Tuesday, August 05, 2008

Permission to Leave
A Note from the Archive

شكرٌ للعطاء

وإذن بالانصراف بسلام

للأستاذ وجيله


وائل نوارة - من أرشيف عام 2003


فاجأنا "الأستاذ" باستئذان جميل يغلبه التواضع، يطلب فيه "الانصراف" ويستعرض التقرير الختامي. ورغم يقين، بأن الفكر ليس له أن يتقاعد، فقد وقفت أتأمل المعاني العميقة وراء هذا الاستئذان، وطافت صور الماضي شخوصه وأشباحه بالوجدان، فشعرت بما يشبه الحنين .. والحسرة .. والأمل.

الحنين لطموحات أطلقها الأستاذ وجيله ومن معه، لماض رأينا أحلامه جميلة رائعة، حتى صحونا على كوابيسه قبيحة مروعة.

الحسرة على شباب غاب، وكهولة ذبلت، وأحلام ضاعت. ولعلني لا أرغب الآن في إفساد هذه المناسبة، باستعراض رسمي، للحساب الختامي، للأستاذ وجيله، ربما لأن الحساب هو من حق أجيال قادمة. وربما، لأنني أتهيب من قسوة الحساب ومرارته. إن نحن انغمسنا فيه الآن، والطريق لا زال وعراً، فقد تزداد ملامحه غموضاً، تتخفى عن قلوبنا وضمائرنا، وأخشى ما أخشاه، أن نضيع فيه، إن نحن ضيعنا طاقاتنا في الحساب والعتاب. أكره أن نبدأ في تناول معاول الهدم والخطر على الأبواب، بدلاً من تركيز كل جهودنا في البناء وتعويض ما فات، تصحيح ما فسد، وفعل ما كان يجب –بل وكان من الممكن- فعله، وتعامى عنه الجميع، سواء من يُحسبون على جيل الأستاذ، أو من هتفوا منا أو من غيرنا لذلك الجيل، أو من قعدوا ساكتين عن الفعل أو الهتاف أو حتى الكلام.

جلسنا نتحدث عن الماضي الجليل
وتبخترت خيوط من الدخان متكاسلة
توقفت الرياح وتباطأت أذرع الطواحين
وزحفت أمواج اليأس متسللة

وجاء صوت من بعيد
يذكرنا بما يجب ولم نفعله
تظاهرنا بالصمم حتى
خبا المصباح فلم نشعله
.... .... .... .... ....
.... .... .... .... ....
.... .... .... .... ....

والأمل، في أن الأستاذ عندما بدأ بالاستئذان، فقد يكون في هذا إيذان، ببدء موجات لطلب الغفران، يترك فيها جيل بأكمله الراية التي توقفت الرياح عن دفعها، ويسلمها لجيل أوشك على الغرق في يأس الكهولة ومتاهة النسيان. نسيان ما يجب أن يكون ولم نفعله.

مصالحة قومية ودعوة للعفو العام
إن الحدث قد يبدو صغيراً، ولكن هذا "الاستئذان" ذا دلالة تاريخية، تفصل بين عصرين، زمن راح، نودعه بمشاعر متناقضة، وزمن آت، ولابد أن يأتي. لابد أن يأتي على أيدينا أو أيدي أولادنا سواء شئنا أم أبينا. في ظل هذا الحدث، انتابتني موجات من الحب والمسامحة، والغفران.

أيها الأستاذ، أقول لكم بكل الحب، لقد عشقنا جيلكم، وإن لم نعشه أو نعه تماماً، أحببناكم حبنا لآبائنا وإن تعددت خطاياهم. أعجبنا بالشجاعة وروح الفروسية بل والرومانسية. مُلئنا زهواً، وتناقشنا لساعات طويلة لغواً، بل وهتفنا في الشرفات حتى دميت حناجرنا الصغيرة – ولا يُعقل أن تتوقعوا أنها للآن صغيرة.

أيها الأستاذ، أقول لجيلكم بكل الصدق، إننا نسامحكم، لأننا نعلم الآن أنكم بشر، ولستم آلهة أو أنبياءً منزهين، كما روج بل وزين بعضكم لبعض.

إننا نشكركم على عطائكم، ونغفر لكم ما قدمتم من ذنب، لأنكم آباؤنا، ونحب أن نعتقد في حسن نواياكم وصدق مقاصدكم.

وفي حمية هذه المصالحة القومية، القلبية بل والتاريخية، نعرض عليكم عرضاً كريماً.

اذهبوا بسلام عليكم السلام. دعونا نعيد البناء على أسس جديدة. إنه عرض خاص لفترة محدودة، قد لا يطول العمر بنا أو بكم – أطال الله في أعماركم – لاقتناصه.

إننا نعرض عليكم هذا الغفران والعفو العام – إن سمحتم لنا – شريطة أن تذهبوا الآن، وقبل فوات الأوان، بما يمثله ضياع الفرصة التاريخية من خطر داهم، علينا وعلى أبنائنا، أحفادكم الأعزاء.

لا نريدكم أن تظهروا على الشاشات، لتحاولوا –عبثـاً- أن تتطهروا من خطايا أو تصححوا ما فات، فلا يمكنكم أنتم في الواقع التصحيح إلا بالذهاب. لا تغامروا بتصفية حسابات، لندفع نحن ثمن المغامرة، فيفلس من يفلس، وينتحر من عجز عن ستر أولاده يوم بدء الدراسة، يأتي خالقه وقد خسر الدنيا وربما الآخرة، يطلب الغفران ممن يملك الرحمة والمغفرة، ويشكو ربه ظلم من ظلوا في مقاعدهم لعقود طويلة، بعد انتهاء العمر الافتراضي.

لقد استنفدت مؤسساتكم مرات الرسوب، وتجعدت وجوهكم مهما حاولتم تجميلها أو صبغها. لقد ضحى جيل أتى من بعدكم بعمره، ليرفع رايات الوطن تحت إمرتكم، ويمسح عاراً أصاب الوطن من جراء رومانسية سياستكم، فحرك ذلك الجيل المنسي عقارب الزمان، وأمسك بمفاتيح المكان، ووضعها بين أيديكم، في إعزاز وانتظر ... ولكنكم عجزتم عن فتح أبواب المستقبل لذلك الجيل المأسوف على شبابه، ولنا ومن يأتي من بعدنا، فكان ما كان.

في أحد الأيام
صحا الصبي مبكراً
ونظر حوله متذكراً
فلم يعجبه ما يرى
وهز رأسه مستنكراً
استفزه العجز .. الفشل .. الظلم والطغيان

قام الفتى قومة هائلة
حطم المقاعد والأصنام
واقتحم الحصون والألغام
ورفع الجباه والأعلام
وحرك عقارب الزمان
وأمسك بمفاتيح المكان
ووضعها بين يديّ الأب
في إعزاز وانتظر

ثم رنا إليّه متعجباً
.... .... .... .... ....
.... .... .... .... ....

.......
.......

الغـد
أيها الأستاذ المحبوب، يا من أنت في عمر أبي، نرجوكم ونتوسل إليكم أن تستمتعوا بالراحة والدعة والسكينة، التي تستحقونها بجدارة بعد جهاد طويل. نود أن ندعو الله لكم بالخير والرحمة، كما يجب أن يفعل كل ابن بار، ولكن ... رحمة بنا وبمستقبلنا، افرجوا عن مستقبل أولادنا الذي لا نستطيع أن نفرط فيه، مهما كان من إعزازنا لكم، ببساطة لأننا لا نمتلكه.

أيها الأب المبجل لا تستمع، لوساوس الخلود أو تنخدع، فاليوم آتٍ آت، بل لعله قد أتى بالفعل. لقد أضعتم الماضي، ثم أدرتم الحاضر بعقل الماضي، أما الغد، فلا يرضيكم ولا يرضي الله أن تحتكروه. لا لضعف منكم أو عدم كفاءة – سامحنا الله، ولكن لكي ينفض الوطن الحبيب عن نفسه أكفان الموتى، وينهض من تلك الحفرة العميقة، لتُبعث من جديد هذه الأمة العريقة، كما يجب أن يكون.

لا نريد أن تظلوا في مقاعدكم حتى تصيبكم الشيخوخة بما لا يليق بمهابتكم أو ينال من وقاركم. نريدكم آباءً مبجلين، وأجداداً محبوبين، يسعدون عندما يرون الأبناء وقد شبوا عن الطوق، يديرون حياتهم بأنفسهم، يخطئون ويصيبون، ولكنهم يتحملون مسئولية أنفسهم، وبيوتهم وأبنائهم، حتى يشب هؤلاء عن الطوق بدورهم، لتستمر دورة الحياة، كما أراد لها الله أن تكون. نود أن ندعو لكم وأن تدعوا لنا، كما يفعل كل الآباء والأجداد، والأبناء والأحفاد.

علمتمونا أن الجسد الحي يغير خلاياه في كل لحظة، ويجدد دماءه أثناء النوم واليقظة، وأن الجسد الميت فقط هو الذي يتوقف عن التجدد، ليبدأ في التعفن والتحلل، وهذا ما لا تقبلون به للوطن الحبيب، الذي أيضاً علمتمونا تقديسه بعد الله سبحانه.

هل يرضيكم أن يأتي الغد ليجد وجوهاً عابسة، وأيد مرتعشة، وعيوناً انطفأ بريقها ؟ بل هل تظنون أن الغد سوف يأتي إن لم يجد وجوه الصبيان ترحب به بروح الأمل والعزيمة، وملاحة الصبايا تضحك له وتحتفي به ؟ أي غدٍ يكون ذلك ؟ بل أنه بكل أسف يكون بقايا كوابيس الماضي، تستشري كالسرطان فتغزو الحاضر، ثم تتجمل لتوهم الشباب أنه المستقبل. ويهز الشباب رأسه في أدب وأسف وحسرة، فما تعود أن يهزأ بالآباء مهما تجاوزوا.

نرجوكم، اتركوا لنا بريقاً من أمل، لأن الحياة بدونه تؤلم أكثر من الموت، مهما اشتدت قسوة الهراوات. نرجوكم، كفوا عن التعلل بحرج الأوضاع والحاجة لحكمة الكبار. حرج الأوضاع من صنعكم، بل لعله نتيجة لسوء حظكم، الأمران سيان، ولكن من حقنا أن نجرب حظنا في عتبة أخرى.

لماذا الحياة ؟
وماذا يفيد الأمل والشفاه
تنوء بقيد أحنى الجباه
ونحن غفاة

لماذا الزمان
يضِنُ علينا بالصبيان ؟
بحلم يعيد بهاء المكان
ومجداً كان ؟

وكيف الغداة ؟
إذا ما فقد الصبي صباه
وضاع بليل عرض الفتاة
(فرتقناه)

لمَ يا زمان ؟
تحجب عن قلوبنا الفتيان
أبطالاً توقظ الأوطان
والسلطان

وفي الأرحام
بقايا بويضات من ألف عام
صبايا ضحايا عقم الكلام
وظلم الظلام

و ... ... ..
" أثناء غث الكلام .. عجز الظلام والأصنام .. .. ضاق بالألم اللجام
ولدت فصيلة الأقزام .. نشأت تأله الحكام .. وترمم العظام
بدأت تمسك بالزمام .. أخذت تثقب الأرحام والأقلام.. حتى مات الكلام "
(ونحن نيام)
.... .... .... .... ....
.... .... .... .... ....

اذهبوا الآن بسلام، عليكم السلام. ها نحن قد منحنا الإذن. ويبقى عليكم أن تفوا بالوعد.

وائل نوارة
2003
*******************
أعيد نشر هذا المقال الآن - بمناسبة تدوينة للكاتب محمد التهامي التي عرضتها الزميلة مروة رخا بعنوان: "هقولك أفكارك ؟ و أنت تكتب!"، التي تتحدث عن جيل الدكاترة الذين يرفضون أن يفكر الشباب أو يقوموا بتدوين نتاج أفكارهم، أنشر هذا المقال الذي كتبته عام 2003 بمناسبة اعتزال "الأستاذ"، وأذكره بأننا رحبنا باعتزاله وشكرناه على عطائه وشيعناه بكل حب واحترام وتجلة، لكنه يصر على العودة ولا يحتمل البعد عن الأضواء.
*******************

الأبيات مأخوذة بتصرف، عن ديوان "البحث عن الصبي" - وائل نوارة

Thought Monopoly
- Thought Police

في

احتكار

الافتكار



قرأت تدوينة للكاتب محمد التهامي عرضتها الزميلة مروة رخا بعنوان: "هقولك أفكارك ؟ و أنت تكتب!"، التي تتحدث عن جيل الدكاترة الذين يرفضون أن يفكر الشباب أو يقوموا بتدوين نتاج أفكارهم ونشرها في المدونات أو على الإنترنت، وأن ذلك الجيل يرى أنه كان ينبغي على هذا الشباب أن يأخذ الأفكار من الخبراء وأعضاء المجالس وينشرها – بدلاً من أن يتجرأ وينشر الأفكار بصورة عشوائية بعيداً عن أهل "الخبرة الفكرية"!


وقد سمعنا من قبل بعض قيادات الأحزاب "المعارضة" التي تصف مثلاً شباب الفيس بوك بأنهم "عيال لاسعين"، أو أنهم من "القلة المندسة"، أو أنهم "مترفون ومنحرفون". باختصار هناك جيل بالكامل، بل فصيل مكون من جناحين متكاملين، يظن أنه يملك الحقيقة المطلقة، وأن التفكير هو "مهنة" حصرية، مقتصرة على "المفكرين" العظام من الذين اختصتهم الحكومة بالأضواء الإعلامية، والمساحات الصحفية، ومقاعد رئاسة التحرير والتبرير، سواء في الصحف القومية، أو المجالس والمصاطب القومية، أو القنوات التليفزيونية والإذاعية الحكومية، أو هيئة الكتب ووزارة الثقافة الحكومية، وغيرها من هيئات تابعة للجنة الإرشاد القومي، وماكينة البروباجندا الخاصة بالنظام.


ومن نافل القول أن نذكر الجميع، بأن مثل هذه الأجهزة والهيئات القومية، هي من عينة صحافة عيش السرايا، يتبوأها ويجلس على كراسيها ويمسك بنواصيها، ويحتفظ بمفاتيحها، ويصطنع طفاشاتها، ويسطو على خزائنها، مجموعة مميزة من العقداء والعمداء والمخبرين في "جهاز مكافحة الفكر"، ومهمتهم الرئيسية هي التأكد من أن "الفكر" الموجود أو المتاح للنشر في وسائل الإعلام، هو فكر يتوافق مع قيم الطاعة والولاء ومسايرة النظام، وأنه يحتفي بالتوريث والتمديد، ويقدس تجميد الأوضاع لمدد غير محددة، ويجتهد في فنون تحنيط القيادات، وشد جلدهم وصبغ شعرهم وإظهارهم في صور الشباب الأولى باعتبار أنه ليس للزمن تاثير عليهم فهم أبداً مخلدون. أما الفكر الشرير الضار، الذي قد ينادي بالتغيير أو التجديد، أو يتجرأ على الإبداع، أو يتمرد على الأوضاع، وهي الأوضاع المنيلة القائمة، فوأده والتصدي له ودفنه، هي من أولى مهام قيادات شرطة مكافحة الفكر، حيث يفخر الواحد منهم بأن الكاتب الفلاني لم يظهر له مقال في الصحف مثلاً لمدة عشر سنوات نتيجة لاجتهاده في اضطهاده، أو أن الصحيفة الفلانية قد أغلقت لمدة 8 سنوات بناء على تعليماته، أو أن المفكر العلاني قد توفي تليفزيونياً منذ 15 سنة ولم يعد حتى لتسجيلاته القديمة أثر في أرشيف التليفزيون، والفضل ينسب ليقظة العقيد أو العميد أو المخبر حبيب السرايا وعاشق عيش السرايا وشربات عيش السرايا.


ومثل هؤلاء المخبرين بكل تأكيد، هم سقط المتاع في سوق الكانتو الملحق ظلماً بالفكر أو الثقافة أو الإعلام، رغم أنهم يتميزون بقدر غير محدود من السماجة وانعدام الموهبة، مع حقد دفين وعداء سافر معلن وواضح ضد صاحب أي موهبة أو رأي، ولكنهم والحق يقال، لديهم رصيد لا ينتهي من الولاء للنظام، وقدرة غير محدودة على النفاق وتبديل المواقف طبقاً لاتجاه الريح الآتية من السرايا، مهما كانت رائحتها.


ومثل هؤلاء تماماً مثل من يصرخون ويتشنجون في غضب بمجرد أن تتكلم في أي شيء له شبهة علاقة بالدين، فعندها ينتفض الواحد منهم للدفاع عن الدين ويقف بصلابة ضد كفار قريش الذي تمثلهم أنت، وينهيك عن التجرأ بالحديث في أي شيء له علاقة بالدين، باعتبار أن هذا هو شأن المختصين والكهنة وحملة المباخر، باعتبار أن التفكر والاجتهاد هو مهنة حصرية مقصورة أيضاً على طبقة معينة اختصها الله بالعلم والحقيقة دون غيرها، من خلال وصلة إلهية حصرية دي إس إل لا يمكن للعامة أن يشتركوا فيها إلا بعد اجتياز اختبارات عديدة، وإزالة أجزاء معينة من أدمغتهم وبرمجة الأجزاء الباقية حتى تطمئن المؤسسة الدينية إلى أن هؤلاء قادرون على مهام الحفظ والنقل دون إعمال الفكر أو العقل فيما يعرض لها من مشاكل ومعضلات في القرن الواحد والعشرين، فيصبح عليهم أن "يجتهدوا" في البحث عن الفتاوى والاجتهادات ذات الصلة بتلك المعضلات المعاصرة، في كتابات المجتهدين الغابرة، التي تعود إلى القرن الثالث أو الرابع الهجري، أو تلفيق مثل تلك الصلة إن لم تتيسر.


فالفصيل الرافض للفكر كما رأينا، يتكون من جناحين أو قسمين يتكاملان ويتناغمان ويتآمران على الفكر، قسم يتبع النظام وولاؤه لجهاز محاربة الفكر ووزارات الإرشاد القومي، والقسم الآخر يتبع التيارات الدينية وولاؤه لدولة الخلافة ومكتب الإرشاد الديني.

وبين هؤلاء وهؤلاء، ضاع الوطن أو كاد، لأن قواعد العالم الذي نعيش فيه اليوم، تضع جل القيمة المضافة تحت بند الفكر، فالأصول المادية، والموارد الطبيعية والخامات الأولية وحتى العمالة اليدوية، لم يعد لها نفس الوزن الاقتصادي، بل أصبح معظم القيمة المضافة يأتي من نتاج الفكر، سواء في البحوث والتطوير، أو براءات الاختراع، أو من خلال صناعة العلامات التجارية وتسويق البراندات، وهي كلها أنشطة فكرية تحتكرها دول العالم المتقدم، والدول التي اجتهدت في اللحاق بها، بينما تعاني دول العالم الثالث من انعدام أو ندرة هذه الأنشطة الفكرية، نتيجة لانقراض فصيل المفكرين، وضمور عضلات التفكير وهي المخ، تحت تأثير الغسيل المستمر، أو الهيستريا الدينية، وبالتالي فإن نصيب شعوبها من كعكة الاقتصاد العالمي هو نصيب ضئيل لا يسمن ولا يغني من جوع، ومن هنا يأتي الفقر المدقع الذي ترتع فيه هذه الدول.


والعدو الأول لهذه الدول بناء على هذا التحليل، ليس في الحقيقة هو الصهيونية العالمية ولا الإمبريالية الاستعمارية ولا المؤامرات الغربية ولا الإرهاب، وليس العولمة أو ثقب الأوزون، بل أن العدو الأول هو "أجهزة مكافحة الفكر" اللصيقة بالنظم الشمولية، والوجه الآخر لها وهي مؤسسات الهستيريا الدينية في تلك الدول. فمكافحة الفكر والموهبة تبدأ بصورة منظمة "سيستماتيك" منذ السنوات الأولى لكل مواطن وتستمر لحين تحقيق الهدف بنجاح وهو اسئصال الفكر، ربنا يكفيك "شر الفكر". ومن لا ينجح النظام الشمولي أو الهيستيريا الدينية في غسل مخه وبرمجته، يتم طرده خارج المنظومة والمجتمع، فيهاجر غير مأسوف عليه إلى مجتمعات ودول أخرى، يساهم في نهضتها وتقدمها، في نزيف مستمر للعقول، نفرح به كالبلهاء باعتبار أن العاملين بالخارج والمهاجرين يبعثون بجزء من تحويلاتهم بالعملة الصعبة لأهلهم في مصر، أو ينفقون جزءاً من دخولهم في شراء أصول عقارية في مصر، وبهذا يضيفون للاقتصاد القومي ما يشكرون عليه، خاصة أنهم لاقوا الاضطهاد والأمرين من قبل من قبل الجهاز القومي لمكافحة الفكر، ولكننا لا ندرك مدى الخسارة الفادحة، والفرصة الضائعة الناتجة عن هجرة هذه العقول والمواهب، التي تضيف 7 طبقات وأستك من المزايا التنافسية لبلاد أخرى في عالم لا يعرف سوى القوة والمنافسة الشرسة.


ومؤخراً، بدأت الدولة الموازية تجد حلاً لهذه المصيبة، فقد بدأت المنتديات الفكرية والثقافية والمحاورات والمساجلات تظهر وتنمو على استحياء في الفيسبوك، وسبقتها بعض المدونات التي بدأت تعمل بمثابة "إعلام مواز" وصحف موازية، تسجل الأحداث وتنشر الأخبار الممنوعة أو المعتم عليها، ووجهات نظر أصحابها، ومع التنوع الواسع في النقل والنشر والاتجاهات والانحيازات الفكرية، يستطيع القارئ أو المتصفح أن يكون صورة شخصية عن الواقع، هي أفضل بكثير من الصورة الحكومية الرسمية المعتمدة لشكل الواقع، وهي صورة نعلم جميعاً أنها زائفة وبايتة وقديمة، تماماً مثل صور الحكام والزعماء وأزواجهم، التي تصف الواقع طبعاً ولكن في الثمانينات، أو تشد جلد الواقع وتجتهد في صبغ شعره أو تنعيم بشرته أو حقن خدوده بحقن الشباب الوهمية، بينما يعاني الواقع من الشيخوخة والتكلس الفكري والفشل العضوي!


وطبعاً هذا لم يرق للقائمين على الفكر والثقافة، وأولياء أمر الشعب الغرير العبيط، ولله الأمر من قبل ومن بعد. فصرخ هؤلاء جميعاً في صوت واحد، لا وألف لا للفيس بوك والمدونات، التي تفسد أخلاق الشعب وتفتح أعينه على مصائب ومفاسد الحرية والديمقراطية، فجاء مثلاً مشروع قانون تكميم الفضائيات والفيس بوك ليعالج هذا الخلل في السيطرة على مخ الشعب قبل انفلات الأمور خارج نطاق السيطرة، ونلاحظ أن التيارات الدينية على الفيس بوك مثلاً رحبت بمشروع القانون لأنه يتيح السيطرة على الفكر المدني والتقدمي والليبرالي، وحتى نتخلص من "قروبات التنصير" و"العلمانية والإلحاد والانحلال والماسونية والصهيونية العالمية"!


وهنا لابد أن نرد على هؤلاء وهؤلاء. أقول لجيل "الحكماء والخبراء"، وأقول لفصيل "محاربة الفكر" سواء في جناحه المكون من العقداء والعمداء والمخبرين التابعين لشرطة الإرشاد القومي، أو الدعاة النصابين التابعين لشرطة الإرشاد الديني، أقول لهم جميعاً: "لن تستطيعوا تعقيم الفكر أو إخصاء العقول. لقد خرج المارد من القمقم. قيودكم ودوجماتكم هي حدود لكم أنتم ولكنها لا تلزمنا ولن تقيدنا. الفكر ليس حكراً عليكم. خبرتكم بكل أسف لم تفدنا في شيء والدليل هو تدهور أوضاعنا إلى الحضيض في نوبة ولايتكم على مدى نصف قرن." وهنا أنا أتحدث إلى من يمثلون النظام، ومن يدعون أنهم يمثلون المعارضة للنظام من التيارات الدينية، لأننا نعلم جيداً أنهما وجهان لعملة واحدة، عملة رديئة لا يمكن قبولها إلا في ظل احتكار الحقيقة، عملة سقطت سقوطاً مدوياً في الأسواق العالمية كلها، عملة لا يمكن استمرارها لأنها تدور عكس اتجاه عقارب الزمن، عملة مكانها على أفضل تقدير وبمنتهى المجاملة، في متحف العملات التاريخية، أو متحف الفصائل المنقرضة.

وائل نوارة
أغسطس 2008

**************
Original Note:

Feudal System - State Capitalism

عزبنة الدولة

خلال الخمسين عاماً الأخيرة، تعرضت "الدولة" لحالة من "الحكمنة" ثم "العزبنة". فمنذ بداية الستينات، قررت الحكومة أن تسيطر كل أوجه الحياة في مصر، "فأممت" أو في الواقع "حكومت" أو "حكمنت" كل شيء وكل نشاط. والحكمنة تختلف تماماً عن الحوكمة. فالأخيرة تشير إلى ترسيخ مبادئ الإفصاح والشفافية وقواعد الرقابة والمساءلة، للوصول إلى الحكم الرشيد للمؤسسات. أما الحكمنة فهي مرادف للقرصنة، وتشير إلى نوع من أنواع البلطجة الحكومية المقننة والمنسوبة ظلماً إلى الأمة في تعبير "التأميم"، والأمة منها براء. وكما سنرى فالحكمنة عكس الحوكمة في كل شيء وإن اتفقت معها في بعض الحروف.

في البداية تأتي الدولة "فتلقح جثتها" على صاحب العمل أو المبادرة وتتحرش بمشروعه أو مؤسسته، ثم تجبره على "طلب" الانضمام إلى الشركة القابضة الفلانية أو القطاع الإنتاجي العلاني، وتعطيه تعويضات هزلية عن قيمة هذا "الانضمام التطوعي"، وتحوله إلى موظف في المؤسسة التي بناها، ثم تطرده بعد قليل، وفي النهاية تتركه "ليموء" في الشارع. والحكمنة كلمة جامعة مانعة، تدل على سيطرة الحكومة على حياة الناس من قبل ومن بعد، فكل حرف من حروف "الحكمنة"، يشير لحكمة بالغة أو معنى نبيل، فالحاء والكاف يدلان على احتكار الحكومة لكل نشاط، والميم تشير إلى الموت الذي أصاب الدولة من جراء ذلك، والنون تشير إلى "نبوت الفتوة" الذي هو الحكومة وبطشها، والبلطجة التي تمارسها بارتياح تام ودون أي تأنيب ضمير، فهي تمرر القوانين تحت جنح الظلام لتضفي الشرعية على تسلطها وقرصنتها، وتعطي غطاءً أخلاقياً لموظفي عموم الجباية ليردوا به على أي متظلم "أنا لا أضع هذا المال في جيبي، هو يذهب لخير البلد والخزانة العامة."

تجد الحكومة مشروعاً ناجحاً يدر على صاحبه دخلاً يكفيه شر سؤال الناس والحكومة، فتستكثر عليه أن يعيش في كرامة دون أن يحتاج التذلل للحكومة، فتأممه، أو تفرض عليه الضرائب الباهظة حتى يفلس، أو تتهمه بتوظيف الأموال ثم تخضعه للحراسة، أو تلاحقه لسداد قروض بنكية وهي "تأكل عليه" مستحقاته بالمليارات، أو تجعله هدفاً للإعدام المعنوي بتسريب الشرائط الجنسية، أو تلفيق التهم الكيدية، إلى أن تنهار أعماله، فتشعر الحكومة براحة وسعادة بالغة وترى ثمرة نجاحها في حماية الشعب من المستغلين. ولم يقتصر هذا على الأنشطة الاقتصادية، بل امتد للقطاعات الثقافية والاجتماعية والتعليمية والصحية وغيرها.

وعندما أممت الدولة كل شيء و"طفشت" كل صاحب مبادرة أو موهبة أو مهارة، فوجئت أن لديها مجموعة ضخمة من "الخرابات المؤسسية". ففي غياب الإحساس بالتملك تحولت الشركات والجمعيات إلى خرابات ومجمعات. لم تكمن المشكلة فقط في ضياع مفهوم التملك بمعناه القانوني، ولكن الأخطر هو اندثار الشعور بامتلاك جزء من الحلم وبعض لبنات من البناء. ومع اختفاء الفكر الإداري وروح المبادرة والإبداع، وجدت الحكومة أن حصيلة أعوام القرصنة هو أسطول ضخم من السفن "الخربانة" و"المنقورة" ومعظمها على وشك الغرق. نعم، الدفاتر المحاسبية تحتوي على "أصول" موجودة، من مبان ومكاتب وخطوط إنتاج ومخازن على الورق، ولكنها جميعاً خالية من الروح ولا تمثل "أصولاً ذات قيمة سوقية أو قدرة على أن تدر أرباحاً مستقبلية" بالمفهوم الاقتصادي.

ومع هذا الخراب، وجدت الدولة نفسها في وضع فريد. فلديها كيان ضخم، ولكنه "مخوخ" من الداخل، لا يوجد من يديره أو يتحمل مسئوليته، فعهدت بهذه المهمة لمجموعة من المحاسيب وأهل الثقة، سواء من ضباط "الحركة" المباركة أو زملائهم أو تلاميذهم أو من يدينون لهم بالولاء، وفيما بعد اعتمدت على رجال "التنظيم الطليعي"، ثم أعضاء لجان حزب الحاكم الأوفياء والملتزمين بقانون الصمت "الأومرتا"، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ولأن تلك المؤسسات والمصالح أصبحت خرابات جرداء، ذبل الزرع فيها وجف الضرع وتبخر الماء، فقد عجزت الحكومة أن تعطي المقابل أو الراتب "المناسب" للقائمين على تلك المصالح أو العاملين فيها، فوقع بينهما تراض تمخض عن اتفاق غير مكتوب، هو عبارة عن امتياز وترخيص بالاستغلال، استغلال المواطنين طبعاً وسرقتهم و"تقليبهم"، وفرض العمولات الفاحشة والإتاوات والرشاوى الباهظة عليهم إن هم أرادوا التعامل مع المؤسسة أو التعاقد معها بيعاً أو شراءً أو استئجاراً أو توريداً من أي نوع، هذا بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية.

أما الهيئات الحكومية المتحكمة في شئون البلاد وحياة العباد، والمسئولة عن الترخيص لأي نشاط، سواء عقاري أو تجاري أو صناعي، أو حتى تراخيص القيادة والسيارات وتراخيص التصدير أو الاستيراد، أو التحرك أو السفر أو التصريح لأي نشاط من أي نوع، فحدث ولا حرج عن المشارط والأمواس والأدراج نصف المفتوحة، والإتاوات والسرقة بالإكراه وتحت تهديد سلاح "توقيف الحال"، والذي تفضلت الحكومات المتعاقبة مشكورة بوضعه في أيدي هؤلاء الموظفين العموميين عن طريق طبقات ورقع متتالية من القوانين واللوائح التي تمنع وتجرم كل شيء، وتجعل الالتزام بالقانون أمراً شبه مستحيل حتى في أي نشاط بسيط وطبيعي. وبين تلك الطبقات والرقع، تأتي بعناية الثغرات والحفر، والبثور والدمامل والبؤر، التي تتيح للموظف العام أن "يمشي الحال" بعد توقيفه. ولكي "يمشي الحال" مرة أخرى فهو يحتاج إلى تشجيع كبير، وتصفيق وزق وشاي وسجائر، فضلاً عن حافز مادي ضروري لتسليك الطرق الواقفة، وفك العكوسات والأعمال الشريرة، ويعمل بمثابة "المشاية" أو "العصاية" التي يتعكز عليها هذا الحال هو والسيد المسئول.

وهكذا سار الأمر، فمع كل شهر يحصل فيه الموظف على راتب هزلي لا يتناسب مع ظروف الحياة، يتسلم مع إذن القبض تصريحاً ضمنياً يسمح له باستكمال دخله عن طريق الرشوة. ثم صدرت فتوى شرعية تحلل تقديم الرشوة في ظروف معينة، وأصبح الأمر "عال العال".

أعطت الحكومة لعمالها ترخيصاً ضمنياً غير مكتوب بالاستغلال، ينص على أنه "يحق لكل مسئول استخدام سلطته العمومية لاستكمال دخله الحكومي الهزيل عن طريق استغلال الشعب وفرض الإكراميات والرشاوى والإتاوات عليه، وهذا الترخيص لن يعترف به في حالة ضبط الموظف متلبساً، وسوف تنكر الحكومة أي وجود لهذا الترخيص في تلك الحالة."

ولشرح مفهوم "العزبنة"، فقد قسمت الحكومة الدولة إلى مجموعة من العزب والإقطاعيات، ومنحت كل واحد من كبار الموظفين صكاً بملكية إحدى تلك العزب أو بإدارة إحدى تلك الإقطاعيات مع تمتعه بحق الانتفاع. وينص الصك على أنه "يحق لكل مدير مصلحة أن يستخدم المصلحة وأصولها من أجهزة وسيارات حكومية ومصايف وخلافه في أغراضه الشخصية والعائلية، كما يمكن له استخدام مرءوسيه في أعمال التنظيف وشراء لوازم البيت والطهي ورعاية الأطفال وإعطاء مجموعات التقوية لهم. ويمكن التجديد للمسئول حتى يبقى في موقعه بدون حق أقصى والأعمار بيد الله، ويمكن للمدير أن يورث إدارة الشركة أو المصلحة لأولاده، بشرط أن يتجاوزوا سن الثلاثين، وأن يأتي التوريث من خلال ثني ولي القواعد الإدارية، ويمكن في حالات الضرورة القصوى اللجوء لتكسير تلك القواعد في الخفاء وبشرط عدم إحداث ضجيج أو رذاذ أو رائحة كريهة. والحكومة تشجع قيام سوق مقايضة لتبادل المناصب والخدمات بين كبار الموظفين، للأخذ في الاعتبار تباين مؤهلات الأبناء الأحباء وميولهم، وتنوع احتياجات الأقارب وأهل "المدام" لدى المصالح الحكومية المختلفة، مما يحتاج لتعاون المسئولين عنها تحقيقاً للمصلحة المشتركة. كما يحق للمسئول أن يستعين بأولاده في التصدي للمسئولية العامة عن طريق تشجيعهم على مساعدته في العمل، بأن يشرعوا في تكوين الشركات التي تقوم بالتوريد للمصلحة عن طريق الأمر المباشر ودون حد أقصى للقيمة. وفي حالات سوء الحظ قد يتعرض المسئول للملاحقة القانونية إذا قامت حملة إعلامية ضده لفترة تزيد عن 3 أسابيع من النشر المتوالي في الصحف، وهنا سوف تنكر الحكومة أي وجود لهذا الصك، ومع ذلك، فسوف يلقى كبش الفداء كل رعاية في سجون الخمسة نجوم."

ومع انتشار الحكمنة و العزبنة، لم يجد الشعب المسكين أمامه سوى "الحسبنة". حسبنا الله ونعم الوكيل.

Reform Which Nasser Seeks

الإصلاح

من وجهة نظر

عبد الناصر



خلال السنوات الماضية، تصاعدت الأصوات المطالبة بالإصلاح، حتى بدأت الكلمة تفقد معناها، مثل كل الكلمات التي أفرطنا في استخدامها دون جدوى، حتى أضحت خالية من أي معنى أو غاية. وجاء مؤتمر "الحزب الوطني" ليفرض على الشعب "أولويات" انتقائية للإصلاح، ليس طبعاً من ضمنها الإصلاح السياسي والدستوري، فالحزب الوطني الذي يريد تجميد الأوضاع إلى آخر قطرة دم في شرعية النظام، يختزل "الإصلاح" في تخفيضات جمركية وضريبية، حتى أصبحت الصورة مشوشة أمام الكثيرين. لماذا تصر المعارضة على الإصلاح الدستوري؟ ألا يجب أن يأتي الإصلاح الاقتصادي في قائمة الأولويات، حتى يجد الشعب ما يقيم به أوده؟ كيف يمكن أن يؤدي الإصلاح الدستوري المنشود إلى رفع المعاناة عن الشعب بما ينعكس إيجاباً على مصالح المواطن البسيط فيشعر بتحسن مستوى معيشته وانفراج شئون حياته اليومية؟

عبد الناصر الذي أتحدث عنه، ليس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بل هو مجرد شاب مصري بسيط من الفيوم، تخرج من إحدى الكليات ولم يجد عملاً، فاشترى قطعة أرض في الواحات البحرية بهدف استصلاحها وزراعتها بالأعشاب الطبية وتصديرها للخارج. ومن المعروف أن الزرع يحتاج إلى الماء، وبحث الأخ عبد الناصر عن الماء، فوجد بئراً حكومياً، تكبدت الحكومة مليون جنيهاً في حفره، فاتخذ مثل غيره من المزارعين الإجراءات المطلوبة لاستخدام حصة من ماء هذه البئر في استصلاح وري أرضه. وبعد فترة قصيرة، ونتيجة لإهمال الأجهزة الحكومية المسئولة وتقاعسها عن صيانة البئر، توقف البئر عن إمداد المزارعين بالماء. تقدم عبد الناصر بالشكوى تلو الشكوى، لكل الجهات المسئولة وغير المسئولة، بل وعرض أن يقوم بإصلاح بئر الحكومة من ماله الخاص، ولكن لا حياة لمن تنادي. ماذا يفعل عبد الناصر وغيره من المزارعين، الذين استدانوا من القريب والغريب ليستصلحوا الأرض ويتعيشوا على ثمرها؟

عندما عجز عبد الناصر عن "إصلاح" حال البئر الحكومي، حاول أن يحفر بئراً في "أرضه هو"، ووجد أن عليه الحصول على ترخيص بحفر البئر أولاً. بدأ عبد الناصر في إجراءات الحصول على الترخيص وعلم أن صدور الترخيص يستغرق حوالي 18 شهراً مع الرأفة، وهي الرأفة المشروطة "بحسن السير والسلوك"، وهذا "الحسن" يستلزم امتلاء المحفظة بالأوراق المالية قبل "السير والسلوك" في أروقة الهيئات الحكومية المسئولة عن إصدار التراخيص.

وهنا، اكتشف عبد الناصر مفارقة زمنية تعكس تبايناً رياضياً بين مفهوم الزمن في قوانين الطبيعة وعلوم الأحياء، ومفهوم الزمن عند الحكومة السنية. فقد رفضت الأشجار والنباتات الانتظار دون ماء لمدة 18 شهراً وهي المدة اللازمة لصدور الترخيص. حاول عبد الناصر أن يقنع الزرع بأن عصيان الحكومة في مصر يؤدي لأوخم العواقب، فهبت نسمة رياح جعلت الزرع يشيح بوجهه عنه. وقعت الخصيمة بين عبد الناصر والزرع، غضب الزرع وبدأ يذبل، واصفرت أوراقه وبدأت في التساقط. حاول عبد الناصر مجدداً مع ممثلي الحكومة السنية في الواحات المنسية، فضحكوا منه ومن جهله وسلامة نيته. "هل تتصور يا عبد الناصر أن تتغير لوائح الحكومة من أجلك، فيصدر الترخيص بحفر بئر بعد عدة أيام بدلاً من عدة سنوات؟ هل أنت عبيط يا رجل؟ استعذ بالله من الشيطان الرجيم وعد إلى مزرعتك."

عاد عبد الناصر إلى المزرعة مستسلماً لتسلط الحكومة الجبارة وخلد إلى النوم. وفي صباح اليوم التالي، استيقظ عبد الناصر ليجد بئراً محفوراً في أرضه، والزرع قد ارتوى واستعاد نضارته. وهنا تتباين الحكايات. فعبد الناصر يتهم الزرع بأنه هو الذي تجرأ على عصيان أوامر الحكومة وقام بحفر البئر ليلاً، وشاويش النقطة يتهم عبد الناصر بالتآمر للاعتداء على مخزون المياه الجوفي للصحراء الغربية، كما اقترح البعض أن الأرواح قد سكنت عبد الناصر ليلاً ودفعته لحفر البئر رغماً عنه. وفي كل الأحوال، اضطر عبد الناصر لسداد غرامة مالية ضخمة ويواجه الآن عقوبة السجن بسبب محاولته الآثمة لري زرعه قبل أن يذبل.

الإصلاح من وجهة نظر عبد الناصر، أن يتطابق مفهوم الزمن عند الحكومة مع مفهوم الزمن المعروف في قوانين الطبيعة والأحياء أو يقترب منه. الإصلاح من وجهة نظر عبد الناصر هو أن تساعده الحكومة على ري أرضه وتصدير الأعشاب الطبية، وإن لم تستطع مساعدته فلتصمت وتكفيه آذاها. الإصلاح في وجهة نظر عبد الناصر أن يشعر بالمساواة بينه وبين الكثيرين من محاسيب الحكومة الذين يحصلون على الأراضي والماء دون سعي أو عناء. هذا هو الإصلاح من وجهة نظر عبد الناصر. وهو إصلاح بسيط، ولكنه يحتاج لدستور جديد، دستور يعظم من قيمة المبادرة الفردية، ويلزم الدولة بتقديم الرعاية لكل صاحب مبادرة أو مشروع، مثل كل الدول الأخرى التي سبقتنا، دستور يرسخ روح "السماح" وليس "المنع"، ضرورة "التيسير" وليس "التجريم والعقاب"، مبدأ "افتراض الصدق" وليس "افتراض التآمر"، دستور يتيح محاسبة المسئولين عندما يتعسفون في استخدام السلطة، من أصغر خفير وإلى أكبر موظف في الدولة. هذا هو الدستور الذي يتمناه عبد الناصر.

BO of War

Confessing to a
Hate Crime

OK, I have to confess to a hate crime. I hate mosquitoes. In fact, not only do I hate mosquitoes. I loathe mosquitoes, flies, ticks, bugs, flees and all blood-sucking insects. I do not mind ants or spiders, simply because they are not vampires. I hate mosquitoes so much, I remember that I once spent an entire vacation in a hotel in Sukhna fighting mosquitoes all night. The death toll was in the hundreds. But on that vacation, I made a significant discovery about my enemy.

I have made a discovery about mosquitoes. I have no idea why mosquitoes prefer my blood type more than anyone else I have ever met. I will be in a large gathering of people, and I am always the one to get most of the bites and swells. And once I start feeling them, and start going after them, mosquitoes disappear from the radar. I have discovered that mosquitoes disappear when they "feel" that I am chasing them.

Seriously, mosquitoes only attack me when I am numb busy doing other things. As soon as I become alert it seems my body sends out a certain odor, probably a WAR odor, supposedly some smell which should warn other animals that I am serious coming after them but unfortunately mosquitoes use this as an early warning and they totally disappear.

When and why did mother nature cause mosquitoes to develop these early warning systems? Evolution. Sometimes you gotta admit it sucks. Viruses, bacteria, insects and pests have gone through evolution like all living beings and only the best stayed with us. Only the ones which went through the tricky paths of evolution managed to make it and survive. The dumb ones had to go. So, it is official. Whenever I am chasing mosquitoes, my body gives out some odor which can be used as an insect-repellent! But of course I can not spend all my life chasing mosquitoes, although I have spend many nights using the "mechanical" resistance techniques. But eventually, I have to go back to writing, watching the night movies or whatever it is which sends me into a relaxed mood, which seems to invite mosquitoes back to land on my skin and act Dracula on me. Have you actually noticed this happening to you too? I guess biologists have to do some research on my War BO possibly to come up with a powerful repellent.

But meanwhile, here I am, having to sniff some other odor, of an electrically-heated repellent which probably causes asthma and possibly lung cancer.

Friday, August 01, 2008

A Modern Time Fable

The Story of

The Facebook Wall

A Modern Time Fable

By:
Wael Nawara



















Once upon a time
A time when the great clock blinked
Then dozed off
And took a short nap
A fraud of a monk
Presided over the Temple


He wanted to prove his loyalty
To his Master the King
And his Mistress, the Queen
Who, undeservingly,
appointed him to that high post


He searched for what could bring joy to his master's heart
And asked everyone
And in his search he learned
And observed
That what really pleases his masters beyond belief
Is when his master sees his pictures
And pictures of the queen
And the crown prince
Carved on the Stones of Great Temples
Painted on the Walls of every building


And when he hears his words
Resounding in every corner of the Kingdom
Being revered like holy gospel
And specially when the limited accomplishments
achieved during his reign
Are blown out, inflated,
into gigantic miracles and unprecedented victories


So, the Monk set out an enormous campaign
to build walls, temples and statues
Glorifying his master and the Royal Family
Carrying his pictures
Reciting his words


But the people observed that things
were getting from bad to worse
The hardships were becoming insurmountable
Bread became scarce
And Maat laws were no longer enforced
Except when a poor man is punished
for stealing bread from the wealthy or powerful


So, the People of the Two Lands,
decided to go to the King
To raise their grievances to his royal ears




But the bad monk and his assistants
Stood in their way
And scolded them
And the Monk announced
That the Two Lands never had before witnessed
Such a great and just king
And that his reign was but a journey
of successive achievements and victories


The people were very frustrated
But were determined that their complaints must be heard
So, they decided to build a wall facing the palace of the King
Where they could write their grievances
Complaints
Demands
And stories
Which tell of what had happened
And what did not
but should have

And soon the wall facing the palace
became full of writings of every sort
It became like a giant book
So, the people called it
The Facebook!


The Monk was enraged
He wanted to demolish the wall on the spot
So that no one could see the people's complaints
Many of which were incriminating corruption
within the very walls of the temple
Upon which he undeservedly presided


But the Monk could not knock down the wall
without causing an angry uproar
Because Egyptians glorified any wall with writings or symbols on it
For they considered the hieroglyphs
and the written word
A sacred and holy gift from the Gods


So, the Monk, devised an evil plan
to achieve his ignoble purpose
Where he claimed that the Great God himself
came to him in a vision while he was asleep
And informed him of an evil plot drawn
by the enemies of Egypt

Where by they use agitators and protestors
to drive the lands into upheaval
Thus causing chaos and facilitating the enemies' conquest

And that the Great God in his wisdom
Told him that he must set up a competent commission
With many watchful eyes
And with the power to overlook any writings
or signs of any kind
Specially those scribed on the Facebook



*******************


So, what will the people do?
Will they let the Monk get away with this evil scheme
Which threatens to deprive them
of the only means to express themselves?

Or will the remove the fraudulent Monk,
banish him from his office
And demand that the King must listen to their plea
and restore justice in throught the land?

***********************


Only the people can write the end of that story
Only you can make a happy ending
Oh … how we missed happy endings
We have not had a happy ending in decades

Surely we must deserve one now

But only those who work for it
Can ever get it !




For in the Land of Egypt
You can have a free lunch
but then you can never be free
until you earn such freedom

********************
Participate in drafting
a happy ending to that sad story

**********************************************




Top Picture From:
Mystery of the Empty Tomb
Picture Designed and Painted By: Yousef Ragheb
Courtesy, Horizon Interactive Studios
(c) 2001, Horizon Interactive Studios.

**************************

Bottom Picture
from the following blog


**************************

Captain de Sade Trial on Facebook


محاكمة شعبية

للنقيب المتهم بضرب

وسحل شباب الغد

و 6 إبريل


من مذكرات

أحمد نصار
التي يصف فيها
ما حدث من النقيب

عبد العزيز مهابة
مباحث أمن الدولة بالأسكندرية

يوم 23 يوليو 2008

النقيب عبد العزيز وهو ايضا احد ظباط امن الدوله بالاسكندريه الذى قام بالقبض علينا بطريقه بشعه ونحن على رصيف بحر سيدى بشر نغنى اغانى وطنيه يحتفل بعضنا بذكرى 23 يوليو ، حيث هجم هو ومخبريه علينا وهددونا بالامواس واعتدوا علينا وامرونا ان ننام على وجوهنا على رصيف البحر وكنا ننام فوق بعضنا البعض فتذكرنا جميعا ما حدث للاخوة العراقيين من تعذيب على ايدى قوات الاحتلال الامريكى بسجن ابو غريب بالعراق ، ثم امر
هذا الضابط السادى مخبريه ان يضعوا ارجلهم على
رقابنا واجسادنا وقام بتمزيق علم مصر والبصق عليه قائلا طظ فى مصر ، ثم وجدته يسال"
احمد عراقى
فييييييييييييييين؟"


مش عارف مين ابن الناس الطيبه اللى قاله اهو فهجم عليا وضربنى بجزمته فى وجهى ضربه
قويه ولكنى لم اهتز ، ثم اخذ يضرب اخر ويقول له
عاملى بطل يا احمد يا ماهر والغلبان
اللى بيضرب يقوله مش انا احمد ماهر والله ما
انا، ثم تم اقتيادنا جميعا الى قسم الرمل اول حيث تم الاعتداء علينا بالضرب والسب من قبل النقيب عبد العزيز الذى جعلنا
نقف اكثر من 7 ساعات وجوهنا للحائط رافضين
اعطائنا الماء


قد نفهم - بصعوبة - أن ضباط أمن الدولة يؤدون واجبهم ويطيعون الأوامر بتحجيم نشطاء الحركة الوطنية المصرية واعتقالهم


وهؤلاء نقول لهم


اسم الجهاز الذي تعملون به هو

جهاز مباحث أمن الدولة

وليس أمن النظام

ووظيفتكم هي
حماية أمن الدولة

لا تحويل الدولة إلى دولة بوليسية

دولة أمن


وهذا كله كوم
وعلى جنب لوحده




ولكن أن يصل الأمر بأحد
الضباط
أن يتلذذ بضرب
وسحل وتعذيب وإهانة شباب وشابات مصر



هنا نقول



قف مكانك

نحن لا نسدد راتبك المتضخم
من قوت أولادنا
كي تعذب أو تهين أولادنا


وإذا ثبت ما يقال في حقك
فمكانك وراء القضبان
مثل اي مجرم معتدي


أو في المصحة العقلية
مثل اي مريض سادي


ولن ينفعك وزير أو رئيس



إلى كل شرطي
أو مسئول

يظن أن منصبه
يحميه من الملاحقة
القانونية


نقول له




فكر مرة أخرى

اطلب استشارة قانونية ودية من أحد أصدقائك المحامين
لأنك أنت على ما يبدو قد نسيت القانون الذي كان من المفترض أن تتعلمه
ووطأت بحذائك الدستور الذي أقسمت وأقسم رئيسك ورؤساؤه على احترامه




العدالة سوف تصل إليك
وستجلب العار


على نفسك وعلى أبنائك وأهلك
لأنك استمرأت إذلال أهلك
وبهذه الجريمة سوف تهلك


***************************



ادع كل أصدقائك للمشاركة في هذه المحاكمة الشعبية
والمطالبة بتقديم هذا الضابط لمحاكمة جنائية



http://www.facebook.com/group.php?gid=20682357511



*****************************



ارسل هذه الرسالة لكل أصدقائك
انشرها في
الجروبات التي أنت مشترك فيها


My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook