I thought that I will just write down the names of my groups here and the links to them ... so that ... just in case I lose my groups again ... at least I have them recorded somewhere in one place ...

Additionally, if you believe that I was a member of your Group ... please write down the name of the group and the LINK to the Group ...

Inviting me again to your group will not work ... because I appear to be still a member in the Group ... so I can not join it again ... but not really fully in the Group ... so ... just give me the link to your group if you believe I was once a member ...


This is so weird ... I feel like I am suffering from Amnesia ... reminds me of Egypt ... who went through the longest Amnesia of all ... since 400 AD ... or to be more accurate ... since 391 AD

Anyway ... here we go



*********************

The Third Republic
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=5888427441

Support Free Media in Egypt
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=19982242894

Trial of Captain De Sade
(State Security Police Officer who Tortured and Humiliated our Youth)
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=20682357511

Egypt a Civil Liberal State (Cause)
http://apps.new.facebook.com/causes/69165?m=68bbf&recruiter_id=5369410


Hypatia Debates
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=28763226024

Gods & Mythology of Ancient Egypt
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=4938696444

Egypt Remembers
Remembering our Egyptian Identity
http://www.facebook.com/group.php?gid=4967019140


****************************

NAL Friends and Supporters
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=34349352360

NAL BOD
http://www.new.facebook.com/group.php?gid=16439760118


****************************


I will also put this in my Blog

WeeKite
*******
http://weekite.blogspot.com


And the Sofa
**********
http://waelnawara.wordpress.com

Friday, July 04, 2008

An Overdose of Reality


The Unbearable
Weight of
Reality






The Jacobean Building

A Novel,
By: Dr. Alaa Al Aswany





Book Review
By: Wael Nawara




Nothing has ever managed to describe the multitude of depressing facets of the miserable reality of our Egyptian society, than the "Jacobean Building" better known in Egypt as, the “Yacobean Building”. In this painful novel, Dr Alaa Al Aswany, originally a dentist, slammed us with an overdose of reality in a masterpiece which likes we have not seen in decades.
The Yacobean Building” alone definitely qualifies Aswany to a "Noble Prize in Literature."
While I was reading, I started to have some chest pains, some dark hand was squeezing my heart mercilessly as I began to realize the unbearable weight of reality in today’s Egypt. Poverty, injustice, opportunism and the unholy alliance between corruption, wealth and political power made me sick.

I started getting depressed as “Buthayna”, a young innocent girl from what should have been a middle class is not only forced to first accept prostitution, as something that inevitably comes on the side of any job she can get but she shortly becomes a full time pro. Amazingly, many characters still live with us today, almost with the same names and titles. Kamal El Fouly, for instance, head of elections committee in the ruling party, bargains with Haj Azzam, a corrupted drug dealer with a legal retail business as a façade, to guarantee his candidacy and eventually a seat in the parliament.



Soon after his election, he becomes the sole agent of a major Japanese auto maker and is forced to enter into partnership with the “top man”. By the time you finish the Novel, and you dare not stop reading although you really need a break and possibly a therapy session every other page, you are ready to apply for an immigrant visa to move and live elsewhere.
You want to be “Anywhere but here”.



The Untold Stories




Despite its chilling brilliance, I think Al Aswany has missed a few characters. Maybe because they are hidden in their own silent determination to change things so that they can have a future in what they rightfully consider their own homeland. They could have been sitting unnoticed next to Taha El Shazly, the unfortunate victim of poverty, nepotism, class discrimination and eventually one of many mass-produced terrorists of the system with little choice on their side.

Taha, with his tragic destiny that ended in blood all over unsuspecting readers’ faces when he was killed during his first assassination assignment, could have overshadowed our undiscovered ordinary guy. This ordinary guy, with the rest of his silent clan, will soon change the face of this nation, I promise you.One of those hidden soldiers of the “Change Corps” could be yet hiding in the very womb of Buthayna, as the fruit of a complicated love affair that led to an odd marriage between this young girl abused by everyone and “Zaki Desouki”, a sixty something remnant of a long-gone glorious past and nobility.

Zaki, once the son of a Wafdist minister, now a full time womanizer who smokes cheap stinky cigars. Ironically, this marriage of incompatibility may not be your typical happy ending, but this is as close to “happy” as you can get with this novel.


In your next novel, Dr Aswany, please dig us out to some light at the end of the tunnel. You have shaken us to our foundations. Now, please, inspire us.
Dr Aswany, you have skillfully diagnosed our illnesses, puss-filled ulcers and fatal wounds. Now, we beg you to give us the kiss of life. Breath an uplifting wind into the lungs of this suffocating nation.






Tuesday, July 01, 2008

A Message to the Ruler







رسالة إلى الوالي



أنا مصر، أمك، فانهض واستمع..

قلبي غاضب عليك
وغضبي سيأكل قلبك إن لم تفعل ما يجب
أرى ما تفعله بأبنائي وبناتي فينقبض قلبي
أشعر بالخطر يحيط بأرضي نتيجة لسوء تقديرك

العسكر على كثرتهم لن تحميك
ولن تنشر السلام على أرضي
في لحظة سينقلب العسكر عليك
ليقفوا بجوار أهلهم الفلاحين

السلام ينتشر عندما يجد أبنائي ما يقيم أودهم
لا تطلب من الفقير أن يصبر وبيته خال من الخبز

لا تطلب من الأب المكلوم أن يسكت
وابنه المريض لا يجد العلاج

أرضي مليئة بالخير لكل عامل
الظلم والفساد كالملح جعلها بوراً
تضيع فيها المياه والتعب

أراك وقد أقمت تجاراً جشعين
على سن القوانين

اعلم أن من سيطر حب الذهب على لبه
لا مكان لماعت في قلبه


دولتك سوف تسقط
يا كل من حاربت الماهر والمتقن والموهوب
ومنعته أن يتبوأ مكانه الذي يستحق ولو كان كرسيك الذي تجلس عليه الآن
ملكك سوف يزول يا من عاقبت العامل وسجنت الطيب ووصمت الأبرياء


لديك ملايين الجواهر التي أودعتها مملكتك وأقمتك عليها حام
الآن تشكو من زيادة النسل وكثرتهم لك ثروة
كل جوهرة تأتي بالخير الوافر لمن يرفعها
أو تجرح أقدام من يمشي فوقها


الخرس لا ينشدون
والأقزام لا يشيدون المسلات العظيمة
العبيد لن ينصروك على كثرتهم
وإن أقسموا على الطاعة والولاء


فقط الأحرار يمكن أن تقودهم إلى النصر
دون أن ينكصوا على أعقابهم فيخذلوك
فقط اللئيم يخشى من أعوانه الشجعان

لا تضعف إخوتك الأقوياء ظناً أن هذا يحميك
لا يحميك إلا أن يكون لك إخوة أقوياء
أطلق طاقاتهم تجدهم معك في كل ميدان فتنتصر

لا تدع جنودك يعيثون في الأرض فساداً ويجورون على أولادي
معسكرات الجنود خارج المدينة ورزقهم يأتيهم من خير أهلهم المزارعين
لا تدع عمالك يتكبرون على أولادي ويرهقونهم بالصكوك والأختام

أنا أعطيك ما يكفيك فلا تأخذ ما هو ليس لك
لا تأخذ جل المحصول من الفلاح الفقير بدعوى تدعيم الجيوش
العامل لن يعمل إن لم ير ثمرة عرقه


لا تعط عمالك أقل مما يستحقون حتى لا يستحلوا أموال الدولة التي أنت عليها راع
اسمع للصغير والكبير واعمل بأفضل ما تسمع مهما كان مصدره


أجزل في العطاء لصاحب كل رأي تستحسنه
إن تنكر فضل الناصح لن يتردد على مجلسك سوى السفهاء
ويخلو رأسك من الأفكار الملهمة

لا ينقص من قدر الحكيم أن يعترف بالخطأ ويرجع عنه
من يركبنه العناد والصلف عن أن يقول أنا أخطأت يغوص في الأوحال حتى قمة رأسه
إن تصم أذنيك عن شكوى المظلوم يثقل قلبك بالخطايا ويأتيك صراخه يفزع نومك


أنت وجنودك تتقاضون معاشكم مقابل خدمة أولادي وحمايتهم
إذا انقلبت الآية وصار أولادي عبيداً لدولتكم زال ملككم ولو بعد حين
خذ عبرة ممن ذهب من قبلك وهو في وسط جنوده



إن ترغب في الاستفادة من الكنز أنا أدلك على مكانه
في قلب كل واحد من
أولادي وفي ساعديه وفي رأسه

إذا جعلت قلبه حزيناً
وقيدت ذراعيه بالسلاسل
ووطأت رأسه
بحذائك

فلا تشكون من الفاقة وسوء النهاية



وائل نوارة


a joke to fate
House with no Mirrors



a joke to fate

i sit in the corner . . . and look behind
a pair of tired eyes can only find
just a bunch of walls
which i can’t unwind

i float to the ceiling . . . and look at me
my half-shut eyes will only see
someone trapped in the corner
head between his knees

i try to soar . . . finally stall
your mighty angry look will make me fall
and i feel no pain
only cracked two balls

i search for a mirror . . . although i know
your house has none for me at all
so i sit in the corner
wonder what went wrong

i walk down town . . . just look around
i wonder why i cannot hear a sound
though i placed one ear
right on the ground

i come home late . . . to find you ate
a plate in the fridge’s the one i hate
so, i drink another beer
tell a joke to fate








From: HOUSE WITH NO MIRRORS



© Wael Nawara, 2008








سيدتي
لم أعد أستطيع
أن أتحمل
نظرتك الغاضبة

Saturday, June 28, 2008

Extreme Wiring
RAM vs. ROM Brain Paradox


كيف تتعرف على الأخ المتطرف



By: Wael Nawara

.

.

التطرف موجود بكثرة ووفرة شديدة والحمد لله ولا يستطيع أي شخص إلا أن يشكر جميع المسئولين وخاصة السيد الدكتور اللواء وزير التعليم على الضخ المستمر لأعداد غير محدودة من الإخوة المتطرفين في كل محفل. والتطرف ولله الحمد موجود وسط المتدينين وغير المتدينين، في صفوف المسلمين والمسيحيين واليهود والقوميين والشيوعيين، ولكن معظم فصائل المتطرفين تشترك في خصال وأورام حميدة وخبيثة متعددة، ومن طول معاشرة الأخوة المتطرفين ومعايشتهم في كافة المحافل والمستشفيات ودور العبادة ومقاهي وسط البلد، رأيت أن نتذكر ونتدارس بكل تقدير صفاتهم المتفردة، وذلك حتى تعم الفائدة على الجميع، ومن فاته التطرف يجتهد ليدركه، وعلى الله الأجر والثواب.


درس في التشريح

بالإضافة للصفات العقلية المتفردة للأخ المتطرف، يعاني المتطرف أيضاً من بعض التشوهات التشريحية والعقلية والبدنية مثل:

تصلب في العنق وفي مقلتي العين
يعاني الأخ المتطرف ربنا يشفيه ويعافيه من تصلب شديد وأحياناً تليف في عضلات العنق، وقد يصل هذا في الحالات المتأخرة إلى تكلس في فقرات العنق، ويظهر هذا في فقدان جزئي أو كلي للقدرة على تحريك المريض لرأسه ليرى الموضوعات من زوايا مختلفة، ورغم أن الطبيعة قد حبته بقدرة استدراكية (باك أب سيستم) ليحرك عينيه، إلا أن فيروس التطرف الخبيث يصيب أيضاً عضلات مقلتي العين، فيفقد المريض القدرة على رؤية أي شيء خارج زاوية محدودة ولهذا نقول أنه Tunnel Visioned فهو تقريباً مثل الأعمى ينظر في اتجاه واحد.


انخفاض في مستوى التحليل اللوني بما يصل لعمى الألوان
وبينما أنعم الله على البشر بقدرات فائقة في مجال رؤية الألوان والنور والظل، حيث يستطيع معظم الناس أن يميزوا بين آلاف الدرجات المختلفة من الألوان، ومن هنا نشطت حركة البيع والشراء في الدهانات والأزياء وفواتير الألوان التقليدية والمستحدثة، إلا أن المتطرف ربنا يشفيه يرى سلخة (شريحة) صغيرة من عجلة الألوان تحتوي على لون واحد واللون المقابل له في الناحية الأخرى من العجلة وهي ظاهرة القطبية اللونية الثنائية.


انخفاض في الذاكرة المتاحة LOW RAM Random Access Memory
في أجهزة الحاسب الآلي تنقسم الذاكرة إلى نوعين رئيسيين، الذاكرة المتاحة RAM والذاكرة المثبتة ROM، وهي التي تم برمجتها من قبل المصنع. ونظراً لأن الأخ المتطرف عادة ما يكون ضحية لأحد المبرمجين الذين يعملون من خلال التلقين على شحن مخ المتلقين بجرعات تكرارية من نفس الفلسفة أو الدوجما التي يقومون بتسويقها من خلال ضحاياهم وأتباعهم من المتطرفين والباعة الجائلين للصنف المغشوش المطلوب تسويقه، نجد أن معظم الذاكرة الباقية لدى الأخ المتطرف هي ذاكرة مبرمجة من قبل ROM أو Read-only-Memory أو الذاكرة المحروقةBurnt Chips وهذا قد يجعلنا نقول أن الشخص المتطرف عنده غسيل مخ Brain Wash، بينما في الواقع هو عنده حرق في المخ لتعرضه لجرعة تكرارية زائدة من نفس الصورة أو اللون، بما يتسبب في حرق خلايا التفكير.

وعلى سبيل المثال، فشاشة الصراف الآلي ATM Machine Screen نجدها محروق فيها تقريباً الشاشة التقديمية Welcome Screen لأنها تبقى لفترة طويلة على الشاشة، وبالتالي فإن الحبيبات التي تتكون منها الشاشة يحدث بها حرق جزئي على الصورة المستخدمة في الشاشة التقديمية، وهذا ما يجعل شركات الكومبيوتر تضع سكرين سيفر Screen Saver لتجنب أن تصاب الشاشة بهذا الحرق الدائم فتصبح مثلها مثل المتطرف غير قادرة على استعراض الصور المختلفة بنقاء وحيادية.


بالمناسبة، طبياً، عين الإنسان لابد أن تتحرك باستمرار ليستطيع الإنسان أن يرى الصور، ولو تم تعريض عين الإنسان لصورة واحدة دون أي تغير لعدة ثوان مع ثبات العين دون أي حركة، تتحول الصورة الساقطة على الشبكية إلى اللون الأسود. جرب بنفسك هذا، انظر لصورة واحدة دون أن تسمح لعينك بأن تطرف أو تتحرك على الإطلاق، وستجد أن الدنيا تسود أمامك والعياذ بالله، وهذا ما يحدث لنا جميعاً بعد عدة لقاءات مع الأخوة المتطرفين.

كانت هذه هي بعض صفات الأخ المتطرف.


والآن طريقة التعامل مع الأخ المتطرف:

كيف تتصرف مع الأخ المتطرف


أولاً: لا تدخل مع الأخ المتطرف في مناقشات حول الموضوعات المثبتة في ذاكرته المحروقة حتى لا تضيع وقتك

ثانياً: تجنب استثارة الأخ المتطرف تحت أي ظرف

ثالثاً: قصر وانجز لجل تقفل وتسنكر الدكانة وتروح سليم لأهلك

رابعاً: ادعيله ربنا يشفيه


آمين.

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook