Thursday, June 17, 2010

Secular Debate 5

هل هناك فكر غير علماني؟

كتب أحد المتأسلمين منتقداً رجعية الفكر العلماني

 
 

وهنا أود أن أسأل ... هل هناك  فكر غير علماني؟

 
 

الفكر بطبيعته إنساني

يقبل الصواب والخطأ

 
 

إنساني = علماني


 

علماني يعني أنه من هذا العالم ... محدد بالزمان وبالعالم الذي نعيش فيه ... نسبي وليس مطلق ...

  
 

أي كتاب مقدس يحوي كلمة الخالق بالنسبة لمن يؤمن به

وبالتالي هي لا يمكن تصنيفها كعمل بشري

لكن تلك الكتب جاءت في لغة بشرية ... علمانية ... بمعان بشرية ... علمانية ... فلا يمكن مثلاً للإنسان أن يدرك الوصف الإلهي للجنة أو للنار أو لطبيعة الخالق نفسه ... لأن تلك الأوصاف والمعاني تأتي في صورة كلمات بشرية ذات معان بشرية لأشياء رأيناها وخبرناها على هذه الأرض ... لكن المعان نفسها بعيدة عن إدراكنا بعد الأرض عن السماء ...

 
 

 أي عمل بشري يرتبط بالزمن وبهذا العالم

فهو علماني بالتعريف

 وكذلك الفكر ... حتى الفكر الديني أو الفقه الديني ... هو اجتهاد بشري علماني ولا يعبر عن الحقيقة الإلهية ... ربما يحاول أن يقربها لذهن من كتبها أو من سيقرأها ... لكنه في النهاية عمل بشري محدود بالزمن والعالم الذي نعيش فيه

 
 

 
 

جمال سفر 125 من كتاب الموتى

أن اعترافات المتوفي هي اعترافات إنسانية

بإنكار فعل الشر

 
 

مثل ...

لم آخذ اللبن من فم الرضيع

لم أطرد الماشية من مراعيها

لم أش بخادم لدى سيده

لم أتسبب في بكاء أحد

 
 

وهكذا ...

 
 

وبالتالي فهي تركز على الإنسان وعلى الضمير الأخلاقي الذي يحرك سلوكه داخلياً

 
 

وهي بعكس الوصايا العشر أو الـ  (15)

 
 

التي تأتي في  صورة أوامر ونواه خارجية

 
 

رغم أن المحتوى متقارب

 
 

ولكن سفر 125 يعد نقلة إنسانية

لأنه يرسخ مفهوم أن فطرة الإنسان هي الخير

 
 

وأن الخير ليس فرضاً ثقيلاً عليه

بل هو جزء من طبيعته ولازم لسعادته وخاصة عندما يتعامل مع الآخرين ... وعندما ينظم حياته في نظام مثل نظام ماعت الذي جوهره هو التوازن ...

 
 

كان الأجداد يقولون

 
 

انظر إلى الإله الذي فيك

 
 

وهو ما ذهب إليه الصوفيون فيما بعد

 
 

في تجلي الخالق في كل مخلوقاته


 

Why Change

لماذا التغيير ؟ ١


 

لابد من ربط قضية التغيير السياسي بالمشاكل الحياتية للمواطن، الذي قد يعتقد لأول وهلة أن التفكير في – فما بالك بالمشاركة في أو المطالبة بـ – تعديل الدستور أو إصلاح النظام السياسي هو ترف لا يملكه من يشغله هموم قوت يومه، أو الحصول على موقع متقدم في طابور الخبز أو أنابيب البوتاجاز.


 

لكن حقيقة الأمر بالطبع هو أن كل هذه المعاناة في شتى أمور الحياة وراءها بالتأكيد سبب سياسي مباشر.


 

  • فبداية - مواد الدستور الحالية لا تسمح بتداول السلطة، وبالتالي، لا يمكن للمواطن أن يقوم بتغيير رئيس الجمهورية أو حتى رئيس الوزراء، ولا حتى أحد الوزراء، وبالتالي، فإن ولاء هؤلاء ليس للمواطن لأنه لم ينتخبهم ولا يستطيع في ظل النظام السياسي القائم أن يقوم بتغييرهم إن لم يرض عن أدائهم، أو لم يرض عن أحواله وأحوال أسرته التي تتدهور باستمرار في ظل حكمهم المؤبد. ما الداعي لأن يعمل هؤلاء على توفير الحياة الكريمة له ولغيره من المواطنين، إذا كان بقاؤهم غير مرتبط برضاه أو تحسن أحواله المعيشية؟ بل أن هؤلاء باقون بسطوة الأمن، فينفقوا جزءاً كبيراً من موارد البلاد – التي كان من المفترض أن تستثمر في تحسين الوضع الاقتصادي والبنية التحتية والخدمات الأساسية من تعليم وصحة وطرق ومياه وكهرباء وخلافه – ينفقوا كل تلك الأموال على المزيد من قوات الأمن الداخلي لقمع المواطنين وإعاقة حركة التداول المرن للسلطة.
  • الفساد في أصله هو فساد في العلاقات، بحيث يحصل البعض من ثروات الوطن وأراضيه وفرص العمل فيه، والارتقاء الاقتصادي والاجتماعي والوظيفي والأكاديمي (إلخ)، على قيمة تفوق بكثير القيمة التي يقدمونها للاقتصاد وللمجتمع. وفي ظل الحكم الأبدي الطويل، تتولد شبكة من العلاقات الفاسدة بين الحكام وبين شركائهم من رجال الأعمال الفاسدين، لتحل محل القوانين الطبيعية القويمة، التي تكفل لكل مواطن فرصاً متكافئة، فتكون النتيجة أن يستولى الفسدة على مقدرات وثروات الوطن في ظل زواج غير شرعي بين السلطة والثروة، كل هذا على حساب المواطن، ولا يمكن أن تتحسن أحوال المواطنين إلا بفك هذه العلاقات غير المشروعة من خلال تقنين وتحدبد مدد الحكم، بحيث يعلم كل مسئول أن بقاءه لفترة محدودة، يخرج بعدها من السلطة، وتقل فرص تكوين تلك التصاهرات الفاسدة بين السلطة وبين الفسدة من أصحاب الاحتكارات.
  • نسمع كثيراً عن احتكارات متنوعة في مجال مثل الحديد مثلاً، وهو صناعة رئيسية تدخل في البناء وفي معظم السلع والخدمات بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ماذا يحدث عندما يسيطر أحد المحتكرين على القرار في الحزب الحاكم فتصبح سلطاته فوق سلطات الحكومة ومجلس الشعب ومجلس الشورى ومجلس الوزراء. كل هذه المجالس تخضع لمشيئته وتعمل في خدمته، تفصل قوانين غسيل الأموال وقوانين "منع الاحتكار" على مقاسه وحسب مزاجه الخاص.، ورغماً عن الحكومة، ووزير التجارة، أقر مجلس الشعب قانون منع الاحتكار بصورة معيبة تخدم ذلك المحتكر وتمنع محاسبته. كيف أصبح شخص "يتهمه الرأي العام بالاحتكار"، هو المسئول عن صياغة قانون "منع" الاحتكار في "البرلمان"؟ وأي برلمان يكون هذا؟ كيف أصبح من يتهمه الرأي العام بالاستيلاء على أحد أهم أصول الدولة بسعر بخس وبأسلوب يفتقر للشفافية، هو المسئول عن الصياغة النهائية، لقوانين غسيل الأموال؟ ألم يتراءى لأولي الأمر أن هذا قد يدخل في باب تضارب المصالح لا قدر الله؟ أي قوة وجبروت، بل أي عبث سيريالي خيالي، يجعل مثل هذه اللامنطقيات العبثية حقائق واقعية؟ هو منطق القوة والفساد الذي هو فوق العدل. منطق السلطة التي هي فوق الشعب. منطق الفساد الذي استشرى حتى أصبحت الكتابة عنه تصيب المعارضين بالخجل.

وهكذا ...


 

  • المقال التالي – يتحدث عن كارثة اختلاط مياه الصرف (غير) الصحي بمياه الشرب (غير) النظيف، وعلاقة هذا بفساد البنية الدستورية والإدارية للدولة، عندما يحرم المواطن من اختيار العمدة والمحافظ ورئيس الحي ....


 


 

محافظ التيفود :


 

أنت فعلاً


 

غير مسئول


 

السيد المستشار الدكتور اللواء المحافظ أعلن بكل جرأة أمام مجلس الشعب أنه غير مسئول عن إصابة المئات من إحدى القرى التابعة للأبعدية القائم عليها بالتيفود نتيجة لتناكح كائنات الصرف غير الصحي - بكائنات صديقة تسكن مياه الغسيل المخصصة حالياً للشرب. وأعلن المحافظ بعين واسعة جدا أن المسئول هو وزارة الإسكان والمركزية البغيضة الوحشة. وأنا من جانبي أؤيد المحافظ، لأنه بالفعل غير مسئول.

من أسبوعين تصادف أن كنت أؤدي واجب عزاء في قرية بلقس بمحافظة القليوبية، وهي تبعد عن القاهرة مقر كرسي البابوية المركزية البغيضة حوالي 4 أو 5 كيلومتر. وهالني ما رأيته فور أن انحرفت عن الطريق الدائري، في طريق الندامة إلى بلقس إن جاز استخدام لفظ طريق ليصف تجمع عشوائي من الحفر والمطبات والعوائق والألغام والأسبتة التي تغطي الآبار العميقة. فالدليل الوحيد والعلامة الأكيدة أنك على الطريق هو هذه العوائق المرصوصة وراء بعضها، ولو تركت الأرض لحالها دون أي تمهيد لكان من المستحيل أن تحصل على هذا التنوع الطبوغرافي والجيولوجي غير المسبوق، فهناك الهضاب والتلال العالية، والوديان والمنخفضات العميقة، والمنحدرات الوعرة، والآبار والمصارف المغطاة والمفتوحة، والأحجار البركانية والنيزكية والترسيبية والطباشيرية المتنوعة، وهكذا. وما أن دخلت بلقس نفسها حتى علمت أن الطريق خارج بلقس هو نعمة تستحق الحمد والشكر الجزيل، فما اضطررنا للمرور به من أهوال تعجز الأقلام بل المطابع عن بيانه، وتجف أحبار العالم قبل أن نفيه حقه وصفاً، فحمدنا الله شاكرين على نعمة المشي، وأدركنا لماذا حبا الصانع الأعظم الإنسان بأرجل ولم يجعله يمشي على عجل بكرونة للجر الخلفي أو كبالن للجر الأمامي.

وتعجبت، إذا كان هذا هو حال بلقس التي تبعد عن كرسي الحكم بعدة كيلومترات، فما بالك الحال في قرى النوبة أو جمهورية قنا الشقيقة التي تبعد ألف كيلومتر عن كرسي المركزية البغيضة. لم يدر في خلدي في لحظتها أن ألقي باللوم على السيد المحافظ إطلاقاً، لعلمي أنه غير مسئول. لماذا يزور المحافظ -غير المسئول- بلقس أو غيرها أو يهتم بمشاكلها؟ هل يقوم أهل بلقس مثلاً باختيار المحافظ وبالتالي يتعين عليه أن يحقق مصالحهم أو يعمل على اكتساب رضاهم وأصواتهم؟ أبداً، فالمركزية البغيضة هو الذي يعين المحافظ وهو الذي سوف يرفده بعد زمن طال أو قصر، ليلقي للجماهير الهائجة بكبش فداء جديد يغرسون فيه أنياب الغضب ويلهيهم عن المشكلة الحقيقية، وهذه هو التوصيف الوظيفي الحقيقي للمحافظ أو الوزير، حيث تنحصر مسئولية المحافظ في أن يكون رمزاً لرمي الجمرات واللعنات، بمبدأ واضح ومعروف للكافة قبل التعيين، أن الإنجاز لنا والخير منا أما الشر فهو من أنفسكم ونتيجة لسيئات أعمالكم.

هل لا يعلم المحافظ أن جزءاً كبيراً من أهل القليوبية وأهل محافظات أخرى كثيرة لهم سنوات يشترون المياه من سيارات الفناطيس لأن الله حباهم بحاستي الشم والتذوق ، أي أن لديهم ذوق على عكس غيرهم، وما تذوقوه من مياه الشرب أكد لهم دون شبهة شك بوجود التناكح غير الشرعي الذي تحدثنا عنه بين مياه الصرف – غير الصحي – وبين مياه الغسيل الذي يوافق المحافظ على أن يشربوها عوضاً عن مياه الشرب؟

المحافظ طبعاً غير مسئول عن بقاء هذا الوضع لسنوات طويلة، ولكن عندما يتعلل بالمركزية البغيضة، أهمس في أذنه الطاهرة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فالمركزية البغيضة الذي يتحدث عنه هو الذي وضعه في مكانه وتركه فيه لاهياً عن حال أهل محافظته مشغولاً بمبايعته. لماذا يهتم المحافظ بأهل الأبعدية إذا كان ليس لهم يد في اختياره أو بقائه؟ يكفيه أن يبايع ويبارك المركزية البغيضة ثم يلقي باللوم على وزارة أو حكومة، أو شركة مقاولات، أو مهندس أو حتى خفير درك، فكل هذا لا يهم ما دام حاصل على رضا المركزية البغيضة بدليل استمراره في منصبه رغم أنف أهل الأبعدية. المحافظ بدلاً من أن يحافظ على أهل الأبعدية، انشغل بأن يحافظ على المركزية البغيضة، وبالتالي أصبح محافظاً على التيفود وكل المصائب الأخرى.


 

طيب، عندما اكتشف الوزير لمدة سنوات طويلة تدهور شبكة الصرف المرضي، وتناكح كائنات المجاري بمواسير مياه الغسيل، لماذا لم يحرك ساكناً؟ لأنه كان مشغولاً في إرضاء المركزية البغيضة. طيب – عندما شكا للحكومة بفرض أنه شكا، واكتشف أن الحكومة لم تهتم أو أن الوزارة مهملة أو أن الشركة وحشة وكخة، ماذا كان رد فعله؟ الله أعلم. طيب نرجع نسأل: هل إذا تجرأت مياه الصرف بمعاكسة وليس مناكحة مياه الشرب في قصر الوزير، وأهمل السباك في الإصلاح، أو أهمل الحي كله، هل كان المحافظ سيصبر لأعوام طويلة ثم يلقي باللوم على الآخرين عندما يمرض أولاده والعياذ بالله بينما يستمر هو في مبايعة المركزية البغيضة؟ لماذا لم يستقل المحافظ من مركزه عندما اكتشف أن المركزية بغيضة وكخة ولا علاج لها سوى العزل الذي ليس بيده؟


 

هنا السؤال يصبح، إذن من هو المسئول الحقيقي عن وجود واستمرار المركزية البغيضة؟ بالتأكيد المحافظ والوزير والحزب مسئولون كل بقدر في مجاله، لكن المسئول الحقيقي هو أهل بلقس نفسها. أهل القليوبية. أهل الدقهلية وأسوان والأسكندرية والقاهرة، الذين قبلوا أن تقوم المركزية البغيضة بانتزاع حقهم في اختيار ومساءلة وعزل المحافظ والعمدة وشيخ البلد، المسئول هو كل شخص قال لا يهمني الدستور ولا السياسة، لا يهمني أن أختار العمدة أو رئيس الحي أو المدينة، لا يعنيني أن أختار المحافظ أو الرئيس، ما دمت أتسمم عيشاً ولو معجوناً بمياه الصرف فسوف أمشي جنب الحيط. عندما قبل أهل البر، أن يستمعوا لكلام دعاة الشر الوطني الأوتوقراطي، الذين دائماً ما ينصحونهم بأن أن يصمتوا ويطأطؤا الرأس، ويقولوا وانا مالي، فقد وقعوا جميعاً وبصموا بأصابع أيديهم وأرجلهم هم وأهلهم أجمعين على تفويض باستمرار المبايعة للمركزية البغيضة، بل وقعوا وختموا على طلب حار ورجاء ذليل بالإصابة بتيفود الصرف غير الصحي، والموت حرقاً في قطارات المركزية البغيضة، والوفاة غرقاً في عبارات المركزية البغيضة، ثم الموت ضحكاً على كلام محافظ التيفود ربيب المركزية البغيضة.

Friday, June 11, 2010

NeoCons Demise


المحافظون الجدد


بداية ونهاية



أتعرض باستمرار لهجوم من المحافظين الجدد وهذا أمر طبيعي ومفهوم. آخر حلقة في الهجوم كانت بمناسبة مقال كتبته منتقداً تأييد "المحافظين الجدد المصريين" للهجوم الإسرائيلي على قافلة الحرية. وفجأة وجدت سيل من الشتائم والسباب واتهامات بأنني أفتري على "فكر" المحافظين الجدد الرفيع جداً. ورغم إنني لم أجد أي منطق فيما كتبوه ضدي أو أفكار يمكن الرد عليها، إلا إن بعض القراء تساءلوا عن حقيقة وجود "محافظين جدد مصريين"، وآخرين اكتشفت أن لديهم خلط يتعمد المحافظون الجدد إحداثه – بين الفكر الليبرالي وفكر المحافظين الجدد – وهما على طرفي نقيض، فوجب التوضيح.

لم أر أي نقاش مطروح من جانب مروجي فكر المحافظين الجدد ومستوظفيهم - لم أر ردوداً أو حتى أسئلة أو استفسارات - كل ما رأيته هو إنكار واتهامات من عينة "الليبراليين المصريين هم أعداء السامية ووحشين أوي" وبإنني "قومجي وإسلاموي" وإن كلامي هو من باب "الشرشحة السياسية" و"أكاذيب أحمد سعيد" ثم نصيحة غالية بأن أعلن عن "توجهاتي الإسلاموية القومية" وأن أتوقف عن التخفي وراء الليبرالية لأنني "لا أجرؤ على أن أعلن ما قلته باللغة الانجليزية" رغم أن لينكات مقالاتي 1، 2، 3 التي استشهدت بها كانت بالانجليزية ومعظمها منشور لي في موقع أمريكي Huffington Post أو موقعي الخاص

وتتحدث مقالاتي بالانجليزية بوضوح عن المحافظين الجدد وسعيهم لفرض معتقداتهم بالقوة المسلحة وكذلك عن جهاد المحافظين الجدد لتطهير المنطقة العربية من الليبرالية حتى يستطيعوا القول بأن – الشرق الأوسط لا يوجد به غير التيارات المتطرفة – بما يعطيهم المبرر للحرب والعداء والتصادم – وهذا هو أسلوب المحافظين الجدد وقنواتهم المتخصصة في بث الخوف وسط المواطنين من الآخر وتعميق كراهية الآخر لتسهيل وتيسير شن حروبهم الاستباقية التي تهدف لواحد من اثنين – إما إخضاع هذا الآخر وتغيير فكره وطريقته في الحياة لتصبح تابعة لأمريكا – أو إبادته باعتباره يمثل خطراً على القيم الليبرالية والديمقراطية – بينما أول مبادئ الليبرالية هي القبول بالاختلاف والقبول بالآخر – وهذا طبعاً ينسى المحافظون الجدد أن يذكروه للجماهير


ومع هذا - سأشرح لقرائي من الليبراليين وليس من المحافظين الجدد - لأنه لا فائدة ترجا من وراء مجادلة الفاشيين - الخطر الذي تمثله سياسات المحافظين الجدد


أولاً : يبدو أن هناك خلط في ذهن البعض بين الليبراليين الجدد والمحافظين الجدد. وأود أن أوضح أنه ليست هناك أي علاقة غير علاقة التضاد بين المحافظين الجدد والليبراليين الجدد - الليبراليون الجدد يؤمنون بتقليص دور الدولة لأقصى حد في الاقتصاد - بينما المحافظون الجدد أصولهم ماركسية وتروتسكية ومن أنصار دولة الرفاة - بعكس الليبراليين الجدد - وهذا أول خلط


ثانياً - قد تكون هناك كتب من محافظين جدد أكثر اعتدالاً من غيرها - لكن حتى الكتب التي تدافع عن سياسات المحافظين الجدد العدوانية في عهد بوش - هي في النهاية تدافع عن بوش أمام الرأي العام الأمريكي - باعتبار أن هدف بوش الابن "النبيل" كان هو فرض السيادة الأمريكية على العالم بشتى الطرق بما في ذلك الحرب الاستباقية


لكن ليست الكتب ولا الأيدلوجيات هي ما نحاسب عليه - لأنه لا محاسبة على فكر - بل المحاسبة تكون على الممارسات والأفعال

خرق القانون الدولي

نأتي أولاً للحرب على العراق - بدعوى أنها تملك أسلحة دمار شامل ومتصلة بالقاعدة وتحتضن الإرهاب - وكلها أشياء ثبت فيما بعد عدم صحتها - بل وثبت تورط الإدارة الأمريكية - بفضل المحافظين الجدد - في تقديم أدلة مضللة لاقناع الرأي العام بالحرب التي فشلت في تحقيق أي هدف لها سوى قتل وتشريد مئات الآلاف من المدنيين - والعسكريين - ومنهم أمريكيون ماتوا في سبيل كذبة كبيرة - وهي جرائم سيحاسب عليها من أمروا بها - نحن اليوم ننتفض لأن شاباً واحداً من الاسكندرية قتل ظلماً على أيدي قوات الأمن - فما بالك بمئات الآلاف ؟


ولعل هذا وأمثاله ما جعل الولايات المتحدة مثلاً ترفض التوقيع على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية

ICC
حتى لا تتم محاسبة مسئولين وجنود أمريكيين بوصفهم مجرمي حرب - بل قام الكونجرس الأمريكي بتقديم "قانون لاهاي" والذي يسمح للإدارة بالهجوم المسلح على "لاهاي بهولندا" لاستخلاص أي أمريكي يكون محبوساً على ذمة المحاكمة في قضايا وجرائم ضد الإنسانية - وهي بجاحة منقطعة النظير أن ترى دولة أنها فوق القانون الدولي وأنها فوق المساءلة – رغم أن مبادئ الليبرالية تنص على المساواة بين بني البشر وسيادة القانون والمسئولية والمساءلة - كما أنه أيضاً نفاق ممجوج أن نسمع مطالبات وحملات المحافظين الجدد المصريين بتسليم البشير مثلاً - وهو يستحق المحاكمة في رأيي - للمحكمة الجنائية الدولية بينما أمريكا غير موقعة وغير ملتزمة بل وتنوي الهجوم على المحكمة وتعطيل عملها إن فكرت في محاسبة الأمريكيين المتهمين بجرائم حرب


خروقات حقوق الإنسان

ثم نأتي للاحتجاز القسري والتعذيب وخروقات حقوق الإنسان – مثلاً معتقل جوانتانامو – أقيم خصيصاً خارج الولايات المتحدة ليكون خارج سلطة القضاء وبالتالي تتمكن إدارة بوش من احتجاز أبرياء بصورة غير قانونية وبدون مبرر أو سند قانوني، وبدأت الإدارة الأمريكية في اختراق الحريات المدنية وخصوصية المواطنين الأمريكيين بحجة حمايتهم من الإرهاب – ثم اتضح وجود عمليات تعذيب منظمة في جوانتانامو وأيضاً في دول في الشرق الأوسط لصالح أمريكا – راعية الليبرالية وحقوق الإنسان طبعاً – إلى أن أتى أوباما وأوقف مساخر المحافظين الجدد وخروقاتهم التي كانت قد اصابت الضمير الأمريكي بجراح ثخينة

ومن أسوأ الأشياء هو وجود حالة من الهياج والهوس العصبي في الإعلام والملعب السياسي وتغذية الكراهية – كراهية الآخر – غير القويم والذي لا يستحق الدفاع أو التمتع بأي حقوق لأنه خطر علينا وعدو لنا وبالتالي هو ليس إنسان بالضبط – تماماً تشبه حالة الاستعداء والاستنفار الموجودة في قنوات الجعير المتأسلمة والتي تبشر بحرب نهاية الزمان – وهذا ما يجعلني أقول – أن الأسلوب واحد والمنطق واحد بين الفاشية الدينية وفاشية المحافظين الجدد

منطق بوش كان – إما أنت معنا أو أنت مع العدو – مع الإرهاب – وهذا شيء خطير لأنه يفترض أن أي مخالف في الرأي هو عدو – بما يضرب مبدأ ليبرالي هام وهو التسامح والتعايش السلمي – ونجد الزملاء الخمسة أو السبعة – المحافظين الجدد المصريين – ولا أعلم ما يعني هذا في الحقيقة – يروجون للمبدأ الخطير وهو – لا حرية لأعداء الحرية – هو تماماً يشبه مبدأ قتل المرتد عند المتطرفين المتأسلمين – بمنطق معوج قوامه أن من يخالفنا فلا حقوق له

ونجد هذا بوضوح عند مناقشة قضايا مفصلية - مثل موضوع هجوم إسرائيل على قافلة الحرية في المياه الدولية في مايو 2010 نجد أن المحافظين الجدد يؤيدون موقف إسرائيل في العدوان على المدنيين في المياه الدولية، لمجرد أن هؤلاء المدنيين يختلفون معهم في الفكر، فحقوق الإنسان عند المحافظين الجدد ليست عامة أو عالمية - بل أنها فقط تطبق انتقائياً ليستمتع بها من يختارونه ويحرم منها "أعداء الحرية (المقلية!)"، وهذه هي أسس الفكر الفاشيستي - وعكس الفكر الليبرالي ونقيضه - لأن الفكر الليبرالي يؤمن بأن حقوق الإنسان لصيقة بالإنسان وعالمية في طبيعتها

Universality of Human Rights




الحرية تقلي

منطق بوش – أدى لحملة عداء شديدة داخل أمريكا ضد فرنسا – وهي دولة غربية وحليف طبيعي لأمريكا – عندما رفضت فرنسا أن يصدر قرار مجلس الأمن ليضع غطاءاً من الشرعية الدولية لاحتلال العراق – فقامت حملات مقاطعة النبائذ الفرنسية وحملة تغيير اسم البطاطس المقلية من مقليات فرنسية

French Fries to Freedom Fries !


لتصبح اسمها الحرية تقلي أو مقليات الحرية (!) – وهو دليل على حالة غسيل مخ الشعب الذي لا يعلم شيئاً عن الحقائق ومغيب في موجات الهوس الإعلامي – وهي اشياء تميز النظم الفاشية – التي تعتمد على إخضاع الشعب من خلال الإعلام الموجه وغسيل المخ وخلق حالة من الفزع والخوف والرعب لدى المواطنين من عدو مجهول أو الإرهاب أو الجمرة الخبيثة وغيرها - والمبالغة في تضخيم قدرات هذا العدو – للحصول على تفويض شعبوي بإبادته من على وجه الأرض


استخدام الإرهاب سياسياً

أثناء الانتخابات الأمريكية في 2008 – أعلن "تشارلي بلاك" – مساعد مدير الحملة الانتخابية لماكين - أعلن "أن حدوث هجمة إرهابية على أمريكا الآن ستساعد ماكين انتخابياً." بما يكشف أن اليمين يبتهج لوجود الأعداء رغم ما يسببونه في صراعات ومعاناة ومقتل المدنيين من مواطنيهم، ولا ننسى أن بن لادن هو في الأصل صنيعة أمريكية منذ الثمانينات - ولا ننسى أيضاً الدعم الأمريكي للنظم والجماعات والمنظمات الإسلامية المتطرفة دينياً في المنطقة وحتى نهاية الثمانينات بل وما بعدها. ومن المؤكد أن التطرف والعداء لدى "العدو المختلق" سيساعد على نجاح وشعبية المتطرف الذي صنعه على الطرف الآخر. وهذا لا يعني أن ماكين كان من المحافظين الجدد – لكنه من وجهة نظر المحافظين الجدد أسهل في السيطرة عليه واختطاف سياساته – تماماً مثل بوش الابن – الذي نجح المحافظون الجدد في اختطاف إدارته وإرعابه هو شخصياً وهزه داخلياً ليستسلم لبعبع العدو الشرير أبو رجل مسلوخة فيجري مذعوراً ليوقع لهم على ما يريدون – وهو الحرب والتصادم ودوران الآلة العسكرية باستمرار.


الفاشية وتديين السياسة

قيام بوش باستخدام تعابير دينية في إطار سياسي – مثل الخير (أمريكا) والشر ومحور الشر (أعداء أمريكا) و"الحملات الصليبية" ضد هؤلاء الأعداء لأنهم "يكرهون حريتنا (المقلية!)"، وأن "الرب يرشد قرارته" وغيرها من ترهات، كل هذه التعبيرات تكشف عن حالة عقلية لشخص مذعور مهووس يظن أن لديه الإلهام الإلهي والحقيقة المطلقة Self-righteous فكان فريسة سهلة الانقياد فحاصره المحافظون الجدد في فكرة واحدة - لكن هذه التعبيرات وهو الأخطر – تكشف عن الفاشية – أن نضفي تعبيرات دينية "مطلقة" مثل الخير والشر على أمور ومواقف سياسية "نسبية" مثل سياسات أمريكا في الشرق الأوسط – فهو خلط لا يفوت على أي شخص يفهم في السياسة – لأنه يعني أن الشخص السياسي قد أصبح يؤمن بأن ما يقوله هو كلمة الرب - تماماً مثل المرشد أو آية الله – وأنه يجسد الصواب المطلق – وهذه هي أسس الفكر الفاشي – وحدة الفكر – إما معنا أو علينا.

ومن المفارقات - أن المحافظين الجدد "المصريين" كثيراً ما ينتقدون الليبراليين المصريين بحجة أنهم جلسوا مع الإخوان المسلمين مثلاً، ويزيدون في هذا بأن يتهموهم بمعاداة السامية - رغم أن القوة الحقيقية للمحافظين الجدد في الولايات المتحدة استمدوها من تحالف معلن - أشرف على إبرامه إيرفينج كريستول - بين المحافظين الجدد وبين اليمين الديني المتطرف في أمريكا - وهو يحتوي على تيارات كثيرة معادية للسامية بشكل علني.

الفاشية عادة ما تثير نعرة عاطفية لدى العامة لتبرير إلغاء الحريات وتعطيل أو تعويق الديمقراطية وتجييش الموارد والمشاعر لمحاربة الآخر – وهذه النعرة تختلف من نوع لآخر من الفاشيات

مثلاً الفاشية الدينية تلتف حول مذهب ديني يتم توظيفه سياسياً – أن هذا الدين أفضل من غيره – ليس فقط عند الديان – ولكن أيضاً على الأرض – وهو الدين الصواب والحق – ليس فقط في العقيدة والعبادات – بل أيضاً هو دين ودولة وحياة وسياسة – وما عداه هو كفر وهرطقة – وأنه من الأخلاقي أن نقتل من يختلف معنا أو يعوق نشر ديننا


مثلاً الفاشية العرقية أو النازية مثلاً تلتف حول فكرة عرقية – أن هذا العرق (الآري مثلاً أو الأبيض أو الأسود أو العربي أو القبطي) هو الأفضل إطلاقاً – وهو العرق الذي أدى لتقدم البشرية والحضارة – وكل ما عداه يجب أن يخدمه ويخضع له لأن هذه هي سنة الحياة والطبيعة – وأنه من الأخلاقي أن نقتل من يختلف معنا أو يعوق سيادة أبناء هذا العرق


مشروع القرن الأمريكي الجديد

أما المحافظين الجدد في أمريكا فجاءت سياساتهم في اتجاه السيادة المطلقة لأمريكا – مثلاً جاء مشروع القرن الأمريكي الجديد PNAC في صورة مؤسسة وجماعة ضغط - لوبي- أنشأها اثنان من قيادات المحافظين الجدد ويليام كريستول (وهو نجل إيرفينج كريستول) وروبرت كاجان بهدف معلن وهو "الترويج للقيادة الأمريكية للكون"، وجاء ضمن الموقعين على الوثيقة الأساسية له جورج بوش الأب والابن وتشيني ورامسفيلد وكويل وولفوفيتز، وهذه المجموعة وغيرها اتبعت استراتيجية الترويج لسياسات ريجانية تعتمد على القوة العسكرية و"الوضوح الأخلاقي" أو "النقاء الأخلاقي" الذي يعني في هذا الإطار التشدد الفكري:

a "Reaganite policy of military strength and moral clarity."

وكلمة الوضوح الأخلاقي أو "النقاء الأخلاقي" تعطينا مؤشراً سريعاً عن التوجه الفاشيستي لهذه المجموعة، الذي يقوم على التطرف الفكري الذي لايقابله سوى مثلاً التطرف الفكري لليمين الإسرائيلي بزعامة الليكود، وتطرف جماعات الجهاد المتأسلمة، وهذا سر أن هذه الأطراف جميعها تتبنى سياسات تروج لتصادم الحضارات، مما تسبب في ازدياد مشاعر العداء والكراهية والشك المتبادل، سواء لأمريكا في الشرق الأوسط أو تجاه المسلمين في أمريكا، بل انهارت صورة أمريكا عالمياً من جراء هذا التطرف الفكري وسياسات الصدام العسكري في باقي دول العالم - تقريباً دون استثناء - كما سوف نرى من نتائج البحوث.


الفشل والنهاية

بصورة مبكرة، ومنذ أواخر 2003 وخلال النصف الأول من 2004، بدأت تظهر بوضوح أن خطة المحافظين الجدد واستشاراتهم السياسية والعسكرية والاستراتيجية قد فشلت بصورة مزرية في العراق، وأن حالة الانتشاء بنصر سريع لم تكن إلا بداية لفيتنام جديدة، وأن القوات الأمريكية لم ينظر لها أحد في العراق ولا في خارج العراق باعتبارها قوة صديقة جاءت لتحرر العراق، بل باعتبارها قوة احتلال جاءت للسيطرة على منابع النفط. وبدأت ضربات المقاومة العراقية تشتد ويسقط ضحايا أمريكيين يعودون في حقائب الموتى دون سبب مفهوم. وعلى المستوى الداخلي ظهر زيف وكذب وسذاجة أفكار المحافظين الجدد وأصبح واضحاً أن أمريكا قد بدأت حرباً لن تستطيع أن تنهيها ولا أن تنسحب منها. وعلى مستوى العالم كله بدأت الولايات المتحدة تكتسب صورة سلبية باعتبارها قوة غاشمة لا تتورع عن استخدام القوة المفرطة في التدخل في شئون الدول الأخرى - وفي نفس الوقت فإنها تفعل ذلك بخيبة وفشل - وغشومية من يبدأ جريمة ولا يستطيع حتى أن ينهيها، أو يفتح صندوقاً يحوي مجموعة ضخمة من الأفاعي السامة وهو لا يدري كيف سيعيد إغلاقه.

ومع الفشل الذي لاقته سياسات المحافظين الجدد داخلياً وخارجياً والعار الذي جلبته على أمريكا، تقلصت دائرة نفوذهم في أمريكا، وأغلقت "بناك" PNAC في 2006، وأصبحت "شعارات" المحافظين الجدد وأفكارهم منبوذة يسخر منها الجميع ويتندرون بها، حتى أن أحد أعضاء بناك PNAC ورئيس اللجنة الاستشارية لسياسات الدفاع DPBAC ريتشارد بيرل وهو أيضاً أحد المحافظين الجدد تبرأ في النهاية من غزو العراق ووضع اللوم كله على جورج بوش – وبعد إغلاق "بناك" انتقل بعض الأعضاء لمؤسسات أخرى مثل

American Enterprise Institute (AEI) , Foreign Policy Initiative (FPI), Keep America Safe, Institute for the Study of War (ISW) ... etc.

وكلها مراكز بحثية تروج للتدخل الأمريكي العسكري في الخارج دون انتظار لشرعية دولية أو غيرها لأن المحافظين الجدد لا يخفون احتقارهم للأمم المتحدة، ولا يخفون احتقارهم لليبراليين أيضاً باعتبار أن ما يروج له الليبراليون من السلام والتعايش السلمي وجهود ضد الحرب وضد العنف والصراع المسلح - هي من باب "السلبية" والغفلة التي ستودي بأمريكا والعالم إلى التهلكة.

القياسات التي قامت بها Pew Research أوضحت كم انهارت شعبية الولايات المتحدة على مستوى العالم في عهد جورج بوش من 2000 وإلى 2008 – على سبيل المثال – انخفض تأييد البريطانيين لأمريكا من 83% إلى 53% في 8 سنوات – رغم أن بريطانيا هي أهم حليف للولايات المتحدة طوال القرن الماضي - أما في ألمانيا فقد انهار المؤشر من 78% إلى 31% في نفس الفترة (!) ولم يبدأ المؤشر في التحسن إلا بخروج المحافظين الجدد من واشنطن. وهذا المؤشر والدراسات المماثلة تكشف الفشل الذريع للمحافظين الجدد - فبالرغم أن هدفهم المعلن هو قيادة أمريكا للعالم - فإن سياساتهم تسببت في انهيار قيادة أمريكا للعالم، لأن القيادة تتطلب التأييد والدعم والتفويض، بينما الواضح لكل ذي عين أن العكس هو ما حدث - وبهذا يكون المحافظون الجدد قد فشلوا في تحقيق هدفهم الرئيسي - بل وتراجعت قيادة أمريكا للعالم في ظل سياساتهم الصدامية.


المحافظين الجدد أيضاً تسببوا في عبء ضخم على الموازنة لتمويل حروب ومواجهات لا حصر ولا نهاية لها، بما ساهم في انهيار الاقتصاد الأمريكي والأزمة المالية العالمية. إن الاكتساح الديمقراطي غير المسبوق في واشنطن في انتخابات الرئاسة والكونجرس في 2008 وانهيار التأييد الشعبي للحزب الجمهوري وتحول العديد من مشاهير المؤيدين للحزب الجمهوري إلى تأييد الديمقراطيين كان علامة على الرفض الشعبي الواسع لسياسات وعهد المحافظين الجدد والرغبة في فتح صفحة جديدة في السياسة الأمريكية.



هل المحافظون الجدد فصيل ليبرالي؟

من كل ما سبق، والانتقائية في تطبيق المبادئ الليبرالية وحقوق الإنسان، وإهدار مبادئ المساواة بين بني البشر وسيادة القانون "الدولي"، والتشدد في العداء ضد المخالفين في الفكر والعقيدة السياسية، وإهدار مبادئ التسامح والتعايش السلمي، والإصرار على حل النزاعات من خلال التدخل العسكري، والتحالف اللصيق مع قوى دينية محافظة، واستخدام التعابير والرموز الدينية في شئون سياسية بما يفترض احتكار الحقيقة المطلقة، يتضح أن ممارسات المحافظين الجدد وسياساستهم بعيدة تماماً عن الفكر الليبرالي. قد تذخر كتب المحافظين الجدد بالطنطنة للمبادئ الليبرالية، والتأكيد على أن لجوءهم للقوة العسكرية والصراعات العنيفة، إنما هو لنشر المبادئ الليبرالية والحرية والديمقراطية، لكن الليبرالية هي منهج للحياة، ولا يمكن نشر الليبرالية من خلال العنف ولا من خلال طرق فاشية، فالليبرالية مثل أي فكر آخر لا تنتشر إلا بالاقتناع والتجربة التي توضح في النهاية أن هذه المجموعة من المبادئ والممارسات تحقق السلام والأمن والحياة الكريمة لشعب ما، أما محاولة نشر فكر ما بالقوة فثبت عبر التاريخ أنه لا ينجح، بل تؤخر نشر مثل هذا الفكر، وهو بالضبط ما اختبره المحافظون الجدد بأنفسهم في العراق وأفغانستان، وأثبتوه لدارسي التاريخ وعلوم الاجتماع السياسي.

ولكن هناك طريقة عملية لنعرف إذا ما كان المحافظون الجدد ينتمون للتيار الليبرالي. هناك منظمة عالمية اسمها الليبرالية الدولية Liberal International منضم لها ما يزيد عن مائة حزب ليبرالي من أوروبا والأمريكتين وكندا وآسيا وأفريقيا بل والمنطقة العربية. على سبيل المثال الحزب الليبرالي الديمقراطي ببريطانيا، الحزب الكندي الليبرالي، الحزب الليبرالي الألماني، وهكذا. وفي الولايات المتحدة يتعاون الحزب الديمقراطي والمعهد القومي الديمقراطي أيضاً مع منظمة الليبرالية الدولية، فهل يمكن للحزب الجمهوري أن يرغب في الانضمام يوماً ما لمنظمة الليبرالية الدولية؟ من باب الأمانة لابد أن أنقل للقارئ أن وصف "ليبرالي" لا يمكن ابتلاعه أو هضمه وتقبله بسهولة في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن كلمة "ليبرالي" مرتبطة هناك في الأذهان لأسباب تاريخية بتيارات يسارية أكثر راديكالية - وهو شيء ليس موجوداً في معظم البلدان الأخرى - لكن بفرض أن الولايات المتحدة تغيرت فيها هذه الصورة، هل يمكن لمنظمة مثل الليبرالية الدولية أن تقبل انضمام حزب مثل الحزب الجمهوري الأمريكي؟ جائز أن يحدث هذا، لكن بالتأكيد لن يحدث هذا في إطار سيطرة المحافظين الجدد على مقدرات الحزب الجمهوري، وأستطيع القول أن المحافظين الجدد هم أقلية في الحزب الجمهوري، لكنها أقلية استطاعت أن تختطف الحزب الجمهوري والإدارة الأمريكية لسنوات طويلة، وعندما يتحرر الحزب الجمهوري من سيطرة هذه الأقلية، سيصبح بالتأكيد أقرب لليبرالية عنه في عصر بوش – عصر القوة الغاشمة والفاشلة.

بعد الفشل في أمريكا محاولة تصدير لمصر؟


وفي النهاية، من الطبيعي أن يكون هناك بعض الأمريكيين الذي يؤمنون بمبادئ المحافظين الجدد ومن حق كل دولة أن تسعى للقيادة – ولكن في عصرنا هذا، لم يعد ممكناً أن يأتي هذا من خلال القوة الغاشمة، ولا يكون هذا على حساب قتل المدنيين والأبرياء والحروب الاستباقية والتعذيب – ولا يكون من خلال نشر الكراهية والزينوفوبيا.

ولكن صراحة – لا أفهم معنى أن يقوم مصريون بالترويج لمبادئ المحافظين الجدد التي تدعو لأن تقوم دولة أخرى وهي أمريكا بفرض سيادتها بالقوة على باقي الدول – بما فيها دولتهم الأم – مصر – ألا يمثل هذا تضارباً في المصالح؟

حتى كل هذا بالمناسبة لا يعنيني ولا يهمني أن ينجح الخمسة أو السبعة المحافظين الجدد المصريين في ضم واحد أو اثنين أو عشرة لمجموعتهم فيصبحوا 15 مثلاً – لكن ما دفعني للتأمل، هو أنهم أمام العامة يدعون أنهم ليبراليون – بينما هم يروجون لممارسات فاشية وليدة فكر محافظ – وفي رأيي أن سياساتهم وممارساتهم فاشية للأسباب التي أوضحتها – فعندما قام المحافظون الجدد "المصريون" بتأييد الهجوم الإسرائيلي على غزة والذي نتج عنه مصرع ما يزيد عن 1000 مدني ثلثهم أطفال - وإصابة الآلاف بأسلحة محرمة دولياً – ثم قاموا مرة أخرى بتأييد الهجوم والقرصنة على قافلة الحرية - فوجدت بالطبع أن بعض الإسلامويين والقومجية يستخدمون هذا كمادة للهجوم على الليبراليين المصريين باعتبار أنهم منافقين أخلاقياً ويؤيدون العنف ضد المدنيين، وبالتالي كان لابد من كشف حقيقة الأمر وتوضيح أن الليبرالية شيء – وفكر وممارسات المحافظين الجدد – الفاشية في رأيي – شيء مناقض له على طول الخط.




Further Reading :

  • David Rose, "Neo Culpa," Vanity Fair online, November 3, 2006.
  • Jim Lobe & Michael Flynn, "The Rise and Decline of the Neoconservatives,"
  • Richard Perle and David Frum, An End to Evil: How to Win the War on Terror, Random House, 2003.
  • Jim Lobe, "What's A Neo-Conservative Anyway?" Inter Press Service, August 12, 2003.
  • Jim Lobe, "From Holocaust to Hyperpower," Inter Press Service, January 26, 2005.
  • Packer, The Assassins' Gate: America in Iraq (Farrar, Straus, and Giroux, New York, 2005).

Thursday, June 10, 2010

Victim of a Rotten Constitution


لم يقتل مخبران خالد

بل قتله دستور معيب



قاتل خالد سيظل طليقاً يضرب ضرباته فيقتل الأبرياء ....

لأننا نظن أن تغيير الدستور من الرفاهيات ...

لأننا نظن أن لقمة العيش تستلزم المشي جنب الحيط ...

خالد ما كانش في مظاهرة ...

خالد كان في كافيه ...

واتقتل لما اعترض على طغيان شوية مخبرين كانوا بيقلبوا رواد المقهى ...

لأن النظام قاعد بجحافل ...

والأمن قاعد بالنظام ...

والشعب لا بيجيب ده ولا يعرف يمشي دوكها ولا بيهش ولا بينش ...


Wednesday, June 09, 2010

The Third Republic

الدولة المدنية لا تتجزأ

::

إخوان الصليب أو فرسان الصليب - مثلهم تماماً مثل الإخوان المسلمين - يأبون إلا أن تحكم مصر بقوانين يمليها علينا ممثلي الدولة الإله - سواء كانوا في مجمع مقدس أو هيئة كبار العلماء أو مكتب الإرشاد وهكذا


 

على عكس دعاة الدولة المدنية - الذين يريدون أن تحكمنا قوانين مدنية يضعها ممثلو الشعب المنتخبين ويحكم بها قضاة مستقلون وتطبقها سلطة تنفيذية منتخبة

::

لا يستقيم أن نطالب بالحريات الدينية والدولة المدنية عندما يكون هذا في صالحنا ثم نعود ونطالب بولاية الفقيه - المسلم أو المسيحي - عندما يكون هذا على هوانا أو هوى البابا أو المرشد أو الشيخ أو أية الله

::

علينا أن نتخلص من النفاق والمعايير المزدوجة

::

من يتصور أن الدعوة للدولة المدنية هي وسيلة مؤقتة للهجوم على الإخوان المسلمين لكنها لا تلزم إخوان الصليب فهو مخطئ وعليه أن يعلن موقفه بصراحة

::

إما دولة مدنية كاملة تطبق على الجميع

::

أو يصب موقف المعارضين للدولة المدنية لصالح تديين الدولة مما قد يؤدي لحرب أهلية تنقسم فيها مصر على نفسها

دولة إخوان الصليب ودولة الإخوان المسلمين ودولة ثالثة – هي دولة أخوان مصر وأبنائها الذين يؤمنون بالدولة المدنية والمواطنة لكل المصريين دون تمييز

::

Friday, June 04, 2010

Why Should Israel Behave?

"The seat", which may have looked like a privilege in the past, has become Israel's worst enemy. Like a naughty child whose dad is constantly shielding him or her from punishment, this "protection" weakens the child intrinsic ability to tell right from wrong and ultimately threatens the child ability to survive in the "real" world. I do not believe Israel will be transformed overnight because what happened last week. The response from Israeli officials showed a great deal of denial, focusing on the "resistance and violence" with which the Israeli soldiers met on board, that "threatened the soldiers lives", as an excuse for what happened, ignoring the basic facts of the matter:



1) The Ships were in international waters - and hence soldiers were exercising some acts of piracy and those on board were in their full right to defend their ship against piracy.

2) That Israeli blockade of Gaza has been repeatedly declared illegal by many UN Officials



So, we wait and see what happens with Corrie's vessel and hope for the best. Thanks Nachoua.
About Israel
Read the Article at HuffingtonPost

My Page on Facebook

Wael Nawara on Facebook