Saturday, March 28, 2009

Freedom of Faith

التمييز الديني

رؤية ثقافية

وائل نوارة


religion.jpg image by shrew19


مقدمة
عبر الثلاثين عاماً الماضية، عانت مصر من حالة متنامية من الهوس الديني، اخترقت المجتمع بكافة شرائحه، بما يشبه الغزو الفيروسي الذي يقتحم جسداً ضعيف المناعة، فيصيبه بالحمى والهذيان ومختلف الأعراض المرضية. والمناعة هنا هي المناعة الحضارية والثقافية التي ضعفت بصورة شديدة، فأدت إلى استشراء الفيروس في جسد الأمة المصرية بصورة هددت عافيتها. وبالطبع فقد صاحب هذا الهوس الديني تصاعد في التمييز الديني، ومصادمات وحوداث متكررة تقف وراءها أسباب طائفية، أدت بدورها للمزيد من التقطب والتحزب الديني، وهكذا دواليك في حلقة مفرغة.



وبينما تنعقد الكثير من المؤتمرات لتناقش التغيرات المطلوبة في القوانين واللوائح، ينسى الكثيرون أن المشكلة في مصر ليست فقط مشكلة قوانين، بل أن القوانين هي أحد أعراض المشكلة، وربما تكون أقل أطراف المشكلة في حدتها. أما المشكلة الرئيسية في رأينا فهي مشكلة ثقافية وحضارية. ولابد هنا أن نعرف الثقافة culture ليس بمعنى الآداب والفنون، بل بمعنى طريقة الحياة، أو الحل الحضاري. ونعني هنا بالحل الحضاري Culture أو "طريقة الحياة" Way of Life ونعرف طريقة الحياة بأنها "مجموعة القيم والطبائع والسلوكيات والقناعات الفكرية والعادات والتقاليد ونظم التفاعل الاجتماعي التي تتبناها جماعة ما، باعتبارها تمثل الإجابة أو الحل الحضاري Solution لمشكلة البقاء".



المشكلة الرئيسية إذن لا تتعلق ببعض القوانين أو حتى مواد الدستور، بل هي تتعلق بتراجع الحل الحضاري المتجه للحداثة أمام حلول حضارية سلفية. بل أننا يمكن أن نقول أنه مع تراجع تبني المجتمع لقيم الحداثة والتطور، فإن التشريعات تسبق المجتمع ليس في مصر فحسب، بل في العديد من الدول العربية الأخرى، مثل تونس والمغرب. بمعنى آخر، فإن الرأي العام يميل للمحافظة أكثر من التشريعات التي قد تمررها النخب الحاكمة. المشكلة إذن في المجتمع، والحل هو في التنوير، وليس فقط في التشريع، بل أن التنوير يجعل التشريعات التي تكفل المساواة تأتي من الشعب، من أسفل إلى أعلى، بما يضمن جدية التطبيق وانتشاره على أرض الواقع.



والدليل على ذلك يظهر في تأييد القيادات الدينية الكنيسة الأرثوذكسية مثلاً للحزب الحاكم ورموزه، على الرغم مما قد يبدو على السطح أحياناً من خلافات، لكن تلك القيادات ترى أن النظام الموجود يكفل لها حقوقاً أفضل ويطرح مخاطر أقل من آخرين قد لا يرون في المسيحي مواطن كامل الحقوق، بل يرون أنه يمكن لأجنبي مسلم أن يتولى رئاسة الدولة بينما لا يصلح مسيحي مصري لذلك، رغم أننا نتحدث عن الدولة المصرية.



وبينما تؤيد القوى السياسية الليبرالية مثلاً إلغاء الخط الهمايوني وإقرار قانون موحد لبناء وصيانة دور العبادة، وإزالة خانة الديانة من بطاقة الهوية القومية، وحرية المعتقد والتحول الديني، وعدم التفرقة بين الأديان بحجة أن بعضها سماوي وبعضها غير سماوي، أو أن بعضها صحيح والآخر محرف، وغيرها من أطروحات غريبة في أمور هي في الأساس قائمة على الإيمان الشخصي، ولكن المحك الحقيقي يأتي على أرض الواقع: هل عند التطبيق سيستطيع أصحاب الديانات المختلفة بناء دور العبادة بنفس الدرجة من الحرية والمساواة، أم أن السلطات المحلية ستتفنن في وضع العراقيل أمام البعض وتسهيل الطريق أمام البعض الآخر، في محاكاة لرواية مزرعة الحيوانات "كل الحيوانات متساوية ولكن بعضها أكثر استواء من الآخر"! فالعبرة إذن ليست بالقوانين ولكن بالمناخ الثقافي السائد في المجتمع. مثال آخر، نحن نعلم أن عقوبة القتل والاعتداء معروفة ولا تحتاج لقوانين إضافية، لماذا إذن لم نر أحكاماً تصدر بحق مرتكبي حوادث العنف الطائفية على مدى ثلاثين عاماً، مع الاكتفاء بجلسات الصلح وتقبيل اللحى وغيرها من وسائل تضرب هيبة القانون في مقتل وتستحل دماء ضحايا جدد. فالقوانين موجودة ولكن التطبيق منعدم. ومن أخطر القيم التي تتسبب في فساد المناخ الثقافي تأتي الأحادية الفكرية، والإصرار على أن هناك
وجه واحد للحقيقة المطلقة. ورغم أن مبدأ الشك قد دخل في الفكر الإنساني منذ مئات السنين في كتابات ديكارت وغيره من الفلاسفة، وجاء هذا المبدأ ليعكس فكرة أن للحقيقة أوجه متعددة وأن هناك العديد من الزوايا التي يمكن أن ننظر بها لنفس الموضوع، وجاءت التطورات العلمية ليطرح أينشتين مبادئ النسبية التي تجعل الأطوال والكتل والسرعات تختلف حسب مرجعية كل مراقب، ثم طرح هايزنبرج مبدأ عدم اليقين في تحديد مواضع وسرعات الجسيمات باعتباره مبدأ ثابت في فيزياء الكون Heisenberg Uncertainty Principle، إلا أن غسيل المخ الذي يحدث بصورة ممنهجة للطفل المسلم أو المسيحي منذ مراحل نموه الأولى، يتكفل بانتزاع أو تعطيل خلايا المخ المسئولة عن التفكير النقدي.



ومبدأ الشك وعدم اليقين في جانبه الإيجابي يشجع روح البحث العلمي والإبداع والتطوير الفكري الدائم، والقدرة على نقد الواقع بل ونقد الذات، والقدرة على تقبل الآخر والتعايش بين الأضداد، وفي جانبه السلبي فإن مبدأ الشك يزعزع العقيدة وهي الأرض الروحية التي يقف عليها الإنسان مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى التعاسة والاكتئاب، فالتوازن إذن هو ما ينبغي أن نسعى إليه. ولكن ما يهمنا هنا هو أن سيادة فكرة أحادية الحقيقة يعوق قدرة المجتمع على التطور ويتسبب في تجمده كما قد يؤدي إلى انتشار العنف ومعاقبة من يختلفون في الفكر مع المجموعة أو من قد يمثلها من حكام مما يهدد فكرة التعددية والديمقراطية والانتخاب الطبيعي للأصلح وهو ما يهدد أيضاً بقاء المجتمع ككل في وجه المجتمعات القادرة على تطوير نفسها داخلياً.



وقد يقترح البعض أن الطبيعة المصرية التي تميل إلى التدين والتمسك بالعقيدة هي التي تؤدي بالمصري إلى التمسك بالمطلق وعدم تقبل فكرة أن الحقيقة نسبية وأنها متعددة الأوجه، ولكننا نقول إنه لا يجب أن نخلق تعارضاً أو نوع من التضاد بين وحدانية العقيدة وما تفرضه من الإيمان المطلق بثوابت دينية وبين روح البحث العلمي والسعي إلى العمل والأخذ بأسباب القوة والنجاح وقبول فكرة أن الآخر له حق الاختلاف في الرأي أو الاقتناع بفكر معاكس أو اعتناق عقيدة مغايرة، كما أن اليقين والأحادية التي ترتبط بالدين، لا يجب أن تتوسع لتجور على الموضوعية والفكر النقدي والتحليلي في الأمور غير الدينية.



فالعقيدة هي اقتناع القلب ولا تحتاج أدلة مادية أو إثباتا منطقيا وبالتالي فليس هناك ما يمنع قبول فكرة أن كلاً منا قد تكون له عقيدته وحقيقته الشخصية المتفردة طالما لا يحاول فرضها على الآخرين وطالما جاءت قواعد الحوار المنطقي كأساس لإثبات الحقيقة الوضعية عند وجود الخلاف. وهناك مساحة شاسعة للاتفاق بين أصحاب العقائد الدينية المختلفة، بل وغيرهم ممن يؤمنون بمنظومة القيم الإنسانية ويلتزمون بالقوانين الوضعية، ولذلك المنطق يقول أن القاسم المشترك بين كل هؤلاء هي القيم العليا والمقاصد العامة والمبادئ المشتركة وليست الطقوس أو النصوص الحرفية. هنا تكون المرجعية في المنطق الطبيعي والقوانين الوضعية، بعيداً عن الثوابت الدينية التي قد يختلف عليها البعض، وبالتالي عند تنظيم المعاملات المدنية بين الأشخاص المختلفين يكون الأصل هو استخدام القانون الطبيعي وقواعد المنطق والاستنباط دون التقيد بمرجعيات دينية قد يُختلف عليها.



وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نعفي النظم الاستبدادية بأنها تقف وراء تنامي نفوذ التيارات السلفية والمتطرفة، باستخدام الدين في السياسة للتخلص من تيارات معارضة حيناً، والعمل على رفض وتفتيت وتجميد ومحاصرة الأحزاب المدنية حيناً آخر، واستخدام التيارات المتطرفة كفزاعة لمنع التطور الديمقراطي، رغم أن تنامي قوة التيارات المتطرفة لم يحدث إلا في ظل غياب الديمقراطية، الذي أدى أيضاً لفشل هيكلي بنيوي مزمن للنظم التي قد يراها الشعب نظماً أقرب للعلمانية، وبالتالي يدفعه هذا الفشل إلى الاتجاه الآخر، اتجاه الدولة الدينية.
إن حق كل مواطن هو أن يعيش آمناً في بيته دون أن يعتدي عليه غيره بالفعل أو اللفظ، ولنا أن نضع أنفسنا مكان غير المسلمين الذين يتعين عليهم أحياناً أن يستمعوا عبر الميكروفونات لخطباء غاضبين لا هم لهم سوى تكفير أصحاب الديانات المغايرة والتحريض على كراهيتهم. وحق كل مواطن هو أن يتمتع أطفاله بخدمة تعليمية لا تمييز فيها، لكننا نجد أن وزارة التربية والتعليم قد تغلغلت فيها الجماعات السلفية والمتطرفة، حتى أصبح الحجاب فرضاً على كل تلميذة منذ عمر 8 أو 9 سنوات، ناهيك عن تدريس نصوص إسلامية في مناهج اللغة العربية سواء النحو أو القراءة، وعدم تدريس اللغة المصرية (القبطية) ولو حتى كمادة اختيارية. دعونا نتخيل أن الدولة أصدرت قوانين بتلافي هذا كله، كيف سيتم تطبيقها على أرض الواقع إذا كان القائمون على التطبيق من المروجين للفكر السلفي ويعدونه هو الطريق إلى الجنة؟



انهيار فكرة الوطن وتآكل الانتماء والمواطنة
المواطنة، ما هي إلا انتماء مواطن لوطن، يتمتع معه المواطن بوضع قانوني وسياسي ومزايا والتزامات اقتصادية واجتماعية وثقافية. فالمواطنة تعبر عن انتماء الأفراد للوطن بما يتضمنه ذلك من حقوق للأفراد، وواجبات ومسؤوليات تقع عليهم تجاه الوطن الذي ينتمون له.


وتشمل المواطنة الحقوق القانونية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الوطن الذي يحتضنهم، بما يضمن تمتع جميع المواطنين بالمساواة دون أن يقع على أي منهم أي نوع من أنواع التمييز القائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري.


العلاقة بين الوطن والمواطن
فالعلاقة بين الوطن والمواطن إذن تظهر على أكثر من محور:

  • قانوني: فهذه العلاقة لها شق قانوني يشبه التعاقد الضمني، يشمل الحقوق التي يتمتع بها المواطن والواجبات التي تقع عليه، ولعل الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تجسد بنود هذا العقد الاجتماعي
  • سياسي: أن يشارك المواطن في صنع القرار المجتمعي
  • ثقافي: هو مخزون تراكمي من القيم المشتركة والتراث التاريخي والحضاري، تتجسد في مجموعة ضخمة ومتشابكة من العادات والتقاليد والسلوكيات ونظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالقيم المشتركة هي التي تشكل الضمير والعقل الجمعي للمواطنين، وهي التي تحدد بنيان وطبيعة نظم التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، التي ترسم طريقة الحياة أو "كتالوج الحياة" على أرض الوطن
  • اقتصادي: أن يستطيع الفرد نتيجة لهذا الانتماء أن يحصل على احتياجاته الأساسية، من خلال انخراطه في المنظومة الاقتصادية لهذا الوطن وتفاعله معها، وهذا هو مفهوم المواطنة الاقتصادية، ويرمز له البعض بالعدالة الاجتماعية
  • اجتماعي: أن يتمتع الفرد بالعلاقات الاجتماعية التي تربطه بهذا الوطن، من خلال علاقات قرابة وصداقة وزمالة وجيرة لمواطنين آخرين
  • معنوي أو نفسي: ونتيجة لكل ما سبق، يتولد لدى المواطن شعور بالانتماء للوطن، وهو شعور نفسي لدى الفرد بعضوية كيان اعتباري هو الوطن، والتضامن مع المواطنين الآخرين بناء على الاشتراك في التاريخ والمصير.


    فالعوامل أو الروابط التي تتحكم في الانتماء لوطن لها شقان على الأقل، أحدهما يقع في الماضي بتراثه وذكرياته، والآخر يكمن في الموافقة الجماعية على العيش المشترك في الحاضر والمستقبل. ويمكن أن نقول أن الشق الأول الذي يقع في الماضي هو شق قدري لا يملك المواطن أن يتحكم فيه، ولكن الشق الثاني هو شق اختياري، لأننا قد نجد بعض المواطنين وقد عجزوا عن الحياة في الوطن، أو عجزت الحياة في ذلك الوطن عن أن توفر لهم احتياجاتهم الحياتية الأساسية، فيلجأون للانتساب لوطن آخر بصورة اختيارية عقلانية و – أو عاطفية.



تحلل وضعف الدولة الرسمية وصعود الدويلات الموازية



ويمكننا أن نتصور هذه العوامل أو الروابط، مثل الخيوط الدقيقة المغزولة معاً، والتي تتجمع لتكون حبل الانتماء. وعندما تتآكل تلك الخيوط واحداً بعد الآخر، يهترئ حبل الانتماء، حتى ينقطع أو يكاد.

فعندما يفقد المواطن حقوقه القانونية المكفولة له بموجب الدستور، أو تفتئت الدولة أو من يمثلها من موظفي العموم أو ضباط الشرطة على حريته أو كرامته كمواطن، أو يفتقد الشعور بالأمن، أو تتعطل منظومة العدالة، أو تغتال ممارسات الدولة والمجتمع أبسط قواعد المساواة وتكافؤ الفرص، أو يشعر "المواطن" أن رأيه لا يقدم ولا يؤخر، وأن صوته الانتخابي مهدر، وأن القرارات الاجتماعية تصدرها طبقة حاكمة بمعزل عنه، والأسوأ أنها لا تمثله ولا تراعي مصالحه، عندها، تنفصم بعض خيوط الانتماء.

وعندما يشعر المواطن بالاغتراب الثقافي، وبأن القيم الحاكمة في المجتمع، لا تتوافق مع قيمه الشخصية، بل وتتعارض معها في تضاد وتنافر، وأن منطق الحياة في المجتمع لم يعد يكافئ المجد أو الماهر أو الموهوب، بل أن المنافق والفاسد والممالئ للطبقة الحاكمة على حساب مصالح الوطن والمواطنين، هو الذي يتبوأ مقاليد الأمر والنهي ... عندئذ لابد وأن تتآكل خيوط أخرى.


وعندما تعجز قوانين ونظم الدولة التي تجسد مفهوم الوطن في الوفاء باحتياجاته الحياتية، من رعاية صحية، وخدمات تعليمية، وتأمين اجتماعي، وأمن وعدالة، فيضطر للجوء لقوانين ونظم بديلة في الدولة الموازية، يصبح فعلياً ولاؤه مزعزاً بين الدولة الرسمية والدولة الموازية. وقد يسأل سائل، أليست "الدولة الموازية" هي فكرة نظرية، بمعنى أنه لا توجد فعلياً دولة "رسمية" باسم الدولة الموازية، طبقاً لتعريف الدولة الموازية نفسها؟ فكيف ينتمي المواطن لدولة غير موجودة رسمياً؟

وهنا نرد بمثال بسيط، عندما يضعف أو يختفي دور الدولة في المجالات التي ذكرناها، وتأتي جماعة أو حزب أو جمعية أو شخص، ليقوم بتقديم هذه الخدمات بدلاً من الدولة الرسمية، فيفتتح عيادة طبية بأسعار رمزية في مسجد مثلاً أو كنيسة، كبديل عن الخدمات الطبية المنعدمة أو فاحشة التكلفة في تلك المنطقة مثلاً، ثم يلحق بها عدة فصول للتقوية تعويضاً عن فشل أو عجز أو تدهور أو قصور النظام التعليمي الرسمي، ثم يبدأ في تخصيص مبالغ شهرية من عائد الزكاة أو النذور أو التبرعات لمساعدة الأسر الفقيرة بتخصيص "معاشات" شهرية لتلك الأسر، كبديل عن الضمان الاجتماعي الذي لم تقدمه الدولة الرسمية، وهكذا.

مع كل هذا، ألا يتحول ولاء المواطن ليصبح مرتبطاً بهذه الجماعة أو الجمعية أو المسجد أو الكنيسة، بسياساتها وشخوصها ومصالحها، بدلاً من ولائه للوطن الأصلي؟ وعندما تعرض له قضية وطنية أو سياسية، ألا يأتي قراره بناء على مصالح أو توجيهات قادة الدولة الموازية التي تفي باحتياجاته؟ هنا نكتشف أن انتماء وولاء المواطن يصبح للمسجد أو الكنيسة أو الجمعية أو صاحب العمل أو عضو مجلس الشعب الذي يفي باحتياجاته الحياتية، وتصبح مصلحة تلك الدولة الموازية مقدمة على مصلحة الدولة الرسمية التي تجسد مفهوم الوطن الأصلي.


لقد تقوقع المسلمون في الدين الإسلامي، وتقوقع المسيحيون حول الكنيسة، فأصبح للإخوان مثلاً دويلة إسلامية موازية، وأصبحت الكنيسة دويلة موازية أخرى، وتدريجياً اجتذبت هذه الدويلات الموازية الولاء من مواطني الدولة الرسمية الذين أرادوا بدورهم أن ينتموا لكيان بديل عن الوطن الضائع، فضعفت فكرة الوطن، واقتربنا من أن نصبح شعبين في وطن واحد. بل أننا نسمع هذه التعبيرات بالحرف: الشعب المسيحي، أو شعب الكنيسة والأمة الإسلامية، إين إذن الأمة الموحدة التي تسكن هذا الوطن، مصر؟ نحن ندعو للدولة المدنية ولفصل الدين عن السياسة، فما هو البديل عن ذلك، هل نريد نظام محاصة طائفي حتى نصبح شعبين يعيشان على أرض واحدة يتربصان ببعضهما البعض انتظاراً للحظة الانفصال، أم ندافع جميعاً عن حقوق المواطنة لكل فرد، مسلم أو مسيحي أو بهائي أو بوذي أو غير متدين؟



دور يجب أن يتغير

لا شك أن المؤسسات الدينية في مصر لعبت دوراً إيجابياً في مجمله في الماضي في الحفاظ على الشخصية الثقافية المصرية بل وتطويرها. فالأزهر حافظ على الطابع الوسطي للإسلام المصري إلى أن تغلغل فيروس الهوس الديني المستورد في المجتمع ككل والأزهر جزء من هذا المجتمع. كما نذكر أن حركة التنوير والتطوير خرجت من رحم الأزهر في بدايات القرن التاسع عشر، علاوة على وقوف الأزهر كجزء قيادي لا يتجزأ، من حركات المقاومة والاحتجاج بل والثورة. والكنيسة المصرية أيضاً لعبت دوراً إيجابياً في الحفاظ على اللغة المصرية والتقاليد المصرية القديمة التي تربطنا بالأجداد وتجعلنا نتواصل مع شخصيتنا القومية تاريخياً. ولكن مع ظهور الدولة الحديثة، كان من المفترض أن يتطور دور الأزهر والكنيسة ليتناسب مع تحديات العصر ومتغيراته، حيث أصبح التخصص هو سمة الحياة العصرية، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ولكن المؤسستين بدلاً من أن يفسحا المجال لمؤسسات الدولة المدنية ويشجعان على التطور الديمقراطي وانتخاب مجالس وبرلمانات ومسئولين مدنيين، نجد أن الحرص على عدم فقدان سلطة دنيوية جعل المؤسسة تقوم بدور هو خليط من مؤسسة دينية وسلطة حكم أو دور دولة ذات سيادة – داخل الدولة الرسمية.



فانقلب الدور الإيجابي إلى سلبي بسبب عدم مواكبة هذه التطورات، ولا شك أن لتلك المؤسسات الدينية اليوم دوراً سلبياً في التمييز الديني، ونحن هنا نتحدث عن كل من المؤسسة الإسلامية والكنيسة الأرثوذكسية. فالأولى تنهال علينا بسيول من الفتاوى التي لا يقبلها عقل ولا منطق، والثانية تصر على انتزاع الحقوق المدنية من المواطنين المسيحيين، فدمجت مثلاً الزواج بشقيه القانوني والروحي في حزمة واحدة، رغم أن الطبيعي أن تترك الشق القانوني للدولة المدنية، وتتحكم هي في الشق الروحي كما تشاء. ولا ننسى بالطبع جلسات الإرشاد، وقضايا الحسبة، والتعامل مع المسائل الدينية وكأنها ملف أمني في الأساس.



الإخوان المسلمين وإخوان الصليب

ومن أجل الحفاظ على السلطة الدنيوية، يجتهد زعماء الحركات السياسية التي تستخدم الدين، في تعريف الدولة من خلال قالب ديني، لأنهم يعلمون أن استخدام التعريف العصري المتفق عليه للدولة الحديثة، يقلص من سلطاتهم لتنحصر في المجال الروحي، فتضيع سلطاتهم الدنيوية والسياسية، فنجد الإخوان المسلمين مثلاً يعرفون الأمة بأنها الأمة الإسلامية، ويعرفون الهوية المصرية باعتبارها جزء من الهوية الإسلامية، في برنامجهم الذي أعلنوا عنه عام 2007. وقد جاء في سياق هذا البرنامج فكرة "المجلس الملي" أو "هيئة كبار علماء الدين" (صفحة 10)، المنوط به "تطبيق الشريعة الإسلامية" الذي أعطاه البرنامج سلطات فوق - دستورية، باعتباره مجلساً يحتكر تفسير الإرادة الإلهية، بمثابة الصدمة للمراقبين، الذين رأوا في المجلس تكريساً للدولة الدينية وولاية الفقيه، إلا أن هذه الصدمة، حجبت أموراً فنية جوهرية في البرنامج، وهي أمور أراها أخطر بكثير، وتعد بمثابة إعلان حرب على "الهوية المصرية" نفسها.



ورغم أن البرنامج تحدث عن "دولة تقوم على مبدأ المواطنة"، تساوي بين كل المواطنين "في صفحة 12 و 26، إلا أن البرنامج عاد وأعلن أن "الهوية الإسلامية" هي أساس العقد الاجتماعي، والعلاقات الخارجية، والبناء الثقافي، في صفحة (18، 28، 32، 113، 114)، بينما لم يأت أي ذكر "للهوية المصرية" ولا مرة واحدة في البرنامج المكون من 128 صفحة.



وهنا يبرز تناقض واضح، كيف تقوم دولة مصرية على مبدأ المواطنة كما يدعي البرنامج، بينما هي لا ترى أن مصر لها هوية أصلاً، وتصر على أن الهوية الإسلامية هي الأساس التعاقدي للمجتمع؟ كيف تكون الهوية الدينية هي أساس العقد الاجتماعي في الدولة، التي يفترض فيها ألا تفرق بين مواطن وآخر على أساس الدين؟ إن الدولة الوحيدة في العالم تقريباً التي تركز على الدين كأساس للمواطنة هي إسرائيل، بالطبع إلى جانب الدولة التي يدعو لها هذا البرنامج.



ويتضح في البرنامج الهدف الرئيسي من الحرب على الهوية المصرية ممن يضعون لهم شعاراً "طظ في مصر"، حينما يدعو إلى "دولة تحقق وحدة الأمة الإسلامية" (صفحة 15 و 16 و 27 و 32) وهي في الواقع دولة الخلافة الإسلامية التي أعلن الشيخ على عبد الرازق منذ ثمانين عاماً أنها سبب تخلف الدول الإسلامية كلها، في كتابه التاريخي، الإسلام وأصول الحكم. واليوم يعلن علينا الإخوان أن مسح الهوية المصرية هو السبيل لتحقيق الوحدة، رغم أننا رأينا كيف استطاعت دول أوروبا أن تتحد، مع الاحتفاظ بالهوية القومية والحضارية لكل شعب واحترامها، وفي تصورنا أن التحالف أو الاتحاد مع الدول الأخرى لابد أن يأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية والعوامل المختلفة للهوية وليس الدين فقط.



وفي نفس الوقت يخرج علينا "إخوان الصليب" ليقولوا لنا أن المصريين الذين دخلوا في الإسلام قد تنازلوا عن هويتهم المصرية. ولا يفوتني أن أقول أن عدداً ضخماً من "إخوان الصليب"، يتشدقون بالعلمانية، ظناً منهم أن العلمانية هي سب الإسلام، ولكن عند بحث القضايا المفصلية، تجدهم يأخذون جانب المرجعية الدينية على طول الخط، تماماً مثلما يتشدق الإخوان المسلمون بفكرة المواطنة، ثم يعودون ويعرفون الوطن على أساس أنه دار الإسلام والأمة الإسلامية، وبالتالي فغير المسلمين هم أهل الذمة مواطنون من الدرجة الثانية على أفضل تقدير.



والهوية المصرية لا تتعارض مع الهوية الإسلامية أو المسيحية، وأحيانا قد يقع بعضنا في حيرة ترتيب أولويات الانتماء، فالبعض يقول أنا مصري أولاً والآخر يقول أنا مسلم أو مسيحي أولاً، وفي رأيي هذا به خلط للأوراق، فتعدد الانتماءات في كل شخص شيء طبيعي، ولكن يجب أن نبحث عن موضوع النقاش حتى نحدد أي من الانتماءات له الأولوية في ذلك الموضوع، مثلاً أنا أهلاوي أولاً عندما يتعلق الموضوع بماتش كورة في الدوري المصري، ومصري أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء سياسي أو شيء يمس وضعي كمواطن في دولة اسمها مصر، أو أمر يمس أرض مصر أو حدودهأ، ومسلم أولاً أو مسيحي أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء ديني يمس علاقتي الشخصية بالخالق، وقد أكون مهندساً أولاً أو خبيراً في الإدارة أولاً عندما يتعلق الموضوع بشيء فني مهني أو إداري. فكوني مصرياً لن يجعلني أدلي برأي يخالف أصول المهنة أو المبادئ العلمية المتعارف عليها إذا سئلت للشهادة مثلاً في قضية حكومة مصر تكون أحد أطرافها. وأنا إنسان أولاً عندما يتعلق الموضوع بأمر يمس الإنسانية كلها مثلا حقوق الإنسان لا فرق فيها بين مصري وغير مصري، وهكذا، فتعدد الانتماءات بالطبع موجود، ولكن الأولوية تكون حسب الموضوع الذي نتحدث فيه. ودائرة المركز في دوائر الهوية، وهي الدائرة التي نشترك جميعاً في الانتماء لها كمصريين، هي دائرة انتمائنا لمصر، الوطن الأم، وأساس المواطنة بين كل المصريين، هو المساواة بيننا جميعاً كمصريين، لا فرق في ذلك بين مسلم أو مسيحي أو غير متدين، وهذا هو الحل لهذا الخلط الذي يتم بحسن نية من البعض أو بسوء نية من البعض الآخر.



إخواني المسلمين والمسيحيين يا من ترون أن الوطن هو الدين، أقول لكم: طرحكم يعني اغتيال الهوية المصرية، هوية الوطن الأم، لصالح هوية دينية رغم أن الدين لا يطلع عليه سوى الديان، أنتم تفتحون الباب واسعاً لاغتيال وحدة مصر، ربما بحسن نية. ندعوكم لمراجعة النفس، والنظر في تاريخنا الذاخر، ثم في المستقبل وكيف يمكن أن تستعيد مصر عبره مكانتها كدولة رائدة في العالم، لنرسم معاً صورة، لما نتمنى أن نرى مصر عليه، ثم دعونا نعود إلى الحاضر، لنعلن كلمتنا في كنه ومكونات هوية مصر، ونتمنى أن يكون الانتماء الديني قد ترك في قلوبكم مكاناً يتسع لهوية مصرية.



الدين ليس هو العدو

إلى من يرون أن الدين هو العدو ... إلى من يرون أن الإسلام هو العدو ... إلى من يرون أن المسيحية هي العدو ... أقول لهم، الدين يمكن أن يكون أقوى داعم في الدعوة للتسامح والإخاء، أما إذا خيرتم الناس بين الدين وبين ما تدعون إليه، لاختاروا الدين، وفي نفس الوقت، لا يوجد سبب لمثل هذه الخيارات المتعسفة، فيمكن لكل إنسان أن يحتفظ بعقيدته، وفي نفس الوقت يتعامل مع إخوانه في الوطن بمساواة كاملة وتسامح غير محدود. أقول لمن يحاولون افتعال معركة مع الدين، الديانات حمالة أوجه، يمكننا أن نجد فيها الآيات والتفسيرات التي تدعو للتسامح، "لكم دينكم ولي دين"، "لا إكراه في الدين"، "أحبوا أعداءكم"، "لست عليهم بمسيطر"، وهو ما يضع حدوداً بين الولاية الروحية والسلطة الدنيوية، فالسيطرة تدل على السلطة الدنيوية، تماماً مثل "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". وهناك أيضاً آيات وأحاديث وقصص يمكن أن يجد فيها البعض ما يفسره في اتجاه الإقصاء، ويستخدمه في التحريض على الكراهية، بمفهوم "من ليس معي فهو ضدي"، أو "قد أتيت بسيف"، أو "وأعدوا لهم ..."، أو "وقاتلوهم ..."، إذا استخدم التفسير الحرفي دون أن ينظر لسياق الموضوع، والأهم، دون أن يستخدم المقياس الأصلي، وهو مقاصد الدين والقيم العليا التي يحض عليها. وعلى سبيل المثال يذكر البعض آيات مثل "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم"، باعتبارها تحض على العنف والإرهاب، بينما قد يفسرها البعض بأنها تدعو لتطوير قوة الردع التي تمنع الاعتداء وتضمن السلام، لإن إعداد القوة لتخويف العدو من مغبة العدوان هو توجه نحو السلام من منطلق القوة الدفاعية أو قوة الردع، فأي التفسيرين نريد ونستلهم؟ التفسير الذي يحاصر الأديان في خانة الإرهاب أم التفسير الذي يفتح الباب والقلب للسلام والإخاء؟ هل نريد أن نحاصر الأديان في التفاسير المتعصبة التي قد تحض على العنف وعدم قبول الآخر أم نسعى لتطوير الفكر الديني والتركيز على التفاسير والآيات التي تنشر المحبة والإخاء والقبول بالآخر؟


هل ندمغ الإسلام بالعنف لوجود حوادث إرهابية من مسلمين، أو بسبب توسع الإمبراطورية الإسلامية عن طريق الحروب، أو كنتيجة لوجود فترات من الاضطهاد الديني في عصور حكام مسلمين؟ وهل كان توسع الإمبراطوريات القديمة سوى عن طريق الحرب؟ هل ندمغ المسيحية بالعنف نتيجة لاضطهاد غير المسيحيين والأريوسيين وغيرهم بعدما تبنت الدولة الرومانية المسيحية كديانة رسمية للدولة، أو بسبب محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا وغيرها، أم نستلهم عظات المسيح المملوءة بالدعوة للحب والتسامح ونأخذ حوادث العنف باعتبارها أمثلة ودروساً لما يمكن أن يحدث إذا شجعنا التوجه المتعصب لأي دين؟

المعركة ليست ضد الدين، وإنما ضد الكراهية والتعصب باسم الدين، والاقصاء باسم الدين، والشيطنة والتكفير والقتل باسم الدين. المعركة هي تطوير الفكر والفهم الديني ليتناسب مع متغيرات الحياة، وفي نفس الوقت مع الحفاظ على القيم والمقاصد، وليس النصوص والتفاسير الجامدة. فالدين إذن مثل البوصلة التي ترشدنا للاتجاه، وليس كالوتد الذي يثبتنا في الأرض فنتوقف عن المسير، أو ننكفئ على وجوهنا بفعل التباين بين طبيعة الزمن الذي يتحرك للأمام، وأحكام الشيوخ أو الآباء الذين يريدوننا أن نتشبث بذلك الوتد الذي لا يعرفون غيره.



الخلاصة

إن الأساس في مناهضة التمييز، هو التطور الثقافي والحضاري، بما يشمله هذا من تطوير منظومة القيم والمعاملات والتشريعات، أما التركيز على التشريعات فقط فهو أمر محكوم عليه بالفشل وقد يؤدي لنتائج عكسية. وفي نفس الوقت، من يحاولون افتعال معارك وهمية مع الدين – أي دين – فهم يضربون المواطنة والدولة المدنية في مقتل، ويعملون لصالح دعاة الدولة الدينية. بل يجب علينا أن نساهم في تطوير الفكر الديني والتركيز على قيم الحب والتسامح وليس استعراض التفاسير الشاذة أو معايرة أصحاب الديانات بالفتاوى المشينة.



والتطور الحضاري أساسه النتاج الفكري، ثم بث هذا النتاج من خلال منظومات الثقافة والإعلام والتعليم، إلى أن نرى القيم الحضارية تتجلى في السلوكيات والمعاملات بل والطبائع والعادات الشخصية والاجتماعية، وعندها تتنامي قوة المناعة الحضارية، للقضاء على فيروس التطرف والهوس الديني. وفي نفس الوقت، فإن التطور الديمقراطي وتحقيق المواطنة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تدفع بالدولة الرسمية لتحل محل الدويلات الموازية التي اقتنصت ولاء المواطنين منها، حتى تصبح المواطنة والولاء والانتماء الأول هو للوطن، وليس لجيتو ديني.



Sunday, March 22, 2009

Poll Results: Penal Code

74% من المشاركين في استفتاء

حول قانون العقوبات على الإنترنت

يرفضون عقوبة قطع اليد والجلد



في استفتاء على الإنترنت حول قانون العقوبات المصري، صوت 74% من المشاركين ضد أن تكون العقوبات البدنية جزءاً من قانون العقوبات المصري. وقد جاء نص الاستفتاء كالتالي:


هل توافق على أن تصبح عقوبة السرقة في مصر هي قطع اليد، وعقوبة احتساء الكحوليات هي الجلد؟


وجاءت الإجابات كالتالي


22% نعم


74% لا


3% لست متأكداً



وقد شارك في الاستفتاء 383 شخص، وبلغ عدد من أجابوا بالموافقة 86 مشارك، ومن أجابوا بالرفض 285 مشارك.

والأمانة العلمية تقتضي أن نقول أن هذه النتيجة ليست دقيقة للأسباب التالية:
  • أن قطاع كبير من المصريين لا يستخدمون الإنترنت
  • أن حجم العينة صغير (383 مشارك)
  • يمكن للبعض أن يصوت مرتين من خلال جهاز آخر
  • ممكن أن يكون بعض المشاركين من خارج مصر



Sunday, March 01, 2009

Growth or Control? o.o.o



السيطرة أم النمو


... "أكل أم بحلقة؟"




هناك مثل باللغة الانجليزية يقول: "إما أن تحتفظ بالكعكة أو تأكلها"، وفي مصر نقول بالعامية "أكل ولا بحلقة؟". ما معنى هذا؟ إن هذه العبارة تشرح فكرة إدارية مفادها أنه لابد بالتضحية بجزء من السيطرة إذا كان هدفنا الأول هو تعظيم فرص النمو.


ونفس هذا الخيار تواجهه الشركات العائلية في مفترق الطرق، عندما يتعين عليها أن تختار بين الحفاظ على سيطرة العائلة على المؤسسة، وبين فتح المؤسسة للآخرين، سواء مساهمين أو مديرين أو جهات رقابية.


نفس الشيء ينطبق على الدول والحكومات، وخاصة الدول "العائلية"، والجمهوريات الملاكي، فعندما تكون الأولوية هي سيطرة الحكومة على كل نواحي الحياة، ويأتي هذا على حساب التضحية بالتنمية، فلا مانع من تلغيم الوزارات والبرلمانات وجميع الهيئات والنقابات والأحزاب والجمعيات والجامعات والمصالح والحدود الجمركية بمئات الإجراءات العقابية، التهذيبية والتربوية، بل وبالأسلاك الشائكة المكهربة، ولا بأس إن قامت الحكومة بتعذيب كل صاحب مشروع أو مبادرة اجتماعية أو ثقافية ويا ويله لو هو صاحب مبادرة سياسية أو مشروع سياسي. فالمجدد وصاحب المشروع هو عدو للاستقرار، ووجوده يهدد الأمن العام والخاص، الأبوي والبنوي، وبالتالي لابد من تلفيق التهم ضده هو وأهله وأصحابه، وشن الحملات الشعواء لاغتيالهم معنوياً، ولا مانع من التنكيل بهم وصعقهم بالكهرباء وإطفاء أعقاب السجائر في أجسادهم، عقاباً لصاحب المشروع على صفاقته وجرأته الوقحة، ورغبته المفضوحة الآثمة في أن يقتحم خصوصيتنا الثقافية ويستغل الشعب بمنهجه الإمبريالي أو فكره التجديدي.


تعلن الحكومة علينا منذ نيف وثلاثين عاماً، ضرورة التوجه للسوق الحر، والفكر الجديد، ولكن هذا الفكر الجديد النوﭬفي لابد أن يأتي طبعاً من الحزب القديم جداً، ويا حبذا أن يأتي من الأبناء الأعزاء، لأن من فات قديمه تاه وشبع توهان، والقديمة تحلى ولو كانت والعياذ بالله "وحلة" وفاشلة وعجوزة وشمطاء. ولكن الفكر الجديد حاجة، والسماح بصعود أو بهبوط أو حتى بوجود أصحاب المبادرات والمشروعات هو شيء مختلف تماماً. ولكن ما هو البديل عن المبادرات الفردية والجماعية؟ هو أن تعود الدولة لتتظاهر بأنها تتبنى الشعب، وتصبح مسئولة عن تأكيل وتشريب وتعليم وتشغيل وتسكين وتمريض وتكفين كل مواطن ومواطنة، وبالتالي ليس على الحكومة حرج إن هي قامت بالتصويت بالنيابة عن هؤلاء المواطنين، الأحياء منهم والأموات، لأنهم قصر ولم يبلغوا سن الرشد. ولكن على مدى ما يقرب من ستة عقود، فشلت الدولة فشلاً ذريعاً في سياسة التبني، وكانت فضيحتها بجلاجل، ومع ذلك لم تفكر مرة في أن تتوقف عن التصويت بالنيابة عن الشعب اليتيم.


والاختيار الآخر، والبديل عن سياسة التبني، هو الاتساق والتناغم بين ما تفعله "أو ما لا تفعله" الحكومة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وبين ما يجب أن تفعله "أو تتركه يحدث – تتركه يعمل – تتركه حتى يمر" على المستوى السياسي، فلا يعقل أن تكون الحكومة ليبرالية جداً ومتشبثة بأهداب الليبرالية عندما يتعلق الأمر بتحرير الأسواق والأسعار، وتعود لتصبح سلطوية موت عندما نتطرق لتحرير النقابات والأحزاب والجامعات والجمعيات ووسائل الإعلام. نتمنى أن يستقر النظام على رأي واحد، وبما أن الحكومة فشلت في الالتزام بشروط "التبني"، وهو العقد الاجتماعي الاشتراكي الذي منت به الشعب في الستينيات ثم خلت به بمنتهى الغدر، فعليها الآن أن تأخذ الطريق الآخر بكل حاراته وملفاته، فمن الجميل أن نطلب من الشعب أن يسعى بنفسه للرزق، ويصبح مسئولاً عن نفسه، ولكن على النظام في نفس الوقت أن يفك القيود والأصفاد، ويكتفي بلطش كل صاحب مشروع سياسي قلمين بدلاً من موضوع الصعق والكي والنفخ، وأن يتنازل عن سيطرته الشمولية السلطوية، سواء البابوية أم البنوية، ويلغي الإجراءات التعسفية التي تفترض أن كل صاحب مشروع سياسي أو اجتماعي إنما هو عدو مبين ولابد من دحره وتركيعه وتربيته وتهذيبه.


الآن، علينا أن نختار، إما تجميد البلاد بدعوى الاستقرار، والسيطرة على الأوضاع، والحفاظ على خصوصيتنا الثقافية وغيرها من أعذار جيل التنظيم الطليعي، أو أن نتبنى فكراً جديداً بحق وليس من خلال اللافتات والإعلانات والأوبريتات، حتى ننطلق للأمام في الإصلاح السياسي والتشريعي والإداري، ونستطيع بحق أن ندفع عجلة التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وننافس بقية أمم العالم الحر على قدم المساواة.



الكنز

إن تريد الاستفادة من الكنز، أنا أدلك على مكانه: في قلب كل واحد من أبنائي وفي ساعديه وفي رأسه. إن أنت جعلت قلبه حزيناً، وقيدت ذراعيه بالسلاسل، ووطأت رأسه بحذائك، فلا تشكون من الفاقة وسوء النهاية.

الكاريكاتير بريشة الفنان ياسر جعيصة

Dream Well

Salvador Dalí, Study for the Dream Sequence in Spellbound 1945


في انتظار حلم عظيم


الحضارة الإنسانية هي نتاج سلسلة من الأحلام والمبادرات العظيمة، ومن هنا فالقدرة على الحلم، هي أهم ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات الأخرى، التي تعيش الحياة كما تجدها. أما الحضارة الإنسانية، فتتميز بوجود قفزات نوعية غير مفهومة. تبدأ المبادرة بحلم بسيط وعظيم، يولد في خيال أحد الحالمين، يخترق من خلاله الضباب الذي يفرضه الواقع بأبعاده المادية المعروفة، ومحدداته التي تخضع للمنطق الموجود والمستقر، ليحلق الحالم وينفذ عبر أحجبة الزمن المعتمة من خلال ومضة صدق، تستمد وهجها من مخزون أودعه الخالق في ضمير الإنسان في عصر البراءة، فيرى الحالم المستقبل من خلال رؤية نافذة وبصيرة ثاقبة، يراه لا كما يجب أن يكون، بل كما يمكن أن يكون، وكما يجب أن يُصنع.


يؤمن الحالم برؤيته الغريبة عن الواقع، ويلهم مجموعة مميزة من المقربين والمريدين، حتى يؤمنوا بالحلم، ويعتنقوا الرؤية، ويشاهدوا المستقبل الذي عليهم أن يشاركوا في صنعه، فيولد فيلق التغيير. فيلق المؤمنين. فيلق المجددين. فيلق المصلحين. ومن أجل أن يتحول الحلم ليصبح واقعاً يشكل ملامح المستقبل، عادة ما يكون من ضمن أعضاء الفيلق، بعض البراجماتيين، الذين يستطيعون من خلال قدرتهم على التعامل مع الواقع بمعطياته، أن يصنعوا جسوراً مادية، تربط بين ذلك الواقع غير المرغوب فيه وبين المستقبل الذي يجب التحول إليه. وبعكس الحالمين والمثاليين، الذين قد لا يبحثون عن مصلحة شخصية من وراء تحقيق الحلم، يرى البراجماتيون في الحلم فرصة ليس فقط لتحقيق المصلحة العامة، بل أيضاً لتحقيق مصالحهم الشخصية، وهنا تكمن المفارقة.


فبدون الحالمين والمؤمنين من أصحاب المثل العليا، لا يمكن أن يولد الحلم أو يكتسب القوة الروحية الدافعة والمحركة للقلوب والمشاعر. وبدون البراجماتيين، تبقى الأحلام حبيسة الخيال، وإن خرجت عنه لا تتجاوز الأوراق أو الرقاع، فالبراجماتيون هم الذين يحولون هذه الأحلام لخطط وخطوات عملية، تغير من الواقع، وتعبر بالأمم نحو المستقبل. ويأتي الصراع عندما يشكو الحالمون من تحول الحلم من طور المثالية لأطوار الواقعية، خاصة عندما يجدون أن البراجماتيين يستغلون المبادرة في تحقيق مصالحهم الشخصية. ومن الناحية الأخرى، يشكو البراجماتيون من الحالمين، الذين يهددون بتفكيرهم الرومانسي عملية التحول من طور الحلم، لطور المبادرة فالتنفيذ على أرض الواقع. وعادة ما يستأثر البراجماتيون بجل غنائم هذا التحول، فيشعر المثاليون بالمرارة، ويتهمون المنفذين بالانتهازية، رغم أن هذه الانتهازية هي التي تكفل تحقيق الحلم وتنفيذ المبادرة.


وعندما تنسحب المبادئ ويرحل المثاليون، يفقد البراجماتيون تدريجياً الصلة الروحية بالحلم، ويصبح الحلم مجرد أداة لتحقيق المنفعة الشخصية، بعد أن غاب ضمير الفيلق وتوقف عن توجيه مسار المبادرة، فتنتهي المبادرة بصورة مبتسرة، ويتحسر أفراد المجتمع على ما كان يمكن أن يكون. أما المبادرات العظيمة، فيكمن سر استمرارها وقدرتها على التأثير في الحضارة الإنسانية، يكمن في "توليفة" فريدة تميز فيلق التغيير، يعمل من خلالها المثاليون جنباً إلى جنب بجوار البراجماتيين. وفي الواقع، فإنه لا يوجد تعارض في المصالح، لأن تحقيق الحلم في حد ذاته هو الجائزة التي تشبع تطلعات الحالمين، كما أن الغنائم المادية لازمة لتحفيز البراجماتيين وإرضاء طموحاتهم، وهي الوقود اللازم لاستمرار المبادرة وتوسعها. نعم، يكمن سر المبادرات العظيمة، في التوازن بين المصالح الشخصية والعامة، بين اعتبارات الفرصة وبين الثوابت المبدئية والقيم الروحية، بين محددات الواقع وبين ملامح المستقبل.


والأمم العظيمة تصنعها الأحلام العظيمة. الأمم العظيمة هي التي تسمح للحالمين بالحلم، وتتيح الفرصة لأصحاب المبادرة أن يأخذوا المبادرة، ويحققوها على أرض الواقع، ويستفيدوا بصفة شخصية من نجاحها، ما دامت تلك المبادرات سوف تسهم في النهاية في النهوض بالمجتمع وتعبر به نحو المستقبل. أما الأنظمة التي تخاف من الأحلام، وتطارد الحالمين، وتئد أحلامهم، أو تعاقبهم على مجرد الحلم، في سبيل تكريس الواقع والحفاظ على مصالح النخبة الحاكمة، تحت دعاوى الاستقرار والإصلاح التدريجي، فهي أمم محكوم عليها بالتدهور والتذيل، ثم الاندثار والفناء. الأنظمة التي تحاصر أصحاب المبادرات، وتنكر عليهم الاستفادة من مبادراتهم، خشية أن يصعدوا فيهددوا النخبة الموجودة، هي أنظمة تطلب العقم وتحرص عليه، وتمارس التعقيم والتقليم، والإخصاء والإقصاء، بدعوى الحفاظ على الاستقرار وحماية السلام الاجتماعي تارة، أو مراعاة مصالح محدودي الدخل تارة أخرى، أو تذويب الفوارق بين الطبقات تارة ثالثة، وغيرها من الشعارات الكاذبة، التي تستخدم لتبرير كراهية النجاح ومحاربة الناجحين، وملاحقة المتعثرين والتشفي فيهم، رغم أن التعثر صفة تلازم المبادرات الجديدة أكثر من النجاح، والقبول بالتجربة وباحتمالات التعثر هو شرط لإدراك ذلك النجاح. إن تلك الأنظمة المعقِمة تحارب النجاح وتضطهد الموهوبين، حتى تختنق الأحلام، ويحجم كل صاحب مبادرة عن العمل الخلاق، أو يهاجر هرباً من هذا الجو المسموم، ويترك وطنه لينتمي لمجتمعات أخرى يحقق فيها النجاح ويحصل على التقدير، فتستفيد تلك المجتمعات من هذه الموارد البشرية النادرة، بعد أن اضطُهدت تلك الموارد في أوطانها الأصلية.


ولأن الحالمين وأصحاب المبادرات وأعضاء فيلق التغيير هم عملة نادرة، ويخضع ظهورهم لنسب إحصائية ضئيلة، فإن فقدان واحد منهم يمثل خسارة فادحة لا تعوض بسهولة، أما موضوع أن "مصر ولادة" وأنها قادرة على إنجاب "سيد سيده"، فهو قول حق يراد به باطل. فمصر ولادة بحق، ولكن إذا كانت طبيعة النظام هي أن يقضي على الموهوبين ويبعد الحالمين ويطارد أصحاب المبادرات بصورة تلقائية، فكثرة الولادة لن تفيدنا بشيء، سوى أن تتسبب في تفشي البطالة والفقر والجهل، واستشراء السماجة والسخافة، وانهيار الفنون والآداب والعلوم، وتدهور النشاط الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، فضلاً عن تدني الذوق العام وتسمم المناخ المحيط بالحياة اليومية لكل منا.


نتحدث عن النهوض بالاقتصاد والاستثمار، وعن تطوير التعليم والثقافة، و كل هذا جميل، ولكنني أقول لكم بكل صراحة، بدون حلم عظيم، بل أحلام عظيمة، لن نتقدم خطوة إلى الأمام. بدون هؤلاء الحالمين والموهوبين المضطهدين سوف يتدهور وضعنا يوماً بعد يوم. بدون فيلق التغيير سوف نغرق في قيعان التخليد والتجميد. بدون تداول المقاعد في كل موقع، والحرص على تشجيع الحراك الاجتماعي في كل مجال، سوف نتكلس ونتحجر، وندخل التاريخ كأول أمة معاصرة، يتم تصنيفها ضمن الآثار الغابرة. والآن، علينا جميعاً أن نجد حلاً لهذه المشكلة، قبل أن نستقر في ذيل كل قوائم الأداء المعروفة والمستحدثة.





Wednesday, February 18, 2009

Ayman Nour is Released

Release of Ayman Nour

Sparks Hope of Political Reform



Khaled Desouki AFP/Getty Images



Ayman Nour was released today around 6pm where he just walked into his home at Zamalek, Cairo, unexpectedly. A media frenzy broke out and in a few minutes, his home was packed with reporters from local and international news agencies.


His release came as a result from the Egyptian Attorney General, on medical grounds! Nour was first arrested on 29th January 2005, 90 days after El Ghad Party was given legal status in October 2004. Ayman Nour was released on 12th March 2005 and he ran against Mubarak un Egypt's first multi-candidate presidential election Egypt witnessed where he came first runner up after Mubarak.


Nour was then re-arrested on 5th December 2005 - merely 90 days (again) after his participation in Presidential Elections, sentenced to 5 years in Jail on 25th December 2005. Appeal was turned down in May 2006.


Upon his release on Wed 18th Feb 2009, Ayman Nour announced that he seeks no revenge, that he is more persistent than ever on pursuing the cause of reform and that he will focus his efforts to rebuild El Ghad party to advance the cause of reform, liberty and democracy in Egypt. Nour announced that he seeks no position in El Ghad Party other than the honorary position as Leader of the Party, and that he will be in charge of membership committee under the current president of the Party, Ehab El Kholy, elected by the General Assembly in march 2007. State Commissioners Court issued a ruling on 7th Feb 2009 acknowledging El Kholy as president. General Assembly held on 30 Dec 2005 had elected Nagui El Ghatrifi as president and Ayman Nour, who was in jail at the time, as leader of the Party. General Assembly of March 2007 then elected Kholy as president.

El Ghad announced in a press release that it shall strive to create a national dialogue with opposition leaders to reach some consensus on an Agenda of Reform such that the outcome of such dialogue must be some sort of a meaningful political process built on the priniciples of pluralism, real democracy and freedom.


We hope that this may be the start of a new era in Egypt's political scene, where a new social contract can be drafted through a package of comprehensive reform.



Thursday, February 12, 2009

Post Realism - 6




So pro-Israel that it hurts






By Daniel Levy




The new (2006) John Mearsheimer and Stephen Walt study of "The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy" (Note: Now a Book published in Britain as no US publisher would take the risk. Incidentally, the Publisher is Jewish.) should serve as a wake-up call, on both sides of the ocean. The most obvious and eye-catching reflection is the fact that it is authored by two respected academics and carries the imprimatur of Harvard University's Kennedy School of Government. The tone of the report is harsh. It is jarring for a self-critical Israeli, too. It lacks finesse and nuance when it looks at the alphabet soup of the American-Jewish organizational world and how the Lobby interacts with both the Israeli establishment and the wider right-wing echo chamber.


It sometimes takes AIPAC omnipotence too much at face value and disregards key moments - such as the Bush senior/Baker loan guarantees episode and Clinton's showdown with Netanyahu over the Wye River Agreement. The study largely ignores AIPAC run-ins with more dovish Israeli administrations, most notably when it undermined Yitzhak Rabin, and how excessive hawkishness is often out of step with mainstream American Jewish opinion, turning many, especially young American Jews, away from taking any interest in Israel.


Yet their case is a potent one: that identification of American with Israeli interests can be principally explained via the impact of the Lobby in Washington, and in limiting the parameters of public debate, rather than by virtue of Israel being a vital strategic asset or having a uniquely compelling moral case for support (beyond, as the authors point out, the right to exist, which is anyway not in jeopardy). The study is at its most devastating when it describes how the Lobby "stifles debate by intimidation" and at its most current when it details how America's interests (and ultimately Israel's, too) are ill-served by following the Lobby's agenda.


The bottom line might read as follows: that defending the occupation has done to the American pro-Israel community what living as an occupier has done to Israel - muddied both its moral compass and its rational self-interest compass.


The context in which the report is published makes of it more than passing academic interest. Similar themes keep recurring in influential books, including recently, "The Assassin's Gate," "God's Politics," and "Against All Enemies." In popular culture, "Paradise Now" and "Munich" attracted notable critical acclaim. In Congress, the AIPAC-supported Lantos/Ros-Lehtinen bill, which places unprecedented restrictions on aid to and contacts with the Palestinians, is stalled. Moderate American organizations such as the Israel Policy Forum, Americans for Peace Now and Brit Tzedek v'Shalom - each with their own policy nuances - have led opposition to the bill and Quartet envoy Wolfensohn has seemed to caution against it. In court, two former senior AIPAC officials face criminal charges.


Not yet a tipping point, but certainly time for a debate. Sadly, if predictably, response to the Harvard study has been characterized by a combination of the shrill and the smug. Avoidance of candid discussion might make good sense to the Lobby, but it is unlikely to either advance Israeli interests or the U.S.-Israel relationship.


Some talking points for this coming debate can already be suggested:


First, efforts to collapse the Israeli and neoconservative agendas into one have been a terrible mistake - and it is far from obvious which is the tail and which is the dog in this act of wagging. Iraqi turmoil and an Al-Qaida foothold there, growing Iranian regional leverage and the strengthening of Hamas in the PA are just a partial scorecard of the recent policy successes of AIPAC/neocon collaboration.


Second, Israel would do well to distance itself from our so-called "friends" on the Christian evangelical right. When one considers their support for Israel's own extremists, the celebration of our Prime Minister's physical demise as a "punishment from God" and their belief in our eventual conversion - or slaughter - then this is exposed as an alliance of sickening irresponsibility.


Third, Israel must not be party to the bullying tactics used to silence policy debate in the U.S. and the McCarthyite policing of academia by set-ups like Daniel Pipes' Campus Watch. If nothing else, it is deeply un-Jewish. It would in fact serve Israel if the open and critical debate that takes place over here were exported over there.


Fourth, the Lobby even denies Israel a luxury that so many other countries benefit from: of having the excuse of external encouragement to do things that are domestically tricky but nationally necessary (remember Central Eastern European economic and democratic reform to gain EU entry in contrast with Israel's self-destructive settlement policy for continued U.S. aid).


Visible signs of Israel and the Lobby not being on the same page are mounting. For Israel, the Gaza withdrawal and future West Bank evacuations are acts of strategic national importance, for the Lobby an occasion for confusion and shuffling of feet. For Israel, the Hamas PLC election victory throws up complex and difficult challenges; for the Lobby it's a public relations homerun and occasion for legislative muscle-flexing.


In the words of the simplistic Harvard study authors, "the Lobby's influence has been bad for Israel ... has discouraged Israel from seizing opportunities ... that would have saved Israeli lives and shrunk the ranks of Palestinian extremists ... using American power to achieve a just peace between Israel and the Palestinians would help advance the broader goals of fighting extremism and promoting democracy in the Middle East." And please, this is not about appeasement, it's about smart, if difficult, policy choices that also address Israeli needs and security.


In short, if Israel is indeed entering a new era of national sanity and de-occupation, then the role of the Lobby in U.S.-Israel relations will have to be rethought, and either reformed from within or challenged from without.

________________________________________
Daniel Levy was an advisor in the Prime Minister's Office, a member of the official Israeli negotiating team at the Oslo B and Taba talks and the lead Israeli drafter of the Geneva Initiative.

________________________________________



________________________________________







John Mearsheimer and Stephen Walt: The Israel Lobby,
London Review of
Books
, 23 March, 2006. Available at:




Available at Amazon:

________________________________________




Friday, February 06, 2009

The Age of Judgment (1) ... o o o o




An Ordinary Egyptian




I am an ordinary person.

I look at our old photos and I realize that the sinful world in which you now think that I am living, existed all along when we were little.

You and I.

We lived in this world peacefully and comfortably. You never thought it was sinful.

We co-existed.

You had your own ways and I had mine.

Neither of us thought the other had to change.

Neither of us used loud speakers to insult the other and label him as Kafer.


At the time when I was a child ... Egypt was full of people like me. Like us. Like you and me, at the time. Egypt, surprise surprise, was full of Egyptians ... Ordinary Egyptians ...

Then one day you decided you could not take it here. You decided you wanted to have more. So, you left. You found a job somewhere in the Gulf.


I did not stand in your way.

In fact, I wished you well.

I said that each of us had a role to play.

I stayed behind. Trying to make a living and plant a few more trees.




Years went by. How did they go by? They just went by and I kept on trying.




Then one day you came back.

You looked different.

Your wife looked different.

Your kids looked different from mine.




I felt a little strange, but I honestly did not mind.

But then you started to mind how I looked.

How my wife was dressed ... "safera" unlike yours.
But, brother, when we were little, you never thought that our mother was a whore because she did not cover her hair.

Now you mind how my kids play joyfully, sing, listen to music, whistle and smile casually at everyone in our little village.


Then, one day, after a long debate, you called me Kafer.

And you threatened me with hell and suffering.

Kafer, you said.

Misguided. Min Al Daleen.






My dear brother. Let me tell you this.



It is not my fault that you have gone all nuts and think that there are demons inside your own bathroom.

It has nothing to do with me that you now believe that music is the voice of Satan.

It is not my fault that you see evil where I see beauty.


That you see hell where I see heavens.

You were not like that.

We were not raised to be like that.

I am not like that.




Thank God I am not like that.




Now my brother. Either you mind your own business and let me live my life the way I do.

Or you get the hell out of my sight and go find your own paradise on earth elsewehere.

I am not asking you to change.
I am just asking you to stop asking me to change.



My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook