Thursday, November 22, 2012

مرسي قانونا ترك منصبه كرئيس - الآن هو مغتصب للسلطة #مرسي_لم_يعد_رئيسا_منتخبا


اليوم انقلب مرسي على القسم الدستوري الذي جاء به رئيساً وترك منصبه كرئيس - الآن مرسي مغتصب للسلطة وليس رئيسا منتخبا











https://twitter.com/WaelNawara/status/271663356413374464


Wednesday, November 21, 2012

الدستور التوافقي واتفاق الحد الأدنى


سبب رئيسي لمعظم ما يحدث الآن من شقاق هو جهل أو تجاهل لأبسط القواعد المنطقية في التوصل لتوافق

التوافق نحتاجه عندما نكون مختلفين في الرأي والمصالح أو حتى القيم والعقائد

يسوق الوهابيون الحجج لتطبيق أحكام ما يسمونه بالشريعة على باقي المجتمع، من خلال إقحام هذه الأحكام في الدستور، طبقا لتفسيرات دينية معينة، ووضعها مكان القوانين الوضعية، بحيث يلزم القانون الجميع باتباع سلوكيات شخصية معينة والامتناع عن أخرى في الأزياء والمأكل والمشرب والعبادات والفروض بل والنوافل، ناهيك عن نظم التعليم والإعلام والاقتصاد والمال والسياسة الداخلية والخارجية، رغم أن هذه التفسيرات التي يرجعون إليها في النهاية هي تفسيرات بشرية، ورغم أن أفراد المجتمع تتباين اعتقاداتهم الدينية حتى وإن اشترك بعضهم في الانتماء لأحد الأديان، فالمذاهب والفرق والاتجاهات الفكرية تتعدد حتى بين من يشتركون في الإطار العام، فلدينا سنة وشيعة، حنفية ومالكية، صوفية وسلفية، فما بالك بأصحاب الديانات المغايرة أو غير المتدينين. أما الوهابيون فهم يريدون أن يفرضوا تطبيق رؤيتهم هم للدين على جميع أفراد المجتمع، ويقيمون  من أنفسهم أوصياء دينيين على الناس في الأرض، رغم أن الله وحده هو الذي يحاسب على الدين والسلوكيات الشخصية، ولا يمكن أن يستقيم الحساب والثواب أو العقاب أو تحميل البشر بمسئولية عن سلوكياتهم إلا مع توفر الحرية للناس في اختيار سلوكياتهم، فحرية الاختيار هي شرط أساسي قبل المساءلة. 

ومن المؤكد أن أهل أي دين يختلفون في كثير من التفاصيل، وكذلك فيما يلتزمون به من الدين، فكل شخص يلزم نفسه بما يطيقه ويراه مناسباً له، فالبعض يصوم والبعض الآخر قد لا يصوم، أو يصوم بعض الأيام ولا يصوم أياماً أخرى، والبعض قد يصلي كل الفروض في المسجد أو الكنيسة أو المعبد، والبعض الآخر قد يصلي بعض الفروض في المنزل أو مكان العمل أو لا يصلي إلا لماماً، ولا يمكن أن نفترض أن الجميع يلزمون أنفسهم بنفس الطاعات.

أما القانون الوضعي، فله صيغة تعاقدية ملزمة للجميع، لأنه يمس الآخرين، فلا يمكن مثلاً أن نمتنع عن القتل عدا يوم الجمعة، أو نمتنع عن السرقة إلا بالنسبة لمحلات الذهب، وهكذا، لأن صلاح المجتمع يقوم بأن يتفق أفراده على قوانين ملزمة، لتجنب أن يقوم البعض بإيذاء البعض الآخر، وهذا هو مفهوم تجنب الضرر المادي - الفردي أو الجماعي. وطبيعة الاتفاق تنحصر أساساً في التعاملات، وليس الأفكار أو السلوكيات الشخصية التي لا تخص الآخرين بصورة مباشرة، وأساس الاتفاق هو المساواة والتكافؤ والالتزامات التبادلية، فكل منا يلتزم في سلوكياته تجاه الآخرين بما يحب أن يلتزم به الآخرين تجاهه، من تجنب الضرر والأذى، والحفاظ على المرافق المشتركة، حتى يعيش الجميع في أمان، ويستمتعون باستخدام المرافق العامة.

فالمصلحة الشخصية وأيضاً المصلحة العامة، تستوجب أن يتفق أفراد المجتمع على أرضية مشتركة، يتوافق عليها أفراد المجتمع، لتصبح قانوناً وضعياً، واتفاق من هذا النوع بالضرورة هو اتفاق الحد الأدنى، لا ألزمك فيه إلا بأن تمتنع عن إيذائي مثلاً، وهو ما ترضاه ويتفق مع إرادتك وقيمك، لأنه اتفاق تبادلي ألتزم أنا أيضاً من خلاله بألا أؤذيك، فأنت لن تلزمني إلا بما أرتضيه منك لنفسي، وبهذا يرتضي الجميع أن يمتنع عن إلحاق الأذى بالآخرين بصورة تعاقدية ملزمة.

لكن على المستوى الطوعي، يمكنك أنت أن تضع قيوداً إضافية بصورة اختيارية على نفسك، فقد تلتزم بعدم التدخين مثلاً، أو تخصص جزءاً إضافياً من دخلك خلاف الضرائب لمساعدة ذوي الحاجات، أو تمتنع عن الأطعمة السكرية أو الدهون لسبب صحي، لكن هذا لا يلزمني أنا، وفي نفس الوقت يمكن أن ألتزم أنا بالاستيقاظ مبكراً لممارسة رياضة معينة أو عمل ينفعني، دون أن تضطر أنت للالتزام بنفس هذه القيود، وهكذا، فهذه هي فكرة القوانين الوضعية التي يتفق عليها الناس من خلال آلية مثل الديمقراطية، أنها لا تضع من القيود إلا الضروري، وتترك الباقي للشخص نفسه أن يضع ما يريد من القيود الإضافية يلزم بها نفسه أو من يرعاهم من القصر.

تصور إذا أخذنا بالمنهج العكسي، وهو اتفاق الحد الأقصى، فتضطر أنت للاستيقاظ مبكراً، علاوة على التزاماتك الأخرى، وأضطر أنا للامتناع عن السكريات، علاوة على التزاماتي الأخرى، هنا يعيش المجتمع وسط غابة من القيود المتعسفة يضطر الجميع لأن يخرج عنها لأنه ليس من العملي الالتزام بكل هذه السلوكيات الشخصية فما بالك بمراقبتها، فتضيع هيبة القانون، ويصبح تدخله انتقائياً وشكلياً، ويتفشى الفساد لأن القانون في غاية الصرامة وصولاً لدرجة لا يمكن عندها تطبيقه.
وليس من الطبيعي أن يكون البشر نفسهم نسخة مكررة من بعضهم البعض في عاداتهم الشخصية أو سلوكياتهم الخاصة، فالله خلقهم متباينين، وفي تباينهم من ذكور وإناث، صناع وبنائين، زراع ورعاة ومعلمين، تكمن قدرتهم على البقاء وبناء حضارات عظيمة، وفي تنوع مشاربهم وشخصياتهم ثراء وقوة، ولو تشابهوا جميعاً لهلكوا بعد جيل واحد. فتجاهل هذه الاختلافات بوضع قوانين ترغم الناس في الدخول في قوالب مكررة ضد الطبيعة ولابد وأن يفشل تطبيقه، أو يتسبب في ضعف المناعة الحضارية لمن يحاولون فرض تطبيقه بالقوة، فينقرضون وتذهب سيرتهم مع رياح النسيان. 

فوجود القيود الإضافية في أحد الديانات على الأزياء مثلاً أو السلوكيات الشخصية، لا يتعارض مع خلو نصوص القانون من مثل هذا القيود الخاصة، لأنها قيود يمكن لأي شخص أن يلزم نفسه بها طوعاً، دون أن يرهق الآخرين بأن يلتزموا بذلك، وهذه هي فكرة اتفاق الحد الأدنى، التي تكفل حرية الأفراد فيما لا يسبب الضرر للآخرين.





Tuesday, November 20, 2012

بيان الجمعية الوطنية للتغيير يدين مرسي والإخوان ويرفع رايات الخطر

 ‬

‪الجمعية الوطنية للتغيير        
في 20 - 11 -2012‬

‪ ‬

‪حكومة الإخوان الفاشلة تعيد إنتاج نظام مبارك وتكرر الاخطاء الكارثية للمجلس العسكري‬

 ‫ما أشبه الليلة بالبارحة؟!!..تعيد الأحداث المأساوية التي شهدها ميدان التحرير والشوارع المحيطة به طوال الليلة الماضية وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، إثر إحتشاد القوى الثورية لإحياء ذكرى مذبحة محمد محمود، والمطالبة بالقصاص من المجرمين المحترفين الذين قتلوا الثوار وفقأوا عيونهم بلا رحمة مع سبق الإصرار والترصد، الى الأذهان ذكرى الممارسات القمعية التي ارتكبها نظام مبارك وتواصلت خلال المرحلة الإنتقالية على يد المجلس العسكري ، ثم تصاعدت وتحولت الى سياسة منهجية فجّة وسافرة، لتصفية الثورة والثوار، عقب تولي الرئيس الإخواني محمد مرسي السلطة ، وفشله الواضح في إدارة الدولة، والحفاظ على الأمن القومي وسلامة الاراضي المصرية.. فضلا عن عجزه عن وقف تفكك الدولة وتحقيق أهداف الثورة‬..‬

‫وإزاء كل ذلك وغيره، تطالب الجمعية الوطنية للتغيير كافة القوى الثورية والوطنية والديمقراطية بإعادة توحيد الصفوف لإنقاذ الوطن من خطر الضياع والتقسيم والتحلل والسقوط في دائرة لا نهائية من الفوضى الشاملة.. وهى أخطار كارثية تجلت في مظاهر عديدة نرصد منها مايلي‬:‬

‫أولا : فشل مؤسسة الرئاسة الواضح والفادح في إدارة الملفات الداخلية والخارجية في ظل غياب رؤية استراتيجية للحفاظ على كيان الدولة المصرية وتحقيق أهداف الثورة في العيش والحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والتنمية، وكذلك خضوع رئيس الدولة التام لسيطرة وتحكُّم جماعة الإخوان، غير الشرعية ، وتبنيه لخياراتها ومخططاتها على حساب المصلحة الوطنية، ناهيك عن تخليه عن تعهداته بأن يكون رئيسا لكل المصريين‬..‬

‫ثانياً : غياب الرؤية الإستراتيجية في ملف السياسة الخارجية والحفاظ على الأمن القومي وحماية حدود الوطن، وهو ما ظهر جليا في العجز المُريع عن حسم الموقف في سيناء وتأكيد السيطرة والسيادة المصرية عليها بصورة كاملة وقاطعة، ناهيك عن الصمت المُريب، بل وغض الطرف، عن النشاط الإرهابي لجماعات منظمة تنتمي لتيار الإسلام السياسي ترفع السلاح بجرأة غير مسبوقة في وجه قوات الأمن والجيش، وتمهد لتنفيذ مخططات جهنمية، تستهدف تقسيم الوطن وفصل سيناء، وتحويلها ـ استجابةً للمؤامرات الصهيونية ـ إلى وطن فلسطينى بديل، إضافة الى التجاهل الكامل لأهلنا في سيناء وإهمال مطالبهم المشروعة، الهادفة للحفاظ على الحدود المصرية ومنع توطين الأجانب وتملكهم الأراضي في مصر، ناهيك عن التقارير المتواترة عن تورط عناصر أجنبية ترتبط عقائديا بجماعة الإخوان، في تهديد الأمن القومي المصري.. إلى جانب التخبط والغموض وعدم الشفافية في إدارة العلاقات الخارجية مع امريكا والعدو الصهيوني وبعض دول الخليج‬..‬

‫ثالثا: تخلي رئيس الجمهورية عن تعهداته القاطعة للقوى الوطنية التي ساندته ضد فلول النظام القديم بتشكيل حكومة إئتلافية برئاسة شخصية وطنية مستقلة، وإعادة تشكيل "اللجنة التأسيسة" بما يضمن وضع دستور لكل المصريين يعبر عن روح ومباديء وأهداف ثورة 25 يناير، وهو ما أدى الى تفاقم أزمة الدستور نتيجة إصرار تيار الإسلام السياسي على منطق المغالبة، وإنتاج دستور لا يليق بوطن بمكانة مصر بعد ثورة وُصفت بأنها الثورة الأعظم في تاريخ البشرية.. وإذ تؤكد الجمعية الوطنية للتغيير تقديرها وإحترامها البالغ وتأييدها اللامحدود للموقف الوطني الذي اتخذته القوى الوطنية والديمقراطية, والكنائس المصرية، بالإنسحاب من "اللجنة التأسيسية"، حتى لا يشاركوا في جريمة تستهدف اختطاف الدستور بعد اختطاف الثورة، فإنها تطالب الأزهر الشريف، باعتباره مؤسسة وطنية تعبر عن الإسلام الوسطي المعتدل، بالإنسحاب من هذه 'اللجنة التأسيسية" المشوهة، ورفض تديين الدستور والدولة المصرية، والتمسك بوثيقته التي أقرتها جميع التيارات والاحزاب السياسية، بما فيها تلك التي تنتمي لما يسمى الإسلام السياسي‬..‬

‫رابعاً : فشل مؤسسة الرئاسة في إدارة ملف الوحدة الوطنية وطمأنة اخوتنا المسيحيين في الداخل والخارج على شراكتهم في الوطن، وخاصة بعد تولي رئيس ينتمي لجماعة دينية، وكذلك إصرار رئيس الجمهورية على إلقاء خطبه في المساجد مما يحرم المواطنين المسيحيين من التواصل مع رئيسهم، إضافة الى عدم تفعيل القانون وفرضه بقوة لحماية المسيحيين ودور عبادتهم، وكذلك عدم التصدي لتكفيرهم من قبل بعض الدعاة المنتسبين لتيارات إسلامية مشاركة في السلطة.. وفي هذا الصدد تستنكر "الجمعية الوطنية للتغيير" عدم مشاركة رئيس الجمهورية في مراسم تجليس البابا الجديد، وهو حدث فارق في تاريخ الكنيسة المصرية الأم، وخاصة أنه جاء بعد ثورة مجيدة أكدت كل المعاني الجميلة لتوحد المصريين ووحدة نسيجهم الوطني‬..‬

‫خامساً : إنشغال الحكومة الإخوانية و"حزب الحرية والعدالة" وكذلك مؤسسة الرئاسة بـ "تمكين" الجماعة وتصعيد كوادرها وزرعهم في مفاصل الدولة، بدلاً من "تمكين" الثورة والثوار، ناهيك عن تماهي نظام الحكم الإخواني وتحالفه غير المعلن مع فلول النظام البائد، فضلا عن تبني كل سياساته ومنطلقاته الإقتصادية التي تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء، وتخضع لإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين التي تكرس منهج وبرامج  الرأسمالية المتوحشة، وتتنكر للحقوق العمالية والنقابية، وتضرب العدالة الإجتماعية في مقتل لأنها تختار مبدأ الإحسان والتصدق بديلا للحقوق الاقتصادية والإجتماعية الاصيلة وغير القابلة للتصرف.. ويكفي أن حكومة الإخوان الفاشلة، والتي عجزت حتى الآن عن تنفيذ ماسمى بوعود المائة يوم، أقدمت على قرارات كارثية تثقل كاهل المواطنين وتحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق مثل رفع أسعار الغاز الطبيعي المستخدم في المنازل، وأسعار الكهرباء والبنزين ناهيك عن عجزها الفادح في فرض الأمن، والسيطرة على انفلات الاسعار، ومسلسل الإهمال الذي يودي بحياة العشرات كل يوم في حوادث الطرق وكوارث السكة الحديد وغيرها‬..‬

‫سادساً : تعرض الحريات العامة وخاصة حرية التعبير والصحافة والإعلام لحملة قمع فاشية غير مسبوقة، لم يجرؤ على ارتكابها حتى نظام الرئيس المخلوع، وأمن دولته في أوج جبروته، بهدف إسكات كل الاصوات الحرة التي تنتقد جماعة الإخوان وحزبها وحكومتها .. وتمثل ذلك في قيام مجلس الشورى غير الشرعي بأوسع وأخطر عملية لـ "أخونة" الصحافة والإعلام والمؤسسات العامة المعنية بالحقوق والحريات، وذلك من خلال تغيير رؤساء تحرير ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية، وإعادة تشكيل "المجلس الأعلى للصحافة" و"المجلس القومي لحقوق الإنسان" .. وتجلّت الحملة على الصحافة والإعلام، التي يقودها وزير الإعلام الإخواني ومجلس الشورى، في التضييق على الصحف ومنع مقالات كبار الكُتاب واستبدالهم بآخرين ينتمون لجماعة الإخوان، وكذلك وقف بث قناة دريم الفضائية، وهى خطوات لم يجرؤ على اتخاذها نظام قمعي ومستبد مثل نظام مبارك، كما إنه تطور بالغ الخطورة يدل على أن البلاد على أبواب "مكارثية" جديدة ، ولكنها أكثر خطورة وقمعا وفاشية، لأنها تتاجر بالدين وتتخفى تحت عباءته‬..‬

‫سابعاً : استمرار ممارسات النظام السابق في استهداف المواطنين، وخاصة القوى الثورية، واعتقالهم تعسفياً وتعرضهم للإهانة والضرب والتعذيب، وكذلك التعرض للمظاهرات السلمية واستخدام القوة المفرطة والبلطجة وميليشيات الجماعة، في فض التظاهرات الشرعية السلمية، على نحو ماحدث يوم " جمعة الحساب" الموافق 12 أكتوبر الماضى، في إعادة إنتاج فجّة وسافرة لممارسات النظام البائد والمرحلة الانتقالية.. وكان آخر تجليات هذه الممارسات استخدام القوة مع أهالي "جزيرة القرصاية" بالجيزة، وقتل أحد شباب الجزيرة، وإصابة العشرات من أهاليها في، جريمة مروِّعة، تُعيد تكرار سياسات النظام البائد، في الإنحياز لمصالح الأغنياء ورجال الأعمال على حساب الفقراء‬..‬

‫إن "الجمعية الوطنية للتغيير"، إذ تعلن إدانتها القوية لتخلِّي حكومة الإخوان عن أهداف ثورة 25 يناير، وتقاعسها عن تطهير الداخلية، وتحقيق مطالب الحرية و"العدالة الإجتماعية"، ومحاولاتها لصياغة دستور مشوه لا يليق بوطن في مكانة مصر، فإنها تؤكد أن الثورة مستمرة حتى تحقق الأهداف، التي دفع العشرات من أنبل وأطهر شبابنا ثمنها غاليا من أرواحهم ودمائهم ونور عيونهم.. كما تعلن أن الذين خانوا الثورة وتخلوا عن الثوار في معارك محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو، لن يمروا بجريمتهم، ولن ينجحوا في حرمان مصر من أملها الأخير في إنقاذ الثورة والوطن، من خلال صياغة دستور يليق بمصر الثورة والحضارة والتاريخ‬.. ‬


Sent using BlackBerry® from mobinil

الجمعية الوطنية للتغيير تدين مرسي والإخوان وترفع رايات الخطر

Sent using BlackBerry® from mobinil

Saturday, November 17, 2012

العدو داخل الأسوار – خطر انهيار المناعة الحضارية - التحرير



يتلخص تفسيرنا لكل مصيبة أو كارثة تحدث لنا، أو هزيمة نتعرض لها، فى جملة واحدة: مؤامرة خارجية من العواذل الذين يكرهوننا ويتسببون فى كل مشكلاتنا، بدءا من حصة نهر النيل وإلى انتشار الفياجرا والبانجو والحشيش والأغانى الهابطة. ثم قفزنا خطوة كبيرة إلى الأمام، عندما بدأ البعض يحاول أن ينسب الثورة نفسها، التى ربما تكون من أهم ما أنجزه المصريون منذ أيام أحمس، إلى مؤامرة خارجية، وبدلا من أن نستفيد بالثورة فى بناء نظام جديد يطلق طاقات الشعب المصرى الخلاقة ويوظّفها فى الوصول للتقدم، انشغلنا بإثبات عمالة الثوار والحركات الثورية، بدءا بشقة العجوزة وانتهاء بمعسكرات جمهورية الصرب، ثم تفرغ بعضنا لهدم الأضرحة وإحراق الكنائس، وافتعال معركة وهمية حول تطبيق الشريعة والفتح الثانى علامة على دخول مصر حديثا لحظيرة الإسلام، رغم أن 85% على الأقل من المصريين مسلمون منذ قرون، والله أكبر ولله الحمد.

وواقع الأمر أن مصر بالتأكيد لها أعداء لا يريدون لها أن تتعافى، لأن فى تعافيها نهضة للشرق كله وقيام عملاق نائم من سباته السلفى الوهابى العميق، بما يهدد مصالح ناس ودول كبيرة ومهمة، تريد أن تمصمص الموارد الطبيعية فى المنطقة لآخر قطرة نفط بسعر التراب أو أقل إن أمكن، ووجد هؤلاء أن هناك طريقة لطيفة جدا وفعالة وريحتها مسك وعنبر يمكن من خلالها تخدير الشعوب وربطها بالسلاسل، وعثروا على ضالتهم فى كتب ومتون صفراء عمرها عشرات القرون، يحتكر تفسيرها شيوخ فسدة، يقتسمون السلطة مع حكام لا هَمَّ لهم سوى الحفاظ على عروشهم مقابل ضمان مصالح أعداء الأمة، وفى هذا يستخدمون هؤلاء الشيوخ الدجالين، الذين لا عمل لهم سوى تحريم الحلال وتحليل الحرام، فعندهم مثلا أن عمل المرأة وقيامها بقيادة السيارة وكشف وجهها حرام وكفر، بينما اغتصاب طفلة صغيرة لم تبلغ العاشرة تحت اسم الزواج هو حلال بلال، وهكذا يقلبون منطق الأمور والفطرة السليمة حتى تنشغل الشعوب لا فى البحث والتقدم والإبداع، لكن فى أمور أهم بكثير، مثل صفات ومهامّ الثعبان الأقرع الذى يستقبلك فى القبر بعد وفاتك، وأىّ قدم يجب استخدامها فى دخول المرحاض فى حياتك، وما هو أنسب دعاء لركوب الأسانسير والسيارة والطيارة والمرجيحة فى تنقلاتك ونزهاتك.

تعريف المؤامرة أنها خطة سرية بين مجموعة من الأشخاص أو الهيئات لإلحاق الضرر بآخرين، ولكن عندما تكون الخطة معروفة، والأعداء ظاهرون لكل ذى عين، والثعبان موجود فى الجحر وعضاته «معلّمة» فى أيدينا، وما زلنا إلى الآن نحاول التعافى من لدغاته القديمة وسمه الزعاف، هنا لا تكون المشكلة فى المؤامرة ولا الأعداء ولا حتى الثعبان سواء كان أقرع أو مسبسب شعره، هنا المشكلة تكون فينا، ومصدر الخطر الأكبر لا يصبح من العدو الخارجى، لأن خطر العدو الخارجى موجود ومعروف دائما وأبدا، بل تصبح الكارثة فى حصان طروادة ومن بداخله، الذين تسربوا داخل أسوار المدينة متخفين تحت لحاهم المشعثة وجلابيبهم القصيرة، ولا همّ لهم سوى تمهيد البلاد للاحتلال الخارجى والتقسيم، وتكفير أهلها وتحويلهم إلى طوائف متناحرة متصارعة، فعلوا هذا فى أفغانستان، وفى السودان، وفى الصومال، وها هم الآن أهلى وعشيرتى من الجماعات الجهادية الوهمية فى سيناء، مدججين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، لا همّ لهم سوى الهجوم على الأهالى وكمائن ومنشآت قوات الجيش والشرطة، وإطلاق بعض الصواريخ العمياء عديمة الأثر على صحراء إسرائيل، ليعطوها ذريعة لمهاجمة مصر، فتجد الأرض خالية ممهدة، بعد أن قام هؤلاء المجاهدون الأبرار، بمهاجمة وإضعاف أى قوات دفاعية.

على مدار التاريخ وُلدت حضارات وصعدت وهبطت لتصعد حضارات أخرى وتهبط الأولى وقد تنقرض، فى دورات مشهودة، وهنا يجب أن ندرس جيدا أسباب صعود واضمحلال مثل تلك الحضارات ووصول بعضها للفَناء. وسنستخدم هنا كلمة «الثقافة» Culture للتعبير عن الحل الحضارى الذى يمكّن أمة ما من البقاء، بينما تندثر أخرى. ونلاحظ أن كلمة Culture بهذا الاستخدام لا يوجد لها مقابل واضح فى اللغة العربية. فالثقافة بما تعنيه من آداب وفنون تختلف عن «الحل الحضارى» بما يعنيه هنا من «طريقة الحياة».

الثقافة بمعنى الحل الحضارى أو «طريقة الحياة» تشمل «مجموعة المبادئ والقيم والطبائع والسلوكيات والقناعات الفكرية والعقائد والعادات والتقاليد ونظم التفاعل الاجتماعى والسياسى والاقتصادى التى تتبناها جماعة ما، باعتبارها تمثل الإجابة أو الحل الحضارى لمشكلة البقاء». وعندما ينحرف الحل الحضارى عن ذلك المسار مكانا أو زمانا أو يتخلف عنه إيقاعا، مع الانشغال بتوافه الأمور وقشورها، وتطبيق حلول كانت تصلح لأزمنة أخرى أو حواضن حضارية ذات صفات جغرافية مختلفة، فإن الأمة تعجز عن مواكبة متغيرات البيئة، أو الوقوف أمام المنافسة الخارجية، وتقل درجة المناعة الحضارية، وتصبح المجموعة فى خطر يهدد بقاءها، وتكون عرضة للغزو والتبعية، تماما مثل الجسم الإنسانى، الذى يصبح عُرضة للمرض عندما تضعف مناعته الداخلية.

فالمناعة الحضارية تعبِّر عن قدرة أمة ما على مقاومة الأخطار الخارجية، وتحقيق تفوق حضارى نسبى، كنتيجة لمجموعة من العوامل المعنوية والمادية. فوجود قيم حضارية تتناسب مع تحديات الزمان والمكان، ووجود حراك فكرى وآليات للتطوير المستمر، وقدرة المجتمع أو الأمة على الانتخاب الطبيعى وإفراز أفضل العناصر والسلوكيات والنظم لتدير حياتها، يسمح بظهور قيادات طبيعية ورؤى مستقبلية تضمن البقاء والتفوق، ونظام سياسى رشيد يوازن بين الاستقرار والتطور، على أسس من العدالة والإخاء والتعايش السلمى، وينتج عن هذا كله تقدم فى كل المجالات بما يضمن الدفاع عن الأمة وبقائها والعكس أيضا صحيح.

أما عندما تتجمد أو تتدهور قيم المجموعة بحيث تصبح مع مرور القرون غير مناسبة لتحديات الزمان والمكان والبيئة التى تغيرت عبر مئات السنين، أو تستعير قيما قادمة من حواضن أخرى، أو تنفصم المجموعة عن نواتها الروحية أو الثقافية الحقيقية بالتشبث بالمظاهر والطقوس مع إهمال الجوهر بل والابتعاد عنه، وتغرق فى الغيبيات والخرافات، وتجرّم الفكر والإبداع، وتؤمن بالحلول التى نجحت فى ما سلف بصورة عمياء وتنكر واقع ومنطق الحاضر، وترسّخ تجميد الفكر، وتحارب الإبداع والتغيير وتعاقب من يروّج لهما، فإنها تعجز عن استلهام وتحقيق رؤية تضمن بقاء المجموعة.

وبناءً على تعريف المناعة الحضارية بهذه الصورة، فإن هزائمنا المتكررة فى مختلف المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والرياضية والعلمية والتقنية، إنما هى انعكاس ليس فقط لعدوان أو تآمر الآخرين علينا، بل هى فى الأساس انعكاس لضعفنا الثقافى وتدهور مناعتنا الحضارية ووجود فجوة حضارية بيننا وبين الآخرين، تجعلنا ندخل المعركة فى كل مرة خاسرين فى مواجهات محكوم علينا فيها مسبقا بالفشل.

ولا شك لدىَّ أن الشعب المصرى قادر على تطوير ثقافته وطريقة حياته لتخطى هذه الفجوة أو الكبوة الحضارية، بدليل ما حدث فى ثورة يناير وما بعدها، بشرط أن نعترف أولا بالمشكلة ونتوافق حول رؤية لحلها.

ما السبيل للخروج من المعضلة الحضارية؟ بداية، لا بد أن نبدأ فى إعادة النظر إلى هذه القيم المختلة الفاسدة، التى يحاول أن يسوقها إلينا المخابيل من أتباع الشيوخ إياهم، وإعمال الفكر والفطرة السليمة فى كل ما يطرح علينا من أحكام وعادات وتقاليد، والسعى الحثيث لوضع أساس دستورى يحافظ على وحدة مصر من خلال احترام تنوعها وهويتها المتفردة، وبناء روابط الانتماء من خلال نظام يرسخ العدالة الاجتماعية ويقوّى النسيج المجتمعى المهترئ، والاتفاق على عقد اجتماعى يربط أفراد الأمة المصرية بعضهم ببعض، ويؤكد انتماءها العربى والإسلامى والإفريقى والمتوسطى، ويحرص على تمثيل متوازن لجميع الطوائف فى منظومة حكم شرعية، دون إقصاء لأى طرف أو هيمنة لأقلية أو أغلبية، وصياغة رؤية لمستقبل البلاد، تنطلق من شخصيتها ومميزات المكان العبقرية التى تحظى بها، وإعادة ترسيم العلاقة بين الدولة والمواطن من خلال إعادة تصميم المنظومة التشريعية والنظم الإدارية والبنيان السياسى للدولة، لإطلاق الطاقات الكامنة وتمكين الإنسان المصرى الصانع الحقيقى لأى نهضة مأمولة.


Saturday, November 10, 2012

الدستور المحفور فى ضمير المصريين - التحرير


تشكلت الجمعية التأسيسية للدستور ثم حكم القضاء ببطلانها، وتشكلت من جديد بنفس العوار ثم حُكم ببطلان المجلس الذى شكلها على شاكلته المختلة، ثم طُعن عليها مرة أخرى وحُوِّل الطعن للمحكمة الدستورية، كل هذا والجمعية تتظاهر بأن الأمر لا يعنيها، بل وجدنا من يعلن عن تسريع وتيرة أعمالها حتى تنتهى من الدستور قبل أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان تشكيلها، وكأن الدستور محفظة ستنشلها الجمعية قبل أن يتنبه صاحبها. استمرت الجمعية فى أعمالها الخفية، تنعقد وتنفض، ونسمع عن عقد بعض الأعضاء لصفقات سرية، ويهدد البعض الآخر بكشف المستور، وتتسرب مواد من الجمعية كبالونات اختبار ثم تتبرأ منها الجمعية، ويقترح البعض أن تكون السيادة لله، وكأن الله -تعالى عما يصفون- ينتظر أن تحميه الجمعية التأسيسية، ونقترح نحن أن تكون السيادة لصاحب الدكان، مع تسليمنا بأن الملك والأمر لله من قبل ومن بعد. يحاول البعض أن يبدو بمظهر الحريص على الدين والشرع، بينما هو لا يخجل أن يقترح تقنين ودسترة اغتصاب الأطفال. يخرج أمين الجمعية ويعلن أن الجمعية متوافقة بنسبة 100% على مسودة الدستور، فيصفه زملاؤه بالكذب البين ويهددون بالانسحاب من الجمعية. يتساءل البعض عن سر تعيين مشمش فى الجمعية والمجلس وكل المجالس والمصاطب والترع والمساقى الأرضية والقنوات الفضائية، ولم يُعرف عنه من قبل أنه صاحب فكر ولم يُسمع له رأى، ثم يتبين سر التعيين، عندما يفصح مشمش أنه ولله الحمد حاصل على شهادة كلية «سماجة إنجليش»، والله على ما يقول شهيد، بما يؤهله إلى كل هذه المجالس والجمعيات بكل تأكيد.

أما علماء البلد وفقهاؤها الدستوريون، ومناضلوها من الشباب والشيوخ نساء ورجالا، السياسيون والقضاة، الأساتذة والعمال والفلاحون، الطبيبات والمهندسون، المدرسات والكتاب والفنانون، الباحثات والمبدعون والمبتكرون، فليس لهم حضور أو تمثيل يذكر فى الجمعية، التى اقتصرت فى أغلبيتها الساحقة على مشمش وبلبل وأبو مشمش وأم بلبل وجيران مشمش وأصدقاء بلبل، باعتبارهم كلهم من الموالين لشيخ القبيلة التى ينتمى إليها مشمش وبلبل، وهو الشيخ الذى لا يثق فى غير مشمش وبلبل. وتنظر إلى مشمش وبلبل وزملائهم، فتجد أنهم لا يتكلمون بلغة المصريين أو فى الأمور التى تهمهم، فجل كلامهم عن زواج الأطفال وختان البنات والحجاب والنقاب والأضرحة والإغلاق المبكر للمحلات والرقابة على الإعلام والإنترنت وحرمانية فوائد البنوك «الربوية» -باستثناء طبعا قرض صندوق النقد الدولى فهو حلال بلال- وتحريم الموسيقى والسلام الجمهورى وكراهة اللغة الإنجليزية وحرمانية تحية علم مصر التى يفترض أن يكتبوا دستورها، وغيرها من أمور فكاهية، لا موقع لها من الإعراب فى أى جملة دستورية، سواء إسمية أو فعلية.

وتندهش، لماذا لم يختر البرلمان لتأسيسية الدستور عينات تمثل تنوع الأمة وثراء عقولها، ثم تكتشف أن شيخ القبيلة لا يريد العقول التى قد تفكر، ربنا يكفيك شر الفكر، فتعترض أو تجادل لا قدر الله، بل يبتغى الأيادى التى ترفع بالريموت وتصفق بالإشارة، حسب التوجيهات السابقة أو اللاحقة، لاشتقاق أغلبية زائفة ماحقة، لقلة صغيرة عددا غنية تمويلا، بحيث يبدو الأمر وكأن الجمعية تضع الدستور، بينما الواقع أن الدستور مكتوب فى مكتب شيخ القبيلة ودور الجمعية هو الموافقة عليه.
ينظر الشعب لهذا السيرك الكوميدى، الذى تديره جماعة هى أصلا غير شرعية ولا سند لها من القانون أو التنظيم، وقبل أن توفق أوضاعها الشائنة المخلة، قررت أن تتصدى لكتابة دستور بلد مثل مصر. يتعجب المصريون من مشمش وبلبل، الذين يريدون أن يضعوا له دستورا وهابيا، دون أى اعتبار لهوية هذا الشعب وثقافته الراسخة قبل الظهور الأغبر للأخ الوهابى مشمش بآلاف السنين.

لا يعلم مشمش ولم يدرسوا له فى كلية «سخافة إنجلش» أن الدساتير والقوانين لا تُوضع، بل تُكتشف وتُقرأ من ضمير الشعب الجمعى ووعيه الحى الكلى، أما الدستور المكتوب، فهو مجرد تدوين لما هو موجود، وتسجيل لما هو معروف بالضرورة ومفهوم للكافة. يظن بلبل أن البترودولار يمكن أن يشترى له بلدا بدستور ملاكى يبرطع فيه هو ومشمش وأصدقاؤهما، ولا يعلمون أن الشعب المصرى لا يعترف إلا بدستوره هو، وأن الحكام الذين لم يدركوا هذه الحقيقة أصدروا الدساتير التى خرجت ميتة، وشرعوا القوانين التى وأدت ودفنت حيث ولدت، تحت القبة، بينما عاش الشعب فى دولته الموازية، بأعرافه الشعبية وتقاليده العريقة، وحكمته المذهلة، والتى تظهر فى أمثاله وعاداته وطريقة حياته، حيث يحتال ليعيش وتستمر حضارته رغم ظلم الولاة والجباة عبر آلاف السنين ويذهب الحكام الظالمون لمزبلة التاريخ.

ما هو دستور المصريين؟ المادة الأولى، مصر أم الدنيا، أرضها ونيلها أحلى مكان فى الكون يحبه المصريون ويذوبون فى عشقه. فالمصريون يقدسون الأرض والنهر، ومصر دولة طبيعية، أى صنعتها الطبيعة وليس السياسة أو الحروب، وبالتالى فهى بطبيعتها موحدة، رغم وجود تمايز بين بعض أهلها خصوصا قرب الأطراف كما قررت الطبيعة بأمر الله، قد يتقارب أهل قبلى وأهل بحرى، ولكن لا ننكر وجود خصوصية ثقافية لأهل النوبة وبدو سيناء والصحراء الغربية والمسيحيين. ومن أجل أن تستمر مصر موحدة مع هذه التباينات، لا بد من احترام هذه الخصوصيات وهذا التنوع، بحيث لا تفرض الأغلبية شخصيتها فتزعزع وشائج الوحدة كما رأينا فى دول مجاورة تفتت لشظايا.

المادة الثانية، أهل مصر مؤمنون بخالق الأرض ومرسل النهر العظيم. يحيى الأرض بعد موتها بالفيضان ومعه الخير العميم. والإسلام الوسطى المصرى والكنيسة المصرية، والثقافة المصرية الأصيلة، يجسدون الروافد الروحية التى يتواصل المصرى من خلالها مع المنابع المتعددة للقيم الأخلاقية الراسخة لديه منذ آلاف السنوات. وعليه، فهناك إسلام مصرى وكنيسة مصرية، تشكلا من طبيعة الأرض والنهر والناس، وأحبهما العالم أجمع لما بهما من تسامح وحب، يعكسان شخصية الفلاح المصرى الأصيل الذى فطر على حب الخير والتعاون مع الجيران. اسأل أى مصرى فى ما عدا مشمش وبلبل… هل تقبل بقطع اليد والرجم والجلد والصلب والثقف كعقوبات لأى جريمة، وستجد الإجابة غالبا بالنفى المبلل بما تيسر من ترجيع.

المصرى يحب العدالة، وقدس ماعت، ويريد أن يطمئن لوجود قضاء قوى مستقل نزيه وعادل. المصرى يحب الحرية، ويتسامح فى ارتكاب بعض الصغائر كنوع من أنواع التفاريح من وقت لآخر، ولا يراها تتعارض مع الإيمان بالخالق أو الالتزام الأخلاقى فى الأمور الهامة، مثل الحرص على الأسرة، ورعاية الأطفال، وود الجار، وصلة الرحم، وتقديس الزرع والنهر والحيوان والنبات، كتجليات للخالق الأعظم.

أما الأيديولوجية المصرية، فتؤمن بضرورة وجود حرية اقتصادية، فالمصرى يحب أن يكون حرا يعمل ويتملك الأرض والبيت والدكان والورشة، لكنه أيضا يريد أن يطمئن على غده ومستقبل أولاده وتعليمهم وتطبيبهم، فلا بد من وجود نظام ضمان اجتماعى لينام قرير العين. المصرى يريد أن تظل دولته موحدة جيشها قوى، لكنه منذ فجر التاريخ قسم البلاد لأقاليم طبيعية تتمتع بنوع من أنواع الحكم المحلى على عكس ما يتصور البعض. المصرى عانى كثيرا من الولاة الظالمين، فلن يحب وضع البيض كله فى سلة رئيس أو حاكم، وفى نفس الوقت هو يحب الاستقرار وأيد ثورة 52 التى كان من أهم أسباب قيامها تغير عدد كبير من الحكومات فى فترة قصيرة، ولهذا سيفضل حلا وسطا يجمع بين مزايا استقرار النظام الرئاسى مع وجود وزير أول يتصدى للمشكلات الحياتية ويراقبهما برلمان وصحافة وأجهزة رقابية تمثل الشعب، وبالتالى فتلك الأجهزة الرقابية لا بد أن تتبع البرلمان لا الرئيس. من الآخر، المصرى وسطى، ولا بد أن تتجلى وسطيته العبقرية فى دستوره المكتوب، لتعكس ما فطر عليه وحفر فى وجدانه منذ فجر الضمير.

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook